من هم البطانة الفاسدة وكيف يسيطرون على الدول؟ بقلم ظافر الزياني

البطانة
هناك نوعان من البطانة:
النوع الاول البطانة الفاسدة وهي المسيطرة على زمام امور اغلب الدول
النوع الثاني البطانة الصالحة والتي تقاسي كثيرا من جبروت الاولى

ومقالي هنا عن كيفية وصول البطانة الفاسدة الى مفاصل الدول ودواوين الزعماء
وسأحاول الاختصار قدر الاستطاعة ان شاء الله

طفولة الزعماء:
الزعيم القادم لاي بلد ..يعيش شبابه مع بعض اصدقاء المدارس والجامعات من رحلات واستجمام وسفرات ..فمن بين اولئك الاصدقاء الصالح والفاسد...فالصديق الصالح يحمل الاخلاق العالية ولديه مبدأ العقل في التصرفات والكلام والنقاش..واما الصديق الفاسد..نراه كشيطان صغير لا يؤمن الا بمبدأ إرضاء الزعيم القادم حتى ولو كان على حساب الاخلاق والدين..لان لديه امنية واحدة وهي المنصب في المستقبل .. فنرى الفاسد يجهد نفسه في ارضاء ابن الزعيم بشتى الوسائل ..ورغبة في كسب الثقة العمياء لمستقبله ومستقبل الخدم والحشم والعبيد الذين يأتمرون بأمره  العابدين للدينار والدولار.. فكل بطانة فاسدة..نجد تحت امرتها بطانة افسد واخطر ..الا ما رحم ربي.
كل ما اعلاه توصيف مختصر لعلاقة الصداقة الشبابية بالمدارس والجامعات  بين ابن الزعيم والبطانة المستقبلية

بعد التخرج ..حياة جديدة  يراها ابن الزعيم .. مناصبه بالدولة...وماذا عن اصدقائه؟ هل يعتزلهم؟ طبعا لا.. لان اولئك اصدقاء المدارس والجامعات..فقد عاشوا احلى واجمل حياتهم..من رحلات وسفرات وسهرات الخ..
ماذا يصنع؟ فأولئك ليسوا بأكفاء لمناصب مهمة بالدولة..انما هم مجرد اصدقاء فمنهم الفاسد ومنهم الصالح..ماذا سيصنع ابن الزعيم معهم؟ هل يقطع الوصال ويخسرهم؟ ام ان هناك حل آخر؟ كل تلك التساؤلات مهمة لمستقبل الوطن الذي سيحكمه ابن الزعيم. العبء كبير..وطن وشعب ومسئولية عظيمة سيحملها مستقبلا.
تنهمر على ابن الزعيم الكثير من النصائح.. من اصحاب المناصب العليا الفاسدة..فهناك من ينصحه بمستشارين اجانب..وآخرين يقدمون انفسهم كمستشارين..عالم غريب يراه ابن الزعيم..فهو لا يثق في اولئك..فلديه علم عن فسادهم وسرقاتهم..قكيف يأمن لهم؟
تتشابك افكار ابن الزعيم ..امامه الفاسدين الذين لا يثق بهم..وخلفه اصدقائه الذين عاش معهم اجمل الايام..يبحث عن الثقة ..ويجدها في اصدقاء الجامعة ..يقربهم إليه بوظائف رسمية..ويظن بأن اصدقائه اخف الضررين عليه وعلى مستقبله بالحكم.. فهم سيتدرجون معه بالمناصب..وسيمتلكون الخبرة المطلوبة لمساعدته بادارة الدولة..وحتما ابن الزعيم يرغب بالاستغناء عن الفاسدين مستقبلا.

هنا تبدأ الخطط الشيطانية:
اصحاب المناصب العليا الذين يراقبون ابن الزعيم..ايضا يريدون الرضاء والثقة من الحاكم القادم..فلن يتركوا ابن الزعيم لاصدقاء المدارس والجامعات..بل لابد وان يضمنوا مستقبل ابنائهم تحت قيادة ابن الزعيم القادم..كيف واين ومتى؟
بما ان اصحاب المناصب قادرين على فعل المستحيل بما يملكون من سلطة..فلديهم طريقتهم المثلى لكسب ود اصدقاء ابن الزعيم..التهمة جاهزة في الاخلاق ام الامانة..عندها يكونون تحت رحمتهم..فيتقضلوا عليهم بالعفو والستر..ويكون ذلك جميل لاصحاب المناصب.. ويتم استغلال هذا الجميل بجعل ابنائهم اصدقاء مقربين لاصحاب ابن الزعيم

وهنا نأتي لفترة استلام ابن الزعيم الحكم بالوطن:
بقوة وصلابة ..يقرر الزعيم الجديد تنظيف الوطن من الفساد والمفسدين... فتتم اقالة الفاسدين من مناصبهم واحالتهم للتقاعد..واستبدالهم بمسئولين أهلا لثقة الزعيم الجديد..إنهم الأوفياء والمخلصين الذين يثق بهم الزعيم الجديد..هم من سيحملون الامانة ووضع الحلول للشعب والوطن..انهم ليسوا أكفاء وليسوا ذوو خبرة..بل أكثر من ذلك..إنهم الأصدقاء ..نعم أصدقاء المدرسة والجامعة والرحلات والسفرات والسهرات..فطوال فترة الصداقة كانوا مثالا يحتذى به في السمع والطاعة وتحت الخدمة 24 ساعة..إنهم لا يمتلكون الخبرة اللازمة للادارة..فالحل موجود وسهل جدا..مستشارين من دولة أخرى سيسيرون البلاد والعباد..

تتنوع مسميات المناصب للاصدقاء..فمنهم الوزير الذي لا يفقه في امور الوزارة ..وانما لديه بضعة مستشارين من دولة أخرى ..وسكرتارية تصيغ كلمات الخطابة والقوانين والارشادات.
والاصدقاء المقربين جدا..يحملون منصب مستشار للزعيم ...ومن تحتهم عشرات المستشارين والمستشارين لديهم مستشارين وسكرتارية من النساء والرجال...وينحصر عملهم في رفع التقارير الطيبة والمريحة عن احوال الشعب والوطن..ويكونون السد الأول لمنع وصول مشاكل وطلبات المواطنين لمستشار الزعيم ولي نعمتهم ورئيسهم الاعلى بالمنصب..

إن سعيد الحظ هو من يصل لمنصب قريب من الزعيم.. مستشار ام مدير لشئون الزعيم.. فهو بذلك يسيطر على جميع الوزارات والمؤسسات الوطنية..فيصنع بطانته الفاسدة الخاصة  
والوزير الصديق ايضا يقوم بصناعة بطانته الفاسدة لمواجهة مستقبلية مع المستشار ام الوزراء..فكل منهم يقوم بتوفير الاحتياطات المستقبلية للحفاظ على مكانته..واصدقاء الأمس..تحولوا الى خصوم اليوم..كل منهم يبحث ويستقصي عن اخطاء زميله..بالوثائق والمستندات والشهود..فربما يأتي يوم للمواجهة وكشف المستور من فساد وسرقات وظلم حل بالشعب والوطن باسم الزعيم..لابد وان يمتلك كل صديق قوة ردع يُحسب لها حساب..الثقة تلاشت وحل محلها المال والمنصب على حساب الوطن والشعب وزعيمه..
وجميع اولئك الاصدقاء يتفقون في امر واحد..وهو اثارة البلبلة الشعبية لازعاج الزعيم حتى يتمسك بهم أكثر..فهم المخلصون الوحيدون بين كل الشعب..هم الملجأ الذي يملك الحل لكل مشاكل الزعيم وليس مشاكل الشعب والوطن..في قاموسهم الزعيم هو الوطن .. والشعب رعايا وليسوا مواطنين يعيشون في مزرعة تحت رحمتهم بموجب الصلاحيات الممنوحة لهم من الزعيم

ففي حال المصائب ..نراهم يستخدمون المتردية والنطيحة والمرتزقة للتحدث باسم الوطن والشعب..غير مكترثين بالنتائج المصيرية..وفي الجانب الآخر تتم محاربة أبناء الشعب المخلصين للوطن وللزعيم بمسيات ما انزل الله بها من سلطان..تارة يحاربونهم باسم التسلق والمصلحة..وتارة أخرى بالتشكيك في وطنتيهم واخلاصهم..

ولنضرب مثلا ما جرى في وطني البحرين:
واظن من بعد ما سأكتبه ستعمل البطانة الفاسدة ضدي أكثر بما تمتلكه من ادوات لتجريمي..
الحديث سيكون عن حكومتنا الموقرة :
الاستفسار الاول:
انا كمواطن لا علم لي بعدد الوزراء الذين تحولوا الى مستشارين..ولا بعدد الوزراء من غير وزارة..ولا بعدد الوزراء الأكفاء.. ولا  الوزراء الأصدقاء..و الوزراء المتقاعدين إن وُجد
ولا علم لدي بالوزراء الذين يخدمون الشعب ..ووزراء السمع والطاعة ووزراء الاحتفالات باسم الوطن
فهل احد من شعب البحرين سمع انه تم محاسبة وزير او مسئول بالحكومة؟ ام أولئك لا يخطئون بحق الشعب والوطن؟

الاستفسار الثاني:
الوطن يخلوا من الفساد والسرقات ..الوزراء والمسئولين طاهرين..وكل من يختلف معي عليه أن يصمت..فالقانون هو الفيصل بيننا..القانون يطبق على السارق والمديون والعاطل والموظف البسيط.. سرقة الكنار يعاقب عليها القانون بصرامة..والمديون الرحمة حرام تنزل عليه وعلى اسرته ولا يُعطى فرصة أخرى ..والموظف البسيط ابن عم المديون والعاطل..فاولئك سواسية كأسنان المشط..
في القانون خط أحمر..فقط للوزراء والمسئولين وبطاناتهم..وكل الشكر للمستشارين الاصدقاء الاوفياء..
القانون لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم في تقرير الرقابة المالية...ملايين تُهدر من اموال الوطن..أراض تُسرق جهارا نهارا..والله يعلم ماذا يُسرق في الليالي المظلمة..وبعيدا عن الرقابة المالية..القانون ليس به شوائب ولا عيوب..بل العيوب في التطبيق المتحيز..من يطبق القانون موظفا مأمورا من مرؤوسين.. لا حول ولا قوة بيده

الاستفسار الثالث:
حكومتنا المسماة رشيدة..
هل تعلم بأحوال المواطنين؟
أشك في ذلك.. والحقيقة انهم لا يعلمون الا ما ينقله لهم بطاناتهم وكما ذكرت اعلاه..امور لا تغضب ولا تزعج المسئول الكبير..
كم من مواطن يعيش في ايجار؟
وكم من مواطن يعيش مع ابناءه  في غرفة في منزل والده؟
وكم من مواطن لا يأكل ثلاث وجبات في اليوم في منتصف الشهر ولا يسأل الناس؟
انتم مسئولون يا حكومة عن كل الشعب..ولستم حكومة خاصة للمستشارين واصدقائكم وبطاناتهم
كم من رسائل تظلم رُفعت الى الحكومة ولم تصل الى المعنيين؟
الحكومة ووزرائها المبجلين خدم للشعب وليسوا أسيادا عليه..
المستشارين الاصدقاء والوزراء سببا اولا في الحاجز بين القيادة والشعب..
ان كان يظن الوزراء والمستشارين الاصدقاء بأن ازمتنا انتهت..فذلك قمة الغباء..الازمة الاكبر والاعظم قادمة وانتم السبب..
فلا تتشبثوا في بضعة جمعيات لحمايتكم..إن ذلك هباء منثورا يا سادة..فالشعب يعلم بان تلك الجمعيات ما هي الا جزء من بطاناتكم الفاسدة..تُسيرونهم حسب أهوائكم ولمآربكم ..ولا تظنوا ان القانون حاميا لكم..بل هو السيف المسلط عليكم ان شاء الله ..فالقادم لا يسركم ولا يحميكم بالداخل ام بالخارج..
ولا تعتمدوا على بضعة برلمانيين كصوت للشعب..فأولئك جعلوا انفسهم بطانات فاسدة لكم..يأتمرون بأمركم مقابل رضائكم ودعمكم لهم.
ولا تثقوا بما يقال لكم بأن الشعب سيقف معكم مرة أخرى..ذلك الشعب الذي هز الفاتح علم اليوم بأنكم تعتبرونهم رعايا ادنى درجة منكم يخدمون بمزرعتكم الخاصة يا وزراء ومستشارين

الاستفسار الرابع:
من غباء المستشارين والوزراء وبطاناتهم..اقنعوا الشعب والعالم بأن ازمتنا طائفية بحتة..وقد فاجأهم الرئيس الامريكي باقتباسه تصريحاتهم ..فأنقلبوا على انفسهم واستماتوا لنفي الطائفية عن البحرين..أليس من الأجدر والأصلح محاسبة الذين قاموا بالحديث عن ان ازمتنا طائفية بدلا من الاستماتة وحرق مصداقيتكم امام الشعب وثم امام العالم...
لو كنتم يا سادة اكفاء لمناصبكم..لما سقطتم تلك السقطة التي لا تغتفر..ولأقتبستم ما ذكرته سابقا بأن ازمتنا بالبحرين ليست طائفية ولا هي سياسية...بل ازمتنا هي أمنية بحتة..


ظافر حمد فهد الزياني
15 مايو 2012

Post a Comment

أحدث أقدم