و اقتربت الحرب الفاصلة! عرض و تحليل (الحلقة الاولى)
للتحميل BDF
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و على أله و صحبه و سلم لم و لن تكن حرب العراق الاخيرة أول و لا أخر حروب المنطقة التي تعتبر من الأهمية بمكان للولايات المتحدة الامريكة و الغرب - فما تلك الحرب الا حلقة من سلسلة حلقات تم التخطيط لها منذ عشرات السنين للهيمنة على المنطقة هيمنة كاملة مباشرة بدون وكلاء كما هو حاصل في الوقت الراهن. فقد رسمت أمريكا و الغرب فصول تلك الهيمنة و وضعت لها الخطط و الاستراتيجيات و وضعت كذلك الخطط البديلة في حين فشلت حلقة من حلقاتها و لم تترك الأمر كذلك و إنما نشرت تلك الخطط في دورياتها و منشوراتها و مؤلفاتها و واحدة من تلك المخططات هي خطة الوضع النهائي في كتاب الحرب المقبلة لوزير الدفاع الأمريكي الأسبق كاسبر واينبرجر و تم ترجمة الفصل المتعلق بحروب المنطقة في عدة مجلات خليجية و واينبرجر مؤلف الكتاب شغل منصب وزير الدفاع خلال إدارة الرئيس رونالد ريجان والمدان بصلته بعملية “إيران كونترا” وأدار واينبرجر وزارة الدفاع (البنتاجون) في الفترة من 1981 إلى 1987 وقاد عملية بناء ضخمة للجيش الأمريكي وشارك ريجان في وجهة نظره بأن الاتحاد السوفييتي كان تهديدا لا بد من مجابهته واستقال واينبرجر الذي تعرض لهجوم بشأن بيع أسلحة بشكل غير شرعي إلى إيران ونقل فوائد عملية البيع إلى متمردي الكونترا في نيكاراجوا في عام 1987 وأدين بالكذب على المحققين بشأن المسألة. وقد عفا عنه في عام 1992 الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جورج بوش (الأب) قبل فترة قصيرة من بدء محاكمته و قد توفي في 29-3-2006 عن عمر يناهز 88 عاماً. و ألان مع التفاصيل الدراماتيكية لتلك الحرب و التي رسمها واينبرجر:
صور واينبرجر
تبدأ هذه الحرب الخليجية الجديدة بعد مشادة بين وزير النفط الإيراني، واسمه غير حقيقي كما هو الحال في شخوص هذه الحرب التخيلية، هو هشام أكبر محتشمي، وبين وزراء نفط دول الخليج الذين رفضوا التجاوب مع طلباته بخفض إنتاج النفط ورفع أسعاره بفارق يغطي النقص في الإنتاج لصالح العائدات.
اجتمع وزير النفط الإيراني بمجلس الدفاع القومي وهو الهيئة الحكومية العليا المنوطة باتخاذ القرارات. وكان قد عاد من جنيف خالي اليدين، لذلك كان يتعين على طهران الآن أن تقرر طبيعة تحركها التالي، و حضر الاجتماع الرئيس الايراني و قام وزير النفط بإعطاء تقرير موجز عن المداولات التي تمت في جنيف، وقال إنه سلك جميع السبل الممكنة مشيراً إلى أن ساعات من محاولة الإقناع أعقبتها تهديدات شفهية وإهانات لم تتمخض عن أي شيء. وأضاف قائلاً إنهم لا يخشوننا، بل يعتقدون أن كل هذا ما هو إلا تهديدات خاوية. وبدا الرئيس الايراني محتقناً بينما كان الغضب يتأجج في داخله، وأخذ يستدير يمنة ويسرة بكرسيه الدوار في انتظار أن ينتهي وزير النفط من إلقاء تقريره.
الرئيس الايراني يصدر اوامره باستدعاء شخصا ما لا يعرفه الا القليل من المقربين للرئيس و هذا الشخص هو خبير روسي في صنع الصواريخ يعلن ان ايران تمتلك حالياً صاروخا له دقة عالية في التوجيه و يحمل رؤسا نووية و كيماوية و جرثومية و يبلغ مداه 2500 ميل أي يضرب عمق اوروبا.
بعد عدة ساعات من المداولات، يقرر مجلس الدفاع القومي الإيراني أن الوقت قد حان لتوجيه ضربتنا الآن قبل أن يتمكن العدو من القيام بما من شأنه تدمير هذا السلاح الجديد القوي الذي أصبح بحوزتنا، وعلينا أن نصبح أسياد الخليج الفارسي، يجب أن نتصرف في غضون 30 يوماً على أقصى تقدير. ويتحدد فوراً تنفيذ خطة موضوعة منذ زمن قديم لاحتلال دولة البحرين التي يعتبرها الإيرانيون جزءاً من إيران.
هل ينجح احتلال البحرين؟ هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة باذن الله
وقفنا في الحلقة السابقة عند السبب المفترض الذي من شأنه أن تندلع تلك الحرب، و عرفنا أن السبب الرئيسي هو سبب اقتصادي بحت تحول إلى هدف استراتيجي لإيران و علمنا أن إيران تمتلك من القوة ما يمكنها من الردع و أن يداها تطال العمق الأوروبي و كما رأينا فقد قررت إيران المواجهة و أن البلد الأول الذي ستبدأ به هو البحرين فما هي تفاصيل احتلال البحرين يقول واينبرجر:
خارطة توضح موقع البحرين بالنسبة لايران
فجأة يبدأ التليفزيون الإيراني بإذاعة بيانات عن انتفاضة في البحرين. وبمساعدة من الاستخبارات الإيرانية، يتمكن عدد من الشباب الشيعة في البحرين بعد اشتباكات غير شرسة مع جيش الإمارة من احتلال مبنى البرلمان، وأعلنوا البحرين جمهورية إسلامية وراحوا يطالبون عبر إذاعة البلاد بتدخل قوات جمهورية إيران الإسلامية الشقيقة لتقديم المساعدة لهم. وبسرعة خاطفة تتقدم قوات من سلاح الحرس الثوري الإيراني المحمولة بحراً تدعمها الطائرات الإيرانية عبر الخليج العربي على مسافة 250 كيلومتراً لتصل إلى الشواطىء البحرينية وبعد قيام الطائرات الإيرانية بتدمير قاعدة الشيخ عيسى الجوية في المنامة، ينقض الحرس الثوري على الجزيرة خلال ثوان من اختراق الطائرات الجوية المجال الجوي البحريني.
يذكر الكتاب أن الرادارات الجوية السعودية والأمريكية المرابطة على الحافة الجنوبية للبحرين تلتقط صوراً لها على شاشاتها، وتنطلق عدة طائرات من طراز إف 15 السعودية و إف 16 الأمريكية، ولكنها تُعطى أوامر صارمة بعدم اعتراض الطائرات الإيرانية إلا إذا هوجمت أولاً، فتعود إلى قواعدها دون أية مصادمات مع الإيرانيين. وبمساعدة من مجموعات متمردة شيعية محلية، تسقط البحرين بعد مواجهات غير حامية وخصوصاً بعد أن سيطر الطيران الإيراني على الأحوال في الجولة الأولى للقتال.
تنطلق التقارير من قائد القوات الأمريكية المرابطة في المنطقة إلى وزير الدفاع الأميركي في واشنطن: القوات الإيرانية في أرض المنامة على بعد 25 ميلاً منّا، وقواتنا وُجِّهتَ إليها أوامر صارمة بعدم مشاغلة الإيرانيين إلا إذا هوجمت، نريد أن نعرف قواعد الاشتباك بالضبط فوراً. يتصل وزير الدفاع فوراً بالرئيس على طائرته الخاصة، ويطلعه على آخر تفاصيل الموقف، ويطلب الأوامر. في هذه الأثناء تلتقط الأقمار الصناعية وأجهزة التصنت الأمريكية في تركيا تفجيراً نووياً تجريبياً في الصحراء الإيرانية، ويبلغ الرئيس بالأمر فوراً أيضاً.
ويطلب الرئيس الأمريكي تأجيل اتخاذ القرار في الجو ويطلب عقد جلسة لمجلس الأمن القومي الأمريكي بعد هبوط طائرته في واشنطن بعد ست ساعات، لكنه يتلقى في هذه الأثناء برقية عاجلة بأن الرئيس الإيراني وجه إليه رسالة يطالب فيها بسحب جميع القوات الأمريكية من منطقة الخليج في غضون 21 يوماً، وإلا فإن إيران ستكون مضطرة لخوص حرب نووية مع الولايات المتحدة يدفع ثمنها الأوروبيون الذين أصبحوا على مرمى صواريخنا الباليستية. ويذكر الكتاب أن القيادة الإيرانية بعد أن يتسنى لها احتلال البحرين، تضع خطط طوارئ لضرب أو احتلال دول خليجية أخرى، لكن الأمر سيتقرر بعد أن يصل الرد الأمريكي على المطالب الإيرانية بسحب القوات الأمريكية من الخليج. في واشنطن، يجمع الرئيس الأمريكي كبار مستشاريه في مجلس الأمن القومي ويطلب من كل منهم تقديم خياراته وتصوراته لطريقة حل الموقف.
وبعد أن يستنتج بأن أمر البحرين قد حسم عسكرياً، وأن القوات الأميركية لم تُهاجم، وأن الدول العربية والأوروبية لم تبد كبير حماس لمساعدة الولايات المتحدة على صد الهجومي الإيراني، يقرر الرئيس الامريكي .......................................؟
ماذا سيقرر الرئيس ياتري المواجهة منفرداً و تحمل تبعاتها؟ أم الانسحاب خائباً ذليلا لتكون وصمة عار على جبين أمريكا هذا ما سنراه في الحلقة القادمة بإذن الله
خارطة توضح موقع البحرين بالنسبة لايران
فجأة يبدأ التليفزيون الإيراني بإذاعة بيانات عن انتفاضة في البحرين. وبمساعدة من الاستخبارات الإيرانية، يتمكن عدد من الشباب الشيعة في البحرين بعد اشتباكات غير شرسة مع جيش الإمارة من احتلال مبنى البرلمان، وأعلنوا البحرين جمهورية إسلامية وراحوا يطالبون عبر إذاعة البلاد بتدخل قوات جمهورية إيران الإسلامية الشقيقة لتقديم المساعدة لهم. وبسرعة خاطفة تتقدم قوات من سلاح الحرس الثوري الإيراني المحمولة بحراً تدعمها الطائرات الإيرانية عبر الخليج العربي على مسافة 250 كيلومتراً لتصل إلى الشواطىء البحرينية وبعد قيام الطائرات الإيرانية بتدمير قاعدة الشيخ عيسى الجوية في المنامة، ينقض الحرس الثوري على الجزيرة خلال ثوان من اختراق الطائرات الجوية المجال الجوي البحريني.
يذكر الكتاب أن الرادارات الجوية السعودية والأمريكية المرابطة على الحافة الجنوبية للبحرين تلتقط صوراً لها على شاشاتها، وتنطلق عدة طائرات من طراز إف 15 السعودية و إف 16 الأمريكية، ولكنها تُعطى أوامر صارمة بعدم اعتراض الطائرات الإيرانية إلا إذا هوجمت أولاً، فتعود إلى قواعدها دون أية مصادمات مع الإيرانيين. وبمساعدة من مجموعات متمردة شيعية محلية، تسقط البحرين بعد مواجهات غير حامية وخصوصاً بعد أن سيطر الطيران الإيراني على الأحوال في الجولة الأولى للقتال.
تنطلق التقارير من قائد القوات الأمريكية المرابطة في المنطقة إلى وزير الدفاع الأميركي في واشنطن: القوات الإيرانية في أرض المنامة على بعد 25 ميلاً منّا، وقواتنا وُجِّهتَ إليها أوامر صارمة بعدم مشاغلة الإيرانيين إلا إذا هوجمت، نريد أن نعرف قواعد الاشتباك بالضبط فوراً. يتصل وزير الدفاع فوراً بالرئيس على طائرته الخاصة، ويطلعه على آخر تفاصيل الموقف، ويطلب الأوامر. في هذه الأثناء تلتقط الأقمار الصناعية وأجهزة التصنت الأمريكية في تركيا تفجيراً نووياً تجريبياً في الصحراء الإيرانية، ويبلغ الرئيس بالأمر فوراً أيضاً.
ويطلب الرئيس الأمريكي تأجيل اتخاذ القرار في الجو ويطلب عقد جلسة لمجلس الأمن القومي الأمريكي بعد هبوط طائرته في واشنطن بعد ست ساعات، لكنه يتلقى في هذه الأثناء برقية عاجلة بأن الرئيس الإيراني وجه إليه رسالة يطالب فيها بسحب جميع القوات الأمريكية من منطقة الخليج في غضون 21 يوماً، وإلا فإن إيران ستكون مضطرة لخوص حرب نووية مع الولايات المتحدة يدفع ثمنها الأوروبيون الذين أصبحوا على مرمى صواريخنا الباليستية. ويذكر الكتاب أن القيادة الإيرانية بعد أن يتسنى لها احتلال البحرين، تضع خطط طوارئ لضرب أو احتلال دول خليجية أخرى، لكن الأمر سيتقرر بعد أن يصل الرد الأمريكي على المطالب الإيرانية بسحب القوات الأمريكية من الخليج. في واشنطن، يجمع الرئيس الأمريكي كبار مستشاريه في مجلس الأمن القومي ويطلب من كل منهم تقديم خياراته وتصوراته لطريقة حل الموقف.
وبعد أن يستنتج بأن أمر البحرين قد حسم عسكرياً، وأن القوات الأميركية لم تُهاجم، وأن الدول العربية والأوروبية لم تبد كبير حماس لمساعدة الولايات المتحدة على صد الهجومي الإيراني، يقرر الرئيس الامريكي .......................................؟
ماذا سيقرر الرئيس ياتري المواجهة منفرداً و تحمل تبعاتها؟ أم الانسحاب خائباً ذليلا لتكون وصمة عار على جبين أمريكا هذا ما سنراه في الحلقة القادمة بإذن الله
اقدم لكم اخواني الحلقة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و على أله و صحبه و سلم
أولاً اقدم أسفي لاخواني على تأخري في تقديم هذه الحلقة فبالرغم من المشاغل الكثيرة الا أنني لن اتهاون في استكمال باقي الحلقات باذن الله .........................
و ثانياً أقدم شكري لأخي المايسترو مراقب المنتدى السياسي و لباقي الاخوة المشرفين على تثبيت الموضوع
و الان نستكمل الحلقة الثالثة.................
اذاً البحرين احتلتها ايران - امريكا تتردد لفترة - امريكا تقرر فما هو القرار؟؟؟؟؟؟
؟
؟
؟
؟؟؟؟؟؟؟
يقرر الرئيس الاستجابة للمطلب الإيراني بالانسحاب من الخليج، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي هو الوحيد الذي يعترض على القرار (ذكر واينبرجر أسباب رفضه و هي كثيرة لا مجال لذكرها هنا)
المملكة العربية السعودية لم تبال بانسحاب القوات الأمريكية من الخليج، وأخذت على عاتقها شن غارات جوية ضد القوات الإيرانية في البحرين، ويحقق الطيران الحربي السعودي نتائج باهرة، وأدى تساقط طائرات الميغ الروسية الصنع أمام طائرات سلاح الجو السعودي الأمريكية الصنع إلى تغيير وجه منطقة الخليج ولو للحظات حين يسيطر سلاح الجو السعودي على أجواء المنطقة خلال أيام. اذاً التحرك السعودي أحبط الخطط الإيرانية لاحتلال دولة الإمارات العربية المتحدة، ولو مؤقتاً.
خارطة المملكة العربية السعودية
يعقد مجلس الدفاع القومي الإيراني اجتماعاً عاجلاً آخر لبحث التطور الأخير في جبهة القتال بعد تدخل سلاح الجو السعودي وتغييره الموازين مؤقتاً، في الاجتماع يعلن مدير الاستخبارات الإيرانية أن لديه خلايا جاهزة لتوجيه ضربات في العربية السعودية.
لم يترك الموقف الأمريكي أمام الحكومة السعودية سوى مفاوضة إيران.
إيران لم تتوقف عند هذا الحد، بل واصلت خططها واحتلت دون مقاومة شديدة دولة الإمارات العربية المتحدة، وإضافة إلى ذلك تفرض إيران ضرائب على الناقلات البحرية التي تنقل النفط عبر مضيق هرمز بعد أن تقوم بمهاجمة ناقلة كويتية في عرض الخليج ترفض في البداية الانصياع للأوامر الإيرانية، بل تواصل إيران خططها بأن تفرض على العربية السعودية خفض إنتاجها النفطي إلى الثلث، مع رفع سعر البرميل.
بعد الطلب الإيراني، تجرى مشاورات بين القيادتين العسكريتين في الرياض وواشنطن بشأن الموقف، ويطلب وزير الدفاع الأمريكي قيام وزير الدفاع السعودي بزيارة إلى واشنطن يشرح فيها موقف بلاده ويطالب أن تتخذ واشنطن بصفتها القوة العظمى الوحيدة موقفاً لوقف هذه الهيمنة الإيرانية على مقدرات عربية. لكن واشنطن التي لم تكن بعد مستعدة لخوض حرب غير تقليدية مع طهران تبلغ السعوديين أنها غير مستعدة للمواجهة. ويقول الوزير الأمريكي لنظيره السعودي أتفهم موقفكم، ولكننا في أزمة حقيقية بسبب قدرة إيران النووية، والرئيس لا يريد مواجهة مع إيران في هذه المرحلة.
لكن مواصلة إيران سياساتها للهيمنة على الخليج ومقدراته تدفع واشنطن منفردة بحشد قواتها سراً في قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي والأراضي التركية. و تبدأ الصواريخ والطائرات الأميركية والحليفة بمهاجمة الأهداف الحيوية الايرانية، و تقوم صواريخ توماهوك وكروز وطائرات أمريكية من أنواع مختلفة بحملة قصف جوي يركز على الأهداف الإيرانية سعياً وراء تدمير قاذفات الصواريخ الإيرانية، وخصوصاً تلك التي يمكن أن تكون محملة برؤوس أسلحة الدمار الشامل. تنطلق معظم هذه الصواريخ والطائرات من الحاملات الأمريكية في المنطقة أو من القواعد الجوية الأمريكية في تركيا أو من قاعدة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي.
بعد ساعات من القصف الجوي الأميركي للأهداف الإيرانية، يشاهد أحد الطيارين الأمريكيين وهجاً في الجو ماراً فوق الأراضي التركية، وخلال لحظات تكتشف الأجهزة الأمريكية.....................
يا ترى ما الذي ستكتشفه الاجهزة الامريكية؟ يا ترى ما هو الشئ الذي سيقلب الموازين تابعونا في الحلقة القادمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و على أله و صحبه و سلم
أولاً اقدم أسفي لاخواني على تأخري في تقديم هذه الحلقة فبالرغم من المشاغل الكثيرة الا أنني لن اتهاون في استكمال باقي الحلقات باذن الله .........................
و ثانياً أقدم شكري لأخي المايسترو مراقب المنتدى السياسي و لباقي الاخوة المشرفين على تثبيت الموضوع
و الان نستكمل الحلقة الثالثة.................
اذاً البحرين احتلتها ايران - امريكا تتردد لفترة - امريكا تقرر فما هو القرار؟؟؟؟؟؟
؟
؟
؟
؟؟؟؟؟؟؟
يقرر الرئيس الاستجابة للمطلب الإيراني بالانسحاب من الخليج، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي هو الوحيد الذي يعترض على القرار (ذكر واينبرجر أسباب رفضه و هي كثيرة لا مجال لذكرها هنا)
المملكة العربية السعودية لم تبال بانسحاب القوات الأمريكية من الخليج، وأخذت على عاتقها شن غارات جوية ضد القوات الإيرانية في البحرين، ويحقق الطيران الحربي السعودي نتائج باهرة، وأدى تساقط طائرات الميغ الروسية الصنع أمام طائرات سلاح الجو السعودي الأمريكية الصنع إلى تغيير وجه منطقة الخليج ولو للحظات حين يسيطر سلاح الجو السعودي على أجواء المنطقة خلال أيام. اذاً التحرك السعودي أحبط الخطط الإيرانية لاحتلال دولة الإمارات العربية المتحدة، ولو مؤقتاً.
خارطة المملكة العربية السعودية
يعقد مجلس الدفاع القومي الإيراني اجتماعاً عاجلاً آخر لبحث التطور الأخير في جبهة القتال بعد تدخل سلاح الجو السعودي وتغييره الموازين مؤقتاً، في الاجتماع يعلن مدير الاستخبارات الإيرانية أن لديه خلايا جاهزة لتوجيه ضربات في العربية السعودية.
لم يترك الموقف الأمريكي أمام الحكومة السعودية سوى مفاوضة إيران.
إيران لم تتوقف عند هذا الحد، بل واصلت خططها واحتلت دون مقاومة شديدة دولة الإمارات العربية المتحدة، وإضافة إلى ذلك تفرض إيران ضرائب على الناقلات البحرية التي تنقل النفط عبر مضيق هرمز بعد أن تقوم بمهاجمة ناقلة كويتية في عرض الخليج ترفض في البداية الانصياع للأوامر الإيرانية، بل تواصل إيران خططها بأن تفرض على العربية السعودية خفض إنتاجها النفطي إلى الثلث، مع رفع سعر البرميل.
بعد الطلب الإيراني، تجرى مشاورات بين القيادتين العسكريتين في الرياض وواشنطن بشأن الموقف، ويطلب وزير الدفاع الأمريكي قيام وزير الدفاع السعودي بزيارة إلى واشنطن يشرح فيها موقف بلاده ويطالب أن تتخذ واشنطن بصفتها القوة العظمى الوحيدة موقفاً لوقف هذه الهيمنة الإيرانية على مقدرات عربية. لكن واشنطن التي لم تكن بعد مستعدة لخوض حرب غير تقليدية مع طهران تبلغ السعوديين أنها غير مستعدة للمواجهة. ويقول الوزير الأمريكي لنظيره السعودي أتفهم موقفكم، ولكننا في أزمة حقيقية بسبب قدرة إيران النووية، والرئيس لا يريد مواجهة مع إيران في هذه المرحلة.
لكن مواصلة إيران سياساتها للهيمنة على الخليج ومقدراته تدفع واشنطن منفردة بحشد قواتها سراً في قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي والأراضي التركية. و تبدأ الصواريخ والطائرات الأميركية والحليفة بمهاجمة الأهداف الحيوية الايرانية، و تقوم صواريخ توماهوك وكروز وطائرات أمريكية من أنواع مختلفة بحملة قصف جوي يركز على الأهداف الإيرانية سعياً وراء تدمير قاذفات الصواريخ الإيرانية، وخصوصاً تلك التي يمكن أن تكون محملة برؤوس أسلحة الدمار الشامل. تنطلق معظم هذه الصواريخ والطائرات من الحاملات الأمريكية في المنطقة أو من القواعد الجوية الأمريكية في تركيا أو من قاعدة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي.
بعد ساعات من القصف الجوي الأميركي للأهداف الإيرانية، يشاهد أحد الطيارين الأمريكيين وهجاً في الجو ماراً فوق الأراضي التركية، وخلال لحظات تكتشف الأجهزة الأمريكية.....................
يا ترى ما الذي ستكتشفه الاجهزة الامريكية؟ يا ترى ما هو الشئ الذي سيقلب الموازين تابعونا في الحلقة القادمة
اقدم لكم اخواني الحلقة الرابعة
لندخل في الموضوع مباشرة
تكتشف الأجهزة الأمريكية أن صاروخاً إيرانياً محملاً برأس نووي قد أطلق بنجاح وأنه يقصد هدفاً أوروبياً غير محدد، ورغم أن الصاروخ كان موجهاً لضرب العاصمة الإيطالية روما، فإنه بسبب ضعف أجهزة التوجيه الإيرانية، يتجه الصاوح نحو مدينة مونزا الإيطالية ليحدث فيها دماراً غير مسبوق، الخسائر عشرة آلاف قتيل وعشرون ألف جريح خلال ثوان معدودة.
تصل التقارير كاملة إلى غرفة عمليات البيت الأبيض، ويطلب الرئيس مرة أخرى النصح والمشورة من كبار مساعديه، ومن ضمن السيناريوهات التي تبحث القيام بتوجيه ضربة نووية تكتيكية لإيران لردعها عن استخدام سلاح نووي آخر ضد هدف أوروبي آخر، مع مواصلة الحملة الجوية ضدها لتدمير ما تبقى من قواعد إطلاق الصواريخ، لكن قراراً باستخدام الأسلحة النووية لم يتخذ بعد، ويترك الرئيس الأمريكي ليفكر في الأمر لفترة قصيرة من الوقت. في هذه الأثناء يعقد مجلس الدفاع القومي الإيراني هو الآخر اجتماعاً عاجلاً للرد على الهجمات الأمريكية.
يتم اتخاذ قرار بأنه بسب عدم قدرة إيران على الوصول إلى الأجواء الأمريكية، فإنه ينبغي أن تفعل الخلايا السرية الإيرانية الموجودة في الولايات المتحدة منذ السبعينات للقيام بـواجبها المقدس في محاربة الشيطان الأكبر. يقوم شخص ما لبناني امريكي الجنسية و خريج كلية الاقتصاد في لندن و يعمل منذ سنوات في سوق المال بنيويورك بالتوجه بحقيبة صغيرة إلى مقر عمله في الصباح كالمعتاد. ولكنه هذه المرة يحمل في حقيبته بدلاً من أوراقه المعتادة وأرقام هواتف زبائنه متفجرة كيماوية شديدة الانفجار يخبئها بعناية في أرضية المبنى ثم يغادره على عجل.
وبعد دقائق يقع انفجار في السوق يودي بحياة المئات. ينطلق هذا الرجل إلى شقته في نيوجيرسي القريبة ويحرق بعض الأوراق الخاصة ويقود سيارته إلى الحدود الكندية حيث يدخل كندا من هناك، وفي الصباح يستقل طائرة إلى جنيف ويختفي إلى الأبد. في اليوم التالي تنفجر عبوة أخرى في مقر بلدية شيكاغو، وثالثة في سياتل ورابعة في ريتشموند بولاية فيرجينيا وميامي وبوسطن ومدن أخرى. الضحايا بالمئات. في هذه الأثناء، تعقد القيادة الأمريكية اجتماعاً عاجلاً آخر،
مؤشرات جديدة تشبه إلى حد كبير المؤشرات التي التقطتها أجهزة الاستخبارات والتصنت الأمريكية حين تم إطلاق الصاروخ الإيراني الأول الذي حمل القنبلة النووية التي دمرت المدينة الإيطالية مونزا قبل أيام فقط، يُذعر الرئيس الأمريكي، ويتساءل إن كان لدى إيران أكثر من قنبلة نووية واحدة وأكثر من صاروخ لم تتمكن الحملة الجوية الأمريكية المكثفة من تدميره بعد.
وبعد مداولات ومشاورات مكثفة يتقرر أن يقوم الرئيس الأمريكي بتوجيه إنذار إلى الرئيس الإيراني بأنه إذا قامت إيران بمحاولة إطلاق قنبلة نووية أخرى فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها مضطرة إلى الرد بمهاجمة إيران بالسلاح ذاته ولكن بأعداد وقوة أكبر. ويقول الرئيس الأمريكي في رسالته إلى الرئيس الإيراني: تأكد تماماً أنه إذا فكرت إيران في استخدام السلاح النووي مرة ثانية، فإننا سنواجه ذلك بهجوم نووي تكتيكي، وأن الملجأ الذي تحتمي به شخصياً سيكون هدفنا الأول. ولكن طهران لم ترد على الإنذار الأمريكي، وتلتقط الأقمار الصناعية الأمريكية صوراً لتحركات إيرانية دلت جميعها على أن إيران تعد للقيام بهجوم نووي آخر. يجمع الرئيس الأمريكي مجلس أمنه القومي مرة أخرى، ويقرر أن الوقت قد حان لقيام الولايات المتحدة بالرد النووي على إيران. وتنطلق طائرة أمريكية واحدة من طراز بي.1 من قاعدة مكونيل الجوية في الساحل الشرقي للولايات المتحدة ترافقها عدة طائرات حراسة وأخرى لإعادة تعبئتها بالوقود في الجو إلى إيران مروراً فوق المحيط الأطلسي وإسبانيا وتركيا، فور دخولها الأجواء التركية، تطلب أوامر جديدة، وتعطى أوامر واضحة بمواصلة المهمة بعد أن رافقتها بضع من الطائرات الحربية الأمريكية المرابطة في القواعد الجوية الأمريكية هناك. خلال لحظات تكون الطائرة الأمريكية فوق الهدف المحدد في إيران وتطلق قذيفتها النووية، يحدث انفجار رهيب على الأرض، وتتوقف الحرب عند هذه النقطة حيث يقرر الكتاب إنهاء الفصل الخاص بهذه الحرب، التي يكرر في نهايته بأنها مع أنها مجرد سيناريو خيالي، فإنها قد تحدث فعلاً وإن كانت النتيجة قد لا تكون محسوبة كما أتصورها !!.
بهذا انتهى الفصل الذي يخصنا من كتاب الحرب المقبلة و سوف نبدأ بمشيئة الله تحليل هذا العرض السابق
لندخل في الموضوع مباشرة
تكتشف الأجهزة الأمريكية أن صاروخاً إيرانياً محملاً برأس نووي قد أطلق بنجاح وأنه يقصد هدفاً أوروبياً غير محدد، ورغم أن الصاروخ كان موجهاً لضرب العاصمة الإيطالية روما، فإنه بسبب ضعف أجهزة التوجيه الإيرانية، يتجه الصاوح نحو مدينة مونزا الإيطالية ليحدث فيها دماراً غير مسبوق، الخسائر عشرة آلاف قتيل وعشرون ألف جريح خلال ثوان معدودة.
تصل التقارير كاملة إلى غرفة عمليات البيت الأبيض، ويطلب الرئيس مرة أخرى النصح والمشورة من كبار مساعديه، ومن ضمن السيناريوهات التي تبحث القيام بتوجيه ضربة نووية تكتيكية لإيران لردعها عن استخدام سلاح نووي آخر ضد هدف أوروبي آخر، مع مواصلة الحملة الجوية ضدها لتدمير ما تبقى من قواعد إطلاق الصواريخ، لكن قراراً باستخدام الأسلحة النووية لم يتخذ بعد، ويترك الرئيس الأمريكي ليفكر في الأمر لفترة قصيرة من الوقت. في هذه الأثناء يعقد مجلس الدفاع القومي الإيراني هو الآخر اجتماعاً عاجلاً للرد على الهجمات الأمريكية.
يتم اتخاذ قرار بأنه بسب عدم قدرة إيران على الوصول إلى الأجواء الأمريكية، فإنه ينبغي أن تفعل الخلايا السرية الإيرانية الموجودة في الولايات المتحدة منذ السبعينات للقيام بـواجبها المقدس في محاربة الشيطان الأكبر. يقوم شخص ما لبناني امريكي الجنسية و خريج كلية الاقتصاد في لندن و يعمل منذ سنوات في سوق المال بنيويورك بالتوجه بحقيبة صغيرة إلى مقر عمله في الصباح كالمعتاد. ولكنه هذه المرة يحمل في حقيبته بدلاً من أوراقه المعتادة وأرقام هواتف زبائنه متفجرة كيماوية شديدة الانفجار يخبئها بعناية في أرضية المبنى ثم يغادره على عجل.
وبعد دقائق يقع انفجار في السوق يودي بحياة المئات. ينطلق هذا الرجل إلى شقته في نيوجيرسي القريبة ويحرق بعض الأوراق الخاصة ويقود سيارته إلى الحدود الكندية حيث يدخل كندا من هناك، وفي الصباح يستقل طائرة إلى جنيف ويختفي إلى الأبد. في اليوم التالي تنفجر عبوة أخرى في مقر بلدية شيكاغو، وثالثة في سياتل ورابعة في ريتشموند بولاية فيرجينيا وميامي وبوسطن ومدن أخرى. الضحايا بالمئات. في هذه الأثناء، تعقد القيادة الأمريكية اجتماعاً عاجلاً آخر،
مؤشرات جديدة تشبه إلى حد كبير المؤشرات التي التقطتها أجهزة الاستخبارات والتصنت الأمريكية حين تم إطلاق الصاروخ الإيراني الأول الذي حمل القنبلة النووية التي دمرت المدينة الإيطالية مونزا قبل أيام فقط، يُذعر الرئيس الأمريكي، ويتساءل إن كان لدى إيران أكثر من قنبلة نووية واحدة وأكثر من صاروخ لم تتمكن الحملة الجوية الأمريكية المكثفة من تدميره بعد.
وبعد مداولات ومشاورات مكثفة يتقرر أن يقوم الرئيس الأمريكي بتوجيه إنذار إلى الرئيس الإيراني بأنه إذا قامت إيران بمحاولة إطلاق قنبلة نووية أخرى فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها مضطرة إلى الرد بمهاجمة إيران بالسلاح ذاته ولكن بأعداد وقوة أكبر. ويقول الرئيس الأمريكي في رسالته إلى الرئيس الإيراني: تأكد تماماً أنه إذا فكرت إيران في استخدام السلاح النووي مرة ثانية، فإننا سنواجه ذلك بهجوم نووي تكتيكي، وأن الملجأ الذي تحتمي به شخصياً سيكون هدفنا الأول. ولكن طهران لم ترد على الإنذار الأمريكي، وتلتقط الأقمار الصناعية الأمريكية صوراً لتحركات إيرانية دلت جميعها على أن إيران تعد للقيام بهجوم نووي آخر. يجمع الرئيس الأمريكي مجلس أمنه القومي مرة أخرى، ويقرر أن الوقت قد حان لقيام الولايات المتحدة بالرد النووي على إيران. وتنطلق طائرة أمريكية واحدة من طراز بي.1 من قاعدة مكونيل الجوية في الساحل الشرقي للولايات المتحدة ترافقها عدة طائرات حراسة وأخرى لإعادة تعبئتها بالوقود في الجو إلى إيران مروراً فوق المحيط الأطلسي وإسبانيا وتركيا، فور دخولها الأجواء التركية، تطلب أوامر جديدة، وتعطى أوامر واضحة بمواصلة المهمة بعد أن رافقتها بضع من الطائرات الحربية الأمريكية المرابطة في القواعد الجوية الأمريكية هناك. خلال لحظات تكون الطائرة الأمريكية فوق الهدف المحدد في إيران وتطلق قذيفتها النووية، يحدث انفجار رهيب على الأرض، وتتوقف الحرب عند هذه النقطة حيث يقرر الكتاب إنهاء الفصل الخاص بهذه الحرب، التي يكرر في نهايته بأنها مع أنها مجرد سيناريو خيالي، فإنها قد تحدث فعلاً وإن كانت النتيجة قد لا تكون محسوبة كما أتصورها !!.
بهذا انتهى الفصل الذي يخصنا من كتاب الحرب المقبلة و سوف نبدأ بمشيئة الله تحليل هذا العرض السابق
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
بعد ان انتهينا من عرض الجزء الخاص بحروب المنطقة من كتاب الحرب المقبلة بقي لنا أن نقوم بالتحليل كما عاهدناكم و ذلك للاجابة على كثير من الاسئلة التي تجول بخاطرنا و هو مدى امكانية حدوث مثل هذه الحرب من عدمه؟ و علينا ان نشير هنا الى ان احتلال العراق للكويت و حرب الخليج الثانية و احداث سبتمبر و احتلال افغانستان و العراق و قتل الرئيس العراقي كلها كانت مجرد تقارير او مقالات كتبت او افلام عرضت و كان معظمنا يشكك في امكانية حدوثها و اعتبارها مجرد خيال من خيالات الامريكان الخصبة الا انها حين وقعت كما خطط لها مع الاختلاف في بعض التفاصيل الغير هامة تبين لنا انها ليست مجرد خيال او وهم.
علينا اذا ان نضع مثل هذه الارهاصات موضع الجد و ذلك حتى تكون لدينا القدرة على مواجهتها حال حدوثها و لا نقف نمصص الشفاه و نتباكى كما هو حالنا دائماً. انني اتعجب من الذين يتعجبون من فكرة امكانية مهاجمة ايران لنا! و يزداد عجبي بعد كل هذا الكم من التهديد و الوعيد الذي تعلنه ايران لنا واضحاً تارة و مضمرة تارات و ما تهديد ايران بأنها ستهاجم المصالح الامريكية في اي مكان هو اكبر تهديد لدول الخليج المحتضنة للامريكان و لا سيما ايوائها لمقر القيادة الامريكية الوسطى، اليس هذا هدفاً و أي هدف اثمن منه؟
هل يعلم البعض ان ايران لها استخبارات و تنظيمات في دول الخليج مستعدة للقيام بأي عمليات تطلب منها باحكام دقيق و براعة متناهية و سوف نبين ذلك في حينه؟ ان فكرة حرب مع ايران ليست مستحيلة بل انها على درجة عالية من الامكان. ان ايران تدرك ان الدول العربية - المجاورة لها خصوصا - لن تفعل شئ اذا ما هاجمت احدى هذه الدول نظراً لان هذه الدول تأخذ المشورة من امريكا و امريكا لن تسمح لهم بذلك الا اذا كان في مصلحتها ذلك و الا فانها ستتركهم لقمة سائغة لايران - و لو لحين - كذلك ايران تعلم قدرتها العسكرية و روح جنودها القتالية و التي تفوق ما عند العرب - اعني الانظمة الرسمية- بمراحل كبيرة.
اخواني ان ثمة مخطط ما يحاك لنا نسجت خيوطه منذ عشرات السنين و ربما مئات السنين
و ان العصر الراهن هو عصر جني المحصول فهل نحن على قدر المسؤلية ام اننا اجبن من المواجهة فعلينا في هذه الحال على التسليم لنحفظ مابقي لنا من الحرث و النسل؟!
اولى حلقات التحليل و هي بعنوان
بعد ان انتهينا من عرض الجزء الخاص بحروب المنطقة من كتاب الحرب المقبلة بقي لنا أن نقوم بالتحليل كما عاهدناكم و ذلك للاجابة على كثير من الاسئلة التي تجول بخاطرنا و هو مدى امكانية حدوث مثل هذه الحرب من عدمه؟ و علينا ان نشير هنا الى ان احتلال العراق للكويت و حرب الخليج الثانية و احداث سبتمبر و احتلال افغانستان و العراق و قتل الرئيس العراقي كلها كانت مجرد تقارير او مقالات كتبت او افلام عرضت و كان معظمنا يشكك في امكانية حدوثها و اعتبارها مجرد خيال من خيالات الامريكان الخصبة الا انها حين وقعت كما خطط لها مع الاختلاف في بعض التفاصيل الغير هامة تبين لنا انها ليست مجرد خيال او وهم.
علينا اذا ان نضع مثل هذه الارهاصات موضع الجد و ذلك حتى تكون لدينا القدرة على مواجهتها حال حدوثها و لا نقف نمصص الشفاه و نتباكى كما هو حالنا دائماً. انني اتعجب من الذين يتعجبون من فكرة امكانية مهاجمة ايران لنا! و يزداد عجبي بعد كل هذا الكم من التهديد و الوعيد الذي تعلنه ايران لنا واضحاً تارة و مضمرة تارات و ما تهديد ايران بأنها ستهاجم المصالح الامريكية في اي مكان هو اكبر تهديد لدول الخليج المحتضنة للامريكان و لا سيما ايوائها لمقر القيادة الامريكية الوسطى، اليس هذا هدفاً و أي هدف اثمن منه؟
هل يعلم البعض ان ايران لها استخبارات و تنظيمات في دول الخليج مستعدة للقيام بأي عمليات تطلب منها باحكام دقيق و براعة متناهية و سوف نبين ذلك في حينه؟ ان فكرة حرب مع ايران ليست مستحيلة بل انها على درجة عالية من الامكان. ان ايران تدرك ان الدول العربية - المجاورة لها خصوصا - لن تفعل شئ اذا ما هاجمت احدى هذه الدول نظراً لان هذه الدول تأخذ المشورة من امريكا و امريكا لن تسمح لهم بذلك الا اذا كان في مصلحتها ذلك و الا فانها ستتركهم لقمة سائغة لايران - و لو لحين - كذلك ايران تعلم قدرتها العسكرية و روح جنودها القتالية و التي تفوق ما عند العرب - اعني الانظمة الرسمية- بمراحل كبيرة.
اخواني ان ثمة مخطط ما يحاك لنا نسجت خيوطه منذ عشرات السنين و ربما مئات السنين
و ان العصر الراهن هو عصر جني المحصول فهل نحن على قدر المسؤلية ام اننا اجبن من المواجهة فعلينا في هذه الحال على التسليم لنحفظ مابقي لنا من الحرث و النسل؟!
اولى حلقات التحليل و هي بعنوان
حروب العصر سريعة النشوب، سريعة التوقف، لكنها غير حاسمة
وفق ما ذكر المؤلف فان الحرب تبدأ ارهاصاتها في 6 ابريل من عام 1999 و انها تستمر حتى أغسطس حيث ضربة نووية امريكية لايران و عند هذه الضربة انهى المؤلف قصته!
قد يتعجب البعض من السبب التافه الذي من أجله تبدأ ايران في اظهار عدائها العلني لدول الجوار الا و هو رفض هذه الدول للطلب الايراني بتقليص الانتاج النفطي و رفع اسعاره، فهل يعقل ان يكون ذلك سببا لنشوء حرباً ضارية تعصف بمنطقة بأكملها؟! و لكن قد يكون هذا السبب وجيهاً جدا اذا كان يتعلق باقتصاديات دولة و من ثم استراتيجيتها و قد يكون مجرد مبرر لتحقيق هدف ايران الاكبر و هو السيطرة على المنطقة و استعادة ملكهم القديم فيها منذ مئات او الاف السنين و قد رأت ايران ان هذا هو الوقت الملائم لتوجيه ضربتها و تحقيق هدفها.
على الرغم من أن الاقتصاد الايراني في هذه الايام يعاني من مشاكل خانقة و هذا ما دعا رفسنجاني ان يهاجم نجاد علناً بسبب سوء ادارته الاقتصادية للبلاد - الشرق الاوسط الاربعـاء 10 صفـر 1428 هـ 28 فبراير 2007 العدد 10319 - الا ان الخلفية التملكية لايران تجعلها في هذه الايام حيث ضعف عرب الجوار و احتمائهم بالشيطان الاكبر الذي يعاني هو ذاته من نكبات لم يكد يفيق من واحدة الا و يغرق في أخرى تجعلها تتحين هذه الفرصة الذهبية لتحقيق هدفها.
هذا من ناحية سبب نشوب الحرب فهو اذا منطقي واقعي يمكن التعويل عليه اما رد العرب فمهما بلغ ذروته فانه لن يضير ايران بشئ، و من ناحية سرعة اجراءات هذه الحرب فلننظر الى حروب هذه الايام سبب نشوئها و سرعة انتهاء عملياتها الكبرى فمنذ احتلال العراق للكويت ثم حرب تحرير الكويت مروراً باحتلال افغانستان و حرب احتلال العراق ثم حرب الصومال - التي تمت بالوكالة - هل لنا ان نتخيل أنه في 6 سنوات احتلت دولة اسلامية من اكبر الدول الاسلامية و احتلت دولة عربية من أكبر الدول العربية ثم تبعتها الصومال كل هذا التغيير حدث في تلك السنوات القليلة! فليس من المستغرب اذا اي تغير قد يحدث في هذه المنطقة مهما كانت أسبابه.
و من حيث الحسم كما أن مؤلف القصة لم يحسم نهاية قصته فان حروب العصر ايضاً غير محسومة فبعد 6 سنوات من احتلال افغانستان لا تزال العمليات العسكرية هناك و كذلك الحال في العراق و الصومال و ليست حرب الصيف الماضي بين حزب الله و اسرائيل التي بدأت في غمضة عين و توقفت في غمضة عين و لا يدري احد من المنتصر و من المهزوم؟! هل هذه الحرب سابقة الذكر هي تمهيد لحرب جديدة على شاكلتها؟ من يدري ؟
انني أريد ان أوضح شئ ما ان ما عرضه واينبرجر في كتابه من السذاجة اعتباره وهما أو خيال فالسبب منطقي و الاحداث التي افترضها منطقية بل الواقع يؤيدها و ان كان هناك بعض التفاصيل التي لم تذكر فانها تركت لوقتها و انها تتسم بالمرونة لتواكب العصر الذي ستحدث فيه و هذا ما لم يمكن التنبؤ به.
نلقاكم في الحلقة الثانية من التحليل و هي بعنواناليس في المنطقة دولاً أخري؟!
وفق ما ذكر المؤلف فان الحرب تبدأ ارهاصاتها في 6 ابريل من عام 1999 و انها تستمر حتى أغسطس حيث ضربة نووية امريكية لايران و عند هذه الضربة انهى المؤلف قصته!
قد يتعجب البعض من السبب التافه الذي من أجله تبدأ ايران في اظهار عدائها العلني لدول الجوار الا و هو رفض هذه الدول للطلب الايراني بتقليص الانتاج النفطي و رفع اسعاره، فهل يعقل ان يكون ذلك سببا لنشوء حرباً ضارية تعصف بمنطقة بأكملها؟! و لكن قد يكون هذا السبب وجيهاً جدا اذا كان يتعلق باقتصاديات دولة و من ثم استراتيجيتها و قد يكون مجرد مبرر لتحقيق هدف ايران الاكبر و هو السيطرة على المنطقة و استعادة ملكهم القديم فيها منذ مئات او الاف السنين و قد رأت ايران ان هذا هو الوقت الملائم لتوجيه ضربتها و تحقيق هدفها.
على الرغم من أن الاقتصاد الايراني في هذه الايام يعاني من مشاكل خانقة و هذا ما دعا رفسنجاني ان يهاجم نجاد علناً بسبب سوء ادارته الاقتصادية للبلاد - الشرق الاوسط الاربعـاء 10 صفـر 1428 هـ 28 فبراير 2007 العدد 10319 - الا ان الخلفية التملكية لايران تجعلها في هذه الايام حيث ضعف عرب الجوار و احتمائهم بالشيطان الاكبر الذي يعاني هو ذاته من نكبات لم يكد يفيق من واحدة الا و يغرق في أخرى تجعلها تتحين هذه الفرصة الذهبية لتحقيق هدفها.
هذا من ناحية سبب نشوب الحرب فهو اذا منطقي واقعي يمكن التعويل عليه اما رد العرب فمهما بلغ ذروته فانه لن يضير ايران بشئ، و من ناحية سرعة اجراءات هذه الحرب فلننظر الى حروب هذه الايام سبب نشوئها و سرعة انتهاء عملياتها الكبرى فمنذ احتلال العراق للكويت ثم حرب تحرير الكويت مروراً باحتلال افغانستان و حرب احتلال العراق ثم حرب الصومال - التي تمت بالوكالة - هل لنا ان نتخيل أنه في 6 سنوات احتلت دولة اسلامية من اكبر الدول الاسلامية و احتلت دولة عربية من أكبر الدول العربية ثم تبعتها الصومال كل هذا التغيير حدث في تلك السنوات القليلة! فليس من المستغرب اذا اي تغير قد يحدث في هذه المنطقة مهما كانت أسبابه.
و من حيث الحسم كما أن مؤلف القصة لم يحسم نهاية قصته فان حروب العصر ايضاً غير محسومة فبعد 6 سنوات من احتلال افغانستان لا تزال العمليات العسكرية هناك و كذلك الحال في العراق و الصومال و ليست حرب الصيف الماضي بين حزب الله و اسرائيل التي بدأت في غمضة عين و توقفت في غمضة عين و لا يدري احد من المنتصر و من المهزوم؟! هل هذه الحرب سابقة الذكر هي تمهيد لحرب جديدة على شاكلتها؟ من يدري ؟
انني أريد ان أوضح شئ ما ان ما عرضه واينبرجر في كتابه من السذاجة اعتباره وهما أو خيال فالسبب منطقي و الاحداث التي افترضها منطقية بل الواقع يؤيدها و ان كان هناك بعض التفاصيل التي لم تذكر فانها تركت لوقتها و انها تتسم بالمرونة لتواكب العصر الذي ستحدث فيه و هذا ما لم يمكن التنبؤ به.
نلقاكم في الحلقة الثانية من التحليل و هي بعنواناليس في المنطقة دولاً أخري؟!
اليس في المنطقة دولاً أخري؟!
المتابع لكتاب واينبرجر الذي تناول فيه هذه الحرب المفترضة يلاحظ انه ركز على ايران و السعودية و ذكر احتلال ايران للبحرين و كذلك مضايقات ايران للسفن الكويتية المارة في الخليج و لكن ماذا عن دول أخرى في المنطقة تعد ذات ثقل سياسي او حتى استراتيجي؟!
لماذا لم ياتي المؤلف على ذكر العراق - لاحظ انها في عام 1996 لم تكن قد احتلت من قبل الامريكان - فكان من المفترض ان تتصدى العراق للطموحات النووية نظراً لخبرة العراق السابقة في محاربة ايران من جهة و كذلك من حيث الامكانيات المادية العسكرية و الروح القتالية لجنودها من جهة أخرى.
فماذا يعني تجاهل الكاتب لذكر الدور العراقي في هذه الحرب المفترضة؟! انه يحمل احتمالين لا ثالث لهما قد يحدثا متفرقين او مجتمعين الا و هما اما ان تكون العراق قد سقطت فعلاً في يد الامريكان و بالتالي فان مواجهتها - و هي محتلة - لاي هجوم امر غير وارد او ان ايران قد نجحت في اخضاع حكومة العراق لها و بالتالي فهي تعتبر احدى اقطاعياتها، انني أري ان الامرين قد حدثا فامريكا تحتل العراق و ايران تحكمها فياللعجب؟؟؟!
الا انني اعتقد انه عند حدوث هذه الحرب سيكون الامر مختلف في العراق اذ انه ليس من المعقول ان تحارب امريكا ايران و حكام العراق ايرانيون الانتماء يدافعون عن ايران دفاعهم عن انفسهم و يعتبرون انها طوق النجاه الذي خلصهم من الطاغية - بزعمهم - فكيف يكونون في ذلك الصف المقاتل لها؟؟ ان شئ ما ربما سيحدث قبل هذه الحرب فما هو يا تري؟
لقد تابعت تصريحات نانسي بولوسي رئيسة الكونجرس و هي من الحزب الديموقراطي و هي تلوح بمناقشة انسحاب تدريجي للقوات الامريكية من العراق !!!!! فهل يكون هذا الانسحاب نهاية تلك الحكومة ثم الاتيان بحكومة أخرى لا يكون ولاؤها الخالص لايران؟
ان المخططات التي وضعتها امريكا لاحتلال العراق لم تتحقق مائة بالمائة و انما اعترضها بعض الامور التي غيرت سياسات امريكا في العراق فليس من الغريب اذا ان يتغير الوضع الراهن في العراق حتى يتفق مع المخطط المرسوم لتوجيه ضربة لايران.
هذا من جهة العراق و نستكمل باقي الدول في الحلقة القادمة باذن الله
المتابع لكتاب واينبرجر الذي تناول فيه هذه الحرب المفترضة يلاحظ انه ركز على ايران و السعودية و ذكر احتلال ايران للبحرين و كذلك مضايقات ايران للسفن الكويتية المارة في الخليج و لكن ماذا عن دول أخرى في المنطقة تعد ذات ثقل سياسي او حتى استراتيجي؟!
لماذا لم ياتي المؤلف على ذكر العراق - لاحظ انها في عام 1996 لم تكن قد احتلت من قبل الامريكان - فكان من المفترض ان تتصدى العراق للطموحات النووية نظراً لخبرة العراق السابقة في محاربة ايران من جهة و كذلك من حيث الامكانيات المادية العسكرية و الروح القتالية لجنودها من جهة أخرى.
فماذا يعني تجاهل الكاتب لذكر الدور العراقي في هذه الحرب المفترضة؟! انه يحمل احتمالين لا ثالث لهما قد يحدثا متفرقين او مجتمعين الا و هما اما ان تكون العراق قد سقطت فعلاً في يد الامريكان و بالتالي فان مواجهتها - و هي محتلة - لاي هجوم امر غير وارد او ان ايران قد نجحت في اخضاع حكومة العراق لها و بالتالي فهي تعتبر احدى اقطاعياتها، انني أري ان الامرين قد حدثا فامريكا تحتل العراق و ايران تحكمها فياللعجب؟؟؟!
الا انني اعتقد انه عند حدوث هذه الحرب سيكون الامر مختلف في العراق اذ انه ليس من المعقول ان تحارب امريكا ايران و حكام العراق ايرانيون الانتماء يدافعون عن ايران دفاعهم عن انفسهم و يعتبرون انها طوق النجاه الذي خلصهم من الطاغية - بزعمهم - فكيف يكونون في ذلك الصف المقاتل لها؟؟ ان شئ ما ربما سيحدث قبل هذه الحرب فما هو يا تري؟
لقد تابعت تصريحات نانسي بولوسي رئيسة الكونجرس و هي من الحزب الديموقراطي و هي تلوح بمناقشة انسحاب تدريجي للقوات الامريكية من العراق !!!!! فهل يكون هذا الانسحاب نهاية تلك الحكومة ثم الاتيان بحكومة أخرى لا يكون ولاؤها الخالص لايران؟
ان المخططات التي وضعتها امريكا لاحتلال العراق لم تتحقق مائة بالمائة و انما اعترضها بعض الامور التي غيرت سياسات امريكا في العراق فليس من الغريب اذا ان يتغير الوضع الراهن في العراق حتى يتفق مع المخطط المرسوم لتوجيه ضربة لايران.
هذا من جهة العراق و نستكمل باقي الدول في الحلقة القادمة باذن الله
تابع اليس في المنطقة دولاً أخري؟! المملكة و الدور القادم
بعد ان بينا انتهاء الدور العراقي في الساحة العربية و تحوله الى كيان لا حول له و لا قوة اصبح لزاما علينا ان نبين من هو الذي سيخلف العراق، اذ انه لابد ان يكون للعراق خليفة و لو شكلي فلو تابعنا ما كتبه واينبرجر سوف يتبين لنا ان الخليفة هو المملكة العربية السعودية التي تشغل مساحة كبيرة جداً في المنطقة علاوة على قدسيتها لاحتوائها للأراضي المقدسة و للبعد التاريخي العريق لها فكل هذه المقومات تؤهلها لان تحمل هذا العبء على عاتقها.
هذا يوضح ان المملكه سوف تتصدى لكل محاولات السيطرة التي تفرضها ايران على المنطقة و هذا ما كتبه واينبرجر في كتابه بل ان المملكة ستبلي بلاء حسنا و سوف تصيب النظام الايراني بصدمة عندما يفاجأ بهذه الكفاءة السعودية و أوضح ايضاً ان هذه المواجهة سوف تجعل النظام الايراني يغير من خططه و لو مؤقتاً فهل كانت المملكة مؤهلة للقيام بذلك الدور قبل اكثر من عشر سنوات هي عمر نزول كتاب الحرب القادمة الى الاسواق؟ و هل هي مؤهلة لهذا الدور الان؟
لم تكن المملكة لها قدرة على مواجهة النظام العراقي من هجوم مفترض عليها لهذا لجأت المملكة الى استجلاب دولاً خارجية و جعلت لها قواعد عسكرية ثابتة و حشدت اعلامها بالترويج لتبرير ذلك التواجد و هو لحمايتها و حماية شعبها من العدو العراقي بل و أضفت على ذلك مسحة دينية بأن تناول كبار علماؤها الترويج لذلك و افتوا بمشروعيته و اعتبار كل من يخالف ذلك محارباً للنظام خارجي عن الدولة. لقد ضحت المملكة في تلك الفترة باسمها و انها دار السلام و حصن الاسلام و المسلمين و خالفت صريح الدين بعدم جواز الاستعانة بالكافرين على المسلمين كل ذلك من أجل الدفاع عن نفسها و ضمان أمنها علماً بان العراق انذاك لم يكن يملك النووي و لم يكن يملك جيشاً من الجواسيس و العملاء على الاراضي السعودية بخلاف ايران اليوم، نعم كان العراق قوياً متهوراً مندفعاً بحمق احيانا و حماسة أحيانا اخرى الا ان فكرة اقتحام المملكة كان و لا زال ضربا من الخيال.
اما اليوم فانتهى العراق و لم يبقى هناك تهديد الا ان الواقع يشهد ان المملكة هذه الايام تقوم بشراء اسلحة من كافة الانواع و من دول مختلفة لم تعتاد المملكة شراء اسلحة منها فقد اعلنت وكالات الانباء انه تجري محادثات مع روسيا بشأن صفقات سلاح ممكنة، كما ان المملكة رحبت بالعرض الروسي من اجل التعاون بين البلدين في المجال النووي. و ان الصفقة تشمل شراء 150 دبابة روسية من طراز "تي-90" و ان روسيا عرضت ايضا بيع المملكة طائرات مروحية من طراز مي-17 لنقل الجند.
و قالت صحيفة اندبندنت البريطانية الجمعة إن بريطانيا تسعى للفوز بطلبية تبلغ قيمتها ملياري جنيه استرليني (3.87 مليار دولار) من السعودية لشراء ما يصل الى ثلاث مدمرات لسلاح البحرية. وقالت الصحيفة إن الرياض قد تكون مهتمة بشراء مدمرتين أو ثلاث مدمرات من طراز 45. هذا فضلا عن طائرات اف-16 من امريكا و ليست صفقة اليمامة للاسلحة منا ببعيد.
و ليس ذلك فقط بل ان جريدة الوطن الكويتية نشرت بتاريخ 21-2-2007 أنه سيتم إطلاق ستة أقمار صناعيـة سعودية خلال الأشهر القليلة المقبلة عبر وكالة الفضاء الروسية.
وقال الدكتور صالح العذل في اللقاء العلمي الذي نظّمته المدينة الاثنين ان الغرض من إطلاق الأقمار الصناعية علمي وامتلاك التقنية خصوصاً أن الأقمار جاءت بأيد سعودية، مشيرا إلى أنه كان من المقرر إطلاقها قبل هذا الوقت لولا سوء الأحوال الجوية.
ونوه إلى أن الأقمار التي ستطلق سيكون أربعة منها للاتصالات، وواحد للاستشعار عن بعد، والأخير مخصص لأكثر من استخدام ومنها الأمنية«، مشيرا إلى »أن الهدف من ذلك هو الاستغناء عن استخدام الأقمار من الدول الأخرى«.
بل ان المملكة دافعت اكثر من مرة عن حق الدول العربية في امتلاك التقنية النووية اسوة بايران و اسرائيل و دافعت عن هذا الحق بقوة. وعقد وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي المؤلف من ست دول اجتماعا في الرياض لمناقشة مدى التقدم الذي تحقق في خططها لتطوير برنامج نووي مدني مشترك، واتفقت دول المجلس خلال قمة في ديسمبر/كانون الاول على دراسة جدوى تطوير الطاقة النووية- ميديل ايست اون لاين- كل هذا يبين ان هناك انتفاضة ما في المجال التكنولوجي العسكري او المدني أو مزدوج الاستعمال.
كل هذا يبين لنا مدى الاستعداد السعودي لمواجهة ما حتمية، فهل ياترى ستكون هذه المواجهة مع ايران كما بشرنا بذلك مستر كاسبر؟؟؟!
بعد ان بينا انتهاء الدور العراقي في الساحة العربية و تحوله الى كيان لا حول له و لا قوة اصبح لزاما علينا ان نبين من هو الذي سيخلف العراق، اذ انه لابد ان يكون للعراق خليفة و لو شكلي فلو تابعنا ما كتبه واينبرجر سوف يتبين لنا ان الخليفة هو المملكة العربية السعودية التي تشغل مساحة كبيرة جداً في المنطقة علاوة على قدسيتها لاحتوائها للأراضي المقدسة و للبعد التاريخي العريق لها فكل هذه المقومات تؤهلها لان تحمل هذا العبء على عاتقها.
هذا يوضح ان المملكه سوف تتصدى لكل محاولات السيطرة التي تفرضها ايران على المنطقة و هذا ما كتبه واينبرجر في كتابه بل ان المملكة ستبلي بلاء حسنا و سوف تصيب النظام الايراني بصدمة عندما يفاجأ بهذه الكفاءة السعودية و أوضح ايضاً ان هذه المواجهة سوف تجعل النظام الايراني يغير من خططه و لو مؤقتاً فهل كانت المملكة مؤهلة للقيام بذلك الدور قبل اكثر من عشر سنوات هي عمر نزول كتاب الحرب القادمة الى الاسواق؟ و هل هي مؤهلة لهذا الدور الان؟
لم تكن المملكة لها قدرة على مواجهة النظام العراقي من هجوم مفترض عليها لهذا لجأت المملكة الى استجلاب دولاً خارجية و جعلت لها قواعد عسكرية ثابتة و حشدت اعلامها بالترويج لتبرير ذلك التواجد و هو لحمايتها و حماية شعبها من العدو العراقي بل و أضفت على ذلك مسحة دينية بأن تناول كبار علماؤها الترويج لذلك و افتوا بمشروعيته و اعتبار كل من يخالف ذلك محارباً للنظام خارجي عن الدولة. لقد ضحت المملكة في تلك الفترة باسمها و انها دار السلام و حصن الاسلام و المسلمين و خالفت صريح الدين بعدم جواز الاستعانة بالكافرين على المسلمين كل ذلك من أجل الدفاع عن نفسها و ضمان أمنها علماً بان العراق انذاك لم يكن يملك النووي و لم يكن يملك جيشاً من الجواسيس و العملاء على الاراضي السعودية بخلاف ايران اليوم، نعم كان العراق قوياً متهوراً مندفعاً بحمق احيانا و حماسة أحيانا اخرى الا ان فكرة اقتحام المملكة كان و لا زال ضربا من الخيال.
اما اليوم فانتهى العراق و لم يبقى هناك تهديد الا ان الواقع يشهد ان المملكة هذه الايام تقوم بشراء اسلحة من كافة الانواع و من دول مختلفة لم تعتاد المملكة شراء اسلحة منها فقد اعلنت وكالات الانباء انه تجري محادثات مع روسيا بشأن صفقات سلاح ممكنة، كما ان المملكة رحبت بالعرض الروسي من اجل التعاون بين البلدين في المجال النووي. و ان الصفقة تشمل شراء 150 دبابة روسية من طراز "تي-90" و ان روسيا عرضت ايضا بيع المملكة طائرات مروحية من طراز مي-17 لنقل الجند.
و قالت صحيفة اندبندنت البريطانية الجمعة إن بريطانيا تسعى للفوز بطلبية تبلغ قيمتها ملياري جنيه استرليني (3.87 مليار دولار) من السعودية لشراء ما يصل الى ثلاث مدمرات لسلاح البحرية. وقالت الصحيفة إن الرياض قد تكون مهتمة بشراء مدمرتين أو ثلاث مدمرات من طراز 45. هذا فضلا عن طائرات اف-16 من امريكا و ليست صفقة اليمامة للاسلحة منا ببعيد.
و ليس ذلك فقط بل ان جريدة الوطن الكويتية نشرت بتاريخ 21-2-2007 أنه سيتم إطلاق ستة أقمار صناعيـة سعودية خلال الأشهر القليلة المقبلة عبر وكالة الفضاء الروسية.
وقال الدكتور صالح العذل في اللقاء العلمي الذي نظّمته المدينة الاثنين ان الغرض من إطلاق الأقمار الصناعية علمي وامتلاك التقنية خصوصاً أن الأقمار جاءت بأيد سعودية، مشيرا إلى أنه كان من المقرر إطلاقها قبل هذا الوقت لولا سوء الأحوال الجوية.
ونوه إلى أن الأقمار التي ستطلق سيكون أربعة منها للاتصالات، وواحد للاستشعار عن بعد، والأخير مخصص لأكثر من استخدام ومنها الأمنية«، مشيرا إلى »أن الهدف من ذلك هو الاستغناء عن استخدام الأقمار من الدول الأخرى«.
بل ان المملكة دافعت اكثر من مرة عن حق الدول العربية في امتلاك التقنية النووية اسوة بايران و اسرائيل و دافعت عن هذا الحق بقوة. وعقد وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي المؤلف من ست دول اجتماعا في الرياض لمناقشة مدى التقدم الذي تحقق في خططها لتطوير برنامج نووي مدني مشترك، واتفقت دول المجلس خلال قمة في ديسمبر/كانون الاول على دراسة جدوى تطوير الطاقة النووية- ميديل ايست اون لاين- كل هذا يبين ان هناك انتفاضة ما في المجال التكنولوجي العسكري او المدني أو مزدوج الاستعمال.
كل هذا يبين لنا مدى الاستعداد السعودي لمواجهة ما حتمية، فهل ياترى ستكون هذه المواجهة مع ايران كما بشرنا بذلك مستر كاسبر؟؟؟!
تابع اليس في المنطقة دولاً أخري؟! سوريا لبنان الاردن و فلسطين!!
لم يرد ذكر للمؤلف لهذه الدول العربية الاربعة سابقة الذكر فيا ترى ما الذي يرمي اليه المؤلف باهماله هذه الدول؟ ان الاجابة عن هذا السؤال ليست بالصعوبة المتوقعة ففلسطين المحتلة تحت السيطرة الصهيونية التامة و هي خارج اللعبة تماما الا ان الزلزال الذي حدث منذ حوالي عام بوصول حماس للسلطة ثم الاقتتال الداخلي الذي لم تعهده فلسطين بهذه الشراسة ثم الدور السعودي الرائد في ايقاف هذا الاقتتال كل هذه الامور تريد تثبيت الوضع الفلسطيني الحالي و تريد اشغاله بنفسه ثم الاهم من ذلك جعل القوة المقاتلة التي ترمي الى التحرر من المحتل الصهيوني تبدو امام الناس انها تقاتل من أجل السلطة - و انني لا ارى ذلك - و لكن هذه الصورة يراد لها ان تصل للعالم.
اما سوريا فلا شك انها موالية - تماماً - لايران و ان سوريا تعتبر ايران بمثابة الاخ الاكبر الذي تلجأ اليه في حال طلب المشورة و الرأي و هناك معلومات لا مجال هنا لعرضها عن التعاون الايراني السوري القديم - منذ عصر الشاه و حتي الوقت الحالي - في جميع المجالات فسوريا اذا ستكون ابان هذه الحرب في المعسكر الايراني و ان لم يكن ذلك بالمشاركة في القتال. وشهدت العاصمتان السورية والايرانية مؤخرا تبادلا للزيارات على اعلى المستويات حيث زار الرئيس الاسد ايران مؤخرا وزار دمشق الخميس الماضي نائب الرئيس الايراني برويز داودي حيث اجرى مباحثات مع الرئيس السوري ونائبه فاروق الشرع ويزورها اليوم وزير الدفاع الايراني وسيقوم رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري خلال الاسبوع الحالي بزيارة الى طهران ليراس وفد بلاده الى اجتماعات اللجنة العليا السورية الايرانية المشتركة في حين يتراس الجانب الايراني داودي- انظر وكالة الانباء الكويتية كونا في 10-3-2007.
الاردن لا يختلف حالها كثيرا عن ايران الا ان الولاء هذه المرة ليس لايران و انما لامريكا و لا شك ان العلاقات الاردنية الامريكية الصهيونية على درجة عالية جدا من القوة و لهذا فان الاردن التابعة لامريكا على الاقل حتى نشوب هذه الحرب المفترضة ستكون في الصف الامريكي اعلاميا و استراتيجيا و استخباراتيا ايضاً.
لهذا لم يذكر المؤلف الدول التابعة و لا الدول التي هي خارج اللعبة اصلا و انما ركز المؤلف على الدول التي ستلعب دوراً محوريا فيها اما بالسلب أو الايجاب وفق المنظور الامريكي.
بالنسبة للبنان فان ما يحدث فيها منذ الحرب المنتهية بلا منتصر ثم خروج الطرف منها الموالي لايران - و سوريا - الى الشارع و محاولة زرع حالة من الفوضى في لبنان و محاولة تطويعها بالكلية الى الجانب الايراني اما بصورة مباشرة او بصورة غير مباشرة عبر سوريا كما كان الوضع قبل انسحاب الجيش السوري من لبنان بعد اغتيال الحريري. و على الجانب الاخر تريد امريكا و اعوانها في المنطقة استقطاب الحكومة اللبنانية و اعطائها حجماً يمكنها من اتخاذ القرار ليكون في صالحها في النهاية. ان وضع لبنان يختلف قليلا عن باقي الدول فهي ليست مع ايران بالكلية و ليست مع امريكا بالكلية و ما يحدث الان ما هو الا محاولة لجذبها الى احد الطرفين.
فيا ترى هل تعمد واينبرجر عدم ذكر لبنان لان الخطط بشأن لبنان لم تكن وقتها قد اعدت ام انه لم يكن يعلم لأي الطرفين ستنحاز لبنان بالكلية ام ان هناك شئ اخر لا نعلمه نحن و فضل المؤلف عدم ذكره؟ الله أعلم
لم يرد ذكر للمؤلف لهذه الدول العربية الاربعة سابقة الذكر فيا ترى ما الذي يرمي اليه المؤلف باهماله هذه الدول؟ ان الاجابة عن هذا السؤال ليست بالصعوبة المتوقعة ففلسطين المحتلة تحت السيطرة الصهيونية التامة و هي خارج اللعبة تماما الا ان الزلزال الذي حدث منذ حوالي عام بوصول حماس للسلطة ثم الاقتتال الداخلي الذي لم تعهده فلسطين بهذه الشراسة ثم الدور السعودي الرائد في ايقاف هذا الاقتتال كل هذه الامور تريد تثبيت الوضع الفلسطيني الحالي و تريد اشغاله بنفسه ثم الاهم من ذلك جعل القوة المقاتلة التي ترمي الى التحرر من المحتل الصهيوني تبدو امام الناس انها تقاتل من أجل السلطة - و انني لا ارى ذلك - و لكن هذه الصورة يراد لها ان تصل للعالم.
اما سوريا فلا شك انها موالية - تماماً - لايران و ان سوريا تعتبر ايران بمثابة الاخ الاكبر الذي تلجأ اليه في حال طلب المشورة و الرأي و هناك معلومات لا مجال هنا لعرضها عن التعاون الايراني السوري القديم - منذ عصر الشاه و حتي الوقت الحالي - في جميع المجالات فسوريا اذا ستكون ابان هذه الحرب في المعسكر الايراني و ان لم يكن ذلك بالمشاركة في القتال. وشهدت العاصمتان السورية والايرانية مؤخرا تبادلا للزيارات على اعلى المستويات حيث زار الرئيس الاسد ايران مؤخرا وزار دمشق الخميس الماضي نائب الرئيس الايراني برويز داودي حيث اجرى مباحثات مع الرئيس السوري ونائبه فاروق الشرع ويزورها اليوم وزير الدفاع الايراني وسيقوم رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري خلال الاسبوع الحالي بزيارة الى طهران ليراس وفد بلاده الى اجتماعات اللجنة العليا السورية الايرانية المشتركة في حين يتراس الجانب الايراني داودي- انظر وكالة الانباء الكويتية كونا في 10-3-2007.
الاردن لا يختلف حالها كثيرا عن ايران الا ان الولاء هذه المرة ليس لايران و انما لامريكا و لا شك ان العلاقات الاردنية الامريكية الصهيونية على درجة عالية جدا من القوة و لهذا فان الاردن التابعة لامريكا على الاقل حتى نشوب هذه الحرب المفترضة ستكون في الصف الامريكي اعلاميا و استراتيجيا و استخباراتيا ايضاً.
لهذا لم يذكر المؤلف الدول التابعة و لا الدول التي هي خارج اللعبة اصلا و انما ركز المؤلف على الدول التي ستلعب دوراً محوريا فيها اما بالسلب أو الايجاب وفق المنظور الامريكي.
بالنسبة للبنان فان ما يحدث فيها منذ الحرب المنتهية بلا منتصر ثم خروج الطرف منها الموالي لايران - و سوريا - الى الشارع و محاولة زرع حالة من الفوضى في لبنان و محاولة تطويعها بالكلية الى الجانب الايراني اما بصورة مباشرة او بصورة غير مباشرة عبر سوريا كما كان الوضع قبل انسحاب الجيش السوري من لبنان بعد اغتيال الحريري. و على الجانب الاخر تريد امريكا و اعوانها في المنطقة استقطاب الحكومة اللبنانية و اعطائها حجماً يمكنها من اتخاذ القرار ليكون في صالحها في النهاية. ان وضع لبنان يختلف قليلا عن باقي الدول فهي ليست مع ايران بالكلية و ليست مع امريكا بالكلية و ما يحدث الان ما هو الا محاولة لجذبها الى احد الطرفين.
فيا ترى هل تعمد واينبرجر عدم ذكر لبنان لان الخطط بشأن لبنان لم تكن وقتها قد اعدت ام انه لم يكن يعلم لأي الطرفين ستنحاز لبنان بالكلية ام ان هناك شئ اخر لا نعلمه نحن و فضل المؤلف عدم ذكره؟ الله أعلم
سلطنة عمان مع من ضد من؟!!! السلام عليكم و رحمة الله نواصل معكم التعليق على كتاب الحرب القادمة لكاسبر واينبرجر و بعد ان تناولنا مواقف العديد من الدول من هذه الحرب المفترضة بقي لزاما علينا ان نطرح مواقف باقي الدول و يعنينا في هذا الشأن موقف دول الجوار لميدان المعركة المفترض مع الاخذ في الاعتبار امكانية اتساع هذا الميدان. نتكلم اليوم عن سلطنة عمان و اذا تكلمنا عنها فاننا نقصد مضيق هرمز في الاساس، ذلك المضيق الاستراتيجي الهام الذي يعتبر بوابة الخليج العربي و من يمتلك السيطرة عليه فقد امتلك الخليج قاطبة. ونظرا لموقع المضيق الاستراتيجي، فإنه لم يستطع الإفلات عبر التاريخ من الأطماع وصراع الدول الكبرى للسيطرة عليه، فمنذ القرن السابع قبل الميلاد وهو يلعب دوراً دوليا وإقليميا هاما ًأسهم في التجارة الدولية. وقد خضع للاحتلال البرتغالي ثم سائر الدول الأوروبية خصوصاً بريطانيا لتنتشر الشركات الغربية المتنافسة، ويتراجع الأمن مع غزوات القراصنة. تعتبر سلطنة عمان هي المسيطر الأكبر على هذا المضيق، لأن الجانب الجنوبي الممتد على شكل رأس في الخليج العربي هو جزء من أراضيها و تابع لمياهها الاقليمية و على الجانب الشمالي هناك إيران . هذا نظريا. لكن الحقيقة تقول و هي أن الولايات المتحدة هي المسيطرة بشكل تام على حركة العبور دخولاً و خروجا من المضيق . فالقواعد العسكرية منتشرة على كامل شاطئه الجنوبي من عمان إلى الكويت مروراً بقطر و البحرين و الظهران و الخبر السعوديتين، و الآن في البصرة العراقية المحتلة . كما أن سفن الأسطول الخامس الأمريكي تجوب مياه الخليج العربي بشكل دائم . إن أمريكا تتحكم بالخليج العربي و بمضيقه ، و هو الأهم استراتيجياً في العالم ، كما ذكرنا . سلطنة عمان مضيق هرمز من الاهداف الاستراتيجية لايران هو السيطرة على هذا المضيق و ذلك لضمان تحكمها في تجارة النفط و فرض الضرائب و رسوم المرور للسفن و الشاحنات التي يصل عددها الى نحو 30 سفينة في اليوم، ايران تريد ان تخلف امريكا في السيطرة على الشطر الجنوبي منه للتحكم في الحركة فيه كما سبق فهل تسمح سلطنة عمان بذلك؟ هل ستواصل السلطنة علاقاتها المميزة مع ايران بالرغم من الاطماع الايرانيه في السيطرة على المضيق؟؟؟ عمان حالياً لا تريد الاصطدام مع ايران بل على العكس فانها لا تشعر بالقلق حيال برنامجها النووي و قال المسؤول الثاني في الخارجية العمانية السيد بدر بن حمود البوسعيدي ان ليس لدى بلاده اي سبب للتشكيك في الضمانات التي تقدمها ايران حول الطابع المدني حصرا لبرنامجها النووي. ليس ذلك فقط بل ان سلطنة عمان تخشى هجوما اميركيا على ايران اكثر من خشيتها امتلاك الاخيرة لسلاح نووي - الميديل ايست اون لاين 24-5-2006- و كذلك تعلن سلطنة عمان انها لا تقبل حتى فرض عقوبات على ايران - المصدر السابق- ورغم انه ينظر الى دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين) في كثير من الاحيان من الخارج وكانها وحدة واحدة فان اختلافات واضحة توجد بينها خاصة في الموقف من ايران وهو الملف الذي يظهر فيه تمايز سلطنة عمان. و قداعلن السفير العماني الجديد في ايران عن رغبة بلاده تعزيز التعاون مع طهران، قائلا: ان سلطنة عمان تسعى الى تعزيز العلاقات والاستفادة من تجارب ايران على كافة الاصعدة- شبكة سوريا نوبلز للاخبار 17-2-2007 اذا حسن نوايا من قبل السلطنة لايران و لكن هل هذا نابع من خوف السلطنة من اندلاع حرب مدمرة سوف تنعكس عليها لذلك تريد تحسين العلاقات بين الاطراف المتنازعة درءاً لاشتعال هذه الحرب ام ان هناك اسباباً اخرى كنوع من رد الجميل حيث قد ساعد جنود ايرانيون في سبعينات القرن الماضي السلطان قابوس في انهاء تمرد ظفار (جنوب). وحتى وان تم ذلك في عهد الشاه فان العمانيين لم ينسوا ذلك. ام انه الخوف من القوة الاقليمية المواجهة التي تسمى ايرن!!!!!! دعونا نعود مرة أخرى الى جملة التناقضات الشائعة في نظامنا العربي فبالرغم مما سبق ذكره فان عمان ايضا لها علاقات مميزة مع امريكا و ليس ادل على ذلك من القواعد العسكرية الموجودة في عمان او في مياهها الاقليمية وبناء على الاتفاقية الأمريكية ـ العمانية المعقودة في 4/6/1980 فقد قدمت لامريكا القواعد الجوية والبحرية الموجودة في السيب، تامرايد، الحسب، مصير وتم وضع محطة لسفن القوات البحرية الأمريكية في ميناء مسقط، مطرا ورايسوت. حصلت أمريكا وفقاً لشروط الاتفاقية على إمكانية إرسال ملاك العسكريين إلى عمان للقيام بأعمال توسيع وتجديد المنشآت العسكرية. يوجد في عمان أكثر من 500 مستشار وخبير عسكري أمريكي بالوسائط الرادارية، الاتصالات والاستطلاع الاليكتروني وبالقواعد الصاروخية وبالاعمال الهندسية الانشائية العسكرية. تعهدت واشنطن بتقديم المساعدة العسكرية للسلطنة، تلك المساعدة التي شكلت في عام 1981 50.8 مليون دولار. هذا و نشرت وكالات الانباء ان الولايات المتحدة تبحث مع سلطنة عمان تمديد العمل بالاتفاق الخاص باستخدام أربعة قواعد عسكرية عمانية. وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة في واشنطن إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تسعى إلى الحصول على ضمانات عمانية بهذا الشأن. وأكد مصدر أمريكي مطلع أن جزءا كبيرا من المحادثات التي أجراها نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني مع كبار المسؤولين العمانيين في زيارته التي قام بها لمسقط يوم الخامس والعشرين من شهر فبراير الماضي تركزت على ما سماه التهديدات الإيرانية في الخليج. وتعتبر الولايات المتحدة سلطنة عمان ركيزة استراتيجية في جهوةدها العسكرية في المنطقة ويذكر أن قاعدة مسنانا الجوية المقابلة لمضيق هرمز تبعد عن الساحل الإيراني نحو 150 كيلومترا فقط. وقد خصصت الولايات المتحدة مؤخرا 120 مليون دولار لتحديث هذه القاعدة. وتقول مصادر دبلوماسية إن سلطنة عمان لا تسمح للقيادة المركزية الأمريكية القيام بعمليات عسكرية انطلاقا من الأراضي العمانية، إلا أنها تحتفظ بجنودها في القواعد العسكرية العمانية الأربعة وهي مصيرة، مسنانا، السيب وثيرميت، كما تستخدها لتخزين معدات عسكرية وإعادة تزويد السفن الحربية الأمريكية في المنطقة بالوقود والقيام بمهام جوية. وتقول مصادر عسكرية أمريكية إن البنتاغون قد خفض حجم القوات الأمريكية في تلك القواعد من 550 جندي في عام 2004 إلى 270 جندي في عام 2006. وتحتفظ القوات الأمريكية قي قاعدة مصيرة بقاذفات بي-1 الاستراتيجية وطائرات نقل الجنود العملاقة من طراز سي-130. وقد سبق للولايات المتحدة استخدام قاعدة مصيرة في العملية الفاشلة لإنقاذ رهائن السفارة الأمريكية في طهران عام 1979 في عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر. كما أن القوات الأمريكية استخدمت بعض المعدات العسكرية الأمريكية المخزونة في تلك القاعدة في حربها على أفغانستان عام 2001. اذا التعاون العسكري الامريكي العماني عتيق و عتديد فكيف اذا ان تكون عمان مع ايران و مع امريكا في نفس الوقت و هل عمان مع امريكا ام ايران و اذا قامت الحرب ستكون عمان مع من؟ لقد بدأت أمريكا تلوح الى التحركات الامريكية في منطقة خليج هرمز فقد نشرت الشرق الاوسط الاربعـاء 21 فبراير 2007 العدد 10312 و على لسان قائد عسكري اميركي كبير انه حذر من نشاطات عسكرية ايرانية في مضيق هرمز الاستراتيجي وصفها بالاستفزازية. وقال قائد الاسطول الخامس الاميركي بارتيك ولش إن اصرار طهران على اجراء مناوراتها العسكرية في مضيق هرمز «لا يقودنا الا للاستنتاج بأنه عمل استفزازي». و ذكر كذلك في نفس هذا المقال امر أخرى سنتعرض لها في حينه ان شاء الله. ففي هذا اشارة تمهيد و تحذير الى دول المنطقة و الى العالم كله ان هناك تحركات ايرانية يجب ان تتظافر الجهود لايقافها. و تبقى الحيرة في الاجابة على سؤالنا الاساسي اليوم مع اي طرف ستكون سلطنة عمان؟ انني لا أعتقد حين قيام هذه الحرب ان تكون في صف ايران الا انني اعتقد انها لن تكون في صف امريكا!!
الامارات العربية المتحدة و الجزر المفقودة!!!!
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد أجادت ايران التعامل مع الاعلام و استطاعت بذكاء منقطع النظير أن تتحكم بعقول و قلوب عامة المسلمين تماما كما نجح الصهاينة في كسب ود الغرب و اجبارهم على التعاطف معهم، انني لا أريد ان اطيل كثيراً في هذه النقطة الا انني أذكرها لانها لها صلة بعلاقة ايران مع دول المنطقة و سوف نفرد لها مقالا خاصا باذن الله. فما علاقة ذلك اذا بموضوع اليوم؟ ان له علاقة وثيقة تتمثل في هذا الكم الهائل من صفوة العرب الذين يسبحون بحمد ايران ليل نهار و يمجدون بطولاتها و حرصها و دفاعها عن الاسلام و المسلمين فالعجب كل العجب ان ترى الواحد منهم حريص على سلامة ايران في حين انه يدعو الشعوب العربية للخروج على حكامهم و التظاهر في الشوارع و مناهضة السلطات و ايقاف الحياه العامة و الاضرابات و ربما الانقلابات فياللعجب من هؤلاء!!!!!
فعلى سبيل المثال - و الذي له علاقة بموضوعنا - حين تقول لهؤلاء - و أغلبهم للأسف ينتمون للتيار القومي أو الاسلامي- الا تعلم ان ايران تحتل جزر اماراتية منذ اكثر من ثلاثين عاما يقولون لك الامريكان يحتلون تلك الدول بقواعدهم العسكرية و ربما بعضهم يتلعثم و لا يعرف أن يجيب - لاحظ يا أخي اننا كما ذكرنا سابقا ان هناك جملة من التناقضات في نظامنا الرسمي العربي فانه هناك أيضاً جملة من التناقضات في نظامنا المعارض الاسلامي و القومي.
على اية حال تعود ابعاد قضية احتلال ايران للجزر الثلاث الى عام 1971 و بعد حوالي ثلاث شهور فقط من اعتراف ايران - الشاه في هذه الفترة - على استقلال البحرين و التنازل عن المطالبة بها حيث انها غزت عسكريا و تحت الحماية البريطانية ثلاث جزر عربية و هي طنب الكبرى و طنب الصغرى التابعتين لامارة رأس الخيمة و جزيرة أبو موسى التابعة للشارقة و شردت سكان هذه الجزر الى ساحل عمان و للعلم فقد تم الغزو هذا قبل انسحاب بريطانيا من الخليج بثمان و اربعين ساعة فقط؟!
ليس ذلك فقط بل استولت ايضاً قبل ذلك على جزر أخرى مثل صرى و التي شيدت فيها مطارا حربيا مهما و كذلك جزيرة هنجام و بالنسبة لاهمية هذه الجزر لا تعود لعدد السكان أو الثروات - حيث يوجد فيها أبار للنفط - و انما ذات أهمية استراتيجية لقربها من مضيق هرمز و قد سبق الاشارة اليه و كذلك لها أهمية كموضع قدم لايران يمكن استخدامه في الهجوم على دول الخليج و كورقة ضغط يمكن اللجوء اليها عند اجراء مفاوضات. لقد تم هذا الاحتلال قبل ثورة الخميني فكان لزاما على من ادعى انه جاء لتطبيق شرع الله ان يعيد الحقوق الى اصحابها الا انه لم يفعل.
لم يتوقف الامر عند هذا الحد فقد قامت ايران بتعيين حاكماً في جزيرة أبو موسى و اعلنت جريدة الخليج تاريخ 17/11/1996 ان اعترفت ايران لاول مرة انها نشرت بطاريات صواريخ في جزر الامارات الثلاث المحتلة ابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، ومع هذا الاعتراف زعمت على لسان مسؤول بارز بعدم وجود اطماع توسعية لها في الخليج. و في 17 نوفمبر 1994 نقلا عن رويتر: قالت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان ايران تخطط لإقامة مشروعات على جزيرة ابو موسى المتنازع عليها مع دولة الامارات العربية المتحدة في الخليج. وقالت الوكالة ان ايران خصصت 1،400 مليون ريال (750،000 دولار) (لتنفيذ خمسة مشروعات تعاونية على هذه الجزيرة الايرانية).
و نشرت أيضا جريدة الخليج بتاريخ 25/8/1992 نقلا عن محمد بوغانم والي الجزيرة - حيث انه كان هناك ادارة مشتركة على هذه الجزيرة - تعليق الكاتب- الذي عاد الى البلاد مساء امس الاول بعد ان رفضت السلطات الايرانية بالجزيرة السماح لركاب السفينة »خاطر« بالنزول على الجزيرة بأن السلطات الايرانية دأبت ومنذ فترة على مضايقة المواطنين والاهالي باستمرار وذلك لحملهم على مغادرة الجزيرة ولكن المواطنين كانوا يرفضون ذلك متمسكين بأرضهم وبيوتهم التي ولدوا ونشأوا فيها. هذا ناهيك عن الاستفزازات المتكررة للصيادين العابرين بالقرب من الشواطئ التابعة لهذه الجزر و يجب الاشارة هنا ان جزيرة أبو موسى عدد سكانها أكبر من الجزيرتين الاخرتين.
و لكن قادة الامارات لم يسكتوا عن كل هذا بل بدأو بالمطالبة بحقهم في هذه الجزر و قد أوضح د.علي حميدان في مقال بعنوان الامارات و ايران و الجزر الثلاث - الحلقة الاخيرة - الاتحاد 27/7/97 ان الامارات العربية المتحدة اتخذت منذ عام 1992 موقفا جديدا ومحددا من نزاعها مع ايران على الجزر الثلاث »ابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى« ويتمثل هذا الموقف في المطالبة بعرض قضية النزاع على الجزر على محكمة العدل الدولية وقبول الطرفين بالحكم الذي تصدره هذه المحكمة. موقف الامارات هذا لم يعد موقفها وحدها. فقد تضامنت معها جميع الدول العربية وخاصة دول مجلس التعاون التي اصبحت تطالب ايران في بيانات وزراء خارجيتها او في بيانات القمة لملوكها ورؤسائها، تطالب ايران بالتجاوب مع موقف الامارات الداعي الى عرض الموضوع على محكمة العدل الدولية إذا لم يتوصل الطرفان الى حل مرض لهما، بل والاكثر من ذلك، اصبحت دول الخليج العربية تربط بين حل قضية الجزر الاماراتية وازالة التوتر في علاقاتها مع الجمهورية الاسلامية.. والسؤال الذي يطرح نفسه بالطبع هو لماذا ترفض ايران قضية الاحتكام الى محكمة العدل الدولية؟ أليس في هذا الرفض دليل على عدم اقتناع القادة الايرانيين بقوة الحجج التي يسوقونها للتدليل على تبعية الجزر لبلادهم؟ ليس في نيتنا في هذه الدراسة القصيرة مناقشة الحجج القانونية لكل من ايران والامارات، فيما يخص السيادة على الجزر الثلاث.. فذلك موضوع بحاجة الى دراسة خاصة. و لا زالت الامارات تطالب بقضية للتحكيم حول هذه الجزر الا انها تريد ذلك سلمياً.
بالرغم من كل هذا فان التزلف و النفاق السياسي الغالب بين الدول يقلب الحقائق راسا على عقب فالعلاقات الظاهرية بين ايران و الامارات ممتازة نشرت وكالة الانباء السعودية واس في ديسمبر 2006م ان نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم استقبل اليوم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني على لاريجاني الذي يزور دبي حالياً للمشاركة في أعمال المنتدى الاستراتيجي العربي المنعقد حاليا في دبي. وتم خلال اللقاء استعراض العلاقات التي تربط بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في كافة المجالات اضافة الى استعراض أخر التطورات التي تشهدها الساحتين الاقليمية والدولية والامور ذات الاهتمام المشترك. و في المقابل نشرت وكالة الانباء الايرانية أرنا في فبراير/ 2007 اعلان المدير العام لمكتب التخطيط التجاري في موسسه تنميه التجاره الايرانيه مهدي فتح الله اليوم الاثنين بان ايران صدرت 14 بالمائه من اجمالي سلعها التصديريه غير النفطيه الي الامارات العربيه واعتبر هذا المسؤول الامارات العربيه المتحده بانها الشريك التجاري الاكبر لايران خلال العام "الايراني" الحالي.
و كذلك أعلن الموقع الاعلامي لحكومة الجمهورية الاسلامية في ايران 03/15/2007 على لسان نجاد ان ايران لاتضع ايه قيود علي تطوير علاقاتها مع الامارات و اشاد كذلك بالعلاقات المتميزة مع الامارات.
الا ان هذا التزلف لم يمنع من بعض المحاداه فقد اعلنت وكالة الانباء الايرانية في نوفمبر 2006 ابلغ سفير الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه لدي دوله الامارات العربيه المتحده محمد علي هادي خلال لقائه مساعد وقائد قوات الشرطه الموءقت في دبي العميد جمال محمد خليفه المري عن احتجاجه الشديد علي التعامل السييء مع المسافرين الايرانيين وتعرضهم الي الضرب من قبل شرطه مطار دبي . ودعا سفير ايران الي البت في القضيه علي الفور والحيلوله دون اعتقال المواطنين وضربهم . بدوره اعرب العميد المري عن اسفه البالغ لوقوع مثل هذه الاحداث في مطار دبي قائلا ان احترام حقوق وشان الرعايا الاجانب بما فيهم الايرانيين يوءكد عليه رئيس وزراء الامارات وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وقد اصدرت الاوامر الخاصه في هذا المجال .
هذا جانب من العلاقات المتذبذبة بين الامارات و ايران و بخلاف العلاقات العمانية الايرانية التي يحاول الطرفان فيها تجنب اي شئ من الممكن أن يعيقها نجد العلاقات بين الامارات و ايران بخلاف ذلك تماماً، و بعد هذا البركان الهادئ بين هذين الطرفين ربما سيأتي اليوم الذي ينفجر فيه و سوف يكون سبب اشعاله المطالبة من قبل الامارات بقوة و حزم لاستعادة الجزر المحتلة لتكون هذه الشرارة التي ستؤدي الى التهور الايراني فتحتل البحرين و الامارات لتتحقق نبوءة الدجال كاسبر واينبرجر!!!!
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد أجادت ايران التعامل مع الاعلام و استطاعت بذكاء منقطع النظير أن تتحكم بعقول و قلوب عامة المسلمين تماما كما نجح الصهاينة في كسب ود الغرب و اجبارهم على التعاطف معهم، انني لا أريد ان اطيل كثيراً في هذه النقطة الا انني أذكرها لانها لها صلة بعلاقة ايران مع دول المنطقة و سوف نفرد لها مقالا خاصا باذن الله. فما علاقة ذلك اذا بموضوع اليوم؟ ان له علاقة وثيقة تتمثل في هذا الكم الهائل من صفوة العرب الذين يسبحون بحمد ايران ليل نهار و يمجدون بطولاتها و حرصها و دفاعها عن الاسلام و المسلمين فالعجب كل العجب ان ترى الواحد منهم حريص على سلامة ايران في حين انه يدعو الشعوب العربية للخروج على حكامهم و التظاهر في الشوارع و مناهضة السلطات و ايقاف الحياه العامة و الاضرابات و ربما الانقلابات فياللعجب من هؤلاء!!!!!
فعلى سبيل المثال - و الذي له علاقة بموضوعنا - حين تقول لهؤلاء - و أغلبهم للأسف ينتمون للتيار القومي أو الاسلامي- الا تعلم ان ايران تحتل جزر اماراتية منذ اكثر من ثلاثين عاما يقولون لك الامريكان يحتلون تلك الدول بقواعدهم العسكرية و ربما بعضهم يتلعثم و لا يعرف أن يجيب - لاحظ يا أخي اننا كما ذكرنا سابقا ان هناك جملة من التناقضات في نظامنا الرسمي العربي فانه هناك أيضاً جملة من التناقضات في نظامنا المعارض الاسلامي و القومي.
على اية حال تعود ابعاد قضية احتلال ايران للجزر الثلاث الى عام 1971 و بعد حوالي ثلاث شهور فقط من اعتراف ايران - الشاه في هذه الفترة - على استقلال البحرين و التنازل عن المطالبة بها حيث انها غزت عسكريا و تحت الحماية البريطانية ثلاث جزر عربية و هي طنب الكبرى و طنب الصغرى التابعتين لامارة رأس الخيمة و جزيرة أبو موسى التابعة للشارقة و شردت سكان هذه الجزر الى ساحل عمان و للعلم فقد تم الغزو هذا قبل انسحاب بريطانيا من الخليج بثمان و اربعين ساعة فقط؟!
ليس ذلك فقط بل استولت ايضاً قبل ذلك على جزر أخرى مثل صرى و التي شيدت فيها مطارا حربيا مهما و كذلك جزيرة هنجام و بالنسبة لاهمية هذه الجزر لا تعود لعدد السكان أو الثروات - حيث يوجد فيها أبار للنفط - و انما ذات أهمية استراتيجية لقربها من مضيق هرمز و قد سبق الاشارة اليه و كذلك لها أهمية كموضع قدم لايران يمكن استخدامه في الهجوم على دول الخليج و كورقة ضغط يمكن اللجوء اليها عند اجراء مفاوضات. لقد تم هذا الاحتلال قبل ثورة الخميني فكان لزاما على من ادعى انه جاء لتطبيق شرع الله ان يعيد الحقوق الى اصحابها الا انه لم يفعل.
لم يتوقف الامر عند هذا الحد فقد قامت ايران بتعيين حاكماً في جزيرة أبو موسى و اعلنت جريدة الخليج تاريخ 17/11/1996 ان اعترفت ايران لاول مرة انها نشرت بطاريات صواريخ في جزر الامارات الثلاث المحتلة ابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، ومع هذا الاعتراف زعمت على لسان مسؤول بارز بعدم وجود اطماع توسعية لها في الخليج. و في 17 نوفمبر 1994 نقلا عن رويتر: قالت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان ايران تخطط لإقامة مشروعات على جزيرة ابو موسى المتنازع عليها مع دولة الامارات العربية المتحدة في الخليج. وقالت الوكالة ان ايران خصصت 1،400 مليون ريال (750،000 دولار) (لتنفيذ خمسة مشروعات تعاونية على هذه الجزيرة الايرانية).
و نشرت أيضا جريدة الخليج بتاريخ 25/8/1992 نقلا عن محمد بوغانم والي الجزيرة - حيث انه كان هناك ادارة مشتركة على هذه الجزيرة - تعليق الكاتب- الذي عاد الى البلاد مساء امس الاول بعد ان رفضت السلطات الايرانية بالجزيرة السماح لركاب السفينة »خاطر« بالنزول على الجزيرة بأن السلطات الايرانية دأبت ومنذ فترة على مضايقة المواطنين والاهالي باستمرار وذلك لحملهم على مغادرة الجزيرة ولكن المواطنين كانوا يرفضون ذلك متمسكين بأرضهم وبيوتهم التي ولدوا ونشأوا فيها. هذا ناهيك عن الاستفزازات المتكررة للصيادين العابرين بالقرب من الشواطئ التابعة لهذه الجزر و يجب الاشارة هنا ان جزيرة أبو موسى عدد سكانها أكبر من الجزيرتين الاخرتين.
و لكن قادة الامارات لم يسكتوا عن كل هذا بل بدأو بالمطالبة بحقهم في هذه الجزر و قد أوضح د.علي حميدان في مقال بعنوان الامارات و ايران و الجزر الثلاث - الحلقة الاخيرة - الاتحاد 27/7/97 ان الامارات العربية المتحدة اتخذت منذ عام 1992 موقفا جديدا ومحددا من نزاعها مع ايران على الجزر الثلاث »ابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى« ويتمثل هذا الموقف في المطالبة بعرض قضية النزاع على الجزر على محكمة العدل الدولية وقبول الطرفين بالحكم الذي تصدره هذه المحكمة. موقف الامارات هذا لم يعد موقفها وحدها. فقد تضامنت معها جميع الدول العربية وخاصة دول مجلس التعاون التي اصبحت تطالب ايران في بيانات وزراء خارجيتها او في بيانات القمة لملوكها ورؤسائها، تطالب ايران بالتجاوب مع موقف الامارات الداعي الى عرض الموضوع على محكمة العدل الدولية إذا لم يتوصل الطرفان الى حل مرض لهما، بل والاكثر من ذلك، اصبحت دول الخليج العربية تربط بين حل قضية الجزر الاماراتية وازالة التوتر في علاقاتها مع الجمهورية الاسلامية.. والسؤال الذي يطرح نفسه بالطبع هو لماذا ترفض ايران قضية الاحتكام الى محكمة العدل الدولية؟ أليس في هذا الرفض دليل على عدم اقتناع القادة الايرانيين بقوة الحجج التي يسوقونها للتدليل على تبعية الجزر لبلادهم؟ ليس في نيتنا في هذه الدراسة القصيرة مناقشة الحجج القانونية لكل من ايران والامارات، فيما يخص السيادة على الجزر الثلاث.. فذلك موضوع بحاجة الى دراسة خاصة. و لا زالت الامارات تطالب بقضية للتحكيم حول هذه الجزر الا انها تريد ذلك سلمياً.
بالرغم من كل هذا فان التزلف و النفاق السياسي الغالب بين الدول يقلب الحقائق راسا على عقب فالعلاقات الظاهرية بين ايران و الامارات ممتازة نشرت وكالة الانباء السعودية واس في ديسمبر 2006م ان نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم استقبل اليوم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني على لاريجاني الذي يزور دبي حالياً للمشاركة في أعمال المنتدى الاستراتيجي العربي المنعقد حاليا في دبي. وتم خلال اللقاء استعراض العلاقات التي تربط بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في كافة المجالات اضافة الى استعراض أخر التطورات التي تشهدها الساحتين الاقليمية والدولية والامور ذات الاهتمام المشترك. و في المقابل نشرت وكالة الانباء الايرانية أرنا في فبراير/ 2007 اعلان المدير العام لمكتب التخطيط التجاري في موسسه تنميه التجاره الايرانيه مهدي فتح الله اليوم الاثنين بان ايران صدرت 14 بالمائه من اجمالي سلعها التصديريه غير النفطيه الي الامارات العربيه واعتبر هذا المسؤول الامارات العربيه المتحده بانها الشريك التجاري الاكبر لايران خلال العام "الايراني" الحالي.
و كذلك أعلن الموقع الاعلامي لحكومة الجمهورية الاسلامية في ايران 03/15/2007 على لسان نجاد ان ايران لاتضع ايه قيود علي تطوير علاقاتها مع الامارات و اشاد كذلك بالعلاقات المتميزة مع الامارات.
الا ان هذا التزلف لم يمنع من بعض المحاداه فقد اعلنت وكالة الانباء الايرانية في نوفمبر 2006 ابلغ سفير الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه لدي دوله الامارات العربيه المتحده محمد علي هادي خلال لقائه مساعد وقائد قوات الشرطه الموءقت في دبي العميد جمال محمد خليفه المري عن احتجاجه الشديد علي التعامل السييء مع المسافرين الايرانيين وتعرضهم الي الضرب من قبل شرطه مطار دبي . ودعا سفير ايران الي البت في القضيه علي الفور والحيلوله دون اعتقال المواطنين وضربهم . بدوره اعرب العميد المري عن اسفه البالغ لوقوع مثل هذه الاحداث في مطار دبي قائلا ان احترام حقوق وشان الرعايا الاجانب بما فيهم الايرانيين يوءكد عليه رئيس وزراء الامارات وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وقد اصدرت الاوامر الخاصه في هذا المجال .
هذا جانب من العلاقات المتذبذبة بين الامارات و ايران و بخلاف العلاقات العمانية الايرانية التي يحاول الطرفان فيها تجنب اي شئ من الممكن أن يعيقها نجد العلاقات بين الامارات و ايران بخلاف ذلك تماماً، و بعد هذا البركان الهادئ بين هذين الطرفين ربما سيأتي اليوم الذي ينفجر فيه و سوف يكون سبب اشعاله المطالبة من قبل الامارات بقوة و حزم لاستعادة الجزر المحتلة لتكون هذه الشرارة التي ستؤدي الى التهور الايراني فتحتل البحرين و الامارات لتتحقق نبوءة الدجال كاسبر واينبرجر!!!!
قطر ......تناقضات قد تكون مقبولة!
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
في الليلة الأولى من ليال شهر ديسمبر 2006 شهد العالم ما لم يشاهده على مدار عشرات السنين، شاهد التكنولوجيا و الفن و الثقافة و الرياضة و العلم، لقد تعرف العالم كله على نجم جديد بزغ بكل قوة و من المنتظر أن ينطلق، لقد قالتها عالية ..................................................
هنــــــــــــــــــــــا قطر!!!!!!!!!!!.
هذا الحفل الاسطوري لأولمبياد الاسيان الذي وصفته الراية القطرية بانه سينسي العالم افتتاح اولمبياد سيدني كان بمثابه نقلة نوعية مقصودة صرفت من أجلها ملايين الدولارات و تم التجهيز لها لمدة ثلاث سنوات. لماذا كل هذا في منطقة تقف فوق بركان؟ لماذا كل هذا و دولة قريبة منها تحت نير الاحتلال؟ اليس هذا من المفارقات الغريبة و وفق المثل الشعبي المصري - ناس هايصة و ناس لايصة - المهم أن العديد من رؤساء العالم حضروا حفل الافتتاح منهم على سبيل المثال الرئيس بشار الأسد و الرئيس أحمدي نجاد.
العلاقات الظاهرية بين قطر و ايران ممتازة ففي عام 2000 زار امير قطر ايران و كانت هذه هي أول زيارة لحاكم خليجي لايران منذ اكثر من عشرين عاما و تم هذا اللقاء بين أمير قطر و خاتمي حيث تم تبادل العديد من الزيارات بين مسئولين حكوميين من البلدين، وتوقيع بعض الاتفاقيات. وكان أبرز هذه الزيارات زيارة الرئيس خاتمي إلى الدوحة في قبل هذه الزيارة ضمن جولته العربية الأولى. وتأتي زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني استجابة لدعوة خاتمي له لزيارة طهران - انظر اسلام أون لاين يوليو 2000-و قد تم ابرام بعض الاتفاقيات في جميع المجالات وعلى صعيد التعاون المتبادل بين البلدين يأتي مشروع نقل مياه الشرب من نهر كارون الإيراني إلى قطر، الذي تتوافر له الإمكانيات الأولية للتنفيذ، لا سيما بعد نجاح التجربة الإيرانية في مد أنابيب فولاذية وخراسانية تحت الأرض لمسافة 180 كم.
و في شهر مايو من العام الماضي 2006 زار امير قطر و وفد مرافق له طهران و تقابل مع نجاد و خامنئي و رفسنجاني و عبر الامير من طهران حق ايران في الحصول على البرامج النووية السلمية و اكد على عمق العلاقات بين البلدين!!! - الراية القطرية 3-5-2006- و تبادلت الزيارات و الاتصلات بكثافة منذ هذه الزيارة و حتى الان ففي يوم الاربعاء 28/6/2006 نشرت الراية القطرية ان رئيس الغرفة التجارية القطرية يبحث مع السفير الإيراني تفعيل التعاون بين رجال الأعمال في البلدين و في الاربعاء 29/11/2006 الصحافة القطرية تبشر العرب بانه هناك افتتاح اسطوري للاسيان و ان أحمدي نجاد - شخصياً سيحضر الحفل - يوم الخميس 30/11/2006 نشرت الراية القطرية أن حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدي بعث امس ببرقية تعزية ومواساة الي فخامة الرئيس محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية بضحايا حادث تحطم الطائرة العسكرية و كذلك فعل ولي العهد. في يوم السبت 2/12/2006 و وفق الراية القطرية حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدي التقى بفندق الريتزكارلتون ظهر أمس فخامة الرئيس محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية0 كما التقي سمو الأمير المفدي أخاه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية وتم خلال اللقاءين استعراض علاقات التعاون بين دولة قطر وكل من ايران واليمن والسبل الكفيلة بدعمها وتنميتها0
الاحد 24/12/2006 حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدي تلقى اتصالا هاتفيا أمس من فخامة الرئيس محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وتم خلال الاتصال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع في المنطقة - الراية القطرية.
و كذلك نشرت وسائل الاعلام القطرية تأكيد امير قطر لنجاد ان ايران لن تكون طرفاً في أي هجوم يؤثر على الامن في الخليج و اعتبر ان ضرب ايران يهدد أمن الخليج - اي انه لن يكون طرفا في ضرب ايران - و الذي بلغ الرسالة هو النائب الاول - الراية القطرية الاثنين 22/1/2007.
و كذلك نشرت القدس العربي 15/3/2007 نقلا من رويتر على لسان وزير الخارجية القطري أن قطر لن تشارك في أي عمل ضد ايران.
هذه ايضا احدى التناقضات الكبيرة كل هذه العلاقات و الاتصالات و المواقف و الزيارات بين قطر و ايران العدو الاكبر لاسرائيل و امريكا و العلاقات بين أمريكا و اسرائيل و قطر فوق الممتازة ماذا يعني هذا انه يحتاج الى تفسير و تحليل لحل هذه الشفرة الغريبة الا انه لا يمكن اعتبار ذلك من التناقضات فالدول تعمل لصالحها و لا تريد ان تخسر كل الاوراق و لكنها تحاول ان تحافظ على هامش من العلاقات و التي ربما قد تنفعها في يوم ما و قد تكون هذه التناقضات مقبولة.
و لكن يرى البعض كيف لقطر التي تستضيف القيادة المركزية الوسطي للقوات الامريكية المعروفة اختصارا باسم سينتكوم كيف يمكن لها ان لا تمنع أي هجوم على أيران أو غير ايران؟ و لماذا تسمح قطر لضرب افغانستان و العراق من أراضيها ثم فجأة تستأسد و تمنع امريكا من ضرب ايران! قطر التي تلعب على جميع الحبال و تتلون بجميع الالوان - بغض النظر عن أخذ عامل المصلحة في الاعتبار - كيف ستتجرأ على هذا. ان هذا ظاهريا يوحي بعدم امكانية القيام بضربة امريكية على ايران الا أن واينبرجر وضح في مؤلفه ان امريكا ستنسحب من المنطقة قبل هذه الضربة و ان أمريكا حين تهم بضرب ايران ستحشد قواتها بسرعة من اماكن أخرى كتركيا مثلا و كذلك من الممكن استخدام الطيران الاسرائيلي. أقصد من هذا ان الورقة التي تلعب بها قطر اليوم بوجود هذا المقر الامريكي سابق وسئ الذكر ستزول. و بالتالي لن يكون أمام قطر الا الرضوخ و الاستسلام لجيش الفاتحين الايراني
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
في الليلة الأولى من ليال شهر ديسمبر 2006 شهد العالم ما لم يشاهده على مدار عشرات السنين، شاهد التكنولوجيا و الفن و الثقافة و الرياضة و العلم، لقد تعرف العالم كله على نجم جديد بزغ بكل قوة و من المنتظر أن ينطلق، لقد قالتها عالية ..................................................
هنــــــــــــــــــــــا قطر!!!!!!!!!!!.
هذا الحفل الاسطوري لأولمبياد الاسيان الذي وصفته الراية القطرية بانه سينسي العالم افتتاح اولمبياد سيدني كان بمثابه نقلة نوعية مقصودة صرفت من أجلها ملايين الدولارات و تم التجهيز لها لمدة ثلاث سنوات. لماذا كل هذا في منطقة تقف فوق بركان؟ لماذا كل هذا و دولة قريبة منها تحت نير الاحتلال؟ اليس هذا من المفارقات الغريبة و وفق المثل الشعبي المصري - ناس هايصة و ناس لايصة - المهم أن العديد من رؤساء العالم حضروا حفل الافتتاح منهم على سبيل المثال الرئيس بشار الأسد و الرئيس أحمدي نجاد.
العلاقات الظاهرية بين قطر و ايران ممتازة ففي عام 2000 زار امير قطر ايران و كانت هذه هي أول زيارة لحاكم خليجي لايران منذ اكثر من عشرين عاما و تم هذا اللقاء بين أمير قطر و خاتمي حيث تم تبادل العديد من الزيارات بين مسئولين حكوميين من البلدين، وتوقيع بعض الاتفاقيات. وكان أبرز هذه الزيارات زيارة الرئيس خاتمي إلى الدوحة في قبل هذه الزيارة ضمن جولته العربية الأولى. وتأتي زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني استجابة لدعوة خاتمي له لزيارة طهران - انظر اسلام أون لاين يوليو 2000-و قد تم ابرام بعض الاتفاقيات في جميع المجالات وعلى صعيد التعاون المتبادل بين البلدين يأتي مشروع نقل مياه الشرب من نهر كارون الإيراني إلى قطر، الذي تتوافر له الإمكانيات الأولية للتنفيذ، لا سيما بعد نجاح التجربة الإيرانية في مد أنابيب فولاذية وخراسانية تحت الأرض لمسافة 180 كم.
و في شهر مايو من العام الماضي 2006 زار امير قطر و وفد مرافق له طهران و تقابل مع نجاد و خامنئي و رفسنجاني و عبر الامير من طهران حق ايران في الحصول على البرامج النووية السلمية و اكد على عمق العلاقات بين البلدين!!! - الراية القطرية 3-5-2006- و تبادلت الزيارات و الاتصلات بكثافة منذ هذه الزيارة و حتى الان ففي يوم الاربعاء 28/6/2006 نشرت الراية القطرية ان رئيس الغرفة التجارية القطرية يبحث مع السفير الإيراني تفعيل التعاون بين رجال الأعمال في البلدين و في الاربعاء 29/11/2006 الصحافة القطرية تبشر العرب بانه هناك افتتاح اسطوري للاسيان و ان أحمدي نجاد - شخصياً سيحضر الحفل - يوم الخميس 30/11/2006 نشرت الراية القطرية أن حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدي بعث امس ببرقية تعزية ومواساة الي فخامة الرئيس محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية بضحايا حادث تحطم الطائرة العسكرية و كذلك فعل ولي العهد. في يوم السبت 2/12/2006 و وفق الراية القطرية حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدي التقى بفندق الريتزكارلتون ظهر أمس فخامة الرئيس محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية0 كما التقي سمو الأمير المفدي أخاه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية وتم خلال اللقاءين استعراض علاقات التعاون بين دولة قطر وكل من ايران واليمن والسبل الكفيلة بدعمها وتنميتها0
الاحد 24/12/2006 حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدي تلقى اتصالا هاتفيا أمس من فخامة الرئيس محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وتم خلال الاتصال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع في المنطقة - الراية القطرية.
و كذلك نشرت وسائل الاعلام القطرية تأكيد امير قطر لنجاد ان ايران لن تكون طرفاً في أي هجوم يؤثر على الامن في الخليج و اعتبر ان ضرب ايران يهدد أمن الخليج - اي انه لن يكون طرفا في ضرب ايران - و الذي بلغ الرسالة هو النائب الاول - الراية القطرية الاثنين 22/1/2007.
و كذلك نشرت القدس العربي 15/3/2007 نقلا من رويتر على لسان وزير الخارجية القطري أن قطر لن تشارك في أي عمل ضد ايران.
هذه ايضا احدى التناقضات الكبيرة كل هذه العلاقات و الاتصالات و المواقف و الزيارات بين قطر و ايران العدو الاكبر لاسرائيل و امريكا و العلاقات بين أمريكا و اسرائيل و قطر فوق الممتازة ماذا يعني هذا انه يحتاج الى تفسير و تحليل لحل هذه الشفرة الغريبة الا انه لا يمكن اعتبار ذلك من التناقضات فالدول تعمل لصالحها و لا تريد ان تخسر كل الاوراق و لكنها تحاول ان تحافظ على هامش من العلاقات و التي ربما قد تنفعها في يوم ما و قد تكون هذه التناقضات مقبولة.
و لكن يرى البعض كيف لقطر التي تستضيف القيادة المركزية الوسطي للقوات الامريكية المعروفة اختصارا باسم سينتكوم كيف يمكن لها ان لا تمنع أي هجوم على أيران أو غير ايران؟ و لماذا تسمح قطر لضرب افغانستان و العراق من أراضيها ثم فجأة تستأسد و تمنع امريكا من ضرب ايران! قطر التي تلعب على جميع الحبال و تتلون بجميع الالوان - بغض النظر عن أخذ عامل المصلحة في الاعتبار - كيف ستتجرأ على هذا. ان هذا ظاهريا يوحي بعدم امكانية القيام بضربة امريكية على ايران الا أن واينبرجر وضح في مؤلفه ان امريكا ستنسحب من المنطقة قبل هذه الضربة و ان أمريكا حين تهم بضرب ايران ستحشد قواتها بسرعة من اماكن أخرى كتركيا مثلا و كذلك من الممكن استخدام الطيران الاسرائيلي. أقصد من هذا ان الورقة التي تلعب بها قطر اليوم بوجود هذا المقر الامريكي سابق وسئ الذكر ستزول. و بالتالي لن يكون أمام قطر الا الرضوخ و الاستسلام لجيش الفاتحين الايراني
لتكن البحرين البداية، لماذا؟!!!
دائما ما كنت أتسائل و يتسائل غيري لماذا يكثر المحللون السياسيون و المختصون بالشأن الجاري في منطقة الخليج من جعل البحرين هي المنطلق للحرب الايرانية الامريكية العربية في المنطقة فبحثت في صفحات التاريخ فوجدت أن ايران - فارس - كانت قد احتلت البحرين في مطلع القرن السابع الميلادي و بسط سيطرتها و نفوذها عليها و لكن لم تطول مدة الحكم الفارسي للبحرين اذ تصدى لهم المسلمون على يد المجاهد المسلم العلاء بن الحضرمي و تم تحرير البحرين من حكم الفرس و كان ذلك في عام 628م و ظلت تحت حكم الاسلام في ظل الخلافة الراشدة ثم الاموية ثم العباسية.
في نهاية العام الثالث للهجرة قامت حركة القرامطة، وسيطروا على البحرين، وجعل من الإحساء عاصمة لها. و ثبت القرامطة في حروبهم حتى هزموا من قبل العباسيين عام 976.
و يجب الاشارة هنا الى قيام مجموعه من الثورات و الاضرابات قبل القرامطة تتمثل في حكم الزنج من 863 الى 883 و بعد القرامطة كذلك تتمثل في البوهيون من 1080 الى 1058 و كلهم بلا شك على صلة وثيقة بايران.
وفي القرن السادس للهجرة، احتل الإمبراطور المغولي جنكيز خان البحرين، ومن ثم هولاكو خان، لحوالي مائة عام، حين تحررت البحرين من حكم المغول لها. قامت البرتغال اثناء حروبها التوسعية باحتلال البحرين من العام 1521 الى 1602 حيث تمكن الصفويون من هزيمتهم و كان ذلك في عهد الشاه عباس الاول و الذي جعل البحرين ضمن الامبراطورية الصفوية مع ملاحظة انه خلال حكم الصفويون من 1602 الى 1783م لم يكن الحكم فارسي مباشر و انما كان من قبل حكام عرب يتبعون دولة الفرس اسما.
استطاع عرب العتوب بقيادة آل خليفة إخراج الإيرانيين من جزيرة البحرين، وأقاموا فيها إمارة شبه مستقلة، وقد هاجر العتوب من الكويت، واستقروا على ساحل قطر المواجه للبحرين (الزبارة) ودخلوا في معارك طويلة مع الإيرانيين، ولكنهم انتصروا عليهم نهائيا عام 1783، وقد تحالفت معهم قبائل قطرية، مثل آل مسلم من الحويلة، وآل بن علي من الفويرط، وآل سودان من الدوحة، وآل بو عينين من الوكرة، والقبيسات من العديد، وآل السليط من الدوحة، والمنانعة من أبو الظلوف، والسادة من داخل قطر. وتحولت البحرين من مستعمرة إيرانية إلى إمارة عربية يحكمها شيوخ آل خليفة من العتوب، وبنوا أسطولا تجاريا مهما، وازدهرت تجارة اللؤلؤ، وحركة نقل البضائع.
في عام 1820 كانت بريطانيا قد بدأت باستعمار الخليج و أخذت ايران تطالب بملكية البحرين اعتبارا من عام 1832 و تكررت المطالبات حتى عام 1840 الا أن بريطانيا لم تحقق لها ما تريده. في عام 1868 وقعت بريطانيا معاهدة مع الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وكان شيخ آل خليفة هو محمد بن خليفة، ولكنه فر إلى قطر خوفا من البريطانيين، وقد بدأت بريطانيا في تلك الفترة سلسلة من المعاهدات مع شيوخ القبائل المسيطرة على ساحل الخليج، حتى إنه كان يسمى الساحل المعاهد.
وفي 1869 تولى الشيخ عيسى بن علي الإمارة، وأجرى في عام 1897 تنظيما لانتقال الحكم في ذريته، وعين ابنه الشيخ حمد وليا للعهد، ووثق ذلك في وثيقة وقع عليها عدد كبير من وجهاء البحرين، وطلب أيضا مصادقة الحكومة البريطانية على ذلك، واعترفت حكومة الهند البريطانية بتنصيب الشيخ حمد وليا للعهد، وصدقت الحكومة البريطانية المركزية، ولكنها تأخرت في إبلاغ الشيخ عيسى حتى عام 1901 لأنها كانت تريد من الشيخ عيسى ملاحقة بعض الشيوخ والقبائل المزعجة لبريطانيا. وظل الحكم ينتقل سلميا في أبنائة حتى اليوم.
في عام 1957 اعلنت ايران من جانبها الحاق البحرين بالتقسيمات الادارية لايران معتبرة اياها المحافظة الرابعة عشر. و لم تتوقف ايران عند ذلك الحد بل خصصت مقعدين في برلمانها لعضوين بحرنيين - موالين لها بالطبع - في هذا البرلمان مع عدم اعتراف ايران بجوازات السفر البحرينية.
استمرت الضغوط الايرانية على البحرين حتى الاستفتاء الشعبي الذي صادق عليه مجلس الامن باستقلال البحرين و قبلت ايران مرغمة ذلك الا أنها تعنتت في موقفها من الجزر الثلاث كم اشرنا فيما مضى.
هذا مختصر من تاريخ البحرين مع العلم ان المؤلفات التي تناولت التاريخ المعاصر في هذه المنطقة نادرة جداً مع وجود بعض التناقضات ايضا في التواريخ و الاحداث الا أن ما ذكرناه فيه كفاية و الحمد لله. و ما يعنينا هنا أن الاطماع الايرانية في البحرين قديمة جدا قبل دخول الاسلام و بعده و حتى في تاريخنا المعاصر و لا يقولن أحد أن ايران الان تغيرت و ان الاطماع الشاهنشاهية و البهلوية انتهت بقدوم الثورة الاسلامية و انه لا اطماع البته لايران في البحرين و لا بقية دول الخليج - و سوف نؤجل الاجابة على هذا التساؤل الذي سيأتي في مكانه عندما نتناول ألاطوار المختلفة التي مرت بها ايران و سوف نثبت انه لا فرق بين هذه الاطوار في الاهداف الاستراتيجية العظمى حتى لو تم استبدال التاج بعمامة!!!!
و لو نظرنا لطبيعة البحرين الجغرافية نجدها تتكون من مجموعة من الجزر يبلغ 33جزيرة أكبرها جزيرة البحرين وهي أكثر جزر الأرخبيل، إذ يبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب 30 ميلا، ويبلغ عرضها من الشرق إلى الغرب 10 أميال تقريبا، وتبعد عن ساحل المملكة العربية السعودية 12 ميلا تقريبا، بينما تبعد عن إيران 180 . و هي بذلك تمثل موقعا هاما يشرف على سواحل الدول الخليجية المعارضة للنظام الايراني و بذلك تكون كالشوكة في الحلق بالنسبة لباقي دول الخليج و كذلك حتى تحكم سيطرتها على حركة السفن العابرة من مضيق هرمز هذا و ناهيك عن النفط أفيون الدول الغربية و الذي من اجله تقام الحروب و تزهق الانفس.
تظن ايران ان البحرين صغيرة المساحة قليلة العدد ستكون لقمة سائغة لها و ان العناصر التي تتواجد في البحرين و توالي ايران سيسهلون كثيراً من مهمة الحرس الثوري الايراني في احتلال البحرين مما يقلل بشكل كبير من الخسارة في القوات المهاجمة و بالتالي تحقق ايران نصراً سريعاً حاسماً بأقل الخسائر الممكنة و هذا بالتالي سيرفع من معنويات المقاتلين الايرانيين فايران تدرك ان المعركة قد تطول رحاها و احراز انتصار سهل في البداية هام جداً و الذي بدوره سيدفع هؤلاء المقاتلين من اكمال المهمة لاحتلال باقي بلاد العرب و من ثم مواجهة قوات الشيطان الاكبر.
ليس ذلك فقط بل ان الاحتلال السريع للبحرين سيحبط من معنويات العرب و ربما يحدث عندهم نقمة على حكوماتهم فيخرجون عليها بالاضرابات و الانقلابات فتعم الفوضى - التي ستدفعها ايران دفعاً داخل هذه الدول - مما يؤدي في النهاية الى انهيار هذه الدول من الداخل لتكمل ايران مهمتها بسلام.
اذا هناك اربعة اسباب تجعل البحرين هي الهدف الاول لايران الا و هي البعد التاريخي و الاقتصادي و المعنوي و التحريضي و هذا لا يتوفر في أي دولة أخرى من دول الخليج مما يجعل هناك مخاطرة كبيرة في البدء بغير البحرين.
و لكن ماذا عن الموقف البحريني الحالي؟ في حوار اجرته الحياه اللندنية مع وزير الدفاع البحريني يوم 18/3/2007 شدد على أن البحرين ودول الخليج قادرة على رد أي عدوان من جانب إيران أو أي قوة أخرى، مشيراً إلى أنها «سترد بقوة للدفاع عن نفسها» في حال أصبحت طهران سبباً في وقف تدفق النفط أو الإخلال بخطوط الملاحة. و قال في نفس الحوار - إيران تشير إلى مضيق هرمز، وتهدد خطوط الملاحة والدول التي فيها قواعد (أميركية). غير أن القواعد الموجودة عندنا لا تستهدف إيران، والجميع يعلم أن التعاون بيننا وبين الولايات المتحدة عمره أكثر من 55 عاماً، أي لا علاقة له بالشأن الإيراني، بل انه يرتبط بالعلاقة الاستراتيجية لحماية النفط، وإذا أصبحت إيران المصدر الرئيسي لوقف هذه السلعة أو الإخلال بخطوط الملاحة، فإن البحرين ودول الخليج سترد بقوة للدفاع عن نفسها. كما انه اشار الى صفقات اسلحة متنوعة تحاول البحرين شرائها. هذا التصريح يوضح مدى التخوف البحريني من ان ايران تنوي فعل شئ ما في المنطقة و انها ستكون اول المتضررين من ذلك فهل هذه المخاوف تاتي عبثاً ام ورائها ما ورائها؟؟؟
دائما ما كنت أتسائل و يتسائل غيري لماذا يكثر المحللون السياسيون و المختصون بالشأن الجاري في منطقة الخليج من جعل البحرين هي المنطلق للحرب الايرانية الامريكية العربية في المنطقة فبحثت في صفحات التاريخ فوجدت أن ايران - فارس - كانت قد احتلت البحرين في مطلع القرن السابع الميلادي و بسط سيطرتها و نفوذها عليها و لكن لم تطول مدة الحكم الفارسي للبحرين اذ تصدى لهم المسلمون على يد المجاهد المسلم العلاء بن الحضرمي و تم تحرير البحرين من حكم الفرس و كان ذلك في عام 628م و ظلت تحت حكم الاسلام في ظل الخلافة الراشدة ثم الاموية ثم العباسية.
في نهاية العام الثالث للهجرة قامت حركة القرامطة، وسيطروا على البحرين، وجعل من الإحساء عاصمة لها. و ثبت القرامطة في حروبهم حتى هزموا من قبل العباسيين عام 976.
و يجب الاشارة هنا الى قيام مجموعه من الثورات و الاضرابات قبل القرامطة تتمثل في حكم الزنج من 863 الى 883 و بعد القرامطة كذلك تتمثل في البوهيون من 1080 الى 1058 و كلهم بلا شك على صلة وثيقة بايران.
وفي القرن السادس للهجرة، احتل الإمبراطور المغولي جنكيز خان البحرين، ومن ثم هولاكو خان، لحوالي مائة عام، حين تحررت البحرين من حكم المغول لها. قامت البرتغال اثناء حروبها التوسعية باحتلال البحرين من العام 1521 الى 1602 حيث تمكن الصفويون من هزيمتهم و كان ذلك في عهد الشاه عباس الاول و الذي جعل البحرين ضمن الامبراطورية الصفوية مع ملاحظة انه خلال حكم الصفويون من 1602 الى 1783م لم يكن الحكم فارسي مباشر و انما كان من قبل حكام عرب يتبعون دولة الفرس اسما.
استطاع عرب العتوب بقيادة آل خليفة إخراج الإيرانيين من جزيرة البحرين، وأقاموا فيها إمارة شبه مستقلة، وقد هاجر العتوب من الكويت، واستقروا على ساحل قطر المواجه للبحرين (الزبارة) ودخلوا في معارك طويلة مع الإيرانيين، ولكنهم انتصروا عليهم نهائيا عام 1783، وقد تحالفت معهم قبائل قطرية، مثل آل مسلم من الحويلة، وآل بن علي من الفويرط، وآل سودان من الدوحة، وآل بو عينين من الوكرة، والقبيسات من العديد، وآل السليط من الدوحة، والمنانعة من أبو الظلوف، والسادة من داخل قطر. وتحولت البحرين من مستعمرة إيرانية إلى إمارة عربية يحكمها شيوخ آل خليفة من العتوب، وبنوا أسطولا تجاريا مهما، وازدهرت تجارة اللؤلؤ، وحركة نقل البضائع.
في عام 1820 كانت بريطانيا قد بدأت باستعمار الخليج و أخذت ايران تطالب بملكية البحرين اعتبارا من عام 1832 و تكررت المطالبات حتى عام 1840 الا أن بريطانيا لم تحقق لها ما تريده. في عام 1868 وقعت بريطانيا معاهدة مع الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وكان شيخ آل خليفة هو محمد بن خليفة، ولكنه فر إلى قطر خوفا من البريطانيين، وقد بدأت بريطانيا في تلك الفترة سلسلة من المعاهدات مع شيوخ القبائل المسيطرة على ساحل الخليج، حتى إنه كان يسمى الساحل المعاهد.
وفي 1869 تولى الشيخ عيسى بن علي الإمارة، وأجرى في عام 1897 تنظيما لانتقال الحكم في ذريته، وعين ابنه الشيخ حمد وليا للعهد، ووثق ذلك في وثيقة وقع عليها عدد كبير من وجهاء البحرين، وطلب أيضا مصادقة الحكومة البريطانية على ذلك، واعترفت حكومة الهند البريطانية بتنصيب الشيخ حمد وليا للعهد، وصدقت الحكومة البريطانية المركزية، ولكنها تأخرت في إبلاغ الشيخ عيسى حتى عام 1901 لأنها كانت تريد من الشيخ عيسى ملاحقة بعض الشيوخ والقبائل المزعجة لبريطانيا. وظل الحكم ينتقل سلميا في أبنائة حتى اليوم.
في عام 1957 اعلنت ايران من جانبها الحاق البحرين بالتقسيمات الادارية لايران معتبرة اياها المحافظة الرابعة عشر. و لم تتوقف ايران عند ذلك الحد بل خصصت مقعدين في برلمانها لعضوين بحرنيين - موالين لها بالطبع - في هذا البرلمان مع عدم اعتراف ايران بجوازات السفر البحرينية.
استمرت الضغوط الايرانية على البحرين حتى الاستفتاء الشعبي الذي صادق عليه مجلس الامن باستقلال البحرين و قبلت ايران مرغمة ذلك الا أنها تعنتت في موقفها من الجزر الثلاث كم اشرنا فيما مضى.
هذا مختصر من تاريخ البحرين مع العلم ان المؤلفات التي تناولت التاريخ المعاصر في هذه المنطقة نادرة جداً مع وجود بعض التناقضات ايضا في التواريخ و الاحداث الا أن ما ذكرناه فيه كفاية و الحمد لله. و ما يعنينا هنا أن الاطماع الايرانية في البحرين قديمة جدا قبل دخول الاسلام و بعده و حتى في تاريخنا المعاصر و لا يقولن أحد أن ايران الان تغيرت و ان الاطماع الشاهنشاهية و البهلوية انتهت بقدوم الثورة الاسلامية و انه لا اطماع البته لايران في البحرين و لا بقية دول الخليج - و سوف نؤجل الاجابة على هذا التساؤل الذي سيأتي في مكانه عندما نتناول ألاطوار المختلفة التي مرت بها ايران و سوف نثبت انه لا فرق بين هذه الاطوار في الاهداف الاستراتيجية العظمى حتى لو تم استبدال التاج بعمامة!!!!
و لو نظرنا لطبيعة البحرين الجغرافية نجدها تتكون من مجموعة من الجزر يبلغ 33جزيرة أكبرها جزيرة البحرين وهي أكثر جزر الأرخبيل، إذ يبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب 30 ميلا، ويبلغ عرضها من الشرق إلى الغرب 10 أميال تقريبا، وتبعد عن ساحل المملكة العربية السعودية 12 ميلا تقريبا، بينما تبعد عن إيران 180 . و هي بذلك تمثل موقعا هاما يشرف على سواحل الدول الخليجية المعارضة للنظام الايراني و بذلك تكون كالشوكة في الحلق بالنسبة لباقي دول الخليج و كذلك حتى تحكم سيطرتها على حركة السفن العابرة من مضيق هرمز هذا و ناهيك عن النفط أفيون الدول الغربية و الذي من اجله تقام الحروب و تزهق الانفس.
تظن ايران ان البحرين صغيرة المساحة قليلة العدد ستكون لقمة سائغة لها و ان العناصر التي تتواجد في البحرين و توالي ايران سيسهلون كثيراً من مهمة الحرس الثوري الايراني في احتلال البحرين مما يقلل بشكل كبير من الخسارة في القوات المهاجمة و بالتالي تحقق ايران نصراً سريعاً حاسماً بأقل الخسائر الممكنة و هذا بالتالي سيرفع من معنويات المقاتلين الايرانيين فايران تدرك ان المعركة قد تطول رحاها و احراز انتصار سهل في البداية هام جداً و الذي بدوره سيدفع هؤلاء المقاتلين من اكمال المهمة لاحتلال باقي بلاد العرب و من ثم مواجهة قوات الشيطان الاكبر.
ليس ذلك فقط بل ان الاحتلال السريع للبحرين سيحبط من معنويات العرب و ربما يحدث عندهم نقمة على حكوماتهم فيخرجون عليها بالاضرابات و الانقلابات فتعم الفوضى - التي ستدفعها ايران دفعاً داخل هذه الدول - مما يؤدي في النهاية الى انهيار هذه الدول من الداخل لتكمل ايران مهمتها بسلام.
اذا هناك اربعة اسباب تجعل البحرين هي الهدف الاول لايران الا و هي البعد التاريخي و الاقتصادي و المعنوي و التحريضي و هذا لا يتوفر في أي دولة أخرى من دول الخليج مما يجعل هناك مخاطرة كبيرة في البدء بغير البحرين.
و لكن ماذا عن الموقف البحريني الحالي؟ في حوار اجرته الحياه اللندنية مع وزير الدفاع البحريني يوم 18/3/2007 شدد على أن البحرين ودول الخليج قادرة على رد أي عدوان من جانب إيران أو أي قوة أخرى، مشيراً إلى أنها «سترد بقوة للدفاع عن نفسها» في حال أصبحت طهران سبباً في وقف تدفق النفط أو الإخلال بخطوط الملاحة. و قال في نفس الحوار - إيران تشير إلى مضيق هرمز، وتهدد خطوط الملاحة والدول التي فيها قواعد (أميركية). غير أن القواعد الموجودة عندنا لا تستهدف إيران، والجميع يعلم أن التعاون بيننا وبين الولايات المتحدة عمره أكثر من 55 عاماً، أي لا علاقة له بالشأن الإيراني، بل انه يرتبط بالعلاقة الاستراتيجية لحماية النفط، وإذا أصبحت إيران المصدر الرئيسي لوقف هذه السلعة أو الإخلال بخطوط الملاحة، فإن البحرين ودول الخليج سترد بقوة للدفاع عن نفسها. كما انه اشار الى صفقات اسلحة متنوعة تحاول البحرين شرائها. هذا التصريح يوضح مدى التخوف البحريني من ان ايران تنوي فعل شئ ما في المنطقة و انها ستكون اول المتضررين من ذلك فهل هذه المخاوف تاتي عبثاً ام ورائها ما ورائها؟؟؟
الكويت و اليمن - الجار القريب و البعيد!!!!!!
لا يمكن انكار الدور الكبير الذي قامت به الكويت في مساعدة المناوئين لصدام حسين- و غالبيتهم كما لا يخفي على أحد سمع ايران وبصرها بل و يدها التي تبطش بها- و كيف كان هذا الدور حيوي و فعال في تحقيق أهدافهم، و لا يمكن كذلك تجاهل التحول في المواقف من العداء السابق لهم الى التحالف القوي معهم؟ انها نفس القاعدة الفاسدة التي تلعب بها معظم الانظمة الرسمية و المعارضة العربية!يقول الكاتب احمد الربعي و هو ينعي باقر الحكيم في جريدة الشرق الاوسط بتاريخ 30 اغسطس 2003 العدد 9041 في سنوات غربته الأخيرة كان محمد باقر الحكيم يقضي العشر الأواخر من رمضان في الكويت في كل عام. وكان في كل مجلس يدعى اليه يكرر دعوته لأن يحتفل برمضان القادم في بغداد!! في الاسبوع الثاني للحرب في العراق تحدثت معه عبر الهاتف وكان في العاصمة الايرانية طهران واذكر انه قال «هذه المرة سنحتفل برمضان في بغداد ان شاء الله» وقلت ان شاء الله!! و طبعاً رثاه الكاتب بكلمات مؤثرة! و لكن ليس المهم ذلك و انما هذا يؤكد صحة ما ذهبنا اليه.
و بخصوص حزب الدعوة (فقد أتهمّ حزب الدعوة العراقي في الثمانينات بمحاولة إغتيال ملك الكويت جابر الصباح في وضح النهار وجرى إعتقال عشرات الدعاة ثبت للأجهزة الأمنية الكويتية أنّ حزب الدعوة تورطّ في محاولة إغتيال الملك الكويتي كردّة فعل على تسليم بعض الدعاة الذين كانوا في الكويت للسلطات العراقية التي كانت تربطها بالكويت في ذلك الوقت أوج الأواصر والعلاقات، وقد حاول حزب الدعوة إسترجاع مناضليه بخطف طائرة كويتية إنتهت بصفقة سياسية معروفة.
وإلى ما قبل الغارة الصدامية المشؤومة على الكويت كانت العلاقات متوترة بين الكويت وحزب الدعوة و الذي كان مدرجا في القائمة السوداء حيث فرّ رجالات حزب الدعوة العراقي من الكويت وتوجهّوا إلى لبنان وسوريا و إيران وأوروبا، و تعاطت الأجهزة الأمنية مع رجالات حزب الدعوة تماما كما تعاطت الأجهزة الأمنية البعثية مع عناصر حزب الدعوة الذين كان محكوما عليهم بالإعدام و أعدم المئات منهم بدءا بمؤسس حزب الدعوة المفكرّ والمرجع محمد باقر الصدر ومرورا بالشيخ عارف البصري رحمه الله إلى آخر عنصر في تنظيم الدعوة الذي تشتت بعد ذلك في إيران ولبنان وسوريا وأوروبا.
ويروي بعض عناصر حزب الدعوة الذين سجنوا في الكويت عقب محاولة إغتيال ملك الكويت الشيخ جابر الصباح والذين تمكنوا من الوصول إلى لبنان عقب إطلاق سراحهم أنّهم عذبوا عذابا نكرا لا يقدر عليه أصلب الرجال، و أكدّ هؤلاء عن وجود تنسيق كبير بين الأمن البعثي العراقي والأمن الكويتي في ذلك الوقت.
و بعد الغارة الصدامية المشؤومة على الكويت تقاربت المسافة السياسية بين الكويت وحزب الدعوة، و إحتضنت الكويت مجددا حزب الدعوة و أمدته بكل أسباب العون المادي واللوجستي، وتمّ فتح صفحة جديدة بينهما، حيث تأكدّ للكويت أنّ الخطر الحقيقي عليه هو الطاغية صدام حسين وليس معارضيه الذين ذاقوا الأمريّن على يديه)- انتهى - يحيي ابو زكريا موقع ايلاف 20 يونيو 2005.
لو أردنا العودة الى محور موضوعنا لنجد ان الكويت و غيرها تقدم الخدمات المجانية لايران بقصد أو بدون قصد و كما كتبنا في موضوعنا هذا عند التحدث عن قطر ان التناقضات أحياناً قد تكون مقبولة على الاقل من وجهة نظر القائمين بها، و يكفي الكويت غزو العراق له لان يشعل براكين الحقد و يكون مسوغاً للتحالف حتى مع الشيطان من اجل الانتقام فقد يكون هذا كما سبق القول مقبولاً.............
و طبعا لا يمكن لايران ان تفرط في الكويت و لا يمكن حتى للعراق الجديد ان يفرط فيها و ربما سيأتي من يقول من سادة العراق الجدد ان الكويت تابعة لهم، لقد كان هذا مخطط له الا ان الوضع العراقي الذي فاجأ الجميع حال دون ذلك. و كما عرضنا فان واينبرجر لم يصرح في حربه المفترضة ان ايران ستحتل الكويت و انما أوجد بعض المضايقات على حركة الملاحة الكويتية و هذا طبعا وارد الا ان الطمع الايراني لا يمكن ان يتوقف عند هذا الحد و الا فلماذا كل هذه الاعدادات الايرانية الجارية في الكويت لمثل هذا اليوم الموعود؟! لا تتعجبوا فربما قد سبقت الاحداث و لكن هذا ما سنبينه في حينه باذن الله.
و قبل أن نختم هذا القسم المتعلق بقرأة الاوراق العربية في المنطقة و بعد مناقشة الاحوال القائمة و المتوقعة لبعض دول المنطقة - باختصار طبعا - لم يتبق لنا الا اليمن و التي قد يعتقد البعض انها بعيدة نوعا ما عن الاحداث الا ان السيطرة و النفوذ لا يمكن ان يكتمل بدون اليمن علاوة على ذلك فان البوارج الامريكية المرابطة قبالة السواحل اليمنية تمثل إرثا لا يمكن لايران ان تفرط فيه لاكمال مخططها بانشاء امبراطورية تكون وريثة للامبراطورية الامريكية القائمة و بذلك تغلق ايران البحر الاحمر باكملة - بالسيطرة على اليمن - و هذا طبعا عمل عسكري لوجيستي يفيدها كثيرا في حروبها المتوقعة.عموما الاحداث في اليمن و الخلفية الامامية لليمن كل هذه الامور لا يمكن تجاهلها بالرغم من اننا في هذه العجالة لا نريد الاستطراد فيها.
<<<<<<<<<<تنبيــــــــــــــه هــــــــــام>>>>>>>>>
بهذا يا اخواني نكون قد انتهينا من دراسة الواقع العربي الذي من المفترض انه سيمثل ميدان المعركة و سوف نبدأ بمشيئة الله بداية من الحلقة القادمة دراسة معمقة عن ايران منذ القدم لنستخرج منها معالم التطور الايراني و الاهداف الاستراتيجية لها و نعرج كذلك على الاطوار التي مرت بها ايران و التي تتشابه في كثير من الامور رغم اختلاف مسمياتها و سوف نوضح كذلك لكم كيف تجهز ايران لهذه المعركة التي اعتبرها فاصلة بالنسبة لايران و التي تمثل كذلك الحصاد لما سبق و ان بذرته ايران في تربة وطننا الحبيب مبينين كذلك تعانق المشروع الايراني الغربي الصهيوني الذي يتكالب على امتنا تكالب الاكلة على قصعتها فاعيروني سمعكم و انتباهكم و لا تبخلوا علي بصبركم - و انني اشهد الله انني أخذت على نفسي عهدا الا أناقش امورا قد يعتبرها البعض طائفية أو تحريضية أو غير ذلك -و أسألكم بالله من وجد مني هذا فلينبهني اليه- و انما هو حوار سياسي صرف و ليس ديني و لكل مقام مقال فارجو الا يُحمل كلامي ما لا يتحمله و كل ما أكتبه مفتوح للنقاش الهائ فالمقصود هو الخروج بقناعات من شأنها ان تحرك الوعي العربي لما هو منوط به للقيام بواجبه في هذه الفترة الحاسمة التي يعيشها.
التاريخ الايراني في محاولة لفهم ايران اليوم فلا يمكن فصل الفروع عن الجذور و لا يمكن كذلك اعتبار ان التاريخ مر و انتهى فهذا خطأ كبير و بالطبع نحن نؤمن ان التاريخ لا يعيد نفسه و انما يعيده الله للاعتبار به و أخذ الحيطة و الحذر في التعامل مع مكوناته و انني اذا أعرض هذا التاريخ المختصر لايران منذ أقدم العصور قد عانيت كثيراً في جمع المصادر و ترجمتها و الربط بينها و عرضها عليكم مذلله ميسرة فانني أسأل الله عز وجل أن يكون ذلك خالصاً لوجهه الكريم و لا نبغي من وراء ذلك الا تبيان الحقيقة و اظهار ما خفي عن الكثيرين من اظهار الوجه الاخر لايران الاسلامية التي لازالت تتشبث بأصلها و لا تريد الانفصال عنه و الان الى الشروع في المقصود و الله الموفق:أولاً: ايران قبل الميلاد:
تعتبر ايران من اقدم دول العالم اذ يمتد تاريخها الى حوالي الخمسة الاف سنة. تقع في نقطة اتصال استراتيجية في منطقة الشرق الاوسط من جنوب شرق اسيا. وقد تم العثور على اثار لوجود الانسان تعود الى العصر الحجري القديم الاسفل على الهضبة الايرانية على وادي كرمن شاه. و خلال هذا التاريخ الطويل تعرضت ايران لفترات عديدة للغزو و الاحتلال من طرف قوى اجنبية. لذا نرى ان الاشارة الى تاريخ ايران لا غنى عنه من اجل فهم قويم للتطور اللاحق للبلد.
وكانت اول حضارة رئيسية وجدت في ما هو ايران اليوم هي حضارة العيلاميين –نسبة لعيلام- الذين يعتقدوا انهم استقروا في جنوب غرب ايران في حدود سنة 3000 قبل الميلاد.
بعد العيلاميين جاء المانيون' أحد الشعوب القديمة التي إستوطنت الأراضي التي تعرف حاليا بآذربيجان الأيرانية في الفترة مابين القرن العاشر قبل الميلاد و القرن السابع قبل الميلاد وقد ذكر إسمهم في العهد القديم من الكتاب المقدس, كان المانييون مجاورين للآشوريين و دولة أرارات . النقطة الرئيسية في هذه الأقوام إنهم لم يكونوا من الشعوب الهندو - أوربية ولم يكونوا خاضعين لسيطرة الإمبراطوريات المجاورة و هذه المجموعة تشكلت من عدة قبائل مثل "لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري.
حلّت القبائل الآرية الهضبة الإيرانية في عام 1500 قبل الميلاد. القبائل الأكثر أهمية كانت الميدية، الذين سيطروا على المنطقة الشمالية الغربية، واسم الفرس- persian - ناتج من كلمة -Parsua- و هي منطقة غرب بحيرة أورميا) علاوة على ان هذه الكلمة تعني باليونانية الغازي أو الفاتح. تجدر الاشارة هنا أن الاريون عبارة عن مجموعة من الناس وجدت في عصور قبل التاريخ و قطنت ايران و شمال الهند و يرى أحد الباحثين الالمان أن الآريون و هم ذو عنصر ابيض كان لهم الرئاسة على العنصر الأسود و الأصفر و اثبت أحد الباحثين الالمان ايضا انهم كذلك كان لهم تمييز عنصري ضد اليهود. بعض التقديرات تقول أنهم جاءوا من آسيا الوسطى وبعضها من منطقة بين بحر الخزر والبحر الأسود. وكان السكان الأصليين في إيران 15 شعباً - منهم العرب والعيلاميون- يعيشون حياة مسالمة، وهم ذات حضارة عريقة.
سيروس وهو المعروف بقورش – كما استنتجت ذلك من خلال ما قرأته في هذا الموضوع - و الذي يعتبر المؤسس للإمبراطورية الاخمينية و التي تعد اول إمبراطورية تقوم في إيران، تمكن من إسقاط الميديين في عام 558 قبل الميلاد و ذلك عن طريق تأليب المعارضين لها وإثارة الفتن. ،و تم فتح مملكة ليديا في 546 قبل الميلاد. ثم هزم البابليون بعد سبعة سنوات ثم توسع إلى بلاد الشام، وكذلك إلى غرب الأناضول إلى بحر إيجة. وتوسع شمالاً إلى جبال القوقاز. كما توسع شرقاً في آسيا الوسطى إلى أقصى ما وصلت إليه الحضارة (يعتقد بوصوله إلى حدود قرقيزستان) وجعل بلاد فارس القوّة الأعظم في العالم. ثم جاء بعده إبنه ووريثه، كامبيز الثّاني، الذي وسّع المملكة في 525 قبل الميلاد بالإستيلاء على مصر.
خلف كامبيز الذي مات منتحرا ابنه داريوس الاكبر و هو من الاخميين أيضا و الذي انشأ قناة عظيمة من نهر النيل إلى البحر الأحمر ثم سحق ثورة أثناء 499-493 قبل الميلاد من قبل اليونانيين الأيونيين الذين عاشوا تحت الحكم الفارسي في آسيا. و تجدر الاشارة هنا أن البلدان التي كانت تابعة له كانت تتمتع بالحكم الذاتي.
على أية حال، قواته أبيدت من قبل اليونانيين الأوروبيين في المعركة التاريخية الماراثونية التي قامت في عام 490 قبل الميلاد و التي شملت عدّة معارك بحرية و أرضية مع اليونانيين أعلنت سقوط الإمبراطورية الفارسية.
خارطة الامبراطورية الاخمينية
الاسكندر الاكبر ضم بلاد فارس العظيمة إلى مملكة البحر الأبيض المتوسط في حوالي 331 قبل الميلاد و انهى بذلك حكم الاخميين. و قام بتنصيب حاكم مقدوني و الذي تزوج من عدة فارسيات. وريثه سيليوكس الأول وسّع الأرض الفارسية بفتح بلاد بابل، سوريا، وآسيا الصغرى. حكمت سلالة سيليوكس بلاد فارس للقرون الخمسة التالية حتي حكم البارثيانون- الاشكانيون- و سيطروا بالقوة عليها.
أهم ما تميزت به الامبراطورية الاخمينية و ما قبلها:
من الضروري جداً قبل استكمال التاريخ الايراني أن نقف عدة وقفات مع بعض الاوضاع المواكبة للامبراطورية الاخمينية و ما قد سبقها و بالطبع لن نتناول كل الاوضاع السائدة أنذاك الا اننا باذن الله سنعرض للغة و الاوضاع الاجتماعية و الدين كعوامل هامة لاستنباط القواعد و الاسس التي بنيت عليها أيران.
1- اللغة:
تنوعت اللغة السائدة في تلك الفترة باختلاف اهلها، الا ان الفرس غالباً ما كانوا يتحدثون الفارسية القديمة باللهجة الايرانية الخاصة بسكان الجنوب الغربي، و كان الايرانيون في الغالب أميون لا يعرفون القرأة و لا الكتابة، و يعتقد ان الامبراطور ديوريس هو اول من امر بالكتابة و ذلك لعمل مخطوطات تمجد اعماله و فتوحاته و نظراً لان السكان كانت تتعدد لغاتهم فانه امر بكتابتها بثلاث لغات و هي الفارسية القديمة و البابلية و العيلامية. و يمكن القول ان اللغة الفارسية لم تكن اللغة الرسمية للامبراطورية الاخمينية. بالنسبة للغة العيلامية و التي كانت تكتب على الواح من الطين يبدو انها كانت اللغة المتداولة بواسطة رجال الحكم حيث تم اكتشاف ارشيف يمثل الاوامر الحكومية مكتوبة بهذه اللغة، بينما كانت الارامية هي اللغة السائدة في الامبراطورية و من المحتمل ايضا انها اللغة الرسمية للجهات الحكومية الامبراطورية و هناك ادلة على انها كانت اللغة السائدة حتى العهد الساساني.
2- النظام الاجتماعي:
القليل جداً معروف عن التنظيم الاجتماعي في هذه الفترة و لكن الغالب أن النظام كان اقطاعي يلعب دورا كبيرا في الوظائف الاقتصادية و الاجتماعية. المجتمع الايراني انذاك كان يتكون من ثلاث طبقات او رتب :
1- المقاتلون او الارستقراطيون أو النبلاء
2- الكهان و رجال الدين
3- الرعية و كان اغلبهم رعاة ابقار و فلاحين
و بالطبع كانت الطبقة الاولى يشغلها ايضا رجال الدين او المحسوبين عليهم و من خلال هذه التصنيفات كان النظام القبلي يلعب دورا كبيرا في احداث هذا التدرج سابق الذكر. تم وضع لقب ملك الملوك او الشاهنشاه - و هو اسم حرمه الاسلام - و ظل مستعملا حتى القرن العشرين حين كان اخر اصحاب هذا اللقب هو شاه ايران يتضح من ذلك ان السلطة المركزية كانت تكتسب قوتها من خلال ترتيب هرمي يتحكم فيها المستوى الاعلى على الذي تحته و كان الامبراطور هو صاحب الامر و النهي على الجميع. تجدر الاشارة التي ذكرناها اكثر من مرة هي ان الملوك كانوا من الطبقة المحاربة و كانت لهم قدسية دينية لا يمكن محاداتها و كانت لها هيبة و شأن عظيم بين باقي الرعية و بالتالي كانت الاسرة المالكة ذات قدسية كبيرة.
3- الدين:
قبل العصر الاخميني و اثناؤه ليس هناك اتفاق بين العلماء على الديانة المتبعة في تلك الحقبة، الا انه من المعتقد انهم كانوا يؤمنون بعدة الهة و يتساوون في ذلك مع الهنود الايرانيون و الهنود الاوربيون و ذلك في العقائد و العبادات و كانت الهتهم مرتبطة بظواهر الطبيعة و الظواهر الاجتماعية و العسكرية و الاقتصادية و كانت تقوم على مفاهيم العدالة و الحقيقة و الصراع بين الخير و الشر و كانت تقوم ايضا على المظلومية، و بالنسبة للعبادات فكانت تتمثل في تقديم الاضحية الحيوانية و تقديس النار او التعبد بعبادة الهوما او ما يعرف بشرب عصير نبات الهيوما!!
بحلول العام 600 قبل الميلاد ظهر في شمال الهضبة الايرانية شخص يعرف بزرادشت و الذي اطلق عليه نبي و يعتبر انه نبي الايرانيين الاكبر، بخصوص ما قدمه زرادشت فقد كان اكثر تعقيدا و اثارة للجدل عن ما سبقه من اديان، فكان يشدد على التصرف بشكل مستقيم و قول الحقيقة و مقت الكذب و كان في تعاليمه يمثل الكذب كشخص اسمه دورج و هو رئيس في مملكة الشياطين و هو الذي نفى العديد من الهة الهنود الايرانيين السابقين.
كان اله زرادشت هو اهورا مزدا و الذي قال انه بعثه و كانوا يعتقدون ان هذا الاله المفترى هو الذي خلق الكون و قام زرادشت بتغير ما تعارف عليه الايرانيون من الطقوس التي كانوا يمارسونها الا انه وقر النار كثيرا و بجلها كذلك كرمز للنور الا ان البعض يرون انه لم يسجد لها قط و البعض رأى انه سجد لها المهم انها كانت رمز الحقيقة و النور و كانت تستحق التبجيل.
و السؤال الذي يطرح نفسه هل كان الاخميون زرادشتيون او على الاقل يؤمنون ببعض ما جاء به زرادشت وفق ما فهموه منه؟! .....
من المحتمل ان قورش الاكبر و زيروكسس و ورثته كانوا زرادشتيون الا ان الزرادشتية تغيرت كثيراً بمرور الايام وفق التوسع بالفتوحات التي قام بها الاخميون الا انها كانت في النهاية وثنية. كان اله الاخميين اهورا مزدا و كانوا يعتقدون انه هو الذي منحهم امبراطوريتهم و ساعدهم في انجاز كل ما وصلت اليه، بالغم من ذلك فان زيوكسس و ورثتهقاموا بتسمية الهة اخرين الا ان اهورا مزدا كان اعظمهم. ديوريس سمى فقط اهورا مزدا و ذلك وضح من خلال النقوش التي رصدت و التي تعود لعصره و كان ديوريس متفق تماما مع زرادشت و كانت مملكته في هذه الفترة لاهوتيه زرادشتيه و بصفة عامة لعبت النار دورا كبيرا جدا خلال الحقبة الاخمينية.
هكذا يمكن القول ان الامبراطورية الاخمينية كانت زرادشتية الا انها كانت تختلف كثيرا عن الزرادشتية كما جاء بها زرادشت نفسه اذ كان لكل حاكم تغير ما عليها وفق ما يراه........... بخصوص الرعية فانه من الصعوبة تحديد العقيدة التي كان يتبعها عموم الايرانيين حيث ان التنوع في العقائد و العبادات كانت سائدة و كلها كانت كما ذكرنا وثنية و منبثقة من تعاليم زرادشت.
كان هناك نوع من الوان دينية متعاكسة متعارضة ما بين كامبيز و ديوريس من جهة و البرديات الزائفة لكهنة الميديين من جهة اخرى و بالتأكيد كان هناك حوافز دينية و سياسية وراء قمع زيروكس لعبدة ديفا و تدمير معبدهم. و تجدر الاشارة ايضاً ان احد الامبراطورييون جعلوا التقويم الزرادشتي هو التقويم الرسمي للامبراطورية.
ثانيا: ايران قبل الميلاد و بعده و حتى الفتح الاسلامي:
توقفنا في التاريخ عند الاسكندر الاكبر عندما ضم بلاد فارس العظيمة إلى مملكة البحر الأبيض المتوسط في حوالي 331 قبل الميلاد و انهى بذلك حكم الاخميين. و قام بتنصيب حاكم مقدوني تبعه العديد من الورثة حتى جاء سيليوكس الأول الذي وسّع الأرض الفارسية بفتح بلاد بابل، سوريا، وآسيا الصغرى. حكمت سلالة سيليوكس بلاد فارس لعدة قرون تالية حتي حكم البارثيانون- الاشكانيون- و سيطروا بالقوة عليها. تلى ذلك امبراطوريتين فارسيتان عظيمتان هما الامبراطورية الاشكانية و الامبراطورية الساسانية.
1: الاشكانيون:
بهذا يمكن القول انه بالفوضى التي تَلتْ موتَ الاسكندر الاكبر، هاجر البارني و هم بدو إيران مِنْ سهولِ قزوين إلى بارثيا. هناك تَبنّوا لغةً وعاداتَ فارسيةً، وعائلتهم المسيطرة هي عائلة ارساسيس و الذين أصبحَوا الحُكَّامَ المحليّينَ التابعين للمملكةِ السلوقية. ارساسيس الاول أعلن إستقلالَه في 238 قبل الميلاد، مؤسسا بذلك الولايةِ الفارسيةِ المستقلةِ. إحتوى السلوقيون التوسّع الفارسي حتى عهدِ ميثراداتيس الاول (170-138) قبل الميلاد، الذي حول بارثيا إلى قوَّة رئيسية بفَتْح إيران وبلاد ما بين النهرين. التوسّع الآخر مُنِعَ بالغزوات التي جاءت عليه مِنْ الشرقِ و بعض القلائل العرقية الداخلية. بحلول الـ90 -80 قبل الميلاد اصبحت الحدود الشرقية ثابتة و اصبح الساكاس المهاجمون من الشرق يخضعون تحت حكم عائلةِ سيورين الاشكانية. مع بِداية العصرِ المسيحيِ مددت هذه المملكةِ سيطرتَها إلى وادي الهند. بعد 66 قبل الميلاد كَانَ هناك فرصةُ للاشكانيين للتَوَسُّع و الاستلاء على بلاد ما بين النهرينِ الشماليةِ، حيث أَسّسوا حدود مشتركة مَع الرومان على الفراتِ.
في البداية إعتبرَ الرومان الاشكانيين كالبربر لكنهم كسبوا إحتِرامهم عندما تحطم الجيش الروماني الرئيسي حُطّمَ في معركة كارهي مِن قِبل نّبّاليهم الذين يركبون الاحصنة، تقريباً سرعان ما عبروا الحدودَ في 53 قبل الميلاد. المشاكل الداخلية في الاشكانيين وفّرتْ على الرومان دَفْع ثمن لهجومِهم الغير ذي جدوى. الاحتكاك المتبادل و الرغبة في الثأر و الاذلال و كذلك الحروب كانت متكررة بين هاتين القوتين. المشاة الرومانيين لم يصلوا الى مقدار نّبّالي الحصانِ الفارسيينِ و احرزوا تقدّمَ صَغيرَ حتى إعلانِ القرن الثاني بعد الميلادعندما أَخذَ الإمبراطورَ تراجان أرمينيا وبلاد ما بين النهرين. فَقدَ الاشكانيون مملكة سيورين سابقا لمصلحة الكاشانيون – الافغان - في 50-75 ميلادي.
الحروب المتكرّرة مَع روما إستنزفتْ قوّةَ السلالةِ الاشكانية وفي 224-226 ميلادي أُسقطتْ الامبراطورية الاشكانية بعد تمرّدِ اردشير الاول معلنا بذلك بداية حكم الساسانيون. و خلال الفترة من 51 الى 122 ميلادي ذابت الولاية الفارسية شيئا فشيئا و تفسخت الى عدة بلدان صغيرة و عدة اطراف ادعت احقيتها في العرش و ذلك جاء كنتيجة حتمية لضعف القوة المركزية. طبقا للمؤرخ الروماني بليني كانت الامبراطورية الاشكانية تتكون من 18 مملكة 11 منها في الشمال و سبعة في الجنوب و ذلك خلال القرن الاول الميلادي حيث كان بعضها تابع للاشكانيين و البعض الاخر كان تابع للاشكانيين. في عام 53 ميلادي استقل هيركانيا و بذل جهودا كبيرة في الحفاظ على علاقات جيدة مع الرومان لا سيما بعد الهجمات الضارية التي كان يشنها الكوشان على الحدود الشرقية و داخليا كان هناك العديد من الاضطربات العرقية و حدث بعد ذلك خلافات مع الرومان مما عمل في نهاية الامر الى سقوط الاشكانيون.
وفيما يلي مخطط زمني يؤرخ لفترة الاشكانيين:
238 قبل الميلاد استقلت بارثيا تحت حكم ارساسيس – اشكان.
165-140 قبل الميلاد الساكاس – عنصر ياباني او صيني – يغزون بارثيا من قبل المشرق
141 قبل الميلاد الاشكانيون يحتلون بلاد ما بين النهرين
100 قبل الميلاد اصبحت سيتسيفون عاصمة الاشكانيين
80 قبل الميلاد تأسست مملكة سيورين في
53 قبل الميلاد الاشكانيون يحطمون الجيش الروماني في معركة كارهاي
50-75 ميلادي الكاشان – افغانستان حاليا - يدمرون مملكة سيورين الاشكانية
115-117 ميلادي الرومان يحتلون بلاد ما بين النهرين
224-226 ميلادي سقط الامبراطورية الاشكانية
تَبنّى الملوكُ الاشكانيون الأوائِلُ التقاليدُ الاغريقية مِنْ مملكةِ السلوقيون وواصلَوا إسْتِعْمال اللغة اليونانية كلغة رسمية في المؤسسات الحكومية وعلى العملةِ. بحلول القرن الأولِ قبل الميلاد، المملكة الفارسية تطورت الى ولايات اقطاعية لا مركزية كَوّنتْ من محافظاتِ مَحْكُومةِ مباشرة، تابع ممالك ثانوية تحت السلالاتِ المحليّةِ، والاقطاعيات كانت لنبلاء شبه مستقليين. التأثير الثقافي الاغريقي، قوي في باديء الأمر، الا انه بدأ يهبط شيئا فشيئاً بتنامي التقاليد الفارسية.
صورة الملك سيورين
و فيما يلي بعض مراجع الجزء الخاص بالتاريخ الإيراني القديم حتى قبيل العصر الساساني:
1- Atlas of World History, Andromeda Oxford Ltd 1997
2- Hutchinson Dictionary of World History, 1993; Williams, Brian, The Kingfisher Reference Atlas: An A-Z Guide to Countries of the World, 1993.
3- Iran, ancient (2007) Encyclopaedia Britannica, Inc.
4- http://ar.wikipedia.org
5- http://www.worldstatesmen.org/
العديد من المعارك تنشب قبل يوم القادسية الحاسم ففي اليوم الأول و الذي يعرف بيوم ارماث استخدم الفرس الفيلة مرة ثانية ولكن المسلمون قاموا بالأخذ بأذناب توابيت الفيلة فقطعوا وضنها و ارتفع عوائهم فما بقي لهم فيل إلا أوى أو قتل صاحبه و استمر القتال حتى غربت الشمس حيث عاد كل من الطرفين إلى مكانه.
- اليوم الثاني و هو يوم أغواث لم يستعمل فيه الفيلة إلا أن المسلمون استعملوا حيلة حيث البسوا الإبل ما كانت تلبسه الفيلة التي استخدمها الفرس ففرت خيل الفرس أمام المسلمين و أثخن المسلمون القتل في الفرس هذا اليوم.
- اليوم الثالث و الذي يعرف بيوم عماس استخدم الفرس الفيلة مرة أخرى و لكنهم استخدموها منفردة هذه المرة على رأس كل كتيبة لتحمي الفيلة من أن تقطع وضنها و استخدموها فقط ليفر خيل المسلمين منها إلا أن الخيل لم تفر لأنها لا تفر من الفيل المنفرد و إنما من مجموعة من الفيلة و استمرت المعركة و أثخن المسلمون القتل في الفرس و توقف القتال لفترة ثم عاود مرة ثانية في ليلة اليوم الرابع.
- تعرف ليلة اليوم الرابع بليلة الهرير حاول رستم تغيير الخطة الحربية فقد قرر الزحف بكامل جيشه على جيش المسلمين لتفادي الهزائم المتكررة التي تعرض لها سابقا و نشب قتالا شديدا بين المسلمين و الفرس و اظهر المسلمون من القتال ما يضرب به الأمثال و الذي لم يرى العرب و لا العجم مثله قط و أفرغ الله عز و جل عليهم صبرا و ثبت أقدامهم حتى أصبح المسلمون في اليوم الرابع و هو يوم القادسية.
- لم يتوقف الدعاء لقائد الجيش – سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه – بأن ينصر الله المسلمين و قد كان رضي الله عنه مستجاب الدعوة و كان يتابع المعركة عن قرب و يصدر تعليماته و توجيهاته للجند.
- تمكن القعقاع بن عمرو و من معه من جند المسلمين الأبطال من فتح ثغرة عميقة في قلب جيش الفرس حتى وصلوا قريبا من رستم قائد الجيش الفارسي و كان ذلك وقت الظهيرة و حدثت هنا معجزة حيث هبت ريح عاصف اقتلعت سقف رستم عن سريره فالقتها في نهر العتيق و مال الغبار على الفرس فعاقهم ذلك عن الدفاع عن أنفسهم.
- أحد أبطال المسلمين يتمكن من الإجهاز على رستم الذي كان يحاول الفرار أمام أسود الإسلام ويقتله و يعتلي سريره معلنا في الناس مقتل رستم و دب الخور و الضعف في نفوس الفرس فهزموا شر هزيمة و فتحت القادسية و لله الحمد و دخلها سعد و أقام بها لمدة شهرين و كان ذلك في عام 15 هـ.
- بعد فتح القادسية توالت الفتوح في البلدان الفارسية حيث تم فتح بهرسير و هي احدى المدائن السبع التي سميت بها المدائن و هي معربة من ده أردشير و قيل به أردشير و معناه خير مدينة أردشير و قد أشرنا اليها سابقا.
- تم بعد ذلك فتح المدائن في نفس الشهر الذي فتحت فيه بهرسير و نفس السنة كذلك حيث فتحتا في صفر 16 هـ .
- موقعة و فتح جلولاء ثم فتح حلوان سنة 16 هـ ايضا و جلولاء في طريق خرسان ثم تم بعد ذلك فتح رامهرمز و تستر و فتح مدينة جندي سابور في عام 17 هـ
- بعد ذلك كان فتح الفتوح و الذي تم بمعركة نهاوند
قبل استكمال الأحداث علينا الاشارة الى مجموعة من الأمور:
1- لقد تقابل الفريقان و لكل منهما غرضه من هذه المواجهة احدهما يحاول الحفاظ على كيانه و ووجوده و اعتبرها معركة البقاء، و الاخر يحاول نشر دين الله و توسيع رقعة الأرض الإسلامية و اعتبرها معركة بناء.
2- نظرا لأنها معركة وجود بالنسبة للفرس فقد حشدوا لها الحشود و جمعوا لها الجموع و سخروا لها كل قوتهم العسكرية و خبراتهم الحربية التي اكتسبوها عبر ألاف السنين، فاستخدموا الفيلة لكي تنفر منها خيل المسلمين و صنع لرستم قائدهم سرير قوي و قاموا بتثبيت سقفه جيدا لأنهم يعلمون أن الرياح قد تهب في هذه المناطق و حدث بالفعل ما كانوا يخشوه.
3- الصبر هو العنصر الحاسم في هذه المعارك فمتى تمسك به أحد الطرفين كان النصر حليفه و لا نصر بدون صبر
4- قدم المسلمون في هذه المعركة من البطولات و التضحيات و صدق اليقين و الإخلاص ما كان كفيلا بأن يمدهم الله عز و جل بمدده و يؤيدهم بنصره فأرسل إليهم جند من جنوده تمثلت في هذه الريح العاصف التي كانت إيذانا بهزيمة جند فارس
5- رغم كل ما كان يقال عن رستم قائد جيش الفرس من الحنكة و الشجاعة إلا أنه لم يصمد هو و لا جنوده أمام هذا المد المتسلح بسلاح الإيمان و اليقين و الإخلاص، لقد أيقن الفرس أن هذه المعركة هي المعركة الحقيقية الفاصلة التي لم يخوضوا مثلها من قبل رغم السنوات الطويلة من قتال الرومان
موقعة نهاوند – فتح الفتوح
أورد ابن كثير في البداية و النهاية بعد ذكر سنة هذه المعركة و ما قيل فيه ...........وكان الذي هاج هذه الوقعة أن المسلمين لما افتتحوا الأهواز ومنعوا جيش العلاء من أيديهم واستولوا على دار الملك القديم من اصطخر مع ما حازوا من دار مملكتهم حديثاً، وهي المدائن، وأخذ تلك المدائن والأقاليم والكور والبلدان الكثيرة، فحموا عند ذلك واستجاشهم يزدجرد الذي تقهقر من بلد إلى بلد حتى صار إلى أصبهان مبعداً طريداً، لكنه في أسرة من قومه وأهله وماله، وكتب إلى ناحية نهاوند وما ولاها من الجبال والبلدان، فتجمعوا وتراسلوا حتى كمل لهم من الجنود ما لم يجتمع لهم قبل ذلك........... ثم استكمل ابن كثير رحمه الله كيف ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه اجتمع مع اصحاب الرأي من الصحابة يستشيرهم في امر قتال الفرس و يسأل عمن هو أجدر بقيادة الجيش فاتفق المجتمعون على النعمان بن مقرن - وكان النعمان قد كتب إلى عمر وهو على كسكر وسأله أن يعزله عنها ويوليه قتال أهل نهاوند - فلهذا أجابه إلى ذلك وعينه له.
ثم كتب عمر إلى حذيفة: أن يسير من الكوفة بجنود منها، وكتب إلى أبي موسى: أن يسير بجنود البصرة، وكتب إلى النعمان - وكان بالبصرة - أن يسير بمن هناك من الجنود إلى نهاوند، وإذا اجتمع الناس فكل أمير على جيشه، والأمير على الناس كلهم النعمان بن مقرن. فإذا قتل فحذيفة بن اليمان، فإن قتل فجرير بن عبد الله، فإن قتل فقيس بن مكشوح، فإن قتل قيس، ففلان ثم فلان، حتى عد سبعة أحدهم المغيرة بن شعبة، وقيل: لم يسم فيهم. والله أعلم. ثم ذكر بن كثير صورة الكتاب الذي ارسله عمر بن الخطاب رضي الله عنه الي النعمان بن مقرن.
فسار حذيفة في جيش كثيف نحو النعمان بن مقرن ليوافوه بماه، وسار مع حذيفة خلق كثير من أمراء العراق، وقد أرصد في كل كورة ما يكفيها من المقاتلة، وجعل الحرس في كل ناحية، واحتاطوا احتياطاً عظيماً، ثم انتهوا إلى النعمان بن مقرن حيث اتعدوا، فدفع حذيفة بن اليمان إلى النعمان كتاب عمر وفيه الأمر له بما يعتمده في هذه الوقعة، فكل جيش المسلمين في ثلاثين ألفاً من المقاتلة فيما رواه سيف عن الشعبي، فمنهم: من سادات الصحابة ورءوس العرب خلق كثير وجم غفير.
المسلمون يرسلون بعض المستطلعين للوقوف على استعدادات الفرس و أماكنهم و يخبرون النعمان بذلك ثم سار النعمان على تعبئته، وعلى المقدمة نعيم بن مقرن، وعلى المجنبتين حذيفة وسويد بن مقرن، وعلى المجردة القعقاع بن عمرو، وعلى الساقة مجاشع بن مسعود، حتى انتهوا إلى الفرس وعليهم الفيرزان، ومعه من الجيش كل من غاب عن القادسية في تلك الأيام المتقدمة، وهو في مائة وخمسين ألفاً، فلما تراءى الجمعان كبر النعمان وكبر المسلمون ثلاث تكبيرات، فزلزلت الأعاجم ورعبوا من ذلك رعباً شديداً.
ثم أمر النعمان بحط الأثقال وهو واقف، فحط الناس أثقالهم، وتركوا رحالهم، وضربوا خيامهم وقبابهم.
وضربت خيمة للنعمان عظيمة، وكان الذين ضربوا أربعة عشر من أشراف الجيش- ثم ذكرهم رحمه الله - فلم ير بالعراق خيمة عظيمة أعظم من بناء هذا الخيمة.
وحين حطوا الأثقال، أمر النعمان بالقتال، وكان يوم الأربعاء، فاقتتلوا ذلك اليوم والذي بعده والحرب سجال، فلما كان يوم الجمعة انحجزوا في حصنهم، وحاصرهم المسلمون فأقاموا عليهم ما شاء الله، والأعاجم يخرجون إذا أرادوا ويرجعون إلى حصونهم إذا أرادوا.
وقد بعث أمير الفرس يطلب رجلاً من المسلمين ليكلمه، فذهب إليه المغيرة بن شعبة فذكر من عظم ما رأى عليه من لبسه ومجلسه، وفيما خاطبه به من الكلام في احتقار العرب واستهانته بهم، وأنهم كانوا أطول الناس جوعاً، وأقلهم داراً وقدراً.
و استطرد ابن كثير ........... فلما طال على المسلمين هذا الحال واستمر، جمع النعمان بن مقرن أهل الرأي من الجيش، وتشاوروا في ذلك – و تكلم اثنين من رجال المسلمين يعرضون رأيهم – الى أن تكلم طليحة الأسدي، فقال: إنهما لم يصيبا، وإني أرى أن تبعث سرية فتحدق بهم ويناوشوهم بالقتال ويحمشوهم، فإذا برزوا إليهم فليفروا إلينا هراباً فإذا استطردوا وراءهم وانتموا إلينا عزمنا أيضاً على الفرار كلنا، فإنهم حينئذ لا يشكون في الهزيمة فيخرجون من حصونهم عن بكرة أبيهم، فإذا تكامل خروجهم رجعنا إليهم فجالدناهم حتى يقضي الله بيننا.
فاستجاد الناس هذا الرأي، وأمر النعمان على المجردة القعقاع بن عمرو، وأمرهم أن يذهبوا إلى البلد فيحاصروهم وحدهم ويهربوا بين أيديهم إذا برزوا إليهم.
ففعل القعقاع ذلك، فلما برزوا من حصونهم نكص القعقاع بمن معه ثم نكص، ثم نكص، فاغتنمها الأعاجم ففعلوا ما ظن طليحة، وقالوا: هي هي، فخرجوا بأجمعهم، ولم يبق بالبلد من المقاتلة إلا من يحفظ لهم الأبواب حتى انتهوا إلى الجيش، والنعمان بن مقرن على تعبئته، وذلك في صدر نهار جمعة، فعزم الناس على مصادمتهم فنهاهم النعمان وأمرهم أن لا يقاتلوا حتى تزول الشمس، وتهب الأرواح، وينزل النصر كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
وألح الناس على النعمان في الحملة فلم يفعل - وكان رجلاً ثابتاً - فلما حان الزوال صلى بالمسلمين، ثم ركب برذوناً له أحوى قريباً من الأرض، فجعل يقف على كل راية ويحثهم على الصبر ويأمرهم بالثبات، ويقدم إلى المسلمين أنه يكبر الأولى فيتأهب الناس للحملة، ويكبر الثانية فلا يبقى لأحد أهبة، ثم الثالثة ومعها الحملة الصادقة.
ثم رجع إلى موقفه. وتعبئت الفرس تعبئة عظيمة واصطفوا صفوفاً هائلة في عَدَدٍ وعُدَدٍ لم ير مثله، وقد تغلغل كثير منهم بعضهم في بعض وألقوا حسك الحديد وراء ظهورهم حتى لا يمكنهم الهرب ولا الفرار، ولا التحيز.
ثم إن النعمان بن مقرن رضي الله عنه كبر الأولى وهز الراية فتأهب الناس للحملة، ثم كبر الثانية وهز الراية فتأهبوا أيضاً، ثم كبر الثالثة وحمل وحمل الناس على المشركين، وجعلت راية النعمان تنقض على الفرس كانقضاض العقاب على الفريسة، حتى تصافحوا بالسيوف فاقتتلوا قتالاً لم يعهد مثله في موقف من المواقف المتقدمة، ولا سمع السامعون بوقعة مثلها، قتل من المشركين ما بين الزوال إلى الظلام من القتلى ما طبق وجه الأرض دماً، بحيث أن الدواب كانت تطبع فيه، حتى قيل: أن الأمير النعمان بن مقرن زلق به حصانه في ذلك الدم فوقع وجاءه سهم في خاصرته فقتله، ولم يشعر به أحد سوى أخيه سويد، وقيل: نعيم، وقيل: غطاه بثوبه وأخفى موته ودفع الراية إلى حذيفة بن اليمان، فأقام حذيفة أخاه نعيماً مكانه، وأمر بكتم موته حتى ينفصل الحال لئلا ينهزم الناس.
فلما أظلم الليل انهزم المشركون مدبرين، وتبعهم المسلمون، وكان الكفار قد قرنوا منهم ثلاثين ألفاً بالسلاسل وحفروا حولهم خندقاً، فلما انهزموا وقعوا في الخندق، وفي تلك الأودية نحو مائة ألف وجعلوا يتساقطون في أودية بلادهم فهلك منهم بشر كثير نحو مائة ألف أو يزيدون، سوى من قتل في المعركة، ولم يفلت منهم إلا الشريد.
وكان الفيرزان أميرهم قد صرع في المعركة، فانفلت وانهزم واتبعه نعيم بن مقرن، وقدم القعقاع بين يديه وقصد الفيرزان همدان، فلحقه القعقاع وأدركه عند ثنية همدان، وقد أقبل منها بغال كثير، وحمر تحمل عسلاً فلم يستطع الفيرزان صعودها منهم، وذلك لحينه فترجل وتعلق في الجبل فاتبعه القعقاع حتى قتله.
وقال المسلمون يومئذ: إن لله جنوداً من عسل، ثم غنموا ذلك العسل وما خالطه من الأحمال، وسميت تلك الثنية: ثنية العسل.
ثم لحق القعقاع بقية المنهزمين منهم إلى همدان وحاصرها وحوى ما حولها، فنزل إليه صاحبها - وهو خسرشنوم - فصالحه عليها.
ثم رجع القعقاع إلى حذيفة ومن معه من المسلمين، وقد دخلوا بعد الوقعة نهاوند عنوة، وقد جمعوا الأسلاب والمغانم إلى صاحب الأقباض وهو: السائب بن الأقرع.
ولما سمع أهل ماه بخبر أهل همدان بعثوا إلى حذيفة وأخذوا لهم منه الأمان.
وجاء رجل يقال له: الهرند - وهو صاحب نارهم - فسأل من حذيفة الأمان ويدفع إليهم وديعة عنده لكسرى، ادخرها لنوائب الزمان، فأمنه حذيفة وجاء ذلك الرجل بسفطين مملوءتين جوهراً ثميناً لا يقوم، غير أن المسلمين لم يعبئوا به.
هذه هي أحداث المعركة الفاصلة نقلتها من البداية و النهاية لابن كثير رحمه الله و لم أتدخل في السرد كثيرا إلا من بعض الاختصار مخافة الإخلال بروعة هذا الانتصار إلا إنني أضيف ان هذه المعركة كانت في 21 هـ ، و تبعها فتح أصبهان و هو اقليم كامل في بلاد فارس ثم فتح الري ثم الباب ثم فتح سجستان في عام 23 هـ.
و بهذا تكون بلاد فارس قد سقطت بالكلية و زالت بذلك الامبراطورية الفارسية التي ملكت ألاف السنين بل إن نهايتها كانت مأساوية حيث ألقى الفرس بأنفسهم في الأودية المنحدرة و المنحدرات و التي لا يهوي فيها أحد الا هلك لما تبدت لهم الهزيمة أمام المسلمين و هذا لم يحدث البته في تاريخ فارس السابق للفتح الاسلامي.
انتهينا و اياكم ايها الاخوة الاكارم مع سقوط الامبراطورية الفارسية المواكب للفتح الاسلامي لبلاد فارس لتنتهي بذلك حقبة تاريخية أردت من عرضها ان اتوقف و اياكم على معالمها علنا نسترشد بها في الحرب الفاصلة المتوقعة و التي يتم الاعداد لها الان، الا انني و من باب استكمال الموضوع من كل جوانبه كان لزاما على ان اعرض و لو نبذة مختصرة عن التاريخ الامريكي القديم و الوقوف عند بعض المنعطفات التي قد تحقق نفس الغرض السابق الاشارة اليه و كذلك لحث القارئ العربي ان يتعلم كيف يقرأ الاحداث و يرجعها الى اصولها التاريخية و العقائدية فتتشكل عنده القدرة على فهمها و استنباط القصد منها و من ثم التعامل معها بحكمة و تأن لا بعاطفة و تسرع تضر أكثر مما تنفع و هذا ما ينبغي ان يكون عليه المسلم من الفطنة و الكياسة، و ما اعرضه على حضراتكم هو أقل القليل و ما فاتني و ما أكون قد أخطأت فيه أضعاف أضعاف ما ذكرت و فيما ذكرت، فكل ما هو مطلوب منكم استكمال ما غفلت عنه و تصحيح ما أخطأت فيه حتى نتوصل و اياكم الى مرادنا و نكون بذلك قد قدمنا لأمتنا خدمة جليلة نبتغي الاجر و المثوبة من الله عليها.
و قبل الخوض في تاريخ امريكا و نشأتها اريد أن أبين لكم الملامح الاساسية التي يهدف بحثي اليها:
1- لا يوجد لامريكا المعاصرة اليوم أي تواجد في أعماق التاريخ بل ليس لها أي حضارة تضاهي الحضارة الفارسية التي عرضناها عليكم بل هي حديثة الوجود مقارنة بغيرها من الدول برغم ما حققته في العالم من سيطرة و هيمنة كقطب وحيد ليس له ثاني
2- شاء العلي القدير ان تواكب بداية اكتشاف القارة الامريكية قيام امبراطورية فارسية جديدة ممثلة في الامبراطورية الصفوية الأخذة في النمو و تسيران معا بالتضاد مرة و بالتوافق مرات وصولا الى الوضع الراهن
3- قامت الولايات المتحدة الامريكية على دماء الابرياء و اهلاك عنصر كامل من البشر في جرائم تطهير عرقي بشعة لم يسبق لها مثيل و سارت على نفس الاسلوب الهمجي حتى اليوم
4- يمكن تمييز التاريخ الأمريكي إلى ثلاث مراحل: الاولى: الاكتشاف و التكوين و النشأة، الثانية: البحث عن هوية أو الصراع الاوربي على الزعامة ، الثالثة: تثبيت الأقدام و وضع البنية الاساسية للانطلاق، الرابعة: الانطلاقة الخارجية و التوجه للعالم الخارجي و ربما تمكنت أمريكا من تحقيق هدفها بفضل هذا التدرج الذي حدث في تاريخها القصير الذي قد يتجاوز بقليل الـ 300 عام.
5- قيام الولايات المتحدة الامريكية على نفس المنهج الذي تقوم عليه كل الامبراطوريات و الذي تقوم عليه كل الحركات
الاستعمارية هذا المبدأ له وجهان الاول عقائدي أشار له المفكر الفرنسي كالفن قبل قيام أمريكا حيث كان يقول ( إن سمح الله أن يجتمع في الأرض الأمريكية شعب من رجال ونساء اختيروا من قبل الله، ذلك لأنه مناط به (أي بهذا الشعب) مهمة حكم العالم ذات يوم) و أخر اقتصادي بغرض توفير الثروة و الرقي للمستعمر و شعبه.
و لنستعين بالله و نبدأ في المقصود
أمريكا: النشأة و التكوين
أ- الأوربيون يكتشفون العالم الجديد
الأرض المعروفة بالولايات المتّحدةِ تم إكتشافها ربما عدّة مرات قبل قصةِ رحلة كريستوفر كلومبس 1492 ميلادي، هناك احتمالية كبيرة أن العالم الجديدَ كان قد سَكنَ من قبل اناس جاؤوا أصلاً مِنْ قارةِ آسيا. وصل هؤلاء السكان الأوائلِ الى هناك بحوالي 20,000 إلى 35,000 سنة قبل هذا التاريخ في سلسلة من الهجراتِ مِنْ آسيا إلى أمريكا الشمالية و غالبا ما يعرف السكان الاصليون لهذه الارض بالهنود الحمر.
في وقت وصولِ كلومبس كان هناك من المحتمل تقريباً 1,500,000 هندي فيما تعرف الآن الولايات المتّحدةُ ، يمثل النزاعُ الغربي الطويل والوحشيُ للتوسع الاوربي والمقاومةِ الهنديةِ إحدى أكثر الفصولِ المأساويةِ في تأريخِ الولايات المتّحدةِ.
يعتبر البرتغاليون هم أول من قام برحلة بحرية لاستكشاف ما وراء البحار حيث توجهوا إلى جزيرة بورتو سانتو خارج ساحل غرب أفريقيا في 1418و هي التي انتقل كولمبس اليها في عام 1479و كان يمتلكها البرتغاليون، كَان الهدف الرئيسي لرحلات الأوربيين الأوائلَ تلك للتجارة و للإستكشافِ والإستعمارِ لبلاد ما وراء البحارِ. تكونت رحلات كلومبس الاستكشافية من اربع رحلات بدأت في 1492 و انتهت في 1504 حيث اكتشف كولمبس فيها العديد من الاراضي الامريكية و توفي كلومبس في 1506.
الاسبان يقومون برحلات أخرى بعد رحلات كلومبس بعشر سنوات ليستكشفوا الكاريبي و البيرو فيما عرف باسبانيا الجديدة و التي خلب جمالها الابصار و كان محط الاعجاب و الحسد الاوروبي.
فرنسا كانت مشغولة بالحروب لتأكيد سيادتها الإقليمية لهذا لم تكن قادرة على القيام برحلات استكشافية للعالم الجديد كما فعلت إسبانيا والبرتغال. في أوائِل القرن السادس عشر خصوصا في 1534 جاك كارتيير بَدأَ بإسْتِكْشاف خليجِ سانت لورانس. الا انه في 1543 أوقف الفرنسيون جهودهم لاستعمار الجزءِ الشمالي الشرقيِ للعالم الجديدِ. في النصف الاخير من القرن السادس عشرِ، فرنسا حاولتْ إيجاد مستعمراتِ في فلوريدا والبرازيل؛ لكن كُلّ هذه الجُهودِ فَشلتْ، وفي نهاية القرن إسبانيا والبرتغال بَقيتْ الدولتان الأوربيتان الوحيدتان اللتان تمكنتا من تأَسّيس مستعمراتَ ناجحةَ في أمريكا.
ب- السيطرة الانجليزية على العالم الجديد و تأسيس فرجينيا
يقول مايكل بوجنون صاحب كتاب - أمريكا المستبدة: الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم – واصفا الحالة التي دعت الانجليز للتوجه الى العالم الجديد - شعر الإنكليز بدورهم بالحاجة إلى اجتياز المحيط بعد أن مضى حوالي قرن كان خلاله الأسبانيون والبرتغاليون ينهبون القارة الأمريكية. ولم تكن الشؤون الحياتية بعيدة عن هذه الحاجة التي وَلَّدت لدى الكثيرين الرغبة بالهروب إلى الملجأ المثالي. وصف توماس مور، مستثار الملك هنري الثامن في كتاب «الوهم Utopia»، كتائب النبلاء بالذباب الذي يقتات على جهد الآخرين. وكان الأشراف العاطلون عن العمل وغير السعداء مصدر إزعاج لأنهم لا يخدمون المجتمع بشيء عندما يُسَيِّجون الحقول ليجعلوا منها مراعي لقطعانهم الخاصة بهم حارمين بذلك الفلاحين أصحاب الدخل الضعيف من الزراعة التي كانت تمارس بكل حرية في السابق، وكان الأغنياء وهم الأقلية المحتكرة يديرون الحقول لخدمة مصالح المستولين عليها دافعين بذلك الناس الفقراء نحو الجوع والعوز. فكيف لنا إذن أن نستغرب لجوء هؤلاء الناس للسرقة من أجل العيش ؟! ثم استطرد قائلاً- من جهة أخرى سيقدم إنشاء المستعمرات الجديدة حلولاً للمشاكل الاجتماعية وسيسمح بإرسال المشاغبين لاستصلاح الأراضي المستولى عليها حديثاً وبأرخص التكاليف والتخلص منهم – و أوضح المؤلف ان الداعيين الى حتمية ذهابهم الى العالم الجديد حتى ينشروا في هذه الأماكن غير المتحضرة الكلام الطيب ويدعو إلى الديانة الحقة والوحيدة المتوحشين – السكان الاصليين - الذين يعيشون فيها و تكون بذلك قد أضافت للعملية الكمية المطلوبة من النفحة الإيمانية.
والان لنستكمل السياق التاريخي:
منذ العام 1602 الى اوائل عام 1606 عدد مِنْ الرحلات البحرية توجهت إلى أمريكا، أكثرها أهميةً رحلة جورج ويموث في 1604. زار ويموث ساحل نيو إنجلند، وتقريره كان ايجابي و يدعو الى لزوم فعل المزيد لتَحفيز الرغبةِ لتَأسيس مستعمراتِ اخرى.
في ابريل عام 1606 مجموعة من رجالِ لندن حصلت على موافقة تأسيس شركةِ لندن، بهدف إسْتِعْمار المنطقةِ بين الدرجتين 34 و41 خطّ عرض شمالي. المجموعة الأخرى، متكوّنة من بليموث، بريستول، وغيرهم، تأسست تحت اسم شركة بليموث ، للإشتِغال بين الدرجتين 38 و45 خطّ عرض شمالي. ارسلت شركة لندن في الحال (ديسمبر/كانون الأول 1606) ثلاث سُفنِ مَع 120 مستوطن، تحت قيادةِ النّقيبِ كرستوفر نيوبورت الى امريكا، شركة لندن هذه عرفت فيما بعد بشركة لندن فرجينيا و فشلت كثيرا في عملها نظرا لعدم قيام المستوطنون بما هو مطلوب منهم و قلة رأس المال و كذلك الخوف من المغامرة.
في مايو 1607 تم تأسيس مستعمرةِ جيمستاون على نهرِ جيمس. المستعمرة تأسست بشكل كبير خلال جُهودِ النّقيبِ جون سميث.فقط 35 بقوا على قيد الحياه بحلول نهاية السَنَة من حوالي120 رجل إنجليزي من الذين أَسّسوا المستعمرةَ. في العقد التالي ما بين نِصْفِ وثلثي القادمون الجُدد ماتوا خلال سَنَة من عمر المستوطنةِ.
في عام 1609 شركة فرجينيا لندن تنال مرسوما أخر يزيد من عدد المنتمين اليها و ذلك لزيادة رؤوس الاموال و تلافي مشاكل قلة التمويل و كذلك الحكومة بموجب هذا المرسوم تختار بعناية أعضائها الا انها تفشل كذلك في مهامها.
في مايو 1610 النّقيب نيوبورت وَصلَ مَع اكثر من400 مستعمرِ من بينهم اللورد ديلاوير، الحاكم الجديد. ديلاوير غادر ثانيةً في 1611 لكن بَقى حاكماً حتى موتِه في 1619. السّير توماس دايل كان هو الحاكم الفعلي خلال هذه الفترة وحَكمَ بيدّ من حديدِ حيث تم فرض قوانين كهنوتيه و اخلاقية و شبه عسكري لكل من في المستوطنة من الرجال و النساء و حتى الاطفال و شملت العقوبات الضرب بالسياط و الاعدام، حيث يتم فَرضَ حكمَ الإعدام لجريمة"القذف" ضدّ الشركةِ. و خلال الفترة بين عامي 1610 و 1611 شركة فرجينيا لندن ارسلت ما يقرب من 1200 من الموظفيين الحكوميين الى جيمستاون الا ان أقل من نصفهم هم الذين بقوا.
يعتبر عام 1612 هو عام البداية الحقيقية لزراعة التبغ و الذي لعب دورا حيويا في الاقتصاد و الحياة الاجتماعية للمستوطنة، و كذلك ضم القانون الثالث لشركة لندن فرجينيا جزيرة برمودا لها، و في هذا العام اصدر التاج الملكي مرسوما بموجبه منح شركة لندن اصدار ياناصيب لزيادة الاستثمارات هناك
لقد حقق دايل كما رأينا الانضباط و الامن و النظام الا ان هذا لم يكن عنصر جذب للاستيطان في أمريكا و عندما أصبح السّير إدوين الشخصية المسيطرة في المستعمرة بحلول عام 1618. خصّص 50 هكتار من الأرض إلى كلّ شخص يجلب مستوطن واحد أو أكثر إلى المستعمرة أو ينتقل للعيش في المستعمرة بشرط أن يدفع تكاليف نقله
في عام 1619 دعا السير جورج يردلي الى اجراء انتخابات لعضوية مجلس استشاري و كان ذلك في جيمستاون و عرفت هذه الهيئة ببيت المواطنين بالطبع لم يكن هذا المجلس كبيرا لما يكفي كهيئة حكومية الا انه تمدد و توسع فيما بعد و هذا يعتبر أول مجلس استشاري في تاريخ أمريكا
عام 1622 هنود البوهاتين تتحد مع هنود الشيسابيك و يهاجموا المستوطنات و يقتلون 347 مستوطن ما يعادل ثلث السكان البيض مما يجعل السكان البيض ينتقمون و يحرقون مزارع و مصادر طعام الهنود.
تناولنا في الحلقة السابقة استمرار المحاولات الانجليزية للسيطرة على العالم الجديد و تناولنا قيام مستوطنة فرجينيا و استكمالا للموضوع نشير إلى مستوطنة أخرى قبل استكمال المسار التاريخي :
مستوطنة الميريلاند :
تعتبر ميريلند، جارة فرجينيا من ناحية الشمال، و تعتبر المستعمرة الإنجليزية الأولى الّتي تقع تحت سيطرة مالك وحيد بدلا من شركة كما حدث في فرجينيا. جورج كالفيرت (اللّورد بالتيمور) كان مستثمرا في عدد من المستعمرات الأخرى قبل أن يحصل على منحة أرض من التاج في 1632. حصل كذلك على منحة كبيرة من القوّة لمسايرة منحته من الأرض؛ كان مسيطراً على النظام التجاري والسياسي للمستعمرة ولم يقم بالانحراف عن قوانين إنجلترا قط. سيطر إبن بالتيمور سيسيليوس على المشروع بعد موت أبّيه ، على أية حال، مستوطنة القرن السابع عشر المبكّرة في ميريلند كانت غير مستقرة وغير مصفّاة في أغلب الأحيان؛ كانت تتركب بشكل كبير من الذكور الصغار — ألزم العديد منهم بالخدمة الاجبارية — إفتقرت إلى قوة إستقرار التركيب العائلي القوي لمعادلة قسوة الحياة في البريّة.
المستعمرة ارادت ان تؤدي على الأقل هدفين. بالتيمور , الكاثوليكي الروماني، كان متلهّف لإيجاد مستعمرة يعيش فيها الكاثوليك بسلام، لكنّه كان متلهّف أيضا ليجني من مستعمرته اكبر قدر ممكن من الربح . منذ البداية فاق البروتستانت عدد الكاثوليك، بالرغم من أن بضعة كاثوليك بارزون مالوا إلى إمتلاك حصص ضخمة من أرض المستعمرة. على الرغم من هذه الأفضلية في منطقة سياسة الأرض، بالتيمور كان له الجزء الأكبر كمدير جيد وعادل.
بعد اعتلاء وليام وماري على العرش الإنجليزي، سيطرة المستعمرة تم اخذها من عائلة كلفيرت و اصبحت تحت سيطرة الحكومة الملكية. بعد ذلك بقليل امر التاج بأنّ الأنجليكانية تكون الدين الرسمي للمستعمرة. في 1715، بعدما تركت عائلة كالفيرت الكاثوليكية وإعتنقت الأنجليكانية، رجعت المستعمرة مرة اخري إلى ملاكها.
جـ - نيو انجلند (انجلترا الجديدة)
لابد أن نشير إشارة سريعة إلى مستوطنة ماسوشوسيت و التي تبدأ قصتها من عام 1606 حيث منحت شركة بلايموث ترخيصا و قد اشرنا لذلك فيما سبق، في هذا العام أيضا كان هناك محاولتين فاشلتين للاستيطان تلاها في 1607 محاولة أخرى باءت بالفشل. النّقيب جون سميث، من مستوطنة فرجينيا، استكشف ساحل نيو إنجلند و عمل الخرائطّ له و قد عمل أدميرال في نيو إنجلند بواسطة شركة بلايموث في 1615 و مجهوداته فشلت في إنجاح المستوطنة، في 1620 بعد أن أخفقت شركة بلايموث في إيجاد مستعمرة أقام المؤسسون لها مجلس، الذي أعطى لهم سلطة قضائية بين 40 درجة و48 درجة خطّ عرض شمالي،
في 1620 أيضا وصول الحجاج في كيب كود. الحجاج كانوا عبارة عن مجموعة من الانفصاليين الذين هاجروا من سكروبي إلى أمستردام ومن هناك إلى ليدن في هولندا. في 1617 قرّروا تشييد بيت جديد لكي يبقي هويتهم الإنجليزية. حصلوا على موافقة من شركة لندن و جون كارفر اصبح حاكمهم.
تركوا إنجلترا ووصلوا كيب كود، التي وجدوها خارج السلطة القضائية لشركة لندن. بعد ذلك وضعوا ميثاق زهرة مايو و هو اسم المركب الذي وصلوا به الى هناك، ووافقوا على تشريع القوانين لرفاهية المستعمرة. كانت إرادة المستعمرين تشكيل حكومة للإدارة بدلا من التاج. تم اختيار بلايموث كموقع للمستوطنة.
و لنا أن نقف قليلا مع جماعة سكروبي هؤلاء حيث يقول صاحب كتاب امريكا المستبدة - كان وراء اندفاع الحملة الكبرى جمعية أبرشية سكروبي وأتباعها هم أنصار نظرية متزمتة صارمة وقاسية. ذهب أعضاؤها في عامي 1608و1609 إلى هولندا للبحث عن ملجأ. وحملوا معهم في حقائبهم أفكاراً متعصبة ورؤية متشائمة قائمة على القناعة بأن الخطيئة موجودة في كل زمان ومكان، ولكن كان لديهم في نفس الوقت القناعة بأن لا أحد جدير أن يلتحق بطائفتهم بحق إن لم يكن مكتوباً له ذلك باعتبارهم اتباع الداعية «كالفان ». ولم يكن يسمح لأحد بالانتساب لهم على كل حال قبل أن يقدم البرهان على استقامته في عقيدته الدينية، كما لم يكن هناك مكان للمعترضين أو المتشككين أو لأصحاب الرأي الحر.
استقلوا في 16 أيلول المركب ميفلوار ووصلوا في 11 تشرين الثاني إلى (كاب كود). وفي 21 منه كتبوا ميثاق العهد ميفلوار وتركوا المركب على اليابسة في 11 كانون الأول. فاكتسبت الهجرة إلى أمريكا بالنسبة لهم المعنى الذي عرفته لدى المسلمين –يقصد المؤلف الهجرة -، أي كانت رحيلاً موحى به من الله من أجل بناء «صهيون» جديدة فوق أراضي بعيدة.
لقد كانوا مأخوذين بقناعة ألا وهي أنهم يجسدون قدراً سماوياً ولم يكن أحد في كل مدن إنكلترا الجديدة يشك بأنه عامل إلهي. أما مرجعهم المطلق فكان التوراة ومنه كانوا يستمدون رؤية الواقع بشكل مشوه. فكان كل عضو منهم يرى بأن الشعب الجديد هو شعب الله، وكل خصم (كائن من كان) يختلف معهم حول هذا النموذج اعتبر عدواً لله، وتتم معاملته على هذا الأساس. وكل ما يحدث كان سببه الله أو الشيطان، وراح الكتاب ورجال الكنيسة والمثقفون والأساقفة وعلماء الأخلاق يتنافسون بالمديح.
على سبيل المثال كان وليم ستوغتون (1631-1701) وهو مواطن من ولاية ماساشوست، يرى أن أمريكا هي أمة اختير مواطنوها بعناية فائقة. فقد عمد الله في اختياره كما يعمل الذين ينخبون الحبوب بالغربال ويفصلون الحب الجيد عن الزوان، وهكذا باستطاعة الحب الجيد أن ينمو في وسط الصحراء- انتهى كلامه و ذكر بعد ذلك نماذج أخرى من معتقداتهم.
ان هذا يبين لنا نوعية البشر الذين أسسوا امريكا فهم حثالة من المرابيين و الانتهازيين و الصهاينة الذين يروجون ليومهم الموعود المعروف بالهارميجدون.
خلف برادفورد كرافر في الحكم بعد موته، في 1629 أصدر الدستور الملكي تأكيد المنحة إلى شخص يدعى اندكوت وشركائه. الشركة الجديدة عرفت بالحاكم وشركة خليج ماسوشوستس في نيو إنجلند. بعد ذلك بأشهر قليلة خمس سفن، مع حوالي 400 مستوطن، وصل إلى ساليم. جون وينثروب والرجال البارزون الآخرون يجتمعوا في كامبردج (إنجلترا) و يوافقوا على الهجرة إلى خليج ماسوشوستس و هذا الرجل اصبح الحاكم.
في 1630 جلبت سبع عشرة سفينة 1000 شخص إلى المستعمرة. في نهاية السنة، العديد من المستوطنات تم تأسيسها في دورجيستسر، بوسطن، روكسبوري ،ووترتاون، مايستيك، ولين.
المحكمة العامّة الأولى للمستعمرة أقيمت في بوسطن (أكتوبر/تشرين الأول 19). منذ ذلك الحين لم يكن يعترف باي شخص كحرّ بالشركة مالم يكن عضوا في أي كنيسة ضمن المستعمرة.
في 1634 تم تقديم نظام تمثيلي إلى المحكمة العامّة، لأن نمو المستعمرة منع حضور كلّ الرجال الأحرار لها.
يمكن القول ان العام من 1630 الى 1642 شهد الهجرة العظيمة إلى مستعمرة خليج ماسوشوستس. أثناء هذه السنوات حوالي 16,000 مستوطن وصلوا من إنجلترا. و تلك الفترة أيضا لم تخلوا من الإرهاب الأمريكي حيث هاجم المتشددون قرية بيكوت، و ذبحوا تقريبا حوالي500 من الرجل و النساء والأطفال، وباعوا العديد من الباقين على قيد الحياة كعبيد.
صورة للمستوطنات الانجليزية في منتصف القرن السابع عشر
حروب الملك فيليب
رسم يمثل الملك فيليب
عودة للحرب الفاصلة:
تناولنا و إياكم في الحلقات الماضية عرضا سيناريو الحرب المفترضة و الذي وضعه واينبرجر ثم تناولنا بعض المواقف الحالية لبعض الدول تجاه هذه الحرب و أثبتنا أن الحروب قد تندلع في أي وقت و أن السبب رغم تفاهته قد يكون سببا لحرب ضروس و تناولنا البعد الامبراطوري لايران و انها تحاول استعادته ثم أوضحنا كذلك البعد التاريخي لأمريكا و كيف تدرجت الى أن شكلت امبراطورية فريدة في العصر الحديث.
و لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل فعلا ممكن لهذه الحرب أن تنشب؟ و الجواب على هذا التساؤل يحتاج منا إلى تفكر، فهناك عدة اتجاهات يمكن أن تحدد لنا الإجابة أحدها يتمثل في هذا الكم الهائل من التكهنات و الدراسات و البحوث و التي تنبأت بحدوث مثل هذه الحرب و تناولتها الصحف و المجلات و ناقشتها قنوات الفضائيات تجيب بالإيجاب لاسيما أن حالات كثيرة مشابهة بالفعل سبقتها تكهنات بحدوثها و حدثت فقبل أحداث سبتمبر كان هناك تكهنات بعمل ضخم يضرب أمريكا و كذلك حرب أفغانستان و العراق و حتى الصومال سبقتها تكهنات و أبحاث و دراسات و إن كانت تختلف في التفاصيل الدقيقة إلا أنها اتفقت في النتيجة الحتمية، و الأخر يتمثل في تهيئة الملعب لمثل هذه الحرب من الأطراف اللاعبة فيه فهناك استعدادات لم يسبق لها مثيل من إيران و أمريكا كلها أيضا تدل أن شئ ما سيحدث، و هناك اتجاه أخر يتمثل في بعض الاحداث التي تحدث هنا أو هناك و يمكن اعتبارها مكملة لذلك الجو الضبابي الذي يخيم على منطقتنا و تصب كلها في مستنقع هذه الحرب المفترضة.
بالطبع سنوسع بحثنا بإذن الله في تناول النقطة الثانية أما الاولى و الثالثة سنتسفيد منهما في طيات حديثنا.
ماذا أعدت ايران لهذه الحرب:
نشرت جريدة المصري اليوم المصرية على مدى أربع حلقات خلال الفترة من 9-3-2007 الى 6-4-2007 تقريرا تناولت فيه هذه الحرب و أوسعتها بحثا و قد كانت الى حد بعيد متفقه معنا في كثير مما طرحناه في هذا الموضوع. بخصوص للاستعدادات الإيرانية ذكر الكاتب طارق الحريري (المصري اليوم 6-4-2007) موضحا الإستراتيجية الإيرانية في المواجهة بعد أن ذكر عدة مواضيع مختلفة و أنها تتمثل في المحاور التالية:
المحور الأول: التغلغل الإقليمي في مناطق متفرقة وإرساء قوي موالية قادرة علي خلخلة الأوضاع في المنطقة بدءاً من إثارة القلاقل وصولاً إلي إحداث فوضي عارمة ولا ينحصر اتباع إيران في المنطقة في حزب الله وجزء كبير من شيعة العراق، فهناك الحوثيون في اليمن والجبهة الإسلامية لتحرير البحرين من الشيعة الأصوليين، إضافة إلي العلاقات القوية بسوريا وحركة حماس،
وإذا كان البعد الإقليمي قد لاقي اهتماماً كبيراً في المخطط العام للردع اللامتماثل فإن هناك نشاطاً مكثفاً لانتشار خلايا إيرانية في أماكن متفرقة من العالم وتدعي تقارير المخابرات الأمريكية وجود تعاون إيراني مع منظمات مناهضة علي اختلاف توجهاتها الأيديولوجية في أوروبا وأمريكا اللاتينية إلي حد وجود قاعدة لفيلق القدس في جزيرة مارجريت في فنزويلا وتتلاقي الادعاءات الأمريكية مع تهديد خامنئي للمصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم بإيقاظ الخلايا النائمة إذا تعرضت بلاده للهجوم.
المحور الثاني: إنشاء قاعدة قوية لتصنيع السلاح والاهتمام بنوعية الأسلحة التي تحقق أهداف المشروع الإيراني لبناء قوة إقليمية وقد ظهر هذا جلياً في الطفرة التي تمت في مجال الصواريخ الباليستية التي تمثل أداة ردع رئيسية في القوة العسكرية الإيرانية، بالإضافة إلي صناعة متقدمة جداً في مجال الألغام البحرية وبناء قطع بحرية متفاوتة الأحجام والاهتمام بعدد ضخم من الزوارق الصغيرة لتستخدم كطوربيدات بشرية انتحارية، إضافة إلي صواريخ أرض / بحر، وبحر / بحر لضمان موقف قوي ومسيطر في الخليج.
المحور الثالث: إعداد قوات برية وبحرية ذات طبيعة استشهادية يمكن من خلالها تحريك موجات كثيفة ومتتالية في اتجاهات مؤثرة دون التفات للخسائر البشرية مما يشكل تهديداً خطيراً لأوضاع القوات المعادية الأرضية، ولاسيما أن الرغبة في الاستشهاد عند هذه القوات الإيرانية مكون أساسي في جوهر الاعتقاد وليست نوعاً من الشحن المعنوي أو الإحماء النفسي للقتال فهؤلاء الاستشهاديون يحلمون باختصار الطريق إلي الجنة مما يعني ضراوة مواجهتهم وانتفاء إمكانية استخدام أساليب الحرب النفسية ضدهم والسيطرة ميدانياً علي تقدمهم مهما بلغت الخسائر بينهم.
ثم تكلم عن كيف سيكون الرد الايراني على الضربة المتوقعة:
١- إغلاق مضيق هرمز بإغراق قطعة أو أكثر من ناقلات البترول في المضيق، وتعطيل الملاحة فيه تماماً وتلغيمه وتهديد متواصل بالصواريخ.
٢- محاولة ضرب قطعة بحرية أمريكية من حاملات الطائرات التي من المنتظر أن يصل عددها إلي ثلاث وقت بدء العملية لإحداث تأثير إعلامي دولي يهز هيبة الولايات المتحدة ويضعف معنويات جنودها.
٣- ضربات متفرقة بالصواريخ الباليستية علي القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج والعراق.
٤- هجوم بري كثيف واحتلال جنوب العراق لقطع الإمدادات عن القوات الأمريكية في الشمال وحصارها وعزلها استعداداً لمرحلة تالية إن أمكن هذا.
٥- تحريك العناصر الموالية في المنطقة للضغط علي الحكومات وبناء رأي عام ضاغط أيضاً لتقليل إمكانية الدعم اللوجيستي لأمريكا ومحاولة إرباكها بفوضي تعم الإقليم.
٦- إيقاظ الخلايا النائمة في أنحاء متفرقة من العالم وفي داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وقيامها بمهاجمة المصالح الأمريكية والأهداف الحيوية.
٧- ضرب آبار البترول في المنطقة لوقف ضخه بالوسائل المختلفة من كامل الإقليم مما يشكل رأي عام دولياً ضاغطاً وإن كان العالم قادراً علي تحمل الأزمة بتروليا في حالة اشتعالها إذا نجحت الضربة في تحقيق أهدافها سريعاً.
و لكل نقطة من هذه النقاط وقفات طويلة تحتاج منا إلى البحث و المناقشة و لكن سوف يقتصر بحثنا بمشيئة الله على ثلاث نقاط فيما يتعلق بالاستعدادات الإيرانية:
1- الإعلام
2- العمل الاستخبارات
اليوم بمشيئة الله مناقشة الاستعدادات الايرانية للحرب المقبلة و نبدأ بالاستعداد الاول
1- الاعلام
لا تستغرب يا اخي اذا جعلنا الاعلام أول وسائل الاستعداد للحرب فضلا عن استغرابك لذكره في هذا الخصوص أيضا! و الحقيقة انه لا عجب في ذلك فالاعلام من اهم وسائل التوجيه سواء في السلم أو الحرب.
ان الاعلام اليوم يخضع لاستخدامات تفوق الحصر، فهو أداة للتنمية و اداة لصراع العقائد و المصالح و وسيلة للدعاية و الحرب النفسية و العلاقات العامة و الاعلان و كما انه اداة للتحول الديمقراطي فهو في الوقت ذاته اداه في يد الديكتاتورية و التسلطية انه دائما سلاح ذو حدين هو في احدهما اعلام عن الحقائق التي تتصف بالصدق و الدقة الموضوعية و في ثانيهما اداة للتضليل و التزييف و التعمية. هكذا تناول الدكتور/تيسير أبو عرجة وظائف الاعلام المتعددة و قال في موضع أخر "و نحن في هذه المنطقة من العالم عشنا و ما نزال فصولا كثيرة من الحرب النفسية ذات الصلة الوثيقة بالحروب الفعلية التي عايشناها و ذقنا مرارتها و يشرف على هذه الحرب النفسية عادة خبراء الدعاية و الاعلام الذين يجيدون لغة الاعلام و تأثيراته و قواعد علم النفس الاجتماعي ناهيك عن فهم الاهداف التي تسعى هذه الحرب لتحقيقها مع التذكير بأن الحرب النفسية تتصل مباشرة بمحاولات التدخل الاجنبي في شؤون الاخرين سواء من خلال الغزو العسكري المباشر أو اشكال الهيمنة الاخرى"
لقد أجادت ايران الحديثة استخدام الورقة الاعلامية و تمكنت منذ اليوم الاول لولادتها و حتى قبل ان تولد ان تلفت الانتباه اليها و تجذب اليها جموع المسلمين بمثابة مغناطيس اسلامي يلعب على عواطف و مشاعر عموم المسلمين لأن ينضموا لصفها، لقد ارادت جمهورية ايران الاسلامية ان يحقق لها الاعلام عدة اهداف الاول هو اظهارها بمثابة المدافع عن المسلمين و الحامي لهم و من ثم يضمن ذلك تعاطف المسلمين معها و الثاني القدح في كل الانظمة العربية المحيطة بها حتى اذا قررت شيئا ما تنصل العرب عن قياداتهم و بالتالي يتحقق مبدأ العبيد لا ينتصرون فتنتصر ايران اذا حدثت مواجهة ما مع دول الجوار، اذا يمكنا القول ان الكلام السابق يمكن تطبيقه حرفيا على ايران.
لو عدنا قليلا بالتاريخ للوراء سنجد ان الثورة الاسلامية قد تم الاعداد لها اعلاميا بكل دقة و حرفية، لقد سلط الاعلام الغربي الضوء على قائد الثورة الخميني و اظهرته على انه ثائر مسلم و مصلح هب لنجدة المسلمين و نصرتهم فأخذت هذه الوسائل تتبع خطوات الرجل منذ معاداته العلنية للشاه ثم صدور حكم الاعدام عليه ثم العفو عنه و ايداعه في المنفى فتم استقباله في النجف بعد ان رفضت باكستان استقباله و توجهه لتركيا غير انه لم يسترح هناك فوجد في النجف قاعدة للانطلاق و وجد ابواقا تنشر كلماته النارية عن الثورة و تحرير الاراضي المغتصبة و مقارعة الشيطان الاكبر و الاصغر ثم طرده من العراق و رفض الكويت استقباله فاستقبلته فرنسا و وفرت له خط تليفون مباشر ليتحاور مع انصاره في ايران يقول جرهارد كونسلمان ......... و استطاع الخوميني دون ان تستطيع السافاك منعه شتم الشاه و سبه بالكلب الاجرب و استطاع دون خوف من عقاب و من خلال وكالات الانباء و شبكات التلفزيون أن يسمع كلامه في العالم كله، بمطالبة الشيطان رضا بهلوي بالتخلي عن العرش.......
و لم تكن فرنسا المروج الوحيد لاسطورة الخميني فقد ساندت هيئة الاذاعة البريطانية الخميني بشدة و كانت تبث الدعوة لقلب نظام حكم الشاة بصورة مباشرة بالاضافة الى اذاعة بياناته و خطبه و محاضراته لتحريض الشعب ضد محمد رضا (امال السبكي)
الغريب ان وكالات الانباء العالمية لم تخرج لتصفه بالارهابي الذي يقارع الحكام الشرعيين و الذي يدعو لمحاربة و القضاء على امريكا و اسرائيل بل وجد له الابواق الاعلامية التي يتكلم فيها و يقول ما يشاء ان هذا يدل ان وراء الاكمة ما وراءها و ما هي الا سنوات قليلة حتى اتضحت الاهداف الخفية وراء ذلك.
و بعد قيام الثورة و نجاحها و نقل عودته الى ايران على متن الطائرة الفرنسية لم تتوقف وسائل الاعلام عن نقل خطبه فحسب بل نقلت حياته الشخصية و زهده و تقواه و لين حديثه مع من يزوره و ذلك لاكمال الصورة للرجل الاسطورة الذي يقود المسلمين في هذا العصر و بالفعل تأثر المسلمون كثيرا بهذا الفخ و وقعوا فيه وقوع الفراش في النار و تناولت مجلات مثل الرائد و المجلة في هذه الايام عظمة و روعة هذا القائد الجديد الذي يعادل عمرو بن العاص و صلاح الدين.
هذا الجانب اردت ان اعرضه عليكم لأبين لكم اللعبة الاعلامية كيف تصنع الثورات و تصنع الابطال و كيف ترفع اناسا و تضع أخرين و كيف يسقط في فخها الشخص البسيط الذي يتعامل بعواطفه و حواسه لا بعقله.
و ما اشبه اليوم بالبارحة فها هي ذا هالات التعظيم و التبجيل تتنزل على أحمدي نجاد و تنقل وسائل الاعلام بقصد أو عمد لحياة الرجل و زهده و تقواه و كيف انه ينام على الارض و منع السجاد الفاخر في قصره و انه يكنس الشوارع بنفسه و هو مع ذلك قوي مع الاعداء و شديد و يهددهم و يتوعدهم فترتسم صورة في ذهن الناس و تقارن بينه و بين حكامهم فيستحقرونهم امام تبجيلهم لتواضع هذا الرجل و قوته و شدته على الاعداء دفاعا عن الاسلام و المسلمين و بالطبع لو قلت لأحدهم تمهل ان هذا المتواضع قال انه لا مانع لديه من حيث المبدأ اذا ما أراد المخرج الامريكي أوليفر ستون تقديم فيلم عنه (جريدة المصري اليوم) و اذا ما قلت لاحدهم تمهل ان هذا المدافع عن الاسلام و المسلمين قال ان الرسوم المسيئة للرسول و التي نشرتها صحيفة نيركيس اليهنيدا السويدية لم تؤثر على العلاقات بين استوكهولم و طهران (المرجع السابق) لوجدت عبارات التخوين من نصيبك فضلا عن اتهامك في دينك.
و كما أن الاعلام الايراني يتعامل بمبدأ الجزرة فهو يتعامل ايضا بمبدأ العصا فهناك العشرات من التهديدات الموجهة لامريكا و اسرائيل و التعهد بضرب مصالحهما أنى كانت و بالطبع الخليج من أول هذه المصالح و من هذه التهديدات توعد قيادي بالحرس الثوري الايراني اعداء ايران بجحيم في الخليج اذا هاجموها (الاخبار المصرية)
اذا اجادت ايران لعبة الاعلام قديما مثال ذلك كما اشرنا ولادة خميني و ثورته و مثال أخر لن نخوض فيه بل نذكره فقط الا و هو احتلال السفارة الامريكية فالكل يعرفها، و تذكرني هذه القصة الى حدو بعيد بقصة البحارة البريطانيين الذين القت البحرية الايرانية القبض عليهم و لن أذكركم بتفاصيل القضية و لكن أعرض عليكم تفاصيل الافراج عنهم حيث "
بدأت الحكومة الايرانية اعمالها الرسمية للعام الايراني الجديد أمس بمفاجأة تلفزيونية للدول الغربية باعلانها اطلاق سراح البحارة البريطانيين الـ15 الذين احتجزتهم منذ 23 مارس (اذار) الماضي. وبعد خطاب طال اكثر من نصف ساعة ركز على انتقاد الولايات المتحدة وبريطانيا، اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد: «على الرغم من حقنا في محاكمة البحارة، ايران تسامح هؤلاء البحارة الخمسة عشر وتعطيهم حريتهم كهدية للشعب البريطاني».
واستقبل أحمدي نجاد الجنود البريطانيين بعد خطابه. وبعد ثلاث ساعات من اعلان احمدي نجاد، ظهر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وبجواره وزيرة خارجيته مارغريت بيكيت ليعبر عن ترحيبه بخبر اطلاق سراح البحارة، ووجه بلير كلاماً للشعب الايراني بهذه المناسبة، قائلاً: «نرغب في حل خلافاتنا مع حكومتكم سلميا ولا نضمر لكم سوء النية». وعلمت لندن بنبأ إطلاق البحارة تلفزيونيا." الشرق الاوسط
من ضمن الانجازات الاعلامية ايضا هو تمكن ايران من زرع ابواق في عالمنا العربي و الاسلامي يدافع عن ايران بكل ما أوتي من قوة بعضهم قوميون و بعضهم اسلاميون و كما قلت لكم مرات عديدة انه ثمة تناقضات في نظامنا الرسمي و المعارض القومي و الاسلامي و من ضمن هؤلاء اشخاص و أنا أذكربعضهم هنا و و الله لا اتهمهم بخيانة أو عمالة لايران لاني لا أملك دليل على ذلك و الله مطلع علي و لكن من باب حسن الظن نصفهم بانهم مخدوعين و هذه امثلة على ما أقول:
د/ محمد حبيب نائب المرشد العام للاخوان المسلمين يقول ان من حق ايران التجاوز في دورها في المنطقة العربية و جاء ذلك ردا على سؤال في برنامج بلا حدود في قناة الجزيرة بتاريخ 15/8/2007 يقول السؤال ترون الدور الإيراني تجاوز من قبل إيران في المنطقة العربية أم أنه حق طبيعي ومشروع؟ فاجاب هو الدور الإيراني حق ومشروع وهو ربما يدعو إلى القلق ولكن قلق مقدور عليه، لكن الدور الأميركي دور مخيف ويجب أن يواجه بكل حسم وبكل نشاط وفاعلية( انتهى) طبعا رد مثل هذا من شخصية مثل هذه يدل عن عدم وعي سياسي بالمخططات الفعلية لايران و تهوين من شأنها.
أنيس النقاش - برنامج الاتجاه المعاكس 29-8-2006 يستكثر على الدول العربية ان تشتري اسلحة لمواجهة اعدائها بل و يصف ذلك استجابة للضغوط الامريكية و الاوربية لمحاربة ايران و يدعو الى عمل حلف مع ايران و هذا نص كلامه (خطورة هذه الصفقة أنه بعد أن انتهت حروب إقليمية في منطقة الخليج مستمرة في العراق ظهرت مسألة القرار الأميركي الخروج من العراق، هذا ليس كلامي كلام كل الخبراء الإستراتيجيين الأميركيين أن اليوم هناك قرار بالخروج من العراق هذا سيعطي ماذا؟ فراغ إستراتيجي في المنطقة يؤدي إلى أن ما كانت تحمله أميركيا كمسؤولية عسكرية في المنطقة لن يكون موجوداً في المستقبل وبالتالي بدأت الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها يقول من يعبيء هذا الفراغ؟ عليكم أن تتسلحوا، هناك خطر إيراني.. بادرت إيران بادرنا أنا تحدثت في هذه الحلقات وفي حلقات أخرى، علينا فوراً أن نسرع لإقامة منظومة أمنية إقليمية بين الدول الإسلامية، عندما تخرج أميركا إلى جهنم لتخرج من هنا لا يجب أن يكون هناك فراغ، لا يجب أن تخاف دولة من دولة أخرى، نؤمن حدودنا، نقول ليس هناك تغيرات حدودية بتاتاً، تبقى الأنظمة كما هي، نذهب جميعاً من أجل التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ونحافظ على أمننا بمنطق مقبول في هذه المنطقة، الذي يحصل اليوم أنه العكس من لبنان مروراً بالسعودية ومصر والمواقف ما أشاهده اليوم ليس فقط شراء صفقة وليس شراء أسلحة، ما أشاهده اليوم أن هناك محور يتركب بعد الفراغ الأميركي هو أشبه بالمهمة التي أوكلت إلى الشاه بعد الانسحاب البريطاني من الخليج، عندما انسحبت بريطانيا من الخليج أصبح هناك فراغ عسكري وأمني، إلى من أوكلت هذه المهمة؟ أوكلت إلى شاه إيران الذي أيضاً أغرق بلاده بصفقات الأسلحة الكبيرة وشاهدنا ما حصل به)
يمكن القول ان هؤلاء و امثالهم يروجون لايران سياسيا و هناك من يروج لها دينيا و المثال على ذلك أ. محمد سليم العوا الامين العام لهيئة العلماء المسلمين ففي برنامج الشريعة و الحياه على قناة الجزيرة بتاريخ 13/8/2006 يقول (كنت أقول لك ولا زال أقول إن السياسة تفسد ما يبنيه أهل الفكر وأهل الفقه وأهل الدين، السياسة الإيرانية قد يكون لها أطماع في العراق وفي غير العراق ولكن علماء إيران وفقهاء إيران والمراجع الدينية الشيعية في العراق وفي إيران في وادي وآخر وينبغي أن يكون جهدهم كله موجه إلى الحيلولة بين العمل السياسي وبين إفساد العلاقة السنية الشيعية، ما قاله أخونا العزيز العلامة الشيخ الحارث الضاري وهو بالمناسبة عضو معنا في اتحاد علماء المسلمين.. عضو فاعل ومؤثر، ما قاله قد يكون منطبقا على الواقع السياسي اليوم في العراق، لكن هذا الواقع السياسي ليس إفرازا للتشييع والتسنن، هذا إفراز لعلاقة تاريخية قديمة بين العراق وإيران، علاقة تاريخية قبل أن تأني الثورة الإسلامية من أيام الشاة ومن قبله ومن أيام أبوه قبل أن يأتي صدام حسين، هذه علاقة قديمة تتوارثها الحكومات لأن المصالح السياسية والأطماع السياسية بين قوسين لا تتعلق بالفكرة المذهبية أو العقيدية التي تحكم العمل السياسي، أنا أدعو إلى أن يقوم العلماء بدورهم في إزالة الجفوة بين الفرقتين الكبيرتين من أهل الإسلام.. بين السنة والشيعة وأن تتركنا السياسة في حالنا) كلام واضح لا يحتاج لتعليق
و أخيرا نعرض لتقرير نشتره بي بي سي العربية عن ايران و اجتزئنا منه الشق الاعلامي
تعتبر وسائل الإعلام الداخلية التي تسيطر عليها الدولة مسرحا تتم فيه تصفية الحسابات في الصراع على النفوذ والسلطة الدائر بين أجنحة النظام في إيران.
يرى أغلب المحللين أن حرية الإعلام النسبية مكسب حقيقي للسياسة الإصلاحية لحكومة الرئيس خاتمي، و لهذا السبب أصبح الإعلام الهدف الأساسي للمحافظين في صراعهم مع الإصلاحيين.
وتجدر الإشارة إلى أن الصحافة المكتوبة في إيران تتمتع بقدر أكبر من الحرية مقارنة بالإذاعة والتلفزيون.
الصحف ووكالات الانباء
وكالة انباء الجمهورية الاسلامية
وكالة انباء الطلبة المسلمين
منعت في إيران العديد من الصحف ذات الميول الإصلاحية، وأودع عدد من الصحافيين السجن منذ أبريل/ نيسان 2000. كما اتهم أنصار التيار الإصلاحي المحافظين الذين يسيطرون على النظام القضائي بتقديم تنازلات للمتشددين.
تعتبر صحيفتا "إطلاعات" و"كيهان" من أهم الصحف في إيران، ولبعض الصحف الإيرانية مواقع على الإنترنت، ومن بين هذه الصحف "إيران نيوز" بالإنجليزية و "إيران ديلي" و"طهران تايمز" بالإنجليزية و"الوفاق" بالعربية.
الإذاعة والتلفزيون
شهدت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية بعض التغيرات ولكنها تظل خاضعة لقيود أكثر من الصحافة المطبوعة.
فرضت إيران حظراً على أجهزة استقبال القنوات الفضائية في عام 1995، لكن الحظر يطبق بدرجات متفاوتة ، بحيث يتم التسامح مع الأطباق اللاقطة إلى حد ما.
ويقال إن القنوات التلفزيونية الفضائية التي يديرها منفيون إيرانيون في الولايات المتحدة قد لعبت دورا في الاحتجاجات الطلابية التي شهدتها البلاد عام 2003.
ويتمتع التلفزيون بشعبية كبيرة في إيران؛ فأكثر من 80 بالمئة من السكان يشاهدون التلفزيون.
وأكثر القنوات شعبية هي القناة الحكومية الثالثة، قناة الشباب.
وتبث الإذاعة الإيرانية الرئيسية على مدار الـ24 ساعة في اليوم. وهناك قناة ثانية تغطي ضمن برامجها أعمال البرلمان. وتبث إذاعة القرآن الكريم برامج دينية ومن بينها تلاوة وتفسير القرآن الكريم.
تملك مؤسسة الإذاعة في جمهورية إيران الإسلامية ست شبكات مركزية تغطي نشاطات وأعمال الحكومة وتقدم البرامج الدينية وتبث بعض البرامج والأفلام. وتوجد عدة قنوات إقليمية متخصصة في مجال العلوم والأفلام والرياضة والرسوم المتحركة والأخبار المحلية.
وما زالت إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في إيران عاكفة فيالسنوات الأخيرة على توسيع نطاق خدماتها، بحيث تقوم بإضافة أقسام جديدة بلغات أجنبية، وبرامج وبث إذاعي عبر الانترنت.
ويقوم العديد من الإذاعات الدولية ببث برامج إلى إيران. ومن بين هذه الإذاعات "راديو فردا" (راديو الغد)، وهي إذاعة تتلقى دعما من واشنطن تركز على البرامج الترفيهية وتستهدف الشباب. انتهى
و طبعا الاعلام الموجه للايرانيين يختلف كليا عن الاعلام الموجه للعرب في الطرح و التوجيه، و طبعا لعبت الفضائيات دورا هاما في اكمال اللعبة العلامية الايرانية و تبث حاليا قنوات ايرانية باللغة العربية و هي العالم و سحر و الكوثر هذا ناهيك عن الفقرة العربية في القنوات الارضية التي تغطي بعض الدول المحيطة بايران و كذلك البث الاذاعي مثل صوت الثورة الاسلامية في ايران و صوت القدس - أظنها أغلقت - و غيرها
طبعا الاذاعات الايرانية الموجهة للعرب فيها ما فيها من الاثارة و التشجيع على الثورة و الخروج على الانظمة و لقد سمعت بأذني في حقبة التسعينات عندما كانت تعصف العمليات الارهابية في شوارع القاهرة سمعت الفقرة العربية في الاذاعة الايرانية تبارك العملية و تصف منفذيها بالثوار الذين يريدون زرع بذور الثورة الاسلامية و كذلك تقوم بترجمة خطب الخميني و عرضها للغرض نفسه-------------------المراجع
تيسير ابو عرجة - دراسات في الصحافة و الاعلام - 2000 - دار مجدلاوي للنشر و التوزيع - الاردن
جرهارد كونسلمان - سطوع نجم الشيعة (الثورة الايرانية من 1979-1989) - 1993- ترجمة احمد ابو رحمة - مكتبة مدبولي القاهرة
امال السبكي - تاريخ ايران السياسي - 1999 - سلسلة عالم المعرفة - الكويت
المصري اليوم 30 أغسطس 2007
الاخبار المصرية 21/8/2007
الشرق الاوسط - 5 ابريل 2007
ارشيف قناة الجزيرة على الانترنت
تصدير الثورة الايرانية لدول الجوار يأتي على اول الاولويات و هذا بات جليا منذ اليوم الاول لانطلاق ثورة الخميني و عملت ايران منذ ذلك اليوم على كسب تعاطف العالم الاسلامي بكلمات رقيقة تدغدغ القلوب و تحرك المشاعر و استخدمت في ذلك الة اعلامية ضخمة عملت لها كأبواق لاحداث هذا التعاطف و هذا يعتبر بمثابة الجزرة و قد تناولنا ذلك في الموضوع السابق، و لكن هناك ايضا عصا ايرانية بجوار جزرتها تتمثل في التهديد و الوعيد و اظهار نفسها على انها بيدها ان تزيل حكومات الجوار من مقاعدهم باشارة باصبعها، الا انها و قبل هذه المرحلة فكرت في كيفية السيطرة و الهيمنة و اظهار نفسها كانها القائد الفعلى للدول الاسلامية و بالطبع لن يتأتى ذلك الا وفق مؤسسات تكون هي المسيطرة عليها، المهم و قبل البدء في خطوة الضرب تحت الحزام نشير الى مثال بسيط جدا لمخططات ايران الحقيقية و تم ذلك في الندوة السياسية لعلماء الدين في ايران خلال الفترة من 7 الى 12 /7/1984 و قد حضر هذه الندوة قادة ايران مثل منتظري نائب الخميني و خامنئى رئيس الجمهورية و مشكيني و رفسنجاني و غيرهم و مما أضفى على هذه الندوة اهمية انها كانت تسبق موسم الحج لعام 1404 هـ و كذلك التعاهد على عدم اعلان نتائج الندوة و جعلها سرية، المهم الندوة تمخضت عن مجموعة من النقاط:
1- فكرة العمل على تغيير المفاهيم الخاصة بالحج
2- فكرة الدعوة الى تغيير اسلوب ادارة الحرميين الشريفيين
3- فكرة الدعوة الى انشاء مجمع فقهي علمي
4- الدعوة الى انشاء مصرف اسلامي دولي
5- فكرة التمهيد لوضع دستور اسلامي مشترك
6- فكرة انشاء وكالة انباء اسلامية
7- فكرة العمل على تحقيق اهداف الثورة الاسلامية
يقول الدكتور محمد السعيد عبد المؤمن "و بنظرة واعية الى الافكار التي طرحها زعماء النظام الايراني في هذه الندوة يمكن ان ندرك ان عددا من هذه الافكار قد طرح للاستهلاك الاعلامي و التمويه على النقاط الاساسية التي تعتبر اهدافا اصلية للنظام، فالفكرة الاولى المتعلقة بتغيير مفاهيم الحج و الثانية المتعلقة بتغيير اسلوب ادارة الحرميين الشريفيين و السابعة المتعلقة بالعمل على تحقيق اهداف الثورة الاسلامية هي جوهر النقاش في هذه الندوة، اما النقاط الاخرى فهي افكار تثار بين الحين و الحين على مستوى المفكرين الاسلاميين و قد ثار الجدل حولها مرارا لذلك فان زعماء النظام الايراني قد اضافوها الى نقاط بحثهم دون ان يقدموا فيه جديد واضحا مما يؤكد انها لم تطرح لذاتها و انما للتغطية على حقيقة اهداف هذه الندوة" انتهى
تعتبر مثل هذه الافكار بمثابة مرحلة اخرى من مراحل محاولات السيطرة الايرانية على المنطقة بما تحويه من مقدسات اسلامية تهفو اليها قلوب المسلمين في العالم، و لكن فيما يبدو بدا امام ناظري السياسي الايراني ان هذه الامور لن تؤتي أكلها فبدأت تفكر في استخدام القوة و عملت على ان يبدو دورها في ذلك خفي و غير ظاهر للعيان و ذلك عن طريق احداث القلاقل و الاضطرابات في الدول المستهدفة بحيث يكون ذلك نواة للثورة التي تريد ايران تصديرها، أي ان ايران تريد خلق ظروف مشابهة لتلك الظروف المواكبة لقيام ثورتها في ايران و نقلها الى دول الجوار، فهل تعتقد ان هذا يمكن ان يتحقق بدون تخطيط محكم و بدون جهاز مخابراتي على أعلى مستوى؟ و لعل كان من نتاج ذلك حدوث سلسلة من التفجيرات في دول عربية مجاورة و اختطاف طائرات و محاولات لاغتيال حكام و هذه الامور معروفة مشهورة، و لا يخفى عليكم بالطبع احداث الحرم و كيف تم التوجيه و الشحذ المعنوي بوسائل الاعلام الايرانية حيث انه تم اختيار الحجاج من بين المفجوعين من اسر قتلى الحرب مع العراق او الجنود المصابيين و كان رئيس البعثة الحج هو مهدي كروبي و هو من رفقاء الخميني المتشددين الثوريين و الذي له قدرة كبيرة على الحتكاك بالجماهير و التأثير عليهم و منع الخميني في هذا العام من سفر كبار رجال الدولة للحج مع هذه البعثة و اقام ندوة للحجاج لمدة اسبوع يوجهونهم الى ما سيفعلونه بالضبط في هذا الحج و ان من يخالف هذا فهو أثم و طبعا طبيعة هؤلاء الحجاج المشحونة تجاه الدول العربية المساندة للعراق في حربه مع ايران لعبت دورا في هذه الاحداث التي حدثت ناهيك عن الدور الذي لعبه بعض رجال المخابرات المدسوسين
و لكن قبل هذا نعود بكم الى الوراء قليلا و نذكركم بسيناريو واينبرجر حيث اشار انه بسب عدم قدرة إيران على الوصول إلى الأجواء الأمريكية، فإنه ينبغي أن تفعل الخلايا السرية الإيرانية الموجودة في الولايات المتحدة منذ السبعينات للقيام بـواجبها المقدس في محاربة الشيطان الأكبر. يقوم شخص ما لبناني امريكي الجنسية و خريج كلية الاقتصاد في لندن و يعمل منذ سنوات في سوق المال بنيويورك بالتوجه بحقيبة صغيرة إلى مقر عمله في الصباح كالمعتاد. ولكنه هذه المرة يحمل في حقيبته بدلاً من أوراقه المعتادة وأرقام هواتف زبائنه متفجرة كيماوية شديدة الانفجار يخبئها بعناية في أرضية المبنى ثم يغادره على عجل.
و هذا يقودنا الى سؤال هل ايران لها خلايا نائمة تعمل في كل مكان و هل هذه الخلايا لها القدرة على احداث عمليات ما شبيهة بتلك التي نسبت الى ايران في دول الخليج و للاجابة على هذا السؤال يمكن ان ننظر الى تصريحات القادة الايرانيون بأنهم سيضربون بقوة البرق و في اي مكان ! مع الاخذ في الاعتبار ان السلاح الايراني لا يمكن ان يصل الى كل بقاع العالم فبهذا نستبعد فرضية ان تكون الضربة عسكرية و لكنها ضربة مخابراتية!!!!
و وفق التقارير الواردة فانه هناك نشاط مكثف للتنظيمات الموالية لايران في الدول العربية و الغربية فنقل لواء اركان حرب حسام سويلم انه تشير تقارير أجهزة المخابرات الغربية إلى أن المسئولين فى إيران قد اتخذوا منذ شهرين قراراً بإعادة تفعيل مشروع تصدير الثورة والإرهاب، واستخدامه كسلاح فى مواجهة المخططات الأمريكية وأن مرشد الثورة على خامنئى صدق على المخطط الاستراتيجى التنفيذى لهذا المشروع، ولكنه وضع فى الاعتبار تقارير وضعها مجلس الأمن القومى الإيرانى حذر فيها من بغية تجاوز خطوط حمراء فى المواجهة مع الولايات المتحدة حرصاً على عدم استفزازها لتسريع الضربة العسكرية الكبرى المتوقعة. وهذه الخطوط تشمل: عدم إغلاق مضيق هرمز، عدم تنفيذ عملية إرهابية ضخمة على وزن أحداث 11 سبتمبر 2001 يذهب ضحيتها أعداد كبيرة من الأمريكيين عسكريين ومدنيين، هذا بالإضافة لعدم فتح مواجهة جديدة مع إسرائيل فى لبنان بواسطة حزب الله.
و استطرد قائلا " و فى آخر المعلومات أن طهران أنجزت ثلاثة استحقاقات الأول، تنظيم القاعدة، والثانى، خاص بتنشيط الاتصالات مع تنظيمات عربية وغربية غير إسلامية تعارض السياسة الأمريكية، أما الاستحقاق الثالث، فهو يتعلق بإنشاء فيلق الخليج أو ما يطلق عليه حزب الله الخليجى" و اشار ايضا "صدر قرار إيرانى بتنشيط مكتب حركات التحرر، وإعداد خطة لمعاودة الاتصال بين مسئولى هذا المكتب والتنظيمات الإسلامية المتطرفة- سواء شيعية أو سنية- التى تدور فى فلك إيران، يدخل فى هذا الإطار حزب الله فى لبنان، وحزب الله الخاص بدول الخليج العربية، والمنظمات الفلسطينية المتشددة والرافضة الاعتراف بإسرائيل- ومنها حركة حماس والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية والجهاد، ومعظمها يقيم قادتها فى سوريا-، وأحزاب المعارضة الإسلامية المتواجدة فى الدول العربية مثل الإخوان المسلمين، والجماعات الإسلامية والجهادية وجبهة الإنقاذ فى الجزائر، بالإضافة للاستقطاب تنظيم القاعدة وفروعه التى برزت فى السنوات الأخيرة فى بلدان الشرق الأوسط، لاسيما فى بلدان الخليج وجنوب آسيا وآسيا الوسطى"
و وضح كذلك "أنه فى إطار الاستراتيجية الإيرانية الجديدة لتصدير الثورة إلى دول الخليج العربية، إعادة تنشيط حزب الله الخليجى - وتطلق عليه بعض التقارير فيلق الخليج - وهو أحد أفرع فيلق القدس، ومتخصص فقط بالعمليات فى بلدان الخليج العربية، وهو يضم أكثر من 1500 عنصر من المتطرفين فى هذه البلدان من الشيعة والسنة على السواء، ويتوزعون على كتائب باسم هذه الدول - مثل كتائب البحرين، وكتائب الكويت ... الخ - ويتم تدريب هذه العناصر وتنظيمها وتسليحها فى عدة معسكرات ودول من أجل إبعاد الشبهة عن إيران. ومن هذه المعسكرات تم رصد معسكر الهرمل فى شمال البقاع اللبنانى، ومعسكر الزيدانى فى سوريا، ومعسكر آخر بالقرب من الحدود السورية - العراقية، وثكنة الإمام على قرب طهران، ومعسكر فى منطقة ديالى بالعراق. هذا إلى جانب افتتاح أربعة معسكرات مؤخراً فى العراق لتدريب عناصر حزب الله الخليجى على العمليات الانتحارية وتفخيخ السيارات وحرب العصابات، إضافة إلى استخدام معسكرات جيش المهدى فى العراق بإشراف ضباط من فيلق القدس."
ثم تكلم بعد ذلك عن مخططها بالنسبة للكويت "وكانت تقارير أجهزة المخابرات والأمن الخليجية قد تحدثت عن عمليات تهريب سلاح كثيفة من إيران ليست قاصرة فقط على العراق لدعم العناصر الشيعية التابعة لها هناك، ولكن تستهدف أيضاً وتخفى مشروع فتنة يمتد إلى الكويت والبحرين بشكل خاص. فقد تبين أن السيطرة الإيرانية على جنوب العراق وتحديداً البصرة قد وقعت كلياً تحت هيمنة الأطراف المؤيدة لإيران - ونعنى بها المخابرات الإيرانية وفيلق القدس الذى يحتضن حزب الله الخليجى - وحيث باتت البصرة مشروعاً لجمهورية إسلامية على الطريقة الإيرانية، وتحولت إلى قاعدة خلفية للتمدد نحو الكويت وإثارة الاضطرابات فيها، خصوصاً بعدما كشفت التقارير أن جزيرة أم الرصاص قد أصبحت من أكبر معاقل استخبارات الحرس الثورى الإيرانى. ولا تقتصر خطة زعزعة استقرار الكويت على تهديد هذه الإمارة عبر الهجمات المتكررة على الحدود مع العراق وعمليات التفجير التى استهدفت الجدار الإلكترونى القائم بين البلدين، بل لقد أشارت التقارير إلى قيام المخابرات الإيرانية ببناء شبكات تهريب أسلحة إلى الكويت، وإلى تسلل عناصر مسلحة تابعة لإيران إلى داخل الكويت بالعشرات، فيما لوحظت أيضاً عملية تعبئة تحريضية لبعض الفئات الشيعية الكويتية المرتبطة بإيران."
و فيما يتعلق بالبحرين كذلك "ومن مظاهر تعزيز اختراق إيران للساحة البحرينية وتوسيع نفوذها هناك، ما ظهر من سلسلة تظاهرات وعمليات شغب وقعت فى النصف الثانى من العام الماضى، وذلك على خلفية اتهام السلطة بتجنيس الآلاف من العمال الأجانب العرب والهنود والباكستانيين لأسباب انتخابية ومذهبية ترفع من نسبة السكان غير الشيعة فى البحرين، سواء من المسلمين السنة أو غير المسلمين. وعلى الرغم من اعتراف المعارضة الشيعية بأن عدد هؤلاء المجنسين لم يتجاوز عشرة آلاف، وهو رقم لا يغير ما يقال عن الخلل أو الفارق فى التركيبة السكانية، إلا أن مسلسل التحريض الطائفى مازال يتفاعل بما يوحى بوجود مخططات تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار فى البحرين، وذلك بإثارة سلسلة تظاهرات جماهيرية حاشدة تحركها أصابع إيرانية تحت ذريعة الدعوة إلى إصلاحات دستورية وقانون انتخابى جديد ونزع صلاحيات مجلس الشورى الذى يعينه الملك، والإطاحة بمن تعتبرهم المعارضة الشيعية المتطرفة بـالحرس القديم الذى تحمله مسئولية عدم منح الشيعة حقوقهم." و هذا بخلاف شراء الاراضي
و ذكر التقرير ذاته ان هذا لا يقتصر على الدول العربية و انما الدول الاوروبية و الامريكية "تشير تقارير أجهزة المخابرات الأمريكية إلى أن مكتب حركات التحرر الذى يعمل فى إطار فيلق القدس وبإشراف المخابرات الإيرانية، قام بتنشيط اتصالاته مع حزب الله اللبنانى فى دعم الحركات اليسارية المتطرفة فى أمريكا اللاتينية وأوروبا، بل وداخل الولايات المتحدة نفسها استناداً إلى محور التحالف القائم بين كوبا (كاسترو) وفنزويلا (شافيز)، وإقامة خلايا لفيلق القدس توجد قاعدتها فى جزيرة مارجريتا فى فنزويلا وتشمل أيضاً بوليفيا ونيكاراجوا، وعدة دول أخرى فى أمريكا اللاتينية، هذا إلى جانب إعادة إحياء الخلايا الإيرانية فى أوروبا وتنسيق عملياتها مع التنظيمات اليسارية واليمينية المتطرفة المناهضة للأنظمة الحاكمة فى أوروبا. ومن هذه التنظيمات منظمة (إيتا) لتحرير الباسك فى أسبانيا، وكان من ثمار هذا التنسيق والتعاون عملية تفجير قطارات مدريد، وقد ثبت وجود علاقة بين (إيتا) ومكتب حركات التحرر فى إيران. كذلك حركة (17 نوفمبر) اليسارية فى اليونان، وكان من ثمار تعاون مكتب حركات التحرير الإيرانية مع هذه المنظمة قصف مقر السفارة الأمريكية فى أثينا بعد يوم واحد من عملية اعتقال الإيرانيين الخمسة فى أربيل. وكانت هذه الحركة قد شاركت فى التسعينيات فى عدة اجتماعات لمكتب حركات التحرير عقدت فى طهران."
بالرغم من عدم ايماننا بكل ما ورد بهذا التقرير خاصة فيما يتعلق بحماس و القاعدة و افغانستان و الصومال الا ان هذا التقرير ينسجم تماما مع ما سبق و اشاره واينبرجر في حربه المفترضة و بين لنا حجم الاستعدادات الايرانية لها.
و لم تسلم مصر من الكيد المخابراتي الايراني و تعتبر قضية الجاسوس المصري دبوس من اهم الامثلة على ذلك
و وفق ما اورده التقرير الاستراتيجي العربي ما أُعلن فى القاهرة يوم 7 ديسمبر 2004 من أن دبلوماسياً إيرانياً بالقاهرة يدعى محمد رضا دوست كان يعمل بمكتب رعاية المصالح الإيرانية، ويخطط بالتعاون مع شخص مصرى آخر يدعى محمد عبد الحق دبوس، كان يعمل مشرفاً إدارياً فى جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمدينة ضبا السعودية للإضرار بأمن مصر وبعلاقاتها مع السعودية، حيث إن نيابة أمن الدولة العليا كانت قد تلقت بلاغاً من هيئة الأمن القومى فى العام 2004 يفيد بقيام دبوس بجمع معلومات عن مصر وتقديمها لدوست الذى يعمل بدوره لحساب الحرس الثورى الإيرانى ويتلقى منه تعليمات بالتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية فى مصر والسعودية واغتيال شخصيات مهمة فى البلدين مقابل مبلغ مليون دولار، وهو ما اعترف به وأقره المتهم المصرى دبوس وفقاً لتحقيقات النيابة، التى اعترف خلالها أنه تقاضى مبلغ 150 ألف دولار نظير معلومات قدمها عن مصر، و10 آلاف دولار أخرى مقابل معلومات قدمها عن الوجود العسكرى الأجنبى فى السعودية، كما قدم معلومات لدوست ساعدته على تدبير الهجوم ضد موقع لصناعة الكيماويات فى مدينة ينبع السعودية خلال شهر مايو 2004، مما كان قد أسفر عن قتل خمسة مهندسين غربيين.
وفى يوم 24 يناير 2005، أحالت النيابة العامة المصرية قضية التخابر ضد مصر لصالح إيران إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، ووجهت تهمة التجسس والتخابر لحساب دولة أجنبية للمصرى محمد دبوس والإيرانى محمد دوست، فضلاً عن السعى لتنفيذ عمليات من شأنها الإضرار بالعلاقات السعودية المصرية، إلا أن النائب العام المصرى المستشار ماهر عبد الواحد لم يوجه فى عريضة الاتهام أية إساءة للحكومة الإيرانية، إذ لم يحملها مسئولية عملية التجسس، وإنما اتهم الحرس الثورى الذى يتمتع بقدر كبير من الاستقلالية عن حكومة خاتمى بالضلوع فى هذا الأمر، لاسيما أن الحرس الثورى يعد واحدا من ضمن مراكز القوى والنفوذ التى يسيطر عليها المحافظون الإيرانيون. والشىء ذاته أكد عليه السفير أحمد الغمراوى رئيس جمعية الصداقة المصرية الإيرانية، والذى عبر عن استنكار التيار الإصلاحى فى إيران لمثل هذا الحدث، مشيراً إلى أن الحرس الثورى الإيرانى يتعرض لهجوم شديد وانتقادات لاذعة داخل إيران نفسها.
و ذكرت الوطن السعودية كذلك أن المتهم المصري قام بتقديم معلومات أمنية عن مصر والسعودية للحرس الإيراني محمود عيد دبوس عن تورطه الأخير في التخطيط لمحاولة اغتيال شخصيات عامة في مصر. ووفقاً لهذه الاعترافات فقد استقر رأي الأطراف المتورطة على تنفيذ هذه العمليات على الطريق الدائري وتحديداً في أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس وذلك باستخدام ألغام ومواد متفجرة. وكان المتهم قد كُلف باختيار أفضل المواقع لتنفيذ الجريمة فقدم اقتراحين أولهما في مدينة شرم الشيخ وتحديداً في المسافة من خليج نعمة إلى المطار والآخر في أكاديمية الشرطة أثناء حفل تخريج طلابها. وأمام فشل المتهم في العثور على عناصر لتنفيذ جريمة الاغتيال, تقرر أن يقتصر دوره على الإشراف على المنفذين واستقبالهم حال وصولهم من خارج مصر وإيوائهم قبل وبعد العملية على أن يكون المقابل مليون دولار أمريكي!
وتبعاً للاعترافات ذاتها فقد طلب عنصر الحرس الإيراني محمد دوست أن تبدأ الرسائل التي يرسلها المتهم المصري دبوس بعبارة "باسمه تعالى والوردة الحمراء" وقد أثمرت هذه الرسائل عن الاستقرار على مكان تنفيذ العملية وهو أكاديمية الشرطة.
واستقر رأي الأطراف المشاركة في التخطيط على مجموعة من الشفرات الخاصة بأسماء الشخصيات والمؤسسات والدول ذات العلاقة بالعملية على النحو التالي: الرئيس "الوالد, أمريكا "المزرعة" أوروبا "المزارع الخضراء" رئيس الوزراء "العم" باقي الوزراء "أولاد العم", اليمن "الأبيار", السودان "وادي الأبنوس", العناصر المنفذة "البراعم", شرم الشيخ "الملاحة" أكاديمية الشرطة "مزرعة الدواجن"!
وكان المتهم المصري قد سافر لشرم الشيخ حيث استأجر دراجة شاطئية لمعاينة الموقع المختار قبل أن يستقر الرأي على أكاديمية الشرطة من جهة الطريق الدائري وذلك لاعتبارات عديدة أهمها وفقاً لما ورد في الاعترافات طبيعة الطريق الصحراوية, خلوه من المباني, ضعف الرقابة الأمنية, وسهولة الدخول إليه والخروج منه.
بالرغم من هذه الاعترافات التي اعترف بها دبوس الا انه في جلسة المحاكمة قال بأنه غير مذنب ورفض الاتهامات الموجهة إليه بالتجسس لحساب الحرس الثوري الايراني وقال إن الاستخبارات المصرية قامت بتعذيبه عندما كان قيد الاعتقال و وصف دبوس الاتهامات بأنها بمثابة إهانة للجمهورية الاسلامية الايرانية التي وصفها بأنها "المعقل الأخير للاسلام" (البي بي سي) هكذا دبوس يعترف بان ايران المعقل الاخير للاسلام بالرغم من انه نفي التهمة الموجهة اليه و انا لا أظن ان مصر لها مصلحة في افتعال القصة خاصة و انها لم تبادر باتهام الحكومة الارانية بعينها و انما تهمت عنصرا من عناصر الحرس الثوري و لو كانت مصر تقصد ايران لكانت ضخمت الموقف وقتها و كذلك القضاء المصري من المحال ان يتواطئ في مثل هذا الامر
---------------------------------------------------
المراجع
د/ محمد السعيد عبد المؤمن- الفقه السياسي في ايران و ابعاده- 1989- دار هجر للطباعة و النشر و التوزيع - مصر
لواء اركان حرب حسام سويلم- تصاعد الحرب غير المعلنة بين الولايات المتحدة و ايران- مختارات ايرانية العدد 80 مارس 2007- مركز الاهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية
التقرير الإستراتيجي العربي - 2 ـ إيران.. هيمنة المحافظين مجدداً 2004-2005 - مركز الاهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية
بي بي سي - مارس 2005 رابط .............. http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/worl...00/4386183.stm
المواقع العسكرية الايرانية (لاحظ فيها كل المنشئات و الرادارات و غيرها)
الصواريخ
كيماوي و بيولجي
نووي
عبدان و بها قواعد صواريخ و مفاعلات نووية
علي اباد و بها قواعد اطلاق صواريخ
بندر عباس و بها قواعد صواريخ
بوناب و بها مفاعل نووي
موقع بوشهر
مفاعل بوشهر النووي
دامغان اسلحة كيميائية و بيولوجية
اصفهان و بها نووي و كيماوي و قواعد صواريخ
تحصينات قوية لطهران
رسم يوضح الاسلحة الايرانية
-----------------------------------------------------------------
قواعد عسكرية امريكية في المنطقة
=====
المراجع
http://www.fas.org/nuke/guide/iran/facility/index.html
https://www.cia.gov/library/publicat...ir.html#Issues
المشير عبد الحليم أبو غزالة .... الحرب العراقية الإيرانية .... غير مذكور الناشر- 1992
الصاروخ شهاب 1
شهاب 2
شهاب 3
شهاب 3-بي 1
جدول يوضح مواصفات الصواريخ الايرانية
مدى صاروخ شهاب 3
مدى صاروخ شهاب 3 مقارنة بالمدى المستهدف
مدى الصواريخ الايرانية القديمة و الحديثة
شهاب متنوع رسوم تفصيلية
= = = = = = == = = = = = = = = = = = = = =
-- - - - - - - -
1- المهدي و آخر الزمان – الطبعة الأولى – تأليف العلامة السيد مهدي العوادي – دار الجنوب للطباعة – صيدا – حي السيدة نفيسة – جمادى الثانية 1419 هـ ص 111
2- المرجع السابق ص 117
3- المسيح الموعود و المهدي المنتظر ص 164-165
---------------
1- إيران ماضيها و حاضرها ص 95
2- راجع في ذلك تاريخ إيران بعد الإسلام – ص 717 و ما بعدها
3- إيران ماضيها و حاضرها ص 97 (بتصرف بسيط)
4- إيران ماضيها و حاضرها ص 97-98
5- راجع في ذلك تاريخ إيران بعد الإسلام ص 767-789
6- إيران ماضيها و حاضرها ص 98-103
كانت الولايات المتحدة من أوائل الدول التي اعترفت بالشاه رضا بهلوي حاكما على إيران في مايو ١٩٢٥ كما تم تعين السفير هورني بروك سفيرا لواشنطن في طهران بدرجة وزير وعيّن ميريام قائما بالأعمال في قنصليتها في طهران وظلت العلاقات الدبلوماسية قائمة بفاعلية عدة سنوات بين الدولتين دعمت الولايات المتحدة خلالها قدميها في جميع اﻟﻤﺠالات الإيرانية تقريبا حيث انتشر رجالها في قطاعات التجارة والتنقيب عن الآثار وحقول البترول والتبشير والتعليم وفي بعض المواقع الإدارية ا لمهمة في الحكومة الإيرانية كخبراء متخصص. (1)
و مما يجدر الإشارة إليه أن النظام الإيراني في عهد رضا شاه كان نظام ديكتاتوري و ليس دولة مؤسسات ديمقراطية – كما النظام في أمريكا التي كانت تتبنى هذه المبادئ الليبرالية الديمقراطية، الا أن المصالح تغلب العلاقات بين الدول كما هو معلوم و هذا أيضاً يتفق كثيراً مع العلاقات الإيرانية الغربية بصفة عامة، و يصف صاحب كتاب إيران في سنوات الحرب العالمية الثانية مثل هذه العلاقة بالقول "من خلال هذه العوامل المؤثرة و أخرى مرتبطة بها يمكن تفسير التناقض أو بالأحرى التذبذب الذي تميزت به سياسة العاهل البهلوي الأول تجاه بريطانيا، مع العلم أن التذبذب نفسه غالباً ما كان ظاهرياً أكثر منه واقعياً" (2) و هناك العديد من هذه الأمثلة التي تصف بدقة هذا الإطار من العلاقات المتذبذبة و مع بريطانيا أيضاً ، "سرعان ما توترت علاقات البلدين من جديد، و لكن دونما أن يتعدى الأمر ثانية الإطار الذي أشرنا إليه قبل قليل. و قد نجم الخلاف هذه المرة عن البحرين أولاً و عن امتياز النفط بعده. فعندما وقعت بريطانيا اتفاقية عام 1927 مع ابن سعود تعهد الأخير لها بعدم التدخل في شئون الكويت و عمان و البحرين مما كان يعني اعترافاً ضمنياً بالنفوذ البريطاني على المشيخات المذكورة بينما كانت ايران تدعي بالسيادة على البحرين معتبرة اياها أقليمها الرابع عشر، و بالرغم من الزوبعة التي أثارها رضا شاه حول الموضوع الا أن مفعول تهديداته لم يتعد صفحات الجرائد الايرانية ذلك لأن أقصى ما لجأ اليه في هذا الصدد اقتصر على تقديم شكوى الى عصبة الأمم" (3) و هذا الإطار من العلاقات بين ايران و بريطانيا هو ذاته الذي دارت في فلكه العلاقات الامريكية الايرانية.
و نؤكد ذلك فنقول أنه نتيجة لتباين النظامين فإن العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين تعرضت لهزات عنيفة لأتفه الأسباب. من بينها الصحافة الأمريكية التي أصبحت عقبة كؤودا أمام الشاه، نظرا لأنها تعبر عن الرأي العام الأمريكي بصراحة وتحلل جميع الأحداث العالمية والداخلية بكل وضوح بما تملكه من وسائل تقنية متقدمة، و لما كانت الحكومة في إيران تحجب عن الشعب الكثير من الحقائق معتمدة على أسلوب التعتيم الموجه للسيطرة على عقل ووجدان الشعب تدعيما للنظام الحاكم ، فقد ظلت تعليقات ومقالات الصحافة الأمريكية على ما يجري في إيران تقض مضاجع الحكومة ، وأثرت دوما في علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية سلبا وإيجابا. ولعل قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإغلاق سفارة إيران في واشنطن ١٩٣٦ إثر نشر
بعض المقالات في الصحف الأمريكية عن الشاه وإيران ، إثر حادث توقيف السفير الإيراني، دليل على تلك السياسة (4). و ظلت العلاقات مقطوعة لمدة ثلاث سنوات و لما عادت اتسمت يالشك و الحذر لفترة طويلة، و مختصر موضوع السفير أنه كان يقود سيارته في احدى الولايات الامريكية بسرعة جنونية و تم توقيفه و شنت الصحافة الايرانية هجوماً عنيفاً على السلطات الأمريكية بالرغم من اعتذار السلطات الامريكية عن هذا التوقيف مدعية أنه سفير له حصانة دبلوماسية و لا ينبغي توقيفه و التشهير به في الأعلام هكذا و من ناحيتها ردت وسائل الاعلام الامريكية على وسائل الاعلام الايرانية مما عمل الى صراع انتهى بقطع العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين (5)
بالرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين الا أنه قد تم تعيين السيد انجرت قائماً للأعمال الأمريكية في ايران و قد لاقى ترحيباً كبيراً لدى الشاه لعلاقات سابقة بينهما و قد أحلت أمريكا أنجرت بقائم أخر للأعمال و هو موس ، و ليس هذا فقط بل ان القنصلية الامريكية في ايران أقامت الاحتفال السنوي باستقلال الولايات المتحدة في 4 يوليو 1937 و دعي إليه جميع الدبلوماسيين الأجانب في طهران وكذا كبار رجال الدولة الإيرانية و حضر بالفعل خمسة عشر من كبار الوزراء الإيرانين ومن بينهم رئيس البرلمان وقدموا اعتذارهم عن تغيب بقية الوزراء لانشغالهم بأمر توقيع اتفاقية ترسيم الحدود العراقية – الإيرانية.
القائم الجديد بالأعمال الأمريكية "موس" لوح للشاه بأن الحكومة الأمريكية يسعدها موافقة الشاه رضا بهلوي على استقبال السيد موري (رئيس الدائرة الثالثة السياسية لشؤون الشرق الأدنى في الخارجية الأمريكية) في ديوانه أثناء وجوده في إيران خاصة أنه سيحمل رسالة من الرئيس روزفلت للشاه وأن أي إيضاحات قد يبديها الشاه سوف تكون موضع تقدير الإدارة الأمريكية وفي الموعد المحدد وصل
موري إلى طهران وكان يحمل معه رسالة الرئيس روزفلت التي تناولت قضايا تهم الطرفين الأمريكي والإيراني وأبرزها مسألة العلاقات الودية وميثاق سعد أباد وأمور أخرى منها الإشادة بإصلاحات الشاه في بلاده وتشجيعه على السير على نهج تركيا في تحديث بلاده كما أكدت على مشاعر الصداقة القوية بين البلدين (6)
و نستكمل نشأة و تطور العلاقات بين أمريكا و ايران في الحلقات القادمة بمشيئة الله
- ---- -
1- تاريخ إيران السياسي بين ثورتين – ص 91
2- ايران في سنوات الحرب العالمية الثانية – ص 27
3- السابق ص 27-28.
4- تاريخ إيران السياسي بين ثورتين – ص 92
5- راجع بالتفصيل و مزيد من المعلومات حول ما ورد في الصحافة الامريكية و كان سبباً لاشتعال الخلاف بين الطرفين في تاريخ إيران السياسي بين ثورتين ص 92- 97
6- باختصار من تاريخ إيران السياسي بين ثورتين ص 97-99
في عام 1977 كتب هنري برشت مدير مكتب شئون ايران في وزارة الخارجية الأمريكية، تقريراً أعده للرئيس السابق جيمي كارتر عن أقدم حلفاء و اشنطن و أخلصهم في العالم الاسلامي، قال فيه : (لقد انتهى الشاه، و يجب اعتباره أثراً من الماضي، و يتعين علينا البدء في البحث عن خلفاء في أقرب فرصة ممكنة)1 ، و لاحكام اللعبة و حتى يبدو الأمر مبرراً كان لابد من البحث عن ذرائع.
لقد جاء كارتر (1977-1981) بأجندة جديدة تعكس المنهج الذي يتبناه الحزب الديمقراطي التي ينتمي اليه و هذا يتمثل في ارساء قواعد أخلاقية تستند اليها السياسة الأمريكية (و لقد تأكدت مخاوف الشاه نفسه عندما بدأ الرئيس كارتر يعلن في حملته الانتخابية عن مبادئه و سياساته الجديدة، التي يلتزم تطبيقها إذا منحه الشعب الأمريكي الثقة، و كانت هذه المبادئ تستهدف تغيير الواجهة الأخلاقية للسياسة الأمريكية و تحسين صورة الأمريكي القبيح التي خلفتها حرب فيتنام و فضيحة ووترجيت اللتين هزتا الضمير الأمريكي و أثقلتاه بالكثير من من الشعور بالذنب. و كان على رأس هذه المبادئ أن تعمل الولايات المتحدة على اقرار (حقوق الأنسان) و جعل احترامها شرطاً جوهرياً لحصول أية دولة على صداقة أو معونة الولايات المتحدة)2
مثل الشاه نموذجاً صارخ على انتهاك حقوق الانسان للشعب الايراني و بات من المؤكد عزم كارتر على تغيير الوضع في ايران و تبدى ذلك من خلال الملاحقة الاعلامية لكارتر حيث أنه أصبح السؤال الذي يوجه للرئيس الأمريكي في كل لقاء انتخابي أو مؤتمر صحفي أو حديث تلفزيوني ، هو عن موقفه من انتهاك حقوق الأنسان في ايران بصورة بدت و كأن اعلان الرئيس الأمريكي كارتر و من وراءه الحزب الديمقراطي لهذا المبدأ و ضرورة احترامه، لم يكن مقصوداً به الا الشاه فقط. و مما زاد الأمر وضوحاً و جلاءاً، و أكد أن ايران و الشاه هما المقصودان بهذه الحملة الأـخلاقية، أن جيمي كارتر لم يكتف بهذا، تاركاً الأمر ليستخلص منه كل طرف ما يتفق مع أوضاعه، بل راح ينتقد سياسة من سبقوه من الرؤساء الأمريكيين تجاه ايران لأنها جعلت منها (الدولة الأولى بالرعاية) إذ أنه يرى أن ذلك أضر بالمصالح الأمريكية، و بقيم و أخلاقيات الشعب الأمريكي. 3
و أنا لا أرى أن هؤلاء صادقين في دعواهم بشأن حقوق الأنسان و ما الى ذلك و انما لأن الخطط المستقبلية التي سوف يحدثونها فيما بعد و التي ستؤدي الى تغيير قواعد اللعب هي التي فرضت ذلك، فليس من المعقول أن الحكم على أخلاقية نظام ما تتم بعد أن تتركه في الحكم لأكثر من خمسة و ثلاثين عاما هي عمر محمد رضا بهلوي في السلطة ثم تكتشف فجأة أنه فيه كذا و كذا، و لكن يمكن القول أن التذرع بالاستجابة لمطالب الرأي العام الأمريكي بوجوب قطع الصلة مع هذا النظام اللاأخلاقي كانت بمثابة واجهة لتغيير حتمي سيحدث غير أن هذا التغيير لن يكون مفاجئ و سيتركون للطرف الآخر (ايران) أن تحدد بشكل كبير متى سيكون.
و لعل الملفت في هذه الأجواء أن الرد الايراني كانت يتسم بالغلظة الشديدة على كارتر بل كانوا يصفونه بالفلاح الذي سيحكم أمريكا و لم تهتم ايران كثيراً بمحاولة ازالة هذه الصورة السيئة عن نظامها. و في رسالة من كارتر بعد فوزه في الانتخابات الأمريكية و قبل استلامه للسلطة بعث بها الى شاه ايران من خلال الرئيس القديم (جيرالد فورد) و وزير خارجيته (هنري كيسنجر) الذين كانا مازالا في الحكم، يطلب الرئيس كارتر فيها من الشاه أن يخفف من حدة موقفه في الاجتماع القادم لمؤتمر منظمة الأوبك للدول المنتجة للبترول بحيث لا يتزعم تيار رفع الأسعار، و هو الموضوع الذي كان يحظى باهتمام خاص من تفكير الرئيس الأمريكي الجديد، الذي كان يعول كثيراً على اصلاح المسار الاقتصادي الأمريكي. الا أن رد الشاه كان غير ايجابي بصورة عمقت غضب الرئيس كارتر و زادت من اصراره على تنفيذ ما انتواه بالنسبة لشاه ايران.4
بغض النظر عن الذريعة التي تحتم تغيير النظام في ايران فان التغيير بات وشيكاً و أصبح فقط ينتظر اللحظة الملائمة الناتجة عن دراسة متأنية و لم يلبث كارتر أن فاز في الانتخابات في عام 1977 حتى سقط نظام الشاه في 1979 ليستلم السلطة نظام جديد و لنبدأ في الدخول في ألعاب جديدة من ألعاب السيرك السياسي التي لا تعارض أبداً أن تكون مغلفة بالدين
و الى الحلقة القادمة بمشيئة الله
--------
1- راجع تاريخ ايران السياسي ص 211 ، ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص12
2- ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص12
3- راجع تاريخ ايران السياسي ص 211 ، ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص12
4- ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص24
5- ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص 25
6- تاريخ ايران السياسي ص212
7- السابق ص
أهم ما تميزت به الامبراطورية الاخمينية و ما قبلها:
من الضروري جداً قبل استكمال التاريخ الايراني أن نقف عدة وقفات مع بعض الاوضاع المواكبة للامبراطورية الاخمينية و ما قد سبقها و بالطبع لن نتناول كل الاوضاع السائدة أنذاك الا اننا باذن الله سنعرض للغة و الاوضاع الاجتماعية و الدين كعوامل هامة لاستنباط القواعد و الاسس التي بنيت عليها أيران.
1- اللغة:
تنوعت اللغة السائدة في تلك الفترة باختلاف اهلها، الا ان الفرس غالباً ما كانوا يتحدثون الفارسية القديمة باللهجة الايرانية الخاصة بسكان الجنوب الغربي، و كان الايرانيون في الغالب أميون لا يعرفون القرأة و لا الكتابة، و يعتقد ان الامبراطور ديوريس هو اول من امر بالكتابة و ذلك لعمل مخطوطات تمجد اعماله و فتوحاته و نظراً لان السكان كانت تتعدد لغاتهم فانه امر بكتابتها بثلاث لغات و هي الفارسية القديمة و البابلية و العيلامية. و يمكن القول ان اللغة الفارسية لم تكن اللغة الرسمية للامبراطورية الاخمينية. بالنسبة للغة العيلامية و التي كانت تكتب على الواح من الطين يبدو انها كانت اللغة المتداولة بواسطة رجال الحكم حيث تم اكتشاف ارشيف يمثل الاوامر الحكومية مكتوبة بهذه اللغة، بينما كانت الارامية هي اللغة السائدة في الامبراطورية و من المحتمل ايضا انها اللغة الرسمية للجهات الحكومية الامبراطورية و هناك ادلة على انها كانت اللغة السائدة حتى العهد الساساني.
2- النظام الاجتماعي:
القليل جداً معروف عن التنظيم الاجتماعي في هذه الفترة و لكن الغالب أن النظام كان اقطاعي يلعب دورا كبيرا في الوظائف الاقتصادية و الاجتماعية. المجتمع الايراني انذاك كان يتكون من ثلاث طبقات او رتب :
1- المقاتلون او الارستقراطيون أو النبلاء
2- الكهان و رجال الدين
3- الرعية و كان اغلبهم رعاة ابقار و فلاحين
و بالطبع كانت الطبقة الاولى يشغلها ايضا رجال الدين او المحسوبين عليهم و من خلال هذه التصنيفات كان النظام القبلي يلعب دورا كبيرا في احداث هذا التدرج سابق الذكر. تم وضع لقب ملك الملوك او الشاهنشاه - و هو اسم حرمه الاسلام - و ظل مستعملا حتى القرن العشرين حين كان اخر اصحاب هذا اللقب هو شاه ايران يتضح من ذلك ان السلطة المركزية كانت تكتسب قوتها من خلال ترتيب هرمي يتحكم فيها المستوى الاعلى على الذي تحته و كان الامبراطور هو صاحب الامر و النهي على الجميع. تجدر الاشارة التي ذكرناها اكثر من مرة هي ان الملوك كانوا من الطبقة المحاربة و كانت لهم قدسية دينية لا يمكن محاداتها و كانت لها هيبة و شأن عظيم بين باقي الرعية و بالتالي كانت الاسرة المالكة ذات قدسية كبيرة.
3- الدين:
قبل العصر الاخميني و اثناؤه ليس هناك اتفاق بين العلماء على الديانة المتبعة في تلك الحقبة، الا انه من المعتقد انهم كانوا يؤمنون بعدة الهة و يتساوون في ذلك مع الهنود الايرانيون و الهنود الاوربيون و ذلك في العقائد و العبادات و كانت الهتهم مرتبطة بظواهر الطبيعة و الظواهر الاجتماعية و العسكرية و الاقتصادية و كانت تقوم على مفاهيم العدالة و الحقيقة و الصراع بين الخير و الشر و كانت تقوم ايضا على المظلومية، و بالنسبة للعبادات فكانت تتمثل في تقديم الاضحية الحيوانية و تقديس النار او التعبد بعبادة الهوما او ما يعرف بشرب عصير نبات الهيوما!!
بحلول العام 600 قبل الميلاد ظهر في شمال الهضبة الايرانية شخص يعرف بزرادشت و الذي اطلق عليه نبي و يعتبر انه نبي الايرانيين الاكبر، بخصوص ما قدمه زرادشت فقد كان اكثر تعقيدا و اثارة للجدل عن ما سبقه من اديان، فكان يشدد على التصرف بشكل مستقيم و قول الحقيقة و مقت الكذب و كان في تعاليمه يمثل الكذب كشخص اسمه دورج و هو رئيس في مملكة الشياطين و هو الذي نفى العديد من الهة الهنود الايرانيين السابقين.
كان اله زرادشت هو اهورا مزدا و الذي قال انه بعثه و كانوا يعتقدون ان هذا الاله المفترى هو الذي خلق الكون و قام زرادشت بتغير ما تعارف عليه الايرانيون من الطقوس التي كانوا يمارسونها الا انه وقر النار كثيرا و بجلها كذلك كرمز للنور الا ان البعض يرون انه لم يسجد لها قط و البعض رأى انه سجد لها المهم انها كانت رمز الحقيقة و النور و كانت تستحق التبجيل.
و السؤال الذي يطرح نفسه هل كان الاخميون زرادشتيون او على الاقل يؤمنون ببعض ما جاء به زرادشت وفق ما فهموه منه؟! .....
من المحتمل ان قورش الاكبر و زيروكسس و ورثته كانوا زرادشتيون الا ان الزرادشتية تغيرت كثيراً بمرور الايام وفق التوسع بالفتوحات التي قام بها الاخميون الا انها كانت في النهاية وثنية. كان اله الاخميين اهورا مزدا و كانوا يعتقدون انه هو الذي منحهم امبراطوريتهم و ساعدهم في انجاز كل ما وصلت اليه، بالغم من ذلك فان زيوكسس و ورثتهقاموا بتسمية الهة اخرين الا ان اهورا مزدا كان اعظمهم. ديوريس سمى فقط اهورا مزدا و ذلك وضح من خلال النقوش التي رصدت و التي تعود لعصره و كان ديوريس متفق تماما مع زرادشت و كانت مملكته في هذه الفترة لاهوتيه زرادشتيه و بصفة عامة لعبت النار دورا كبيرا جدا خلال الحقبة الاخمينية.
هكذا يمكن القول ان الامبراطورية الاخمينية كانت زرادشتية الا انها كانت تختلف كثيرا عن الزرادشتية كما جاء بها زرادشت نفسه اذ كان لكل حاكم تغير ما عليها وفق ما يراه........... بخصوص الرعية فانه من الصعوبة تحديد العقيدة التي كان يتبعها عموم الايرانيين حيث ان التنوع في العقائد و العبادات كانت سائدة و كلها كانت كما ذكرنا وثنية و منبثقة من تعاليم زرادشت.
كان هناك نوع من الوان دينية متعاكسة متعارضة ما بين كامبيز و ديوريس من جهة و البرديات الزائفة لكهنة الميديين من جهة اخرى و بالتأكيد كان هناك حوافز دينية و سياسية وراء قمع زيروكس لعبدة ديفا و تدمير معبدهم. و تجدر الاشارة ايضاً ان احد الامبراطورييون جعلوا التقويم الزرادشتي هو التقويم الرسمي للامبراطورية.
ثانيا: ايران قبل الميلاد و بعده و حتى الفتح الاسلامي:
توقفنا في التاريخ عند الاسكندر الاكبر عندما ضم بلاد فارس العظيمة إلى مملكة البحر الأبيض المتوسط في حوالي 331 قبل الميلاد و انهى بذلك حكم الاخميين. و قام بتنصيب حاكم مقدوني تبعه العديد من الورثة حتى جاء سيليوكس الأول الذي وسّع الأرض الفارسية بفتح بلاد بابل، سوريا، وآسيا الصغرى. حكمت سلالة سيليوكس بلاد فارس لعدة قرون تالية حتي حكم البارثيانون- الاشكانيون- و سيطروا بالقوة عليها. تلى ذلك امبراطوريتين فارسيتان عظيمتان هما الامبراطورية الاشكانية و الامبراطورية الساسانية.
1: الاشكانيون:
بهذا يمكن القول انه بالفوضى التي تَلتْ موتَ الاسكندر الاكبر، هاجر البارني و هم بدو إيران مِنْ سهولِ قزوين إلى بارثيا. هناك تَبنّوا لغةً وعاداتَ فارسيةً، وعائلتهم المسيطرة هي عائلة ارساسيس و الذين أصبحَوا الحُكَّامَ المحليّينَ التابعين للمملكةِ السلوقية. ارساسيس الاول أعلن إستقلالَه في 238 قبل الميلاد، مؤسسا بذلك الولايةِ الفارسيةِ المستقلةِ. إحتوى السلوقيون التوسّع الفارسي حتى عهدِ ميثراداتيس الاول (170-138) قبل الميلاد، الذي حول بارثيا إلى قوَّة رئيسية بفَتْح إيران وبلاد ما بين النهرين. التوسّع الآخر مُنِعَ بالغزوات التي جاءت عليه مِنْ الشرقِ و بعض القلائل العرقية الداخلية. بحلول الـ90 -80 قبل الميلاد اصبحت الحدود الشرقية ثابتة و اصبح الساكاس المهاجمون من الشرق يخضعون تحت حكم عائلةِ سيورين الاشكانية. مع بِداية العصرِ المسيحيِ مددت هذه المملكةِ سيطرتَها إلى وادي الهند. بعد 66 قبل الميلاد كَانَ هناك فرصةُ للاشكانيين للتَوَسُّع و الاستلاء على بلاد ما بين النهرينِ الشماليةِ، حيث أَسّسوا حدود مشتركة مَع الرومان على الفراتِ.
في البداية إعتبرَ الرومان الاشكانيين كالبربر لكنهم كسبوا إحتِرامهم عندما تحطم الجيش الروماني الرئيسي حُطّمَ في معركة كارهي مِن قِبل نّبّاليهم الذين يركبون الاحصنة، تقريباً سرعان ما عبروا الحدودَ في 53 قبل الميلاد. المشاكل الداخلية في الاشكانيين وفّرتْ على الرومان دَفْع ثمن لهجومِهم الغير ذي جدوى. الاحتكاك المتبادل و الرغبة في الثأر و الاذلال و كذلك الحروب كانت متكررة بين هاتين القوتين. المشاة الرومانيين لم يصلوا الى مقدار نّبّالي الحصانِ الفارسيينِ و احرزوا تقدّمَ صَغيرَ حتى إعلانِ القرن الثاني بعد الميلادعندما أَخذَ الإمبراطورَ تراجان أرمينيا وبلاد ما بين النهرين. فَقدَ الاشكانيون مملكة سيورين سابقا لمصلحة الكاشانيون – الافغان - في 50-75 ميلادي.
الحروب المتكرّرة مَع روما إستنزفتْ قوّةَ السلالةِ الاشكانية وفي 224-226 ميلادي أُسقطتْ الامبراطورية الاشكانية بعد تمرّدِ اردشير الاول معلنا بذلك بداية حكم الساسانيون. و خلال الفترة من 51 الى 122 ميلادي ذابت الولاية الفارسية شيئا فشيئا و تفسخت الى عدة بلدان صغيرة و عدة اطراف ادعت احقيتها في العرش و ذلك جاء كنتيجة حتمية لضعف القوة المركزية. طبقا للمؤرخ الروماني بليني كانت الامبراطورية الاشكانية تتكون من 18 مملكة 11 منها في الشمال و سبعة في الجنوب و ذلك خلال القرن الاول الميلادي حيث كان بعضها تابع للاشكانيين و البعض الاخر كان تابع للاشكانيين. في عام 53 ميلادي استقل هيركانيا و بذل جهودا كبيرة في الحفاظ على علاقات جيدة مع الرومان لا سيما بعد الهجمات الضارية التي كان يشنها الكوشان على الحدود الشرقية و داخليا كان هناك العديد من الاضطربات العرقية و حدث بعد ذلك خلافات مع الرومان مما عمل في نهاية الامر الى سقوط الاشكانيون.
وفيما يلي مخطط زمني يؤرخ لفترة الاشكانيين:
238 قبل الميلاد استقلت بارثيا تحت حكم ارساسيس – اشكان.
165-140 قبل الميلاد الساكاس – عنصر ياباني او صيني – يغزون بارثيا من قبل المشرق
141 قبل الميلاد الاشكانيون يحتلون بلاد ما بين النهرين
100 قبل الميلاد اصبحت سيتسيفون عاصمة الاشكانيين
80 قبل الميلاد تأسست مملكة سيورين في
53 قبل الميلاد الاشكانيون يحطمون الجيش الروماني في معركة كارهاي
50-75 ميلادي الكاشان – افغانستان حاليا - يدمرون مملكة سيورين الاشكانية
115-117 ميلادي الرومان يحتلون بلاد ما بين النهرين
224-226 ميلادي سقط الامبراطورية الاشكانية
تَبنّى الملوكُ الاشكانيون الأوائِلُ التقاليدُ الاغريقية مِنْ مملكةِ السلوقيون وواصلَوا إسْتِعْمال اللغة اليونانية كلغة رسمية في المؤسسات الحكومية وعلى العملةِ. بحلول القرن الأولِ قبل الميلاد، المملكة الفارسية تطورت الى ولايات اقطاعية لا مركزية كَوّنتْ من محافظاتِ مَحْكُومةِ مباشرة، تابع ممالك ثانوية تحت السلالاتِ المحليّةِ، والاقطاعيات كانت لنبلاء شبه مستقليين. التأثير الثقافي الاغريقي، قوي في باديء الأمر، الا انه بدأ يهبط شيئا فشيئاً بتنامي التقاليد الفارسية.
صورة الملك سيورين
و فيما يلي بعض مراجع الجزء الخاص بالتاريخ الإيراني القديم حتى قبيل العصر الساساني:
1- Atlas of World History, Andromeda Oxford Ltd 1997
2- Hutchinson Dictionary of World History, 1993; Williams, Brian, The Kingfisher Reference Atlas: An A-Z Guide to Countries of the World, 1993.
3- Iran, ancient (2007) Encyclopaedia Britannica, Inc.
4- http://ar.wikipedia.org
5- http://www.worldstatesmen.org/
2- الامبراطورية الساسانية:
تعتبر مرحلة الامبراطورية الساسانية من أهم المراحل التي مرت بها ايران على مدار تاريخها و التي شكلت فيما بعد تغيير لقناعات الفرس و اصبحت تلك المرحلة مصدر الهام للفرس منذ القدم و حتى الآن و كفى بالدولة الساسانيه حظاً عثراً أنها في نهاية عهدها كان الإسلام يزحف بقوة نحو المناطق المحيطة بمهده فوصل إليها بحمد الله و أسقطها و أطفئ نيرانها و دمر معابدها، فجعل ذلك في قلوب المتعصبين لعنصرهم حنقا و كيدا على الاسلام و ان كان بعضهم قد دخل فيه تقيه لعل الامور تتغير لصالحهم فيما بعد. لقد تثبتت في هذه المرحلة اللغة و الديانة و الثقافة و تشكلت امبراطورية بحق ناطحت الروم و حققت الكثير مما كانت تأمله و لكن بمجئ الاسلام تهدم كل ذلك في غمضة عين و قتل عشرات الالاف من جندهم و زالت مهابتهم التي لم تقوم ثانيه حتى عصرنا هذا و الحمد لله رب العالمين.
و لو اردنا عرض التاريخ الساساني كاملا لاستنفذ ذلك منا مجلدات ضخمة و هذا ليس المقصود في هذه العجالة و حتى لا نخرج كذلك عن محور بحثنا و الذي نريد من خلاله الاجابة على السؤال المطروح.... هل من الممكن ان تهاجم ايران الدول العربية المجاورة؟؟؟؟ لقد أجبنا على هذا السؤال من خلال عرضنا لقصة واينبرجر المعروفة بالحرب المقبلة و بينا كذلك ان حروب العصر تحدث لاتفه الاسباب و باسرع ما يمكن و بينا كذلك من خلال بعض ما نشر في وكالات الانباء العربية العلاقة المذبذبة بين العرب المجاورين لايران و بينها و استنتجنا انها ليست بالممتازة و ليست بالمتنافسة و انما هي في الوسط تميل الى احد الطرفين وفق الظروف الآنية، انني اردت بذلك ان اذكركم اخواني بما سبق قبل الاسترسال فيما هو قادم و لنبدأ بحول الله دراسة الامبراطورية الساسانية.
سبب التسمية:
بالرغم من ان المؤسس الفعلي للامبراطورية الساسانية هو أردشير بن بابك الا انها تسمى باسم جده ساسان. و ساسان هذا كان شجاعا مهابا شديد البطش وإنه بلغ من شجاعته وشدة بطشه أنه حارب وحده ثمانين رجلا من أهل اصطخر ذوي بأس ونجدة فهزمهم وكانت امرأته من نسل قوم من الملوك كانوا بفارس يعرفون بالبازرنجين يقال لها رامبهشت ذات جمال وكمال و كان ساسان قيما على بيت نار أصطخر يقال له بيت نار أناهيذ وكان مغرما بالصيد والفروسية فولدت رامبهشت لساسان بابك ثم ولد له ابنه بعد كبره و زواجه أردشير و تجدر الاشارة هنا أن ساسان تعني "القواد".
اما بابك فقد كان له شأن كبير في مدينة و مقاطعة اصطخر و التي حلت محل مدينة بيرسيبوليس التي كانت كتلة من الدمار بعد تدميرها بواسطة الاسكندر الاكبر عام 330 قبل الميلاد، خلف بابك ابنه اكبر الذي سرعان ما قتل في حادث و حل محله أخوه أردشير في 208 ميلادي.
قيام الامبراطورية الساسانية:
أول ما قام به اردشير هو ان بنى لنفسه قلعة بـ جور مسماه باسم مؤسسها و كانت بأسم اردشير خوارا أي عظمة اردشير و هي الان فيروز اباد جنوب شرق شيراز. اخضع اردشير الحكام المجاورين له الا انه تخلص من اخوانه الاشقاء المناوئين له. قام ببعض النوبات على المناطق المجاورة مثل كرمان في الشرق و أصفهان في الشمال و عيلام و ميسان في الغرب مما دفع على حربه المباشر مع ارطبانس – من الاشكانيين – الذي كان من المفترض انه تابعاً له. المناوشات بين الطرفين استغرقت عدة اعوام خلالها القوات الاشكانيه هزمت في ثلاث معارك كان أخرها في سهل هرمزدجان في عام 224 ميلادي حيث قتل ارطبانس.
تجدر الاشارة هنا أن الامبراطوريه الاشكانية في أخر ايامها كانت قد قوضت بفعل هجمات الرومان و القلائل الداخليه و كانت قد انقسمت بين فولوجيسيس و الذي كان حكمه في شمال دجلة بالعراق و ارطبانس و كان حكمه في سوذا بجنوب غرب ايران.
بعد ان اطمئن اردشير على وضعه كحاكم لغرب ايران بقى لزاما عليه مواصلة القتال لاخضاع الشق الشرقي منها و بالفعل تمكن من اخضاع العديد من المدن مثل سيستان و كانت تعرف ساكستان و كورجان و ميرف و بلخ و خوارزم. و ازداد نجاح جنود اردشير باخذه ستيسفون عاصمة الامبراطورية الاشكانية و نال بذلك لقب ملك ملوك الايرانيين و عبر نهر دجلة حيث حول اسم مدينة سيلوكيا الى في-اردشير أي فعل اردشير الحسن.
و هناك بعض التضارب في التواريخ بين ثلاث من المؤرخين و هم تيودور نولدوك و هيننج و تقي زادة – لاحظ ترتيب الاقواس وفق الترتيب السابق.
بداية اردشير (لم يذكر) - (27/9/223) – (26-9-226)
الحكم الفعلي لاردشير (26/9/266) - (28/4/244) – (6/4/227)
بداية شابور (لم يذكر) - (23/9239) – (22/9/241)
بداية شابور الفعلية (22/9/241) - (لم يذكر) – (لم يذكر)
تتويج شابور (لم يذكر) - (12/4/240) – (9/4/243)
موت شابور (لم يذكر) - (مايو 270) – (ابريل 273)
وصول هرمزد الاول (14/9/272) - (لم يذكر) – (لم يذكر)
موت هرمزد الاول (لم يذكر) - (يونيو 271) – (ابريل 274)
موت ماني (لم يذكر) - (2/3/274) – (26/2/277)
موت باهرام الاول (لم يذكر) – (سبتمبر 274) – (يوليو 277)
تتويج باهرام الثاني (13/9/276) – (لم يذكر) – (لم يذكر)
المخطط الزمني التالي يؤرخ لملوك الساسانيين
تعتبر مرحلة الامبراطورية الساسانية من أهم المراحل التي مرت بها ايران على مدار تاريخها و التي شكلت فيما بعد تغيير لقناعات الفرس و اصبحت تلك المرحلة مصدر الهام للفرس منذ القدم و حتى الآن و كفى بالدولة الساسانيه حظاً عثراً أنها في نهاية عهدها كان الإسلام يزحف بقوة نحو المناطق المحيطة بمهده فوصل إليها بحمد الله و أسقطها و أطفئ نيرانها و دمر معابدها، فجعل ذلك في قلوب المتعصبين لعنصرهم حنقا و كيدا على الاسلام و ان كان بعضهم قد دخل فيه تقيه لعل الامور تتغير لصالحهم فيما بعد. لقد تثبتت في هذه المرحلة اللغة و الديانة و الثقافة و تشكلت امبراطورية بحق ناطحت الروم و حققت الكثير مما كانت تأمله و لكن بمجئ الاسلام تهدم كل ذلك في غمضة عين و قتل عشرات الالاف من جندهم و زالت مهابتهم التي لم تقوم ثانيه حتى عصرنا هذا و الحمد لله رب العالمين.
و لو اردنا عرض التاريخ الساساني كاملا لاستنفذ ذلك منا مجلدات ضخمة و هذا ليس المقصود في هذه العجالة و حتى لا نخرج كذلك عن محور بحثنا و الذي نريد من خلاله الاجابة على السؤال المطروح.... هل من الممكن ان تهاجم ايران الدول العربية المجاورة؟؟؟؟ لقد أجبنا على هذا السؤال من خلال عرضنا لقصة واينبرجر المعروفة بالحرب المقبلة و بينا كذلك ان حروب العصر تحدث لاتفه الاسباب و باسرع ما يمكن و بينا كذلك من خلال بعض ما نشر في وكالات الانباء العربية العلاقة المذبذبة بين العرب المجاورين لايران و بينها و استنتجنا انها ليست بالممتازة و ليست بالمتنافسة و انما هي في الوسط تميل الى احد الطرفين وفق الظروف الآنية، انني اردت بذلك ان اذكركم اخواني بما سبق قبل الاسترسال فيما هو قادم و لنبدأ بحول الله دراسة الامبراطورية الساسانية.
سبب التسمية:
بالرغم من ان المؤسس الفعلي للامبراطورية الساسانية هو أردشير بن بابك الا انها تسمى باسم جده ساسان. و ساسان هذا كان شجاعا مهابا شديد البطش وإنه بلغ من شجاعته وشدة بطشه أنه حارب وحده ثمانين رجلا من أهل اصطخر ذوي بأس ونجدة فهزمهم وكانت امرأته من نسل قوم من الملوك كانوا بفارس يعرفون بالبازرنجين يقال لها رامبهشت ذات جمال وكمال و كان ساسان قيما على بيت نار أصطخر يقال له بيت نار أناهيذ وكان مغرما بالصيد والفروسية فولدت رامبهشت لساسان بابك ثم ولد له ابنه بعد كبره و زواجه أردشير و تجدر الاشارة هنا أن ساسان تعني "القواد".
اما بابك فقد كان له شأن كبير في مدينة و مقاطعة اصطخر و التي حلت محل مدينة بيرسيبوليس التي كانت كتلة من الدمار بعد تدميرها بواسطة الاسكندر الاكبر عام 330 قبل الميلاد، خلف بابك ابنه اكبر الذي سرعان ما قتل في حادث و حل محله أخوه أردشير في 208 ميلادي.
قيام الامبراطورية الساسانية:
أول ما قام به اردشير هو ان بنى لنفسه قلعة بـ جور مسماه باسم مؤسسها و كانت بأسم اردشير خوارا أي عظمة اردشير و هي الان فيروز اباد جنوب شرق شيراز. اخضع اردشير الحكام المجاورين له الا انه تخلص من اخوانه الاشقاء المناوئين له. قام ببعض النوبات على المناطق المجاورة مثل كرمان في الشرق و أصفهان في الشمال و عيلام و ميسان في الغرب مما دفع على حربه المباشر مع ارطبانس – من الاشكانيين – الذي كان من المفترض انه تابعاً له. المناوشات بين الطرفين استغرقت عدة اعوام خلالها القوات الاشكانيه هزمت في ثلاث معارك كان أخرها في سهل هرمزدجان في عام 224 ميلادي حيث قتل ارطبانس.
تجدر الاشارة هنا أن الامبراطوريه الاشكانية في أخر ايامها كانت قد قوضت بفعل هجمات الرومان و القلائل الداخليه و كانت قد انقسمت بين فولوجيسيس و الذي كان حكمه في شمال دجلة بالعراق و ارطبانس و كان حكمه في سوذا بجنوب غرب ايران.
بعد ان اطمئن اردشير على وضعه كحاكم لغرب ايران بقى لزاما عليه مواصلة القتال لاخضاع الشق الشرقي منها و بالفعل تمكن من اخضاع العديد من المدن مثل سيستان و كانت تعرف ساكستان و كورجان و ميرف و بلخ و خوارزم. و ازداد نجاح جنود اردشير باخذه ستيسفون عاصمة الامبراطورية الاشكانية و نال بذلك لقب ملك ملوك الايرانيين و عبر نهر دجلة حيث حول اسم مدينة سيلوكيا الى في-اردشير أي فعل اردشير الحسن.
و هناك بعض التضارب في التواريخ بين ثلاث من المؤرخين و هم تيودور نولدوك و هيننج و تقي زادة – لاحظ ترتيب الاقواس وفق الترتيب السابق.
بداية اردشير (لم يذكر) - (27/9/223) – (26-9-226)
الحكم الفعلي لاردشير (26/9/266) - (28/4/244) – (6/4/227)
بداية شابور (لم يذكر) - (23/9239) – (22/9/241)
بداية شابور الفعلية (22/9/241) - (لم يذكر) – (لم يذكر)
تتويج شابور (لم يذكر) - (12/4/240) – (9/4/243)
موت شابور (لم يذكر) - (مايو 270) – (ابريل 273)
وصول هرمزد الاول (14/9/272) - (لم يذكر) – (لم يذكر)
موت هرمزد الاول (لم يذكر) - (يونيو 271) – (ابريل 274)
موت ماني (لم يذكر) - (2/3/274) – (26/2/277)
موت باهرام الاول (لم يذكر) – (سبتمبر 274) – (يوليو 277)
تتويج باهرام الثاني (13/9/276) – (لم يذكر) – (لم يذكر)
المخطط الزمني التالي يؤرخ لملوك الساسانيين
name reign years
Defeat of Artabanus V 226 (سقوط ارطبانس)
(Ardavan)
Ardashir I 224-241
Shapur I 241-272
Hormizd I 272-273
Bahram I 273-276
Bahram II 276-293
Bahram III 293
Narses 293-302
Hormizd II 302-309
Shapur II 309-379
Ardashir II 379-383
Shapur III 383-388
Bahram IV 388-399
Yazdegerd I 399-420
Bahram V Gur 420-438
Yazdegerd II 438-457
Hormizd III 457-459
Firuz 457-484
Balash 484-488
Kavadh (Qobad) I 488-496
(first reign)
Jamasb 496-499
Kavadh (second reign) 499-531
Khosrow I 531-579
Hormizd IV 579-590
Khosrow II Parviz 590
(first reign)
Bahram VI 590-591
Khosrow II Parviz 591-628
(second reign)
Bestam (rebel in Media) 591-596
Kavadh (Qobad) II 627-628
Shiruye (Siroes)
Ardashir III 628-630
Shahrbaräz 630
Purandokht 629-631
Hormizd V 631-632
Khosrow III 632-633
Yazdegerd III 633-651
*Based mainly on T. Nöldeke's chronology 1879
اعتمد بالاساس على المخطط الزمني لتيودور نولديك 1879
Defeat of Artabanus V 226 (سقوط ارطبانس)
(Ardavan)
Ardashir I 224-241
Shapur I 241-272
Hormizd I 272-273
Bahram I 273-276
Bahram II 276-293
Bahram III 293
Narses 293-302
Hormizd II 302-309
Shapur II 309-379
Ardashir II 379-383
Shapur III 383-388
Bahram IV 388-399
Yazdegerd I 399-420
Bahram V Gur 420-438
Yazdegerd II 438-457
Hormizd III 457-459
Firuz 457-484
Balash 484-488
Kavadh (Qobad) I 488-496
(first reign)
Jamasb 496-499
Kavadh (second reign) 499-531
Khosrow I 531-579
Hormizd IV 579-590
Khosrow II Parviz 590
(first reign)
Bahram VI 590-591
Khosrow II Parviz 591-628
(second reign)
Bestam (rebel in Media) 591-596
Kavadh (Qobad) II 627-628
Shiruye (Siroes)
Ardashir III 628-630
Shahrbaräz 630
Purandokht 629-631
Hormizd V 631-632
Khosrow III 632-633
Yazdegerd III 633-651
*Based mainly on T. Nöldeke's chronology 1879
اعتمد بالاساس على المخطط الزمني لتيودور نولديك 1879
تذكر كتب التاريخ ان أردشير بن بابك لما أفضى إليه الملك أسرف في قتل الاشكانيون حتى أفناهم بسبب ما اقسم عليه ساسان جد أردشير أنه إن ملك يوما من الدهر لم يستبق من نسل أشك بن خرة أحدا وأوجب ذلك على عقبه وأوصاهم بألا يبقوا منهم أحدا إن هم ملكوا أو ملك منهم أحد يوما فكان أول من ملك من ولد ولده ونسله أردشير بن بابك فقتلهم جميعا نساءهم ورجالهم فلم يستبق منهم أحدا لعزمة جده ساسان و هذا يبين لنا كيف ان هذه الامبراطورية قامت على المظلومية و الثار و الانتقام و الفتك بالاعداء و حتى ان اردشير قتل بعض اخوته الذين نازعوه في امره و حقيقة الامر ان هذا ليس داب الساسانيين وحدهم بل هذا دأب كل الامبراطوريات الفارسية التي قامت قبلهم و بعدهم.
و استمرت فتوحات اردشير تتوالى و زاع سيطه و اتسعت مملكته و اقام المدن و عمر البلدان و استمر كذلك حتى انه قبل وفاته بفترة قصيرة و ربما بسبب تدهور حالته الصحية تنازل عن العرش لوريثه الذي يختاره و كان ابنه شابور الاول و الذي اعطاه المسؤليه الكاملة في ادارة الامبراطورية الا انه اوصى بتأخير التتويج الى ما بعد وفاته. بمجرد تتويج شابور الاول للحكم تعرضت فارس للغزو من قبل الامبراطور الروماني جورديان الثالث و الذي جند جنودا المان و يونان لمحاربة الفرس و وقعت على نهر الفرات معركة ضخمة ما بين الرومان و الفرس انتهت بانتصار جند شابور على الرومان و مقتل جورديان الثالث و تم تدمير الجيش الروماني عن بكرة ابيه.
و دعى الرومان الامبراطور فيليب و الذي افتدى نفسه بمبلغ مالي ضخم للامبراطورية الساسانية ليحفظ حياته و عند ذلك الحين تم اطلاق اسم شابور المنتصر على الامبراطور شابور. و ما هي الا عدة سنوات حتى هاجم الفرس الرومان و دمروا جيشا ضخما لهم يبلغ قوامه 60000 مقاتل و تم ذلك في سوريا حيث تم حرق سوريا و ما يجاورها من مناطق و تدميرها بالكامل و نهبها و سرقتها و احتل الفرس ما يقرب من 37 مدينة رومانية بما فيها عاصمة سوريا ذاتها. حدث تصادم ثالث بين جند شابور و بين الروم عندما هم الامبراطور فاليريان لانقاذ مدينة اديسسا السورية المحاصرة من قبل الجيش الفارسي حيث جلب شابور معه قرابة الـ 70000 مقاتل و بين كارهي و اديسسا دارت معركة ضخمة بين فاليريان و بين الفرس انتهت بانتصار الفرس و تم اسر فاليريان و قادة جيشه و من بقي من جنودهم و يروى ان فاليريان بقي عند سابور حتى مات.
لازالت المنافسة في غرب ما بين النهرين تسير على شبيهتها في شمال ما بين النهرين مع المدن المحصنة هناك – اديسسا – كارهي – نيسبيس. كان الساسانيون متلهفون لاستعادة السيطرة على ارمينيا لان سلالة الاشكانيين لازالت باقية و تحولت لحماية روما مما ادى لاستمرار الحروب بشكل دائم.
في عهد بهرام الثاني غزا الامبراطور الروماني كاروس بلاد ما بين النهرين بدون ملاقاة أي مقاومة و وصل الي ستيسيفون الا ان موته المفاجئ دفع الجيش الروماني للانسحاب. و الذي دفع بهرام الثاني الى عدم مواجهة الرومان هو تمرد اخيه كوشنشاه هورميزد عليه و الذي حاول تأسيس امبراطورية شرقية مستقلة الا ان هذه المحاولة انتهت بالفشل في نهاية الامر. ثم عين بهرام الثاني ابنه الصغير بهرام الثالث نائباً ملكيا، بعد وفاة بهرام الثاني تنافس نارسيس الابن الاصغر لشابور الاول مع بهرام الثالث على التتويج و بالفعل تمكن من لبس التاج بدلا منه, و شيد نارسيس برجا ضخما في ذكر تتويجه غرب نهر ديالا الاعلى.
أجبر نارسيس و الذي تعتبر فترة حكمه اقل الفترات انتصارا على الرومان على توقيع معاهدة سلام مع الرومان و التي بمقتضاها بقيت ارمينيا تحت الهيمنة الرومانية و كذلك بعض مناطق ما بين النهرين و انسحب الساسانيون بالكامل من المناطق المتنازع عليها و اصبحت الامبراطورية الرومانية مسيحية و لاقت تعاطفا في بلاد ما بين النهرين و بلاد بابل لتلك الاسباب الدينية و اصبحت ارمينيا ايضا مسيحية بعد ان تبنى ملكها الدين المسيحي.
شعر امبراطوريو الساسانيين و اباطرتهم بالحاجة لدعم زرادشتيتهم و فرضوا الزرادشتية كدين رسمي حكومي و تم تحريم كل البدع عن الديانة الزرادشتية و جعل الارتداد عنها جريمة لا تغتفر و تم اضطهاد المسيحيين بشكل كبير. و بهذا أخذ الخلاف بين الفرس و الرومان يأخذ بعداً جديدا الا و هو البعد الديني العقدي الذي حل محل البعد المتمثل في السيطرة و النفوذ.
الحرب الجديدة اذا ما بين الفرس و الروم كانت حتمية، بدات هذه الحرب بواسطة شابور الثاني في عام 337 و هو نفسه العام الذي مات فيه كوسطنتين الاول، حاصر شابور الثاني تخوم مدينة نيسيبس ثلاث مرات دون نجاح، قاد كوسطنتين الثاني الحرب بضعف الا ان شابور كان مشوشا بفعل ظهور عدو جديد له على التخوم الشرقية الا و هم بدو الشيونيتس الا انه بعد نجاحه في عدة حملات عليهم واصل هجومه على بلاد ما بين النهرين و تمكن من احتلال مدينة اميدا – ديار بكر في تركيا حاليا – بعد وفاة قسطنتين جوليان يواصل هجومه على بلاد ما بين النهر الا انه يموت بالقرب من ستيسفون و وريثه جوفيان يتخلى عن جزء كبير من ارمينيا للفرس و التي اصبح جزء كبير منها مقاطعة فارسية.
تجدر الاشارة هنا ان شابور الثاني اشتبك مع الرومان في اثناء حكمه الطويل الذي بلغ 69 عاما في ثلاث حروب، بعد وفاته اشتعلت نيران المنازعات الداخلية حول سلطة الملك بين الملوك و الاشراف و رجال الدين، تم اعدام ثلاثة ملوك على أيدي الاشراف و أصبح الملوك التالون يتم اختيارهم من الاسرة الساسانية بواسطة رجال الدين.
عندما اعتلى خسروا الاول سدة الحكم (531-579) أعاد أعظم ملك في هذه الدولة و كان رعاياه يلقبونه بالملك العادل و عادت سلطة الملك الى حالتها الاولى بدون وصاية رجال الدين و الاقطاعيين و قام بتقسيم الامبراطورية الى اربعة اقاليم ادارية و قام بفرض الضرائب و تنفيذ مشاريع ري و توسعت الزراعة و نالت الكثير من الاهتمام و العناية و نعمت البلاد بكثير من الرفاهية.
شجع خسرو التعليم و كان نفسه قادرا على التكلم باليونانية و قام بترجمة كتب اليونانية و السنسكريتية الى البهلوية و نظر الى المسيحية نظرة تسامح.
انتصر خسرو الثاني (589-628) على بيزنطة في بادئ الامر الا ان الامبراطور هرقل لم يلبث ان أوقع به هزيمة ساحقة في موقعة نينوى عام 628 ميلادي و اصبح الملك الساساني انذاك في فوضى شاملة.
و استمرت فتوحات اردشير تتوالى و زاع سيطه و اتسعت مملكته و اقام المدن و عمر البلدان و استمر كذلك حتى انه قبل وفاته بفترة قصيرة و ربما بسبب تدهور حالته الصحية تنازل عن العرش لوريثه الذي يختاره و كان ابنه شابور الاول و الذي اعطاه المسؤليه الكاملة في ادارة الامبراطورية الا انه اوصى بتأخير التتويج الى ما بعد وفاته. بمجرد تتويج شابور الاول للحكم تعرضت فارس للغزو من قبل الامبراطور الروماني جورديان الثالث و الذي جند جنودا المان و يونان لمحاربة الفرس و وقعت على نهر الفرات معركة ضخمة ما بين الرومان و الفرس انتهت بانتصار جند شابور على الرومان و مقتل جورديان الثالث و تم تدمير الجيش الروماني عن بكرة ابيه.
و دعى الرومان الامبراطور فيليب و الذي افتدى نفسه بمبلغ مالي ضخم للامبراطورية الساسانية ليحفظ حياته و عند ذلك الحين تم اطلاق اسم شابور المنتصر على الامبراطور شابور. و ما هي الا عدة سنوات حتى هاجم الفرس الرومان و دمروا جيشا ضخما لهم يبلغ قوامه 60000 مقاتل و تم ذلك في سوريا حيث تم حرق سوريا و ما يجاورها من مناطق و تدميرها بالكامل و نهبها و سرقتها و احتل الفرس ما يقرب من 37 مدينة رومانية بما فيها عاصمة سوريا ذاتها. حدث تصادم ثالث بين جند شابور و بين الروم عندما هم الامبراطور فاليريان لانقاذ مدينة اديسسا السورية المحاصرة من قبل الجيش الفارسي حيث جلب شابور معه قرابة الـ 70000 مقاتل و بين كارهي و اديسسا دارت معركة ضخمة بين فاليريان و بين الفرس انتهت بانتصار الفرس و تم اسر فاليريان و قادة جيشه و من بقي من جنودهم و يروى ان فاليريان بقي عند سابور حتى مات.
لازالت المنافسة في غرب ما بين النهرين تسير على شبيهتها في شمال ما بين النهرين مع المدن المحصنة هناك – اديسسا – كارهي – نيسبيس. كان الساسانيون متلهفون لاستعادة السيطرة على ارمينيا لان سلالة الاشكانيين لازالت باقية و تحولت لحماية روما مما ادى لاستمرار الحروب بشكل دائم.
في عهد بهرام الثاني غزا الامبراطور الروماني كاروس بلاد ما بين النهرين بدون ملاقاة أي مقاومة و وصل الي ستيسيفون الا ان موته المفاجئ دفع الجيش الروماني للانسحاب. و الذي دفع بهرام الثاني الى عدم مواجهة الرومان هو تمرد اخيه كوشنشاه هورميزد عليه و الذي حاول تأسيس امبراطورية شرقية مستقلة الا ان هذه المحاولة انتهت بالفشل في نهاية الامر. ثم عين بهرام الثاني ابنه الصغير بهرام الثالث نائباً ملكيا، بعد وفاة بهرام الثاني تنافس نارسيس الابن الاصغر لشابور الاول مع بهرام الثالث على التتويج و بالفعل تمكن من لبس التاج بدلا منه, و شيد نارسيس برجا ضخما في ذكر تتويجه غرب نهر ديالا الاعلى.
أجبر نارسيس و الذي تعتبر فترة حكمه اقل الفترات انتصارا على الرومان على توقيع معاهدة سلام مع الرومان و التي بمقتضاها بقيت ارمينيا تحت الهيمنة الرومانية و كذلك بعض مناطق ما بين النهرين و انسحب الساسانيون بالكامل من المناطق المتنازع عليها و اصبحت الامبراطورية الرومانية مسيحية و لاقت تعاطفا في بلاد ما بين النهرين و بلاد بابل لتلك الاسباب الدينية و اصبحت ارمينيا ايضا مسيحية بعد ان تبنى ملكها الدين المسيحي.
شعر امبراطوريو الساسانيين و اباطرتهم بالحاجة لدعم زرادشتيتهم و فرضوا الزرادشتية كدين رسمي حكومي و تم تحريم كل البدع عن الديانة الزرادشتية و جعل الارتداد عنها جريمة لا تغتفر و تم اضطهاد المسيحيين بشكل كبير. و بهذا أخذ الخلاف بين الفرس و الرومان يأخذ بعداً جديدا الا و هو البعد الديني العقدي الذي حل محل البعد المتمثل في السيطرة و النفوذ.
الحرب الجديدة اذا ما بين الفرس و الروم كانت حتمية، بدات هذه الحرب بواسطة شابور الثاني في عام 337 و هو نفسه العام الذي مات فيه كوسطنتين الاول، حاصر شابور الثاني تخوم مدينة نيسيبس ثلاث مرات دون نجاح، قاد كوسطنتين الثاني الحرب بضعف الا ان شابور كان مشوشا بفعل ظهور عدو جديد له على التخوم الشرقية الا و هم بدو الشيونيتس الا انه بعد نجاحه في عدة حملات عليهم واصل هجومه على بلاد ما بين النهرين و تمكن من احتلال مدينة اميدا – ديار بكر في تركيا حاليا – بعد وفاة قسطنتين جوليان يواصل هجومه على بلاد ما بين النهر الا انه يموت بالقرب من ستيسفون و وريثه جوفيان يتخلى عن جزء كبير من ارمينيا للفرس و التي اصبح جزء كبير منها مقاطعة فارسية.
تجدر الاشارة هنا ان شابور الثاني اشتبك مع الرومان في اثناء حكمه الطويل الذي بلغ 69 عاما في ثلاث حروب، بعد وفاته اشتعلت نيران المنازعات الداخلية حول سلطة الملك بين الملوك و الاشراف و رجال الدين، تم اعدام ثلاثة ملوك على أيدي الاشراف و أصبح الملوك التالون يتم اختيارهم من الاسرة الساسانية بواسطة رجال الدين.
عندما اعتلى خسروا الاول سدة الحكم (531-579) أعاد أعظم ملك في هذه الدولة و كان رعاياه يلقبونه بالملك العادل و عادت سلطة الملك الى حالتها الاولى بدون وصاية رجال الدين و الاقطاعيين و قام بتقسيم الامبراطورية الى اربعة اقاليم ادارية و قام بفرض الضرائب و تنفيذ مشاريع ري و توسعت الزراعة و نالت الكثير من الاهتمام و العناية و نعمت البلاد بكثير من الرفاهية.
شجع خسرو التعليم و كان نفسه قادرا على التكلم باليونانية و قام بترجمة كتب اليونانية و السنسكريتية الى البهلوية و نظر الى المسيحية نظرة تسامح.
انتصر خسرو الثاني (589-628) على بيزنطة في بادئ الامر الا ان الامبراطور هرقل لم يلبث ان أوقع به هزيمة ساحقة في موقعة نينوى عام 628 ميلادي و اصبح الملك الساساني انذاك في فوضى شاملة.
علامات سقوط الامبراطورية الفارسية:
نظرت المصادر المسيحية والزرادشتية نظرة مختلفة لفترة حكم يزدجرد الاول الذي اعتلى العرش في 399 م. السابقون يَمْدحونَ رحمتة؛ و اللاحقون يشيرون اليه بـ يزدجرد الشرير، ميله الأولي نحو تَحَمّلِ المسيحية واليهودية قوبلتَا بالمعارضة من قبل طبقة النبلاءِ. بسبب موقفِهم و تعصّبِهم المُتزايدِ ضد المسيحيين، أجبرَ ذلك يزدجرد للإتِّجاه إلى قمعهم.
بعد موته 420 م رَفضَ النبلاء وصول أيّ من ابنائه الى العرش. لكن أحدهمَ و هو بهرام كَانَ عِنْدَهُ دعمُ المُنذر ملك الحيرة العربي التابع للامبراطورية الساسانية و ايضا احد الوزراء السابقين ليزدجرد في ايامه الاخيرة و الذي إحتفظَ به في بلاطه، فكان العرش في النهاية من نصيب بهرام الخامس و لمدة 18 عاما بدأت في 420 ميلادي و لقب بهرام بـ الحمار البري و كان يَحتفلُ بمهارته العاليةِ بشكل كبير في الصيد وفي الحبّ الا انه فاشل في الحربِ مع بيزنطة.
توالت العقود الى ان جاء فيروز ثم اخوه بالاش ثم ابن فبروز قباز و الذي كان نشطا و اعاد للامبراطورية كثيرا من هيبتها و تمكن من هزيمة بيزنطه بمساعدة المنذر الثاني بعد هدنة طويلة بين الفرس و البيزنطيين ثم خلفه خسرو الاول و قد تم ذكره سابقا و كذلك تم ذكر خسرو الثاني.
و استكمالا لذلك نقول ان هرقل بعدما لاقى الفرس انتقم منهم اشد الانتقام و هزمهم هزيمة ساحقة و احتل اذربيجان و دمر النيران المقدسة في معابدها و احتل محافظات دجلة و قامت ثورات ضد خسرو الثاني انتهت بذبحه على يد ابنه قباز الثاني في عام 627 م إلا أن قباز الثاني مات بعد شهور قليلة و استمرت الفوضى و الاضطرابات حتى اعتلاء يزدجرد الثالث حفيد خسرو الثاني العرش في 632 م- لاحظ لا يمكن الاعتماد كثيرا على التواريخ لتضارب بعضها في أحيان كثيرة – و هنا يبرز دور الاضطرابات الداخلية كعامل حاسم في سقوط هذه الإمبراطورية.
لم تكن بيزنطة و لا الرومان و لا المهاجمين ذوي الأصول الأفغانية أو الصينية هم فقط من صفعوا الفرس و كانوا حصاة من حصيات انهيار الإمبراطورية الفارسية بل إن العرب أيضا فعلوا ذلك فعندما غضب خسرو على النعمان ابن المنذر اثر وشاية دبرها احد المناوئين له أرسل خسرو إلى النعمان يطلبه فنزل النعمان سرا عند هانئ بن مسعود سيد آل شيبان فأودعه أهله و ماله ثم توجه إلى خسروا فحبسه عنده حتى مات و ولى على الحيرة بدلا منه إياس بن قبيصة الطائي و أمره إن يرسل إلى هانئ يطلب منه تسليم ما عنده فأبى هانئ ذلك حمية و نخوة عربية فآذن الملك بالحرب و لم تلبث أن جاءت قوات خسروا المتحدة مع قوات إياس و دارت بين الطائفتين موقعة عظيمة عند ذي قار انتصر فيها بنو شيبان العرب و انهزمت فارس هزيمة منكرة و هذا يعتبر أول يوم انتصرت فيه العرب على فارس في التاريخ ثم تعضد هذا النصر بعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس و كانت هذه الحادثة مواكبة لمبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم.
شرف الله عز و جل جزيرة العرب بان يولد فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان ذلك في عام 571 ميلادي و أن يبعث بالنبوة الخاتمة فيها و كان ذلك عام 610 ميلادي و أشرقت الأرض بنور التوحيد و الإسلام و هدمت الأصنام و ارتست قواعد الإيمان في الجزيرة العربية لقد كان ذلك نذيرا بزوال كل الإمبراطوريات المجوسية و الصليبية......... فيمكن القول أن مجرد ولادة رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعثته كانت سببا من أسباب زوال الإمبراطورية الفارسية و هيئ الله عز و جل أسباب السقوط تهيئاً فحدث ما وقع من الأمور التي اشرنا إليها سابقاً.
و لان الرسول صلى الله عليه و سلم موحى اليه من الله عز و جل لتبليغ رسالته الى الناس كافة بدأ بمخاطبة الملوك و الأمراء لدعوتهم إلى دين الله فراسل النجاشي ملك الحبشة و المقوقس ملك مصر و قيصر ملك الروم و خاطب أمراء اليمامة و دمشق و عمان ، و كان كسرى ملك فارس – اعتقد انه خسرو الثاني و هذا واضح من السياق التاريخي و الله اعلم - ممن خاطبهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بكتاب عرفه فيه بنفسه و عرفه برب العالمين و دعاه فيه إلى الإسلام و حمله إثم ما سيجرى للمجوس إن هو أبى الاسلام. ما كان من كسرى الا ان مزق كتاب رسول الله – صلى الله عليه و سلم – فلما بلغ الرسول ذلك قال مزق الله ملكه و قد كان، ثم إن كسرى أرسل إلى عامله في اليمن باذان أن يرسل رجلين أشداء إلى الرسول صلى الله عليه و سلم ليأتيا به و بالفعل تم إرسال الرجلين و لكن الرسول أمهلهما للغد، إثناء ذلك أوحى الله عز و جل إلى الرسول صلى الله عليه و سلم بما حدث في بيت كسرى من انقلاب ابنه عليه و قتله و عندما كان اليوم الثاني اخبرهما الرسول بذلك و بالفعل عادا إلى باذان و اخبراه فاستغرب باذان ذلك إلى أن جاءه كتاب من ابن كسرى يؤكد ما قد ابلغه رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى هاذين الرجلين و يرجح المؤرخون أن ذلك كان سببا في إسلام باذان و من معه.
و لو أردنا معرفة رؤية الفرس للعرب يتضح لنا ذلك من موقف كسرى السابق و كذلك من الحوار الذي دار بين وفد سعد بن أبي وقاص برئاسة النعمان بن مقرن إلى يزدجرد يعرضوا عليه الإسلام قبل الإغارة عليه و سلبه ملكه يتبين من هذا الحوار الطويل المسطر في كتب التاريخ أن الفرس ينظرون إلى العرب على انهم رعايا لفارس لا يحلمون بخدمتهم و انه لشرف للعرب أن يكونوا عبيد لفارس إلا أن العرب بعد أن أعزهم الله بالإسلام استأصلوا شأفة الفرس و لم تقم لهم قائمة كامبراطورية مترامية الإطراف إلى يومنا هذا و لن يكون بإذن الله و لله الحمد و المنة.
ثم بدأ الصراع العسكري بين المسلمين و الفرس مع الخليفة الأول الصديق أبي بكر رضي الله عنه حيث كان الفرس يسيطرون آنذاك على مناطق واسعة تبدأ من بادية الشام في الغرب و شمال الجزيرة العربية من الجنوب و تتوسع منطقتهم في الغرب و تتناقص حسب انتصارهم أو هزيمتهم من الروم و قد وصلوا إلى سواحل البوسفور ثم ارتدوا إلى حدود الفرات و كان عدد من القبائل العربية يقيم في المناطق التي يسيطر عليها الفرس سواء في منطقة السواد أم على ضفاف الفرات و جزيرة العرب.
ثم خرج من بني شيبان فارس مقدام قد منّ الله عليه و دخل في الإسلام و هو المثنى بن حارثة الشيباني و قد طلب من الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد انتهائه من حروب الردة في البحرين أن يؤمره على قومه و ممن دان بالإسلام في تلك الجهات و ذلك ليجاهد الفرس و يقاتل أعداء الله فوافق أبو بكر و أصبح المثنى يناوش الفرس و ينتصر عليهم وقعة بعد أخرى إلا أن عدد مقاتليه قليل و عتادهم كذلك أمام الفرس لهذا فقد أرسل أبو بكر إليه بخالد بن الوليد بعد فراغه من حرب اليمامة و ذلك لمساندة المثنى صاحب فكرة الإغارة على الفرس.
ثم خاض البطل الهمام و القائد المغوار خالد بن الوليد مجموعة من المعارك المباشرة مع الفرس في بعض حامياتها – و ليس في عقر دارها كما سيحدث لاحقا – و من هذه المعارك معركة ذات السلاسل في المحرم 12 هـ و انتصر فيها المسلمون على الفرس بقيادة هرمز و استولى المسلمون على متاعهم و عتادهم و سميت ذات السلاسل لكثرة من سلسل فيها من أهل فارس، انضم هرمز المهزوم الفار إلى جيشا أخر أرسله كسرى فارس بقيادة قارن ليساند هرمز و اثنين من كبار قواده فرا معه من المعركة السابقة و كانت في منطقة المذار و انتصر فيها المسلمون و قتلوا ثلاثين ألفا من الفرس مع خيرة قوادهم، و انتصر المسلمون كذلك في معركة الولجة و أليس و فتحت امغيشيا و الحيرة و الانبار و عين التمر و دومة الجندل و الانتصار في معركة الحصين و المصيخ و وقعتي الثني و الزميل و اختتمت فتوحات العراق أيام الصديق بمعركة الفراض التي تحالف فيها الفرس و الروم و من يواليهما من العرب في تحالف ضخم – ما اشبه اليوم بالبارحة – للقضاء على العدو المشترك ألا و هو الإسلام و محاولة لإيقاف هذا الزحف الهادر الذي يوشك أن يقضي على أعظم إمبراطورية في المشرق و المغرب و انتهت المعركة بهزيمة قوات التحالف شر هزيمة و قتل من هؤلاء المتحالفين و العملاء مائة ألف قتيل.
كل هذه الأحداث و غيرها مما سيأتي ذكره بمشيئة الله يجعلنا نتسأل هل بمثل هذه الانتصارات الإسلامية و زوال الإمبراطورية الفارسية المجوسية انتهى الأمر عند ذلك الحد أم أن تاريخهم العتيد و ارثهم الحضاري الضارب في أعماق التاريخ يحول دون استسلامهم بهذه السهولة؟ و هل هم يخططون لاستعادة هذا الملك الضائع و إن سايروا الأحداث و ركبوا الموجة لأيام أو عقود أو حتى قرون؟ أرى أن الإجابة ستكون بالإيجاب و تاريخهم خير شاهد على ذلك؟؟!
نظرت المصادر المسيحية والزرادشتية نظرة مختلفة لفترة حكم يزدجرد الاول الذي اعتلى العرش في 399 م. السابقون يَمْدحونَ رحمتة؛ و اللاحقون يشيرون اليه بـ يزدجرد الشرير، ميله الأولي نحو تَحَمّلِ المسيحية واليهودية قوبلتَا بالمعارضة من قبل طبقة النبلاءِ. بسبب موقفِهم و تعصّبِهم المُتزايدِ ضد المسيحيين، أجبرَ ذلك يزدجرد للإتِّجاه إلى قمعهم.
بعد موته 420 م رَفضَ النبلاء وصول أيّ من ابنائه الى العرش. لكن أحدهمَ و هو بهرام كَانَ عِنْدَهُ دعمُ المُنذر ملك الحيرة العربي التابع للامبراطورية الساسانية و ايضا احد الوزراء السابقين ليزدجرد في ايامه الاخيرة و الذي إحتفظَ به في بلاطه، فكان العرش في النهاية من نصيب بهرام الخامس و لمدة 18 عاما بدأت في 420 ميلادي و لقب بهرام بـ الحمار البري و كان يَحتفلُ بمهارته العاليةِ بشكل كبير في الصيد وفي الحبّ الا انه فاشل في الحربِ مع بيزنطة.
توالت العقود الى ان جاء فيروز ثم اخوه بالاش ثم ابن فبروز قباز و الذي كان نشطا و اعاد للامبراطورية كثيرا من هيبتها و تمكن من هزيمة بيزنطه بمساعدة المنذر الثاني بعد هدنة طويلة بين الفرس و البيزنطيين ثم خلفه خسرو الاول و قد تم ذكره سابقا و كذلك تم ذكر خسرو الثاني.
و استكمالا لذلك نقول ان هرقل بعدما لاقى الفرس انتقم منهم اشد الانتقام و هزمهم هزيمة ساحقة و احتل اذربيجان و دمر النيران المقدسة في معابدها و احتل محافظات دجلة و قامت ثورات ضد خسرو الثاني انتهت بذبحه على يد ابنه قباز الثاني في عام 627 م إلا أن قباز الثاني مات بعد شهور قليلة و استمرت الفوضى و الاضطرابات حتى اعتلاء يزدجرد الثالث حفيد خسرو الثاني العرش في 632 م- لاحظ لا يمكن الاعتماد كثيرا على التواريخ لتضارب بعضها في أحيان كثيرة – و هنا يبرز دور الاضطرابات الداخلية كعامل حاسم في سقوط هذه الإمبراطورية.
لم تكن بيزنطة و لا الرومان و لا المهاجمين ذوي الأصول الأفغانية أو الصينية هم فقط من صفعوا الفرس و كانوا حصاة من حصيات انهيار الإمبراطورية الفارسية بل إن العرب أيضا فعلوا ذلك فعندما غضب خسرو على النعمان ابن المنذر اثر وشاية دبرها احد المناوئين له أرسل خسرو إلى النعمان يطلبه فنزل النعمان سرا عند هانئ بن مسعود سيد آل شيبان فأودعه أهله و ماله ثم توجه إلى خسروا فحبسه عنده حتى مات و ولى على الحيرة بدلا منه إياس بن قبيصة الطائي و أمره إن يرسل إلى هانئ يطلب منه تسليم ما عنده فأبى هانئ ذلك حمية و نخوة عربية فآذن الملك بالحرب و لم تلبث أن جاءت قوات خسروا المتحدة مع قوات إياس و دارت بين الطائفتين موقعة عظيمة عند ذي قار انتصر فيها بنو شيبان العرب و انهزمت فارس هزيمة منكرة و هذا يعتبر أول يوم انتصرت فيه العرب على فارس في التاريخ ثم تعضد هذا النصر بعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس و كانت هذه الحادثة مواكبة لمبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم.
شرف الله عز و جل جزيرة العرب بان يولد فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان ذلك في عام 571 ميلادي و أن يبعث بالنبوة الخاتمة فيها و كان ذلك عام 610 ميلادي و أشرقت الأرض بنور التوحيد و الإسلام و هدمت الأصنام و ارتست قواعد الإيمان في الجزيرة العربية لقد كان ذلك نذيرا بزوال كل الإمبراطوريات المجوسية و الصليبية......... فيمكن القول أن مجرد ولادة رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعثته كانت سببا من أسباب زوال الإمبراطورية الفارسية و هيئ الله عز و جل أسباب السقوط تهيئاً فحدث ما وقع من الأمور التي اشرنا إليها سابقاً.
و لان الرسول صلى الله عليه و سلم موحى اليه من الله عز و جل لتبليغ رسالته الى الناس كافة بدأ بمخاطبة الملوك و الأمراء لدعوتهم إلى دين الله فراسل النجاشي ملك الحبشة و المقوقس ملك مصر و قيصر ملك الروم و خاطب أمراء اليمامة و دمشق و عمان ، و كان كسرى ملك فارس – اعتقد انه خسرو الثاني و هذا واضح من السياق التاريخي و الله اعلم - ممن خاطبهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بكتاب عرفه فيه بنفسه و عرفه برب العالمين و دعاه فيه إلى الإسلام و حمله إثم ما سيجرى للمجوس إن هو أبى الاسلام. ما كان من كسرى الا ان مزق كتاب رسول الله – صلى الله عليه و سلم – فلما بلغ الرسول ذلك قال مزق الله ملكه و قد كان، ثم إن كسرى أرسل إلى عامله في اليمن باذان أن يرسل رجلين أشداء إلى الرسول صلى الله عليه و سلم ليأتيا به و بالفعل تم إرسال الرجلين و لكن الرسول أمهلهما للغد، إثناء ذلك أوحى الله عز و جل إلى الرسول صلى الله عليه و سلم بما حدث في بيت كسرى من انقلاب ابنه عليه و قتله و عندما كان اليوم الثاني اخبرهما الرسول بذلك و بالفعل عادا إلى باذان و اخبراه فاستغرب باذان ذلك إلى أن جاءه كتاب من ابن كسرى يؤكد ما قد ابلغه رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى هاذين الرجلين و يرجح المؤرخون أن ذلك كان سببا في إسلام باذان و من معه.
و لو أردنا معرفة رؤية الفرس للعرب يتضح لنا ذلك من موقف كسرى السابق و كذلك من الحوار الذي دار بين وفد سعد بن أبي وقاص برئاسة النعمان بن مقرن إلى يزدجرد يعرضوا عليه الإسلام قبل الإغارة عليه و سلبه ملكه يتبين من هذا الحوار الطويل المسطر في كتب التاريخ أن الفرس ينظرون إلى العرب على انهم رعايا لفارس لا يحلمون بخدمتهم و انه لشرف للعرب أن يكونوا عبيد لفارس إلا أن العرب بعد أن أعزهم الله بالإسلام استأصلوا شأفة الفرس و لم تقم لهم قائمة كامبراطورية مترامية الإطراف إلى يومنا هذا و لن يكون بإذن الله و لله الحمد و المنة.
ثم بدأ الصراع العسكري بين المسلمين و الفرس مع الخليفة الأول الصديق أبي بكر رضي الله عنه حيث كان الفرس يسيطرون آنذاك على مناطق واسعة تبدأ من بادية الشام في الغرب و شمال الجزيرة العربية من الجنوب و تتوسع منطقتهم في الغرب و تتناقص حسب انتصارهم أو هزيمتهم من الروم و قد وصلوا إلى سواحل البوسفور ثم ارتدوا إلى حدود الفرات و كان عدد من القبائل العربية يقيم في المناطق التي يسيطر عليها الفرس سواء في منطقة السواد أم على ضفاف الفرات و جزيرة العرب.
ثم خرج من بني شيبان فارس مقدام قد منّ الله عليه و دخل في الإسلام و هو المثنى بن حارثة الشيباني و قد طلب من الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد انتهائه من حروب الردة في البحرين أن يؤمره على قومه و ممن دان بالإسلام في تلك الجهات و ذلك ليجاهد الفرس و يقاتل أعداء الله فوافق أبو بكر و أصبح المثنى يناوش الفرس و ينتصر عليهم وقعة بعد أخرى إلا أن عدد مقاتليه قليل و عتادهم كذلك أمام الفرس لهذا فقد أرسل أبو بكر إليه بخالد بن الوليد بعد فراغه من حرب اليمامة و ذلك لمساندة المثنى صاحب فكرة الإغارة على الفرس.
ثم خاض البطل الهمام و القائد المغوار خالد بن الوليد مجموعة من المعارك المباشرة مع الفرس في بعض حامياتها – و ليس في عقر دارها كما سيحدث لاحقا – و من هذه المعارك معركة ذات السلاسل في المحرم 12 هـ و انتصر فيها المسلمون على الفرس بقيادة هرمز و استولى المسلمون على متاعهم و عتادهم و سميت ذات السلاسل لكثرة من سلسل فيها من أهل فارس، انضم هرمز المهزوم الفار إلى جيشا أخر أرسله كسرى فارس بقيادة قارن ليساند هرمز و اثنين من كبار قواده فرا معه من المعركة السابقة و كانت في منطقة المذار و انتصر فيها المسلمون و قتلوا ثلاثين ألفا من الفرس مع خيرة قوادهم، و انتصر المسلمون كذلك في معركة الولجة و أليس و فتحت امغيشيا و الحيرة و الانبار و عين التمر و دومة الجندل و الانتصار في معركة الحصين و المصيخ و وقعتي الثني و الزميل و اختتمت فتوحات العراق أيام الصديق بمعركة الفراض التي تحالف فيها الفرس و الروم و من يواليهما من العرب في تحالف ضخم – ما اشبه اليوم بالبارحة – للقضاء على العدو المشترك ألا و هو الإسلام و محاولة لإيقاف هذا الزحف الهادر الذي يوشك أن يقضي على أعظم إمبراطورية في المشرق و المغرب و انتهت المعركة بهزيمة قوات التحالف شر هزيمة و قتل من هؤلاء المتحالفين و العملاء مائة ألف قتيل.
كل هذه الأحداث و غيرها مما سيأتي ذكره بمشيئة الله يجعلنا نتسأل هل بمثل هذه الانتصارات الإسلامية و زوال الإمبراطورية الفارسية المجوسية انتهى الأمر عند ذلك الحد أم أن تاريخهم العتيد و ارثهم الحضاري الضارب في أعماق التاريخ يحول دون استسلامهم بهذه السهولة؟ و هل هم يخططون لاستعادة هذا الملك الضائع و إن سايروا الأحداث و ركبوا الموجة لأيام أو عقود أو حتى قرون؟ أرى أن الإجابة ستكون بالإيجاب و تاريخهم خير شاهد على ذلك؟؟!
في الحلقات السابقة عند بدايات انهيار الإمبراطورية الفارسية و لعلنا قد اطلنا كثيرا في التاريخ الفارسي و ما كان ذلك منا إلا لسببين:
الأول: أن نقدم للقارئ العربي جانبا من تاريخ إيران القديم الذي يعتبر توطئة لفهم إيران المعاصرة و بيان أنها تسير على نفس النهج و إن اختلفت المسميات
الثاني: أن إيران لها عمق تاريخي قديم كإمبراطورية مترامية الأطراف و كقطب من أقطاب السيطرة في منطقتنا و هذا العمق الذي ظل لآلاف السنين لابد و أن يحاول العودة مرة ثانية للخروج إلى الوجود كقوة مسيطرة تأمر فتطاع و إن قامت بتغيير جلدها
كل هذا من شأنه إن يضع المبررات اللازمة لخوض إيران هذه المعركة الفاصلة التي نحن بصددها، و إننا بطبيعة الحال لن نتناول التاريخ المتبقي لإيران حتى هذا العصر لان ذلك سيأخذ وقتا طويلا جدا و إنما قد نقف وقفات عند بعض المنعطفات الخطيرة في التاريخ الإيراني، و كذلك فان معارك المسلمين مع المجوس تحتاج إلى مئات الصفحات و نحن هنا نشير إليها إشارة وجيزة فحسب.
و استكمالا لما توقفنا عنده من معارك الخليفة الراشد الصديق أبي بكر مع الفرس و التي قادها البطل خالد بن الوليد و الذي بدئها المثنى بن حارثة الشيباني، فان فتح الفتوح كان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه و لنقف وقفات وجيزة للمعارك التي استمرت قرابة ست أو سبع سنوات ثم نختتمها بالفتح الكبير و الله المستعان.
وقعة النمارق عام 13 هجريا:
هزم فيها المسلمون بقيادة أبو عبيد الفرس في منطقة تعرف بالنمارق و تم أسر اثنين من قادة الفرس تم قتل احدهما و هو مرادنشاه و هرب الاخر و هو جابان إلا أن المسلمون عثروا عليه مرة ثانية و كان قد دخل في ذمة احد المسلمين فلم يقتلوه وفاءا بعهد الذمة.
وقعة كسكر 13 هجريا:
تتبع المسلمون الجند الفارين من وقعة النمارق حتى وصل المنهزمون إلى منطقة تعرف بكسكر و كان عليها رجل يدعى نرسي و كان حاميا لتمر مزروع في هذه المنطقة يعرف بالنرسيان لا يأكل منه إلا ملك فارس و أرسل رستم قائد **** الفرس بالجالينوس إلى نرسي ليدعمه في قتاله مع المسلمين و لكن الله قدر و هزم المسلمون الفرس شر هزيمة و جمعوا من الغنائم الشئ الكثير و كان مما غنمه المسلمون هذا التمر الخاص بكسرى فارس فإذا به يأكله عوام المسلمين بعد أن كان محرما على خواص الفرس.
هزيمة مؤقته في الجسر
و نصر ساحق في البويب:
لكل جواد كبوة فبعد الانتصارات السابقة للمسلمين على جند الفرس قابل المسلمون شيئا لم يعتادوه من قبل حين فاجئهم الفرس باستخدام الفيلة في القتال فانهزم المسلمون مؤقتا في تلك الوقعة و لا ريب في ذلك فان منطلقات المسلم في قتاله لتحقيق واحد من هدفين إما النصر أو الشهادة و قد نال الثانية ما يقرب من ثلاثة ألاف من بينهم القائد أبو عبيد ذاته بل و من حمل لواء القيادة بعده إلى أن انتهى الأمر بالمثنى بن حارثة الذي جمع له الخليفة عمر رضي الله عنه من الجموع ما تمكنه من الرد و استعادة الانتصارات و بالفعل تمت المواجهة و أحرز المسلمون نصرا كبيرا في موقعة البويب بقيادة المثنى أزالوا بها آثار الهزيمة السابقة
معركة القادسية:
من كبريات المعارك التي خاضها المسلمون و التي أثبتت أنهم ملكوا زمام المبادرة و أصبحوا أصحاب إستراتيجية إسلامية ساحقة و يمكن إيجاز هذه المعركة في النقاط التالية:
- الخليفة عمر رضي الله عنه يرسل سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه بـ 4 الاف جندي لقتال الفرس بجوار المثنى ابن حارثة في العراق و معه اثنا عشر الفا و زاد سعد عدد الجنود الذين معه بضم سبعة ألاف آخرين و نزل سعد رضي الله عنه بمنطقة تعرف بزرود
- المثنى بن حارثة الشيباني يتوفاه الله قبل وصول سعد إلى العراق و يحل المعنى أخاه المثنى
- رستم قائد الفرس يألب بعض العرب لقتال المسلمين بجوار الفرس
- خطاب يصل من أمير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه بالتوجه نحو القادسية باب فارس لقتالهم في عقر دارهم و أشار عمر على سعد أن يبقوا هناك حتى يأتيهم العدو و تلك خطة حربية لها ما ورائها من الحنكة في الشؤون العسكرية لرعيل الإسلام الأول
- الفرس يتباطئوا في الخروج و مواجهة المسلمين في الصحراء فيغير سعد على بعض قرى العراق لمحاولة الضغط على حكومة فارس و استخراجها من بلادها و حصونها المنيعة
- سعد يرسل أربعة عشر رجلا إلى يزدجرد و كان فيهم نعمان بن المقرن لتحذيره قبل الإجهاز عليه و في هذه المقابلة حوار دار بين يزدجرد و النعمان بن المقرن قد أشرنا اليها فيما سبق و قد استهان يزدجرد فيها بالعرب و المسلمين و تهكم عليهم
- جالينوس يؤمر من قبل رستم بالخروج من النجف و حل رستم محله و بصفة عامة كان قادة الفرس يخافون مواجهة المسلمين و يتمنون رحيلهم قبل المواجهة.
- الخطة التي اعتمدها المسلمون و التي وضعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقوم على الصبر و المطاولة.
- لم تتوقف المقابلات بين المسلمين و الفرس قبل بدء المعركة الحاسمة فقد التقى احد قادة المسلمين – زهرة بن الحبوية- برستم قائد الفرس و الحق أن رستم استمع إلى زهرة و شعر أن كلامه هو الحق و أيقن أن نهاية فارس على يد المسلمين باتت وشيكة بل إن بعض جنود الفرس اسلموا بعد سماع هذا الحوار.
- و التقى كذلك ربعي بن عامر برستم و ورد في هذا الخبر تقطيع ربعي بن عامر لوسائد و نمارق و بسط الفرس بسيفه التي أراد الفرس أن يظهروا بها علوهم و كبرهم.
- و في هذا اللقاء أيضا العبارة الشهيرة التي قالها ربعي بن عامر حين سأله رستم ما الذي جاء بكم إلينا فأجاب – إن الله ابتعثنا و جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة الله و من ضيق الدنيا إلى سعتها و من جور الأديان إلى عدل الإسلام .............- و يعرض كذلك ربعي على رستم الإسلام أو القتال أو الجزية و أمهله ثلاث أيام.
- لقاء ثالث جمع بين رستم و المغيرة بن شعبة كانت نتيجته كاللقائين السابقين.
هذا بمثابة توطئة لمعركة القادسية و سوف نستكملها
الأول: أن نقدم للقارئ العربي جانبا من تاريخ إيران القديم الذي يعتبر توطئة لفهم إيران المعاصرة و بيان أنها تسير على نفس النهج و إن اختلفت المسميات
الثاني: أن إيران لها عمق تاريخي قديم كإمبراطورية مترامية الأطراف و كقطب من أقطاب السيطرة في منطقتنا و هذا العمق الذي ظل لآلاف السنين لابد و أن يحاول العودة مرة ثانية للخروج إلى الوجود كقوة مسيطرة تأمر فتطاع و إن قامت بتغيير جلدها
كل هذا من شأنه إن يضع المبررات اللازمة لخوض إيران هذه المعركة الفاصلة التي نحن بصددها، و إننا بطبيعة الحال لن نتناول التاريخ المتبقي لإيران حتى هذا العصر لان ذلك سيأخذ وقتا طويلا جدا و إنما قد نقف وقفات عند بعض المنعطفات الخطيرة في التاريخ الإيراني، و كذلك فان معارك المسلمين مع المجوس تحتاج إلى مئات الصفحات و نحن هنا نشير إليها إشارة وجيزة فحسب.
و استكمالا لما توقفنا عنده من معارك الخليفة الراشد الصديق أبي بكر مع الفرس و التي قادها البطل خالد بن الوليد و الذي بدئها المثنى بن حارثة الشيباني، فان فتح الفتوح كان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه و لنقف وقفات وجيزة للمعارك التي استمرت قرابة ست أو سبع سنوات ثم نختتمها بالفتح الكبير و الله المستعان.
وقعة النمارق عام 13 هجريا:
هزم فيها المسلمون بقيادة أبو عبيد الفرس في منطقة تعرف بالنمارق و تم أسر اثنين من قادة الفرس تم قتل احدهما و هو مرادنشاه و هرب الاخر و هو جابان إلا أن المسلمون عثروا عليه مرة ثانية و كان قد دخل في ذمة احد المسلمين فلم يقتلوه وفاءا بعهد الذمة.
وقعة كسكر 13 هجريا:
تتبع المسلمون الجند الفارين من وقعة النمارق حتى وصل المنهزمون إلى منطقة تعرف بكسكر و كان عليها رجل يدعى نرسي و كان حاميا لتمر مزروع في هذه المنطقة يعرف بالنرسيان لا يأكل منه إلا ملك فارس و أرسل رستم قائد **** الفرس بالجالينوس إلى نرسي ليدعمه في قتاله مع المسلمين و لكن الله قدر و هزم المسلمون الفرس شر هزيمة و جمعوا من الغنائم الشئ الكثير و كان مما غنمه المسلمون هذا التمر الخاص بكسرى فارس فإذا به يأكله عوام المسلمين بعد أن كان محرما على خواص الفرس.
هزيمة مؤقته في الجسر
و نصر ساحق في البويب:
لكل جواد كبوة فبعد الانتصارات السابقة للمسلمين على جند الفرس قابل المسلمون شيئا لم يعتادوه من قبل حين فاجئهم الفرس باستخدام الفيلة في القتال فانهزم المسلمون مؤقتا في تلك الوقعة و لا ريب في ذلك فان منطلقات المسلم في قتاله لتحقيق واحد من هدفين إما النصر أو الشهادة و قد نال الثانية ما يقرب من ثلاثة ألاف من بينهم القائد أبو عبيد ذاته بل و من حمل لواء القيادة بعده إلى أن انتهى الأمر بالمثنى بن حارثة الذي جمع له الخليفة عمر رضي الله عنه من الجموع ما تمكنه من الرد و استعادة الانتصارات و بالفعل تمت المواجهة و أحرز المسلمون نصرا كبيرا في موقعة البويب بقيادة المثنى أزالوا بها آثار الهزيمة السابقة
معركة القادسية:
من كبريات المعارك التي خاضها المسلمون و التي أثبتت أنهم ملكوا زمام المبادرة و أصبحوا أصحاب إستراتيجية إسلامية ساحقة و يمكن إيجاز هذه المعركة في النقاط التالية:
- الخليفة عمر رضي الله عنه يرسل سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه بـ 4 الاف جندي لقتال الفرس بجوار المثنى ابن حارثة في العراق و معه اثنا عشر الفا و زاد سعد عدد الجنود الذين معه بضم سبعة ألاف آخرين و نزل سعد رضي الله عنه بمنطقة تعرف بزرود
- المثنى بن حارثة الشيباني يتوفاه الله قبل وصول سعد إلى العراق و يحل المعنى أخاه المثنى
- رستم قائد الفرس يألب بعض العرب لقتال المسلمين بجوار الفرس
- خطاب يصل من أمير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه بالتوجه نحو القادسية باب فارس لقتالهم في عقر دارهم و أشار عمر على سعد أن يبقوا هناك حتى يأتيهم العدو و تلك خطة حربية لها ما ورائها من الحنكة في الشؤون العسكرية لرعيل الإسلام الأول
- الفرس يتباطئوا في الخروج و مواجهة المسلمين في الصحراء فيغير سعد على بعض قرى العراق لمحاولة الضغط على حكومة فارس و استخراجها من بلادها و حصونها المنيعة
- سعد يرسل أربعة عشر رجلا إلى يزدجرد و كان فيهم نعمان بن المقرن لتحذيره قبل الإجهاز عليه و في هذه المقابلة حوار دار بين يزدجرد و النعمان بن المقرن قد أشرنا اليها فيما سبق و قد استهان يزدجرد فيها بالعرب و المسلمين و تهكم عليهم
- جالينوس يؤمر من قبل رستم بالخروج من النجف و حل رستم محله و بصفة عامة كان قادة الفرس يخافون مواجهة المسلمين و يتمنون رحيلهم قبل المواجهة.
- الخطة التي اعتمدها المسلمون و التي وضعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقوم على الصبر و المطاولة.
- لم تتوقف المقابلات بين المسلمين و الفرس قبل بدء المعركة الحاسمة فقد التقى احد قادة المسلمين – زهرة بن الحبوية- برستم قائد الفرس و الحق أن رستم استمع إلى زهرة و شعر أن كلامه هو الحق و أيقن أن نهاية فارس على يد المسلمين باتت وشيكة بل إن بعض جنود الفرس اسلموا بعد سماع هذا الحوار.
- و التقى كذلك ربعي بن عامر برستم و ورد في هذا الخبر تقطيع ربعي بن عامر لوسائد و نمارق و بسط الفرس بسيفه التي أراد الفرس أن يظهروا بها علوهم و كبرهم.
- و في هذا اللقاء أيضا العبارة الشهيرة التي قالها ربعي بن عامر حين سأله رستم ما الذي جاء بكم إلينا فأجاب – إن الله ابتعثنا و جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة الله و من ضيق الدنيا إلى سعتها و من جور الأديان إلى عدل الإسلام .............- و يعرض كذلك ربعي على رستم الإسلام أو القتال أو الجزية و أمهله ثلاث أيام.
- لقاء ثالث جمع بين رستم و المغيرة بن شعبة كانت نتيجته كاللقائين السابقين.
هذا بمثابة توطئة لمعركة القادسية و سوف نستكملها
- اليوم الثاني و هو يوم أغواث لم يستعمل فيه الفيلة إلا أن المسلمون استعملوا حيلة حيث البسوا الإبل ما كانت تلبسه الفيلة التي استخدمها الفرس ففرت خيل الفرس أمام المسلمين و أثخن المسلمون القتل في الفرس هذا اليوم.
- اليوم الثالث و الذي يعرف بيوم عماس استخدم الفرس الفيلة مرة أخرى و لكنهم استخدموها منفردة هذه المرة على رأس كل كتيبة لتحمي الفيلة من أن تقطع وضنها و استخدموها فقط ليفر خيل المسلمين منها إلا أن الخيل لم تفر لأنها لا تفر من الفيل المنفرد و إنما من مجموعة من الفيلة و استمرت المعركة و أثخن المسلمون القتل في الفرس و توقف القتال لفترة ثم عاود مرة ثانية في ليلة اليوم الرابع.
- تعرف ليلة اليوم الرابع بليلة الهرير حاول رستم تغيير الخطة الحربية فقد قرر الزحف بكامل جيشه على جيش المسلمين لتفادي الهزائم المتكررة التي تعرض لها سابقا و نشب قتالا شديدا بين المسلمين و الفرس و اظهر المسلمون من القتال ما يضرب به الأمثال و الذي لم يرى العرب و لا العجم مثله قط و أفرغ الله عز و جل عليهم صبرا و ثبت أقدامهم حتى أصبح المسلمون في اليوم الرابع و هو يوم القادسية.
- لم يتوقف الدعاء لقائد الجيش – سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه – بأن ينصر الله المسلمين و قد كان رضي الله عنه مستجاب الدعوة و كان يتابع المعركة عن قرب و يصدر تعليماته و توجيهاته للجند.
- تمكن القعقاع بن عمرو و من معه من جند المسلمين الأبطال من فتح ثغرة عميقة في قلب جيش الفرس حتى وصلوا قريبا من رستم قائد الجيش الفارسي و كان ذلك وقت الظهيرة و حدثت هنا معجزة حيث هبت ريح عاصف اقتلعت سقف رستم عن سريره فالقتها في نهر العتيق و مال الغبار على الفرس فعاقهم ذلك عن الدفاع عن أنفسهم.
- أحد أبطال المسلمين يتمكن من الإجهاز على رستم الذي كان يحاول الفرار أمام أسود الإسلام ويقتله و يعتلي سريره معلنا في الناس مقتل رستم و دب الخور و الضعف في نفوس الفرس فهزموا شر هزيمة و فتحت القادسية و لله الحمد و دخلها سعد و أقام بها لمدة شهرين و كان ذلك في عام 15 هـ.
- بعد فتح القادسية توالت الفتوح في البلدان الفارسية حيث تم فتح بهرسير و هي احدى المدائن السبع التي سميت بها المدائن و هي معربة من ده أردشير و قيل به أردشير و معناه خير مدينة أردشير و قد أشرنا اليها سابقا.
- تم بعد ذلك فتح المدائن في نفس الشهر الذي فتحت فيه بهرسير و نفس السنة كذلك حيث فتحتا في صفر 16 هـ .
- موقعة و فتح جلولاء ثم فتح حلوان سنة 16 هـ ايضا و جلولاء في طريق خرسان ثم تم بعد ذلك فتح رامهرمز و تستر و فتح مدينة جندي سابور في عام 17 هـ
- بعد ذلك كان فتح الفتوح و الذي تم بمعركة نهاوند
قبل استكمال الأحداث علينا الاشارة الى مجموعة من الأمور:
1- لقد تقابل الفريقان و لكل منهما غرضه من هذه المواجهة احدهما يحاول الحفاظ على كيانه و ووجوده و اعتبرها معركة البقاء، و الاخر يحاول نشر دين الله و توسيع رقعة الأرض الإسلامية و اعتبرها معركة بناء.
2- نظرا لأنها معركة وجود بالنسبة للفرس فقد حشدوا لها الحشود و جمعوا لها الجموع و سخروا لها كل قوتهم العسكرية و خبراتهم الحربية التي اكتسبوها عبر ألاف السنين، فاستخدموا الفيلة لكي تنفر منها خيل المسلمين و صنع لرستم قائدهم سرير قوي و قاموا بتثبيت سقفه جيدا لأنهم يعلمون أن الرياح قد تهب في هذه المناطق و حدث بالفعل ما كانوا يخشوه.
3- الصبر هو العنصر الحاسم في هذه المعارك فمتى تمسك به أحد الطرفين كان النصر حليفه و لا نصر بدون صبر
4- قدم المسلمون في هذه المعركة من البطولات و التضحيات و صدق اليقين و الإخلاص ما كان كفيلا بأن يمدهم الله عز و جل بمدده و يؤيدهم بنصره فأرسل إليهم جند من جنوده تمثلت في هذه الريح العاصف التي كانت إيذانا بهزيمة جند فارس
5- رغم كل ما كان يقال عن رستم قائد جيش الفرس من الحنكة و الشجاعة إلا أنه لم يصمد هو و لا جنوده أمام هذا المد المتسلح بسلاح الإيمان و اليقين و الإخلاص، لقد أيقن الفرس أن هذه المعركة هي المعركة الحقيقية الفاصلة التي لم يخوضوا مثلها من قبل رغم السنوات الطويلة من قتال الرومان
6- ها هي ذا سنوات قليلة تتهاوى فيها إمبراطورية فارس و تتساقط فيها حصونهم الواحدة تلو الأخرى و مدنهم الواحدة تلك الأخرى ليحل محلها إمبراطورية الحق إمبراطورية الإسلام.........
أورد ابن كثير في البداية و النهاية بعد ذكر سنة هذه المعركة و ما قيل فيه ...........وكان الذي هاج هذه الوقعة أن المسلمين لما افتتحوا الأهواز ومنعوا جيش العلاء من أيديهم واستولوا على دار الملك القديم من اصطخر مع ما حازوا من دار مملكتهم حديثاً، وهي المدائن، وأخذ تلك المدائن والأقاليم والكور والبلدان الكثيرة، فحموا عند ذلك واستجاشهم يزدجرد الذي تقهقر من بلد إلى بلد حتى صار إلى أصبهان مبعداً طريداً، لكنه في أسرة من قومه وأهله وماله، وكتب إلى ناحية نهاوند وما ولاها من الجبال والبلدان، فتجمعوا وتراسلوا حتى كمل لهم من الجنود ما لم يجتمع لهم قبل ذلك........... ثم استكمل ابن كثير رحمه الله كيف ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه اجتمع مع اصحاب الرأي من الصحابة يستشيرهم في امر قتال الفرس و يسأل عمن هو أجدر بقيادة الجيش فاتفق المجتمعون على النعمان بن مقرن - وكان النعمان قد كتب إلى عمر وهو على كسكر وسأله أن يعزله عنها ويوليه قتال أهل نهاوند - فلهذا أجابه إلى ذلك وعينه له.
ثم كتب عمر إلى حذيفة: أن يسير من الكوفة بجنود منها، وكتب إلى أبي موسى: أن يسير بجنود البصرة، وكتب إلى النعمان - وكان بالبصرة - أن يسير بمن هناك من الجنود إلى نهاوند، وإذا اجتمع الناس فكل أمير على جيشه، والأمير على الناس كلهم النعمان بن مقرن. فإذا قتل فحذيفة بن اليمان، فإن قتل فجرير بن عبد الله، فإن قتل فقيس بن مكشوح، فإن قتل قيس، ففلان ثم فلان، حتى عد سبعة أحدهم المغيرة بن شعبة، وقيل: لم يسم فيهم. والله أعلم. ثم ذكر بن كثير صورة الكتاب الذي ارسله عمر بن الخطاب رضي الله عنه الي النعمان بن مقرن.
فسار حذيفة في جيش كثيف نحو النعمان بن مقرن ليوافوه بماه، وسار مع حذيفة خلق كثير من أمراء العراق، وقد أرصد في كل كورة ما يكفيها من المقاتلة، وجعل الحرس في كل ناحية، واحتاطوا احتياطاً عظيماً، ثم انتهوا إلى النعمان بن مقرن حيث اتعدوا، فدفع حذيفة بن اليمان إلى النعمان كتاب عمر وفيه الأمر له بما يعتمده في هذه الوقعة، فكل جيش المسلمين في ثلاثين ألفاً من المقاتلة فيما رواه سيف عن الشعبي، فمنهم: من سادات الصحابة ورءوس العرب خلق كثير وجم غفير.
المسلمون يرسلون بعض المستطلعين للوقوف على استعدادات الفرس و أماكنهم و يخبرون النعمان بذلك ثم سار النعمان على تعبئته، وعلى المقدمة نعيم بن مقرن، وعلى المجنبتين حذيفة وسويد بن مقرن، وعلى المجردة القعقاع بن عمرو، وعلى الساقة مجاشع بن مسعود، حتى انتهوا إلى الفرس وعليهم الفيرزان، ومعه من الجيش كل من غاب عن القادسية في تلك الأيام المتقدمة، وهو في مائة وخمسين ألفاً، فلما تراءى الجمعان كبر النعمان وكبر المسلمون ثلاث تكبيرات، فزلزلت الأعاجم ورعبوا من ذلك رعباً شديداً.
ثم أمر النعمان بحط الأثقال وهو واقف، فحط الناس أثقالهم، وتركوا رحالهم، وضربوا خيامهم وقبابهم.
وضربت خيمة للنعمان عظيمة، وكان الذين ضربوا أربعة عشر من أشراف الجيش- ثم ذكرهم رحمه الله - فلم ير بالعراق خيمة عظيمة أعظم من بناء هذا الخيمة.
وحين حطوا الأثقال، أمر النعمان بالقتال، وكان يوم الأربعاء، فاقتتلوا ذلك اليوم والذي بعده والحرب سجال، فلما كان يوم الجمعة انحجزوا في حصنهم، وحاصرهم المسلمون فأقاموا عليهم ما شاء الله، والأعاجم يخرجون إذا أرادوا ويرجعون إلى حصونهم إذا أرادوا.
وقد بعث أمير الفرس يطلب رجلاً من المسلمين ليكلمه، فذهب إليه المغيرة بن شعبة فذكر من عظم ما رأى عليه من لبسه ومجلسه، وفيما خاطبه به من الكلام في احتقار العرب واستهانته بهم، وأنهم كانوا أطول الناس جوعاً، وأقلهم داراً وقدراً.
و استطرد ابن كثير ........... فلما طال على المسلمين هذا الحال واستمر، جمع النعمان بن مقرن أهل الرأي من الجيش، وتشاوروا في ذلك – و تكلم اثنين من رجال المسلمين يعرضون رأيهم – الى أن تكلم طليحة الأسدي، فقال: إنهما لم يصيبا، وإني أرى أن تبعث سرية فتحدق بهم ويناوشوهم بالقتال ويحمشوهم، فإذا برزوا إليهم فليفروا إلينا هراباً فإذا استطردوا وراءهم وانتموا إلينا عزمنا أيضاً على الفرار كلنا، فإنهم حينئذ لا يشكون في الهزيمة فيخرجون من حصونهم عن بكرة أبيهم، فإذا تكامل خروجهم رجعنا إليهم فجالدناهم حتى يقضي الله بيننا.
فاستجاد الناس هذا الرأي، وأمر النعمان على المجردة القعقاع بن عمرو، وأمرهم أن يذهبوا إلى البلد فيحاصروهم وحدهم ويهربوا بين أيديهم إذا برزوا إليهم.
ففعل القعقاع ذلك، فلما برزوا من حصونهم نكص القعقاع بمن معه ثم نكص، ثم نكص، فاغتنمها الأعاجم ففعلوا ما ظن طليحة، وقالوا: هي هي، فخرجوا بأجمعهم، ولم يبق بالبلد من المقاتلة إلا من يحفظ لهم الأبواب حتى انتهوا إلى الجيش، والنعمان بن مقرن على تعبئته، وذلك في صدر نهار جمعة، فعزم الناس على مصادمتهم فنهاهم النعمان وأمرهم أن لا يقاتلوا حتى تزول الشمس، وتهب الأرواح، وينزل النصر كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
وألح الناس على النعمان في الحملة فلم يفعل - وكان رجلاً ثابتاً - فلما حان الزوال صلى بالمسلمين، ثم ركب برذوناً له أحوى قريباً من الأرض، فجعل يقف على كل راية ويحثهم على الصبر ويأمرهم بالثبات، ويقدم إلى المسلمين أنه يكبر الأولى فيتأهب الناس للحملة، ويكبر الثانية فلا يبقى لأحد أهبة، ثم الثالثة ومعها الحملة الصادقة.
ثم رجع إلى موقفه. وتعبئت الفرس تعبئة عظيمة واصطفوا صفوفاً هائلة في عَدَدٍ وعُدَدٍ لم ير مثله، وقد تغلغل كثير منهم بعضهم في بعض وألقوا حسك الحديد وراء ظهورهم حتى لا يمكنهم الهرب ولا الفرار، ولا التحيز.
ثم إن النعمان بن مقرن رضي الله عنه كبر الأولى وهز الراية فتأهب الناس للحملة، ثم كبر الثانية وهز الراية فتأهبوا أيضاً، ثم كبر الثالثة وحمل وحمل الناس على المشركين، وجعلت راية النعمان تنقض على الفرس كانقضاض العقاب على الفريسة، حتى تصافحوا بالسيوف فاقتتلوا قتالاً لم يعهد مثله في موقف من المواقف المتقدمة، ولا سمع السامعون بوقعة مثلها، قتل من المشركين ما بين الزوال إلى الظلام من القتلى ما طبق وجه الأرض دماً، بحيث أن الدواب كانت تطبع فيه، حتى قيل: أن الأمير النعمان بن مقرن زلق به حصانه في ذلك الدم فوقع وجاءه سهم في خاصرته فقتله، ولم يشعر به أحد سوى أخيه سويد، وقيل: نعيم، وقيل: غطاه بثوبه وأخفى موته ودفع الراية إلى حذيفة بن اليمان، فأقام حذيفة أخاه نعيماً مكانه، وأمر بكتم موته حتى ينفصل الحال لئلا ينهزم الناس.
فلما أظلم الليل انهزم المشركون مدبرين، وتبعهم المسلمون، وكان الكفار قد قرنوا منهم ثلاثين ألفاً بالسلاسل وحفروا حولهم خندقاً، فلما انهزموا وقعوا في الخندق، وفي تلك الأودية نحو مائة ألف وجعلوا يتساقطون في أودية بلادهم فهلك منهم بشر كثير نحو مائة ألف أو يزيدون، سوى من قتل في المعركة، ولم يفلت منهم إلا الشريد.
وكان الفيرزان أميرهم قد صرع في المعركة، فانفلت وانهزم واتبعه نعيم بن مقرن، وقدم القعقاع بين يديه وقصد الفيرزان همدان، فلحقه القعقاع وأدركه عند ثنية همدان، وقد أقبل منها بغال كثير، وحمر تحمل عسلاً فلم يستطع الفيرزان صعودها منهم، وذلك لحينه فترجل وتعلق في الجبل فاتبعه القعقاع حتى قتله.
وقال المسلمون يومئذ: إن لله جنوداً من عسل، ثم غنموا ذلك العسل وما خالطه من الأحمال، وسميت تلك الثنية: ثنية العسل.
ثم لحق القعقاع بقية المنهزمين منهم إلى همدان وحاصرها وحوى ما حولها، فنزل إليه صاحبها - وهو خسرشنوم - فصالحه عليها.
ثم رجع القعقاع إلى حذيفة ومن معه من المسلمين، وقد دخلوا بعد الوقعة نهاوند عنوة، وقد جمعوا الأسلاب والمغانم إلى صاحب الأقباض وهو: السائب بن الأقرع.
ولما سمع أهل ماه بخبر أهل همدان بعثوا إلى حذيفة وأخذوا لهم منه الأمان.
وجاء رجل يقال له: الهرند - وهو صاحب نارهم - فسأل من حذيفة الأمان ويدفع إليهم وديعة عنده لكسرى، ادخرها لنوائب الزمان، فأمنه حذيفة وجاء ذلك الرجل بسفطين مملوءتين جوهراً ثميناً لا يقوم، غير أن المسلمين لم يعبئوا به.
هذه هي أحداث المعركة الفاصلة نقلتها من البداية و النهاية لابن كثير رحمه الله و لم أتدخل في السرد كثيرا إلا من بعض الاختصار مخافة الإخلال بروعة هذا الانتصار إلا إنني أضيف ان هذه المعركة كانت في 21 هـ ، و تبعها فتح أصبهان و هو اقليم كامل في بلاد فارس ثم فتح الري ثم الباب ثم فتح سجستان في عام 23 هـ.
و بهذا تكون بلاد فارس قد سقطت بالكلية و زالت بذلك الامبراطورية الفارسية التي ملكت ألاف السنين بل إن نهايتها كانت مأساوية حيث ألقى الفرس بأنفسهم في الأودية المنحدرة و المنحدرات و التي لا يهوي فيها أحد الا هلك لما تبدت لهم الهزيمة أمام المسلمين و هذا لم يحدث البته في تاريخ فارس السابق للفتح الاسلامي.
و لكن يبقى السؤال هل بزوالها على أيدي المسلمين تكون قد طويت صفحتها و لم تقم لها قائمة؟ و هل معركة نهاوند الفاصلة كانت فاصلة بالفعل أم أن المعركة الفاصلة لم تنتهي بعد و ان العنصر الفارسي يستعد للانتقام؟
و قبل الخوض في تاريخ امريكا و نشأتها اريد أن أبين لكم الملامح الاساسية التي يهدف بحثي اليها:
1- لا يوجد لامريكا المعاصرة اليوم أي تواجد في أعماق التاريخ بل ليس لها أي حضارة تضاهي الحضارة الفارسية التي عرضناها عليكم بل هي حديثة الوجود مقارنة بغيرها من الدول برغم ما حققته في العالم من سيطرة و هيمنة كقطب وحيد ليس له ثاني
2- شاء العلي القدير ان تواكب بداية اكتشاف القارة الامريكية قيام امبراطورية فارسية جديدة ممثلة في الامبراطورية الصفوية الأخذة في النمو و تسيران معا بالتضاد مرة و بالتوافق مرات وصولا الى الوضع الراهن
3- قامت الولايات المتحدة الامريكية على دماء الابرياء و اهلاك عنصر كامل من البشر في جرائم تطهير عرقي بشعة لم يسبق لها مثيل و سارت على نفس الاسلوب الهمجي حتى اليوم
4- يمكن تمييز التاريخ الأمريكي إلى ثلاث مراحل: الاولى: الاكتشاف و التكوين و النشأة، الثانية: البحث عن هوية أو الصراع الاوربي على الزعامة ، الثالثة: تثبيت الأقدام و وضع البنية الاساسية للانطلاق، الرابعة: الانطلاقة الخارجية و التوجه للعالم الخارجي و ربما تمكنت أمريكا من تحقيق هدفها بفضل هذا التدرج الذي حدث في تاريخها القصير الذي قد يتجاوز بقليل الـ 300 عام.
5- قيام الولايات المتحدة الامريكية على نفس المنهج الذي تقوم عليه كل الامبراطوريات و الذي تقوم عليه كل الحركات
الاستعمارية هذا المبدأ له وجهان الاول عقائدي أشار له المفكر الفرنسي كالفن قبل قيام أمريكا حيث كان يقول ( إن سمح الله أن يجتمع في الأرض الأمريكية شعب من رجال ونساء اختيروا من قبل الله، ذلك لأنه مناط به (أي بهذا الشعب) مهمة حكم العالم ذات يوم) و أخر اقتصادي بغرض توفير الثروة و الرقي للمستعمر و شعبه.
و لنستعين بالله و نبدأ في المقصود
أمريكا: النشأة و التكوين
أ- الأوربيون يكتشفون العالم الجديد
الأرض المعروفة بالولايات المتّحدةِ تم إكتشافها ربما عدّة مرات قبل قصةِ رحلة كريستوفر كلومبس 1492 ميلادي، هناك احتمالية كبيرة أن العالم الجديدَ كان قد سَكنَ من قبل اناس جاؤوا أصلاً مِنْ قارةِ آسيا. وصل هؤلاء السكان الأوائلِ الى هناك بحوالي 20,000 إلى 35,000 سنة قبل هذا التاريخ في سلسلة من الهجراتِ مِنْ آسيا إلى أمريكا الشمالية و غالبا ما يعرف السكان الاصليون لهذه الارض بالهنود الحمر.
في وقت وصولِ كلومبس كان هناك من المحتمل تقريباً 1,500,000 هندي فيما تعرف الآن الولايات المتّحدةُ ، يمثل النزاعُ الغربي الطويل والوحشيُ للتوسع الاوربي والمقاومةِ الهنديةِ إحدى أكثر الفصولِ المأساويةِ في تأريخِ الولايات المتّحدةِ.
يعتبر البرتغاليون هم أول من قام برحلة بحرية لاستكشاف ما وراء البحار حيث توجهوا إلى جزيرة بورتو سانتو خارج ساحل غرب أفريقيا في 1418و هي التي انتقل كولمبس اليها في عام 1479و كان يمتلكها البرتغاليون، كَان الهدف الرئيسي لرحلات الأوربيين الأوائلَ تلك للتجارة و للإستكشافِ والإستعمارِ لبلاد ما وراء البحارِ. تكونت رحلات كلومبس الاستكشافية من اربع رحلات بدأت في 1492 و انتهت في 1504 حيث اكتشف كولمبس فيها العديد من الاراضي الامريكية و توفي كلومبس في 1506.
الاسبان يقومون برحلات أخرى بعد رحلات كلومبس بعشر سنوات ليستكشفوا الكاريبي و البيرو فيما عرف باسبانيا الجديدة و التي خلب جمالها الابصار و كان محط الاعجاب و الحسد الاوروبي.
فرنسا كانت مشغولة بالحروب لتأكيد سيادتها الإقليمية لهذا لم تكن قادرة على القيام برحلات استكشافية للعالم الجديد كما فعلت إسبانيا والبرتغال. في أوائِل القرن السادس عشر خصوصا في 1534 جاك كارتيير بَدأَ بإسْتِكْشاف خليجِ سانت لورانس. الا انه في 1543 أوقف الفرنسيون جهودهم لاستعمار الجزءِ الشمالي الشرقيِ للعالم الجديدِ. في النصف الاخير من القرن السادس عشرِ، فرنسا حاولتْ إيجاد مستعمراتِ في فلوريدا والبرازيل؛ لكن كُلّ هذه الجُهودِ فَشلتْ، وفي نهاية القرن إسبانيا والبرتغال بَقيتْ الدولتان الأوربيتان الوحيدتان اللتان تمكنتا من تأَسّيس مستعمراتَ ناجحةَ في أمريكا.
الإنجليز، بالرغم من أنهم كانوا مُتَلَهِّفين لمضاهاة النجاحاتِ الإسبانيةِ والبرتغاليةِ، على الرغم من ذلك تباطئوا في جُهودِ إستعمارِهم. حاول مجموعة من البحارة البريطانيين استكشاف العالم الجديد و قاموا بالعديد من الرحلات منها رحلات سير جيلبرت الشهيرة و التي اختتمها بفشل ذريع باختفائه هو و خمس سفن يتكون منها فريقه و حوالي 260 رجل في المحيط و ذلك في عام 1583. السير وولتر راليف يبدأ في رحلات جديد للعالم الجديد متخذا إستراتيجية جديدة تختلف عن سابقيه من البريطانيين حيث اخذ الطريق الجنوبي بدلا من الشمالي و هدفه تعزيز الثروة البريطانية في العالم الجديد. تمكن راليف في النهاية من عمل مستعمرة على ساحل فرجينيا إلا انه فشل أيضا بسبب الانهيار المفاجئ لمستعمرة جزيرة روانوك. الفترة التالية للفشل السابق شهدت دعوات من بعض الانجليز إلى الأهمية القصوى لتواجد قوي لبريطانيا في العالم الجديد لأنها مصدر هائل للثروة سهلة الحصول عليها كذلك للحد من التوسع الاسباني هناك، بَعْض الرجال الإنجليز يُسافرونَ إلى تلك المستعمراتِ المتكونة بالفعل و يعدون أهلها بتَحريرهم مِنْ الاضطهاد الدينيِ. كان هناك رجال إنجليز أيضاً من الطبقة المتوسطةِ توجهوا إلى هناك لعل العالم الجديدَ يَعطيهم الفرصةِ الاقتصادية المتزايدةِ على شكل أرضِ مجّانيةِ أَو رخيصةِ.
يقول مايكل بوجنون صاحب كتاب - أمريكا المستبدة: الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم – واصفا الحالة التي دعت الانجليز للتوجه الى العالم الجديد - شعر الإنكليز بدورهم بالحاجة إلى اجتياز المحيط بعد أن مضى حوالي قرن كان خلاله الأسبانيون والبرتغاليون ينهبون القارة الأمريكية. ولم تكن الشؤون الحياتية بعيدة عن هذه الحاجة التي وَلَّدت لدى الكثيرين الرغبة بالهروب إلى الملجأ المثالي. وصف توماس مور، مستثار الملك هنري الثامن في كتاب «الوهم Utopia»، كتائب النبلاء بالذباب الذي يقتات على جهد الآخرين. وكان الأشراف العاطلون عن العمل وغير السعداء مصدر إزعاج لأنهم لا يخدمون المجتمع بشيء عندما يُسَيِّجون الحقول ليجعلوا منها مراعي لقطعانهم الخاصة بهم حارمين بذلك الفلاحين أصحاب الدخل الضعيف من الزراعة التي كانت تمارس بكل حرية في السابق، وكان الأغنياء وهم الأقلية المحتكرة يديرون الحقول لخدمة مصالح المستولين عليها دافعين بذلك الناس الفقراء نحو الجوع والعوز. فكيف لنا إذن أن نستغرب لجوء هؤلاء الناس للسرقة من أجل العيش ؟! ثم استطرد قائلاً- من جهة أخرى سيقدم إنشاء المستعمرات الجديدة حلولاً للمشاكل الاجتماعية وسيسمح بإرسال المشاغبين لاستصلاح الأراضي المستولى عليها حديثاً وبأرخص التكاليف والتخلص منهم – و أوضح المؤلف ان الداعيين الى حتمية ذهابهم الى العالم الجديد حتى ينشروا في هذه الأماكن غير المتحضرة الكلام الطيب ويدعو إلى الديانة الحقة والوحيدة المتوحشين – السكان الاصليين - الذين يعيشون فيها و تكون بذلك قد أضافت للعملية الكمية المطلوبة من النفحة الإيمانية.
والان لنستكمل السياق التاريخي:
منذ العام 1602 الى اوائل عام 1606 عدد مِنْ الرحلات البحرية توجهت إلى أمريكا، أكثرها أهميةً رحلة جورج ويموث في 1604. زار ويموث ساحل نيو إنجلند، وتقريره كان ايجابي و يدعو الى لزوم فعل المزيد لتَحفيز الرغبةِ لتَأسيس مستعمراتِ اخرى.
في ابريل عام 1606 مجموعة من رجالِ لندن حصلت على موافقة تأسيس شركةِ لندن، بهدف إسْتِعْمار المنطقةِ بين الدرجتين 34 و41 خطّ عرض شمالي. المجموعة الأخرى، متكوّنة من بليموث، بريستول، وغيرهم، تأسست تحت اسم شركة بليموث ، للإشتِغال بين الدرجتين 38 و45 خطّ عرض شمالي. ارسلت شركة لندن في الحال (ديسمبر/كانون الأول 1606) ثلاث سُفنِ مَع 120 مستوطن، تحت قيادةِ النّقيبِ كرستوفر نيوبورت الى امريكا، شركة لندن هذه عرفت فيما بعد بشركة لندن فرجينيا و فشلت كثيرا في عملها نظرا لعدم قيام المستوطنون بما هو مطلوب منهم و قلة رأس المال و كذلك الخوف من المغامرة.
في مايو 1607 تم تأسيس مستعمرةِ جيمستاون على نهرِ جيمس. المستعمرة تأسست بشكل كبير خلال جُهودِ النّقيبِ جون سميث.فقط 35 بقوا على قيد الحياه بحلول نهاية السَنَة من حوالي120 رجل إنجليزي من الذين أَسّسوا المستعمرةَ. في العقد التالي ما بين نِصْفِ وثلثي القادمون الجُدد ماتوا خلال سَنَة من عمر المستوطنةِ.
في عام 1609 شركة فرجينيا لندن تنال مرسوما أخر يزيد من عدد المنتمين اليها و ذلك لزيادة رؤوس الاموال و تلافي مشاكل قلة التمويل و كذلك الحكومة بموجب هذا المرسوم تختار بعناية أعضائها الا انها تفشل كذلك في مهامها.
في مايو 1610 النّقيب نيوبورت وَصلَ مَع اكثر من400 مستعمرِ من بينهم اللورد ديلاوير، الحاكم الجديد. ديلاوير غادر ثانيةً في 1611 لكن بَقى حاكماً حتى موتِه في 1619. السّير توماس دايل كان هو الحاكم الفعلي خلال هذه الفترة وحَكمَ بيدّ من حديدِ حيث تم فرض قوانين كهنوتيه و اخلاقية و شبه عسكري لكل من في المستوطنة من الرجال و النساء و حتى الاطفال و شملت العقوبات الضرب بالسياط و الاعدام، حيث يتم فَرضَ حكمَ الإعدام لجريمة"القذف" ضدّ الشركةِ. و خلال الفترة بين عامي 1610 و 1611 شركة فرجينيا لندن ارسلت ما يقرب من 1200 من الموظفيين الحكوميين الى جيمستاون الا ان أقل من نصفهم هم الذين بقوا.
يعتبر عام 1612 هو عام البداية الحقيقية لزراعة التبغ و الذي لعب دورا حيويا في الاقتصاد و الحياة الاجتماعية للمستوطنة، و كذلك ضم القانون الثالث لشركة لندن فرجينيا جزيرة برمودا لها، و في هذا العام اصدر التاج الملكي مرسوما بموجبه منح شركة لندن اصدار ياناصيب لزيادة الاستثمارات هناك
لقد حقق دايل كما رأينا الانضباط و الامن و النظام الا ان هذا لم يكن عنصر جذب للاستيطان في أمريكا و عندما أصبح السّير إدوين الشخصية المسيطرة في المستعمرة بحلول عام 1618. خصّص 50 هكتار من الأرض إلى كلّ شخص يجلب مستوطن واحد أو أكثر إلى المستعمرة أو ينتقل للعيش في المستعمرة بشرط أن يدفع تكاليف نقله
في عام 1619 دعا السير جورج يردلي الى اجراء انتخابات لعضوية مجلس استشاري و كان ذلك في جيمستاون و عرفت هذه الهيئة ببيت المواطنين بالطبع لم يكن هذا المجلس كبيرا لما يكفي كهيئة حكومية الا انه تمدد و توسع فيما بعد و هذا يعتبر أول مجلس استشاري في تاريخ أمريكا
عام 1622 هنود البوهاتين تتحد مع هنود الشيسابيك و يهاجموا المستوطنات و يقتلون 347 مستوطن ما يعادل ثلث السكان البيض مما يجعل السكان البيض ينتقمون و يحرقون مزارع و مصادر طعام الهنود.
يمكن القول ان الفترة من 1616 الى 1624 بينت الكثير من المستقبل الغامض للمستعمرة حيث الاوبئة و الحرب المستمرة مع الهنود و النزارع الداخلي في الشركة و كذلك عدم رضاء الملك على الحكم الشعبي للمستوطنة و كذلك اتساع زراعة التبغ و ايضا ارضاءا للشعب الاسباني الرافض لاقامة المستوطنة كل ذلك حدا بالملك ان يلغي مرسومه لشركة لندن بحكم المستوطنة و جعل المستوطنة تحت الحكم الملكي المباشر و كان ذلك في عام 1624 أي انه بعد حكم المستعمرة بواسطة الشركة اصبحت تدار بواسطة حاكم و مجلس بلدي يعينه الملك. الا ان هذا لم يعمل على التغيير المباشر في الحياة السياسية و الاقتصادية في المستعمرة بل ظل كل شئ كما كان سابقا، بيت المواطنين الذي سبق الاشارة اليه كان يعمل بصورة غير رسمية و كان مستقبله غامض الا انه في عام 1629 تم اعادة تأسيسه وظيفيا، الملك كان ايضا رافض للاذعان لمطلب المستوطنين بادارة طاقتهم في زراعة التبغ، بعد ذلك و بحلول عام 1630 اظهرت فرجينيا قدرتها على البقاء حية بدون معونة ملكية.......
قبل ان نبدأ اود ان اعتذر لكم على أسلوب الكتابة و الذي يبدو غير منظم بعض الشئ و ذلك لأن معظم المراجع التي اكتب منها البحث مراجع اجنبية و هي مرهقة بعض الشئ في ترجمتها و تحتاج إلى فهم عميق لها قبل تحويلها للعربية و اعتذر ايضا عن الاكثار من ذكر اسماء اشخاص أو اماكن الا أنني أتعمد ذلك حتى يكون البحث مكتملا و حتى يتمكن من يريد من الإخوة التوسع في معرفة المزيد حول المواضيع المطروحة فارجو منكم المعذرة جزاكم الله خيراً
تناولنا في الحلقة السابقة استمرار المحاولات الانجليزية للسيطرة على العالم الجديد و تناولنا قيام مستوطنة فرجينيا و استكمالا للموضوع نشير إلى مستوطنة أخرى قبل استكمال المسار التاريخي :
مستوطنة الميريلاند :
تعتبر ميريلند، جارة فرجينيا من ناحية الشمال، و تعتبر المستعمرة الإنجليزية الأولى الّتي تقع تحت سيطرة مالك وحيد بدلا من شركة كما حدث في فرجينيا. جورج كالفيرت (اللّورد بالتيمور) كان مستثمرا في عدد من المستعمرات الأخرى قبل أن يحصل على منحة أرض من التاج في 1632. حصل كذلك على منحة كبيرة من القوّة لمسايرة منحته من الأرض؛ كان مسيطراً على النظام التجاري والسياسي للمستعمرة ولم يقم بالانحراف عن قوانين إنجلترا قط. سيطر إبن بالتيمور سيسيليوس على المشروع بعد موت أبّيه ، على أية حال، مستوطنة القرن السابع عشر المبكّرة في ميريلند كانت غير مستقرة وغير مصفّاة في أغلب الأحيان؛ كانت تتركب بشكل كبير من الذكور الصغار — ألزم العديد منهم بالخدمة الاجبارية — إفتقرت إلى قوة إستقرار التركيب العائلي القوي لمعادلة قسوة الحياة في البريّة.
المستعمرة ارادت ان تؤدي على الأقل هدفين. بالتيمور , الكاثوليكي الروماني، كان متلهّف لإيجاد مستعمرة يعيش فيها الكاثوليك بسلام، لكنّه كان متلهّف أيضا ليجني من مستعمرته اكبر قدر ممكن من الربح . منذ البداية فاق البروتستانت عدد الكاثوليك، بالرغم من أن بضعة كاثوليك بارزون مالوا إلى إمتلاك حصص ضخمة من أرض المستعمرة. على الرغم من هذه الأفضلية في منطقة سياسة الأرض، بالتيمور كان له الجزء الأكبر كمدير جيد وعادل.
بعد اعتلاء وليام وماري على العرش الإنجليزي، سيطرة المستعمرة تم اخذها من عائلة كلفيرت و اصبحت تحت سيطرة الحكومة الملكية. بعد ذلك بقليل امر التاج بأنّ الأنجليكانية تكون الدين الرسمي للمستعمرة. في 1715، بعدما تركت عائلة كالفيرت الكاثوليكية وإعتنقت الأنجليكانية، رجعت المستعمرة مرة اخري إلى ملاكها.
جـ - نيو انجلند (انجلترا الجديدة)
لابد أن نشير إشارة سريعة إلى مستوطنة ماسوشوسيت و التي تبدأ قصتها من عام 1606 حيث منحت شركة بلايموث ترخيصا و قد اشرنا لذلك فيما سبق، في هذا العام أيضا كان هناك محاولتين فاشلتين للاستيطان تلاها في 1607 محاولة أخرى باءت بالفشل. النّقيب جون سميث، من مستوطنة فرجينيا، استكشف ساحل نيو إنجلند و عمل الخرائطّ له و قد عمل أدميرال في نيو إنجلند بواسطة شركة بلايموث في 1615 و مجهوداته فشلت في إنجاح المستوطنة، في 1620 بعد أن أخفقت شركة بلايموث في إيجاد مستعمرة أقام المؤسسون لها مجلس، الذي أعطى لهم سلطة قضائية بين 40 درجة و48 درجة خطّ عرض شمالي،
في 1620 أيضا وصول الحجاج في كيب كود. الحجاج كانوا عبارة عن مجموعة من الانفصاليين الذين هاجروا من سكروبي إلى أمستردام ومن هناك إلى ليدن في هولندا. في 1617 قرّروا تشييد بيت جديد لكي يبقي هويتهم الإنجليزية. حصلوا على موافقة من شركة لندن و جون كارفر اصبح حاكمهم.
تركوا إنجلترا ووصلوا كيب كود، التي وجدوها خارج السلطة القضائية لشركة لندن. بعد ذلك وضعوا ميثاق زهرة مايو و هو اسم المركب الذي وصلوا به الى هناك، ووافقوا على تشريع القوانين لرفاهية المستعمرة. كانت إرادة المستعمرين تشكيل حكومة للإدارة بدلا من التاج. تم اختيار بلايموث كموقع للمستوطنة.
و لنا أن نقف قليلا مع جماعة سكروبي هؤلاء حيث يقول صاحب كتاب امريكا المستبدة - كان وراء اندفاع الحملة الكبرى جمعية أبرشية سكروبي وأتباعها هم أنصار نظرية متزمتة صارمة وقاسية. ذهب أعضاؤها في عامي 1608و1609 إلى هولندا للبحث عن ملجأ. وحملوا معهم في حقائبهم أفكاراً متعصبة ورؤية متشائمة قائمة على القناعة بأن الخطيئة موجودة في كل زمان ومكان، ولكن كان لديهم في نفس الوقت القناعة بأن لا أحد جدير أن يلتحق بطائفتهم بحق إن لم يكن مكتوباً له ذلك باعتبارهم اتباع الداعية «كالفان ». ولم يكن يسمح لأحد بالانتساب لهم على كل حال قبل أن يقدم البرهان على استقامته في عقيدته الدينية، كما لم يكن هناك مكان للمعترضين أو المتشككين أو لأصحاب الرأي الحر.
استقلوا في 16 أيلول المركب ميفلوار ووصلوا في 11 تشرين الثاني إلى (كاب كود). وفي 21 منه كتبوا ميثاق العهد ميفلوار وتركوا المركب على اليابسة في 11 كانون الأول. فاكتسبت الهجرة إلى أمريكا بالنسبة لهم المعنى الذي عرفته لدى المسلمين –يقصد المؤلف الهجرة -، أي كانت رحيلاً موحى به من الله من أجل بناء «صهيون» جديدة فوق أراضي بعيدة.
لقد كانوا مأخوذين بقناعة ألا وهي أنهم يجسدون قدراً سماوياً ولم يكن أحد في كل مدن إنكلترا الجديدة يشك بأنه عامل إلهي. أما مرجعهم المطلق فكان التوراة ومنه كانوا يستمدون رؤية الواقع بشكل مشوه. فكان كل عضو منهم يرى بأن الشعب الجديد هو شعب الله، وكل خصم (كائن من كان) يختلف معهم حول هذا النموذج اعتبر عدواً لله، وتتم معاملته على هذا الأساس. وكل ما يحدث كان سببه الله أو الشيطان، وراح الكتاب ورجال الكنيسة والمثقفون والأساقفة وعلماء الأخلاق يتنافسون بالمديح.
على سبيل المثال كان وليم ستوغتون (1631-1701) وهو مواطن من ولاية ماساشوست، يرى أن أمريكا هي أمة اختير مواطنوها بعناية فائقة. فقد عمد الله في اختياره كما يعمل الذين ينخبون الحبوب بالغربال ويفصلون الحب الجيد عن الزوان، وهكذا باستطاعة الحب الجيد أن ينمو في وسط الصحراء- انتهى كلامه و ذكر بعد ذلك نماذج أخرى من معتقداتهم.
ان هذا يبين لنا نوعية البشر الذين أسسوا امريكا فهم حثالة من المرابيين و الانتهازيين و الصهاينة الذين يروجون ليومهم الموعود المعروف بالهارميجدون.
خلف برادفورد كرافر في الحكم بعد موته، في 1629 أصدر الدستور الملكي تأكيد المنحة إلى شخص يدعى اندكوت وشركائه. الشركة الجديدة عرفت بالحاكم وشركة خليج ماسوشوستس في نيو إنجلند. بعد ذلك بأشهر قليلة خمس سفن، مع حوالي 400 مستوطن، وصل إلى ساليم. جون وينثروب والرجال البارزون الآخرون يجتمعوا في كامبردج (إنجلترا) و يوافقوا على الهجرة إلى خليج ماسوشوستس و هذا الرجل اصبح الحاكم.
في 1630 جلبت سبع عشرة سفينة 1000 شخص إلى المستعمرة. في نهاية السنة، العديد من المستوطنات تم تأسيسها في دورجيستسر، بوسطن، روكسبوري ،ووترتاون، مايستيك، ولين.
المحكمة العامّة الأولى للمستعمرة أقيمت في بوسطن (أكتوبر/تشرين الأول 19). منذ ذلك الحين لم يكن يعترف باي شخص كحرّ بالشركة مالم يكن عضوا في أي كنيسة ضمن المستعمرة.
في 1634 تم تقديم نظام تمثيلي إلى المحكمة العامّة، لأن نمو المستعمرة منع حضور كلّ الرجال الأحرار لها.
يمكن القول ان العام من 1630 الى 1642 شهد الهجرة العظيمة إلى مستعمرة خليج ماسوشوستس. أثناء هذه السنوات حوالي 16,000 مستوطن وصلوا من إنجلترا. و تلك الفترة أيضا لم تخلوا من الإرهاب الأمريكي حيث هاجم المتشددون قرية بيكوت، و ذبحوا تقريبا حوالي500 من الرجل و النساء والأطفال، وباعوا العديد من الباقين على قيد الحياة كعبيد.
بينا في الحلقات السابقة الأسباب الحقيقية لاستكشاف و استيطان العالم الجديد، و بينا كذلك نوعية البشر الذين قادوا و دعموا و نفذوا هذا الاستيطان و بينا كذلك التسابق بين انجلترا و بقية الدول الاوربية على امتلاك الارض الجديدة و قيام بعض المستوطنات الامريكية الاولى التي تم انشائها و كل هذا لم يمنعنا من ذكر بعض الاحداث التي قد لا تتعلق بموضوعنا على سبيل ذكر المسار التاريخي و نحن اليوم بمشيئة الله بصدد الانتهاء من مرحلة التأسيس التي نتناول فيها بعض المستوطنات ثم ننتقل في الحلقات القادمة الى مرحلة أخري من قيام الولايات المتحدة الامريكية.................
في 19 مايو من عام 1643 تم تشكيل اتحاد نيوانجلند الكونفدرالي و الذي ضم مستوطنات الكونيكتيكيوت المتكونة من هارتفورد، ويندسور و ويزرثفيلد – بالاضافة الى نيوهافان و بلايموث و ماسوشيستس و ذلك لاغراض دفاعية
في عام 1646 و في ماسوشيستس بدأ جون اليوت نشاطه التنصيري بين الهنود و قام بترجمة الكتاب المقدس – كما يقولون – الى لهجة الماسوشيستس
في عام 1647 المسيحيون و السلطات المحلية تشدد هجومها على ظاهرة تفشت و هي ادعاء بعض الاشخاص بامتلاك قوى طبيعية خارقة مثل المتنبئين و اعدمت حكومة ماسوشيستش و الكونيكتيكيوت ما يقرب من 14 شخص و كان اكثرهم من النساء و ذلك بسبب ممارسة مهنة السحر
في عام 1664 تم اتحاد الكونيكتيكيوت مع نيوهافان و الداعي على ذلك هو خوف نيوهافان من الانضمام الى نيويورك
خلال عامي 1675 الى 1676 بدأت حروب الملك فيليب في نيوانجلند حيث ان الكتلة السكنية المكونة لنيوانجلند و التي استوطنت امريكا انخفضت بشكل حاد من 120.000 في 1570 الى 12.000 في 1670 و ذلك بسبب احلالها و استبدالها بالمستوطنات الاوروبية علاوة على تفشي الامراض و كان الملك فيليب يرى ان المقاومة المسلحة فقط هي الكفيلة لمكافحة المد الاوروبي و اسس فيليب حلف عسكري يتألف من معظم الهنود من مين و حتى كونيكيوت و قد يأتي ذكر هذه الحروب ببعض تفصيل
في 1680 تم انفصال نيوهامبشير من ماسوشيستس بواسطة قرار ملكي
في 1684 صدر قرار ملكي ببطلان دستور ماسوشيستس، تجدر الاشارة الى ان استقلال ماسوشيستس أرقت كثيرا التاج الملكي في عام 1679 وصل ادوارد راندلوف الى بوسطن كجابي للرسوم الجمركية حاملا معه تعليمات للمستعمرة للتخلي عن السلطات القضائية لهامبشير التي تحولت سلطتها الى مستعمرة ملكية، استمرار الاحتكاك و الشكاوي من راندولف استمرت حتى تم اجراء قانون 1684 لابطال الدستور
في عام 1686 سيادة نيوانجلند عن طريق اندماج مستعمراتها و اصبح السير ادموند اندروس حاكما حيث وصل الى بوسطن في 20 ديسمبر و تولى رياسة بلايموث و جزيرة رود و في العام التالي تولى حكومة الكونيكتيكيوت و طالب بدستور كان القائد وليام وادسوورث قد أخفاه في تجويف شجرة و عرف بدستور البلوط
في عام 1688 ادت الثورة المجيدة في بريطانيا الى لائحة بحقوق الانسان و التي ضمنت وجود سلطات تقليدية للبرلمان و انهت الحق المقدس لملوك الحكم و ادت الى نفي الملك جيمس الثاني الى الخارج.
في عام 1689 و بوصول اخبار خروج جيمس الثاني من انجلترا انتفض شعب بوسطن و سجنوا اندروس و اعادوا الحكومة الدستورية و نفس الشئ تم في جزيرة رود و الكونيكتيكيوت
في 1691 ظهور دستور جديد لماسوشيستس و الذي تضمن بلايموث و مين و غيرهما و العملية الانتخابية وصفت بالنزيهة و كفلت الحرية الدينية للجميع فيما عدا الكاثوليك و اصبح السير وليام فيبس الحاكم.
في تلك الفترة انتشرت محاكمات سحر ساليم حيث ان مجموعة من رجال البوريتانس او رجال الدين المتشددين الفقراء ارادوا الانتقام لانفسهم ضد اعضاء الكنيسة الاغنى بالصاق تهم السحر ضد عوائلهم و تم اعتقال حوالي 174 رجل و امرأة و تم اعدام 22 ساحرة
بحلول عام 1700 واصل الاوربيون غزوهم و بدأ سكان وثقافة الهنود بالانحدار على طول الساحل الشرقي
خلال الفترة من 1702 الى 1713 نظم عمال و حرفيو بوسطن اضطربات الخبز لمنع تصدير الحبوب اثناء حرب الملكة آن
بعد عام 1710 بدأ تجار بوسطن بشرأ الافريقيين المستعبدين باعداد كبيرة و ازداد عددهم في المدن الشمالية الاخري
في عام 1728 توفي كوتن ماتر و لأهمية فكر هذا الرجل نعرض لفكره من كتاب امريكا المستبدة:
وليس هناك حقاً ما يعادل من حيث النوعية والجانب الحماسي، التمجيد الذي أطلقه كوتون ماتر (1639-1723) – لاحظ هناك بعض الخلاف على تاريخ وفاته -الكاتب- الذي كان من عائلة مثقفة وكان كأبيه لامعاً وموهوباً وعاملاً مثابراً وقد دَرَّس في هارفرد ثم ترأسها بعد عدة سنوات، بعد ذلك عمل كراعٍ للكنيسة الثانية في بوسطون حتى وفاته. أطلق العنان لنفسه في الكتاب الذي تركه لكي يصف خارجاً عن المألوف القدر المراد لأمريكا فكان كتاباً واسعاً ومذهلاً.
وفي تركيزه على حياة جون وينتروب حاكم مستوطنة ماساشوست من عام 1629 حتى وفاته عام 1649 شبّهه بالنبي موسى الذي قاد شعبه المختار إلى الأرض الموعودة. ولم ينس وينتروب نفسه رغم أنه بشكل عام كان أقل مبالغة من «ماتر» أن يؤكد في مذكراته بأنه وأصحابه في خدمة المسيح وأنهم يرتبطون معه بعهد وأنه حَمَّلهم فريضة خلق طائفة على الأرض الأمريكية تكون في مأمن من مغريات هذا العالم خاصة بهم، فهم جميعاً أعضاء لجسم واحد متحد وهم شعب الله. لقد كتب يقول: «سنرى بأن إله إسرائيل سيكون بيننا، وسنقيم مدينة مشادة على رابية، وكل العيون ستتجه نحونا».
عظم «ماتر Mather» مهمة شعب إنكلترا الجديدة في كتابه
(The wonders of the invisible world) الذي نشره عام 1693. وتقوم هذه المهمة على نشر ملك الله حتى تخوم كامل الكرة الأرضية. حيث كتب يقول إنه قبل مجيء الحجاج الأوائل كانت أمريكا أرضاً للشيطان الذي استخدم كل قوته وكل حيله ليمنع استيطان المستعمرين، فإذا فشل سيعمل جاهداً على زعزعة استقرارهم وقلعهم من جذورهم. وسيضطهد شعب الله كما فعل ذلك سابقاً في الجهة الثانية من المحيط وبعون جماعته الذين يساعدونه. وسيثير ضدهم مؤامرة قوامها من السحرة الذين تجمعوا في جيش من الملائكة الأشرار، وقد سبق لهؤلاء الملائكة أن عاثوا فساداً في مستوطنات مجاورة وقع أهلها معاهدة مع الشيطان، اقسموا فيها أن يساعدوه في مخططه الجهنمي وهو أن يسحر البلاد لكي يحسن تدميرها. وقد اعترف بعض السحرة بجريمتهم فأقروا أن الشيطان أقام مجموعة من اتباعه ثم التحق آخرون بهم وكان هدفهم دائماً هو إبادة الديانة المسيحية من إنكلترا الجديدة واستبدالها بالديانة الشيطانية التي لم يسبق للعالم أن عرف أسوأ منها.- انتهى-
منذ عام 1730 الى 1740 بدات الصحوة الكبرى و التي تمت باحياء العقيدة الانجيلية و التي هزت المستعمرات خصوصاً في المنطقة الشمالية الشرقية
قبل ختام هذه المرحلة يجدر بنا الاشارة السريعة التى تكوين نيويورك حيث انه تمت منحة هولندا الجديدة من الكونيكتيكيوت الى ديلوار لأخو الملك جيمس و الذي كان دوق يورك و تضمنت المنحة الجزء الشرقي من مين و الجزء جنوب و غرب كاب كود، المنطقة بين هودوسون و ديلوار تم منحها من دوق يورك الى اللورد بيركيلي و السير جورج كارتيريت و في أغسطس 1664 استسلام امستردام الجديدة الى الانجليز و تغير اسم المستعمرة الى نيويورك
في 19 مايو من عام 1643 تم تشكيل اتحاد نيوانجلند الكونفدرالي و الذي ضم مستوطنات الكونيكتيكيوت المتكونة من هارتفورد، ويندسور و ويزرثفيلد – بالاضافة الى نيوهافان و بلايموث و ماسوشيستس و ذلك لاغراض دفاعية
في عام 1646 و في ماسوشيستس بدأ جون اليوت نشاطه التنصيري بين الهنود و قام بترجمة الكتاب المقدس – كما يقولون – الى لهجة الماسوشيستس
في عام 1647 المسيحيون و السلطات المحلية تشدد هجومها على ظاهرة تفشت و هي ادعاء بعض الاشخاص بامتلاك قوى طبيعية خارقة مثل المتنبئين و اعدمت حكومة ماسوشيستش و الكونيكتيكيوت ما يقرب من 14 شخص و كان اكثرهم من النساء و ذلك بسبب ممارسة مهنة السحر
في عام 1664 تم اتحاد الكونيكتيكيوت مع نيوهافان و الداعي على ذلك هو خوف نيوهافان من الانضمام الى نيويورك
خلال عامي 1675 الى 1676 بدأت حروب الملك فيليب في نيوانجلند حيث ان الكتلة السكنية المكونة لنيوانجلند و التي استوطنت امريكا انخفضت بشكل حاد من 120.000 في 1570 الى 12.000 في 1670 و ذلك بسبب احلالها و استبدالها بالمستوطنات الاوروبية علاوة على تفشي الامراض و كان الملك فيليب يرى ان المقاومة المسلحة فقط هي الكفيلة لمكافحة المد الاوروبي و اسس فيليب حلف عسكري يتألف من معظم الهنود من مين و حتى كونيكيوت و قد يأتي ذكر هذه الحروب ببعض تفصيل
في 1680 تم انفصال نيوهامبشير من ماسوشيستس بواسطة قرار ملكي
في 1684 صدر قرار ملكي ببطلان دستور ماسوشيستس، تجدر الاشارة الى ان استقلال ماسوشيستس أرقت كثيرا التاج الملكي في عام 1679 وصل ادوارد راندلوف الى بوسطن كجابي للرسوم الجمركية حاملا معه تعليمات للمستعمرة للتخلي عن السلطات القضائية لهامبشير التي تحولت سلطتها الى مستعمرة ملكية، استمرار الاحتكاك و الشكاوي من راندولف استمرت حتى تم اجراء قانون 1684 لابطال الدستور
في عام 1686 سيادة نيوانجلند عن طريق اندماج مستعمراتها و اصبح السير ادموند اندروس حاكما حيث وصل الى بوسطن في 20 ديسمبر و تولى رياسة بلايموث و جزيرة رود و في العام التالي تولى حكومة الكونيكتيكيوت و طالب بدستور كان القائد وليام وادسوورث قد أخفاه في تجويف شجرة و عرف بدستور البلوط
في عام 1688 ادت الثورة المجيدة في بريطانيا الى لائحة بحقوق الانسان و التي ضمنت وجود سلطات تقليدية للبرلمان و انهت الحق المقدس لملوك الحكم و ادت الى نفي الملك جيمس الثاني الى الخارج.
في عام 1689 و بوصول اخبار خروج جيمس الثاني من انجلترا انتفض شعب بوسطن و سجنوا اندروس و اعادوا الحكومة الدستورية و نفس الشئ تم في جزيرة رود و الكونيكتيكيوت
في 1691 ظهور دستور جديد لماسوشيستس و الذي تضمن بلايموث و مين و غيرهما و العملية الانتخابية وصفت بالنزيهة و كفلت الحرية الدينية للجميع فيما عدا الكاثوليك و اصبح السير وليام فيبس الحاكم.
في تلك الفترة انتشرت محاكمات سحر ساليم حيث ان مجموعة من رجال البوريتانس او رجال الدين المتشددين الفقراء ارادوا الانتقام لانفسهم ضد اعضاء الكنيسة الاغنى بالصاق تهم السحر ضد عوائلهم و تم اعتقال حوالي 174 رجل و امرأة و تم اعدام 22 ساحرة
بحلول عام 1700 واصل الاوربيون غزوهم و بدأ سكان وثقافة الهنود بالانحدار على طول الساحل الشرقي
خلال الفترة من 1702 الى 1713 نظم عمال و حرفيو بوسطن اضطربات الخبز لمنع تصدير الحبوب اثناء حرب الملكة آن
بعد عام 1710 بدأ تجار بوسطن بشرأ الافريقيين المستعبدين باعداد كبيرة و ازداد عددهم في المدن الشمالية الاخري
في عام 1728 توفي كوتن ماتر و لأهمية فكر هذا الرجل نعرض لفكره من كتاب امريكا المستبدة:
وليس هناك حقاً ما يعادل من حيث النوعية والجانب الحماسي، التمجيد الذي أطلقه كوتون ماتر (1639-1723) – لاحظ هناك بعض الخلاف على تاريخ وفاته -الكاتب- الذي كان من عائلة مثقفة وكان كأبيه لامعاً وموهوباً وعاملاً مثابراً وقد دَرَّس في هارفرد ثم ترأسها بعد عدة سنوات، بعد ذلك عمل كراعٍ للكنيسة الثانية في بوسطون حتى وفاته. أطلق العنان لنفسه في الكتاب الذي تركه لكي يصف خارجاً عن المألوف القدر المراد لأمريكا فكان كتاباً واسعاً ومذهلاً.
وفي تركيزه على حياة جون وينتروب حاكم مستوطنة ماساشوست من عام 1629 حتى وفاته عام 1649 شبّهه بالنبي موسى الذي قاد شعبه المختار إلى الأرض الموعودة. ولم ينس وينتروب نفسه رغم أنه بشكل عام كان أقل مبالغة من «ماتر» أن يؤكد في مذكراته بأنه وأصحابه في خدمة المسيح وأنهم يرتبطون معه بعهد وأنه حَمَّلهم فريضة خلق طائفة على الأرض الأمريكية تكون في مأمن من مغريات هذا العالم خاصة بهم، فهم جميعاً أعضاء لجسم واحد متحد وهم شعب الله. لقد كتب يقول: «سنرى بأن إله إسرائيل سيكون بيننا، وسنقيم مدينة مشادة على رابية، وكل العيون ستتجه نحونا».
عظم «ماتر Mather» مهمة شعب إنكلترا الجديدة في كتابه
(The wonders of the invisible world) الذي نشره عام 1693. وتقوم هذه المهمة على نشر ملك الله حتى تخوم كامل الكرة الأرضية. حيث كتب يقول إنه قبل مجيء الحجاج الأوائل كانت أمريكا أرضاً للشيطان الذي استخدم كل قوته وكل حيله ليمنع استيطان المستعمرين، فإذا فشل سيعمل جاهداً على زعزعة استقرارهم وقلعهم من جذورهم. وسيضطهد شعب الله كما فعل ذلك سابقاً في الجهة الثانية من المحيط وبعون جماعته الذين يساعدونه. وسيثير ضدهم مؤامرة قوامها من السحرة الذين تجمعوا في جيش من الملائكة الأشرار، وقد سبق لهؤلاء الملائكة أن عاثوا فساداً في مستوطنات مجاورة وقع أهلها معاهدة مع الشيطان، اقسموا فيها أن يساعدوه في مخططه الجهنمي وهو أن يسحر البلاد لكي يحسن تدميرها. وقد اعترف بعض السحرة بجريمتهم فأقروا أن الشيطان أقام مجموعة من اتباعه ثم التحق آخرون بهم وكان هدفهم دائماً هو إبادة الديانة المسيحية من إنكلترا الجديدة واستبدالها بالديانة الشيطانية التي لم يسبق للعالم أن عرف أسوأ منها.- انتهى-
منذ عام 1730 الى 1740 بدات الصحوة الكبرى و التي تمت باحياء العقيدة الانجيلية و التي هزت المستعمرات خصوصاً في المنطقة الشمالية الشرقية
قبل ختام هذه المرحلة يجدر بنا الاشارة السريعة التى تكوين نيويورك حيث انه تمت منحة هولندا الجديدة من الكونيكتيكيوت الى ديلوار لأخو الملك جيمس و الذي كان دوق يورك و تضمنت المنحة الجزء الشرقي من مين و الجزء جنوب و غرب كاب كود، المنطقة بين هودوسون و ديلوار تم منحها من دوق يورك الى اللورد بيركيلي و السير جورج كارتيريت و في أغسطس 1664 استسلام امستردام الجديدة الى الانجليز و تغير اسم المستعمرة الى نيويورك
حروب العالم الجديد – البحث عن هوية
صورة للمستوطنات الانجليزية في منتصف القرن السابع عشر
اتضح فيما سبق ان العديد من دول اوروبا تسابقت في اكتشاف و من ثم السيطرة على ما كان يعرف انذاك بالعالم الجديد فوصلت اسبانيا الى جزيرة كوبا التي اصبحت قتعدتهم في الاستكشاف فاكتشفوا مناطق عديدة في امريكا الجنوبية و امتد توسعهم الى المكسيك ثم الى فلوريدا ثم كاليفورنيا أي ان سيطرة الاسبان امتدت من المكسيك الى كاليفورنيا، بالنسبية للبرتغاليين تركزوا في البرازيل في مستعمرة كبيرة و دعم توسعهم ممارسة زراعة القصب التي كانت ناجحة جدا هناك.
و لكن النزاع الطويل على النفوذ بين البرتغاليين و الاسبان انتهى الى ان يتم اعلان اسبانيا انها المسيطر الوحيد على العالم الجديد، و هذا كما اشرنا لم يعجب باقي الاوربيين و خاصة الانجليز فبدأوا في الاستكشاف و البناء على النحو الذي اشرنا اليه.
رغم الفشل الذي انتاب الفرنسيين في بداية اكتشافهم الا انهم تمكنوا من التوغلى في منطقة عرفت بكندا فيما بعد و لم يكن هناك استقرار تام الا في عام 1608 حيث تم تأسيس مدينة كوبيك و ان كان التواجد حينها لم يكن بالشكل المطلوب.
لم يخلو امر الاستكشاف و الاستيطان على الدول سابقة الذكر فقط فقد حاولت هولندا و السويد ذلك و حققت هولندا نجاح كبير خاصة في استطاعتها في عدم انفراد السويد بالاستيطان هناك.
مشكلة أخرى واجهت المستوطنين الا و هي الهنود الحمر، حيث كان شمال القارة الامريكية موطنا للعديد من قبائل اليهود الحمر موزعة في الغابات و حول مجاري الانهار و الاودية و كانت بالطبع حياتهم متخلفة مقارنة بمثيلاتها عند الرجل الابيض المستعمر، و تركزت حياة الهنود على الصيد و القنص و الزراعة البدائية في بطون الاودية.
لم يقابل السكان الاصليون الانجليز بروح عدائية في البداية بل كان بعضهم يظهر الرغبة في التعامل معهم بمقايضة الفراء و التبغ مقابل مما عند الرجل الابيض من مصنوعات و زجاجيات و كان الانجليز في المقابل يسعون الى نيل رضائهم في البداية، الا ان الهنود بعد فترة تنبهوا خطورة الرجل الابيض فلقد زاد عددهم و انتقلوا من مجرد البناء على الشواطئ التي ينزلونها الى البناء في الداخل و توغلوا في الغابات و نافسوا الهندي الاحمر في مورد رزقه فبدأ بذلك التصادم، و ربما هناك نقاط يغفلها عمدا أو سهوا كاتبو التاريخ الامريكي و هي الرغبة الدفينة لدى قادة المستعمريين و الداعيين الى الاستيطان في امريكا على ان يبيدوا الجنس الهندي الاحمر باعتبارهم متخلفين قتلهم اسهل من تنصيرهم و اعتبروهم بذلك كالشياطين الذين امر الرب بقتلهم و قد اشرنا الى ذلك فيما سبق.
على هذا يمكن القول ان الحروب التي دارت و التي كانت بمثابة توطئة لاستقلال و استقرار امريكا تتمثل في التالي:
1- حروب الانجليز مع الهنود الحمر:
في المراحل الاولى لهذا الصراع كان الهنود بصفتهم مهددون من زحف الرجل الابيض يبادرون بالهجوم، ففي فرجينيا اندلعت حرب كبرى في عام 1622 استمرت 14 سنة و قد اشرنا اليها فيما سبق في ذلك الهجوم على البيض و الذي ادى لمقتل 346 مستوطن و استمر العنف بين الطرفين لمدة 14 عاما حتى تم عقد صلح في عام 1636 الا ان الصلح لم يدم الا سنوات قلائل حيث هاجم الزعيم الهندي قائد هذه الهجمات اوبيشنكاتو المستوطنين البيض و قتل منهم 500 و لم تنتهي هذه الحروب الا بعض اسر هذا الزعيم الهندي و اعدامه و من نتائج هذا تخلى الهنود عند جزء كبير من الاراضي التي كانوا يعيشون عليها.
اندلعت حرب اخرى في عام 1676 كان من نتيجتها انتفاضة بيكون و التي قامت من المستوطنين في المناطق الغربية ضد السلطات التي لم توفر لهم الحماية الكافية،.
في نيو انجلند كان البيوريتانز – الحجاج او المتشددون – كما اشرنا سابقا يكرهون الهنود الحمر و يدعون الى ازالتهم من الوجود و كانوا ينكلون بهم و يذبحون رجالهم و يأسرون نسائهم و اطفالهم، و اندلعت في عام 1637 حربا عرفت بحرب البيكو بين الطرفين بدأت بمقتل تاجر بريطاني – لا يستبعد ان يكون عملا مدبرا كزريعة للنيل بقسوة اكثر من الهنود و شحذ همم البيض عليهم و ذلك كعادة الغرب دائما في احاكة المؤمرات – قيل انه انتقام من الهنود من قبيلة البيكو لاسر نسائهم و اطفالهم و تمكن الكابتن ميسون مع فريق من جنوده نحو قبيلة بيكو فحاصروها و اضرموا النيران فيها و حصيلة ذلك احراق ما لا يقل عن 600 رجل و امرأة و طفل من الهنود و اعقب هذه الهمجية هدوء نسبي استمر لأكثر من 40 عام.
بدأ الصراع يأخذ مرحلة جديدة بين الطرفين نتيجة التوسع الاستيطاني و زيادة عدد المهاجرين الى اراضيهم و اتسمت هذه المرحلة بضرورة التنظيم و التعاون بين قبائل الهنود المختلفة و ايقاف النزاعات بينهم فقاموا باقامة احلاف عسكرية بينهم لزيادة قوة المقاومة ضد الرجل الابيض، نتيجة هذا ان الهنود الحمر شنوا بين عامي 1675 و 1715 ثلاث حروب ضد المستعمرات البريطانية اشهرها حروب الملك فيليب و قد سبق الاشارة اليها ايضاً و التي قامت في عام 1675 على مستوطنة بلجوت و التي كادت ان تقضي عليها نهائياً و للعلم تعرف هذه الحروب بحروب الملك فيليب لان المستوطنين البريطانيي اطلقوا اسم الملك فيليب على ميتاكوميت زعيم القبائل المحاربة و نتيجة هذه الحروب احراق الكثير من المستوطنات و لكن الحروب توقفت عام 1676 بعد مقتل زعيم الهنود.
و لكن النزاع الطويل على النفوذ بين البرتغاليين و الاسبان انتهى الى ان يتم اعلان اسبانيا انها المسيطر الوحيد على العالم الجديد، و هذا كما اشرنا لم يعجب باقي الاوربيين و خاصة الانجليز فبدأوا في الاستكشاف و البناء على النحو الذي اشرنا اليه.
رغم الفشل الذي انتاب الفرنسيين في بداية اكتشافهم الا انهم تمكنوا من التوغلى في منطقة عرفت بكندا فيما بعد و لم يكن هناك استقرار تام الا في عام 1608 حيث تم تأسيس مدينة كوبيك و ان كان التواجد حينها لم يكن بالشكل المطلوب.
لم يخلو امر الاستكشاف و الاستيطان على الدول سابقة الذكر فقط فقد حاولت هولندا و السويد ذلك و حققت هولندا نجاح كبير خاصة في استطاعتها في عدم انفراد السويد بالاستيطان هناك.
مشكلة أخرى واجهت المستوطنين الا و هي الهنود الحمر، حيث كان شمال القارة الامريكية موطنا للعديد من قبائل اليهود الحمر موزعة في الغابات و حول مجاري الانهار و الاودية و كانت بالطبع حياتهم متخلفة مقارنة بمثيلاتها عند الرجل الابيض المستعمر، و تركزت حياة الهنود على الصيد و القنص و الزراعة البدائية في بطون الاودية.
لم يقابل السكان الاصليون الانجليز بروح عدائية في البداية بل كان بعضهم يظهر الرغبة في التعامل معهم بمقايضة الفراء و التبغ مقابل مما عند الرجل الابيض من مصنوعات و زجاجيات و كان الانجليز في المقابل يسعون الى نيل رضائهم في البداية، الا ان الهنود بعد فترة تنبهوا خطورة الرجل الابيض فلقد زاد عددهم و انتقلوا من مجرد البناء على الشواطئ التي ينزلونها الى البناء في الداخل و توغلوا في الغابات و نافسوا الهندي الاحمر في مورد رزقه فبدأ بذلك التصادم، و ربما هناك نقاط يغفلها عمدا أو سهوا كاتبو التاريخ الامريكي و هي الرغبة الدفينة لدى قادة المستعمريين و الداعيين الى الاستيطان في امريكا على ان يبيدوا الجنس الهندي الاحمر باعتبارهم متخلفين قتلهم اسهل من تنصيرهم و اعتبروهم بذلك كالشياطين الذين امر الرب بقتلهم و قد اشرنا الى ذلك فيما سبق.
على هذا يمكن القول ان الحروب التي دارت و التي كانت بمثابة توطئة لاستقلال و استقرار امريكا تتمثل في التالي:
1- حروب الانجليز مع الهنود الحمر:
في المراحل الاولى لهذا الصراع كان الهنود بصفتهم مهددون من زحف الرجل الابيض يبادرون بالهجوم، ففي فرجينيا اندلعت حرب كبرى في عام 1622 استمرت 14 سنة و قد اشرنا اليها فيما سبق في ذلك الهجوم على البيض و الذي ادى لمقتل 346 مستوطن و استمر العنف بين الطرفين لمدة 14 عاما حتى تم عقد صلح في عام 1636 الا ان الصلح لم يدم الا سنوات قلائل حيث هاجم الزعيم الهندي قائد هذه الهجمات اوبيشنكاتو المستوطنين البيض و قتل منهم 500 و لم تنتهي هذه الحروب الا بعض اسر هذا الزعيم الهندي و اعدامه و من نتائج هذا تخلى الهنود عند جزء كبير من الاراضي التي كانوا يعيشون عليها.
اندلعت حرب اخرى في عام 1676 كان من نتيجتها انتفاضة بيكون و التي قامت من المستوطنين في المناطق الغربية ضد السلطات التي لم توفر لهم الحماية الكافية،.
في نيو انجلند كان البيوريتانز – الحجاج او المتشددون – كما اشرنا سابقا يكرهون الهنود الحمر و يدعون الى ازالتهم من الوجود و كانوا ينكلون بهم و يذبحون رجالهم و يأسرون نسائهم و اطفالهم، و اندلعت في عام 1637 حربا عرفت بحرب البيكو بين الطرفين بدأت بمقتل تاجر بريطاني – لا يستبعد ان يكون عملا مدبرا كزريعة للنيل بقسوة اكثر من الهنود و شحذ همم البيض عليهم و ذلك كعادة الغرب دائما في احاكة المؤمرات – قيل انه انتقام من الهنود من قبيلة البيكو لاسر نسائهم و اطفالهم و تمكن الكابتن ميسون مع فريق من جنوده نحو قبيلة بيكو فحاصروها و اضرموا النيران فيها و حصيلة ذلك احراق ما لا يقل عن 600 رجل و امرأة و طفل من الهنود و اعقب هذه الهمجية هدوء نسبي استمر لأكثر من 40 عام.
بدأ الصراع يأخذ مرحلة جديدة بين الطرفين نتيجة التوسع الاستيطاني و زيادة عدد المهاجرين الى اراضيهم و اتسمت هذه المرحلة بضرورة التنظيم و التعاون بين قبائل الهنود المختلفة و ايقاف النزاعات بينهم فقاموا باقامة احلاف عسكرية بينهم لزيادة قوة المقاومة ضد الرجل الابيض، نتيجة هذا ان الهنود الحمر شنوا بين عامي 1675 و 1715 ثلاث حروب ضد المستعمرات البريطانية اشهرها حروب الملك فيليب و قد سبق الاشارة اليها ايضاً و التي قامت في عام 1675 على مستوطنة بلجوت و التي كادت ان تقضي عليها نهائياً و للعلم تعرف هذه الحروب بحروب الملك فيليب لان المستوطنين البريطانيي اطلقوا اسم الملك فيليب على ميتاكوميت زعيم القبائل المحاربة و نتيجة هذه الحروب احراق الكثير من المستوطنات و لكن الحروب توقفت عام 1676 بعد مقتل زعيم الهنود.
حروب الملك فيليب
رسم يمثل الملك فيليب
للامانة العلمية لقد كانت هناك حالة من التعايش السلمي في بعض المستوطنات بين الهنود و المستوطنين و ربما الذي شجع هذه العلاقة هو الخوف من قوة الهنود في هذه المناطق من جهة و من جهة اخري استمالتهم حتى لا يتحالفوا مع الفرنسيين او الهولنديين او غيرهم ضد بريطانيا.
2- حروب الانجليز مع الفرنسيين
بعد الحروب المفيدة التي خاضتها انجلترا ضد الهنود الحمر لقد كان ما يشغل صناع القرار البريطانيين هو ازدياد عدد المستعمرات البريطانية و تطورها، هذا الامر دعى الى ضرورة التوسع لايجاد اراضي جديدة، و يجدر الاشارة هنا أن الفرنسيون خاصة شغلوا مساحة ضخمة بدون ان يتركوا الفرصة لامكانية توسيع مستعمرات السحل تجاهها و من هنا كان بحث مسألة المشكلة الاستعمارية أمرا ضروريا.
و نشير ايضا الى ان الفرنسيين استولوا على امبراطورية ضخمة تمتد من كيبيك شمالا حتى نيوأورليانز في الجنوب و عملوا بهذا على حصر البريطانيين في شريط ساحلي ضيق و هذا ما اعتبره البريطانيون تعديا عليهم و محددا لتوسعهم و لذلك دارت حروب متقطعة من سنة 1613 الى سنة 1763 بهدف حسم السيطرة على القارة الجديدة اما ان تكون فرنسية أو أمريكية.
و لمزيد من التفصيل يمكن القول ان الممتلكات الفرنسية وصلت في عام 1750 بعد سلسلة من الاستكشافات الفرنسية تشمل مساحة شاسعة من الشمال الى الجنوب ضامة جزء كبير من كندا و وادي المسيسبي و القسم الغربي الاوسط من اراضي الولايات المتحدة حاليا، و شكلت هذه الاراضي هلالا ضخما حول مستعمرات الساحل الانجليزي الممتدة من كندا شمالا حتى فلوريدا جنوبا و الممتدة غربا حتى جبال الاليكاني، كانت الممتلكات الفرنسية اكبر كثيرا من اراضي المستعمرات الانجليزية غير ان ذلك الوجود الفرنسي كان غير مستقر الاركان حيث كان عدد الفرنسيين المهاجرين الى تلك المناطق ضئيلا قياسا الى مساحتها و بالرغم من ان الفرنسين حاولوا تعويض ذلك بالتحالف مع الهنود و التزاوج مع كثير من قبائلهم الا ان ذلك لم يحل المشكلة و مع تحرك الانجليز لحسم مسالة أيلولة تلك الاراضي الشاسعة في الشمال و الجنوب و في الغرب الاوسط بات من الواضح ان الحرب بين الفريقين الانجليزي و الفنسي لا شك قادمة بل ان النتيجة التي يمكن ان تتمخض عنها هذه الحرب كانت محسومة.
و يمكن القول ان هناك اسبابا اخرى غير تلك السابق ذكرها لعبت دورا كبيرا في قيام هذه الحرب و دعت الى ضرب انجلترا لفرنسا في اي مكان بالعالم و ذلك انعكاسا لما كان يجري من احداث على المسرح الاوروبي فقد دب الخلاف بين فرنسا و انجلترا مع تاييد لويس الرابع عشر لجيمس الثاني ملك انجلترا بعد فراره اثر تولي وليام أوف أورانج عام 1688 و مع اشتداد الصراع الفرنسي الانجليزي في اوروبا طوال القرن الثامن عشر كان الاقتراب من الصراع المسلح بين المستعمرات الفرنسية و الانجليزية في الارض الجديدة بات وشيكا.
و الصراع الديني الدائر في اوروبا بين البروتستانت - كما كانت انجلترا - و الكاثوليك - كما كانت فرنسا - ايضا لا يمكن فصله عن كل ما سبق بل كان له اثره في نقل حمى الصراع الى امريكا.
الاهداف الاقتصادية ايضا من اسباب نشوب هذه الحرب و حتمية قيام هذا الصراع فمسائل التجارة و بخاصة تجارة الفراء و الملاحة و الاراضي و الزراعة كل هذه المسائل كان لها دور ايضا في الحرب بينهما.
حاول الفرنسيون الاستعداد لمواجهة انلترا الوشيكة حيث اقاموا الحصون و القلاع في امتداد من كيبيك شمالا حتى مدينة اورليان على خليج المكسيك و التي قد وضعت نواه لتشكيلها في مطلع القرن الثامن عشر في محاولة لتقييد التحركات الانجليزية داخل ذلك الهلال و منع توسعهم نحو الغرب.
كانت نتيجة الصراع محسومة حيث ان عدد سكان المستعمرات الانجليزية في منتصف القرن السابع عشر حوالي 1.5 مليون فردا بينما كان عدد سكان كندا من الفرنسيين حوالي 80000 تقريبا و لعل السبب في هذا التفاوت يرجع الى ان الفرنسيون لم يكونوا مهتميين بالزراعة بل ركزوا على التجارة مما قلل من الهجرات الى تلك الارض و قرر من فرص الاستقرار بها. علاوة على ان القوات العسكرية الفرنسية كان كل اهتمامها موجها للصراعات الاوروبية مما اضعف موقفها في الاراضي الجديدة و ذلك بخلاف البريطانيون الذين كانوا اسطولهم البحري المتفوق يعمل على اقامة صلات بين الجزر البريطانية و مستعمراتها في القارة الجديدة. و كذلك التعصب الفرنسي الديني الكاثوليكي كان لا يقبل المهاجرين من غير الكاثوليك حتى لو كانوا فرنسيين
يمكن القول ايضا ان ضيق مساحة المستعمرات الانجليزية قياسا بالفرنسية كان في صالح الانجليز مما ادى الى ترابطها و تقوية وضعهم الدفاعي في مواجهة الفرنسيين.
كان لهزيمة الفرنسيين في حرب السنوات السبع 1756 الى 1763 في اوروبا اثره البالغ على المعارك الدائرة في الارض الجديدة و التي هزموا فيها ايضا مما جعلهم يبدءون مفاوضات الصلح في باريس 1763 حيث فرضت عليهم شروط المنتصر اذ تنازلوا لانجلترا عن كل الاراضي الكندية و على الاراضي المملوكة لهم على الضفة الشرقية لنهر المسيسيبي و بالنسبة لاراضي لويزيانا فقد تنازلوا عنها لاسبانيا و التي تنازلت في مقابلها عن فلوريدا لصالح انجلترا و بذلك تكون فرنسا قد خسرت كل اراضيها في شمال القارة الامريكية و تكون قد فشلت فشلا ذريعأ.
و لنضع القارئ الكريم على موجز لتلك الحروب الدائرة بين الطرفين حتى تكتمل الصورة لديه نقول:
كانت اول هذه الحروب حروب الملك وليام 1689 الى 1697 و هي اول حرب تشارك فيها مستعمرات بريطانيا في امريكا مع حرب مع دولة خارج القارة الامريكية، و استولت مستعمرات نيو انجلند على بعض الاراضي الفرنسية الا انها فشلت في الاستيلاء على كندا و انتهت هذه الحروب بمعاهدة ريزويك دون حصول اي من الطرفين على اى مكاسب اقليمية.
حرب الملكة آن 1701 الى 1713 و كان ابرز ما فيها مشاركة الهنود في المعارك خصوصا في منطقة نيوانجلند و بالرغم من فشل هذه الحملة من تحقيق مكاسب ارضية ملموسة بسبب تحطم السفن الناقلة في نهر سانت لورانس الا ان بريطانيا تمكنت من هزيمة الحليفتين فرنسا و اسبانيا و انتهت هذه الحروب بصلح اوتركت عام 1713 و التي كان من نتيجتها حصول بريطانيا على بعض الاراضي منها منطقة جبل طارق في اسبانيا و كذلك احتكار بريطانيا تجارة الرقيق مع امريكا الجنوبية لمدة ثلاثين عاما.
حرب الملك جورج 1740 الى 1748 الداعي لها هجوم الهنود على نيو انجلند بتشجيع من فرنسا و انتهت بصلح اي لاشابيل التي عادت بمقتضاه منطقة لويسبرغ الى السيطرة الفرنسية.
حرب السنوات السبع من عام 1756 الى 1763 و التي قامت في امريكا الشمالية بسبب الصراع على وادي الاوهايو و اشترك الهنود مع الفرنسيين في هذه الحروب و التي كان من نتيجتها القضاء البريطاني على النفوذ الفرنسي نهائيا في القارة الامريكية و لهذه الحرب تفصيلات كثيرة و اشخاص مشهورين منهم بنجامين فرانكلين و جورج واشنطن و الذي قاد حملة ضد الفرنسيين و كذلك تعرضت بريطانيا لهزائم شنيعة في بداية الحروب و لمدة عاميين و كذلك في هذه الحروب انتقل صداها الى القارة الاوروبية ذاتها.
و نشير ايضا الى ان الفرنسيين استولوا على امبراطورية ضخمة تمتد من كيبيك شمالا حتى نيوأورليانز في الجنوب و عملوا بهذا على حصر البريطانيين في شريط ساحلي ضيق و هذا ما اعتبره البريطانيون تعديا عليهم و محددا لتوسعهم و لذلك دارت حروب متقطعة من سنة 1613 الى سنة 1763 بهدف حسم السيطرة على القارة الجديدة اما ان تكون فرنسية أو أمريكية.
و لمزيد من التفصيل يمكن القول ان الممتلكات الفرنسية وصلت في عام 1750 بعد سلسلة من الاستكشافات الفرنسية تشمل مساحة شاسعة من الشمال الى الجنوب ضامة جزء كبير من كندا و وادي المسيسبي و القسم الغربي الاوسط من اراضي الولايات المتحدة حاليا، و شكلت هذه الاراضي هلالا ضخما حول مستعمرات الساحل الانجليزي الممتدة من كندا شمالا حتى فلوريدا جنوبا و الممتدة غربا حتى جبال الاليكاني، كانت الممتلكات الفرنسية اكبر كثيرا من اراضي المستعمرات الانجليزية غير ان ذلك الوجود الفرنسي كان غير مستقر الاركان حيث كان عدد الفرنسيين المهاجرين الى تلك المناطق ضئيلا قياسا الى مساحتها و بالرغم من ان الفرنسين حاولوا تعويض ذلك بالتحالف مع الهنود و التزاوج مع كثير من قبائلهم الا ان ذلك لم يحل المشكلة و مع تحرك الانجليز لحسم مسالة أيلولة تلك الاراضي الشاسعة في الشمال و الجنوب و في الغرب الاوسط بات من الواضح ان الحرب بين الفريقين الانجليزي و الفنسي لا شك قادمة بل ان النتيجة التي يمكن ان تتمخض عنها هذه الحرب كانت محسومة.
و يمكن القول ان هناك اسبابا اخرى غير تلك السابق ذكرها لعبت دورا كبيرا في قيام هذه الحرب و دعت الى ضرب انجلترا لفرنسا في اي مكان بالعالم و ذلك انعكاسا لما كان يجري من احداث على المسرح الاوروبي فقد دب الخلاف بين فرنسا و انجلترا مع تاييد لويس الرابع عشر لجيمس الثاني ملك انجلترا بعد فراره اثر تولي وليام أوف أورانج عام 1688 و مع اشتداد الصراع الفرنسي الانجليزي في اوروبا طوال القرن الثامن عشر كان الاقتراب من الصراع المسلح بين المستعمرات الفرنسية و الانجليزية في الارض الجديدة بات وشيكا.
و الصراع الديني الدائر في اوروبا بين البروتستانت - كما كانت انجلترا - و الكاثوليك - كما كانت فرنسا - ايضا لا يمكن فصله عن كل ما سبق بل كان له اثره في نقل حمى الصراع الى امريكا.
الاهداف الاقتصادية ايضا من اسباب نشوب هذه الحرب و حتمية قيام هذا الصراع فمسائل التجارة و بخاصة تجارة الفراء و الملاحة و الاراضي و الزراعة كل هذه المسائل كان لها دور ايضا في الحرب بينهما.
حاول الفرنسيون الاستعداد لمواجهة انلترا الوشيكة حيث اقاموا الحصون و القلاع في امتداد من كيبيك شمالا حتى مدينة اورليان على خليج المكسيك و التي قد وضعت نواه لتشكيلها في مطلع القرن الثامن عشر في محاولة لتقييد التحركات الانجليزية داخل ذلك الهلال و منع توسعهم نحو الغرب.
كانت نتيجة الصراع محسومة حيث ان عدد سكان المستعمرات الانجليزية في منتصف القرن السابع عشر حوالي 1.5 مليون فردا بينما كان عدد سكان كندا من الفرنسيين حوالي 80000 تقريبا و لعل السبب في هذا التفاوت يرجع الى ان الفرنسيون لم يكونوا مهتميين بالزراعة بل ركزوا على التجارة مما قلل من الهجرات الى تلك الارض و قرر من فرص الاستقرار بها. علاوة على ان القوات العسكرية الفرنسية كان كل اهتمامها موجها للصراعات الاوروبية مما اضعف موقفها في الاراضي الجديدة و ذلك بخلاف البريطانيون الذين كانوا اسطولهم البحري المتفوق يعمل على اقامة صلات بين الجزر البريطانية و مستعمراتها في القارة الجديدة. و كذلك التعصب الفرنسي الديني الكاثوليكي كان لا يقبل المهاجرين من غير الكاثوليك حتى لو كانوا فرنسيين
يمكن القول ايضا ان ضيق مساحة المستعمرات الانجليزية قياسا بالفرنسية كان في صالح الانجليز مما ادى الى ترابطها و تقوية وضعهم الدفاعي في مواجهة الفرنسيين.
كان لهزيمة الفرنسيين في حرب السنوات السبع 1756 الى 1763 في اوروبا اثره البالغ على المعارك الدائرة في الارض الجديدة و التي هزموا فيها ايضا مما جعلهم يبدءون مفاوضات الصلح في باريس 1763 حيث فرضت عليهم شروط المنتصر اذ تنازلوا لانجلترا عن كل الاراضي الكندية و على الاراضي المملوكة لهم على الضفة الشرقية لنهر المسيسيبي و بالنسبة لاراضي لويزيانا فقد تنازلوا عنها لاسبانيا و التي تنازلت في مقابلها عن فلوريدا لصالح انجلترا و بذلك تكون فرنسا قد خسرت كل اراضيها في شمال القارة الامريكية و تكون قد فشلت فشلا ذريعأ.
و لنضع القارئ الكريم على موجز لتلك الحروب الدائرة بين الطرفين حتى تكتمل الصورة لديه نقول:
كانت اول هذه الحروب حروب الملك وليام 1689 الى 1697 و هي اول حرب تشارك فيها مستعمرات بريطانيا في امريكا مع حرب مع دولة خارج القارة الامريكية، و استولت مستعمرات نيو انجلند على بعض الاراضي الفرنسية الا انها فشلت في الاستيلاء على كندا و انتهت هذه الحروب بمعاهدة ريزويك دون حصول اي من الطرفين على اى مكاسب اقليمية.
حرب الملكة آن 1701 الى 1713 و كان ابرز ما فيها مشاركة الهنود في المعارك خصوصا في منطقة نيوانجلند و بالرغم من فشل هذه الحملة من تحقيق مكاسب ارضية ملموسة بسبب تحطم السفن الناقلة في نهر سانت لورانس الا ان بريطانيا تمكنت من هزيمة الحليفتين فرنسا و اسبانيا و انتهت هذه الحروب بصلح اوتركت عام 1713 و التي كان من نتيجتها حصول بريطانيا على بعض الاراضي منها منطقة جبل طارق في اسبانيا و كذلك احتكار بريطانيا تجارة الرقيق مع امريكا الجنوبية لمدة ثلاثين عاما.
حرب الملك جورج 1740 الى 1748 الداعي لها هجوم الهنود على نيو انجلند بتشجيع من فرنسا و انتهت بصلح اي لاشابيل التي عادت بمقتضاه منطقة لويسبرغ الى السيطرة الفرنسية.
حرب السنوات السبع من عام 1756 الى 1763 و التي قامت في امريكا الشمالية بسبب الصراع على وادي الاوهايو و اشترك الهنود مع الفرنسيين في هذه الحروب و التي كان من نتيجتها القضاء البريطاني على النفوذ الفرنسي نهائيا في القارة الامريكية و لهذه الحرب تفصيلات كثيرة و اشخاص مشهورين منهم بنجامين فرانكلين و جورج واشنطن و الذي قاد حملة ضد الفرنسيين و كذلك تعرضت بريطانيا لهزائم شنيعة في بداية الحروب و لمدة عاميين و كذلك في هذه الحروب انتقل صداها الى القارة الاوروبية ذاتها.
3- حروب الاستقلال:
اسباب الرغبة في الاستقلال:-
ذكر المؤرخون عدة اسباب لنزوع المستعمرات الامريكية للاستقلال عن انجلترا و قد اشرنا سابقا انها كانت تابعة للتاج البريطاني فذهب بعضهم الى ان المستوطنين وصلوا الى مرحلة من الوعي و النضج السياسي و الديني و الاجتماعي و الثقافي كانت كفيلة بقيادة مستعمراتهم بانفسهم لاسيما انه كان هناك ثمة تعارض بين هذا النضج الذي وصلوا اليه و النظام الحاكم التابع للتاج، و كان التاج يرى الى لزوم استمرار المستعمرات الامريكية تابعة له حتى يستفيد بقية الانجليز من الخيرات التي يجنوها هناك، كذلك شعور هؤلاء المستعمرين للغبن من قبل الرأسماليين الذين وصلوا الى درجة كبيرة من الثراء الفاحش من المستعمرات التي يملكونها و كان ذلك على حساب المستعمرين أنفسهم، و لهذا اتخذت الحكومة البريطانية اجراءات من شأنها تزيد من سيطرتها على المستعمرات لضمان وصول المواد الخام و سائر المنتجات من الارض الجديدة.
فرض القصر الملكي ضرائب باهظة على سكان المستعمرات للمساهمة في نفقات الملك و اتباعه دون وجود اي تمثيل لهم في البرلمان الانجليزي كما ينص الدستور من هنا جاءت المطالبات منهم للتمثيل في البرلمان الانجليزي شأنهم شأن الانجليز.
كذلك اصدر البرلمان الانجليزي عدة قوانين زادت من القيود المفروضة على المستعمرين و التي ادت الى زيادة الحنق على التاج الملكي و من هذه القوانين:
1- قوانين الملاحة عام 1651 و يقضي بنقل البضائع بسفن انجليزية فقط و استبعد السفن الامريكية
2- قوانين التجارة 1696 قضت باحتكار السوق الانجليزي للمنتجات الامريكية
3- قانون المولاس 1733 و حرم استيراد السكر المزروع في مزارع فرنسية
4- قانون 1733 لتحريم سكان المستعمرات من تصدير القبعات للخارج
5- قانون الحديد 1750 و الذي حرم على سكان المستعمرات من صناعة المعدات و الالات الحديدية حتى لا ينافسوا الانجليز
لقد ازدادت حدة الضغوط على المستعمرين من قبل الانجليز بعد حرب السنوات السبع حيث امتدت السيطرة الانجليزية على المستعمرات الفرنسية في كندا و خرجت من الحرب مثقلة بالديون فكان و لابد من تعويض نفقات هذه الحروب مما زاد من شعور السكان بالظلم و انهم ضحوا بكل غالي و ثمين في الحروب الفرنسية و يكون هذا جزاؤهم؟
يعتبر الملك جورج الثالث الذي اعتلى الحكم في عام 1760 هو المسؤل الاول عن ثورة الاستقلال حيث انه اتخذ سياسة تجاه المستعمرات تمثلت في التالي:
1- ضرورة تحميل المستعمرات نفقات الدفاع البريطانية و الحماية و الادارة
2- ضرورة جعل قوانين الملاحة و التجارة اكثر فاعلية
3- ضرورة سن قوانين جديدة لتنظيم التجارة الانجليزية مع المستعمرات بشكل اكثر دقة
و توالى تنفيذ هذه السياسة خلال السنوات الخمس التالية لحرب السنوات السبع فكان قانون السكر الذي فرض ضرائب على واردات السكر الى المستعمرات و قانون العملة الذي يحظر اصدار عملات ورقية خاصة بالمستعمرات ثم قانون الدمغة و الايواء و غيرها من القوانين.
المحامي جيمس اوتيس في بوسطن اظهر اول مظاهر المقاومة للانجليز و ذلك برفضه للقانونين الاخرين السابق الاشارة اليهما، ثم تشكلت جماعة اخري مناهضة لنفس القانونين تسمت باسم ابناء الحرية و التي نادت باستخدام العنف ضد موظفي التاج البريطاني. ثم تضامن موظفي البريد الانجليز في ماساتشوستس فتركوا اعمالهم و امام هذه الضغوط تم اجبار الحكومة على الغاء قانون التمغة الا انه اتبعه قوانين اخرى زادت من سخط السكان منها قانون الرسوم الجمركية بارسال موظفين لجباية الرسوم الجمركية و قانون فرض الضرائب على الرصاص و الدهانات و الزجاج و غيرها من المواد، كانت الطامة الكبرى هو قانون الشاي و الذي نظم تجارة الشاي و جعلها قاصرة على شركة الهند الشرقية الانجليزية مع فرض ضريبة الشاي و اتخذت الحكومة اجراءات تعسفية بكل من يخل بهذه القوانين.
رأت المستعمرات لزوم الاتحاد فيما بينها لمواجهة انجلترا فحاول صامويل ادمز في عام 1768 عقد مؤتمر في ماساتشوسش لتوحيد العمل بين المستعمرات الا ان الحاكم اجهض هذا المؤتمر، السكان لم يقفوا مكتوفي الايدي بل لجأوا الى العنف حيث قام سكان بوسطن بالقاء الحجارة على الجنود الانجليز و حرقوا مساكنهم فقتلوا منهم خمسة و جرحوا الكثير و عرفت هذه الحادثة بمذبحة بوسطن.
تكررت هذه العمليات ما اجبر الحكومة البريطانية بسحب جنودها من بوسطن، في عام 1773 قام عدد من سكان المستعمرات المتخفين في زي هنود بالتسلق على احدى السفن الانجليزية المحملة بالشاي في ميناء بوسطن و القوا بحمولتها في المياه و قد قدرت هذه الحمولة بـ 342 صندوق و قيمتها 90.000 دولار و عرفت هذه الحادثة بحفل الشاي و كانت من أنجح حركات المقاومة الامريكية.
التاج الملكي يصدر قوانين اكثر صرامة بعد حفل الشاي و منها قانون الاحتجاج الذي يقضي باغلاق ميناء بوسطن امام الملاحة العالمية لحين ان يوفي سكان المستعمرات بقيمة الشاي الذي تم اتلافة. كذلك قانون محاكمة قتلة الجنود الانجليز و ارسال قوات اضافية لقمع المناهضين للتاج الملكي.
- سير المعارك و تحقق الاستقلال:-
تعاطفت جميع المستعمرات مع ماساتشوستش و رأت ضرورة الوقوف معها و لهذا عمل صامويل ادمز على الاجتماع بين هذه المستعمرات لرؤية الاجراءات المناسبة الواجب اتخاذها و بالفعل اجتمعوا في 5 سبتمبر 1774 في فلادلفيا و كان من بين اعضاء الاجتماع جورج واشنطن و باتريك هنري من فرجينيا و صامويل ادمز و جون أدمز من ماساتشوستش و انقسم المؤتمرين الى فريقين فريق يرى بضرورة اتخاذ اجراءات حاسمة و وصف هذا الفريق بالمتطرف و الاخر يرى باولوية تحقيق حقوق للسكان اولا و ارجأ فكرة الانفصال و وصف هذا الفريق بالمعتدل و بعد مناقشات مطولة وافق الاعضاء على ثلاث مسائل و هي:
1- تحديد الاجراءات التي اتخذتها الحكومة و التي اعتبرت اعتداء على حقوق السكان
2- توجيه خطاب الى الملك جورج الثالث و خطاب الى الشعب الانجليزي و خطاب الى الانجليز المقيمين في امريكا بضرورة الحفاظ على الحقوق الامريكية و كانت لهجة هذه الخطابات معتدلة و ايجابية
3- تقرر مقاطعة البضائع الانجليزية و منع دخولها الى المستعمرات و تشكلت لجان للمقاطعة في كل ولاية حتى يتم اكتشاف المخلص للتاج البريطاني و المخلص للقضية الامريكية
الملك رفض بشدة هذه الدعوة و عزز من احكام قبضته على السكان و وقعت عدة مصادمات بين السكان و الجيش البريطاني عندما حاول الجيش الاستيلاء على احد مستودعات الذخيرة السرية في كونكورد و اطلق البريطانيون الرصاص على الامريكيين و كانت هذه اول رصاصة تطلق في الثورة الامريكية و اطلق على ذلك اليوم (19 ابريل 1775) يوم كونكورد و الذي اعتبر اليوم الاول في الثورة الامريكية.
اجتماع اخر في فلادلفيا تقرر فيه مواجهة انجلترا عسكريا و تم تعيين جورج واشطن القائد العام للقوات الامريكية التي تشكلت خصيصا لقتال انجلترا و قاموا بتوفير الاعتمادات الخاصة بالمواجهة العسكرية و نظروا في امكانية اقامة علاقات مع دول اوروبية.
في شهر يونيه 1775 اشتد القتال بين جيش الملك و الجنود الامريكين بالقرب من بوسطن في تل بانك و صمم الامريكيون على استمرار القتال حتى اخر طلقة في بنادقهم و رغم ما يزيد على 1000 مقاتل بين قتيل و جريح الا انهم في النهاية تمكنوا من السيطرة على التل، واشنطن يحاصر بوسطن لطرد جنود الملك و بالفعل ينجح في ذلك في مارس 1776 و توالت الانتصارات الامريكية و السيطرة على المستعمرات الواحدة تلو الاخرى و تشكيل مجلس حكم لكل ولاية و قامت الولايات بعد ذلك بتشكيل وثيقة الاستقلال و قامت لجنة تتألف من توماس جيفرسون و جون أدمز و بنجامين فرانكلين باعداد هذه الوثيقة و وافق عليها الكونجرس القاري بعد تعديلها عدة مرات.
تضمنت الوثيقة المبادئ الاتية:
1- جميع الناس متساوون و لهم حق التمتع بالحياة و الحرية و السعادة
2- الحكومات تقوم بتحقيق الاغراض السابقة و لو قصر الحاكم في ذلك يجب تنحيته
3- الشعب من حقه اقامة حكومة جديدة تكفل له الامن و العدل و الرفاهية
تعتبر امريكا بهذه الوثيقة استقلت عن انجلترا الا ان المعارك لاتزال تدور رحاها و ظهر التفوق الكبير بين قدرات الجيش البريطاني العالية و عدم كفاءة الامريكيين و لاقى جورج واشنطون هزيمة هزيمة في اغسطس 1776 بالقرب من نيويورك.
جورش واشنطن يشن هجوما خاطفا في عيد ميلاد العام 1777 اثناء احتفال القوات الانجليزية و يأسر 100 جندي و يتبعه بهجوم اخر قرب برنستون.
انجلترا استولت مرة ثانية علا فلادلفيا بعد هزيمة واشنطن في براندي اوين و تشتت قواته، الا ان القائد الانجليزي جورج هاو الذي سبق و هزم واشنطن تمت هزيمته في الشمال بل و استسلم و كان ذلك في ساراتوجا في اكتوبر 1777 و هذه كانت نقطة الحسم في حروب الاستقلال المريكية حيث عندما علمت فرنسا بذلك قرر الملك لويس السادس عشر بضرورة دخول فرنسا الى الحرب بجوار الثوار ضد بريطانيا و بالفعل تم عمل تحالف فرنسي-امريكي ضد انجلترا في فبراير 1778 و نص على الاعتراف بالاستقلال الامريكي و اعلان الحرب على بريطانيا و تقديم المساعدة للثوار حتى تمام استنقلالهم.
تبعت اسبانيا و هولندا فرنسا و لكل منهما هدفه في ذلك و قامت السفن الفرنسية بالهجوم على السفن الانجليزية. كانت الحرب سجالا بين الطرفين بين توالي الانتصارات و الهزائم الى ان اضرم الثوار النار حول القوات الانجليزية برا و بحرا و لم تجد مفرا من الاستسلام في 19 اكتوبر 1781 و اعلان عجزها عن الاستمرار في الحرب.
في سبتمبر من عام 1783 تم توقيع معاهدة السلام بين انجلترا و الولايات المتحدة الامريكية في يناير 1784 و التي تضمنت اعتراف الملك جورج الثالث بالاستقلال الامريكي و تعيين حدوده و اعطت حقوق كبيرة للامريكين و بهذا استقل الامريكيون و خرجوا عن الوصاية الانجليزية.
ذكر المؤرخون عدة اسباب لنزوع المستعمرات الامريكية للاستقلال عن انجلترا و قد اشرنا سابقا انها كانت تابعة للتاج البريطاني فذهب بعضهم الى ان المستوطنين وصلوا الى مرحلة من الوعي و النضج السياسي و الديني و الاجتماعي و الثقافي كانت كفيلة بقيادة مستعمراتهم بانفسهم لاسيما انه كان هناك ثمة تعارض بين هذا النضج الذي وصلوا اليه و النظام الحاكم التابع للتاج، و كان التاج يرى الى لزوم استمرار المستعمرات الامريكية تابعة له حتى يستفيد بقية الانجليز من الخيرات التي يجنوها هناك، كذلك شعور هؤلاء المستعمرين للغبن من قبل الرأسماليين الذين وصلوا الى درجة كبيرة من الثراء الفاحش من المستعمرات التي يملكونها و كان ذلك على حساب المستعمرين أنفسهم، و لهذا اتخذت الحكومة البريطانية اجراءات من شأنها تزيد من سيطرتها على المستعمرات لضمان وصول المواد الخام و سائر المنتجات من الارض الجديدة.
فرض القصر الملكي ضرائب باهظة على سكان المستعمرات للمساهمة في نفقات الملك و اتباعه دون وجود اي تمثيل لهم في البرلمان الانجليزي كما ينص الدستور من هنا جاءت المطالبات منهم للتمثيل في البرلمان الانجليزي شأنهم شأن الانجليز.
كذلك اصدر البرلمان الانجليزي عدة قوانين زادت من القيود المفروضة على المستعمرين و التي ادت الى زيادة الحنق على التاج الملكي و من هذه القوانين:
1- قوانين الملاحة عام 1651 و يقضي بنقل البضائع بسفن انجليزية فقط و استبعد السفن الامريكية
2- قوانين التجارة 1696 قضت باحتكار السوق الانجليزي للمنتجات الامريكية
3- قانون المولاس 1733 و حرم استيراد السكر المزروع في مزارع فرنسية
4- قانون 1733 لتحريم سكان المستعمرات من تصدير القبعات للخارج
5- قانون الحديد 1750 و الذي حرم على سكان المستعمرات من صناعة المعدات و الالات الحديدية حتى لا ينافسوا الانجليز
لقد ازدادت حدة الضغوط على المستعمرين من قبل الانجليز بعد حرب السنوات السبع حيث امتدت السيطرة الانجليزية على المستعمرات الفرنسية في كندا و خرجت من الحرب مثقلة بالديون فكان و لابد من تعويض نفقات هذه الحروب مما زاد من شعور السكان بالظلم و انهم ضحوا بكل غالي و ثمين في الحروب الفرنسية و يكون هذا جزاؤهم؟
يعتبر الملك جورج الثالث الذي اعتلى الحكم في عام 1760 هو المسؤل الاول عن ثورة الاستقلال حيث انه اتخذ سياسة تجاه المستعمرات تمثلت في التالي:
1- ضرورة تحميل المستعمرات نفقات الدفاع البريطانية و الحماية و الادارة
2- ضرورة جعل قوانين الملاحة و التجارة اكثر فاعلية
3- ضرورة سن قوانين جديدة لتنظيم التجارة الانجليزية مع المستعمرات بشكل اكثر دقة
و توالى تنفيذ هذه السياسة خلال السنوات الخمس التالية لحرب السنوات السبع فكان قانون السكر الذي فرض ضرائب على واردات السكر الى المستعمرات و قانون العملة الذي يحظر اصدار عملات ورقية خاصة بالمستعمرات ثم قانون الدمغة و الايواء و غيرها من القوانين.
المحامي جيمس اوتيس في بوسطن اظهر اول مظاهر المقاومة للانجليز و ذلك برفضه للقانونين الاخرين السابق الاشارة اليهما، ثم تشكلت جماعة اخري مناهضة لنفس القانونين تسمت باسم ابناء الحرية و التي نادت باستخدام العنف ضد موظفي التاج البريطاني. ثم تضامن موظفي البريد الانجليز في ماساتشوستس فتركوا اعمالهم و امام هذه الضغوط تم اجبار الحكومة على الغاء قانون التمغة الا انه اتبعه قوانين اخرى زادت من سخط السكان منها قانون الرسوم الجمركية بارسال موظفين لجباية الرسوم الجمركية و قانون فرض الضرائب على الرصاص و الدهانات و الزجاج و غيرها من المواد، كانت الطامة الكبرى هو قانون الشاي و الذي نظم تجارة الشاي و جعلها قاصرة على شركة الهند الشرقية الانجليزية مع فرض ضريبة الشاي و اتخذت الحكومة اجراءات تعسفية بكل من يخل بهذه القوانين.
رأت المستعمرات لزوم الاتحاد فيما بينها لمواجهة انجلترا فحاول صامويل ادمز في عام 1768 عقد مؤتمر في ماساتشوسش لتوحيد العمل بين المستعمرات الا ان الحاكم اجهض هذا المؤتمر، السكان لم يقفوا مكتوفي الايدي بل لجأوا الى العنف حيث قام سكان بوسطن بالقاء الحجارة على الجنود الانجليز و حرقوا مساكنهم فقتلوا منهم خمسة و جرحوا الكثير و عرفت هذه الحادثة بمذبحة بوسطن.
تكررت هذه العمليات ما اجبر الحكومة البريطانية بسحب جنودها من بوسطن، في عام 1773 قام عدد من سكان المستعمرات المتخفين في زي هنود بالتسلق على احدى السفن الانجليزية المحملة بالشاي في ميناء بوسطن و القوا بحمولتها في المياه و قد قدرت هذه الحمولة بـ 342 صندوق و قيمتها 90.000 دولار و عرفت هذه الحادثة بحفل الشاي و كانت من أنجح حركات المقاومة الامريكية.
التاج الملكي يصدر قوانين اكثر صرامة بعد حفل الشاي و منها قانون الاحتجاج الذي يقضي باغلاق ميناء بوسطن امام الملاحة العالمية لحين ان يوفي سكان المستعمرات بقيمة الشاي الذي تم اتلافة. كذلك قانون محاكمة قتلة الجنود الانجليز و ارسال قوات اضافية لقمع المناهضين للتاج الملكي.
- سير المعارك و تحقق الاستقلال:-
تعاطفت جميع المستعمرات مع ماساتشوستش و رأت ضرورة الوقوف معها و لهذا عمل صامويل ادمز على الاجتماع بين هذه المستعمرات لرؤية الاجراءات المناسبة الواجب اتخاذها و بالفعل اجتمعوا في 5 سبتمبر 1774 في فلادلفيا و كان من بين اعضاء الاجتماع جورج واشنطن و باتريك هنري من فرجينيا و صامويل ادمز و جون أدمز من ماساتشوستش و انقسم المؤتمرين الى فريقين فريق يرى بضرورة اتخاذ اجراءات حاسمة و وصف هذا الفريق بالمتطرف و الاخر يرى باولوية تحقيق حقوق للسكان اولا و ارجأ فكرة الانفصال و وصف هذا الفريق بالمعتدل و بعد مناقشات مطولة وافق الاعضاء على ثلاث مسائل و هي:
1- تحديد الاجراءات التي اتخذتها الحكومة و التي اعتبرت اعتداء على حقوق السكان
2- توجيه خطاب الى الملك جورج الثالث و خطاب الى الشعب الانجليزي و خطاب الى الانجليز المقيمين في امريكا بضرورة الحفاظ على الحقوق الامريكية و كانت لهجة هذه الخطابات معتدلة و ايجابية
3- تقرر مقاطعة البضائع الانجليزية و منع دخولها الى المستعمرات و تشكلت لجان للمقاطعة في كل ولاية حتى يتم اكتشاف المخلص للتاج البريطاني و المخلص للقضية الامريكية
الملك رفض بشدة هذه الدعوة و عزز من احكام قبضته على السكان و وقعت عدة مصادمات بين السكان و الجيش البريطاني عندما حاول الجيش الاستيلاء على احد مستودعات الذخيرة السرية في كونكورد و اطلق البريطانيون الرصاص على الامريكيين و كانت هذه اول رصاصة تطلق في الثورة الامريكية و اطلق على ذلك اليوم (19 ابريل 1775) يوم كونكورد و الذي اعتبر اليوم الاول في الثورة الامريكية.
اجتماع اخر في فلادلفيا تقرر فيه مواجهة انجلترا عسكريا و تم تعيين جورج واشطن القائد العام للقوات الامريكية التي تشكلت خصيصا لقتال انجلترا و قاموا بتوفير الاعتمادات الخاصة بالمواجهة العسكرية و نظروا في امكانية اقامة علاقات مع دول اوروبية.
في شهر يونيه 1775 اشتد القتال بين جيش الملك و الجنود الامريكين بالقرب من بوسطن في تل بانك و صمم الامريكيون على استمرار القتال حتى اخر طلقة في بنادقهم و رغم ما يزيد على 1000 مقاتل بين قتيل و جريح الا انهم في النهاية تمكنوا من السيطرة على التل، واشنطن يحاصر بوسطن لطرد جنود الملك و بالفعل ينجح في ذلك في مارس 1776 و توالت الانتصارات الامريكية و السيطرة على المستعمرات الواحدة تلو الاخرى و تشكيل مجلس حكم لكل ولاية و قامت الولايات بعد ذلك بتشكيل وثيقة الاستقلال و قامت لجنة تتألف من توماس جيفرسون و جون أدمز و بنجامين فرانكلين باعداد هذه الوثيقة و وافق عليها الكونجرس القاري بعد تعديلها عدة مرات.
تضمنت الوثيقة المبادئ الاتية:
1- جميع الناس متساوون و لهم حق التمتع بالحياة و الحرية و السعادة
2- الحكومات تقوم بتحقيق الاغراض السابقة و لو قصر الحاكم في ذلك يجب تنحيته
3- الشعب من حقه اقامة حكومة جديدة تكفل له الامن و العدل و الرفاهية
تعتبر امريكا بهذه الوثيقة استقلت عن انجلترا الا ان المعارك لاتزال تدور رحاها و ظهر التفوق الكبير بين قدرات الجيش البريطاني العالية و عدم كفاءة الامريكيين و لاقى جورج واشنطون هزيمة هزيمة في اغسطس 1776 بالقرب من نيويورك.
جورش واشنطن يشن هجوما خاطفا في عيد ميلاد العام 1777 اثناء احتفال القوات الانجليزية و يأسر 100 جندي و يتبعه بهجوم اخر قرب برنستون.
انجلترا استولت مرة ثانية علا فلادلفيا بعد هزيمة واشنطن في براندي اوين و تشتت قواته، الا ان القائد الانجليزي جورج هاو الذي سبق و هزم واشنطن تمت هزيمته في الشمال بل و استسلم و كان ذلك في ساراتوجا في اكتوبر 1777 و هذه كانت نقطة الحسم في حروب الاستقلال المريكية حيث عندما علمت فرنسا بذلك قرر الملك لويس السادس عشر بضرورة دخول فرنسا الى الحرب بجوار الثوار ضد بريطانيا و بالفعل تم عمل تحالف فرنسي-امريكي ضد انجلترا في فبراير 1778 و نص على الاعتراف بالاستقلال الامريكي و اعلان الحرب على بريطانيا و تقديم المساعدة للثوار حتى تمام استنقلالهم.
تبعت اسبانيا و هولندا فرنسا و لكل منهما هدفه في ذلك و قامت السفن الفرنسية بالهجوم على السفن الانجليزية. كانت الحرب سجالا بين الطرفين بين توالي الانتصارات و الهزائم الى ان اضرم الثوار النار حول القوات الانجليزية برا و بحرا و لم تجد مفرا من الاستسلام في 19 اكتوبر 1781 و اعلان عجزها عن الاستمرار في الحرب.
في سبتمبر من عام 1783 تم توقيع معاهدة السلام بين انجلترا و الولايات المتحدة الامريكية في يناير 1784 و التي تضمنت اعتراف الملك جورج الثالث بالاستقلال الامريكي و تعيين حدوده و اعطت حقوق كبيرة للامريكين و بهذا استقل الامريكيون و خرجوا عن الوصاية الانجليزية.
4- الحرب الاهلية من 1861 - 1865
كثيرا ما نقرأ او نسمع عن الحرب الاهلية الامريكية فما حقيقة هذه الحرب و ما الذي تمخضت عنه؟
نشبت الحرب الاهلية بين الولايات الشمالية و الجنوبية و المشكلة الاساسية التي دفعت لقيام مثل هذه الحرب هي نظام الرق المتبع في الجنوب و لتفهم ماهية هذه المشكلة يمكن القول ان الولايات الشمالية لم تكن تتمتع بما تتمتع به الولايات الجنوبية، فالولايات الجنوبية كانت ارضها خصبة و فيها موارد كثيرة للماء و الجو كذلك كان مناسبا، لذلك قامت الزراعة في هذه المناطق و ندر وجودها في الشمال، و حتى يتم زراعة هذه الاراضي الزراعية كان لابد من استقدام رقيق ليقوموا بزراعة هذه الارض و خدمة اصحابها لهذا استقدم الجنوب رقيقا من افريقيا للقيام بهذا العمل و بالفعل ازدهرت الزراعة لاسيما زراعة التبغ و الارز و القطن و الذي اصبح اهم سلعة اقتصادية، و نظرا لاتساع رقعة الارض و زيادة عدد الزنوج الارقاء و الذين كانوا لا يتمتعون بما يتمتع به الامريكي ظهرت المشكلة.
على هذا تم اعتبار الغاء الرق من المشاكل الهامة حيث انهم عماد الاقتصاد في الجنوب بينما الشمال يقتصر وجودهم على الخدمة في المنازل، بعد الحصول على الاستقلال تم وضع قانون لشرعية و تنظيم عملية الرق الا ان الولايات الواحدة تلو الاخرى اخذت تنتقد هذا القانون و تطالب بالغائه و كانت ولاية ماساتشوستي اول من الغى الرق يليها نيويورك و بنسلفانيا، ثم اصدر الكونجرس قرارا للحد من استجلاب الزنوج من الخارج و كذلك قام بعض الكتاب بتأليف الكتب المناوءة لهذا النظام و مثال ذلك وليام جاريسون الذي اسس صحيفة المحرر و التي تطالب بالغاء الرق نهائيا و وافقه على ذلك الكثير و غالبيتهم من الزنوج المحررين.
انقسم عدد الولايات المؤيدة و المعارضة لنظام الرق بالتساوي احدى عشر لكل منهما و كادت ان تقوم حرب بين التكتلين لولا تدخل السياسيون مثل هنري كلاي و الذي توصل الى اتفاق بين الفريقين يقضي باعتبار الخط 36 درجة شمالا خطا فاصلا بين الولايات المؤيدة للرق و الولايات المعارضة له و عرف هذا الاتفاق باتفاق ميسوري.
كان التوتر يعود بين الطرفين كلما انضمت ولاية جديدة للاتحاد الامريكي حيث كان يسعى كلا من الطرفين لان تنضم هذه الولاية الى احد الطرفين، الى ان وصل الحال في عام 1844 الى انشاء حزب منهجه الاساسي هو الغاء الرق و العبودية من جميع الولايات و هذا الحزب هو الحزب الجمهوري و الذي اصبح فيما بعد ابراهام لينكولن من ابرز اعضائه و عمل بشكل كبير على الغاء الرق. و برنامج الحزب الجمهوري الرئيسي يقوم على:
1- الغاء الرق
2- حماية الصناعة الامريكية
3- حماية الملكية الخاصة
بنجاح لنكولن في انتخابات 1860 بدت بوادر الحرب في الافق فغضبت بعض ولايات الجنوب لهذا و خرجت عدة ولايات الواحدة تلو الاخرى من الاتحاد الامريكي و انفصلت عنه و اختاروا رئيسا اخر لهم هو جيفرسون دافس و اصدرت دستور خاص بها و تكونت حكومة فيدرالية برئاسته في 1861.
رأى لينكولن وجوب خوض حرب مع الولايات المنشقة لارغامها على العودة الى الاتحاد دون تقديم تنازلات، و قامت خطة لينكولن على التالي:
1- الاستيلاء على رتشموند عاصمة الحكومة الائتلافية الجنوبية
2- الاستيلاء على المسيسيبي لفصل الولايات الجنوبية الشرقية عن الغربية
3- فرض الحصار الاقتصادي على موانع الجنوب لمنع تصدير القطن
اما الولايات الجنوبية فكانت تعول على علاقتها باتنجلترا المستورد الرئيس للقطن و بهذا يمكن الحصول على السلاح منهم ، و كذلك على علاقتهم مع الامبراطور الفرنسي نابليون الثالث و ظنوا انه سيتعاكف معهم و أملوا في انضمام باقي ولايات الجنوب الى الحكومة الائتلافية و اغلاق المسيسيبي امام تجارة الشمال فيضطروا الى الرضوخ لمطالبهم.
كانت الشرارة الاولى للحرب هي محاولة الاستيلاء على قلعة سامتر التابعة للشمال و اجبار قائدها على الاستسلام بمنع الامدادات عنه، و بالفعل تم الاستيلاء على القلعة و قام الجنوبيون باشعال النار في علم الولايات المتحدة و هنا ادرك الشماليون انه لابد من التكاتف للدفاع عن الاتحاد الامريكي فأصدر لنكولن أوامره بتجنيد 75 ألف جندي لحماية القلاع و المنشأت التي تخص امن المواطنين و بالتالي استعد الجنوبيون لاسيما بعد انضمام فرجينيا و اركنساس و تنسي و كارولينا الشمالية الى الحكومة الفدرالية و بذلك 11 ولاية بينما عدد ولايات الشمال 23 ولاية.
بدات الحرب الفعلية بعد عام من الاستيلاء على قلعة سامتر و كانت هناك فوراق كبيرة بين الطرفين فبينما كان عدد سكان الجنوب 9 ملايين اكثر من ثلثهم من العبيد كان عدد سكان الشمال حوالي 22 مليون نسمة و كانت اوضاعهم الاقتصادية ممتازة نظرا للحصول على كميات كبيرة من الذهب و الفضة التي تدفقت عليهم من المناجم الغربية، هذا من ناحية و من ناحية اخرى كان الجنوب اقل كفاءة قتالية و كانت تنقصه الجدية و الصلابة نظرا لتلاعب بعض الولايات بدخولها الاتحاد ثم الخروج منه الا ان الدعم المالي لم يكن موجود للطرفين بسبب العلاقات الغير طيبة مع اوروبا.
في حين اعترفت دول اوروبا بواشنطن و لينكولن رئيسا شرعيا حاول الجنوبيون نيل رضا و مساعدة انجلترا و فرنسا الا انهم فشلوا في ذلك رغم بعض المساعدات الانجليزية لهم و محاولة الامبراطور الفرنسي التوسط بين الفريقين لتجنب القتال الا ان لينكولن رفض و اقر بذلك مبدأ امريكا للامريكين.
اشتعلت المعارك بين الطرفين و استمرت انتصارات الشمال حتى سقوط عاصمة الجنوب رتشموند في عام 1865 و ذلك بعد استسلام رئيسهم ديفيز و هروبه، و كانت نتائج الحرب خسائر فادحة بين الطرفين اذا تكبد الشمال 359 الف قتيل و الجنوب 258 الف قتيل بخلاف الاسرى و الجرحى، الخسائر المادية حوالي 3.250.000 دولار في الشمال و 1.500.000 دولار في الجنوب.
أخذ لينكولن على عاتقه اعادة اعمار الجنوب و توفير حقوق سياسية للزنوج المحررين و دمجهم في المجتمع حتى وصلوا الى بعض المناصب التشريعية و هذا ما أغضب البيض فنشأت بعض الجمعيات الارهابية الامريكية التي نجحت في اقصاء الزنوج عن الانتخابات المحلية.
و على هذا يمكن القول ان الحرب لم تحقق كل ما كانت تربو اليه فبالرغم من تحرر الزنوج الا ان حقوقهم لم تصل الى تلك التي تمتع بها البيض و باتت المساواة التامة بينهم بعيدة المنال.
بعد هذه الحرب بدأت امريكا منعطف جديد من الرقي و التقدم شيئا فشيئا الى ان وصلت لما هي عليه اليوم و قبل ختام هذا الموضوع و بعد هذا السرد التاريخي لهذه الحرب من المصادر المختلفة هل تتفق معي اخي الكريم ان سبب الحرب بين الولايات الجنوبية و الشمالية هو حقوق العبيد هل هؤلاء بهذا النبل ام تحولوا له سريعا لقد ابادوا عنصرا كاملا من البشر و قاموا على دعوات لا تتفق تماما مع الشهامة و الفداء بالطبع ليس هذا السبب الحقيقي و قد تناولت بعض المصادر اسبابا اخرى غير اني آثرت سرد ما ثبت تاريخيا في معظم المراجع.
نكون بهذا قد انتهينا من التاريخ الامريكي القديم على امل بلقاء في الحلقة القادمة بمشيئة الله لتناول مرحلة جديدة من موضوعنا
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مراجع الجزء المتعلق بالتاريخ الامريكي
-امريكا المستبدة، الولايات المتحدة و سياسة السيطرة على العالم - حامد فرزات - اتحاد الكتاب العرب 2001
- دراسات في التاريخ الامريكي- د/ناهد ابراهيم دسوقي-دار المعرفة الجامعية - اسكندرية - 1998
- المدخل في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية-د/محمد محمود النيرب- دار الثقافة الجديدة - القاهرة - 1997
- دراسات في التاريخ الاوروبي و الامريكي الحديث- د/عمر عبد العزيز عمر- دار المعرفة الجامعية - اسكندرية - 1992
- الموسوعة البريطانية
- The Encyclopedia of World History, Sixth edition. Peter N. Stearns, general editor. Copyright © 2001 by Houghton Mifflin Company. Maps by Mary Reilly, copyright © 2001 by Houghton Mifflin Company. Published by Houghton Mifflin Company. All rights reserved.
- A HISTORY OF THE AMERICAN PEOPLE. Copyright © 1997 by Paul Johnson. All rights reserved. Printed in the United States of America.
نشبت الحرب الاهلية بين الولايات الشمالية و الجنوبية و المشكلة الاساسية التي دفعت لقيام مثل هذه الحرب هي نظام الرق المتبع في الجنوب و لتفهم ماهية هذه المشكلة يمكن القول ان الولايات الشمالية لم تكن تتمتع بما تتمتع به الولايات الجنوبية، فالولايات الجنوبية كانت ارضها خصبة و فيها موارد كثيرة للماء و الجو كذلك كان مناسبا، لذلك قامت الزراعة في هذه المناطق و ندر وجودها في الشمال، و حتى يتم زراعة هذه الاراضي الزراعية كان لابد من استقدام رقيق ليقوموا بزراعة هذه الارض و خدمة اصحابها لهذا استقدم الجنوب رقيقا من افريقيا للقيام بهذا العمل و بالفعل ازدهرت الزراعة لاسيما زراعة التبغ و الارز و القطن و الذي اصبح اهم سلعة اقتصادية، و نظرا لاتساع رقعة الارض و زيادة عدد الزنوج الارقاء و الذين كانوا لا يتمتعون بما يتمتع به الامريكي ظهرت المشكلة.
على هذا تم اعتبار الغاء الرق من المشاكل الهامة حيث انهم عماد الاقتصاد في الجنوب بينما الشمال يقتصر وجودهم على الخدمة في المنازل، بعد الحصول على الاستقلال تم وضع قانون لشرعية و تنظيم عملية الرق الا ان الولايات الواحدة تلو الاخرى اخذت تنتقد هذا القانون و تطالب بالغائه و كانت ولاية ماساتشوستي اول من الغى الرق يليها نيويورك و بنسلفانيا، ثم اصدر الكونجرس قرارا للحد من استجلاب الزنوج من الخارج و كذلك قام بعض الكتاب بتأليف الكتب المناوءة لهذا النظام و مثال ذلك وليام جاريسون الذي اسس صحيفة المحرر و التي تطالب بالغاء الرق نهائيا و وافقه على ذلك الكثير و غالبيتهم من الزنوج المحررين.
انقسم عدد الولايات المؤيدة و المعارضة لنظام الرق بالتساوي احدى عشر لكل منهما و كادت ان تقوم حرب بين التكتلين لولا تدخل السياسيون مثل هنري كلاي و الذي توصل الى اتفاق بين الفريقين يقضي باعتبار الخط 36 درجة شمالا خطا فاصلا بين الولايات المؤيدة للرق و الولايات المعارضة له و عرف هذا الاتفاق باتفاق ميسوري.
كان التوتر يعود بين الطرفين كلما انضمت ولاية جديدة للاتحاد الامريكي حيث كان يسعى كلا من الطرفين لان تنضم هذه الولاية الى احد الطرفين، الى ان وصل الحال في عام 1844 الى انشاء حزب منهجه الاساسي هو الغاء الرق و العبودية من جميع الولايات و هذا الحزب هو الحزب الجمهوري و الذي اصبح فيما بعد ابراهام لينكولن من ابرز اعضائه و عمل بشكل كبير على الغاء الرق. و برنامج الحزب الجمهوري الرئيسي يقوم على:
1- الغاء الرق
2- حماية الصناعة الامريكية
3- حماية الملكية الخاصة
بنجاح لنكولن في انتخابات 1860 بدت بوادر الحرب في الافق فغضبت بعض ولايات الجنوب لهذا و خرجت عدة ولايات الواحدة تلو الاخرى من الاتحاد الامريكي و انفصلت عنه و اختاروا رئيسا اخر لهم هو جيفرسون دافس و اصدرت دستور خاص بها و تكونت حكومة فيدرالية برئاسته في 1861.
رأى لينكولن وجوب خوض حرب مع الولايات المنشقة لارغامها على العودة الى الاتحاد دون تقديم تنازلات، و قامت خطة لينكولن على التالي:
1- الاستيلاء على رتشموند عاصمة الحكومة الائتلافية الجنوبية
2- الاستيلاء على المسيسيبي لفصل الولايات الجنوبية الشرقية عن الغربية
3- فرض الحصار الاقتصادي على موانع الجنوب لمنع تصدير القطن
اما الولايات الجنوبية فكانت تعول على علاقتها باتنجلترا المستورد الرئيس للقطن و بهذا يمكن الحصول على السلاح منهم ، و كذلك على علاقتهم مع الامبراطور الفرنسي نابليون الثالث و ظنوا انه سيتعاكف معهم و أملوا في انضمام باقي ولايات الجنوب الى الحكومة الائتلافية و اغلاق المسيسيبي امام تجارة الشمال فيضطروا الى الرضوخ لمطالبهم.
كانت الشرارة الاولى للحرب هي محاولة الاستيلاء على قلعة سامتر التابعة للشمال و اجبار قائدها على الاستسلام بمنع الامدادات عنه، و بالفعل تم الاستيلاء على القلعة و قام الجنوبيون باشعال النار في علم الولايات المتحدة و هنا ادرك الشماليون انه لابد من التكاتف للدفاع عن الاتحاد الامريكي فأصدر لنكولن أوامره بتجنيد 75 ألف جندي لحماية القلاع و المنشأت التي تخص امن المواطنين و بالتالي استعد الجنوبيون لاسيما بعد انضمام فرجينيا و اركنساس و تنسي و كارولينا الشمالية الى الحكومة الفدرالية و بذلك 11 ولاية بينما عدد ولايات الشمال 23 ولاية.
بدات الحرب الفعلية بعد عام من الاستيلاء على قلعة سامتر و كانت هناك فوراق كبيرة بين الطرفين فبينما كان عدد سكان الجنوب 9 ملايين اكثر من ثلثهم من العبيد كان عدد سكان الشمال حوالي 22 مليون نسمة و كانت اوضاعهم الاقتصادية ممتازة نظرا للحصول على كميات كبيرة من الذهب و الفضة التي تدفقت عليهم من المناجم الغربية، هذا من ناحية و من ناحية اخرى كان الجنوب اقل كفاءة قتالية و كانت تنقصه الجدية و الصلابة نظرا لتلاعب بعض الولايات بدخولها الاتحاد ثم الخروج منه الا ان الدعم المالي لم يكن موجود للطرفين بسبب العلاقات الغير طيبة مع اوروبا.
في حين اعترفت دول اوروبا بواشنطن و لينكولن رئيسا شرعيا حاول الجنوبيون نيل رضا و مساعدة انجلترا و فرنسا الا انهم فشلوا في ذلك رغم بعض المساعدات الانجليزية لهم و محاولة الامبراطور الفرنسي التوسط بين الفريقين لتجنب القتال الا ان لينكولن رفض و اقر بذلك مبدأ امريكا للامريكين.
اشتعلت المعارك بين الطرفين و استمرت انتصارات الشمال حتى سقوط عاصمة الجنوب رتشموند في عام 1865 و ذلك بعد استسلام رئيسهم ديفيز و هروبه، و كانت نتائج الحرب خسائر فادحة بين الطرفين اذا تكبد الشمال 359 الف قتيل و الجنوب 258 الف قتيل بخلاف الاسرى و الجرحى، الخسائر المادية حوالي 3.250.000 دولار في الشمال و 1.500.000 دولار في الجنوب.
أخذ لينكولن على عاتقه اعادة اعمار الجنوب و توفير حقوق سياسية للزنوج المحررين و دمجهم في المجتمع حتى وصلوا الى بعض المناصب التشريعية و هذا ما أغضب البيض فنشأت بعض الجمعيات الارهابية الامريكية التي نجحت في اقصاء الزنوج عن الانتخابات المحلية.
و على هذا يمكن القول ان الحرب لم تحقق كل ما كانت تربو اليه فبالرغم من تحرر الزنوج الا ان حقوقهم لم تصل الى تلك التي تمتع بها البيض و باتت المساواة التامة بينهم بعيدة المنال.
بعد هذه الحرب بدأت امريكا منعطف جديد من الرقي و التقدم شيئا فشيئا الى ان وصلت لما هي عليه اليوم و قبل ختام هذا الموضوع و بعد هذا السرد التاريخي لهذه الحرب من المصادر المختلفة هل تتفق معي اخي الكريم ان سبب الحرب بين الولايات الجنوبية و الشمالية هو حقوق العبيد هل هؤلاء بهذا النبل ام تحولوا له سريعا لقد ابادوا عنصرا كاملا من البشر و قاموا على دعوات لا تتفق تماما مع الشهامة و الفداء بالطبع ليس هذا السبب الحقيقي و قد تناولت بعض المصادر اسبابا اخرى غير اني آثرت سرد ما ثبت تاريخيا في معظم المراجع.
نكون بهذا قد انتهينا من التاريخ الامريكي القديم على امل بلقاء في الحلقة القادمة بمشيئة الله لتناول مرحلة جديدة من موضوعنا
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مراجع الجزء المتعلق بالتاريخ الامريكي
-امريكا المستبدة، الولايات المتحدة و سياسة السيطرة على العالم - حامد فرزات - اتحاد الكتاب العرب 2001
- دراسات في التاريخ الامريكي- د/ناهد ابراهيم دسوقي-دار المعرفة الجامعية - اسكندرية - 1998
- المدخل في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية-د/محمد محمود النيرب- دار الثقافة الجديدة - القاهرة - 1997
- دراسات في التاريخ الاوروبي و الامريكي الحديث- د/عمر عبد العزيز عمر- دار المعرفة الجامعية - اسكندرية - 1992
- الموسوعة البريطانية
- The Encyclopedia of World History, Sixth edition. Peter N. Stearns, general editor. Copyright © 2001 by Houghton Mifflin Company. Maps by Mary Reilly, copyright © 2001 by Houghton Mifflin Company. Published by Houghton Mifflin Company. All rights reserved.
- A HISTORY OF THE AMERICAN PEOPLE. Copyright © 1997 by Paul Johnson. All rights reserved. Printed in the United States of America.
تناولنا و إياكم في الحلقات الماضية عرضا سيناريو الحرب المفترضة و الذي وضعه واينبرجر ثم تناولنا بعض المواقف الحالية لبعض الدول تجاه هذه الحرب و أثبتنا أن الحروب قد تندلع في أي وقت و أن السبب رغم تفاهته قد يكون سببا لحرب ضروس و تناولنا البعد الامبراطوري لايران و انها تحاول استعادته ثم أوضحنا كذلك البعد التاريخي لأمريكا و كيف تدرجت الى أن شكلت امبراطورية فريدة في العصر الحديث.
و لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل فعلا ممكن لهذه الحرب أن تنشب؟ و الجواب على هذا التساؤل يحتاج منا إلى تفكر، فهناك عدة اتجاهات يمكن أن تحدد لنا الإجابة أحدها يتمثل في هذا الكم الهائل من التكهنات و الدراسات و البحوث و التي تنبأت بحدوث مثل هذه الحرب و تناولتها الصحف و المجلات و ناقشتها قنوات الفضائيات تجيب بالإيجاب لاسيما أن حالات كثيرة مشابهة بالفعل سبقتها تكهنات بحدوثها و حدثت فقبل أحداث سبتمبر كان هناك تكهنات بعمل ضخم يضرب أمريكا و كذلك حرب أفغانستان و العراق و حتى الصومال سبقتها تكهنات و أبحاث و دراسات و إن كانت تختلف في التفاصيل الدقيقة إلا أنها اتفقت في النتيجة الحتمية، و الأخر يتمثل في تهيئة الملعب لمثل هذه الحرب من الأطراف اللاعبة فيه فهناك استعدادات لم يسبق لها مثيل من إيران و أمريكا كلها أيضا تدل أن شئ ما سيحدث، و هناك اتجاه أخر يتمثل في بعض الاحداث التي تحدث هنا أو هناك و يمكن اعتبارها مكملة لذلك الجو الضبابي الذي يخيم على منطقتنا و تصب كلها في مستنقع هذه الحرب المفترضة.
بالطبع سنوسع بحثنا بإذن الله في تناول النقطة الثانية أما الاولى و الثالثة سنتسفيد منهما في طيات حديثنا.
ماذا أعدت ايران لهذه الحرب:
نشرت جريدة المصري اليوم المصرية على مدى أربع حلقات خلال الفترة من 9-3-2007 الى 6-4-2007 تقريرا تناولت فيه هذه الحرب و أوسعتها بحثا و قد كانت الى حد بعيد متفقه معنا في كثير مما طرحناه في هذا الموضوع. بخصوص للاستعدادات الإيرانية ذكر الكاتب طارق الحريري (المصري اليوم 6-4-2007) موضحا الإستراتيجية الإيرانية في المواجهة بعد أن ذكر عدة مواضيع مختلفة و أنها تتمثل في المحاور التالية:
المحور الأول: التغلغل الإقليمي في مناطق متفرقة وإرساء قوي موالية قادرة علي خلخلة الأوضاع في المنطقة بدءاً من إثارة القلاقل وصولاً إلي إحداث فوضي عارمة ولا ينحصر اتباع إيران في المنطقة في حزب الله وجزء كبير من شيعة العراق، فهناك الحوثيون في اليمن والجبهة الإسلامية لتحرير البحرين من الشيعة الأصوليين، إضافة إلي العلاقات القوية بسوريا وحركة حماس،
وإذا كان البعد الإقليمي قد لاقي اهتماماً كبيراً في المخطط العام للردع اللامتماثل فإن هناك نشاطاً مكثفاً لانتشار خلايا إيرانية في أماكن متفرقة من العالم وتدعي تقارير المخابرات الأمريكية وجود تعاون إيراني مع منظمات مناهضة علي اختلاف توجهاتها الأيديولوجية في أوروبا وأمريكا اللاتينية إلي حد وجود قاعدة لفيلق القدس في جزيرة مارجريت في فنزويلا وتتلاقي الادعاءات الأمريكية مع تهديد خامنئي للمصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم بإيقاظ الخلايا النائمة إذا تعرضت بلاده للهجوم.
المحور الثاني: إنشاء قاعدة قوية لتصنيع السلاح والاهتمام بنوعية الأسلحة التي تحقق أهداف المشروع الإيراني لبناء قوة إقليمية وقد ظهر هذا جلياً في الطفرة التي تمت في مجال الصواريخ الباليستية التي تمثل أداة ردع رئيسية في القوة العسكرية الإيرانية، بالإضافة إلي صناعة متقدمة جداً في مجال الألغام البحرية وبناء قطع بحرية متفاوتة الأحجام والاهتمام بعدد ضخم من الزوارق الصغيرة لتستخدم كطوربيدات بشرية انتحارية، إضافة إلي صواريخ أرض / بحر، وبحر / بحر لضمان موقف قوي ومسيطر في الخليج.
المحور الثالث: إعداد قوات برية وبحرية ذات طبيعة استشهادية يمكن من خلالها تحريك موجات كثيفة ومتتالية في اتجاهات مؤثرة دون التفات للخسائر البشرية مما يشكل تهديداً خطيراً لأوضاع القوات المعادية الأرضية، ولاسيما أن الرغبة في الاستشهاد عند هذه القوات الإيرانية مكون أساسي في جوهر الاعتقاد وليست نوعاً من الشحن المعنوي أو الإحماء النفسي للقتال فهؤلاء الاستشهاديون يحلمون باختصار الطريق إلي الجنة مما يعني ضراوة مواجهتهم وانتفاء إمكانية استخدام أساليب الحرب النفسية ضدهم والسيطرة ميدانياً علي تقدمهم مهما بلغت الخسائر بينهم.
ثم تكلم عن كيف سيكون الرد الايراني على الضربة المتوقعة:
١- إغلاق مضيق هرمز بإغراق قطعة أو أكثر من ناقلات البترول في المضيق، وتعطيل الملاحة فيه تماماً وتلغيمه وتهديد متواصل بالصواريخ.
٢- محاولة ضرب قطعة بحرية أمريكية من حاملات الطائرات التي من المنتظر أن يصل عددها إلي ثلاث وقت بدء العملية لإحداث تأثير إعلامي دولي يهز هيبة الولايات المتحدة ويضعف معنويات جنودها.
٣- ضربات متفرقة بالصواريخ الباليستية علي القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج والعراق.
٤- هجوم بري كثيف واحتلال جنوب العراق لقطع الإمدادات عن القوات الأمريكية في الشمال وحصارها وعزلها استعداداً لمرحلة تالية إن أمكن هذا.
٥- تحريك العناصر الموالية في المنطقة للضغط علي الحكومات وبناء رأي عام ضاغط أيضاً لتقليل إمكانية الدعم اللوجيستي لأمريكا ومحاولة إرباكها بفوضي تعم الإقليم.
٦- إيقاظ الخلايا النائمة في أنحاء متفرقة من العالم وفي داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وقيامها بمهاجمة المصالح الأمريكية والأهداف الحيوية.
٧- ضرب آبار البترول في المنطقة لوقف ضخه بالوسائل المختلفة من كامل الإقليم مما يشكل رأي عام دولياً ضاغطاً وإن كان العالم قادراً علي تحمل الأزمة بتروليا في حالة اشتعالها إذا نجحت الضربة في تحقيق أهدافها سريعاً.
و لكل نقطة من هذه النقاط وقفات طويلة تحتاج منا إلى البحث و المناقشة و لكن سوف يقتصر بحثنا بمشيئة الله على ثلاث نقاط فيما يتعلق بالاستعدادات الإيرانية:
1- الإعلام
2- العمل الاستخبارات
3- البنية العسكرية الايرانية التقليدية و الغير تقليدية
1- الاعلام
لا تستغرب يا اخي اذا جعلنا الاعلام أول وسائل الاستعداد للحرب فضلا عن استغرابك لذكره في هذا الخصوص أيضا! و الحقيقة انه لا عجب في ذلك فالاعلام من اهم وسائل التوجيه سواء في السلم أو الحرب.
ان الاعلام اليوم يخضع لاستخدامات تفوق الحصر، فهو أداة للتنمية و اداة لصراع العقائد و المصالح و وسيلة للدعاية و الحرب النفسية و العلاقات العامة و الاعلان و كما انه اداة للتحول الديمقراطي فهو في الوقت ذاته اداه في يد الديكتاتورية و التسلطية انه دائما سلاح ذو حدين هو في احدهما اعلام عن الحقائق التي تتصف بالصدق و الدقة الموضوعية و في ثانيهما اداة للتضليل و التزييف و التعمية. هكذا تناول الدكتور/تيسير أبو عرجة وظائف الاعلام المتعددة و قال في موضع أخر "و نحن في هذه المنطقة من العالم عشنا و ما نزال فصولا كثيرة من الحرب النفسية ذات الصلة الوثيقة بالحروب الفعلية التي عايشناها و ذقنا مرارتها و يشرف على هذه الحرب النفسية عادة خبراء الدعاية و الاعلام الذين يجيدون لغة الاعلام و تأثيراته و قواعد علم النفس الاجتماعي ناهيك عن فهم الاهداف التي تسعى هذه الحرب لتحقيقها مع التذكير بأن الحرب النفسية تتصل مباشرة بمحاولات التدخل الاجنبي في شؤون الاخرين سواء من خلال الغزو العسكري المباشر أو اشكال الهيمنة الاخرى"
لقد أجادت ايران الحديثة استخدام الورقة الاعلامية و تمكنت منذ اليوم الاول لولادتها و حتى قبل ان تولد ان تلفت الانتباه اليها و تجذب اليها جموع المسلمين بمثابة مغناطيس اسلامي يلعب على عواطف و مشاعر عموم المسلمين لأن ينضموا لصفها، لقد ارادت جمهورية ايران الاسلامية ان يحقق لها الاعلام عدة اهداف الاول هو اظهارها بمثابة المدافع عن المسلمين و الحامي لهم و من ثم يضمن ذلك تعاطف المسلمين معها و الثاني القدح في كل الانظمة العربية المحيطة بها حتى اذا قررت شيئا ما تنصل العرب عن قياداتهم و بالتالي يتحقق مبدأ العبيد لا ينتصرون فتنتصر ايران اذا حدثت مواجهة ما مع دول الجوار، اذا يمكنا القول ان الكلام السابق يمكن تطبيقه حرفيا على ايران.
لو عدنا قليلا بالتاريخ للوراء سنجد ان الثورة الاسلامية قد تم الاعداد لها اعلاميا بكل دقة و حرفية، لقد سلط الاعلام الغربي الضوء على قائد الثورة الخميني و اظهرته على انه ثائر مسلم و مصلح هب لنجدة المسلمين و نصرتهم فأخذت هذه الوسائل تتبع خطوات الرجل منذ معاداته العلنية للشاه ثم صدور حكم الاعدام عليه ثم العفو عنه و ايداعه في المنفى فتم استقباله في النجف بعد ان رفضت باكستان استقباله و توجهه لتركيا غير انه لم يسترح هناك فوجد في النجف قاعدة للانطلاق و وجد ابواقا تنشر كلماته النارية عن الثورة و تحرير الاراضي المغتصبة و مقارعة الشيطان الاكبر و الاصغر ثم طرده من العراق و رفض الكويت استقباله فاستقبلته فرنسا و وفرت له خط تليفون مباشر ليتحاور مع انصاره في ايران يقول جرهارد كونسلمان ......... و استطاع الخوميني دون ان تستطيع السافاك منعه شتم الشاه و سبه بالكلب الاجرب و استطاع دون خوف من عقاب و من خلال وكالات الانباء و شبكات التلفزيون أن يسمع كلامه في العالم كله، بمطالبة الشيطان رضا بهلوي بالتخلي عن العرش.......
و لم تكن فرنسا المروج الوحيد لاسطورة الخميني فقد ساندت هيئة الاذاعة البريطانية الخميني بشدة و كانت تبث الدعوة لقلب نظام حكم الشاة بصورة مباشرة بالاضافة الى اذاعة بياناته و خطبه و محاضراته لتحريض الشعب ضد محمد رضا (امال السبكي)
الغريب ان وكالات الانباء العالمية لم تخرج لتصفه بالارهابي الذي يقارع الحكام الشرعيين و الذي يدعو لمحاربة و القضاء على امريكا و اسرائيل بل وجد له الابواق الاعلامية التي يتكلم فيها و يقول ما يشاء ان هذا يدل ان وراء الاكمة ما وراءها و ما هي الا سنوات قليلة حتى اتضحت الاهداف الخفية وراء ذلك.
و بعد قيام الثورة و نجاحها و نقل عودته الى ايران على متن الطائرة الفرنسية لم تتوقف وسائل الاعلام عن نقل خطبه فحسب بل نقلت حياته الشخصية و زهده و تقواه و لين حديثه مع من يزوره و ذلك لاكمال الصورة للرجل الاسطورة الذي يقود المسلمين في هذا العصر و بالفعل تأثر المسلمون كثيرا بهذا الفخ و وقعوا فيه وقوع الفراش في النار و تناولت مجلات مثل الرائد و المجلة في هذه الايام عظمة و روعة هذا القائد الجديد الذي يعادل عمرو بن العاص و صلاح الدين.
هذا الجانب اردت ان اعرضه عليكم لأبين لكم اللعبة الاعلامية كيف تصنع الثورات و تصنع الابطال و كيف ترفع اناسا و تضع أخرين و كيف يسقط في فخها الشخص البسيط الذي يتعامل بعواطفه و حواسه لا بعقله.
و ما اشبه اليوم بالبارحة فها هي ذا هالات التعظيم و التبجيل تتنزل على أحمدي نجاد و تنقل وسائل الاعلام بقصد أو عمد لحياة الرجل و زهده و تقواه و كيف انه ينام على الارض و منع السجاد الفاخر في قصره و انه يكنس الشوارع بنفسه و هو مع ذلك قوي مع الاعداء و شديد و يهددهم و يتوعدهم فترتسم صورة في ذهن الناس و تقارن بينه و بين حكامهم فيستحقرونهم امام تبجيلهم لتواضع هذا الرجل و قوته و شدته على الاعداء دفاعا عن الاسلام و المسلمين و بالطبع لو قلت لأحدهم تمهل ان هذا المتواضع قال انه لا مانع لديه من حيث المبدأ اذا ما أراد المخرج الامريكي أوليفر ستون تقديم فيلم عنه (جريدة المصري اليوم) و اذا ما قلت لاحدهم تمهل ان هذا المدافع عن الاسلام و المسلمين قال ان الرسوم المسيئة للرسول و التي نشرتها صحيفة نيركيس اليهنيدا السويدية لم تؤثر على العلاقات بين استوكهولم و طهران (المرجع السابق) لوجدت عبارات التخوين من نصيبك فضلا عن اتهامك في دينك.
و كما أن الاعلام الايراني يتعامل بمبدأ الجزرة فهو يتعامل ايضا بمبدأ العصا فهناك العشرات من التهديدات الموجهة لامريكا و اسرائيل و التعهد بضرب مصالحهما أنى كانت و بالطبع الخليج من أول هذه المصالح و من هذه التهديدات توعد قيادي بالحرس الثوري الايراني اعداء ايران بجحيم في الخليج اذا هاجموها (الاخبار المصرية)
اذا اجادت ايران لعبة الاعلام قديما مثال ذلك كما اشرنا ولادة خميني و ثورته و مثال أخر لن نخوض فيه بل نذكره فقط الا و هو احتلال السفارة الامريكية فالكل يعرفها، و تذكرني هذه القصة الى حدو بعيد بقصة البحارة البريطانيين الذين القت البحرية الايرانية القبض عليهم و لن أذكركم بتفاصيل القضية و لكن أعرض عليكم تفاصيل الافراج عنهم حيث "
بدأت الحكومة الايرانية اعمالها الرسمية للعام الايراني الجديد أمس بمفاجأة تلفزيونية للدول الغربية باعلانها اطلاق سراح البحارة البريطانيين الـ15 الذين احتجزتهم منذ 23 مارس (اذار) الماضي. وبعد خطاب طال اكثر من نصف ساعة ركز على انتقاد الولايات المتحدة وبريطانيا، اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد: «على الرغم من حقنا في محاكمة البحارة، ايران تسامح هؤلاء البحارة الخمسة عشر وتعطيهم حريتهم كهدية للشعب البريطاني».
واستقبل أحمدي نجاد الجنود البريطانيين بعد خطابه. وبعد ثلاث ساعات من اعلان احمدي نجاد، ظهر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وبجواره وزيرة خارجيته مارغريت بيكيت ليعبر عن ترحيبه بخبر اطلاق سراح البحارة، ووجه بلير كلاماً للشعب الايراني بهذه المناسبة، قائلاً: «نرغب في حل خلافاتنا مع حكومتكم سلميا ولا نضمر لكم سوء النية». وعلمت لندن بنبأ إطلاق البحارة تلفزيونيا." الشرق الاوسط
من ضمن الانجازات الاعلامية ايضا هو تمكن ايران من زرع ابواق في عالمنا العربي و الاسلامي يدافع عن ايران بكل ما أوتي من قوة بعضهم قوميون و بعضهم اسلاميون و كما قلت لكم مرات عديدة انه ثمة تناقضات في نظامنا الرسمي و المعارض القومي و الاسلامي و من ضمن هؤلاء اشخاص و أنا أذكربعضهم هنا و و الله لا اتهمهم بخيانة أو عمالة لايران لاني لا أملك دليل على ذلك و الله مطلع علي و لكن من باب حسن الظن نصفهم بانهم مخدوعين و هذه امثلة على ما أقول:
د/ محمد حبيب نائب المرشد العام للاخوان المسلمين يقول ان من حق ايران التجاوز في دورها في المنطقة العربية و جاء ذلك ردا على سؤال في برنامج بلا حدود في قناة الجزيرة بتاريخ 15/8/2007 يقول السؤال ترون الدور الإيراني تجاوز من قبل إيران في المنطقة العربية أم أنه حق طبيعي ومشروع؟ فاجاب هو الدور الإيراني حق ومشروع وهو ربما يدعو إلى القلق ولكن قلق مقدور عليه، لكن الدور الأميركي دور مخيف ويجب أن يواجه بكل حسم وبكل نشاط وفاعلية( انتهى) طبعا رد مثل هذا من شخصية مثل هذه يدل عن عدم وعي سياسي بالمخططات الفعلية لايران و تهوين من شأنها.
أنيس النقاش - برنامج الاتجاه المعاكس 29-8-2006 يستكثر على الدول العربية ان تشتري اسلحة لمواجهة اعدائها بل و يصف ذلك استجابة للضغوط الامريكية و الاوربية لمحاربة ايران و يدعو الى عمل حلف مع ايران و هذا نص كلامه (خطورة هذه الصفقة أنه بعد أن انتهت حروب إقليمية في منطقة الخليج مستمرة في العراق ظهرت مسألة القرار الأميركي الخروج من العراق، هذا ليس كلامي كلام كل الخبراء الإستراتيجيين الأميركيين أن اليوم هناك قرار بالخروج من العراق هذا سيعطي ماذا؟ فراغ إستراتيجي في المنطقة يؤدي إلى أن ما كانت تحمله أميركيا كمسؤولية عسكرية في المنطقة لن يكون موجوداً في المستقبل وبالتالي بدأت الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها يقول من يعبيء هذا الفراغ؟ عليكم أن تتسلحوا، هناك خطر إيراني.. بادرت إيران بادرنا أنا تحدثت في هذه الحلقات وفي حلقات أخرى، علينا فوراً أن نسرع لإقامة منظومة أمنية إقليمية بين الدول الإسلامية، عندما تخرج أميركا إلى جهنم لتخرج من هنا لا يجب أن يكون هناك فراغ، لا يجب أن تخاف دولة من دولة أخرى، نؤمن حدودنا، نقول ليس هناك تغيرات حدودية بتاتاً، تبقى الأنظمة كما هي، نذهب جميعاً من أجل التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ونحافظ على أمننا بمنطق مقبول في هذه المنطقة، الذي يحصل اليوم أنه العكس من لبنان مروراً بالسعودية ومصر والمواقف ما أشاهده اليوم ليس فقط شراء صفقة وليس شراء أسلحة، ما أشاهده اليوم أن هناك محور يتركب بعد الفراغ الأميركي هو أشبه بالمهمة التي أوكلت إلى الشاه بعد الانسحاب البريطاني من الخليج، عندما انسحبت بريطانيا من الخليج أصبح هناك فراغ عسكري وأمني، إلى من أوكلت هذه المهمة؟ أوكلت إلى شاه إيران الذي أيضاً أغرق بلاده بصفقات الأسلحة الكبيرة وشاهدنا ما حصل به)
يمكن القول ان هؤلاء و امثالهم يروجون لايران سياسيا و هناك من يروج لها دينيا و المثال على ذلك أ. محمد سليم العوا الامين العام لهيئة العلماء المسلمين ففي برنامج الشريعة و الحياه على قناة الجزيرة بتاريخ 13/8/2006 يقول (كنت أقول لك ولا زال أقول إن السياسة تفسد ما يبنيه أهل الفكر وأهل الفقه وأهل الدين، السياسة الإيرانية قد يكون لها أطماع في العراق وفي غير العراق ولكن علماء إيران وفقهاء إيران والمراجع الدينية الشيعية في العراق وفي إيران في وادي وآخر وينبغي أن يكون جهدهم كله موجه إلى الحيلولة بين العمل السياسي وبين إفساد العلاقة السنية الشيعية، ما قاله أخونا العزيز العلامة الشيخ الحارث الضاري وهو بالمناسبة عضو معنا في اتحاد علماء المسلمين.. عضو فاعل ومؤثر، ما قاله قد يكون منطبقا على الواقع السياسي اليوم في العراق، لكن هذا الواقع السياسي ليس إفرازا للتشييع والتسنن، هذا إفراز لعلاقة تاريخية قديمة بين العراق وإيران، علاقة تاريخية قبل أن تأني الثورة الإسلامية من أيام الشاة ومن قبله ومن أيام أبوه قبل أن يأتي صدام حسين، هذه علاقة قديمة تتوارثها الحكومات لأن المصالح السياسية والأطماع السياسية بين قوسين لا تتعلق بالفكرة المذهبية أو العقيدية التي تحكم العمل السياسي، أنا أدعو إلى أن يقوم العلماء بدورهم في إزالة الجفوة بين الفرقتين الكبيرتين من أهل الإسلام.. بين السنة والشيعة وأن تتركنا السياسة في حالنا) كلام واضح لا يحتاج لتعليق
و أخيرا نعرض لتقرير نشتره بي بي سي العربية عن ايران و اجتزئنا منه الشق الاعلامي
تعتبر وسائل الإعلام الداخلية التي تسيطر عليها الدولة مسرحا تتم فيه تصفية الحسابات في الصراع على النفوذ والسلطة الدائر بين أجنحة النظام في إيران.
يرى أغلب المحللين أن حرية الإعلام النسبية مكسب حقيقي للسياسة الإصلاحية لحكومة الرئيس خاتمي، و لهذا السبب أصبح الإعلام الهدف الأساسي للمحافظين في صراعهم مع الإصلاحيين.
وتجدر الإشارة إلى أن الصحافة المكتوبة في إيران تتمتع بقدر أكبر من الحرية مقارنة بالإذاعة والتلفزيون.
الصحف ووكالات الانباء
وكالة انباء الجمهورية الاسلامية
وكالة انباء الطلبة المسلمين
منعت في إيران العديد من الصحف ذات الميول الإصلاحية، وأودع عدد من الصحافيين السجن منذ أبريل/ نيسان 2000. كما اتهم أنصار التيار الإصلاحي المحافظين الذين يسيطرون على النظام القضائي بتقديم تنازلات للمتشددين.
تعتبر صحيفتا "إطلاعات" و"كيهان" من أهم الصحف في إيران، ولبعض الصحف الإيرانية مواقع على الإنترنت، ومن بين هذه الصحف "إيران نيوز" بالإنجليزية و "إيران ديلي" و"طهران تايمز" بالإنجليزية و"الوفاق" بالعربية.
الإذاعة والتلفزيون
شهدت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية بعض التغيرات ولكنها تظل خاضعة لقيود أكثر من الصحافة المطبوعة.
فرضت إيران حظراً على أجهزة استقبال القنوات الفضائية في عام 1995، لكن الحظر يطبق بدرجات متفاوتة ، بحيث يتم التسامح مع الأطباق اللاقطة إلى حد ما.
ويقال إن القنوات التلفزيونية الفضائية التي يديرها منفيون إيرانيون في الولايات المتحدة قد لعبت دورا في الاحتجاجات الطلابية التي شهدتها البلاد عام 2003.
ويتمتع التلفزيون بشعبية كبيرة في إيران؛ فأكثر من 80 بالمئة من السكان يشاهدون التلفزيون.
وأكثر القنوات شعبية هي القناة الحكومية الثالثة، قناة الشباب.
وتبث الإذاعة الإيرانية الرئيسية على مدار الـ24 ساعة في اليوم. وهناك قناة ثانية تغطي ضمن برامجها أعمال البرلمان. وتبث إذاعة القرآن الكريم برامج دينية ومن بينها تلاوة وتفسير القرآن الكريم.
تملك مؤسسة الإذاعة في جمهورية إيران الإسلامية ست شبكات مركزية تغطي نشاطات وأعمال الحكومة وتقدم البرامج الدينية وتبث بعض البرامج والأفلام. وتوجد عدة قنوات إقليمية متخصصة في مجال العلوم والأفلام والرياضة والرسوم المتحركة والأخبار المحلية.
وما زالت إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في إيران عاكفة فيالسنوات الأخيرة على توسيع نطاق خدماتها، بحيث تقوم بإضافة أقسام جديدة بلغات أجنبية، وبرامج وبث إذاعي عبر الانترنت.
ويقوم العديد من الإذاعات الدولية ببث برامج إلى إيران. ومن بين هذه الإذاعات "راديو فردا" (راديو الغد)، وهي إذاعة تتلقى دعما من واشنطن تركز على البرامج الترفيهية وتستهدف الشباب. انتهى
و طبعا الاعلام الموجه للايرانيين يختلف كليا عن الاعلام الموجه للعرب في الطرح و التوجيه، و طبعا لعبت الفضائيات دورا هاما في اكمال اللعبة العلامية الايرانية و تبث حاليا قنوات ايرانية باللغة العربية و هي العالم و سحر و الكوثر هذا ناهيك عن الفقرة العربية في القنوات الارضية التي تغطي بعض الدول المحيطة بايران و كذلك البث الاذاعي مثل صوت الثورة الاسلامية في ايران و صوت القدس - أظنها أغلقت - و غيرها
طبعا الاذاعات الايرانية الموجهة للعرب فيها ما فيها من الاثارة و التشجيع على الثورة و الخروج على الانظمة و لقد سمعت بأذني في حقبة التسعينات عندما كانت تعصف العمليات الارهابية في شوارع القاهرة سمعت الفقرة العربية في الاذاعة الايرانية تبارك العملية و تصف منفذيها بالثوار الذين يريدون زرع بذور الثورة الاسلامية و كذلك تقوم بترجمة خطب الخميني و عرضها للغرض نفسه-------------------المراجع
تيسير ابو عرجة - دراسات في الصحافة و الاعلام - 2000 - دار مجدلاوي للنشر و التوزيع - الاردن
جرهارد كونسلمان - سطوع نجم الشيعة (الثورة الايرانية من 1979-1989) - 1993- ترجمة احمد ابو رحمة - مكتبة مدبولي القاهرة
امال السبكي - تاريخ ايران السياسي - 1999 - سلسلة عالم المعرفة - الكويت
المصري اليوم 30 أغسطس 2007
الاخبار المصرية 21/8/2007
الشرق الاوسط - 5 ابريل 2007
ارشيف قناة الجزيرة على الانترنت
بي بي سي ارابيك اخر تعديل الاثنين 4-8-2003
2- المخابرات الايرانية:
حين اتحدث عن هذه النقطة لا أعني ادق التفاصيل عن المخابرات الايرانيه و هيكلها و طبيعة عملها أو غير ذلك لان CIA نفسه لا يعرف مثل هذه الامور - على فرض ان العداء حقيقي - و لكني اعني هنا افراز هذا العمل المخابراتي و نتائجه على عالمنا العربي و كذلك لن أتطرق كثيرا للعمليات الاستخباراتية الايرانية في اوروبا حيث ان هذا الامر لا يعنينا بالاساس، و قبل ان نبدأ نحب ان نشير الى الاهداف الاساسية للسياسة الايرانية و ذلك لتفهم الاليات التي يتم تنفيذ هذه السياسات بها:تصدير الثورة الايرانية لدول الجوار يأتي على اول الاولويات و هذا بات جليا منذ اليوم الاول لانطلاق ثورة الخميني و عملت ايران منذ ذلك اليوم على كسب تعاطف العالم الاسلامي بكلمات رقيقة تدغدغ القلوب و تحرك المشاعر و استخدمت في ذلك الة اعلامية ضخمة عملت لها كأبواق لاحداث هذا التعاطف و هذا يعتبر بمثابة الجزرة و قد تناولنا ذلك في الموضوع السابق، و لكن هناك ايضا عصا ايرانية بجوار جزرتها تتمثل في التهديد و الوعيد و اظهار نفسها على انها بيدها ان تزيل حكومات الجوار من مقاعدهم باشارة باصبعها، الا انها و قبل هذه المرحلة فكرت في كيفية السيطرة و الهيمنة و اظهار نفسها كانها القائد الفعلى للدول الاسلامية و بالطبع لن يتأتى ذلك الا وفق مؤسسات تكون هي المسيطرة عليها، المهم و قبل البدء في خطوة الضرب تحت الحزام نشير الى مثال بسيط جدا لمخططات ايران الحقيقية و تم ذلك في الندوة السياسية لعلماء الدين في ايران خلال الفترة من 7 الى 12 /7/1984 و قد حضر هذه الندوة قادة ايران مثل منتظري نائب الخميني و خامنئى رئيس الجمهورية و مشكيني و رفسنجاني و غيرهم و مما أضفى على هذه الندوة اهمية انها كانت تسبق موسم الحج لعام 1404 هـ و كذلك التعاهد على عدم اعلان نتائج الندوة و جعلها سرية، المهم الندوة تمخضت عن مجموعة من النقاط:
1- فكرة العمل على تغيير المفاهيم الخاصة بالحج
2- فكرة الدعوة الى تغيير اسلوب ادارة الحرميين الشريفيين
3- فكرة الدعوة الى انشاء مجمع فقهي علمي
4- الدعوة الى انشاء مصرف اسلامي دولي
5- فكرة التمهيد لوضع دستور اسلامي مشترك
6- فكرة انشاء وكالة انباء اسلامية
7- فكرة العمل على تحقيق اهداف الثورة الاسلامية
يقول الدكتور محمد السعيد عبد المؤمن "و بنظرة واعية الى الافكار التي طرحها زعماء النظام الايراني في هذه الندوة يمكن ان ندرك ان عددا من هذه الافكار قد طرح للاستهلاك الاعلامي و التمويه على النقاط الاساسية التي تعتبر اهدافا اصلية للنظام، فالفكرة الاولى المتعلقة بتغيير مفاهيم الحج و الثانية المتعلقة بتغيير اسلوب ادارة الحرميين الشريفيين و السابعة المتعلقة بالعمل على تحقيق اهداف الثورة الاسلامية هي جوهر النقاش في هذه الندوة، اما النقاط الاخرى فهي افكار تثار بين الحين و الحين على مستوى المفكرين الاسلاميين و قد ثار الجدل حولها مرارا لذلك فان زعماء النظام الايراني قد اضافوها الى نقاط بحثهم دون ان يقدموا فيه جديد واضحا مما يؤكد انها لم تطرح لذاتها و انما للتغطية على حقيقة اهداف هذه الندوة" انتهى
تعتبر مثل هذه الافكار بمثابة مرحلة اخرى من مراحل محاولات السيطرة الايرانية على المنطقة بما تحويه من مقدسات اسلامية تهفو اليها قلوب المسلمين في العالم، و لكن فيما يبدو بدا امام ناظري السياسي الايراني ان هذه الامور لن تؤتي أكلها فبدأت تفكر في استخدام القوة و عملت على ان يبدو دورها في ذلك خفي و غير ظاهر للعيان و ذلك عن طريق احداث القلاقل و الاضطرابات في الدول المستهدفة بحيث يكون ذلك نواة للثورة التي تريد ايران تصديرها، أي ان ايران تريد خلق ظروف مشابهة لتلك الظروف المواكبة لقيام ثورتها في ايران و نقلها الى دول الجوار، فهل تعتقد ان هذا يمكن ان يتحقق بدون تخطيط محكم و بدون جهاز مخابراتي على أعلى مستوى؟ و لعل كان من نتاج ذلك حدوث سلسلة من التفجيرات في دول عربية مجاورة و اختطاف طائرات و محاولات لاغتيال حكام و هذه الامور معروفة مشهورة، و لا يخفى عليكم بالطبع احداث الحرم و كيف تم التوجيه و الشحذ المعنوي بوسائل الاعلام الايرانية حيث انه تم اختيار الحجاج من بين المفجوعين من اسر قتلى الحرب مع العراق او الجنود المصابيين و كان رئيس البعثة الحج هو مهدي كروبي و هو من رفقاء الخميني المتشددين الثوريين و الذي له قدرة كبيرة على الحتكاك بالجماهير و التأثير عليهم و منع الخميني في هذا العام من سفر كبار رجال الدولة للحج مع هذه البعثة و اقام ندوة للحجاج لمدة اسبوع يوجهونهم الى ما سيفعلونه بالضبط في هذا الحج و ان من يخالف هذا فهو أثم و طبعا طبيعة هؤلاء الحجاج المشحونة تجاه الدول العربية المساندة للعراق في حربه مع ايران لعبت دورا في هذه الاحداث التي حدثت ناهيك عن الدور الذي لعبه بعض رجال المخابرات المدسوسين
و لكن قبل هذا نعود بكم الى الوراء قليلا و نذكركم بسيناريو واينبرجر حيث اشار انه بسب عدم قدرة إيران على الوصول إلى الأجواء الأمريكية، فإنه ينبغي أن تفعل الخلايا السرية الإيرانية الموجودة في الولايات المتحدة منذ السبعينات للقيام بـواجبها المقدس في محاربة الشيطان الأكبر. يقوم شخص ما لبناني امريكي الجنسية و خريج كلية الاقتصاد في لندن و يعمل منذ سنوات في سوق المال بنيويورك بالتوجه بحقيبة صغيرة إلى مقر عمله في الصباح كالمعتاد. ولكنه هذه المرة يحمل في حقيبته بدلاً من أوراقه المعتادة وأرقام هواتف زبائنه متفجرة كيماوية شديدة الانفجار يخبئها بعناية في أرضية المبنى ثم يغادره على عجل.
و هذا يقودنا الى سؤال هل ايران لها خلايا نائمة تعمل في كل مكان و هل هذه الخلايا لها القدرة على احداث عمليات ما شبيهة بتلك التي نسبت الى ايران في دول الخليج و للاجابة على هذا السؤال يمكن ان ننظر الى تصريحات القادة الايرانيون بأنهم سيضربون بقوة البرق و في اي مكان ! مع الاخذ في الاعتبار ان السلاح الايراني لا يمكن ان يصل الى كل بقاع العالم فبهذا نستبعد فرضية ان تكون الضربة عسكرية و لكنها ضربة مخابراتية!!!!
و وفق التقارير الواردة فانه هناك نشاط مكثف للتنظيمات الموالية لايران في الدول العربية و الغربية فنقل لواء اركان حرب حسام سويلم انه تشير تقارير أجهزة المخابرات الغربية إلى أن المسئولين فى إيران قد اتخذوا منذ شهرين قراراً بإعادة تفعيل مشروع تصدير الثورة والإرهاب، واستخدامه كسلاح فى مواجهة المخططات الأمريكية وأن مرشد الثورة على خامنئى صدق على المخطط الاستراتيجى التنفيذى لهذا المشروع، ولكنه وضع فى الاعتبار تقارير وضعها مجلس الأمن القومى الإيرانى حذر فيها من بغية تجاوز خطوط حمراء فى المواجهة مع الولايات المتحدة حرصاً على عدم استفزازها لتسريع الضربة العسكرية الكبرى المتوقعة. وهذه الخطوط تشمل: عدم إغلاق مضيق هرمز، عدم تنفيذ عملية إرهابية ضخمة على وزن أحداث 11 سبتمبر 2001 يذهب ضحيتها أعداد كبيرة من الأمريكيين عسكريين ومدنيين، هذا بالإضافة لعدم فتح مواجهة جديدة مع إسرائيل فى لبنان بواسطة حزب الله.
و استطرد قائلا " و فى آخر المعلومات أن طهران أنجزت ثلاثة استحقاقات الأول، تنظيم القاعدة، والثانى، خاص بتنشيط الاتصالات مع تنظيمات عربية وغربية غير إسلامية تعارض السياسة الأمريكية، أما الاستحقاق الثالث، فهو يتعلق بإنشاء فيلق الخليج أو ما يطلق عليه حزب الله الخليجى" و اشار ايضا "صدر قرار إيرانى بتنشيط مكتب حركات التحرر، وإعداد خطة لمعاودة الاتصال بين مسئولى هذا المكتب والتنظيمات الإسلامية المتطرفة- سواء شيعية أو سنية- التى تدور فى فلك إيران، يدخل فى هذا الإطار حزب الله فى لبنان، وحزب الله الخاص بدول الخليج العربية، والمنظمات الفلسطينية المتشددة والرافضة الاعتراف بإسرائيل- ومنها حركة حماس والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية والجهاد، ومعظمها يقيم قادتها فى سوريا-، وأحزاب المعارضة الإسلامية المتواجدة فى الدول العربية مثل الإخوان المسلمين، والجماعات الإسلامية والجهادية وجبهة الإنقاذ فى الجزائر، بالإضافة للاستقطاب تنظيم القاعدة وفروعه التى برزت فى السنوات الأخيرة فى بلدان الشرق الأوسط، لاسيما فى بلدان الخليج وجنوب آسيا وآسيا الوسطى"
و وضح كذلك "أنه فى إطار الاستراتيجية الإيرانية الجديدة لتصدير الثورة إلى دول الخليج العربية، إعادة تنشيط حزب الله الخليجى - وتطلق عليه بعض التقارير فيلق الخليج - وهو أحد أفرع فيلق القدس، ومتخصص فقط بالعمليات فى بلدان الخليج العربية، وهو يضم أكثر من 1500 عنصر من المتطرفين فى هذه البلدان من الشيعة والسنة على السواء، ويتوزعون على كتائب باسم هذه الدول - مثل كتائب البحرين، وكتائب الكويت ... الخ - ويتم تدريب هذه العناصر وتنظيمها وتسليحها فى عدة معسكرات ودول من أجل إبعاد الشبهة عن إيران. ومن هذه المعسكرات تم رصد معسكر الهرمل فى شمال البقاع اللبنانى، ومعسكر الزيدانى فى سوريا، ومعسكر آخر بالقرب من الحدود السورية - العراقية، وثكنة الإمام على قرب طهران، ومعسكر فى منطقة ديالى بالعراق. هذا إلى جانب افتتاح أربعة معسكرات مؤخراً فى العراق لتدريب عناصر حزب الله الخليجى على العمليات الانتحارية وتفخيخ السيارات وحرب العصابات، إضافة إلى استخدام معسكرات جيش المهدى فى العراق بإشراف ضباط من فيلق القدس."
ثم تكلم بعد ذلك عن مخططها بالنسبة للكويت "وكانت تقارير أجهزة المخابرات والأمن الخليجية قد تحدثت عن عمليات تهريب سلاح كثيفة من إيران ليست قاصرة فقط على العراق لدعم العناصر الشيعية التابعة لها هناك، ولكن تستهدف أيضاً وتخفى مشروع فتنة يمتد إلى الكويت والبحرين بشكل خاص. فقد تبين أن السيطرة الإيرانية على جنوب العراق وتحديداً البصرة قد وقعت كلياً تحت هيمنة الأطراف المؤيدة لإيران - ونعنى بها المخابرات الإيرانية وفيلق القدس الذى يحتضن حزب الله الخليجى - وحيث باتت البصرة مشروعاً لجمهورية إسلامية على الطريقة الإيرانية، وتحولت إلى قاعدة خلفية للتمدد نحو الكويت وإثارة الاضطرابات فيها، خصوصاً بعدما كشفت التقارير أن جزيرة أم الرصاص قد أصبحت من أكبر معاقل استخبارات الحرس الثورى الإيرانى. ولا تقتصر خطة زعزعة استقرار الكويت على تهديد هذه الإمارة عبر الهجمات المتكررة على الحدود مع العراق وعمليات التفجير التى استهدفت الجدار الإلكترونى القائم بين البلدين، بل لقد أشارت التقارير إلى قيام المخابرات الإيرانية ببناء شبكات تهريب أسلحة إلى الكويت، وإلى تسلل عناصر مسلحة تابعة لإيران إلى داخل الكويت بالعشرات، فيما لوحظت أيضاً عملية تعبئة تحريضية لبعض الفئات الشيعية الكويتية المرتبطة بإيران."
و فيما يتعلق بالبحرين كذلك "ومن مظاهر تعزيز اختراق إيران للساحة البحرينية وتوسيع نفوذها هناك، ما ظهر من سلسلة تظاهرات وعمليات شغب وقعت فى النصف الثانى من العام الماضى، وذلك على خلفية اتهام السلطة بتجنيس الآلاف من العمال الأجانب العرب والهنود والباكستانيين لأسباب انتخابية ومذهبية ترفع من نسبة السكان غير الشيعة فى البحرين، سواء من المسلمين السنة أو غير المسلمين. وعلى الرغم من اعتراف المعارضة الشيعية بأن عدد هؤلاء المجنسين لم يتجاوز عشرة آلاف، وهو رقم لا يغير ما يقال عن الخلل أو الفارق فى التركيبة السكانية، إلا أن مسلسل التحريض الطائفى مازال يتفاعل بما يوحى بوجود مخططات تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار فى البحرين، وذلك بإثارة سلسلة تظاهرات جماهيرية حاشدة تحركها أصابع إيرانية تحت ذريعة الدعوة إلى إصلاحات دستورية وقانون انتخابى جديد ونزع صلاحيات مجلس الشورى الذى يعينه الملك، والإطاحة بمن تعتبرهم المعارضة الشيعية المتطرفة بـالحرس القديم الذى تحمله مسئولية عدم منح الشيعة حقوقهم." و هذا بخلاف شراء الاراضي
و ذكر التقرير ذاته ان هذا لا يقتصر على الدول العربية و انما الدول الاوروبية و الامريكية "تشير تقارير أجهزة المخابرات الأمريكية إلى أن مكتب حركات التحرر الذى يعمل فى إطار فيلق القدس وبإشراف المخابرات الإيرانية، قام بتنشيط اتصالاته مع حزب الله اللبنانى فى دعم الحركات اليسارية المتطرفة فى أمريكا اللاتينية وأوروبا، بل وداخل الولايات المتحدة نفسها استناداً إلى محور التحالف القائم بين كوبا (كاسترو) وفنزويلا (شافيز)، وإقامة خلايا لفيلق القدس توجد قاعدتها فى جزيرة مارجريتا فى فنزويلا وتشمل أيضاً بوليفيا ونيكاراجوا، وعدة دول أخرى فى أمريكا اللاتينية، هذا إلى جانب إعادة إحياء الخلايا الإيرانية فى أوروبا وتنسيق عملياتها مع التنظيمات اليسارية واليمينية المتطرفة المناهضة للأنظمة الحاكمة فى أوروبا. ومن هذه التنظيمات منظمة (إيتا) لتحرير الباسك فى أسبانيا، وكان من ثمار هذا التنسيق والتعاون عملية تفجير قطارات مدريد، وقد ثبت وجود علاقة بين (إيتا) ومكتب حركات التحرر فى إيران. كذلك حركة (17 نوفمبر) اليسارية فى اليونان، وكان من ثمار تعاون مكتب حركات التحرير الإيرانية مع هذه المنظمة قصف مقر السفارة الأمريكية فى أثينا بعد يوم واحد من عملية اعتقال الإيرانيين الخمسة فى أربيل. وكانت هذه الحركة قد شاركت فى التسعينيات فى عدة اجتماعات لمكتب حركات التحرير عقدت فى طهران."
بالرغم من عدم ايماننا بكل ما ورد بهذا التقرير خاصة فيما يتعلق بحماس و القاعدة و افغانستان و الصومال الا ان هذا التقرير ينسجم تماما مع ما سبق و اشاره واينبرجر في حربه المفترضة و بين لنا حجم الاستعدادات الايرانية لها.
و لم تسلم مصر من الكيد المخابراتي الايراني و تعتبر قضية الجاسوس المصري دبوس من اهم الامثلة على ذلك
و وفق ما اورده التقرير الاستراتيجي العربي ما أُعلن فى القاهرة يوم 7 ديسمبر 2004 من أن دبلوماسياً إيرانياً بالقاهرة يدعى محمد رضا دوست كان يعمل بمكتب رعاية المصالح الإيرانية، ويخطط بالتعاون مع شخص مصرى آخر يدعى محمد عبد الحق دبوس، كان يعمل مشرفاً إدارياً فى جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمدينة ضبا السعودية للإضرار بأمن مصر وبعلاقاتها مع السعودية، حيث إن نيابة أمن الدولة العليا كانت قد تلقت بلاغاً من هيئة الأمن القومى فى العام 2004 يفيد بقيام دبوس بجمع معلومات عن مصر وتقديمها لدوست الذى يعمل بدوره لحساب الحرس الثورى الإيرانى ويتلقى منه تعليمات بالتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية فى مصر والسعودية واغتيال شخصيات مهمة فى البلدين مقابل مبلغ مليون دولار، وهو ما اعترف به وأقره المتهم المصرى دبوس وفقاً لتحقيقات النيابة، التى اعترف خلالها أنه تقاضى مبلغ 150 ألف دولار نظير معلومات قدمها عن مصر، و10 آلاف دولار أخرى مقابل معلومات قدمها عن الوجود العسكرى الأجنبى فى السعودية، كما قدم معلومات لدوست ساعدته على تدبير الهجوم ضد موقع لصناعة الكيماويات فى مدينة ينبع السعودية خلال شهر مايو 2004، مما كان قد أسفر عن قتل خمسة مهندسين غربيين.
وفى يوم 24 يناير 2005، أحالت النيابة العامة المصرية قضية التخابر ضد مصر لصالح إيران إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، ووجهت تهمة التجسس والتخابر لحساب دولة أجنبية للمصرى محمد دبوس والإيرانى محمد دوست، فضلاً عن السعى لتنفيذ عمليات من شأنها الإضرار بالعلاقات السعودية المصرية، إلا أن النائب العام المصرى المستشار ماهر عبد الواحد لم يوجه فى عريضة الاتهام أية إساءة للحكومة الإيرانية، إذ لم يحملها مسئولية عملية التجسس، وإنما اتهم الحرس الثورى الذى يتمتع بقدر كبير من الاستقلالية عن حكومة خاتمى بالضلوع فى هذا الأمر، لاسيما أن الحرس الثورى يعد واحدا من ضمن مراكز القوى والنفوذ التى يسيطر عليها المحافظون الإيرانيون. والشىء ذاته أكد عليه السفير أحمد الغمراوى رئيس جمعية الصداقة المصرية الإيرانية، والذى عبر عن استنكار التيار الإصلاحى فى إيران لمثل هذا الحدث، مشيراً إلى أن الحرس الثورى الإيرانى يتعرض لهجوم شديد وانتقادات لاذعة داخل إيران نفسها.
و ذكرت الوطن السعودية كذلك أن المتهم المصري قام بتقديم معلومات أمنية عن مصر والسعودية للحرس الإيراني محمود عيد دبوس عن تورطه الأخير في التخطيط لمحاولة اغتيال شخصيات عامة في مصر. ووفقاً لهذه الاعترافات فقد استقر رأي الأطراف المتورطة على تنفيذ هذه العمليات على الطريق الدائري وتحديداً في أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس وذلك باستخدام ألغام ومواد متفجرة. وكان المتهم قد كُلف باختيار أفضل المواقع لتنفيذ الجريمة فقدم اقتراحين أولهما في مدينة شرم الشيخ وتحديداً في المسافة من خليج نعمة إلى المطار والآخر في أكاديمية الشرطة أثناء حفل تخريج طلابها. وأمام فشل المتهم في العثور على عناصر لتنفيذ جريمة الاغتيال, تقرر أن يقتصر دوره على الإشراف على المنفذين واستقبالهم حال وصولهم من خارج مصر وإيوائهم قبل وبعد العملية على أن يكون المقابل مليون دولار أمريكي!
وتبعاً للاعترافات ذاتها فقد طلب عنصر الحرس الإيراني محمد دوست أن تبدأ الرسائل التي يرسلها المتهم المصري دبوس بعبارة "باسمه تعالى والوردة الحمراء" وقد أثمرت هذه الرسائل عن الاستقرار على مكان تنفيذ العملية وهو أكاديمية الشرطة.
واستقر رأي الأطراف المشاركة في التخطيط على مجموعة من الشفرات الخاصة بأسماء الشخصيات والمؤسسات والدول ذات العلاقة بالعملية على النحو التالي: الرئيس "الوالد, أمريكا "المزرعة" أوروبا "المزارع الخضراء" رئيس الوزراء "العم" باقي الوزراء "أولاد العم", اليمن "الأبيار", السودان "وادي الأبنوس", العناصر المنفذة "البراعم", شرم الشيخ "الملاحة" أكاديمية الشرطة "مزرعة الدواجن"!
وكان المتهم المصري قد سافر لشرم الشيخ حيث استأجر دراجة شاطئية لمعاينة الموقع المختار قبل أن يستقر الرأي على أكاديمية الشرطة من جهة الطريق الدائري وذلك لاعتبارات عديدة أهمها وفقاً لما ورد في الاعترافات طبيعة الطريق الصحراوية, خلوه من المباني, ضعف الرقابة الأمنية, وسهولة الدخول إليه والخروج منه.
بالرغم من هذه الاعترافات التي اعترف بها دبوس الا انه في جلسة المحاكمة قال بأنه غير مذنب ورفض الاتهامات الموجهة إليه بالتجسس لحساب الحرس الثوري الايراني وقال إن الاستخبارات المصرية قامت بتعذيبه عندما كان قيد الاعتقال و وصف دبوس الاتهامات بأنها بمثابة إهانة للجمهورية الاسلامية الايرانية التي وصفها بأنها "المعقل الأخير للاسلام" (البي بي سي) هكذا دبوس يعترف بان ايران المعقل الاخير للاسلام بالرغم من انه نفي التهمة الموجهة اليه و انا لا أظن ان مصر لها مصلحة في افتعال القصة خاصة و انها لم تبادر باتهام الحكومة الارانية بعينها و انما تهمت عنصرا من عناصر الحرس الثوري و لو كانت مصر تقصد ايران لكانت ضخمت الموقف وقتها و كذلك القضاء المصري من المحال ان يتواطئ في مثل هذا الامر
---------------------------------------------------
المراجع
د/ محمد السعيد عبد المؤمن- الفقه السياسي في ايران و ابعاده- 1989- دار هجر للطباعة و النشر و التوزيع - مصر
لواء اركان حرب حسام سويلم- تصاعد الحرب غير المعلنة بين الولايات المتحدة و ايران- مختارات ايرانية العدد 80 مارس 2007- مركز الاهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية
التقرير الإستراتيجي العربي - 2 ـ إيران.. هيمنة المحافظين مجدداً 2004-2005 - مركز الاهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية
بي بي سي - مارس 2005 رابط .............. http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/worl...00/4386183.stm
الوطن السعودية 2 فبراير 2005
3- القدرات العسكرية الايرانية
تمهيد...
بعد تعرضنا للعنصرين السابقين و تلازمهما مع الاستعدادات العسكرية لا يمكن إلا أن نخلص بنتيجة ما أن ايران لها هدفا ما تريد تحقيقه، قد يكون هذا الهدف ماديا يتحقق على الأرض أو معنويا في الولاء و الاتجاه و لعل ايران لا يمكن ان تنسى الذي فعله فيها العرب بمساعدتهم العراق في حربها مع ايران، و لو أردنا الحديث عن القدرات الايرانية نريد أولا في عجالة مقتضبة ان نبين لكم الوضع العسكري الايراني المواكب لقيام الثورة الايرانية و اثناء و بعد حربها مع العراق.
يمكن وصف الوضع العسكري الايراني في الحقبة سالفة الذكر بأنه كان سيئا و ذلك لعدة اسباب يمكن اجمالها في التالي:
توقف الولايات المتحدة المورد الرئيسى للسلاح لإيران عن تزويدها بأي أسلحة أو ذخائر أو قطع غيار . طبعا ذلك مقارنة بما كان الوضع عليه قبل الثورة و إلا فإن امريكا كانت تزود ايران بالاسلحة سرا و لكن أمرها افتضح (جيت - كونترا).
التدخل الإيديولوجي والسياسي المستمر في شون القوات المسلحة النظامية بما في ذلك إنشاء طبقة جديدة من القادة الدينيين لهذه القوات . وبمجرد نشوب الحرب مع العراق زاد التدخل على كل المستويات الأمر الذي أدى إلى أخطاء تكتيكية وتعبوية وإستراتيجية .
التنافس المستمر على كل المستويات بين القوات النظامية وقوات الحرس الثوري الجديدة والمتصارعين على النفوذ حول الخومينى .
النقص الشديد في كوادر الضباط وضباط الصف بعد أن تم القضاء على حوالي 12000 منهم بعد سقوط الشاه حيث تحولت الثورة الى مقصلة تجز رقاب كل من تشك في امره الأمر الذي أدى إلى ضعف في سلسلة القيادة والسيطرة .
كان النظام الادارى ضعيف مما أدى إلى حرمان القوات المسلحة الإيرانية من استخدام ما لديها من مخزون من المعدات والأسلحة وقطع الغيار . وكان كل اعتماد القوات الإيرانية فى هذا المجال على مجموعات تكلف بالبحث والتنقيب عن المخازن وما بها من أسلحة ومعدات وقطع غيار فوجدت صعوبات بالغة لعدم وجود سجلات لهذه المواد وكان العمل يتم عشواثيأ .
إعتماد القوات الإيرانية قبل الحرب على أجانب فى مسائل التأمين الفني فى كثير من الأمور الحيوية مثل الصيانة والإصلاح والتدريب والتخطيط لذلك . . . إلخ والذين تركوا ايران بمجرد نشوب الثورة وسقوط الشاه الأمر الذي أثر كثيرا على الكفاءة الفنية والقتالية للقوات المسلحة
انحفاض مستوى الإحتراف بالنسبة للمهارات العسكرية بعد انهيار الكليات والمعاهد العسكرية التى كان قد أنشأها الشاه ليحل علها نظام أيديولوجى بحت
ارتفاع أعداد الهاربين من الخدمة العسكرية الذى وصل إل حوالى 60% من حجم الأفراد قبل يوليو 1980 رغم تمكن النظام الخومينى من تجنيد أعداد كبيرة لتحل محل الفارين
ومع مرور الوقت أثناء القتال خسرت القوات الإيرانية العديد من الضباط وضباط الصف المحترفين والمدربين ولم تتمكن وسائل التدريب والمنشآت التعليمية والتدريبية من إستعواض هذه الأعداد لأسباب كثيرة أهمها ما أصابها من تدمير بفعل الثورة.
حاولت إيران أن تعوض قدراتها العسكرية سواء أثناء الحرب أو بعدها فترى بعض المصادر أن إيران فقد قامت بشراء اسلحة من دول العالم المختلفة بما يعادل 8.405 مليار دولار تضمنت ما يعادل 240 مليون من الاتحاد السوفيتي ، 40 مليون من فرنسا ، 30 مليون من تشيكوسلوفاكا، 20 مليون من بولنده و غير ذلك مكن الدول في حين تصدرت الصين الشعبية قمة الدول التي اشترت منها ايران أسلحة بما يعادل 1.2 مليار دولار أمريكي.
و استعادت ايران شيئا فشيئا بعضا من قدراتها العسكرية حتى وصلت الى الوقت الراهن من التكدس في الاسلحة بغض النظر عن كفائتها و السؤال الذي يطرح نفسه لمن تشتري ايران هذه الاسلحة؟؟؟
القدرات البشرية المقاتلة:
و بنظرة على القدرات البشرية الحالية للجيش الايراني نجد أن قوات الجيش النظامية لجمهورية ايران الأسلامية و التي تعرف بالارتيش تتكون من قوات أرضية (برية)، قوات البحرية، القوات الجوية هذا ما يتعلق بالقوات النظامية اما بخصوص قوات الحرس الثوري الايراني يتكون أيضا من قوات برية و بحرية و قوات جوية، قوات فيلق القدس (للعمليات الخاصة) و قوات الباسيج (جيش التعبئة الشعبي) بالاضافة الى قوات تنفيذ النظام أو القانون.
فيما يخص بسن الخدمة العسكرية و الالزامية يتمثل في 18 سنة و ذلك للخدمة الالزامية و 16 سنة للتطوع، بالنسبة للجنود الاصغر من 9 سنوات تم تجنيدهم أثناء الحرب العراقية الايرانية لزيادة الكثافة الهجومية للقوات الايرانية.
بخصوص القوة البشرية المتاحة للخدمة العسكرية في ايران فتشمل حوالي 18.319.545 و ذلك للذكور من الفئة العمرية من 18-49 سنة، و تشمل على 17.541.037 للاناث في نفس الفئة العمرية (وفق احصاء 2005)
أما بخصوص القوة البشرية المستعدة و الجاهزة للخدمة العسكرية بالجيش حوالي 15.665.725 للذكور و 15.005.597 للاناث في نفس الفئة العمرية سابقة الاشارة اليها، و تجدر الاشارة الى أن القوة البشرية التي تصل الى الخدمة العسكرية سنويا (الوعاء التجنيدي السنوي) تتضمن 862.056 للذكور و 808.044 للاناث في الفئة العمرية ذاتها
بمقارنة ذلك مع الوضع في بداية حرب ايران مع العراق لنجد أنه في بداية الحرب 1980 كان عدد الرجال في سن الميسورية للخدمة العسكرية كان 8.6 مليون رجل و وصل الى 11.5 مليون في عام 1988 و كان الجاهزون و الصالحون للتجنيد 5.1 مليون في عام 1980 قفز الى 6.8 مليون في عام 1988 بينما كان الوعاء التجنيدي السنوي 0.383 و 0.54 مليون في عامي 1980 و 1988 على التوالي، لنجد من هذه المقارنة مدى التطور الذي حدث في القدرات البشرية الايرانية بالرغم من الخسائر الفادحة بين صفوف الايرانيين جراء الحرب مع العراق و التي بلغت الى ما يقرب من 730000 قتيل و 1200000 جريح و 45000 أسير.
أماكن تركز المنشئات العسكرية الايرانية:
يمكن القول أن ايران أصبحت مستودع أسلحة فلا تكاد تخلو محافظة أو قرية أو مدينة الا و فيها منشأة عسكرية، و يمكن تقسيم هذه المنشئات الى
1- قواعد الصواريخ
2- منشئات نووية بأختلاف مهامها
3- منشئات تصنيع الاسلحة الكيماوية
4- منشئات تصنيع الاسلحة البيولوجية
و يتباين توزيع هذه المنشئات من منطقة لمنطقة و هناك مناطق تتواجد فيها كل هذه الانواع، و تجدر الاشارة أن الجزر الاماراتية المحتلة لا تخلو بدورها من هذه المنشئات، و تعتبر طهران من أكثر المناطق تحصينا و أكثرها تركز لمثل هذه المنشئات و على هذا تتركز المنشئات في كلا من عابدان، جزر أبو موسى المحتلة، على اباد، أراك، بندر عباس، بوناب، بوشهر، كالوس، دامغان، دارخوفين، دورود، اصفهان، استقلال، فاسا، جامسار، جوستاريش، هاما، ايسلاكر، كاراج، خورام أباد، لافيزان، بارجيمالي، مقداد، منذريه، مشهد، ممعلم كاليش، ىيقا، خكر أمان، باريزان، بارشين، قاذفين، جزيرة قشم، سيد أباد، سيغاند، سلطان أباد، سارجي، سيمنان، شهريار، شيراز، سيمان، شهرود، شارجفاباد، جزية سرى، تابا، تاباس، تبريز، طهران، يزد و قد تعمدت أن أذكر هذه الاماكن لأن الحرب اذا قامت فعلا ستسمعون هذه المناطق كثيراً فاعتبروا هذا تدريب لكم على اسمائها.
و نعرض فيما يلي خرائط و صور لبعض هذه المناطق
مع ملاحظة أن الجمجمة و العظمتين تعني منشأة كيماوية، الدوائر الحمراء منشأة بيولوجية، المروحة السوداء مفاعل نووي أما الصاروخ فيعني موقع صاروخي
بعد تعرضنا للعنصرين السابقين و تلازمهما مع الاستعدادات العسكرية لا يمكن إلا أن نخلص بنتيجة ما أن ايران لها هدفا ما تريد تحقيقه، قد يكون هذا الهدف ماديا يتحقق على الأرض أو معنويا في الولاء و الاتجاه و لعل ايران لا يمكن ان تنسى الذي فعله فيها العرب بمساعدتهم العراق في حربها مع ايران، و لو أردنا الحديث عن القدرات الايرانية نريد أولا في عجالة مقتضبة ان نبين لكم الوضع العسكري الايراني المواكب لقيام الثورة الايرانية و اثناء و بعد حربها مع العراق.
يمكن وصف الوضع العسكري الايراني في الحقبة سالفة الذكر بأنه كان سيئا و ذلك لعدة اسباب يمكن اجمالها في التالي:
توقف الولايات المتحدة المورد الرئيسى للسلاح لإيران عن تزويدها بأي أسلحة أو ذخائر أو قطع غيار . طبعا ذلك مقارنة بما كان الوضع عليه قبل الثورة و إلا فإن امريكا كانت تزود ايران بالاسلحة سرا و لكن أمرها افتضح (جيت - كونترا).
التدخل الإيديولوجي والسياسي المستمر في شون القوات المسلحة النظامية بما في ذلك إنشاء طبقة جديدة من القادة الدينيين لهذه القوات . وبمجرد نشوب الحرب مع العراق زاد التدخل على كل المستويات الأمر الذي أدى إلى أخطاء تكتيكية وتعبوية وإستراتيجية .
التنافس المستمر على كل المستويات بين القوات النظامية وقوات الحرس الثوري الجديدة والمتصارعين على النفوذ حول الخومينى .
النقص الشديد في كوادر الضباط وضباط الصف بعد أن تم القضاء على حوالي 12000 منهم بعد سقوط الشاه حيث تحولت الثورة الى مقصلة تجز رقاب كل من تشك في امره الأمر الذي أدى إلى ضعف في سلسلة القيادة والسيطرة .
كان النظام الادارى ضعيف مما أدى إلى حرمان القوات المسلحة الإيرانية من استخدام ما لديها من مخزون من المعدات والأسلحة وقطع الغيار . وكان كل اعتماد القوات الإيرانية فى هذا المجال على مجموعات تكلف بالبحث والتنقيب عن المخازن وما بها من أسلحة ومعدات وقطع غيار فوجدت صعوبات بالغة لعدم وجود سجلات لهذه المواد وكان العمل يتم عشواثيأ .
إعتماد القوات الإيرانية قبل الحرب على أجانب فى مسائل التأمين الفني فى كثير من الأمور الحيوية مثل الصيانة والإصلاح والتدريب والتخطيط لذلك . . . إلخ والذين تركوا ايران بمجرد نشوب الثورة وسقوط الشاه الأمر الذي أثر كثيرا على الكفاءة الفنية والقتالية للقوات المسلحة
انحفاض مستوى الإحتراف بالنسبة للمهارات العسكرية بعد انهيار الكليات والمعاهد العسكرية التى كان قد أنشأها الشاه ليحل علها نظام أيديولوجى بحت
ارتفاع أعداد الهاربين من الخدمة العسكرية الذى وصل إل حوالى 60% من حجم الأفراد قبل يوليو 1980 رغم تمكن النظام الخومينى من تجنيد أعداد كبيرة لتحل محل الفارين
ومع مرور الوقت أثناء القتال خسرت القوات الإيرانية العديد من الضباط وضباط الصف المحترفين والمدربين ولم تتمكن وسائل التدريب والمنشآت التعليمية والتدريبية من إستعواض هذه الأعداد لأسباب كثيرة أهمها ما أصابها من تدمير بفعل الثورة.
حاولت إيران أن تعوض قدراتها العسكرية سواء أثناء الحرب أو بعدها فترى بعض المصادر أن إيران فقد قامت بشراء اسلحة من دول العالم المختلفة بما يعادل 8.405 مليار دولار تضمنت ما يعادل 240 مليون من الاتحاد السوفيتي ، 40 مليون من فرنسا ، 30 مليون من تشيكوسلوفاكا، 20 مليون من بولنده و غير ذلك مكن الدول في حين تصدرت الصين الشعبية قمة الدول التي اشترت منها ايران أسلحة بما يعادل 1.2 مليار دولار أمريكي.
و استعادت ايران شيئا فشيئا بعضا من قدراتها العسكرية حتى وصلت الى الوقت الراهن من التكدس في الاسلحة بغض النظر عن كفائتها و السؤال الذي يطرح نفسه لمن تشتري ايران هذه الاسلحة؟؟؟
القدرات البشرية المقاتلة:
و بنظرة على القدرات البشرية الحالية للجيش الايراني نجد أن قوات الجيش النظامية لجمهورية ايران الأسلامية و التي تعرف بالارتيش تتكون من قوات أرضية (برية)، قوات البحرية، القوات الجوية هذا ما يتعلق بالقوات النظامية اما بخصوص قوات الحرس الثوري الايراني يتكون أيضا من قوات برية و بحرية و قوات جوية، قوات فيلق القدس (للعمليات الخاصة) و قوات الباسيج (جيش التعبئة الشعبي) بالاضافة الى قوات تنفيذ النظام أو القانون.
فيما يخص بسن الخدمة العسكرية و الالزامية يتمثل في 18 سنة و ذلك للخدمة الالزامية و 16 سنة للتطوع، بالنسبة للجنود الاصغر من 9 سنوات تم تجنيدهم أثناء الحرب العراقية الايرانية لزيادة الكثافة الهجومية للقوات الايرانية.
بخصوص القوة البشرية المتاحة للخدمة العسكرية في ايران فتشمل حوالي 18.319.545 و ذلك للذكور من الفئة العمرية من 18-49 سنة، و تشمل على 17.541.037 للاناث في نفس الفئة العمرية (وفق احصاء 2005)
أما بخصوص القوة البشرية المستعدة و الجاهزة للخدمة العسكرية بالجيش حوالي 15.665.725 للذكور و 15.005.597 للاناث في نفس الفئة العمرية سابقة الاشارة اليها، و تجدر الاشارة الى أن القوة البشرية التي تصل الى الخدمة العسكرية سنويا (الوعاء التجنيدي السنوي) تتضمن 862.056 للذكور و 808.044 للاناث في الفئة العمرية ذاتها
بمقارنة ذلك مع الوضع في بداية حرب ايران مع العراق لنجد أنه في بداية الحرب 1980 كان عدد الرجال في سن الميسورية للخدمة العسكرية كان 8.6 مليون رجل و وصل الى 11.5 مليون في عام 1988 و كان الجاهزون و الصالحون للتجنيد 5.1 مليون في عام 1980 قفز الى 6.8 مليون في عام 1988 بينما كان الوعاء التجنيدي السنوي 0.383 و 0.54 مليون في عامي 1980 و 1988 على التوالي، لنجد من هذه المقارنة مدى التطور الذي حدث في القدرات البشرية الايرانية بالرغم من الخسائر الفادحة بين صفوف الايرانيين جراء الحرب مع العراق و التي بلغت الى ما يقرب من 730000 قتيل و 1200000 جريح و 45000 أسير.
أماكن تركز المنشئات العسكرية الايرانية:
يمكن القول أن ايران أصبحت مستودع أسلحة فلا تكاد تخلو محافظة أو قرية أو مدينة الا و فيها منشأة عسكرية، و يمكن تقسيم هذه المنشئات الى
1- قواعد الصواريخ
2- منشئات نووية بأختلاف مهامها
3- منشئات تصنيع الاسلحة الكيماوية
4- منشئات تصنيع الاسلحة البيولوجية
و يتباين توزيع هذه المنشئات من منطقة لمنطقة و هناك مناطق تتواجد فيها كل هذه الانواع، و تجدر الاشارة أن الجزر الاماراتية المحتلة لا تخلو بدورها من هذه المنشئات، و تعتبر طهران من أكثر المناطق تحصينا و أكثرها تركز لمثل هذه المنشئات و على هذا تتركز المنشئات في كلا من عابدان، جزر أبو موسى المحتلة، على اباد، أراك، بندر عباس، بوناب، بوشهر، كالوس، دامغان، دارخوفين، دورود، اصفهان، استقلال، فاسا، جامسار، جوستاريش، هاما، ايسلاكر، كاراج، خورام أباد، لافيزان، بارجيمالي، مقداد، منذريه، مشهد، ممعلم كاليش، ىيقا، خكر أمان، باريزان، بارشين، قاذفين، جزيرة قشم، سيد أباد، سيغاند، سلطان أباد، سارجي، سيمنان، شهريار، شيراز، سيمان، شهرود، شارجفاباد، جزية سرى، تابا، تاباس، تبريز، طهران، يزد و قد تعمدت أن أذكر هذه الاماكن لأن الحرب اذا قامت فعلا ستسمعون هذه المناطق كثيراً فاعتبروا هذا تدريب لكم على اسمائها.
و نعرض فيما يلي خرائط و صور لبعض هذه المناطق
مع ملاحظة أن الجمجمة و العظمتين تعني منشأة كيماوية، الدوائر الحمراء منشأة بيولوجية، المروحة السوداء مفاعل نووي أما الصاروخ فيعني موقع صاروخي
المواقع العسكرية الايرانية (لاحظ فيها كل المنشئات و الرادارات و غيرها)
الصواريخ
كيماوي و بيولجي
نووي
عبدان و بها قواعد صواريخ و مفاعلات نووية
علي اباد و بها قواعد اطلاق صواريخ
بندر عباس و بها قواعد صواريخ
بوناب و بها مفاعل نووي
موقع بوشهر
مفاعل بوشهر النووي
دامغان اسلحة كيميائية و بيولوجية
اصفهان و بها نووي و كيماوي و قواعد صواريخ
تحصينات قوية لطهران
رسم يوضح الاسلحة الايرانية
-----------------------------------------------------------------
قواعد عسكرية امريكية في المنطقة
=====
المراجع
http://www.fas.org/nuke/guide/iran/facility/index.html
https://www.cia.gov/library/publicat...ir.html#Issues
المشير عبد الحليم أبو غزالة .... الحرب العراقية الإيرانية .... غير مذكور الناشر- 1992
القدرات الصاروخية الإيرانية:
تذكرون أخواننا الاكارم عند سرد أحداث المعركة المرتقبة أن إيران ستطلق صاروخا محمل برأس نووي عندما تبدأ أمريكا في مهاجمة بعض المواقع العسكرية و الاستراتيجية الايرانية و أن هذا الصاروخ ستكون وجهته أوروبا و تحديدا قاعدة عسكرية في ايطاليا، بالطبع اثناء تأليف هذا الكتاب لم تكن ايران قد تمكنت من تصنيع صواريخ قادرة على اجتياز هذه المسافة أو أن تحمل رؤساً نووية و نحن نلاحظ أنه في حقبة الالفينات بدات ايران في الاعلان عن هذه القدرات و التي بدت متطورة بشكل كبير،
وقد ظهرت خلال العرض العسكري بمناسبة ذكرى اندلاع الحرب الايرانية عام 2003 صواريخ متوسطة المدى «شهاب ـ 3» كتب عليها عبارات «سنسحق اميركا تحت اقدامنا» و«اسرائيل يجب ان تمحى من الخريطة». وشوهدت 7 من هذه الصواريخ البالستية تمر على منصاتها المتحركة امام عدد من قادة الدولة الذين كانوا يحضرون العرض. وقال مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في الموقع ان معلقا اعلن عبر مكبرات الصوت ان مدى الصواريخ يبلغ 1700 كيلومتر وانها «قادرة على ضرب قلب العدو»، كما بث التلفزيون الرسمي العرض العسكري الذي افتتحت به سلسلة نشاطات «اسبوع الدفاع المقدس». وكانت التجربة الاخيرة على صاروخ «شهاب ـ 3» قد جرت في وقت سابق من هذا العام. ويصل مدى هذا الصاروخ الى اسرائيل. (الشرق الاوسط 1)
وقال رحيم صفوي قائد الحرس الثوري الايراني السابق و هو يعلن عن قيام مناورات عسكرية ايرانية في 2006، ان هذه المناورات التي تهدف الى «استعراض قوة وعزيمة البلاد في الدفاع عن النفس من المخاطر» ستجري في 14 محافظة ايرانية لاسيما تلك المطلة على الخليج وبحر عمان. واضاف «سنطلق صواريخ «شهاب-2» و«شهاب-3» محملة بشحنة انشطارية يبلغ مداها الف كلم. (الشرق الأوسط 2)
اكد وزير الدفاع الايراني – 2004- علي شمخاني ان بلاده قادرة على انتاج اعداد كبيرة من صاروخ شهاب-3 الطويل المدى الذي غالبا ما ينظر اليه في الغرب على انه سلاح موجه ضد اسرائيل لقدرته على الوصول الى عمق الاراضي الاسرائيلية. يأتي ذلك الاعلان فيما قال مسؤول اميركي بارز ان ايران اشبه بكوريا الشمالية منها بليبيا فيما يتعلق بخطورة برنامجها النووي، مشددا على ان واشنطن لا تثق في نوايا طهران النووية. وقال شمخاني امس «باستطاعتنا حاليا ان ننتج صاروخ شهاب-3 باعداد كبيرة تماما كما نفعل بسيارات بايكان» في خطوط الانتاج التي تملكها ايران. (الشرق الأوسط 3)
عرضت ايران منذ أقل من شهر مجموعة من الصواريخ، ومن بين الصواريخ التي عرضتها إيران صاروخ جديد طويل المدى يصل مداه الى 1800 كيلومتر بامكانه بلوغ اسرائيل وكل القواعد الاميركية في المنطقة وذلك خلال عرض عسكري ضخم يأتي في خضم تصاعد التوتر بشأن برنامج ايران النووي، وفيما قالت وزارة الخارجية الاميركية ان هناك افكارا جديدة ستطلق للمناقشة بخصوص ايران، (الشرق الأوسط 4)
طبعاً ايران لا تفتأ ليل نهار بيان قدرتها و طاقتها العسكرية ضمن سلسلة الحرب النفسية التي تبرع ايران في استخدامها فقد كانوا يقولون أن الصاروخ شهاب – 3 مداه اكثر من 2000 كلم و تبين أنه يتجاوز بالكاد 1300 كلم و قالوا أنهم لديهم صواريخ باليستية يمكنها من الوصول الى أهداف في أمريكا أو على الأقل تغطي كل أوروبا، ثم يتبين بعد ذلك أن صاروخها قدر-1 مداه 1800 كلم يغطي جزءاً من أوروبا لا يتجاوز وسطها، عموماً مهما كان الامر يبقى الغموض يلف مدى كفاءة و امكانية هذه الصواريخ في الوصول الى أهدافها بدقة و مدى قدرتها على حمل رؤوس نووية لتضرب بها أوروبا أو بالأخص ايطاليا كما تنبأ واينبرجر.
يرى بعض الخبراء العسكريين أن الصواريخ الايرانية لا يمكن أن تقوم بكل هذه المهام التي تعلنها طهران لأن هذه الصواريخ عبارة عن نسخ معدلة من صواريخ روسية أو كورية أو صينية و لا يمكن وصولها لتحقيق هذه الاهداف.
علينا أن نلاحظ التالي: لو فرضنا صحة ادعاءات ايران بشأن صواريخها و مع ربط ذلك بالعداء المتزايد بين ايران و الدول الاوروبية يمكننا ان نؤكد أن نبوءة السيد واينبرجر بشأن الحرب القادمة ممكنة و ان اوروبا ستكون هدفا للصواريخ الايرانية اذا قامت هذه الحرب! ملاحظة غريبة أليس كذلك
على أي حال نقدم فيما يلي مقتطفات عن تطور السلاح النووي الايراني ثم نتبعها بمواصفات الصواريخ الإيرانية ثم رسوم تخطيطية و صور لأهم الصواريخ الإيرانية:
نتج تصميم إيران لامتلاك وإنتاج الصواريخ الباليستية من حربها مع العراق في الثمانينات. حيث أن طهران وجدت نفسها غير مستعدّة للثأر ضدّ هجمات العراق الصاروخية على المدن الإيرانية. قرّرت طهران العمل على حماية نفسها، و لهذا كان لا بدّ من أن تنجز إعتماد ذاتي في إنتاج القذائف.
سكود B وسكود C
جهود إيران الأولى لتحقيق هذا الهدف تركز على الإستيراد وإنتاج الصواريخ من نوع سكود قصيرة المدى. في 1985، رئيس برلمان إيران آنذاك ، أكبر هاشمي رفسنجاني، قاد وفد عالي المستوى إلى ليبيا وسوريا وكوريا الشمالية والصين. و محصلة هذه الرحلة، حصلت إيران على صواريخ سكود من ليبيا وكوريا الشمالية، ومكوّنات و تقنية فنية فيما بعد من كلا من كوريا الشمالية والصين.
دفعة إيران الأولى من صواريخ سكود (المعروفة بسكود Bs) وصلت من ليبيا في 1985. هذه المرحلة الوحيدة، تستعمل الصواريخ السوفيتية الأصل ذات القدرة النووية و ذات الوقود السائل ويمكن أن يصل مداها من 280-300 كيلومتر عندما تحمل 770-1,000 كيلوغرام من المتفجرات. ثمّ إتّجهت ايران إلى كوريا الشمالية في أمل إيجاد مورد جديد. طهران عرضت مساعدة في تمويل برنامج صواريخ بيونج يانج كبديل لنقل التقنية وخيار لشراء الصواريخ الكورية الشمالية حالما ينتهوا من خطّ الإنتاج.
الدفعة الأولى لسكود الكوري الشمالي Bs سلّمت في يوليو/تموز 1987، و و صلت لإيران حتى قبل أن يستخدمها الجيش الكوري الشمالي ذاته. بمرور الشهور السبعة التالية، إيران إستوردت 90-100 صاروخ، و التي أغلبها إستعملت فورا في المعركة. طبقا لوزارة الدّفاع الأمريكية، أطلقت إيران تقريبا 100 صاروخ في العراق بين 1985 1988 .
بعد أن انتهت الحرب، واصلت طهران جهودها الصاروخية. في وقت لاحق، تفاوضت طهران لشراء عرض صواريخ كوريا الشمالية الأحدث و هي سكود C. بدأت مخابرات أمريكية باكتشاف شحنات سكود الكوري الشمالي التي تنتقل إلى إيران في 1991. إنّ سكود C ذات الوقود السائل أطول وأوسع من سكود B، و التي اقترح فيها أن تكون خزّانات الوقود بها واسعة لحمل متفجرات أكثر. له مدى متوقع لأكثر من 500 كيلومتر عندما تحمل 700 كيلوغرام رأس متفجر. طبقا للتقارير الصحفية، طلبت إيران حوالي 200 سكود Bs وسكود Cs من كوريا الشمالية في 1991. نجحت إيران أيضا في تجربة إطلاق هذا الصاروخ.
في 1992، فرضت وزارة الخارجية الأمريكية مقاطعة تجارية ضدّ وزارة الدفاع الإيرانية وتموين القوّات المسلّحة بسبب استمرارها في "نشاطات إنتشار تقنية صواريخ" مع كوريا الشمالية. تحت القانون الأمريكي، واشنطن يمكن أن تعاقب أي شركة أو شخص أجنبي تعمل في نقل الصواريخ بحجم سكود أو من الأجهزة أو التقنية "تلك التي تساهم في التصميم أو تطوير أو إنتاج الصواريخ" إلى أي بلد مثل إيران.
في أوائل 1993، شحنة كورية شمالية إضافية من سكود Cs، مع عدّة منصّات إطلاق، تم الابلاغ عنها بأجهزة الإعلام الإسرائيلية. طبقا للمخابرات الأمريكية، جهّزت بيونج يانج تقنية إنتاج سكود أيضا. "علاقة إيران مع كوريا الشمالية تتلي النمط العادي، "هذا ما قاله مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت، و قال أيضاً "تشتري كامل الصواريخ أولا والعدد الكافي منها ، وبعد ذلك تتعلّم صنعهم لوحدك - ومخطّطات التصميم تجيء بالشحنة" طبقا لهذا المسؤول، إختصاصيون كوريون شماليون عملوا على الأرض في إيران لمساعدة العلماء الإيرانيين ليتقنوا الخطوات الأساسية لإنتاج سكود. في 1993، وزير إيراني أعلن "بأنّ قابليتنا التقنية هكذا بحيث إذا تطلّب الامر صواريخ مماثلة [أى سكود B] يمكن أن نصنعهم أنفسنا."
طبقا لميزان الشرق الأوسط العسكري، تنشره احدى المراكز بجامعة تل ابيب، إيران يعتقد اكتسبت أو بنت حوالي 300 سكود B و100 سكود Cs بحلول الـ 1994. وكالة المخابرات المركزية، في تقرير على إنتشار الصواريخ في 2003، خمّن بأنّ إيران إمتلكت "بضعة مائة" صواريخ باليستية قصيرة المدى في ذلك الوقت
زيادة مدى الصواريخ الايرانية
شهاب 3
في يوليو/تموز 1998، إيران أتخذت خطوة هائلة للأمام بإختبار اطلاق نسخة من صاروخ نو دونج الكوري الشمالي المتوسّطة المدى، من التي استوردتها إيران. ذو الوقود السائل، الباليستي ذو امكانية حمل الرؤوس النووية أصبح معروفا بشهاب 3 في إيران. طبقا لمنظمة صناعات إيران الجوأرضية، شهاب 3 يصمّم لحمل 1,200 كيلوغرام حمولة متفجرة و مداه 1,300 كيلومتر؛ على أية حال، يخمّن تقرير آخر حمولة الصاروخ بحوالي 750 كيلوغرام.
أخضعت إيران الصاروخ على الأقل الى ست إختبارات. أثناء الإختبار الأول في يوليو/تموز 1998، إنفجر الصاروخ في الجوّ أثناء الجزء الأخير من طيرانه، الامر الذي قاد المسؤولين الأمريكان للتساؤل هل الإختبار كان فشل أو الإنفجار كان متعمّد. إختبار ثاني حدث في يوليو/تموز 2000، و الذي ادعت وسائل إعلام الدولة في إيران نجاحه. في سبتمبر/أيلول 2000، إيران أجرت إختبار ثالث ، لكن القذيفة إنفجرت على ما يقال بعد فترة وجيزة من الإنطلاق. في مايو/مايس 2002، أجرت إيران إختبارا رابع، و الذي إدّعت ايران انه كان ناجح. قال وزير الدفاع الإيراني علي شمخاني بأنّ الإختبار بين "قوّة ودقة" الصاروخ شهاب 3. حدث الإختبار الخامس على ما يقال فقط بعد شهرين، في يوليو/تموز 2002، وكان فاشل. على الرغم من النتائج المختلفة لهذه الاختبارات، إدّعت وزارة خارجية إيران في يوليو/تموز 7, 2003 بأنّ إيران أكملت "إختبار نهائي" قبل أسابيع قليلة.
شهاب 3 مثل الصاروخ الكوري الشمالي نو دونج و الذي اشتقّ منه، يعتبر انه تطوير لنسخة صواريخ سكود B وسكود C ، ويشترك في ضعف سكود حيث إنّ سكود B دقيق فقط لهدف يبعد حولي 1 كيلومتر بالرغم من أن مداه يصل الى 300 كيلومتر. لأن الدقة تقلّل بالمدى و وفق نظام التوجيه المستخدم، دقة شهاب 3 في مداها الذي يصل الى 1,300 كيلومتر تم تقديره في أفضل الاحوال لا يزيد هدفه عن ثلاثة كيلومترات ، و هذا يتشابه مع الأسلحة العادية . بمثل هذه الدقة المنخفضة، لا يمكن أن يعتمد عليه في ضرب القوّات أو حتى مطار. بدلا من ذلك، يبدو أن المقصود من استعماله ضدّ المدن. تقدر المخابرات المركزية الامريكية أن عدد الصواريخ الايرانية من شهاب 3 محدود كذلك هناك شك كبير في قدراتها كما أسلفنا.
شهاب 4
في عام 1999، أعلن وزير دفاع إيران بأنّ إيران تطوّر جيل أكثر قوّة إلى شهاب-3 مسمّى شهاب-4 يبدو هذا الصاروخ مستند على الصاروخ الروسي الذي بطل استعماله SS 4 المعروف بـ "صندل". هذا الصاروخ ضخم، ذو مرحلة واحدة، له القدرة على حمل رؤوس نووية مع مدى 1,800-2,000 كيلومتر تقريبا. في نوفمبر/تشرين الثّاني 2003، وزارة الدفاع الإيران إعلنت انها ليس لديها مشاريع لتطوير شهاب -4 او تطوير صواريخ عابرة للقارات إلا أن أمريكا تشكك في هذا الاعلان.
.تذكرون أخواننا الاكارم عند سرد أحداث المعركة المرتقبة أن إيران ستطلق صاروخا محمل برأس نووي عندما تبدأ أمريكا في مهاجمة بعض المواقع العسكرية و الاستراتيجية الايرانية و أن هذا الصاروخ ستكون وجهته أوروبا و تحديدا قاعدة عسكرية في ايطاليا، بالطبع اثناء تأليف هذا الكتاب لم تكن ايران قد تمكنت من تصنيع صواريخ قادرة على اجتياز هذه المسافة أو أن تحمل رؤساً نووية و نحن نلاحظ أنه في حقبة الالفينات بدات ايران في الاعلان عن هذه القدرات و التي بدت متطورة بشكل كبير،
وقد ظهرت خلال العرض العسكري بمناسبة ذكرى اندلاع الحرب الايرانية عام 2003 صواريخ متوسطة المدى «شهاب ـ 3» كتب عليها عبارات «سنسحق اميركا تحت اقدامنا» و«اسرائيل يجب ان تمحى من الخريطة». وشوهدت 7 من هذه الصواريخ البالستية تمر على منصاتها المتحركة امام عدد من قادة الدولة الذين كانوا يحضرون العرض. وقال مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في الموقع ان معلقا اعلن عبر مكبرات الصوت ان مدى الصواريخ يبلغ 1700 كيلومتر وانها «قادرة على ضرب قلب العدو»، كما بث التلفزيون الرسمي العرض العسكري الذي افتتحت به سلسلة نشاطات «اسبوع الدفاع المقدس». وكانت التجربة الاخيرة على صاروخ «شهاب ـ 3» قد جرت في وقت سابق من هذا العام. ويصل مدى هذا الصاروخ الى اسرائيل. (الشرق الاوسط 1)
وقال رحيم صفوي قائد الحرس الثوري الايراني السابق و هو يعلن عن قيام مناورات عسكرية ايرانية في 2006، ان هذه المناورات التي تهدف الى «استعراض قوة وعزيمة البلاد في الدفاع عن النفس من المخاطر» ستجري في 14 محافظة ايرانية لاسيما تلك المطلة على الخليج وبحر عمان. واضاف «سنطلق صواريخ «شهاب-2» و«شهاب-3» محملة بشحنة انشطارية يبلغ مداها الف كلم. (الشرق الأوسط 2)
اكد وزير الدفاع الايراني – 2004- علي شمخاني ان بلاده قادرة على انتاج اعداد كبيرة من صاروخ شهاب-3 الطويل المدى الذي غالبا ما ينظر اليه في الغرب على انه سلاح موجه ضد اسرائيل لقدرته على الوصول الى عمق الاراضي الاسرائيلية. يأتي ذلك الاعلان فيما قال مسؤول اميركي بارز ان ايران اشبه بكوريا الشمالية منها بليبيا فيما يتعلق بخطورة برنامجها النووي، مشددا على ان واشنطن لا تثق في نوايا طهران النووية. وقال شمخاني امس «باستطاعتنا حاليا ان ننتج صاروخ شهاب-3 باعداد كبيرة تماما كما نفعل بسيارات بايكان» في خطوط الانتاج التي تملكها ايران. (الشرق الأوسط 3)
عرضت ايران منذ أقل من شهر مجموعة من الصواريخ، ومن بين الصواريخ التي عرضتها إيران صاروخ جديد طويل المدى يصل مداه الى 1800 كيلومتر بامكانه بلوغ اسرائيل وكل القواعد الاميركية في المنطقة وذلك خلال عرض عسكري ضخم يأتي في خضم تصاعد التوتر بشأن برنامج ايران النووي، وفيما قالت وزارة الخارجية الاميركية ان هناك افكارا جديدة ستطلق للمناقشة بخصوص ايران، (الشرق الأوسط 4)
طبعاً ايران لا تفتأ ليل نهار بيان قدرتها و طاقتها العسكرية ضمن سلسلة الحرب النفسية التي تبرع ايران في استخدامها فقد كانوا يقولون أن الصاروخ شهاب – 3 مداه اكثر من 2000 كلم و تبين أنه يتجاوز بالكاد 1300 كلم و قالوا أنهم لديهم صواريخ باليستية يمكنها من الوصول الى أهداف في أمريكا أو على الأقل تغطي كل أوروبا، ثم يتبين بعد ذلك أن صاروخها قدر-1 مداه 1800 كلم يغطي جزءاً من أوروبا لا يتجاوز وسطها، عموماً مهما كان الامر يبقى الغموض يلف مدى كفاءة و امكانية هذه الصواريخ في الوصول الى أهدافها بدقة و مدى قدرتها على حمل رؤوس نووية لتضرب بها أوروبا أو بالأخص ايطاليا كما تنبأ واينبرجر.
يرى بعض الخبراء العسكريين أن الصواريخ الايرانية لا يمكن أن تقوم بكل هذه المهام التي تعلنها طهران لأن هذه الصواريخ عبارة عن نسخ معدلة من صواريخ روسية أو كورية أو صينية و لا يمكن وصولها لتحقيق هذه الاهداف.
علينا أن نلاحظ التالي: لو فرضنا صحة ادعاءات ايران بشأن صواريخها و مع ربط ذلك بالعداء المتزايد بين ايران و الدول الاوروبية يمكننا ان نؤكد أن نبوءة السيد واينبرجر بشأن الحرب القادمة ممكنة و ان اوروبا ستكون هدفا للصواريخ الايرانية اذا قامت هذه الحرب! ملاحظة غريبة أليس كذلك
على أي حال نقدم فيما يلي مقتطفات عن تطور السلاح النووي الايراني ثم نتبعها بمواصفات الصواريخ الإيرانية ثم رسوم تخطيطية و صور لأهم الصواريخ الإيرانية:
نتج تصميم إيران لامتلاك وإنتاج الصواريخ الباليستية من حربها مع العراق في الثمانينات. حيث أن طهران وجدت نفسها غير مستعدّة للثأر ضدّ هجمات العراق الصاروخية على المدن الإيرانية. قرّرت طهران العمل على حماية نفسها، و لهذا كان لا بدّ من أن تنجز إعتماد ذاتي في إنتاج القذائف.
سكود B وسكود C
جهود إيران الأولى لتحقيق هذا الهدف تركز على الإستيراد وإنتاج الصواريخ من نوع سكود قصيرة المدى. في 1985، رئيس برلمان إيران آنذاك ، أكبر هاشمي رفسنجاني، قاد وفد عالي المستوى إلى ليبيا وسوريا وكوريا الشمالية والصين. و محصلة هذه الرحلة، حصلت إيران على صواريخ سكود من ليبيا وكوريا الشمالية، ومكوّنات و تقنية فنية فيما بعد من كلا من كوريا الشمالية والصين.
دفعة إيران الأولى من صواريخ سكود (المعروفة بسكود Bs) وصلت من ليبيا في 1985. هذه المرحلة الوحيدة، تستعمل الصواريخ السوفيتية الأصل ذات القدرة النووية و ذات الوقود السائل ويمكن أن يصل مداها من 280-300 كيلومتر عندما تحمل 770-1,000 كيلوغرام من المتفجرات. ثمّ إتّجهت ايران إلى كوريا الشمالية في أمل إيجاد مورد جديد. طهران عرضت مساعدة في تمويل برنامج صواريخ بيونج يانج كبديل لنقل التقنية وخيار لشراء الصواريخ الكورية الشمالية حالما ينتهوا من خطّ الإنتاج.
الدفعة الأولى لسكود الكوري الشمالي Bs سلّمت في يوليو/تموز 1987، و و صلت لإيران حتى قبل أن يستخدمها الجيش الكوري الشمالي ذاته. بمرور الشهور السبعة التالية، إيران إستوردت 90-100 صاروخ، و التي أغلبها إستعملت فورا في المعركة. طبقا لوزارة الدّفاع الأمريكية، أطلقت إيران تقريبا 100 صاروخ في العراق بين 1985 1988 .
بعد أن انتهت الحرب، واصلت طهران جهودها الصاروخية. في وقت لاحق، تفاوضت طهران لشراء عرض صواريخ كوريا الشمالية الأحدث و هي سكود C. بدأت مخابرات أمريكية باكتشاف شحنات سكود الكوري الشمالي التي تنتقل إلى إيران في 1991. إنّ سكود C ذات الوقود السائل أطول وأوسع من سكود B، و التي اقترح فيها أن تكون خزّانات الوقود بها واسعة لحمل متفجرات أكثر. له مدى متوقع لأكثر من 500 كيلومتر عندما تحمل 700 كيلوغرام رأس متفجر. طبقا للتقارير الصحفية، طلبت إيران حوالي 200 سكود Bs وسكود Cs من كوريا الشمالية في 1991. نجحت إيران أيضا في تجربة إطلاق هذا الصاروخ.
في 1992، فرضت وزارة الخارجية الأمريكية مقاطعة تجارية ضدّ وزارة الدفاع الإيرانية وتموين القوّات المسلّحة بسبب استمرارها في "نشاطات إنتشار تقنية صواريخ" مع كوريا الشمالية. تحت القانون الأمريكي، واشنطن يمكن أن تعاقب أي شركة أو شخص أجنبي تعمل في نقل الصواريخ بحجم سكود أو من الأجهزة أو التقنية "تلك التي تساهم في التصميم أو تطوير أو إنتاج الصواريخ" إلى أي بلد مثل إيران.
في أوائل 1993، شحنة كورية شمالية إضافية من سكود Cs، مع عدّة منصّات إطلاق، تم الابلاغ عنها بأجهزة الإعلام الإسرائيلية. طبقا للمخابرات الأمريكية، جهّزت بيونج يانج تقنية إنتاج سكود أيضا. "علاقة إيران مع كوريا الشمالية تتلي النمط العادي، "هذا ما قاله مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت، و قال أيضاً "تشتري كامل الصواريخ أولا والعدد الكافي منها ، وبعد ذلك تتعلّم صنعهم لوحدك - ومخطّطات التصميم تجيء بالشحنة" طبقا لهذا المسؤول، إختصاصيون كوريون شماليون عملوا على الأرض في إيران لمساعدة العلماء الإيرانيين ليتقنوا الخطوات الأساسية لإنتاج سكود. في 1993، وزير إيراني أعلن "بأنّ قابليتنا التقنية هكذا بحيث إذا تطلّب الامر صواريخ مماثلة [أى سكود B] يمكن أن نصنعهم أنفسنا."
طبقا لميزان الشرق الأوسط العسكري، تنشره احدى المراكز بجامعة تل ابيب، إيران يعتقد اكتسبت أو بنت حوالي 300 سكود B و100 سكود Cs بحلول الـ 1994. وكالة المخابرات المركزية، في تقرير على إنتشار الصواريخ في 2003، خمّن بأنّ إيران إمتلكت "بضعة مائة" صواريخ باليستية قصيرة المدى في ذلك الوقت
زيادة مدى الصواريخ الايرانية
شهاب 3
في يوليو/تموز 1998، إيران أتخذت خطوة هائلة للأمام بإختبار اطلاق نسخة من صاروخ نو دونج الكوري الشمالي المتوسّطة المدى، من التي استوردتها إيران. ذو الوقود السائل، الباليستي ذو امكانية حمل الرؤوس النووية أصبح معروفا بشهاب 3 في إيران. طبقا لمنظمة صناعات إيران الجوأرضية، شهاب 3 يصمّم لحمل 1,200 كيلوغرام حمولة متفجرة و مداه 1,300 كيلومتر؛ على أية حال، يخمّن تقرير آخر حمولة الصاروخ بحوالي 750 كيلوغرام.
أخضعت إيران الصاروخ على الأقل الى ست إختبارات. أثناء الإختبار الأول في يوليو/تموز 1998، إنفجر الصاروخ في الجوّ أثناء الجزء الأخير من طيرانه، الامر الذي قاد المسؤولين الأمريكان للتساؤل هل الإختبار كان فشل أو الإنفجار كان متعمّد. إختبار ثاني حدث في يوليو/تموز 2000، و الذي ادعت وسائل إعلام الدولة في إيران نجاحه. في سبتمبر/أيلول 2000، إيران أجرت إختبار ثالث ، لكن القذيفة إنفجرت على ما يقال بعد فترة وجيزة من الإنطلاق. في مايو/مايس 2002، أجرت إيران إختبارا رابع، و الذي إدّعت ايران انه كان ناجح. قال وزير الدفاع الإيراني علي شمخاني بأنّ الإختبار بين "قوّة ودقة" الصاروخ شهاب 3. حدث الإختبار الخامس على ما يقال فقط بعد شهرين، في يوليو/تموز 2002، وكان فاشل. على الرغم من النتائج المختلفة لهذه الاختبارات، إدّعت وزارة خارجية إيران في يوليو/تموز 7, 2003 بأنّ إيران أكملت "إختبار نهائي" قبل أسابيع قليلة.
شهاب 3 مثل الصاروخ الكوري الشمالي نو دونج و الذي اشتقّ منه، يعتبر انه تطوير لنسخة صواريخ سكود B وسكود C ، ويشترك في ضعف سكود حيث إنّ سكود B دقيق فقط لهدف يبعد حولي 1 كيلومتر بالرغم من أن مداه يصل الى 300 كيلومتر. لأن الدقة تقلّل بالمدى و وفق نظام التوجيه المستخدم، دقة شهاب 3 في مداها الذي يصل الى 1,300 كيلومتر تم تقديره في أفضل الاحوال لا يزيد هدفه عن ثلاثة كيلومترات ، و هذا يتشابه مع الأسلحة العادية . بمثل هذه الدقة المنخفضة، لا يمكن أن يعتمد عليه في ضرب القوّات أو حتى مطار. بدلا من ذلك، يبدو أن المقصود من استعماله ضدّ المدن. تقدر المخابرات المركزية الامريكية أن عدد الصواريخ الايرانية من شهاب 3 محدود كذلك هناك شك كبير في قدراتها كما أسلفنا.
شهاب 4
في عام 1999، أعلن وزير دفاع إيران بأنّ إيران تطوّر جيل أكثر قوّة إلى شهاب-3 مسمّى شهاب-4 يبدو هذا الصاروخ مستند على الصاروخ الروسي الذي بطل استعماله SS 4 المعروف بـ "صندل". هذا الصاروخ ضخم، ذو مرحلة واحدة، له القدرة على حمل رؤوس نووية مع مدى 1,800-2,000 كيلومتر تقريبا. في نوفمبر/تشرين الثّاني 2003، وزارة الدفاع الإيران إعلنت انها ليس لديها مشاريع لتطوير شهاب -4 او تطوير صواريخ عابرة للقارات إلا أن أمريكا تشكك في هذا الاعلان.
الصاروخ شهاب 1
شهاب 2
شهاب 3
شهاب 3-بي 1
تقنية الوقود الصلبة
بالأضافة إلى سكود وصواريخ شهاب، الذان يعتمدان على تقنية الوقود السائل منذ الحرب العالمية الثانية، إيران تحاول تطوّر تقنية الوقود الصلب، التي تعتبر أكثر تقدماً. تمثل ذلك في تطوير صاروخ قصير المدى يعرف بـ موشاك، المسؤول الأمريكيون قارنوا بين هذا الصاروخ ذو الوقود الصلب مع صاروخ الضفدع السوفيتي الغير موجّه وإلى صاروخ الباكستانية Hatf 1 ، الذي يطير حوالي 80 كيلومتر. موشاك الأول، معروف كذلك بإيران -130، أطلق في أوائل 1988، وصمّم للطيران إلى أقصى مدى يبلغ 130 كيلومتر. بحلول شهر مارس/آذار 1988، خمسة صواريخ موشاك كانت قد أطلقت النّار على العراق أثناء حرب المدن. وبحلول شهر أغسطس/آب 1988، طهران أطلقت موشاك ذو مدى كيلومتر 160 وأعلنت بأنّ انتاج مكثف له سيبدأ قريبا. إدّعت إيران بأنّ صاروخ موشاك صمّم وأنتج بدون مساعدة أجنبية، لكن من المتوقع وجود مساعدة صينية.
تمتلك إيران أيضا صاروخ ذو الوقود الصلب مداه 150 كيلومتر صيني الصنع و اسمه CSS 8 (عرف بـ توندر 69) وصاروخ وقود صلب أخر عرف بـ فاتح 110. كلاهما صواريخ تكتيكية قصيرة المدى. تدّعي إيران بنجاح صاروخ فاتح في سبتمبر/أيلول 2002. هو على ما يقال صاروخ ذو مرحلة وحيدة مع على الأقل a 200 كيلومتر مدى.
برنامج الصواريخ الإيراني وسرعة تطويره ما كان يمكن أن يكونا محتمل بدون مساعدة شاملة من الخارج، بشكل خاص من كوريا الشمالية وروسيا والصين. بينما أسست كوريا الشمالية الأجهزة الأساسية لدفع صاروخ الوقود السائل، وفرت روسيا المواد والأجهزة والتدريب. و جهّزت الصين مساعدة بالتوجيه ودفع الصاروخ ذو الوقود الصلب. طبقا لوكالة المخابرات المركزية، كلّ البلدان الثلاثة ما زالت تساعد ايران.
الاعتقادات الامريكية بشأن ما تبذله ايران لتطوير صواريخها البالستية العابرة للقارات تمثل هاجساً لدى الادارة الامريكية. فترى بعض الجهات أن ايران ستتمكن من انتاج صاروخ يصل الى أمريكا بحلول 2015 و يرى تقرير أخر عدم امكانية حدوث هذا الشئ حتى بعد 2015 لأن ايران تعتمد بشكل كبير في تطويرها الى المساعدة الخارجية.
بالأضافة إلى سكود وصواريخ شهاب، الذان يعتمدان على تقنية الوقود السائل منذ الحرب العالمية الثانية، إيران تحاول تطوّر تقنية الوقود الصلب، التي تعتبر أكثر تقدماً. تمثل ذلك في تطوير صاروخ قصير المدى يعرف بـ موشاك، المسؤول الأمريكيون قارنوا بين هذا الصاروخ ذو الوقود الصلب مع صاروخ الضفدع السوفيتي الغير موجّه وإلى صاروخ الباكستانية Hatf 1 ، الذي يطير حوالي 80 كيلومتر. موشاك الأول، معروف كذلك بإيران -130، أطلق في أوائل 1988، وصمّم للطيران إلى أقصى مدى يبلغ 130 كيلومتر. بحلول شهر مارس/آذار 1988، خمسة صواريخ موشاك كانت قد أطلقت النّار على العراق أثناء حرب المدن. وبحلول شهر أغسطس/آب 1988، طهران أطلقت موشاك ذو مدى كيلومتر 160 وأعلنت بأنّ انتاج مكثف له سيبدأ قريبا. إدّعت إيران بأنّ صاروخ موشاك صمّم وأنتج بدون مساعدة أجنبية، لكن من المتوقع وجود مساعدة صينية.
تمتلك إيران أيضا صاروخ ذو الوقود الصلب مداه 150 كيلومتر صيني الصنع و اسمه CSS 8 (عرف بـ توندر 69) وصاروخ وقود صلب أخر عرف بـ فاتح 110. كلاهما صواريخ تكتيكية قصيرة المدى. تدّعي إيران بنجاح صاروخ فاتح في سبتمبر/أيلول 2002. هو على ما يقال صاروخ ذو مرحلة وحيدة مع على الأقل a 200 كيلومتر مدى.
برنامج الصواريخ الإيراني وسرعة تطويره ما كان يمكن أن يكونا محتمل بدون مساعدة شاملة من الخارج، بشكل خاص من كوريا الشمالية وروسيا والصين. بينما أسست كوريا الشمالية الأجهزة الأساسية لدفع صاروخ الوقود السائل، وفرت روسيا المواد والأجهزة والتدريب. و جهّزت الصين مساعدة بالتوجيه ودفع الصاروخ ذو الوقود الصلب. طبقا لوكالة المخابرات المركزية، كلّ البلدان الثلاثة ما زالت تساعد ايران.
الاعتقادات الامريكية بشأن ما تبذله ايران لتطوير صواريخها البالستية العابرة للقارات تمثل هاجساً لدى الادارة الامريكية. فترى بعض الجهات أن ايران ستتمكن من انتاج صاروخ يصل الى أمريكا بحلول 2015 و يرى تقرير أخر عدم امكانية حدوث هذا الشئ حتى بعد 2015 لأن ايران تعتمد بشكل كبير في تطويرها الى المساعدة الخارجية.
جدول يوضح مواصفات الصواريخ الايرانية
مدى صاروخ شهاب 3
مدى صاروخ شهاب 3 مقارنة بالمدى المستهدف
مدى الصواريخ الايرانية القديمة و الحديثة
شهاب متنوع رسوم تفصيلية
= = = = = = == = = = = = = = = = = = = = =
الشرق الاوسط 1: 23 سبتمبر 2003 العدد 9065
الشرق الأوسط 2: 2 نوفمبر 2006 العدد 10201
الشرق الأوسط 3: 10 نوفمبر 2004 العدد9479
الشرق الأوسط 4: 23 سبتمبر 2007 العدد 10526
http://www.iranwatch.org/wmd/wmd-iranmissileessay.htm
http://www.iranwatch.org/wmd/wmd-missilecharts.htm
الشرق الأوسط 2: 2 نوفمبر 2006 العدد 10201
الشرق الأوسط 3: 10 نوفمبر 2004 العدد9479
الشرق الأوسط 4: 23 سبتمبر 2007 العدد 10526
http://www.iranwatch.org/wmd/wmd-iranmissileessay.htm
http://www.iranwatch.org/wmd/wmd-missilecharts.htm
__________________
الاسلحة الايرانية التقليدية:
كنت قد نويت أن لا اتطرق الى الاسلحة التقليدية الايرانية حيث أن الحديث عنها يجذبنا الى معرفة أنواعها بكل دقة و معرفة أعدادها و مدى جاهزيتها و كفائتها القتالية و ما الى ذلك من الأمور و حيث انه لم تيسر لى – في هذه المرحلة – الوقوف على مصادر معلوماتية لهذه القدرات قررت عدم الخوض فيها غير اني بعد ذلك قلت لنفسي فلنشير و لو اشارة الى ما قد يتوفر من هذه المعلومات فقررت ان اعرض على القارئ الكريم نماذج مصورة لمثل هذه الاسلحة فربما يتحقق ما ذهب اليه العراف واينبرجر و نسمع عن مثل هذه الاسلحة.
و قبل الخوض في هذا الموضوع اشير الى أن إيران تعانى مشاكل من تقادم أنظمة تسلحيها التقليدية، فمن بين 1655 دبابة تملكها إيران يوجد 480 دبابة حديثة (T-12)، 311 طائرة قتال منها 65 (F-4) و 60 (F-5) أمريكية الأصل معظمها متقادم، أما الحديث منها 25 مقاتلة روسى (دميج- 29) تم تحديثها مؤخراً، و 30 (سوخوى-24)، 24 (ميراج ف-1).
وأبرز أسلحتها البحرية 3 غواصات روسية (كيلو) 30 فرقا، 2 قراويطة، 10 زوارق صواريخ (كوميتانت) فرنسية، 44 زورق داورية ساحلية، 2 سفينة زرع ألغام، 9 سفن برمائية. أما قوات الحرس الثورى (20 فرقة) فهى مسلحة بـ 470 دبابة، 640 ناقلة مدرعة، 360 قطعة مدفعية، 40 قاذف صواريخ، 50 زورقاً مسلحاً بصواريخ مضادة للدبابات، أما أحدث أنظمة تسليح الدفاع الجوى التى حصلت عليها إيران أخيراً من روسيا فهى 29 نظام (Tor- M1) قصير المدى، ومعلومات غير مؤكدة عن نظام الدفاع الجوى بعيد المدى (S-300).
و قد أشرنا سابقاً الى الصواريخ الايرانية و التي هي معروفة و تشمل الصواريخ البالستية نمتلك منها (شهاب -1) 350 كم، (شهاب -2) 700 كم ،(شهاب-3) 1350 كم، (زلزال-3) 1500 كم، و(شهاب 3 د) نحو 1700 كم، بالإضافة لمعلومات مشكوك فيها حول تطوير (شهاب -5) 4000 كم، (شهاب - 6 ) 10.000كم، ومعظم هذه الصواريخ ذات تقنية روسية أو كوريا الشمالية. هذا بالإضافة لامتلاك 12 صاروخ كروز ( x-55) من اوكرانيا.
و اشرنا ايضا اشارة مختصرة الى ان المدى الذي تعلن عنه ايران لصواريخها البالستية مخالف كثيراً للمدى الحقيقي و ان كفاءة التوجيه كذلك يلفها الغموض و تفتقر الى التجريب الموضوعي، و الاستراتيجيون العسكريون يرجحون أن ايران ينفعها حروب المدن أي قصف مدن بما فيها و من فيها دون التركيز على أهداف استراتيجيه لعدوها و ذلك لضألة قدرة التوجيه لصواريخها.
و لم يفتنا كذلك الاشارة الى القدرات البشرية و كيف ان الموجات البشرية التي تدفعها ايران لخوض المعارك من الاطفال و الشباب و الرجال و حتى النساء تطيل أمد الحوب التي تخوضها ايران و ان كانت لا تحسمها.
يبقى الاشارة الى الاسلحة الغير تقليدية و المتمثلة في الاسلحة النووية و الاسلحة الكيماوية و البيولوجية و هذا ما سوف نتناوله باذن الله في الحلقات التالية
الاسلحة الايرانية المتنوعة
الصواريخ المدفعية الايرانية و المدى الخاص بها
قوارب و سفن و غواصات ايرانية
----------------------------------------------------
نماذج من الطائرات الايرانية الحربية
SU-25
SU-24
IRIAF MIG 29A
MiG 29UB
F-14A
F-5
F5-A
F-7
F-14 حاملة صواريخ هوك
Saeghe مقاتلة ازاراخش
-------------------------------------------------------
نماذج من المروحيات الايرانية المختلفة
الشهيد 274
الكوبرا
-----------------------------------------------------
أسلحة رشاشة خفيفة
----------------------
الدبابات
----------------------------------
الصواريخ الايرانية المتنوعة
= = = = = = = = = =
مراجع
مختارات ايرانية - العدد 70_ مايو2006 - ماذا بعد إعلان إيران نووية؟ - لواء أ.ح متقاعد / حسام سويلمwww.vectorsite.net www.sinodefence.com www.sinodefence.com
www.newsmax.com www.worldtribune.com www.bharat-rakshak.com www.nti.org
www.clw.org www.globalsecurity.org www.globalsecurity.org www.iranmilitaryforum.com www.missilethreat.com www.globalsecurity.org
كنت قد نويت أن لا اتطرق الى الاسلحة التقليدية الايرانية حيث أن الحديث عنها يجذبنا الى معرفة أنواعها بكل دقة و معرفة أعدادها و مدى جاهزيتها و كفائتها القتالية و ما الى ذلك من الأمور و حيث انه لم تيسر لى – في هذه المرحلة – الوقوف على مصادر معلوماتية لهذه القدرات قررت عدم الخوض فيها غير اني بعد ذلك قلت لنفسي فلنشير و لو اشارة الى ما قد يتوفر من هذه المعلومات فقررت ان اعرض على القارئ الكريم نماذج مصورة لمثل هذه الاسلحة فربما يتحقق ما ذهب اليه العراف واينبرجر و نسمع عن مثل هذه الاسلحة.
و قبل الخوض في هذا الموضوع اشير الى أن إيران تعانى مشاكل من تقادم أنظمة تسلحيها التقليدية، فمن بين 1655 دبابة تملكها إيران يوجد 480 دبابة حديثة (T-12)، 311 طائرة قتال منها 65 (F-4) و 60 (F-5) أمريكية الأصل معظمها متقادم، أما الحديث منها 25 مقاتلة روسى (دميج- 29) تم تحديثها مؤخراً، و 30 (سوخوى-24)، 24 (ميراج ف-1).
وأبرز أسلحتها البحرية 3 غواصات روسية (كيلو) 30 فرقا، 2 قراويطة، 10 زوارق صواريخ (كوميتانت) فرنسية، 44 زورق داورية ساحلية، 2 سفينة زرع ألغام، 9 سفن برمائية. أما قوات الحرس الثورى (20 فرقة) فهى مسلحة بـ 470 دبابة، 640 ناقلة مدرعة، 360 قطعة مدفعية، 40 قاذف صواريخ، 50 زورقاً مسلحاً بصواريخ مضادة للدبابات، أما أحدث أنظمة تسليح الدفاع الجوى التى حصلت عليها إيران أخيراً من روسيا فهى 29 نظام (Tor- M1) قصير المدى، ومعلومات غير مؤكدة عن نظام الدفاع الجوى بعيد المدى (S-300).
و قد أشرنا سابقاً الى الصواريخ الايرانية و التي هي معروفة و تشمل الصواريخ البالستية نمتلك منها (شهاب -1) 350 كم، (شهاب -2) 700 كم ،(شهاب-3) 1350 كم، (زلزال-3) 1500 كم، و(شهاب 3 د) نحو 1700 كم، بالإضافة لمعلومات مشكوك فيها حول تطوير (شهاب -5) 4000 كم، (شهاب - 6 ) 10.000كم، ومعظم هذه الصواريخ ذات تقنية روسية أو كوريا الشمالية. هذا بالإضافة لامتلاك 12 صاروخ كروز ( x-55) من اوكرانيا.
و اشرنا ايضا اشارة مختصرة الى ان المدى الذي تعلن عنه ايران لصواريخها البالستية مخالف كثيراً للمدى الحقيقي و ان كفاءة التوجيه كذلك يلفها الغموض و تفتقر الى التجريب الموضوعي، و الاستراتيجيون العسكريون يرجحون أن ايران ينفعها حروب المدن أي قصف مدن بما فيها و من فيها دون التركيز على أهداف استراتيجيه لعدوها و ذلك لضألة قدرة التوجيه لصواريخها.
و لم يفتنا كذلك الاشارة الى القدرات البشرية و كيف ان الموجات البشرية التي تدفعها ايران لخوض المعارك من الاطفال و الشباب و الرجال و حتى النساء تطيل أمد الحوب التي تخوضها ايران و ان كانت لا تحسمها.
يبقى الاشارة الى الاسلحة الغير تقليدية و المتمثلة في الاسلحة النووية و الاسلحة الكيماوية و البيولوجية و هذا ما سوف نتناوله باذن الله في الحلقات التالية
الاسلحة الايرانية المتنوعة
الصواريخ المدفعية الايرانية و المدى الخاص بها
قوارب و سفن و غواصات ايرانية
----------------------------------------------------
نماذج من الطائرات الايرانية الحربية
SU-25
SU-24
IRIAF MIG 29A
MiG 29UB
F-14A
F-5
F5-A
F-7
F-14 حاملة صواريخ هوك
Saeghe مقاتلة ازاراخش
-------------------------------------------------------
نماذج من المروحيات الايرانية المختلفة
الشهيد 274
الكوبرا
-----------------------------------------------------
أسلحة رشاشة خفيفة
----------------------
الدبابات
----------------------------------
الصواريخ الايرانية المتنوعة
= = = = = = = = = =
مراجع
مختارات ايرانية - العدد 70_ مايو2006 - ماذا بعد إعلان إيران نووية؟ - لواء أ.ح متقاعد / حسام سويلمwww.vectorsite.net www.sinodefence.com www.sinodefence.com
www.newsmax.com www.worldtribune.com www.bharat-rakshak.com www.nti.org
www.clw.org www.globalsecurity.org www.globalsecurity.org www.iranmilitaryforum.com www.missilethreat.com www.globalsecurity.org
السلاح النووي الايراني بين الوهم و الحقيقة:
رأيتم أخواني الكرام و رأى العالم كله المد و الجذر الدائر بين ايران و المجتمع الدولي بخصوص البرنامج النووي الايراني، و ثارت منذ ذلك الحين العديد من الأسئلة هل فعلاً ستنجح ايران في امتلاك السلاح النووي؟ هل ستستخدمه ايران ضد أعدائها في المنطقة رغم قربهم؟ هل ستبدأ أمريكا بضرب المواقع النووية الايرانية قبيل اندلاع حرب بينهما؟ لماذا لم تبادر امريكا أو اسرائيل بضرب المفاعل النووي الايراني كما حدث مع العراقي في عام 1981؟ لماذا تركت أمريكا و اسرائيل ايران التي تهدد علناً بازالة اسرائيل و امريكا من الوجود حتى تعلن انها تمكنت من تخصيب اليورانيوم؟ هذه الاسئلة تبادرت الى ذهني اثناء اعداد هذا الموضوع و بدا لي للوهلة الاولى امكانية امتلاك ايران للسلاح النووي ثم تغير رأيي بعد ذلك!!!!
و حتى تتضح الصورة و يتبين لنا بوضوح مسارات التقييم لقدرة ايران على انتاج السلاح النووي و أخذ الحيطة و الحذر تجاه ذلك سنناقش مجموعه من الامور مثل فكرة السلاح النووي و كيفيه تصنيعه و المراحل التي مرت بها ايران حتى وصلت الى مرحلة الاعلان أنها تمكنت من تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5% و مدى حصولها على السلاح النووي و مدى امكانية ضرب أعدائها القريبين منها به؟
فلو بدأنا بمراحل التطور النووي الايراني فعلى العموم فإن البرنامج النووي الإيراني قد مر من الناحية التاريخية بعدة مراحل يمكن إن نوجزها بالنقاط الآتية:
٭ في عام 1957 تم الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة على التعاون النووي وبموجب ذلك الاتفاق تم البدء في انشاء مفاعل طهران النووي للأبحاث بقوة (5) ميجاوات.
٭ في عام 1974 إنشاء شاه ايران منظمة الطاقة النووية الإيرانية و اوكل الى تلك المنظمة البدء في انجاز برنامج نووي طموح يمكن ايران من امتلاك أكثر من (23) محطة قوى نووية على مدى عشرين عاما.
٭ في عام 1976 قامت المانيا الاتحادية ببناء محطة نووية في بوشهر بطاقة (1200) ميجاوات لكل مفاعل من مفاعلي المحطة وفي نفس العام تم ارسال أعداد كبيرة من الإفراد للتدريب النووي في كل من المانيا وعدد من الدول الأخرى. وعند قيام الثورة الإيرانية كان قد تم انجاز 70٪ من ذلك المشروع.
٭ نتيجة لقيام الثورة الايرانية ونشوب الحرب العراقية الايرانية توقف البرنامج النووي الايراني وذلك من عام 1979 حتى 1984.
٭ في نهاية عام 1984 أعيد تفعيل العمل في مفاعل طهران النووي للأبحاث وافتتح مركز أبحاث نووي جديد في جامعة «اصفهان» بالتعاون مع كل من الصين وفرنسا وباكستان.
٭ في عام 1985 تحول البرنامج النووي الايراني الى صفة الشمولية حيث أصبح هناك تنسيق بين مراكز الأبحاث على مستوى الدولة وفي نفس الوقت كثفت ايران الجهود من أجل التواصل والتعاون النووي مع الدول ذات الخبرة والقدرة النووية.
٭ في عامي 1986 و1987 تم بدء التعاون بين ايران وباكستان في المجال النووي حيث تقدم ايران المال وتقدم باكستان التدريب للعلماء الايرانيين في منشآتها النووية. وفي نفس العام وقعت ايران اتفاقا آخر مع الارجنتين يتم بموجبه امداد ايران باليورانيوم المخصب، وتدريب الايرانيين في المنشآت النووية الارجنتينية.
٭ في الفترة من 1987 - 1991 تمكنت ايران من الحصول على بعض التقنيات ذات العلاقة بالامور النووية. كما دعا مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي العلماء الايرانيين الى تكثيف الجهود وبذل كل طاقتهم والعمل المتواصل من أجل الحصول والوصول الى القدرة النووية بأسرع وقت ممكن. كما أعلن الرئيس الايراني الأسبق في ذلك الوقت هاشمي رفنسجاني بأن ايران لا يمكنها تجاهل أهمية التقنية النووية. وخلال تلك الفترة وقعت ايران اتفاقية مع الصين للتعاون العلمي مدته عشر سنوات تقوم الصين بموجبه ببناء مفاعل نووي في اصفهان وتدريب العلماء الايرانيين من أجل العملة فيه. كما أشارت التقارير في ذلك الوقت الى ان ايران استفادت من انهيار حلف وارسو والاتحاد السوفيتي السابق وحصلت من تلك الدول على بعض الأسلحة والمواد النووية واستقطبت بعض علماء الذرة.
فبراير/شباط 1999: فرضت الولايات المتّحدة الامريكية عقوبات على عشرة شخصيات روسية بسبب مبيعات نووية وتقنية صواريخ إلى إيران.
أبريل/نيسان 1999: تبدأ أحدى الشركات الروسية في بطرسبرج في إنتاج أجهزة التدوير الأساسية في بوشهر، بما في ذلك أوعية المفاعل، و مولّدات البخار
أكتوبر/تشرين الأول 1999: تهدّد إيران بسحب العقود النووية الأخرى من روسيا للإخفاق في إكمال مفاعل بوشهر في الوقت المتفق عليه.
يناير/كانون الثّاني 2000: تقدر وكالة المخابرات المركزية الامريكية بأنّ إيران قد تكون قادرة على الحصول على سلاح نووي. و هذا لم يكن على ما يبدو مستند على دليل موثوق، لكن على فرضية أنّه غير قادر على تعقيب جهود إيران السرية لامتلاك المواد والتقنية النووية من السوق السوداء الدولية.
يناير/كانون الثّاني 2000: إيران تعلن بأنّها لم تعد تتعاون مع الصين في المشاريع النووية.
فبراير/شباط 2000: تعترف وزارة الطاقة الذرية الروسية بأنّ مشروع بوشهر سينطلق بعد 18 شهر.
أبريل/نيسان 2000: الحكومة التشيكية و تحت ضغط من الولايات المتّحدة، تمنع شركاتها من امداد بوشهر بالاجزاء اللازمة. الا ان بعض الشركات خططت لامداده بأجهزة التطييف
يونيو/حزيران 2000: نائب وزير روسيا للطاقة الذرّية يقول أن مصنع بوشهر سيكتمل في 2002 و أن روسيا تتوقّع كسب 1 بليون دولار من المشروع.
ثم توالت التقارير الدولية على رغبة ايران الحثيثة على الحصول على التقنية النووية من عدة دول
****************************************
ما القنبلة النووية و ما فكرة عملها؟
تتكون القنبلة النووية عادة من 4-8 كيلوجرام من عنصر اليورانيوم مقسم الى كميتين منفصلتين أحدهما من عنصر اليورانيوم 235 المخصب سريع الانشطار و الكمية الاخرى من اليورانيوم 238 الخامل أو البلوتونيوم 239 و بنسبة 80% و 20% على الترتيب. و بواسطة جهاز خاص بالقنبلة يتم جمع و ضغط هاتين الكميتين ضغطاً مفاجئاً الى حجم أصغر و يمكن احداث هذا الضغط باستعمال كمية محدودة من مادة TNT شديدة الانفجار. و حتى يكون الانفجار النووي ناجحاً يجب الاستفادة من جميع النيترونات المنبعثة في شطر جميع نوى اليورانيوم أو البلوتونيوم. و يتطلب ذلك نقاء هاتين المادتين من الشوائب التي تمتص النيترونات مثل عنصر الكادميوم. كما يجب ألا تتشتت النيوترونات المتولدة أو تبطئ سرعتها و ذلك بأن يكون كمية اليورانيوم أو البلايونيوم مناسبة بحيث لا تسمح بتشتت النيترونات. و أيضاً يجب تحديد ما يسمى بالكتلة الحرجة التي تشغل حجماً معيناً عندما تضغط فجأة، و يعرف ذلك بالحجم الحرج، بحيث يسمح باقتناص كل النيوترونات و عدم ضياع شئ منها.
****************
ما الذي يحدث بعد الانفجار النووي؟
عند حدوث الانفجار النووي فان الطاقة الناتجة تحول المواد المستخدمة الى غاز، و ينتج ضغط هائل و رياح شديدة السرعة تتكون نتيجة التمدد المفاجئ. كما ينتج وميضاً وهاجاً أقوى من ضوء الشمس، و درجة حرارة تصل الى عشرة ملايين درجة مئوية، و عندما يتحرر الغاز من هذا الضغط تنطلق موجات لافحة تحمل خطراً مميتاً على هيئة اشعاعات قوية مختلفة الأنواع تؤدي الى قطع التيار الكهربائي و ايقاف محركات السيارات و ماكينات المصانع، علاوة على تصاعد أتربة كثيفة تكتسب خاصية الاشعاع باندماجها في عملية التفجير و اختلاطها بالاشعاعات أثناء الانفجار النووي. و لا يخفى عليكم أن التيارات ىالهوائية تحمل كل هذه المخاطر الى مساحات شاسعة تتجاوز حدود البلدان.
ما مراحل الحصول على قنبلة نووية؟
- التعدين: معدن اليورانيوم هو المادة الاساسية في البرامج النووية و يتم استخراجه من باطن الأرض، فخام اليورانيوم الموجود فى الطبيعة يتضمن نظيرين هما: الذرات الثقيلة (يو 238) والذرات الخفيفة (يو 235)، إلا أن النظير 235 هو الوحيد الصالح للاستخدام فى تشغيل المحطات النووية، وفى إنتاج الأسلحة النووية، فى آن واحد معاً.
-التحويل: حيث يتم بعد استخلاص اليورانيوم تشكيله و طحنه وتحويله إلى غاز سداسى فلوريد اليورانيوم، المعروف بـ الكعكة الصفراء. وتتم هذه المرحلة فى منشأة أصفهان النووية، وكانت إيران قد أعلنت فى فترات سابقة أنها أنتجت حوالى 110 أطنان من هذا الغاز. وفى مرحلة تالية،
-التخصيب: نظراً لأن النظير (يو 235 ) يتوافر فى خام اليورانيوم بنسبة ضئيلة للغاية، لا تزيد عن 0.7%، فإنه يحتاج إلى عملية تخصيب، حتى ترتفع نسبة النظير 235 إلى ما لا يقل عن 4 ـ 5%، لكى يكون صالحاً للاستخدام للأغراض السلمية المدنية، وبنسبة لا تقل عن 80%، حتى يكون صالحاً لإنتاج السلاح النووى. يتم استخدام سداسى فلوريد اليورانيوم الذي تم الحصول عليه من المرحلة السابقة فى أجهزة الطرد المركزى على درجة حرارة 64 درجة مئوية، وهى عبارة عن أنابيب يتم فيها تحريك الغاز بسرعة دوران فائقة، يتم خلالها فصل ذرات اليورانيوم الثقيلة (يو 238) والذرات الخفيفة (يو 235)، حيث تطرد الذرات الثقيلة إلى أطراف الأنبوبة، بينما تتركز الذرات الخفيفة فى الوسط، ثم ترسل هذه الذرات الخفيفة إلى جهاز طرد مركزى آخر لتكرار العملية ذاتها. ومع تكرار عمليات الفصل، تزداد نسبة تخصيب اليورانيوم، بمعنى أن نسبة التخصيب تتوقف على عدد أجهزة الطرد المركزى المستخدمة ومدى فاعليتها والوقت الذى تستغرقه هذه العملية.
و استكمالاً للموضوع نشير الى أن اليورانيوم المنضب هو عبارة عن اليورانيوم 238 المتبقي بعد ازالة كافة ذرات يورانيوم 235 و هو معدن ثقيل و مشع بشكل بسيط و يستخدم كمكون في القذائف الخارقة للدروع و غيرها من الذخائر.
ثم بعد التخصيب بنسبة تصل الى 4-5% يمكن الاستخدام في المفاعلات النووية بتوليد الطاقة المتحكم فيها و التي تستخدم في الاغراض المدنية و لو وصلت الى أكثر من80% و امتلكت كمية لا تقل عن 15-20 كيلو جرام من اليورانيوم المخصب يمكن استخدامه في الاغراض الحربية
هل فعلاً اصبحت ايران نووية؟
يرى البعض ان هذا حلم لم يتحقق بعد فإن ما قامت به إيران فى مجال تخصيب اليورانيوم لم يحولها إلى قوة نووية عسكرية، وإنما ما زالت إيران واحدة من دول الفئة الرابعة نوويا أى الدول التى هي على عتبة امتلاك قدرات نووية خاصة بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، والإضافة الجديدة هنا هى أن إيران أصبحت واحدة من الدول المالكة لتكنولوجيا تخصيب اليورانيوم، وهى مسألة قد تتباين الآراء بشأن جدواها الحقيقية.
فمن الناحية الاقتصادية، اضطرت إيران لأن تضخ استثمارات ضخمة من أجل امتلاك قدرة وطنية ذاتية فى مجال تخصيب اليورانيوم، بغض النظر عن الجدوى الاقتصادية لمثل هذه الاستثمارات. ولدى تقييم هذه المسألة من منظور اقتصادى بحت، فإن من الممكن القول أن إيران الآن وفى المستقبل القريب ليست فى حاجة ماسة لامتلاك قدرة ذاتية فى مجال تخصيب اليورانيوم، لأن احتياجاتها تنحصر فى مجرد توفير الوقود النووى لمفاعل بوشهر ، و كما نعلم عدم وضوح موافقة روسيا من عدمها على امداد ايران بالوقود النووي لا سيما بعد المعارضة الدولية.
وما يردده المسئولون الإيرانيون بشأن استعدادهم لتسويق ما سوف ينتجونه من الوقود النووى فى السوق العالمية هو كلام يخلو من المصداقية، لأن هذه السوق يسيطر عليها منتجون كبار يمتلكون قدرات إنتاجية أكبر وأكثر تطوراًً بكثير مما لدى إيران، يأتى فى مقدمتها بالترتيب روسيا وفرنسا والولايات المتحدة والكونسورتيوم الألمانى ـ البريطانى ـ الهولندى. ولن تمتلك إيران قدرة حقيقية على منافسة هؤلاء المنتجين الكبار حتى بافتراض تطور قدراتها فى هذا المجال لمستويات أكبر فى المستقبل.
أما من حيث الدلالات السياسية والإستراتيجية، فإن نجاح دولة ما فى تخصيب اليورانيوم يعنى من الناحية النظرية أن هذه الدولة أصبحت تقف على بداية طريق قد ينتهى بها إلى امتلاك السلاح النووى، لأن تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية لا يختلف من النواحى العلمية والفنية والإنتاجية عن تخصيبه لأغراض صنع السلاح النووى. ولكن من الناحية العملية، فإن هناك إشكاليات عديدة تحيط بالإنجاز الذى حققته إيران فى هذا المجال. فما حققته إيران هو تخصيب لليورانيوم بنسبة لا تزيد عن 3.5%، وهى نسبة متدنية للغاية، ويجئ ذلك فى حدود ما تسمح به قدرات إيران فى مجال ما تملكه من وحدات الطرد المركزى التى تستخدم فى التخصيب، والتى لا تزيد عن4 6 1وحدة.
وحتى تستطيع أن تزيد من نسبة تخصيب اليورانيوم، فإنها تحتاج إلى زيادة ما تملكه من وحدات الطرد المركزى، بحيث لا تقل عن 1500 وحدة على الأقل. والسبيل الوحيد لذلك يتمثل فى التصنيع المحلى، نظراً لأن فرص الاستيراد من الخارج أصبحت شبه منعدمة الآن. وتمتلك إيران بالفعل قدرة ما فى مجال تصنيع وحدات الطرد المركزى فى منشأة نتانز النووية. وكانت إيران قد أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عقب إجراء تجربة تخصيب اليورانيوم، أنها ستقوم بتركيب ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزى فى منشأة نتانز النووية بحلول نهاية العام 2006، ثم تزيدها إلى 54 ألف جهاز فى مرحلة لاحقة، بما يسمح لإيران بإنتاج وقود نووى يكفى لتشغيل مفاعل بوشهر النووى الأول، الذى تصل قوته إلى 1000 ميجاوات. و هذا لم يحدث بعد
و مما لا يخفي أن ايران منذ عام 1985 لم تتمكن من إنتاج أكثر من 164 وحدة طرد مركزى، وهى التى تم استخدامها فى تجربة 9 أبريل 2006، فكيف يمكن أن نتوقع إذن أن تتضاعف قدرات إيران فى هذا المجال، بحيث تقوم بتصنيع آلاف الوحدات الإضافية فى غضون فترة زمنية محدودة؟
و الأهم من ذلك أن إيران تحتاج إلى ألاف الأطنان من اليورانيوم الخام للحصول على الكعكة الصفراء و تكريرها و الحصول منها على سداسي فلوريد اليورانيوم الذي يدخل في دورة التخصيب، و مما لا شك فيه الحصول على هذا الكم من الصعوبة بمكان لاسيما في ظل هذه الظروف الآنيه و ذلك يضاف إلى ما سبق من تحليل.
هل هناك محاولات جدية ايرانية للحصول على القنبلة النووية؟؟؟
تشير تقارير حديثة الى أنه من المؤكد أن إيران حصلت على أجهزة طرد مركزي طراز متطور (p-2)، وتفيد المعلومات أنها ثلاثة أجهزة وذلك عبر شبكة السوق السوداء. ومن المؤكد أيضاً أن أجهزة الطرد المركزى طراز (p-1) التى تمتلك منها إيران حالياً 146 جهازاً قيد التجميد في منشأة ناتانز قد أصبح معظمها غير صالح للعمل بعد أن أصابه الصدأ، ناهيك من الأعطال الكثيرة التى تصيبها أثناء التشغيل، وعدم قدرتها على تحقيق التنقية المطلوبة من الشوائب التى يجب التخلص منها للوصول إلى نسبة التخصيب المطلوبة وهى 90%. وإذا ما وضعنا المعادلة النووية التى تقول بأن 500 جهاز طرد مركزي (p-1) تعمل بصورة مستمرة لمدة 5 سنوات يمكنها أن تنتج 20 كجم يورانيوم مخصب 235، فإن المعلومات التى تشير إلى امتلاك إيران لـ 5000 جهاز طرد مركزي (p-1) نجحت في تصنيعهم محلياً سيمكنها من إنتاج هذه الكمية من اليورانيوم االمخصب خلال عام ونصف العام فقط، أما إذا كانت هذه الأجهزة من نوع (p-2) فإن هذه المدة يمكن أن تتقلص إلى بضعة أشهر فقط لكى تمتلك إيران سلاحاً نووياً واحداً قدرته 20 كيلو طن، وهو ما تشير إليه أجهزة المخابرات الإسرائيلية في ضوء ما حصلت عليه من معلومات من داخل إيران. من هنا يأتى مغزى إصرار إيران على اختبار مدى كفاءة أجهزة الطرد المركزى (p-2) من حيث قدرتها الأمنية على التخصيب، ومدى جودة التخصيب تخلصاً من الشوائب المعدنية الأخرى.
وجهت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى المسؤلين الايرانيين تساؤلات تشكك في برنامجها النووي:
أ - إن لدى إيران مفاعلاً نووياً واحداً في بوشهر، ويتم إمداده بالوقود النووى من روسيا وتحت سيطرتها حتى لا تتحول نتائج التخصيب لأهداف عسكرية، كما تعهدت روسيا بإمداد إيران باحتياجات المفاعلات النووية التى يجرى قيامها مستقبلاً وحتى عشر سنوات قادمة من الوقود النووى، إذن ما هى حاجة إيران إلى أن تجرى عمليات تخصيب داخل أراضيها، إذا ما كانت احتياجات مفاعلاتها الحالية والمستقبلية من الوقود النووى ستوفرها روسيا بأسهل وأسرع وأرخص مما لو أنتجته إيران محلياً؟ هذا مع العلم بأنه يوجد في العالم 20 دولة تملك مفاعلات نووية معظمها لا تدير داخل أراضيها دورة وقود نووية كاملة، بل تستورده من الخارج.
ب - إذا كان هدف البرنامج النووى الإيرانى هو الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وهى لا تحتاج لأكثر من نسبة تخصيب 3-5 %، فلماذا إذن وصلت نسبة التخصيب في بعض أجهزة الطرد المركزى إلى 36%، وهو ما يعنى في نظر مفتشى الوكالة أن إيران تريد الوصول بنسبة التخصيب إلى 90% اللازمة لتصنيع سلاح نووي. يؤكد هذا الانطباع لدى الوكالة اتجاه إيران إلى مضاعفة عدد أجهزة الطرد المركزى وتطويرها إلى (p-2)، لاسيما بعد أن ثبت استيرادها 5000 قطعة مغناطيسية تشكل الجزء الرئيسى فى جهاز الطرد المركزى.
جـ- إذا كانت إيران قد قبلت طوعاً بتجميد عمليات تخصيب اليورانيوم في منشأة ناتانز، فلماذا تقوم إيران في منشأة أصفهان بتحويل خام اليورانيوم إلى غاز (هكسوفلورايد اليورانيوم) بكميات كبيرة، وهو ما لا قيمة له إذا لم يتبع ذلك عمليات تخصيب لهذا الغاز في ناتانز؟
د- وإذا كانت الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تتطلب كميات محدودة من اليورانيوم بنسبة تخصيب منخفض، فلماذا تتجه إيران لإنتاج الماء الثقيل اللازم فقط لعملية فصل البلوتونيوم 239، والذى يلزم منه 6-8 كجم لتصنيع سلاح نووي قدرته 20 كيلو طن.
وتتمحور إجابات إيران على هذه الأسئلة حول عدم إمكان ضمان إمدادها بالوقود النووى من الدول الأخرى مستقبلاً، كما حدث مع كوريا الشمالية من قبل، الأمر الذى يتطلب اعتمادها على نفسها في إنتاج احتياجاتها النووية اللازمة لإنتاج الطاقة الكهربائية، خاصة وأن مخزونها الاستراتيجى من النفط تحت الأرض يقدر أن ينضب بعد 15 عاماً.
هل ممكن أن تقصف ايران دول الجوار بالنووي حين حصولها عليه؟؟؟؟
لو سلمنا فرضاً ان ايران تمكنت من تخصيب كمية كبيرة من اليورانيوم 235 و انها انتجت قنبلة نووية فانه بالطبع من الممكن ضرب دول الجوار و لسائل أن يتساءل اليست ايران ستتضرر من الاشعة المنبعثة نقول:
القنبلة النووية الأولى التي تم القائها على مدينة هيروشيما اليابانية أثناء الحرب العالمية الثانية تزن 4 أطنان و تحتوي على قدرة تدميرية تعادل عشرون ألف طن من مادة TNT (نيوتروتولوين) و الأن و بعد تطور صناعة القنابل النووية بحيث اصبحت تزن 0.1 طن أي 100 كيلو جرام فقط بقدرة تدميرية تعادل مائتين الف طن من TNT و من المعروف أنه كلمات زادت القوة التدميرية للقنبلة و قل وزنها كانت أكثر كفاءة بحيث يمكن حملها بسهولة على شكل رؤوس نووية بواسطة الصواريخ.
و الجدير بالذكر ان هذه القنابل تستخدم اساسا كأسلحة استراتيجية للهجوم على أهداف كبيرة مثل المدن، و أمكن الأن تصنيع قنابل نووية صغيرة تكون قدرتها التدميرية في حدود الف الى خمسة ألاف طن من TNT و تستخدم كأسلحة تكتيكية يمكن قذفها بمقاتلات قاذفة أو صواريخ للهجوم على أهداف صغيرة مثل المطارات و مصانع الأسلحة و مواقع صواريخ و غير ذلك و تعلرف بالقنبلة التكتيكية و بالطبع يكون مدى تاثيرها محدود للغاية و لا يضر الا البقعة المستهدفة.
نخلص من ذلك أن المشروع النووي الايراني قديم منذ عهد الشاه 1967، هناك صعوبة في الحصول على القنبلة النووية في الوقت الراهن و أن ايران تعمل جاهدة للحصول على مثل هذا النوع من القنابل ، و من الممكن لايران ضرب دول الجوار بهذه القنابل حال حصولها عليها و هي ما تعرف بالقنبلة النووية التكتيكية لتسبب دمار لا يوصف للبقعة المستهدفة.
******************
المراجع:
أسلحة الدمار الشامل – د/ محمد زكي عويس – الهيئة المصرية العامة – 11087/2003
هل يقع العرب في كماشة بين قوتين نوويتين؟ - د. حمد بن عبدالله اللحيدان -جريدة الرياض - الجمعه 23 ربيع الأول 1427هـ - 21 أبريل 2006م - العدد 13815
إيران بين تخصيب اليورانيوم ووهم الدخول للنادى النووى - د. أحمد إبراهيم محمود - تعليقات مصرية - العدد الثالث والخمسون -11 ابريل 2006 – مركز الاهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية
الدبلوماسية أو القوة فى حل معضلة الملف النووى الإيرانى؟ - لواء أ.ح متقاعد/ حسام سويلم – مختارات ايرانية - العدد67_ فبراير 2006http://www.iranwatch.org/wmd/wmd-nukemilestones.htm
رأيتم أخواني الكرام و رأى العالم كله المد و الجذر الدائر بين ايران و المجتمع الدولي بخصوص البرنامج النووي الايراني، و ثارت منذ ذلك الحين العديد من الأسئلة هل فعلاً ستنجح ايران في امتلاك السلاح النووي؟ هل ستستخدمه ايران ضد أعدائها في المنطقة رغم قربهم؟ هل ستبدأ أمريكا بضرب المواقع النووية الايرانية قبيل اندلاع حرب بينهما؟ لماذا لم تبادر امريكا أو اسرائيل بضرب المفاعل النووي الايراني كما حدث مع العراقي في عام 1981؟ لماذا تركت أمريكا و اسرائيل ايران التي تهدد علناً بازالة اسرائيل و امريكا من الوجود حتى تعلن انها تمكنت من تخصيب اليورانيوم؟ هذه الاسئلة تبادرت الى ذهني اثناء اعداد هذا الموضوع و بدا لي للوهلة الاولى امكانية امتلاك ايران للسلاح النووي ثم تغير رأيي بعد ذلك!!!!
و حتى تتضح الصورة و يتبين لنا بوضوح مسارات التقييم لقدرة ايران على انتاج السلاح النووي و أخذ الحيطة و الحذر تجاه ذلك سنناقش مجموعه من الامور مثل فكرة السلاح النووي و كيفيه تصنيعه و المراحل التي مرت بها ايران حتى وصلت الى مرحلة الاعلان أنها تمكنت من تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5% و مدى حصولها على السلاح النووي و مدى امكانية ضرب أعدائها القريبين منها به؟
فلو بدأنا بمراحل التطور النووي الايراني فعلى العموم فإن البرنامج النووي الإيراني قد مر من الناحية التاريخية بعدة مراحل يمكن إن نوجزها بالنقاط الآتية:
٭ في عام 1957 تم الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة على التعاون النووي وبموجب ذلك الاتفاق تم البدء في انشاء مفاعل طهران النووي للأبحاث بقوة (5) ميجاوات.
٭ في عام 1974 إنشاء شاه ايران منظمة الطاقة النووية الإيرانية و اوكل الى تلك المنظمة البدء في انجاز برنامج نووي طموح يمكن ايران من امتلاك أكثر من (23) محطة قوى نووية على مدى عشرين عاما.
٭ في عام 1976 قامت المانيا الاتحادية ببناء محطة نووية في بوشهر بطاقة (1200) ميجاوات لكل مفاعل من مفاعلي المحطة وفي نفس العام تم ارسال أعداد كبيرة من الإفراد للتدريب النووي في كل من المانيا وعدد من الدول الأخرى. وعند قيام الثورة الإيرانية كان قد تم انجاز 70٪ من ذلك المشروع.
٭ نتيجة لقيام الثورة الايرانية ونشوب الحرب العراقية الايرانية توقف البرنامج النووي الايراني وذلك من عام 1979 حتى 1984.
٭ في نهاية عام 1984 أعيد تفعيل العمل في مفاعل طهران النووي للأبحاث وافتتح مركز أبحاث نووي جديد في جامعة «اصفهان» بالتعاون مع كل من الصين وفرنسا وباكستان.
٭ في عام 1985 تحول البرنامج النووي الايراني الى صفة الشمولية حيث أصبح هناك تنسيق بين مراكز الأبحاث على مستوى الدولة وفي نفس الوقت كثفت ايران الجهود من أجل التواصل والتعاون النووي مع الدول ذات الخبرة والقدرة النووية.
٭ في عامي 1986 و1987 تم بدء التعاون بين ايران وباكستان في المجال النووي حيث تقدم ايران المال وتقدم باكستان التدريب للعلماء الايرانيين في منشآتها النووية. وفي نفس العام وقعت ايران اتفاقا آخر مع الارجنتين يتم بموجبه امداد ايران باليورانيوم المخصب، وتدريب الايرانيين في المنشآت النووية الارجنتينية.
٭ في الفترة من 1987 - 1991 تمكنت ايران من الحصول على بعض التقنيات ذات العلاقة بالامور النووية. كما دعا مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي العلماء الايرانيين الى تكثيف الجهود وبذل كل طاقتهم والعمل المتواصل من أجل الحصول والوصول الى القدرة النووية بأسرع وقت ممكن. كما أعلن الرئيس الايراني الأسبق في ذلك الوقت هاشمي رفنسجاني بأن ايران لا يمكنها تجاهل أهمية التقنية النووية. وخلال تلك الفترة وقعت ايران اتفاقية مع الصين للتعاون العلمي مدته عشر سنوات تقوم الصين بموجبه ببناء مفاعل نووي في اصفهان وتدريب العلماء الايرانيين من أجل العملة فيه. كما أشارت التقارير في ذلك الوقت الى ان ايران استفادت من انهيار حلف وارسو والاتحاد السوفيتي السابق وحصلت من تلك الدول على بعض الأسلحة والمواد النووية واستقطبت بعض علماء الذرة.
فبراير/شباط 1999: فرضت الولايات المتّحدة الامريكية عقوبات على عشرة شخصيات روسية بسبب مبيعات نووية وتقنية صواريخ إلى إيران.
أبريل/نيسان 1999: تبدأ أحدى الشركات الروسية في بطرسبرج في إنتاج أجهزة التدوير الأساسية في بوشهر، بما في ذلك أوعية المفاعل، و مولّدات البخار
أكتوبر/تشرين الأول 1999: تهدّد إيران بسحب العقود النووية الأخرى من روسيا للإخفاق في إكمال مفاعل بوشهر في الوقت المتفق عليه.
يناير/كانون الثّاني 2000: تقدر وكالة المخابرات المركزية الامريكية بأنّ إيران قد تكون قادرة على الحصول على سلاح نووي. و هذا لم يكن على ما يبدو مستند على دليل موثوق، لكن على فرضية أنّه غير قادر على تعقيب جهود إيران السرية لامتلاك المواد والتقنية النووية من السوق السوداء الدولية.
يناير/كانون الثّاني 2000: إيران تعلن بأنّها لم تعد تتعاون مع الصين في المشاريع النووية.
فبراير/شباط 2000: تعترف وزارة الطاقة الذرية الروسية بأنّ مشروع بوشهر سينطلق بعد 18 شهر.
أبريل/نيسان 2000: الحكومة التشيكية و تحت ضغط من الولايات المتّحدة، تمنع شركاتها من امداد بوشهر بالاجزاء اللازمة. الا ان بعض الشركات خططت لامداده بأجهزة التطييف
يونيو/حزيران 2000: نائب وزير روسيا للطاقة الذرّية يقول أن مصنع بوشهر سيكتمل في 2002 و أن روسيا تتوقّع كسب 1 بليون دولار من المشروع.
ثم توالت التقارير الدولية على رغبة ايران الحثيثة على الحصول على التقنية النووية من عدة دول
****************************************
ما القنبلة النووية و ما فكرة عملها؟
تتكون القنبلة النووية عادة من 4-8 كيلوجرام من عنصر اليورانيوم مقسم الى كميتين منفصلتين أحدهما من عنصر اليورانيوم 235 المخصب سريع الانشطار و الكمية الاخرى من اليورانيوم 238 الخامل أو البلوتونيوم 239 و بنسبة 80% و 20% على الترتيب. و بواسطة جهاز خاص بالقنبلة يتم جمع و ضغط هاتين الكميتين ضغطاً مفاجئاً الى حجم أصغر و يمكن احداث هذا الضغط باستعمال كمية محدودة من مادة TNT شديدة الانفجار. و حتى يكون الانفجار النووي ناجحاً يجب الاستفادة من جميع النيترونات المنبعثة في شطر جميع نوى اليورانيوم أو البلوتونيوم. و يتطلب ذلك نقاء هاتين المادتين من الشوائب التي تمتص النيترونات مثل عنصر الكادميوم. كما يجب ألا تتشتت النيوترونات المتولدة أو تبطئ سرعتها و ذلك بأن يكون كمية اليورانيوم أو البلايونيوم مناسبة بحيث لا تسمح بتشتت النيترونات. و أيضاً يجب تحديد ما يسمى بالكتلة الحرجة التي تشغل حجماً معيناً عندما تضغط فجأة، و يعرف ذلك بالحجم الحرج، بحيث يسمح باقتناص كل النيوترونات و عدم ضياع شئ منها.
****************
ما الذي يحدث بعد الانفجار النووي؟
عند حدوث الانفجار النووي فان الطاقة الناتجة تحول المواد المستخدمة الى غاز، و ينتج ضغط هائل و رياح شديدة السرعة تتكون نتيجة التمدد المفاجئ. كما ينتج وميضاً وهاجاً أقوى من ضوء الشمس، و درجة حرارة تصل الى عشرة ملايين درجة مئوية، و عندما يتحرر الغاز من هذا الضغط تنطلق موجات لافحة تحمل خطراً مميتاً على هيئة اشعاعات قوية مختلفة الأنواع تؤدي الى قطع التيار الكهربائي و ايقاف محركات السيارات و ماكينات المصانع، علاوة على تصاعد أتربة كثيفة تكتسب خاصية الاشعاع باندماجها في عملية التفجير و اختلاطها بالاشعاعات أثناء الانفجار النووي. و لا يخفى عليكم أن التيارات ىالهوائية تحمل كل هذه المخاطر الى مساحات شاسعة تتجاوز حدود البلدان.
ما مراحل الحصول على قنبلة نووية؟
- التعدين: معدن اليورانيوم هو المادة الاساسية في البرامج النووية و يتم استخراجه من باطن الأرض، فخام اليورانيوم الموجود فى الطبيعة يتضمن نظيرين هما: الذرات الثقيلة (يو 238) والذرات الخفيفة (يو 235)، إلا أن النظير 235 هو الوحيد الصالح للاستخدام فى تشغيل المحطات النووية، وفى إنتاج الأسلحة النووية، فى آن واحد معاً.
-التحويل: حيث يتم بعد استخلاص اليورانيوم تشكيله و طحنه وتحويله إلى غاز سداسى فلوريد اليورانيوم، المعروف بـ الكعكة الصفراء. وتتم هذه المرحلة فى منشأة أصفهان النووية، وكانت إيران قد أعلنت فى فترات سابقة أنها أنتجت حوالى 110 أطنان من هذا الغاز. وفى مرحلة تالية،
-التخصيب: نظراً لأن النظير (يو 235 ) يتوافر فى خام اليورانيوم بنسبة ضئيلة للغاية، لا تزيد عن 0.7%، فإنه يحتاج إلى عملية تخصيب، حتى ترتفع نسبة النظير 235 إلى ما لا يقل عن 4 ـ 5%، لكى يكون صالحاً للاستخدام للأغراض السلمية المدنية، وبنسبة لا تقل عن 80%، حتى يكون صالحاً لإنتاج السلاح النووى. يتم استخدام سداسى فلوريد اليورانيوم الذي تم الحصول عليه من المرحلة السابقة فى أجهزة الطرد المركزى على درجة حرارة 64 درجة مئوية، وهى عبارة عن أنابيب يتم فيها تحريك الغاز بسرعة دوران فائقة، يتم خلالها فصل ذرات اليورانيوم الثقيلة (يو 238) والذرات الخفيفة (يو 235)، حيث تطرد الذرات الثقيلة إلى أطراف الأنبوبة، بينما تتركز الذرات الخفيفة فى الوسط، ثم ترسل هذه الذرات الخفيفة إلى جهاز طرد مركزى آخر لتكرار العملية ذاتها. ومع تكرار عمليات الفصل، تزداد نسبة تخصيب اليورانيوم، بمعنى أن نسبة التخصيب تتوقف على عدد أجهزة الطرد المركزى المستخدمة ومدى فاعليتها والوقت الذى تستغرقه هذه العملية.
و استكمالاً للموضوع نشير الى أن اليورانيوم المنضب هو عبارة عن اليورانيوم 238 المتبقي بعد ازالة كافة ذرات يورانيوم 235 و هو معدن ثقيل و مشع بشكل بسيط و يستخدم كمكون في القذائف الخارقة للدروع و غيرها من الذخائر.
ثم بعد التخصيب بنسبة تصل الى 4-5% يمكن الاستخدام في المفاعلات النووية بتوليد الطاقة المتحكم فيها و التي تستخدم في الاغراض المدنية و لو وصلت الى أكثر من80% و امتلكت كمية لا تقل عن 15-20 كيلو جرام من اليورانيوم المخصب يمكن استخدامه في الاغراض الحربية
هل فعلاً اصبحت ايران نووية؟
يرى البعض ان هذا حلم لم يتحقق بعد فإن ما قامت به إيران فى مجال تخصيب اليورانيوم لم يحولها إلى قوة نووية عسكرية، وإنما ما زالت إيران واحدة من دول الفئة الرابعة نوويا أى الدول التى هي على عتبة امتلاك قدرات نووية خاصة بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، والإضافة الجديدة هنا هى أن إيران أصبحت واحدة من الدول المالكة لتكنولوجيا تخصيب اليورانيوم، وهى مسألة قد تتباين الآراء بشأن جدواها الحقيقية.
فمن الناحية الاقتصادية، اضطرت إيران لأن تضخ استثمارات ضخمة من أجل امتلاك قدرة وطنية ذاتية فى مجال تخصيب اليورانيوم، بغض النظر عن الجدوى الاقتصادية لمثل هذه الاستثمارات. ولدى تقييم هذه المسألة من منظور اقتصادى بحت، فإن من الممكن القول أن إيران الآن وفى المستقبل القريب ليست فى حاجة ماسة لامتلاك قدرة ذاتية فى مجال تخصيب اليورانيوم، لأن احتياجاتها تنحصر فى مجرد توفير الوقود النووى لمفاعل بوشهر ، و كما نعلم عدم وضوح موافقة روسيا من عدمها على امداد ايران بالوقود النووي لا سيما بعد المعارضة الدولية.
وما يردده المسئولون الإيرانيون بشأن استعدادهم لتسويق ما سوف ينتجونه من الوقود النووى فى السوق العالمية هو كلام يخلو من المصداقية، لأن هذه السوق يسيطر عليها منتجون كبار يمتلكون قدرات إنتاجية أكبر وأكثر تطوراًً بكثير مما لدى إيران، يأتى فى مقدمتها بالترتيب روسيا وفرنسا والولايات المتحدة والكونسورتيوم الألمانى ـ البريطانى ـ الهولندى. ولن تمتلك إيران قدرة حقيقية على منافسة هؤلاء المنتجين الكبار حتى بافتراض تطور قدراتها فى هذا المجال لمستويات أكبر فى المستقبل.
أما من حيث الدلالات السياسية والإستراتيجية، فإن نجاح دولة ما فى تخصيب اليورانيوم يعنى من الناحية النظرية أن هذه الدولة أصبحت تقف على بداية طريق قد ينتهى بها إلى امتلاك السلاح النووى، لأن تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية لا يختلف من النواحى العلمية والفنية والإنتاجية عن تخصيبه لأغراض صنع السلاح النووى. ولكن من الناحية العملية، فإن هناك إشكاليات عديدة تحيط بالإنجاز الذى حققته إيران فى هذا المجال. فما حققته إيران هو تخصيب لليورانيوم بنسبة لا تزيد عن 3.5%، وهى نسبة متدنية للغاية، ويجئ ذلك فى حدود ما تسمح به قدرات إيران فى مجال ما تملكه من وحدات الطرد المركزى التى تستخدم فى التخصيب، والتى لا تزيد عن4 6 1وحدة.
وحتى تستطيع أن تزيد من نسبة تخصيب اليورانيوم، فإنها تحتاج إلى زيادة ما تملكه من وحدات الطرد المركزى، بحيث لا تقل عن 1500 وحدة على الأقل. والسبيل الوحيد لذلك يتمثل فى التصنيع المحلى، نظراً لأن فرص الاستيراد من الخارج أصبحت شبه منعدمة الآن. وتمتلك إيران بالفعل قدرة ما فى مجال تصنيع وحدات الطرد المركزى فى منشأة نتانز النووية. وكانت إيران قد أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عقب إجراء تجربة تخصيب اليورانيوم، أنها ستقوم بتركيب ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزى فى منشأة نتانز النووية بحلول نهاية العام 2006، ثم تزيدها إلى 54 ألف جهاز فى مرحلة لاحقة، بما يسمح لإيران بإنتاج وقود نووى يكفى لتشغيل مفاعل بوشهر النووى الأول، الذى تصل قوته إلى 1000 ميجاوات. و هذا لم يحدث بعد
و مما لا يخفي أن ايران منذ عام 1985 لم تتمكن من إنتاج أكثر من 164 وحدة طرد مركزى، وهى التى تم استخدامها فى تجربة 9 أبريل 2006، فكيف يمكن أن نتوقع إذن أن تتضاعف قدرات إيران فى هذا المجال، بحيث تقوم بتصنيع آلاف الوحدات الإضافية فى غضون فترة زمنية محدودة؟
و الأهم من ذلك أن إيران تحتاج إلى ألاف الأطنان من اليورانيوم الخام للحصول على الكعكة الصفراء و تكريرها و الحصول منها على سداسي فلوريد اليورانيوم الذي يدخل في دورة التخصيب، و مما لا شك فيه الحصول على هذا الكم من الصعوبة بمكان لاسيما في ظل هذه الظروف الآنيه و ذلك يضاف إلى ما سبق من تحليل.
هل هناك محاولات جدية ايرانية للحصول على القنبلة النووية؟؟؟
تشير تقارير حديثة الى أنه من المؤكد أن إيران حصلت على أجهزة طرد مركزي طراز متطور (p-2)، وتفيد المعلومات أنها ثلاثة أجهزة وذلك عبر شبكة السوق السوداء. ومن المؤكد أيضاً أن أجهزة الطرد المركزى طراز (p-1) التى تمتلك منها إيران حالياً 146 جهازاً قيد التجميد في منشأة ناتانز قد أصبح معظمها غير صالح للعمل بعد أن أصابه الصدأ، ناهيك من الأعطال الكثيرة التى تصيبها أثناء التشغيل، وعدم قدرتها على تحقيق التنقية المطلوبة من الشوائب التى يجب التخلص منها للوصول إلى نسبة التخصيب المطلوبة وهى 90%. وإذا ما وضعنا المعادلة النووية التى تقول بأن 500 جهاز طرد مركزي (p-1) تعمل بصورة مستمرة لمدة 5 سنوات يمكنها أن تنتج 20 كجم يورانيوم مخصب 235، فإن المعلومات التى تشير إلى امتلاك إيران لـ 5000 جهاز طرد مركزي (p-1) نجحت في تصنيعهم محلياً سيمكنها من إنتاج هذه الكمية من اليورانيوم االمخصب خلال عام ونصف العام فقط، أما إذا كانت هذه الأجهزة من نوع (p-2) فإن هذه المدة يمكن أن تتقلص إلى بضعة أشهر فقط لكى تمتلك إيران سلاحاً نووياً واحداً قدرته 20 كيلو طن، وهو ما تشير إليه أجهزة المخابرات الإسرائيلية في ضوء ما حصلت عليه من معلومات من داخل إيران. من هنا يأتى مغزى إصرار إيران على اختبار مدى كفاءة أجهزة الطرد المركزى (p-2) من حيث قدرتها الأمنية على التخصيب، ومدى جودة التخصيب تخلصاً من الشوائب المعدنية الأخرى.
وجهت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى المسؤلين الايرانيين تساؤلات تشكك في برنامجها النووي:
أ - إن لدى إيران مفاعلاً نووياً واحداً في بوشهر، ويتم إمداده بالوقود النووى من روسيا وتحت سيطرتها حتى لا تتحول نتائج التخصيب لأهداف عسكرية، كما تعهدت روسيا بإمداد إيران باحتياجات المفاعلات النووية التى يجرى قيامها مستقبلاً وحتى عشر سنوات قادمة من الوقود النووى، إذن ما هى حاجة إيران إلى أن تجرى عمليات تخصيب داخل أراضيها، إذا ما كانت احتياجات مفاعلاتها الحالية والمستقبلية من الوقود النووى ستوفرها روسيا بأسهل وأسرع وأرخص مما لو أنتجته إيران محلياً؟ هذا مع العلم بأنه يوجد في العالم 20 دولة تملك مفاعلات نووية معظمها لا تدير داخل أراضيها دورة وقود نووية كاملة، بل تستورده من الخارج.
ب - إذا كان هدف البرنامج النووى الإيرانى هو الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وهى لا تحتاج لأكثر من نسبة تخصيب 3-5 %، فلماذا إذن وصلت نسبة التخصيب في بعض أجهزة الطرد المركزى إلى 36%، وهو ما يعنى في نظر مفتشى الوكالة أن إيران تريد الوصول بنسبة التخصيب إلى 90% اللازمة لتصنيع سلاح نووي. يؤكد هذا الانطباع لدى الوكالة اتجاه إيران إلى مضاعفة عدد أجهزة الطرد المركزى وتطويرها إلى (p-2)، لاسيما بعد أن ثبت استيرادها 5000 قطعة مغناطيسية تشكل الجزء الرئيسى فى جهاز الطرد المركزى.
جـ- إذا كانت إيران قد قبلت طوعاً بتجميد عمليات تخصيب اليورانيوم في منشأة ناتانز، فلماذا تقوم إيران في منشأة أصفهان بتحويل خام اليورانيوم إلى غاز (هكسوفلورايد اليورانيوم) بكميات كبيرة، وهو ما لا قيمة له إذا لم يتبع ذلك عمليات تخصيب لهذا الغاز في ناتانز؟
د- وإذا كانت الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تتطلب كميات محدودة من اليورانيوم بنسبة تخصيب منخفض، فلماذا تتجه إيران لإنتاج الماء الثقيل اللازم فقط لعملية فصل البلوتونيوم 239، والذى يلزم منه 6-8 كجم لتصنيع سلاح نووي قدرته 20 كيلو طن.
وتتمحور إجابات إيران على هذه الأسئلة حول عدم إمكان ضمان إمدادها بالوقود النووى من الدول الأخرى مستقبلاً، كما حدث مع كوريا الشمالية من قبل، الأمر الذى يتطلب اعتمادها على نفسها في إنتاج احتياجاتها النووية اللازمة لإنتاج الطاقة الكهربائية، خاصة وأن مخزونها الاستراتيجى من النفط تحت الأرض يقدر أن ينضب بعد 15 عاماً.
هل ممكن أن تقصف ايران دول الجوار بالنووي حين حصولها عليه؟؟؟؟
لو سلمنا فرضاً ان ايران تمكنت من تخصيب كمية كبيرة من اليورانيوم 235 و انها انتجت قنبلة نووية فانه بالطبع من الممكن ضرب دول الجوار و لسائل أن يتساءل اليست ايران ستتضرر من الاشعة المنبعثة نقول:
القنبلة النووية الأولى التي تم القائها على مدينة هيروشيما اليابانية أثناء الحرب العالمية الثانية تزن 4 أطنان و تحتوي على قدرة تدميرية تعادل عشرون ألف طن من مادة TNT (نيوتروتولوين) و الأن و بعد تطور صناعة القنابل النووية بحيث اصبحت تزن 0.1 طن أي 100 كيلو جرام فقط بقدرة تدميرية تعادل مائتين الف طن من TNT و من المعروف أنه كلمات زادت القوة التدميرية للقنبلة و قل وزنها كانت أكثر كفاءة بحيث يمكن حملها بسهولة على شكل رؤوس نووية بواسطة الصواريخ.
و الجدير بالذكر ان هذه القنابل تستخدم اساسا كأسلحة استراتيجية للهجوم على أهداف كبيرة مثل المدن، و أمكن الأن تصنيع قنابل نووية صغيرة تكون قدرتها التدميرية في حدود الف الى خمسة ألاف طن من TNT و تستخدم كأسلحة تكتيكية يمكن قذفها بمقاتلات قاذفة أو صواريخ للهجوم على أهداف صغيرة مثل المطارات و مصانع الأسلحة و مواقع صواريخ و غير ذلك و تعلرف بالقنبلة التكتيكية و بالطبع يكون مدى تاثيرها محدود للغاية و لا يضر الا البقعة المستهدفة.
نخلص من ذلك أن المشروع النووي الايراني قديم منذ عهد الشاه 1967، هناك صعوبة في الحصول على القنبلة النووية في الوقت الراهن و أن ايران تعمل جاهدة للحصول على مثل هذا النوع من القنابل ، و من الممكن لايران ضرب دول الجوار بهذه القنابل حال حصولها عليها و هي ما تعرف بالقنبلة النووية التكتيكية لتسبب دمار لا يوصف للبقعة المستهدفة.
******************
المراجع:
أسلحة الدمار الشامل – د/ محمد زكي عويس – الهيئة المصرية العامة – 11087/2003
هل يقع العرب في كماشة بين قوتين نوويتين؟ - د. حمد بن عبدالله اللحيدان -جريدة الرياض - الجمعه 23 ربيع الأول 1427هـ - 21 أبريل 2006م - العدد 13815
إيران بين تخصيب اليورانيوم ووهم الدخول للنادى النووى - د. أحمد إبراهيم محمود - تعليقات مصرية - العدد الثالث والخمسون -11 ابريل 2006 – مركز الاهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية
الدبلوماسية أو القوة فى حل معضلة الملف النووى الإيرانى؟ - لواء أ.ح متقاعد/ حسام سويلم – مختارات ايرانية - العدد67_ فبراير 2006http://www.iranwatch.org/wmd/wmd-nukemilestones.htm
__________________
استراتيجيات الحرب المقبلة:بعد تناولنا الموضوعات السابقة التي قد تخدمنا في الاجابة على السؤال المطروح حول مدى امكانية قيام مثل هذه الحرب المفترضة بين ايران و أمريكا و ما يتبع ذلك من امتداد الصراع الى دول الجوار و هذا أمر حتمي بقي لنا أن نعرض للمشهد الاستراتيجي المحيط بهذه الحرب عله بدوره يفيدنا في الاجابة على تساؤلاتنا و من أجل ذلك نقوم في الأسطر التالية بعد للاهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج و استراتيجيات القوى المتنافسة حولها ثم نتطرق الى النواحي الاستراتيجية لقوة دول المنطقة.
- الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج و اللاندسكيب الخاص بها:
منطقة الخليج العربي كانت و لا زالت أحد محاور الاستراتيجية الدولية الرئيسية على خريطة الصراع العالمي. و يتمثل ذلك في الاهتمام الشديد للقوى الدولية في التواجد العسكري براً و بحراً و جواً و محاولة اكتساب صداقة دول المنطقة و السعي الحقيقي في الحصول على قواعد و تسهيلات تمكن من سرعة و مرونة التدخل العسكري اذا تطلب الأمر ذلك. و لعل أبرز تلك المظاهر التنافس الدائر بين تلك القوى لتكثيف التواجد البحري في منطقة الخليج بهدف السيطرة على طرق الاقتراب المختلفة و تحسينه الاوضاع الجغرافية الاستراتيجية التي توفر تفوقا لطرف على طرف آخر منافس.
يعتبر الخليج العربي أحد بحار المحيط الهندي و يمتد من مضيق هرمز في الجنوب الشرقي الى شط العرب في الشمال الغربي، و طوله حوالي 1020كم و عرضه يتراوح بين 36كم، 350 كم، و تتواجد أعمق أجزائه كلما اتجهنا جنوبا نحو مدخله عند التقائه بخليج عمان. و يصل طول الساحل العربي 1800 كم و طول الساحل الايراني 1200 كم، و تطل عليه ثمانية دول هي العراق و الكويت و المملكة العربية السعودية و البحرين و قطر و دولة الامارات العربية و سلطنة عمان و ايران. و يتصل هذا الخليج بالمحيط الهندي عبر بحر العرب من خلال مضيق هرمز الذي يعتبر بوابة الخليج و من ثم فان من يتحكم في هذا المضيق يتحكم بالضرورة في حركة النقل البحري الى كل الدول المطلة على الخليج و لهذا فان بعض الدول الخليجية تتمتع بميزة جغرافية سياسية نتيجة لموقعها الجغرافي.
يتحكم في طريق الملاحة البحرية عبر مضيق هرمز مجموعة من الجزر الحيوية هي جزيرة الغنم و جزر سلامة و جزيرة هرمز و جزيرتي طنب الكبرى و الصغرى و أبو موسى.
و لقد ساهم التكوين الجيولجي للخليج العربي في جعل منطقة الخليج من أغنى مناطق العالم في البترول سواء من حيث حجم الانتاج او ما يتوفر بها من مخزون احتياطي مؤكد.
من خلال العرض السابق يتبين أن الاهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها منطقة الخليج تجعلها عرضة للأطماع الدولية و الاحلام التوسعية لا سيما اذا أضفنا لها ثرواتها التي منحها الله اياها من البترول و غيره كمصدر حيوي من مصادر الطاقة التي تقوم عليها اقتصاديات الدول الكبرى
و بالحديث عن مضيق هرمز يتبين لنا أن ايران لا يمكن في يوم من الايام أن تتنازل عن الجزر الاماراتية التي تحتلها نظراً للأهمية الكبيرة التي تمثلها في التحكم في هذا المضيق الحيوي. و على الجانب الأخر هناك مجموعة أخرى من الجزر في المحيط الهندي لها موقع استراتيجي يجعلها ذات أهمية هي الاخرى في التحكم في طرق الملاحة البحرية الدولية من و الى الخليج العربي و أهمها جزيرة دييجوجراتسيا و التي بها قاعدة امريكية تعتبر نقطة ارتكاز حيوية للاستراتيجية الامريكية بمنطقة المحيط الهندي.
و لا يمكن أن يخفى علينا كذلك وجوب السيطرة على منطقة الخليج باعتبارها عمق دفاعي للحفاظ على الكيان الصهيوني و توفير جوار آمن يكفل بقاؤه و استمراره.
- مشكلات حيوية في منطقة الخليج:
تعاني دول الخليج مشاكل هيكلية تضعف من مقدرتها في مواجهة التحولات التي عاشها الاقليم من بعد قيام الثورة الايرانية و حتى اليوم و يرى بعض السياسيين أن هذه المشكلات تنحصر في التالي:
1- الندرة السكانية التي تعانيها هذه الدول (فمثلاً الوعاء السكاني في الكويت بما فيه غير الكويتيين أقل من اجمالي العدد الاجمالي لحي شبرا - وفق رأي المؤلف)
2- وجود فوارق اجتماعية و عنصرية و طائفية صارمة للغاية تعوق بناء مجتمع المؤسسات
3- النمو الدرامي للطبقة المتوسطة الماهرة غير المندمجة في هياكل النظام
4-شعور عام بالاغتراب السياسي و عدم الثقة بالمؤسسة الرسمية و اتجاهاتها العامة يرتكز أحياناً على المقررات الاسلامية و أخرى على مقولات السياسة المحضة
5- فساد شائع في الاوساط المتنفذة ناتج في الأساس من الجمع بين الحكم و التجارة
6- العلاقة النامية بين النخبة الخليجية و الحكومات الغربية
7- الهوة السحيقة بين التطور الاجتماعي و الاقتصادي و المحافظة السياسية
8- مسألة الخلافة - الوراثة - في القيادة السياسية (د/النفيسي)
طبعاً تجد هذه المشكلات من ينفخ فيها و يعظمها و يكبر حجمها لغرض أو لأخر و يبقى دور هذه الدول المحاولة للتغلب على هذه المشكلات لافشال أي مخطط خبيث للنيل منها
- الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج و اللاندسكيب الخاص بها:
منطقة الخليج العربي كانت و لا زالت أحد محاور الاستراتيجية الدولية الرئيسية على خريطة الصراع العالمي. و يتمثل ذلك في الاهتمام الشديد للقوى الدولية في التواجد العسكري براً و بحراً و جواً و محاولة اكتساب صداقة دول المنطقة و السعي الحقيقي في الحصول على قواعد و تسهيلات تمكن من سرعة و مرونة التدخل العسكري اذا تطلب الأمر ذلك. و لعل أبرز تلك المظاهر التنافس الدائر بين تلك القوى لتكثيف التواجد البحري في منطقة الخليج بهدف السيطرة على طرق الاقتراب المختلفة و تحسينه الاوضاع الجغرافية الاستراتيجية التي توفر تفوقا لطرف على طرف آخر منافس.
يعتبر الخليج العربي أحد بحار المحيط الهندي و يمتد من مضيق هرمز في الجنوب الشرقي الى شط العرب في الشمال الغربي، و طوله حوالي 1020كم و عرضه يتراوح بين 36كم، 350 كم، و تتواجد أعمق أجزائه كلما اتجهنا جنوبا نحو مدخله عند التقائه بخليج عمان. و يصل طول الساحل العربي 1800 كم و طول الساحل الايراني 1200 كم، و تطل عليه ثمانية دول هي العراق و الكويت و المملكة العربية السعودية و البحرين و قطر و دولة الامارات العربية و سلطنة عمان و ايران. و يتصل هذا الخليج بالمحيط الهندي عبر بحر العرب من خلال مضيق هرمز الذي يعتبر بوابة الخليج و من ثم فان من يتحكم في هذا المضيق يتحكم بالضرورة في حركة النقل البحري الى كل الدول المطلة على الخليج و لهذا فان بعض الدول الخليجية تتمتع بميزة جغرافية سياسية نتيجة لموقعها الجغرافي.
يتحكم في طريق الملاحة البحرية عبر مضيق هرمز مجموعة من الجزر الحيوية هي جزيرة الغنم و جزر سلامة و جزيرة هرمز و جزيرتي طنب الكبرى و الصغرى و أبو موسى.
و لقد ساهم التكوين الجيولجي للخليج العربي في جعل منطقة الخليج من أغنى مناطق العالم في البترول سواء من حيث حجم الانتاج او ما يتوفر بها من مخزون احتياطي مؤكد.
من خلال العرض السابق يتبين أن الاهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها منطقة الخليج تجعلها عرضة للأطماع الدولية و الاحلام التوسعية لا سيما اذا أضفنا لها ثرواتها التي منحها الله اياها من البترول و غيره كمصدر حيوي من مصادر الطاقة التي تقوم عليها اقتصاديات الدول الكبرى
و بالحديث عن مضيق هرمز يتبين لنا أن ايران لا يمكن في يوم من الايام أن تتنازل عن الجزر الاماراتية التي تحتلها نظراً للأهمية الكبيرة التي تمثلها في التحكم في هذا المضيق الحيوي. و على الجانب الأخر هناك مجموعة أخرى من الجزر في المحيط الهندي لها موقع استراتيجي يجعلها ذات أهمية هي الاخرى في التحكم في طرق الملاحة البحرية الدولية من و الى الخليج العربي و أهمها جزيرة دييجوجراتسيا و التي بها قاعدة امريكية تعتبر نقطة ارتكاز حيوية للاستراتيجية الامريكية بمنطقة المحيط الهندي.
و لا يمكن أن يخفى علينا كذلك وجوب السيطرة على منطقة الخليج باعتبارها عمق دفاعي للحفاظ على الكيان الصهيوني و توفير جوار آمن يكفل بقاؤه و استمراره.
- مشكلات حيوية في منطقة الخليج:
تعاني دول الخليج مشاكل هيكلية تضعف من مقدرتها في مواجهة التحولات التي عاشها الاقليم من بعد قيام الثورة الايرانية و حتى اليوم و يرى بعض السياسيين أن هذه المشكلات تنحصر في التالي:
1- الندرة السكانية التي تعانيها هذه الدول (فمثلاً الوعاء السكاني في الكويت بما فيه غير الكويتيين أقل من اجمالي العدد الاجمالي لحي شبرا - وفق رأي المؤلف)
2- وجود فوارق اجتماعية و عنصرية و طائفية صارمة للغاية تعوق بناء مجتمع المؤسسات
3- النمو الدرامي للطبقة المتوسطة الماهرة غير المندمجة في هياكل النظام
4-شعور عام بالاغتراب السياسي و عدم الثقة بالمؤسسة الرسمية و اتجاهاتها العامة يرتكز أحياناً على المقررات الاسلامية و أخرى على مقولات السياسة المحضة
5- فساد شائع في الاوساط المتنفذة ناتج في الأساس من الجمع بين الحكم و التجارة
6- العلاقة النامية بين النخبة الخليجية و الحكومات الغربية
7- الهوة السحيقة بين التطور الاجتماعي و الاقتصادي و المحافظة السياسية
8- مسألة الخلافة - الوراثة - في القيادة السياسية (د/النفيسي)
طبعاً تجد هذه المشكلات من ينفخ فيها و يعظمها و يكبر حجمها لغرض أو لأخر و يبقى دور هذه الدول المحاولة للتغلب على هذه المشكلات لافشال أي مخطط خبيث للنيل منها
تابع استراتيجيات الحرب المقبلة:
الإستراتيجية الأمريكية تجاه الخليج العربي منطلقاتها و أليات تنفيذها:
يقول المشير عبد الحليم أبو غزالة: تعتبر الإستراتيجية الأمريكية منطقة الشرق الأوسط و بالذات الخليج لها وحدها حيث أن قسط كبير من الطاقة يتدفق من هذه المنطقة إلى المعسكر الغربي، كما أن قسطاً كبيراً من الأسلحة و المنتجات الأمريكية و الغربية تجد طريقها إلى دول تلك المنطقة. و لذلك فحماية مصادر الطاقة و سوق المنتجات الغربية أمر بالغ الأهمية و لهذا تسعى بكل جهدها لمنع أي طرف أخر أن ينافس الولايات المتحدة فيها. و في السبعينات و الثمانينات كانت احد الاهتمامات الرئيسية للإستراتيجية الأمريكية منع الاتحاد السوفيتي من نشر نفوذه بالمنطقة أو تهديدها بأي صورة من الصور. و نتيجة لهذا التنافس الرهيب أصبح من الصعب على أية دولة أن تحافظ على حيادها بل كاد يكون ذلك أمراً مستحيلاً.
و قد اختصر المشير أبو غزالة هذه الاستراتيجية في النقاط التالية:
1. دعم مكانة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط و منطقة الخليج على وجه الخصوص
2. الحد من النفوذ السوفيتي تمهيداً للقضاء عليه إلى جانب احتواء أي محاولات للمد الشيوعي بها
3. ضمان تأمين مصادر البترول بالجزيرة العربية و الخليج العربي و استمرار تدفقه عبر طرق المواصلات البحرية الى أمريكا و أوروبا الغربية و اليابان و بالمعدلات و الأسعار المناسبة
4. تأمين حق استخدام الممرات البحرية و الجوية في المنطقة دون تهديدات
5. استعادة السيطرة على المناطق الإستراتيجية الهامة التي خسرها الغرب في الخليج العربي و البحر الأحمر
6. استغلال المنطقة كسوق رئيسية لتصريف منتجاتها لامتصاص الأموال الموجودة بها لدعم الاقتصاد الغربي
7. تطويق الاتحاد السوفيتي من الجنوب
8. ضمان بقاء اسرائيل (انتهى)
بخصوص النقطة الثانية و السابعة فقد يرى البعض انها لم تعد حاليا ذات قيمة حيث أن الاتحاد السوفيتي قد تفكك و فقد كونه قوة عظمى تنافس أمريكا و لم يتبقى منه الا روسيا التي تعاني من مشاكل جمة تهدد وجودها و لكن لو نظرنا للواقع المعايش لنجد أن فترة الوفاق بين أمريكا و روسيا و المتمثل فيما يسمى بالحرب على الارهاب لم تدم طويلاً و ليس أدل على ذلك من ممانعة روسيا للدرع الصاروخي الامريكي في اوروبا و اعلان روسيا أنها ستساعد ايران في مشروعاتها النووية و هذا يمثل تهديدا لروسيا و التي قد تحاول بالاضافة الى ما سبق أن تقيم علاقات ما مع بعض دول المنطقة تأتي على حساب المصالح الأمريكية فيها، و لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا الأن تمانع روسيا؟ و لماذا يسأسد بوتين على سيد البيت الأبيض؟ أي بمعنى أخر هل هذا دور جديد يريدون لعبه على مسرح السياسة في منطقتنا؟! ربما ستجيب الأيام القادمة على هذا التساؤل.
بالنسبة للنقطة الأولى و الخامسة فهما نقطتان في غاية الخطورة و تبينان أن التفكير الاستعماري لا يزال هو الطاغي في الفكر الغربي و الحقد الدفين في قلوبهم على الإسلام و المسلمين بل و العرب هو وقود محركاتهم و لا يزالون يطمعون في منطقتنا التي لطالما لُقنوا فيها دروساً لا يمكن نسيانها، و أن الحروب الصليبية لا تزال مستمرة انما كانت في مرحلة هدنة فقط و ان طال أمدها.
بالنسبة للنقطة الثالثة و الرابعة فانهما تعتبران من الأهمية بمكان للاستراتيجية الأمريكية بل و لكل صاحب مشروع امبراطوري اذ ان مثل هذه الممرات تتحكم في نقل النفط من المنطقة الى العالم و السيطرة عليها من أطراف لا توالى أمريكا سيوقع أمريكا بلا شك في حرج كبير حيث أن الاقتصاديات الامريكية و الغربية تعتمد على النفط و مشتقاته بالأساس و قد أشرنا الى هذه الامور فيما سبق.
و لا يمكن إغفال الأهمية الاقتصادية للسيطرة على المنطقة كسوق هامة في تصريف المنتجات الأمريكية و السوق الاستهلاكي في هذه المنطقة يمتص الكثير من هذه المنتجات و يعتبر بمثابة أسفنجه لامتصاص الأموال الموجودة في المنطقة
تبقى لنا النقطة الثامنة و التي من الممكن أن تكون الحيوية و المحركة لكل السياسات في المنطقة العربية ألا و هي بقاء إسرائيل و توفير أمنها بل و ما يتفرع عن ذلك من الوازع الديني المتمثل في قيام معركة هرميجدون و نزول المسيح المخلص و حكم اليهود العالم في الألفية السعيدة
و قد عبر الكثيرين من الرؤساء الأمريكيين على هذه العلاقة حيث يقول أ/محمد السماك مترجم كتاب النبوءة و السياسة " الرئيس الأمريكي رونالد ريجان يقول (إن جميع النبوءات التي يجب أن تتحقق قبل هرمجيدون قد تحققت، ففي الفصل 38 من حزقيال أن الله سيأخذ أولاد إسرائيل من بين الوثنيين حيث سيكونون مشتتين و يعودون مرة ثانية إلى الأرض الموعودة، لقد تحقق ذلك أخيراً بعد ألفي سنة، و لأول مرة يبدو كل شئ في مكانه بانتظار معركة هرمجيدون و العودة الثانية للتاريخ)"
و نقل أيضاً عن كلمة جيمي كارتر عندما زار اسرائيل في آذار مارس – 1979 أمام الكنيسيت "جسّد من سبق من الرؤساء الأمريكيين الإيمان بأن جعلوا علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل هي أكثر من علاقات خاصة. إنها علاقات فريدة لأنها متأصلة في ضمير الشعب الأمريكي نفسه، و في أخلاقه و في دينه و في معتقداته، لقد أقام كلاً من إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية، مهاجرون رواد، ثم إننا نتقاسم معكم تراث التوراة"
إلى هذا الحد وصل الود و الحب بين إسرائيل و أمريكا بل إن أمريكا و إسرائيل ليسا وجهان لعملة واحدة و لكنهما الوجه ذاته لنفس العملة. و التمهيد لمثل هذه المعركة المفترضة يمكن اعتبارها من ارهاصات الحرب المقبلة و التي نحن بصددها، حيث أن هذه المعركة كما تروج لذلك المسيحية الصهيونية ستكون معركة نووية!
يستطرد المشير أبو غزالة و يوضح الوسائل التي تنتهجها الإدارات الأمريكية لتحقيق الإستراتيجية الخاصة بهم فيما يخص منطقة الخليج العربي فيقول:
و لتحقيق هذه الأهداف عملت الولايات المتحدة على تقديم المساعدات العسكرية و الاقتصادية لدول المنطقة، و عملت على بناء هيكل أمني للمنطقة و العمل على خلق قدر محسوب من التباعد بين الدول العربية بوجه عام في اطار يضمن عدم قيام تكتل يعتقد أنه يهدد أو ينافس الغرب و الشرق و يجعله في غنى عن الارتباط الوثيق بالولايات المتحدة أو يوفر له قدرة فعالة على المساومة لتحقيق مصالح عليا عربية. و قررت الولايات المتحدة الاعتماد بالدرجة الاولى على القوة الأمريكية الذاتية في تحقيق إستراتيجيتها حتى أنها شكلت قوة انتشار سريع و أعدت مراكز لاستقبالها في المنطقة. ثم عرض بعد ذلك الاتفاقيات العسكرية المشتركة بين الدول العربية و أمريكا و تدعيم القوة العسكرية في بلدانهم.
يتضح من الكلام السابق أن أساس نجاح الإستراتيجية الأمريكية هو إيجاد نوع من التنافس بين العرب بينهم و بين البعض و عدم إيجاد أي نوع من أنواع الوحدة الفعالة أي أن نثر بذور الفتنة بين الدول العربية في المنطقة كان و لا زال من أول الأهداف الأمريكية لتحقيق إستراتيجيتها، و هذا يفسر لنا أسباب الخلاف المستمر بين الدول العربية رغم وجود الجامعة العربية و مجلس التعاون الخليجي إلا أنها مسميات شكلية فقط تضمن أمريكا قراراتها بل و توقع عليها!
الإستراتيجية الأمريكية تجاه الخليج العربي منطلقاتها و أليات تنفيذها:
يقول المشير عبد الحليم أبو غزالة: تعتبر الإستراتيجية الأمريكية منطقة الشرق الأوسط و بالذات الخليج لها وحدها حيث أن قسط كبير من الطاقة يتدفق من هذه المنطقة إلى المعسكر الغربي، كما أن قسطاً كبيراً من الأسلحة و المنتجات الأمريكية و الغربية تجد طريقها إلى دول تلك المنطقة. و لذلك فحماية مصادر الطاقة و سوق المنتجات الغربية أمر بالغ الأهمية و لهذا تسعى بكل جهدها لمنع أي طرف أخر أن ينافس الولايات المتحدة فيها. و في السبعينات و الثمانينات كانت احد الاهتمامات الرئيسية للإستراتيجية الأمريكية منع الاتحاد السوفيتي من نشر نفوذه بالمنطقة أو تهديدها بأي صورة من الصور. و نتيجة لهذا التنافس الرهيب أصبح من الصعب على أية دولة أن تحافظ على حيادها بل كاد يكون ذلك أمراً مستحيلاً.
و قد اختصر المشير أبو غزالة هذه الاستراتيجية في النقاط التالية:
1. دعم مكانة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط و منطقة الخليج على وجه الخصوص
2. الحد من النفوذ السوفيتي تمهيداً للقضاء عليه إلى جانب احتواء أي محاولات للمد الشيوعي بها
3. ضمان تأمين مصادر البترول بالجزيرة العربية و الخليج العربي و استمرار تدفقه عبر طرق المواصلات البحرية الى أمريكا و أوروبا الغربية و اليابان و بالمعدلات و الأسعار المناسبة
4. تأمين حق استخدام الممرات البحرية و الجوية في المنطقة دون تهديدات
5. استعادة السيطرة على المناطق الإستراتيجية الهامة التي خسرها الغرب في الخليج العربي و البحر الأحمر
6. استغلال المنطقة كسوق رئيسية لتصريف منتجاتها لامتصاص الأموال الموجودة بها لدعم الاقتصاد الغربي
7. تطويق الاتحاد السوفيتي من الجنوب
8. ضمان بقاء اسرائيل (انتهى)
بخصوص النقطة الثانية و السابعة فقد يرى البعض انها لم تعد حاليا ذات قيمة حيث أن الاتحاد السوفيتي قد تفكك و فقد كونه قوة عظمى تنافس أمريكا و لم يتبقى منه الا روسيا التي تعاني من مشاكل جمة تهدد وجودها و لكن لو نظرنا للواقع المعايش لنجد أن فترة الوفاق بين أمريكا و روسيا و المتمثل فيما يسمى بالحرب على الارهاب لم تدم طويلاً و ليس أدل على ذلك من ممانعة روسيا للدرع الصاروخي الامريكي في اوروبا و اعلان روسيا أنها ستساعد ايران في مشروعاتها النووية و هذا يمثل تهديدا لروسيا و التي قد تحاول بالاضافة الى ما سبق أن تقيم علاقات ما مع بعض دول المنطقة تأتي على حساب المصالح الأمريكية فيها، و لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا الأن تمانع روسيا؟ و لماذا يسأسد بوتين على سيد البيت الأبيض؟ أي بمعنى أخر هل هذا دور جديد يريدون لعبه على مسرح السياسة في منطقتنا؟! ربما ستجيب الأيام القادمة على هذا التساؤل.
بالنسبة للنقطة الأولى و الخامسة فهما نقطتان في غاية الخطورة و تبينان أن التفكير الاستعماري لا يزال هو الطاغي في الفكر الغربي و الحقد الدفين في قلوبهم على الإسلام و المسلمين بل و العرب هو وقود محركاتهم و لا يزالون يطمعون في منطقتنا التي لطالما لُقنوا فيها دروساً لا يمكن نسيانها، و أن الحروب الصليبية لا تزال مستمرة انما كانت في مرحلة هدنة فقط و ان طال أمدها.
بالنسبة للنقطة الثالثة و الرابعة فانهما تعتبران من الأهمية بمكان للاستراتيجية الأمريكية بل و لكل صاحب مشروع امبراطوري اذ ان مثل هذه الممرات تتحكم في نقل النفط من المنطقة الى العالم و السيطرة عليها من أطراف لا توالى أمريكا سيوقع أمريكا بلا شك في حرج كبير حيث أن الاقتصاديات الامريكية و الغربية تعتمد على النفط و مشتقاته بالأساس و قد أشرنا الى هذه الامور فيما سبق.
و لا يمكن إغفال الأهمية الاقتصادية للسيطرة على المنطقة كسوق هامة في تصريف المنتجات الأمريكية و السوق الاستهلاكي في هذه المنطقة يمتص الكثير من هذه المنتجات و يعتبر بمثابة أسفنجه لامتصاص الأموال الموجودة في المنطقة
تبقى لنا النقطة الثامنة و التي من الممكن أن تكون الحيوية و المحركة لكل السياسات في المنطقة العربية ألا و هي بقاء إسرائيل و توفير أمنها بل و ما يتفرع عن ذلك من الوازع الديني المتمثل في قيام معركة هرميجدون و نزول المسيح المخلص و حكم اليهود العالم في الألفية السعيدة
و قد عبر الكثيرين من الرؤساء الأمريكيين على هذه العلاقة حيث يقول أ/محمد السماك مترجم كتاب النبوءة و السياسة " الرئيس الأمريكي رونالد ريجان يقول (إن جميع النبوءات التي يجب أن تتحقق قبل هرمجيدون قد تحققت، ففي الفصل 38 من حزقيال أن الله سيأخذ أولاد إسرائيل من بين الوثنيين حيث سيكونون مشتتين و يعودون مرة ثانية إلى الأرض الموعودة، لقد تحقق ذلك أخيراً بعد ألفي سنة، و لأول مرة يبدو كل شئ في مكانه بانتظار معركة هرمجيدون و العودة الثانية للتاريخ)"
و نقل أيضاً عن كلمة جيمي كارتر عندما زار اسرائيل في آذار مارس – 1979 أمام الكنيسيت "جسّد من سبق من الرؤساء الأمريكيين الإيمان بأن جعلوا علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل هي أكثر من علاقات خاصة. إنها علاقات فريدة لأنها متأصلة في ضمير الشعب الأمريكي نفسه، و في أخلاقه و في دينه و في معتقداته، لقد أقام كلاً من إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية، مهاجرون رواد، ثم إننا نتقاسم معكم تراث التوراة"
إلى هذا الحد وصل الود و الحب بين إسرائيل و أمريكا بل إن أمريكا و إسرائيل ليسا وجهان لعملة واحدة و لكنهما الوجه ذاته لنفس العملة. و التمهيد لمثل هذه المعركة المفترضة يمكن اعتبارها من ارهاصات الحرب المقبلة و التي نحن بصددها، حيث أن هذه المعركة كما تروج لذلك المسيحية الصهيونية ستكون معركة نووية!
يستطرد المشير أبو غزالة و يوضح الوسائل التي تنتهجها الإدارات الأمريكية لتحقيق الإستراتيجية الخاصة بهم فيما يخص منطقة الخليج العربي فيقول:
و لتحقيق هذه الأهداف عملت الولايات المتحدة على تقديم المساعدات العسكرية و الاقتصادية لدول المنطقة، و عملت على بناء هيكل أمني للمنطقة و العمل على خلق قدر محسوب من التباعد بين الدول العربية بوجه عام في اطار يضمن عدم قيام تكتل يعتقد أنه يهدد أو ينافس الغرب و الشرق و يجعله في غنى عن الارتباط الوثيق بالولايات المتحدة أو يوفر له قدرة فعالة على المساومة لتحقيق مصالح عليا عربية. و قررت الولايات المتحدة الاعتماد بالدرجة الاولى على القوة الأمريكية الذاتية في تحقيق إستراتيجيتها حتى أنها شكلت قوة انتشار سريع و أعدت مراكز لاستقبالها في المنطقة. ثم عرض بعد ذلك الاتفاقيات العسكرية المشتركة بين الدول العربية و أمريكا و تدعيم القوة العسكرية في بلدانهم.
يتضح من الكلام السابق أن أساس نجاح الإستراتيجية الأمريكية هو إيجاد نوع من التنافس بين العرب بينهم و بين البعض و عدم إيجاد أي نوع من أنواع الوحدة الفعالة أي أن نثر بذور الفتنة بين الدول العربية في المنطقة كان و لا زال من أول الأهداف الأمريكية لتحقيق إستراتيجيتها، و هذا يفسر لنا أسباب الخلاف المستمر بين الدول العربية رغم وجود الجامعة العربية و مجلس التعاون الخليجي إلا أنها مسميات شكلية فقط تضمن أمريكا قراراتها بل و توقع عليها!
تابع استراتيجيات الحرب الفاصلة
الأهداف الإستراتيجية الإيرانية
1- قِدم الأهداف الإستراتيجية الإيرانية:
تناولنا فيما مضي صفحات من التاريخ الفارسي في أطوار إمبراطورياته الأُول و كان غرضنا أن نثبت أن الدولة ذات التاريخ الإمبراطوري تريد في يوم ما أن تعاود مكانتها التي سلبت منها رغماً عنها و شهد التاريخ محاولات عديدة لمحاولة استعادة هذه الإمبراطورية المفقودة و لما كان من المستحيل إعادتها بديانتها الزرادشتية فكان من الممكن إعادتها بأي ديانة كانت بعد تحريفها و تشويهها لصالحها، المقصود إذاً السيطرة و حسب.
و من هذه المحاولات الناجحة من بين عشرات المحاولات الفاشلة هو قيام الدولة الصفوية في 1500 ميلادي، يوضح لنا الدكتور صابر طعيمة* أهداف الصفوية و أطماعها و استراتيجيتها فيقول " ........و أراد مؤسس الدولة الصفوية أن يحقق التجانس بين مختلف العناصر في الهضبة الإيرانية فدعا إلى مذهب مخالف لإجماع المسلمين و مناقض لما حوله من الدول الإسلامية و أفلح في تعبئة جنوده روحياً فأخضع في سنوات قلائل ولاة التيموريين ثم تجاوزت جيوشه خرسان فاستولى على أذربيجان و ديار بكر ثم العراق و فارس و على هذا النحو قامت الدولة الصفوية على أنقاض الدويلات الإسلامية في خرسان و العراقيين و تاخمت حدودها الدولة العثمانية و لما كان الأناضول من قديم الزمان معبراً تجارياً هاماً بين أوروبا و أسيا فكانت القوافل تمر عبر الوديان التي تتخلل جباله العالية حتى تصل إلى شواطئ البحر المتوسط حيث تقوم أساطيل البنادقة و الجنوبيين بتوزيع البضائع على مختلف أنحاء أوروبا ........" ثم يستطرد قائلاً " ..... و أن الدولة العثمانية قد قامت في الأناضول و كانت في يدها مقاليد التجارة العابرة من أوروبا إلى الشرق و بالعكس إذا عرفنا كل ذلك أدركنا الأهمية الاقتصادية للأناضول بالنسبة للصفويين و خاصة المراكز التجارية منه ......" و توضيحاً لأهمية هضبة الأناضول الخاصة للصفويين ".... و إذا كانت هذه أهمية هضبة الأناضول بصفة عامة بالنسبة للصفويين فهناك أهمية خاصة لشرقي الأناضول و جنوب شرقه حيث توجد الأبواب الرئيسية لطرق القوافل في قونيه و آمسيا و طوقات و ديار و أرضروم و طرابزون و هناك أهم مناجم للمعادن الرئيسية كالفضة (بين طرابزون و ارضروم) و النحاس قرب ديار بكر و هناك عدد لا بأس به من القبائل التركمانية الشيعية و الواعدة بالتشيع و كان من أهداف حملة لشاه إسماعيل على إمارة ذي القار في جنوب شرق الأناضول تفقد هذه القبائل و تبشيرها بالمذهب الشيعي...."" أنتهى
من الاقتباس السابق يتضح لنا أن الدولة الصفوية كان لها الإستراتيجية الخاصة بها و التي تشابه إلى حد كبير الإستراتيجية الحالية و التي نحن بصددها، فيمكن اعتبار أهمية هضبة الأناضول موازية لأهمية مضيق هرمز و اعتبار الحرير الإيراني الذي لا يمر إلا من خلال هذه الهضبة بالنفط في العصر الحالي و استمالة القبائل التركمانية كمحاولة إيران الحالية التقرب من الدويلات الإسلامية حديثة الانفصال عن الاتحاد السوفيتي و كسب ودها ........ و لكن السؤال المطروح اليوم هل يتكرر الهجوم و الذي كان وقتها على الدولة العثمانية و الذي تم من قبل الشاه إسماعيل صفوي و لكن بالهجوم على الدول العربية المجاورة لإيران هذه المرة؟! هذا ما نحاول استقراؤه.
2- السمعة و التأثير في أجندة الإستراتيجية الإيرانية:
بعيداً عن الأهداف الاقتصادية و العسكرية و السياسية للدولة و التي تعتبر مقومات مادية ملموسة هناك جانب أخر معنوي يتمثل في الرهبة من هذه الدولة و الخوف من جنابها و حساب حسابها بل و قدرتها على التأثير على من حولها و هذه الأمور لا تتولد إلا مع الإمبراطوريات الضخمة مهابة الجانب الذي يرعب مجرد ذكر اسمها، هذا ما تحاول ايران اظهاره للعالم بدءاً من ثورتها التي أُريد لها أن تنجح و انتهاء بحلمها الجميل الذي تعيش فيه الا و هو الحلم النووي الذي يأكل من الاقتصاد الايراني أكل النيران للحطب و غاية ما تريده ايران القول أنها نووية و دخلت النادي النووي و خشية العالم منها كل هذا يرضي غرور ايران و يجعلها تشعر بالفخر و تشعرها بأنها في طريق إعادة الإمبراطورية الفارسية في أزهى عصورها.
لقد بات هذا الهدف من الأهمية بمكان الحفاظ عليه ليحفظ هيبة إيران و يضخم من صورتها و يعطيها حجماً أكبر من حجمها و كما ذكرنا أن إيران استغلت الجانب الاعلامي ايما استغلال و راحت بين اليوم و الأخر تعلن عن انجاز نووي أو طبي أو حتى فضائي و راحت تهدد و تتوعد بتكبر و صلف و كأنها ملكت الأرض و من عليها.
و يؤكد الكاتب Patrick Clawson هذا الكلام أو قريباً منه قائلاً "..... إذا رأت إيران أن الهدف من استكمال برنامجها النووى هو الدفاع عن وجود إيران - وهو نفس المبرر الذي تبنته كل من إسرائيل وباكستان عند الدفاع عن برامجهما النووية- فإن هذا معناه أن العامل الاقتصادي سوف يحتل مكانة متواضعة كعامل محفز لاستكمال البرنامج النووي الإيراني، بمعنى آخر لا يعتبر العامل الدفاعي هو المحرك الرئيسي للبرنامج النووي الإيراني، فمن الواضح أن ثمة عوامل أخرى تقف وراء إصرار إيران على إنجاز هذا البرنامج من أهمها عاملاً السمعة والتأثير.
ولهذا نجد إصرار القادة الإيرانيين على تقديم البرنامج النووي الإيراني باعتباره دليلاً على تقدم إيران وأنها أصبحت قوة صناعية حديثة متقدمة. كما يؤكد المسئولون الإيرانيون دائماً أن سعى الغرب لحرمان إيران من استكمال برنامجها النووي هو الرغبة في السيطرة على إيران لمنعها من تبوء مكانتها اللائقة في المنطقة والعالم الإسلامي، كما يلعب قادة إيران دائماً على وتر الفخر الوطني للإيرانيين وإحساسهم بأنهم قوة عظمى. من ناحية أخرى يسعى التحدي الغربي إلى إقناع إيران بأن المضي قدماً فى البرنامج النووي الإيراني لن يساهم فى زيادة تأثير وسمعة إيران في المنطقة، وهنا قد يكون للعامل الاقتصادي دور ما في هذا الإطار رغم أن هذا العامل ليس كافياً بمفرده...."
و ربما يمكن اعتبار ما تنادي به ايران من تصدير الثورة الاسلامية الى دول الجوار دال في هذه القوة و هذا التأثير الذي تسعى ايران للحصول عليه
3- مضيق هرمز شريان الحياة الإيرانية:
أورد كلاً من د/ عبد الله النفيسي و الأستاذة/ عبير ياسين نقلاً عن عباس ملكي الذي كان و كيل وزارة الخارجية الإيرانية لشئون البحث و التدريب السياسي قوله في عام 1993 إن محاور اهتمام السياسة الإيرانية ينحصر في ثلاث قضايا أساسية هي: ضمان طريق النفط عبر مضيق هرمز، واستغلال كافة السبل لدعم التنمية داخل إيران، والاتجاه شمالا نحو الجمهوريات الإسلامية الوليدة لضخامة المصالح هناك هذا بخلاف ما قد يطرأ من مستجدات تطغى على مشغوليات السياسة الايرانية.
يوضح د/ عبد الله النفيسي بعد ذلك أن أكثر من 90% من المداخيل العامة في ايران مستخلصة من مبيعات النفط و كل الخطط الحكومية هناك في التنمية تعتمد في نجاحها على مبيعات النفط و ليس هناك مخرج للنفط الإيراني اليوم الا عبر مضيق هرمز لذلك فأمن هذا المضيق هو أمن إيران و أي مشكلة في المضيق من الممكن أن تنعكس فوراً على الأمن الايراني بينما سنلاحظ أن دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع لو أضطرت أن تصدرنفطها اما عبر السواحل السعودية على البحر الأحمر أو السواحل العمانية على بحر العرب المحاذي للمحيط الهندي. من هنا تبدو إيران شديدة الحساسية في موضوع هرمز و شديدة الاهتمام في تبليغ حساسيتها تلك لكل الأطراف في المشهد الخليجي: الأمريكان و منظومة التعاون و العراق – قبل سيطرة إيران عليه.
إذا كانت هذه الأهمية الشديدة لمضيق هرمز بالنسبة لإيران فما هي الوسائل التي اتخذتها إيران لإحكام سيطرتها عليه و ضمان تحكمها فيه؟ يجيب على هذا السؤال لواء أركان حرب حسام سويلم قائلاً "..... من الناحية العسكرية تسيطر القاعدة البحرية الإيرانية (بندر عباس) على حركة السفن في المضيق من الشمال، والجزر الإماراتية الثلاث (أبو موسى)، (طنب الكبرى) و(طنب الصغرى (من الجنوب الغربي. وقد سارعت إيران باحتلال هذه الجزر الثلاث بالقوة فور انسحاب القوات البريطانية عام 1971. ولازالت هذه القضية موضع تنازع دولي بين إيران والإمارات، حيث ترفض الأولى إعادتها للإمارات بزعم أنها إيرانية الأصل. وقد دعمت إيران فيها وسائل دفاعها الساحلي والجوى، وتتمثل خطورة التواجد العسكري الإيراني في هذه الجزر الثلاث في أنها تشكل قواعد إيرانية لأي هجوم بحري إيراني ضد دولة الإمارات محتمل في المستقبل.
وإبان الحرب الإيرانية العراقية التي دامت ثماني سنوات 1980-1989، أطلق المسئولين الإيرانيون التهديدات بإغلاق المضيق فى وجه الملاحة الدولية. ودارت آنذاك ما يعرف بحرب الناقلات، وكانت ناقلات النفط الكويتي تتحرك تحت حماية أمريكية. وكانت للتهديدات الإيرانية ردود فعل عنيفة عبرت عن القلق والاهتمام الشديدين بهذا المرفأ البحري الدولي الذي لا غني عنه للملاحة في الخليج العربي الذي يعتبر شرياناً لإمدادات النفط للعالم الصناعي، خصوصاً بعد أن هدد هاشمي رفسنجانى - رئيس الجمهورية الإيرانية آنذاك- رسمياً بإغلاق المضيق أو ضربه إذا حتمت الظروف، مشيراً إلى أن إيران ليست فى حاجة إليه"
و يجيب أيضا سيادة اللواء على تساؤل أخر مفاده معرفة ماذا أعدت ايران فيما يخص هذا المضيق في حال نشوب حرب؟ فيقول ".... تشير تقارير أجهزة المخابرات الغربية إلى أن إيران وضعت خطة من أجل الاستيلاء على المضيق وإغلاقه في أقصر وقت ممكن إذا ما نشبت حرب بينها وبين الولايات المتحدة معتمدة في ذلك على أن الحرس الثوري يمتلك 700 موقع ميناء ومرسى وجزيرة ونقاط مختلفة، وذلك على طول الضفة الشرقية للخليج العربي، يستخدمها عادة للتهريب، وفى أوقات الضرورة قد يستخدمها لأغراض عسكرية في اعتراض السفن الحربية والتجارية وناقلات النفط ومنعها من المرور في المضيق، وهو أمر بديهي إذا ما نشبت الحرب وذلك بواسطة ما يملكه من زوارق صواريخ وزوارق انتحارية، أو عبر زرع الألغام البحرية على جنبات المضيق"
4- الاقتصاد الداخلي محرك للسياسة الخارجية:
وضح عباسي ملكي كذلك أهمية إحداث تنمية اقتصادية كبيرة داخل إيران و هذا يرتبط مع استقرار سوق النفط المربوط بدوره باستقرار إقليم الخليج و الجزيرة خصوصاً و المنطقة الأوسع عموماً و بعد أن تحقق لإيران قسطا مما كانت ترنو إليه من ضمان السيطرة على العراق و عدم وجود نظام مناهض لعقيدتها في أفغانستان فوجئت إيران بأن هذا الاستقرار لم و لن يتحقق فطالبان تعود اليوم بقوة و الأحداث في العراق بعيدة كثيراً عن الاستقرار التي كانت تحلم به، لم يبقى لإيران إلا التدخل بمواجهة مباشرة.
و الحق فالاقتصاد الإيراني الذي يشوبه الكثير و الكثير من المشكلات التي تتفاقم بما يهدد حكم نجاد نفسه يمكن اعتباره مولداً لتوجهات إيران الخارجية، و يكفي ذكر أن الديون الإيرانية بلغت 30 مليار دولار، ناهيك عن المشكلات الأخرى المواكبة للمشكلة الاقتصادية و لهذا يمكن القول أن اندفاع إيران نحو دول المنطقة و السيطرة عليها بطريق أو بأخر سينعش اقتصادها و يفتح مجالات للعمل و هذا ما يمكن اعتباره حافزاً و مشجعاً لنيل التأييد الشعبي لخوض هذه الحرب.
5- التوجه نحو دول شمال أسيا:
بعد تفكك الاتحاد السوفيتى وتكون خمس عشرة جمهورية جديدة لبعضها حدودا مشتركة مع إيران (أذربيجان و تركمنستان) أدى إلى تكون ما يمكن تسميته بإقليم شمال غرب آسيا والذي من الممكن لإيران بناء عليه أن تنسحب من النظام الفرعي للشرق الأوسط في حال فشلها من السيطرة عليه وتسعى للاندماج مع إقليم شمال غرب آسيا والتأثير فيه والتبادل المنفعي معه بل و جعله أقليم مساند لها في أي هجوم قد تتعرض له من قبل أي اتجاه.
تفسر أ/ عبير ياسين الاتجاه الإيراني نحو دول أسيا الوسطى فتقول ....
"تمثل دول آسيا الوسطى مجالا حيويا للدور الإيراني، وقد جاء استقلالها بمثابة فرصة لإيران للخروج عن، وكسر، طوق الحصار المفروض عليها، كما سعت إيران من جانبها للاستفادة من العوامل التاريخية والثقافية التى تربطها بدول آسيا الوسطى. وقد تمثلت أهم الفوائد لإيران في:
- كسر طوق الحصار المفروض على الدور الإيرانى فى ظل السياسة الأمريكية الساعية لعزلة إيران، والسعى الإيرانى لتعويض دورها فى الخليج العربى بدور فى آسيا الوسطى فى ظل الضغوط الأمريكية عليها فى الخليج.
- تفعيل الروابط التاريخية والثقافية بينها وبين دول آسيا الوسطى للحصول على أولوية فى علاقتها مع دول المنطقة خاصة فى ظل التنافس الدولى على هذه المنطقة للاستفادة من إمكاناتها ومواردها.
- تقديم إيران لدورها كمعبر أو وسيط لتجارة وموارد هذه الدول باعتبارها دول حبيسة. وهذا الأمر بدوره يمثل وسيلة ذات تأثير مزدوج حيث يؤدى من جانب، إلى جعل إيران معبرا للتجارة بما يحققه من فوائد اقتصادية، كما أنه يؤدى إلى تجاوز نطاق العزلة المفروض على إيران."
و تواصل ايضاً في عرض معوقات هذا التواصل بين ايران و هذه الدول في تخوف دول آسيا الوسطى عقب الاستقلال من طبيعة النظام السياسى الإيرانى والخوف من سعى إيران لتصدير هذا النظام للمنطقة، وتزايد الحديث عن سعى دولة إقليمية لملء الفراغ فى آسيا الوسطى ودعم التيارات الدينية. ولكن أدى إدراك إيران لطبيعة هذه المخاوف إلى إعلانها ضرورة إرساء العلاقة على أسس اقتصادية بالأساس بما أعطى الفرصة لتجاوز هذا القيد وإن ظلت بعض المخاوف قائمة خاصة بسبب تزايد ضغوط التيارات الإسلامية سواء فى أفغانستان-خاصة خلال سيطرة طالبان- أو طاجيكستان مما زاد من مخاوف تأثر هذه التيارات بإيران أو ممارسة إيران لدور يدعم هذه الجماعات.
ومن الخطوات العملية التي ترجمت هذا الاهتمام الذي أولته إيران لدول آسيا الوسطى أنها عقدت الكثير من الاتفاقيات مع الجمهوريات الجديدة في هذا الأقليم فقد أقامت اتفاقية مع تركمنستان في مجال التعاون الزراعي و الثقافي و اتفاقية مناجم الذهب و الرصاص مع أوزبكستان و اتفاقيات الطرق السريعة و السكك الحديدية و انشاء المطارات الجديدة التي شملت ايران مع تركمنستان و قازخستان و طاجيكستان و أوزبكستان وسعيها لإدخالهم فى تكتلات معها فأيدت انضمام هذه الدول لمنظمة التعاون الاقتصادى (الايكو) والتى تضم إلى جانب إيران كلا من تركيا وباكستان وأفغانستان كإطار للتعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء، كما ضمت الدول المطلة على بحر قزوين في منظمة تحمل نفس الاسم بغية التعاون والتنسيق فيما يخص البحر.
و فيما يتعلق بأهمية بحر قزوين فان المنطقة تأتى على الصعيد العالمى بعد منطقة الشرق الأوسط وقبل بحر الشمال من حيث الاحتياطات وأنه - أى بحر قزوين - يحتوى على ما يتجاوز 68 مليار برميل، وترى تقديرات أخرى أنه يأتى فى المرتبة الثالثة بعد الخليج العربى وسيبيريا وأن الاحتياطات تقدر بحوالى 12 و15 بليون برميل من النفط. وفى حين تؤيد العديد من مراكز الدراسات المتخصصة فى الولايات المتحدة وإيطاليا الرقم الأدنى الذى يعنى أن بحر قزوين يشكل 2.7% من الاحتياطي العالمى للنفط و7% لمن الغاز إلا انه مما يزيد التنافس فى المنطقة التوقعات حول ارتفاع هذه التقديرات فيما بعد مع المزيد من الاكتشافات حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع إنتاج النفط فى دول بحر قزوين وكذلك أوزبكستان إلى 309 ملايين برميل بحلول عام 2010 (المصدر السابق)
و يطل على بحر قزوين خمس دول هي كازاخستان وتركمانستان وأذربيجان بالإضافة إلى روسيا وإيران و بهذا فان الوضع فيما يخص السيطرة على هذا البحر و توزيع خيراته على الدول المجاورة له يمثل تحدياً أخر لتوجه إيران و علاقتها مع دول وسط أسيا.
و الجدير بالذكر أن غالبية سكان أسيا الوسطى ينتهجون المذهب السني فيما تعد أذربيجان شيعية و بالرغم من ذلك فان هذا لم يمنع إيران من مساندة أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان الشيعية في قضية إقليم (ناجورنو قرة باغ) كنتيجة لتخوف إيران من اجتذاب أذربيجان – التي توصف بكويت قزوين - للأذريين الإيرانيين في حال تحول أذربيجان إلى قوة إقليمية أو نموذج يحتذي و هذا جانب أخر من محددات التقارب بين إيران و دول أسيا الوسطى و المتمثل في العلاقة المتوترة بين إيران و أذربيجان ذات العلاقات المتينة مع إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية.
أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم و لكن هذا الموضوع لترابطه لا يتم عرضه الا مكتملاً و نستكمل باقي الاستراتيجيات في الحلقة القادمة بحول الله
- - - - - - - - - - -
* المراجع الخاصة بجزء الاستراتيجيات سنعرضها مجمعة في نهاية الجزء بمشيئة الله تعالى
الأهداف الإستراتيجية الإيرانية
1- قِدم الأهداف الإستراتيجية الإيرانية:
تناولنا فيما مضي صفحات من التاريخ الفارسي في أطوار إمبراطورياته الأُول و كان غرضنا أن نثبت أن الدولة ذات التاريخ الإمبراطوري تريد في يوم ما أن تعاود مكانتها التي سلبت منها رغماً عنها و شهد التاريخ محاولات عديدة لمحاولة استعادة هذه الإمبراطورية المفقودة و لما كان من المستحيل إعادتها بديانتها الزرادشتية فكان من الممكن إعادتها بأي ديانة كانت بعد تحريفها و تشويهها لصالحها، المقصود إذاً السيطرة و حسب.
و من هذه المحاولات الناجحة من بين عشرات المحاولات الفاشلة هو قيام الدولة الصفوية في 1500 ميلادي، يوضح لنا الدكتور صابر طعيمة* أهداف الصفوية و أطماعها و استراتيجيتها فيقول " ........و أراد مؤسس الدولة الصفوية أن يحقق التجانس بين مختلف العناصر في الهضبة الإيرانية فدعا إلى مذهب مخالف لإجماع المسلمين و مناقض لما حوله من الدول الإسلامية و أفلح في تعبئة جنوده روحياً فأخضع في سنوات قلائل ولاة التيموريين ثم تجاوزت جيوشه خرسان فاستولى على أذربيجان و ديار بكر ثم العراق و فارس و على هذا النحو قامت الدولة الصفوية على أنقاض الدويلات الإسلامية في خرسان و العراقيين و تاخمت حدودها الدولة العثمانية و لما كان الأناضول من قديم الزمان معبراً تجارياً هاماً بين أوروبا و أسيا فكانت القوافل تمر عبر الوديان التي تتخلل جباله العالية حتى تصل إلى شواطئ البحر المتوسط حيث تقوم أساطيل البنادقة و الجنوبيين بتوزيع البضائع على مختلف أنحاء أوروبا ........" ثم يستطرد قائلاً " ..... و أن الدولة العثمانية قد قامت في الأناضول و كانت في يدها مقاليد التجارة العابرة من أوروبا إلى الشرق و بالعكس إذا عرفنا كل ذلك أدركنا الأهمية الاقتصادية للأناضول بالنسبة للصفويين و خاصة المراكز التجارية منه ......" و توضيحاً لأهمية هضبة الأناضول الخاصة للصفويين ".... و إذا كانت هذه أهمية هضبة الأناضول بصفة عامة بالنسبة للصفويين فهناك أهمية خاصة لشرقي الأناضول و جنوب شرقه حيث توجد الأبواب الرئيسية لطرق القوافل في قونيه و آمسيا و طوقات و ديار و أرضروم و طرابزون و هناك أهم مناجم للمعادن الرئيسية كالفضة (بين طرابزون و ارضروم) و النحاس قرب ديار بكر و هناك عدد لا بأس به من القبائل التركمانية الشيعية و الواعدة بالتشيع و كان من أهداف حملة لشاه إسماعيل على إمارة ذي القار في جنوب شرق الأناضول تفقد هذه القبائل و تبشيرها بالمذهب الشيعي...."" أنتهى
من الاقتباس السابق يتضح لنا أن الدولة الصفوية كان لها الإستراتيجية الخاصة بها و التي تشابه إلى حد كبير الإستراتيجية الحالية و التي نحن بصددها، فيمكن اعتبار أهمية هضبة الأناضول موازية لأهمية مضيق هرمز و اعتبار الحرير الإيراني الذي لا يمر إلا من خلال هذه الهضبة بالنفط في العصر الحالي و استمالة القبائل التركمانية كمحاولة إيران الحالية التقرب من الدويلات الإسلامية حديثة الانفصال عن الاتحاد السوفيتي و كسب ودها ........ و لكن السؤال المطروح اليوم هل يتكرر الهجوم و الذي كان وقتها على الدولة العثمانية و الذي تم من قبل الشاه إسماعيل صفوي و لكن بالهجوم على الدول العربية المجاورة لإيران هذه المرة؟! هذا ما نحاول استقراؤه.
2- السمعة و التأثير في أجندة الإستراتيجية الإيرانية:
بعيداً عن الأهداف الاقتصادية و العسكرية و السياسية للدولة و التي تعتبر مقومات مادية ملموسة هناك جانب أخر معنوي يتمثل في الرهبة من هذه الدولة و الخوف من جنابها و حساب حسابها بل و قدرتها على التأثير على من حولها و هذه الأمور لا تتولد إلا مع الإمبراطوريات الضخمة مهابة الجانب الذي يرعب مجرد ذكر اسمها، هذا ما تحاول ايران اظهاره للعالم بدءاً من ثورتها التي أُريد لها أن تنجح و انتهاء بحلمها الجميل الذي تعيش فيه الا و هو الحلم النووي الذي يأكل من الاقتصاد الايراني أكل النيران للحطب و غاية ما تريده ايران القول أنها نووية و دخلت النادي النووي و خشية العالم منها كل هذا يرضي غرور ايران و يجعلها تشعر بالفخر و تشعرها بأنها في طريق إعادة الإمبراطورية الفارسية في أزهى عصورها.
لقد بات هذا الهدف من الأهمية بمكان الحفاظ عليه ليحفظ هيبة إيران و يضخم من صورتها و يعطيها حجماً أكبر من حجمها و كما ذكرنا أن إيران استغلت الجانب الاعلامي ايما استغلال و راحت بين اليوم و الأخر تعلن عن انجاز نووي أو طبي أو حتى فضائي و راحت تهدد و تتوعد بتكبر و صلف و كأنها ملكت الأرض و من عليها.
و يؤكد الكاتب Patrick Clawson هذا الكلام أو قريباً منه قائلاً "..... إذا رأت إيران أن الهدف من استكمال برنامجها النووى هو الدفاع عن وجود إيران - وهو نفس المبرر الذي تبنته كل من إسرائيل وباكستان عند الدفاع عن برامجهما النووية- فإن هذا معناه أن العامل الاقتصادي سوف يحتل مكانة متواضعة كعامل محفز لاستكمال البرنامج النووي الإيراني، بمعنى آخر لا يعتبر العامل الدفاعي هو المحرك الرئيسي للبرنامج النووي الإيراني، فمن الواضح أن ثمة عوامل أخرى تقف وراء إصرار إيران على إنجاز هذا البرنامج من أهمها عاملاً السمعة والتأثير.
ولهذا نجد إصرار القادة الإيرانيين على تقديم البرنامج النووي الإيراني باعتباره دليلاً على تقدم إيران وأنها أصبحت قوة صناعية حديثة متقدمة. كما يؤكد المسئولون الإيرانيون دائماً أن سعى الغرب لحرمان إيران من استكمال برنامجها النووي هو الرغبة في السيطرة على إيران لمنعها من تبوء مكانتها اللائقة في المنطقة والعالم الإسلامي، كما يلعب قادة إيران دائماً على وتر الفخر الوطني للإيرانيين وإحساسهم بأنهم قوة عظمى. من ناحية أخرى يسعى التحدي الغربي إلى إقناع إيران بأن المضي قدماً فى البرنامج النووي الإيراني لن يساهم فى زيادة تأثير وسمعة إيران في المنطقة، وهنا قد يكون للعامل الاقتصادي دور ما في هذا الإطار رغم أن هذا العامل ليس كافياً بمفرده...."
و ربما يمكن اعتبار ما تنادي به ايران من تصدير الثورة الاسلامية الى دول الجوار دال في هذه القوة و هذا التأثير الذي تسعى ايران للحصول عليه
3- مضيق هرمز شريان الحياة الإيرانية:
أورد كلاً من د/ عبد الله النفيسي و الأستاذة/ عبير ياسين نقلاً عن عباس ملكي الذي كان و كيل وزارة الخارجية الإيرانية لشئون البحث و التدريب السياسي قوله في عام 1993 إن محاور اهتمام السياسة الإيرانية ينحصر في ثلاث قضايا أساسية هي: ضمان طريق النفط عبر مضيق هرمز، واستغلال كافة السبل لدعم التنمية داخل إيران، والاتجاه شمالا نحو الجمهوريات الإسلامية الوليدة لضخامة المصالح هناك هذا بخلاف ما قد يطرأ من مستجدات تطغى على مشغوليات السياسة الايرانية.
يوضح د/ عبد الله النفيسي بعد ذلك أن أكثر من 90% من المداخيل العامة في ايران مستخلصة من مبيعات النفط و كل الخطط الحكومية هناك في التنمية تعتمد في نجاحها على مبيعات النفط و ليس هناك مخرج للنفط الإيراني اليوم الا عبر مضيق هرمز لذلك فأمن هذا المضيق هو أمن إيران و أي مشكلة في المضيق من الممكن أن تنعكس فوراً على الأمن الايراني بينما سنلاحظ أن دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع لو أضطرت أن تصدرنفطها اما عبر السواحل السعودية على البحر الأحمر أو السواحل العمانية على بحر العرب المحاذي للمحيط الهندي. من هنا تبدو إيران شديدة الحساسية في موضوع هرمز و شديدة الاهتمام في تبليغ حساسيتها تلك لكل الأطراف في المشهد الخليجي: الأمريكان و منظومة التعاون و العراق – قبل سيطرة إيران عليه.
إذا كانت هذه الأهمية الشديدة لمضيق هرمز بالنسبة لإيران فما هي الوسائل التي اتخذتها إيران لإحكام سيطرتها عليه و ضمان تحكمها فيه؟ يجيب على هذا السؤال لواء أركان حرب حسام سويلم قائلاً "..... من الناحية العسكرية تسيطر القاعدة البحرية الإيرانية (بندر عباس) على حركة السفن في المضيق من الشمال، والجزر الإماراتية الثلاث (أبو موسى)، (طنب الكبرى) و(طنب الصغرى (من الجنوب الغربي. وقد سارعت إيران باحتلال هذه الجزر الثلاث بالقوة فور انسحاب القوات البريطانية عام 1971. ولازالت هذه القضية موضع تنازع دولي بين إيران والإمارات، حيث ترفض الأولى إعادتها للإمارات بزعم أنها إيرانية الأصل. وقد دعمت إيران فيها وسائل دفاعها الساحلي والجوى، وتتمثل خطورة التواجد العسكري الإيراني في هذه الجزر الثلاث في أنها تشكل قواعد إيرانية لأي هجوم بحري إيراني ضد دولة الإمارات محتمل في المستقبل.
وإبان الحرب الإيرانية العراقية التي دامت ثماني سنوات 1980-1989، أطلق المسئولين الإيرانيون التهديدات بإغلاق المضيق فى وجه الملاحة الدولية. ودارت آنذاك ما يعرف بحرب الناقلات، وكانت ناقلات النفط الكويتي تتحرك تحت حماية أمريكية. وكانت للتهديدات الإيرانية ردود فعل عنيفة عبرت عن القلق والاهتمام الشديدين بهذا المرفأ البحري الدولي الذي لا غني عنه للملاحة في الخليج العربي الذي يعتبر شرياناً لإمدادات النفط للعالم الصناعي، خصوصاً بعد أن هدد هاشمي رفسنجانى - رئيس الجمهورية الإيرانية آنذاك- رسمياً بإغلاق المضيق أو ضربه إذا حتمت الظروف، مشيراً إلى أن إيران ليست فى حاجة إليه"
و يجيب أيضا سيادة اللواء على تساؤل أخر مفاده معرفة ماذا أعدت ايران فيما يخص هذا المضيق في حال نشوب حرب؟ فيقول ".... تشير تقارير أجهزة المخابرات الغربية إلى أن إيران وضعت خطة من أجل الاستيلاء على المضيق وإغلاقه في أقصر وقت ممكن إذا ما نشبت حرب بينها وبين الولايات المتحدة معتمدة في ذلك على أن الحرس الثوري يمتلك 700 موقع ميناء ومرسى وجزيرة ونقاط مختلفة، وذلك على طول الضفة الشرقية للخليج العربي، يستخدمها عادة للتهريب، وفى أوقات الضرورة قد يستخدمها لأغراض عسكرية في اعتراض السفن الحربية والتجارية وناقلات النفط ومنعها من المرور في المضيق، وهو أمر بديهي إذا ما نشبت الحرب وذلك بواسطة ما يملكه من زوارق صواريخ وزوارق انتحارية، أو عبر زرع الألغام البحرية على جنبات المضيق"
4- الاقتصاد الداخلي محرك للسياسة الخارجية:
وضح عباسي ملكي كذلك أهمية إحداث تنمية اقتصادية كبيرة داخل إيران و هذا يرتبط مع استقرار سوق النفط المربوط بدوره باستقرار إقليم الخليج و الجزيرة خصوصاً و المنطقة الأوسع عموماً و بعد أن تحقق لإيران قسطا مما كانت ترنو إليه من ضمان السيطرة على العراق و عدم وجود نظام مناهض لعقيدتها في أفغانستان فوجئت إيران بأن هذا الاستقرار لم و لن يتحقق فطالبان تعود اليوم بقوة و الأحداث في العراق بعيدة كثيراً عن الاستقرار التي كانت تحلم به، لم يبقى لإيران إلا التدخل بمواجهة مباشرة.
و الحق فالاقتصاد الإيراني الذي يشوبه الكثير و الكثير من المشكلات التي تتفاقم بما يهدد حكم نجاد نفسه يمكن اعتباره مولداً لتوجهات إيران الخارجية، و يكفي ذكر أن الديون الإيرانية بلغت 30 مليار دولار، ناهيك عن المشكلات الأخرى المواكبة للمشكلة الاقتصادية و لهذا يمكن القول أن اندفاع إيران نحو دول المنطقة و السيطرة عليها بطريق أو بأخر سينعش اقتصادها و يفتح مجالات للعمل و هذا ما يمكن اعتباره حافزاً و مشجعاً لنيل التأييد الشعبي لخوض هذه الحرب.
5- التوجه نحو دول شمال أسيا:
بعد تفكك الاتحاد السوفيتى وتكون خمس عشرة جمهورية جديدة لبعضها حدودا مشتركة مع إيران (أذربيجان و تركمنستان) أدى إلى تكون ما يمكن تسميته بإقليم شمال غرب آسيا والذي من الممكن لإيران بناء عليه أن تنسحب من النظام الفرعي للشرق الأوسط في حال فشلها من السيطرة عليه وتسعى للاندماج مع إقليم شمال غرب آسيا والتأثير فيه والتبادل المنفعي معه بل و جعله أقليم مساند لها في أي هجوم قد تتعرض له من قبل أي اتجاه.
تفسر أ/ عبير ياسين الاتجاه الإيراني نحو دول أسيا الوسطى فتقول ....
"تمثل دول آسيا الوسطى مجالا حيويا للدور الإيراني، وقد جاء استقلالها بمثابة فرصة لإيران للخروج عن، وكسر، طوق الحصار المفروض عليها، كما سعت إيران من جانبها للاستفادة من العوامل التاريخية والثقافية التى تربطها بدول آسيا الوسطى. وقد تمثلت أهم الفوائد لإيران في:
- كسر طوق الحصار المفروض على الدور الإيرانى فى ظل السياسة الأمريكية الساعية لعزلة إيران، والسعى الإيرانى لتعويض دورها فى الخليج العربى بدور فى آسيا الوسطى فى ظل الضغوط الأمريكية عليها فى الخليج.
- تفعيل الروابط التاريخية والثقافية بينها وبين دول آسيا الوسطى للحصول على أولوية فى علاقتها مع دول المنطقة خاصة فى ظل التنافس الدولى على هذه المنطقة للاستفادة من إمكاناتها ومواردها.
- تقديم إيران لدورها كمعبر أو وسيط لتجارة وموارد هذه الدول باعتبارها دول حبيسة. وهذا الأمر بدوره يمثل وسيلة ذات تأثير مزدوج حيث يؤدى من جانب، إلى جعل إيران معبرا للتجارة بما يحققه من فوائد اقتصادية، كما أنه يؤدى إلى تجاوز نطاق العزلة المفروض على إيران."
و تواصل ايضاً في عرض معوقات هذا التواصل بين ايران و هذه الدول في تخوف دول آسيا الوسطى عقب الاستقلال من طبيعة النظام السياسى الإيرانى والخوف من سعى إيران لتصدير هذا النظام للمنطقة، وتزايد الحديث عن سعى دولة إقليمية لملء الفراغ فى آسيا الوسطى ودعم التيارات الدينية. ولكن أدى إدراك إيران لطبيعة هذه المخاوف إلى إعلانها ضرورة إرساء العلاقة على أسس اقتصادية بالأساس بما أعطى الفرصة لتجاوز هذا القيد وإن ظلت بعض المخاوف قائمة خاصة بسبب تزايد ضغوط التيارات الإسلامية سواء فى أفغانستان-خاصة خلال سيطرة طالبان- أو طاجيكستان مما زاد من مخاوف تأثر هذه التيارات بإيران أو ممارسة إيران لدور يدعم هذه الجماعات.
ومن الخطوات العملية التي ترجمت هذا الاهتمام الذي أولته إيران لدول آسيا الوسطى أنها عقدت الكثير من الاتفاقيات مع الجمهوريات الجديدة في هذا الأقليم فقد أقامت اتفاقية مع تركمنستان في مجال التعاون الزراعي و الثقافي و اتفاقية مناجم الذهب و الرصاص مع أوزبكستان و اتفاقيات الطرق السريعة و السكك الحديدية و انشاء المطارات الجديدة التي شملت ايران مع تركمنستان و قازخستان و طاجيكستان و أوزبكستان وسعيها لإدخالهم فى تكتلات معها فأيدت انضمام هذه الدول لمنظمة التعاون الاقتصادى (الايكو) والتى تضم إلى جانب إيران كلا من تركيا وباكستان وأفغانستان كإطار للتعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء، كما ضمت الدول المطلة على بحر قزوين في منظمة تحمل نفس الاسم بغية التعاون والتنسيق فيما يخص البحر.
و فيما يتعلق بأهمية بحر قزوين فان المنطقة تأتى على الصعيد العالمى بعد منطقة الشرق الأوسط وقبل بحر الشمال من حيث الاحتياطات وأنه - أى بحر قزوين - يحتوى على ما يتجاوز 68 مليار برميل، وترى تقديرات أخرى أنه يأتى فى المرتبة الثالثة بعد الخليج العربى وسيبيريا وأن الاحتياطات تقدر بحوالى 12 و15 بليون برميل من النفط. وفى حين تؤيد العديد من مراكز الدراسات المتخصصة فى الولايات المتحدة وإيطاليا الرقم الأدنى الذى يعنى أن بحر قزوين يشكل 2.7% من الاحتياطي العالمى للنفط و7% لمن الغاز إلا انه مما يزيد التنافس فى المنطقة التوقعات حول ارتفاع هذه التقديرات فيما بعد مع المزيد من الاكتشافات حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع إنتاج النفط فى دول بحر قزوين وكذلك أوزبكستان إلى 309 ملايين برميل بحلول عام 2010 (المصدر السابق)
و يطل على بحر قزوين خمس دول هي كازاخستان وتركمانستان وأذربيجان بالإضافة إلى روسيا وإيران و بهذا فان الوضع فيما يخص السيطرة على هذا البحر و توزيع خيراته على الدول المجاورة له يمثل تحدياً أخر لتوجه إيران و علاقتها مع دول وسط أسيا.
و الجدير بالذكر أن غالبية سكان أسيا الوسطى ينتهجون المذهب السني فيما تعد أذربيجان شيعية و بالرغم من ذلك فان هذا لم يمنع إيران من مساندة أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان الشيعية في قضية إقليم (ناجورنو قرة باغ) كنتيجة لتخوف إيران من اجتذاب أذربيجان – التي توصف بكويت قزوين - للأذريين الإيرانيين في حال تحول أذربيجان إلى قوة إقليمية أو نموذج يحتذي و هذا جانب أخر من محددات التقارب بين إيران و دول أسيا الوسطى و المتمثل في العلاقة المتوترة بين إيران و أذربيجان ذات العلاقات المتينة مع إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية.
أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم و لكن هذا الموضوع لترابطه لا يتم عرضه الا مكتملاً و نستكمل باقي الاستراتيجيات في الحلقة القادمة بحول الله
- - - - - - - - - - -
* المراجع الخاصة بجزء الاستراتيجيات سنعرضها مجمعة في نهاية الجزء بمشيئة الله تعالى
__________________
قوة دول المنطقة (مدى قدرتها على مواجهة أي هجوم محتمل)
استكمالاً لبحثنا في مجال الإستراتيجية، إنني في هذه الأسطر القادمة بمشيئة الله سأتحدث بمزيد من العمومية و لن أخصص دولة ما، و هذا ليكون بمثابة تأصيل للمسألة محل بحثنا في هذه الجزئية و من ثم يمكن إسقاطها على دولنا العربية في منطقة الخليج العربي أو على باقي دولنا العربية العربية أو الإسلامية، و تجدر الاشارة الى انه لا يمكن بحال من الأحوال التكهن بكل تأكيد عن ما ستسفر عنه حرب ما مفترضة – كالحرب التي بين أيدينا - و من الصعوبة بمكان ترجيح كفة طرف على آخر من أطراف النزاع مهما كانت قوة أحدهما و مهما كان ضعف الأخر، ذلك لأن القوة التي نتكلم عنها لا تحسب فقط بعدد أو عتاد، و لكن بمنظومة متكاملة من المصادر و الأدوات التي بمقتضاها تكتسب الدولة قوتها ليس كما يتبادر الى الأذهان بسهولة، و التاريخ الإسلامي ربما يقدم خير نموذج في هذا المجال.
بعض محللي العلاقات الدولية قد قدموا تعريفات تحاول أن تحدد بشكل أكثر وضوحا ماهية القوة ، كالإشارة إلى أنها علاقة بين دولتين ، تسمح (أي العلاقة) بقيام حكومة إحداهما بحمل حكومة الدولة الأخرى على أن تتبع سلوكاً معينا ، لم تقم تلك الحكومة (الثانية) باختياره بمحض إرادتها ، كأن تجعلها تقدم على القيام بأعمال لا ترغب فى القيام بها، أو تمنعها من القيام بأفعال ترغب فى القيام بها . وبصورة رمزية ، فإن القوة هى قدرة (أ) على دفع (ب) لأن يفعل (س(، أو لا يفعل (ص)
و نظراً لأن هذا التعريف قد لا ينطبق كلية على الواقع لصعوبة رصد ردة الفعل للطرف الثاني بناء على توفر متطلبات التأثير للطرف الأول، لذا ظهر تعريف شهير يقرر أن القوة = قدرة (أ) على دفع (ب) للقيام بالعمل (س) - احتمال قيام (ب) بالعمل (س) بغض النظر عما فعله (أ)
و على أية حال ، فإن جوهر أي تعريف للقوة هو أنها علاقة سلوكية ين طرفين يقوم أحدهما بالتأثير في سلوك الطرف الآخر ، في الاتجاهات التي تحقق أهدافه ، أو بما يتفق مع رغباته ، في وقت معين أو عبر فترة زمنية ممتدة ، أو في مجال ما أو عدة مجالات ، استنادا على توافر قدرات تتيح له (للطرف الأول) القيام بذلك . اذا فالقوة ليست التأثير في حد ذاته و إنما هي القوة على التأثير.
اذا تقرر ما سبق يثور في ذهننا سؤال، كيف تكتسب أو تمتلك حكومة ما أو دولة ما هذه القوة أو بمعنى أخر ما هي مصادر القوة ؟
يمكن الإجابة على هذا السؤال في النقاط التالية:
أولا : الأرض:
اعتبر الإستراتيجيون الأوائل هذا العامل من أهم العوامل و يقع تحته عدة أسس تتمثل في:
1- الموقع الجغرافي . فهناك دول تحتل مواقع إستراتيجية متميزة على خريطة العالم و عالمنا العربي يتميز بهذه الميزة لاسيما في منطقة الخليج العربي، خاصة إذا كانت تسيطر على ممرات مائية دولية رئيسية كقناة السويس ، أو باب المندب ، أو كمضيق هرمز . ويرتبط بذلك أيضا موقع الدولة بالنسبة للبحار والمحيطات ، والذى يحدد طول سواحلها ومنافذها البحرية التى تتيح لها انفتاحا على العالم وثروات بحرية إضافية ، وكذلك موقعها الفلكى على خطوط الطول والعرض ، الذى يؤثر على مناخ الدولة الذى سادت بشأنه نظرية مثيرة فى الماضى تربط بين المناخ الحار والتخلف، وبين المناخ البارد والتقدم . يضاف الى ذلك شكل وطبيعة حدود الدولة وعدد وخصائص الدول المجاورة لها، وهو عنصر يؤثر بشدة فى سياساتها وأمنها. بينما تقع دول أخرى فى مناطق متطرفة معزولة كأيسلندا ، أو حبيسة كتشاد و تفتقر الى كل هذه الميزات.
2- المساحة الجغرافية ، فهناك دول مترامية المساحة كروسيا الاتحادية والبرازيل ، ودول صغيرة المساحة كالبحرين وبلجيكا. وتفترض التحليلات التقليدية أن اتساع المساحة يعنى قدرة الدولة على استيعاب أعداد أكبر من السكان ، مع تزايد احتمالات وجود الثروات الطبيعية، وتمتع الدولة بعمق استراتيجي طبيعي ، بما يدعم قوتها ، لكن ذلك ليس حتميا في كل الأحوال ، فوقوع كندا في مناطق باردة يقلص من أهمية مساحتها ، وقد تتمتع دول صغيرة بموارد كبيرة كالكويت . كما أن شكل الدولة من حيث التضاريس الطبيعية (جبلية ، سهلية) ، أو الحدود الخارجية ، أو كونها جزراً أو أقاليم قارية ، يؤثر بشدة على أهمية المساحة ، ويطرح تداعيات معقدة بالنسب لقوة الدولة و تمثل دول الخليج العربي مجتمعة اضافة الى بلاد الشام، أو الدول العربية في الشمال الافريقي مضافاً اليها السودان و الصومال و جيبوتي و موريتانيا كتلاً منفتحة على بعضها البعض يمكن الاستفادة منها أيما استفادة و تعطي أهمية إستراتيجية في غاية الأهمية.
3- الموارد الاقتصادية . فإقليم أو أرض الدولة يشمل ما تحت الأرض من موارد اقتصادية طبيعية ، كمصادر الطاقة) البترول ، الفحم ، الغاز ، المواد النووية) ، أو ثروات معدنية (كالحديد ، والقصدير ، والذهب) ، إضافة إلى ما يوجد على سطح الأرض من تربة (ومصادر مياه) تتيح إنتاج الموارد الغذائية (كالقمح) أو الموارد الزراعية (كالقطن). ويشمل إقليم الدولة كذلك ما حول الأرض من مياه إقليمية فى البحار والمحيطات ، وإمتداداتها تحت البحر (الجروف القارية) . وتتمثل أهمية الموارد الإقتصادية فيما تتيحه للدولة من قدرات مالية تمثل عنصر قوة مزدوج (مورد + قدرة) ، كما أنها تمثل الأساس المادى للنمو الإقتصادى، والتبادل التجارى فى إطار الاقتصاد الدولي . وتتفاوت الدول بشدة من حيث امتلاك أو عدم إمتلاك مثل هذه الثروات ، وتأثيراتها على قوتها فى حالة وجودها أو عدم وجودها . و شاء المولى عز و جل أن تقع بلادنا العربية مجتمعة على مثل هذه الخيرات.
ثانيا : الشعب:
ويعبر عنه عادة بالعامل الديموجرافى (أو البشرى) ، أو السكان ، الذي يمثل وزنا جوهريا بين أسس قوة الدولة ، إذ أنه يتيح لها قوة العمل اللازمة لإدارة شئونها ، وتطوير اقتصادها ، كما يتيح لها القوة البشرية اللازمة لإمداد القوات المسلحة باحتياجاتها من الأفراد، وقد يمارس نمط القيم والثقافة السائدة فيه، وإرادته القومية، أدوارا مباشرة كأدوات قوة تؤثر في الشعوب الأخرى. لكن ذلك كله يتم في ظل تباينات شديدة في تقييم العلاقة بين العامل البشرى وقوة الدولة، بفعل المتغيرات الوسيطة لتلك العلاقة. ويشتمل هذا العامل، على عناصر فرعية عديدة، أهمها :
1- عدد السكان ، وهو العامل الأكثر بروزاً ضمن عناصر القوة البشرية. فهناك دول يزيد تعدادها عن مليار نسمة كالصين والهند ، ودول تعانى من نقص حاد في عدد السكان ، كدولة الإمارات العربية المتحدة ، مع تفاوت نسب نمو هذا العدد من دولة لأخرى، بين حالات ينمو سكانها بأسرع من قدرتها على الاستيعاب، وأخرى تتوازى فيها أعداد المواليد مع معدلات الوفيات، وفى بعض الحالات المثيرة يتجه عدد السكان إلى النقصان . وتتضح معالم هذا المؤشر أكثر بإضافة كثافة السكان إليه ، أى نسبة عدد السكان الى مساحة الدولة القابلة للحياه فيها، وتكمن أهمية ذلك فى أنه يوضح حجم الضغط على الموارد، وشكل (نمط) الحياة فى الدولة .
2- توزيع السكان ، وهو عنصر رئيسي تتحدد بناء عليه (بمفهومه الواسع) القيمة الحقيقية لعدد السكان كمورد قوة أساسي للدولة . ويتضمن عددا لا حصر له من المؤشرات منها التوزيع العمري للسكان ، الذي يبين قوة العمل والوعاء التجنيدى فى الدولة ، ومعدلات الإعالة الاقتصادية في المجتمع ، ويشير إلى بعض المشكلات السياسية المحتملة . ومؤشر التوزيع الجغرافي للسكان على أقاليم ، أو مدن وأرياف ، الدولة ، الذي يبين مستويات التحضر، وأوضاع المدن، وتحركات السكان. ومؤشر التنوع العرقي ـ الديني لسكان الدولة، فوجود مشكلات عرقية، أو حساسيات دينية يؤثر بشدة على التجانس الإجتماعى ، وقد يعرض الدول لمشكلات حادة ، كما هو قائم فى العراق ، أو الجزائر ، أو السودان ، أو رواندا وبوروندى ، أو منطقة البلقان، أو إندونيسيا ، أوبريطانيا وكندا ، يضاف إلى ذلك التوزيعات الأخرى المتصلة بمؤشرات التنمية البشرية المختلفة ، من تعليم وصحة وخدمات ، فهى التى توضح حالة السكان فى الدولة .
إن الربط بين عدد السكان وقوة الدولة ، ربط مجرد، كما هو واضح لا يفيد الكثير ، والتأثير المحتمل للعامل السكانى كمورد قوة فعال ، يرتبط باعتبارات معقدة (أهمها مستوى التنمية البشرية) إلى درجة يصعب معها إصدار أحكام محددة ، بعيدا عن ظروف كل دولة ، أو مجموعة من الدول المتشابهة ، على حدة .
ثالثا : الحكومة:
ويرتبط هذا العامل بالإطار السياسي المؤسسي الذي تتفاعل فيه أسس (موارد) القوة الأخرى للدولة ، على نحو يمكن أن يفرز أو لا يفرز قدرات (أدوات) قوة مؤثرة، إذ أنه هو الذي يخلق النظام الذي يمكن فى إطاره تحويل الموارد إلى قدرات، أو إهدار الموارد المادية والبشرية وتبديدها . فدولة مثل روسيا الاتحادية تمتلك أسس قوة هائلة (مساحة ، سكان ، موارد ، خبرات ، ثقافة) تمكنها من أن تكون قوة عظمى متكاملة ، إلا أن سلبيات النظام السياسي قد أدت إلى تحولها لدولة تعانى من مشكلات واختلالات مزمنة، إضافة إلى ما يمثله جهاز الدولة ذاته (بمؤسساته الدبلوماسية ، والثقافية ، والأمنية) من أدوات قوة تمارس تأثيراتها مباشرة على الساحات الإقليمية والدولية ، لتحقيق مصالح الدولة .
وقد قدمت دراسات تحليل القوة مؤشرات مختلفة بشأن العناصر المرتبطة بقدرة النظام السياسي، سواء أكان يتم النظر إليها ، كمتغيرات وسيطة تحكم عملية تحويل الموارد إلى أشكال وأنماط جديدة لعناصر قوة الدولة ، أو كعناصر قدرة مستقلة تضاف (كأدوات) إلى إمكانيات الدولة . لكن يمكن الاقتصار على رصد ما يلي :
أ - استقرار النظم السياسية ، فهناك نظم سياسية غير مستقرة، بمستويات أدت إلي انهيار هيكل السلطة المركزية ، وتفكك الدولة فى بعض الأحيان ( يوغوسلافيا ، الصومال(، أو تفجر العنف المسلح داخل الدولة لفترة طويلة (أفغانستان) ، ونظم سياسية تمتلك مؤسسات مستقرة تكفل إدارة العملية السياسية داخل الدولة دون مشكلات قائمة أو محتملة ، وتتيح إتخاذ القرارات القومية على أسس تتسم بالعقلانية وفق قواعد محددة ، كمعظم النظم السياسية فى أوروبا الغربية .
ب - أداء النظم السياسية . ويرتبط هذا العنصر بكفاءة النظام السياسي فى إدارة شئون الدولة ، وامتلاكه الكوادر التنظيمية والمهارة الفنية اللازمة لتعبئة واستخدام الموارد الأساسية لصالح المجتمع ، بدءا بجمع الضرائب ، مرورا بتطوير الاقتصاد وتحديث القوات المسلحة ، وصولا إلى إدارة السياسة الخارجية ، فهناك دول تفتقر إلى الموارد كاليابان تمكنت من تعويض النقص عبر تطوير المهارات التنظيمية والفنية ، والحالات العكسية تشمل معظم دول جنوب العالم .
وتركز تحليلات عديدة على عنصر تعتبره شديد الأهمية ، هو التأييد الشعبي للنظام الذي يمثل سبب ونتيجة (مع اختلاف النسب) في علاقته بالاستقرار والأداء السياسيين، ويمثل كذلك مورد قوة في الوقت نفسه ، فالنظم السياسية بدون غطاء شعبي تصبح في مهب الريح .
وهكذا، فإن موارد القوة تمثل عنصرا رئيسيا للقوة القومية ، لكن مشكلتها هى أن تأثيراتها لا تسير فى اتجاه واحد ، كما أن تحولها إلى أدوات قوة يتوقف على عوامل مختلفة ، وبالتالى فإنها تمثل فى الغالب قاعدة لقوة الدولة ، حيث يتم النظر إليها كأساس يمكن استنادا عليه تحويل القوة الكامنة ـ بدرجة أكبر أو أقل ـ إلي قوة فعلية ، إضافة إلى ما تقدمه أحيانا من تفسيرات جزئية لعملية التأثير فى حالات عديدة .
اذا كان ما سبق هو مصادر القوة فما هي اذا أدوات القوة التي تستعمل لاحداث هذا التأثير؟
استكمالاً لبحثنا في مجال الإستراتيجية، إنني في هذه الأسطر القادمة بمشيئة الله سأتحدث بمزيد من العمومية و لن أخصص دولة ما، و هذا ليكون بمثابة تأصيل للمسألة محل بحثنا في هذه الجزئية و من ثم يمكن إسقاطها على دولنا العربية في منطقة الخليج العربي أو على باقي دولنا العربية العربية أو الإسلامية، و تجدر الاشارة الى انه لا يمكن بحال من الأحوال التكهن بكل تأكيد عن ما ستسفر عنه حرب ما مفترضة – كالحرب التي بين أيدينا - و من الصعوبة بمكان ترجيح كفة طرف على آخر من أطراف النزاع مهما كانت قوة أحدهما و مهما كان ضعف الأخر، ذلك لأن القوة التي نتكلم عنها لا تحسب فقط بعدد أو عتاد، و لكن بمنظومة متكاملة من المصادر و الأدوات التي بمقتضاها تكتسب الدولة قوتها ليس كما يتبادر الى الأذهان بسهولة، و التاريخ الإسلامي ربما يقدم خير نموذج في هذا المجال.
بعض محللي العلاقات الدولية قد قدموا تعريفات تحاول أن تحدد بشكل أكثر وضوحا ماهية القوة ، كالإشارة إلى أنها علاقة بين دولتين ، تسمح (أي العلاقة) بقيام حكومة إحداهما بحمل حكومة الدولة الأخرى على أن تتبع سلوكاً معينا ، لم تقم تلك الحكومة (الثانية) باختياره بمحض إرادتها ، كأن تجعلها تقدم على القيام بأعمال لا ترغب فى القيام بها، أو تمنعها من القيام بأفعال ترغب فى القيام بها . وبصورة رمزية ، فإن القوة هى قدرة (أ) على دفع (ب) لأن يفعل (س(، أو لا يفعل (ص)
و نظراً لأن هذا التعريف قد لا ينطبق كلية على الواقع لصعوبة رصد ردة الفعل للطرف الثاني بناء على توفر متطلبات التأثير للطرف الأول، لذا ظهر تعريف شهير يقرر أن القوة = قدرة (أ) على دفع (ب) للقيام بالعمل (س) - احتمال قيام (ب) بالعمل (س) بغض النظر عما فعله (أ)
و على أية حال ، فإن جوهر أي تعريف للقوة هو أنها علاقة سلوكية ين طرفين يقوم أحدهما بالتأثير في سلوك الطرف الآخر ، في الاتجاهات التي تحقق أهدافه ، أو بما يتفق مع رغباته ، في وقت معين أو عبر فترة زمنية ممتدة ، أو في مجال ما أو عدة مجالات ، استنادا على توافر قدرات تتيح له (للطرف الأول) القيام بذلك . اذا فالقوة ليست التأثير في حد ذاته و إنما هي القوة على التأثير.
اذا تقرر ما سبق يثور في ذهننا سؤال، كيف تكتسب أو تمتلك حكومة ما أو دولة ما هذه القوة أو بمعنى أخر ما هي مصادر القوة ؟
يمكن الإجابة على هذا السؤال في النقاط التالية:
أولا : الأرض:
اعتبر الإستراتيجيون الأوائل هذا العامل من أهم العوامل و يقع تحته عدة أسس تتمثل في:
1- الموقع الجغرافي . فهناك دول تحتل مواقع إستراتيجية متميزة على خريطة العالم و عالمنا العربي يتميز بهذه الميزة لاسيما في منطقة الخليج العربي، خاصة إذا كانت تسيطر على ممرات مائية دولية رئيسية كقناة السويس ، أو باب المندب ، أو كمضيق هرمز . ويرتبط بذلك أيضا موقع الدولة بالنسبة للبحار والمحيطات ، والذى يحدد طول سواحلها ومنافذها البحرية التى تتيح لها انفتاحا على العالم وثروات بحرية إضافية ، وكذلك موقعها الفلكى على خطوط الطول والعرض ، الذى يؤثر على مناخ الدولة الذى سادت بشأنه نظرية مثيرة فى الماضى تربط بين المناخ الحار والتخلف، وبين المناخ البارد والتقدم . يضاف الى ذلك شكل وطبيعة حدود الدولة وعدد وخصائص الدول المجاورة لها، وهو عنصر يؤثر بشدة فى سياساتها وأمنها. بينما تقع دول أخرى فى مناطق متطرفة معزولة كأيسلندا ، أو حبيسة كتشاد و تفتقر الى كل هذه الميزات.
2- المساحة الجغرافية ، فهناك دول مترامية المساحة كروسيا الاتحادية والبرازيل ، ودول صغيرة المساحة كالبحرين وبلجيكا. وتفترض التحليلات التقليدية أن اتساع المساحة يعنى قدرة الدولة على استيعاب أعداد أكبر من السكان ، مع تزايد احتمالات وجود الثروات الطبيعية، وتمتع الدولة بعمق استراتيجي طبيعي ، بما يدعم قوتها ، لكن ذلك ليس حتميا في كل الأحوال ، فوقوع كندا في مناطق باردة يقلص من أهمية مساحتها ، وقد تتمتع دول صغيرة بموارد كبيرة كالكويت . كما أن شكل الدولة من حيث التضاريس الطبيعية (جبلية ، سهلية) ، أو الحدود الخارجية ، أو كونها جزراً أو أقاليم قارية ، يؤثر بشدة على أهمية المساحة ، ويطرح تداعيات معقدة بالنسب لقوة الدولة و تمثل دول الخليج العربي مجتمعة اضافة الى بلاد الشام، أو الدول العربية في الشمال الافريقي مضافاً اليها السودان و الصومال و جيبوتي و موريتانيا كتلاً منفتحة على بعضها البعض يمكن الاستفادة منها أيما استفادة و تعطي أهمية إستراتيجية في غاية الأهمية.
3- الموارد الاقتصادية . فإقليم أو أرض الدولة يشمل ما تحت الأرض من موارد اقتصادية طبيعية ، كمصادر الطاقة) البترول ، الفحم ، الغاز ، المواد النووية) ، أو ثروات معدنية (كالحديد ، والقصدير ، والذهب) ، إضافة إلى ما يوجد على سطح الأرض من تربة (ومصادر مياه) تتيح إنتاج الموارد الغذائية (كالقمح) أو الموارد الزراعية (كالقطن). ويشمل إقليم الدولة كذلك ما حول الأرض من مياه إقليمية فى البحار والمحيطات ، وإمتداداتها تحت البحر (الجروف القارية) . وتتمثل أهمية الموارد الإقتصادية فيما تتيحه للدولة من قدرات مالية تمثل عنصر قوة مزدوج (مورد + قدرة) ، كما أنها تمثل الأساس المادى للنمو الإقتصادى، والتبادل التجارى فى إطار الاقتصاد الدولي . وتتفاوت الدول بشدة من حيث امتلاك أو عدم إمتلاك مثل هذه الثروات ، وتأثيراتها على قوتها فى حالة وجودها أو عدم وجودها . و شاء المولى عز و جل أن تقع بلادنا العربية مجتمعة على مثل هذه الخيرات.
ثانيا : الشعب:
ويعبر عنه عادة بالعامل الديموجرافى (أو البشرى) ، أو السكان ، الذي يمثل وزنا جوهريا بين أسس قوة الدولة ، إذ أنه يتيح لها قوة العمل اللازمة لإدارة شئونها ، وتطوير اقتصادها ، كما يتيح لها القوة البشرية اللازمة لإمداد القوات المسلحة باحتياجاتها من الأفراد، وقد يمارس نمط القيم والثقافة السائدة فيه، وإرادته القومية، أدوارا مباشرة كأدوات قوة تؤثر في الشعوب الأخرى. لكن ذلك كله يتم في ظل تباينات شديدة في تقييم العلاقة بين العامل البشرى وقوة الدولة، بفعل المتغيرات الوسيطة لتلك العلاقة. ويشتمل هذا العامل، على عناصر فرعية عديدة، أهمها :
1- عدد السكان ، وهو العامل الأكثر بروزاً ضمن عناصر القوة البشرية. فهناك دول يزيد تعدادها عن مليار نسمة كالصين والهند ، ودول تعانى من نقص حاد في عدد السكان ، كدولة الإمارات العربية المتحدة ، مع تفاوت نسب نمو هذا العدد من دولة لأخرى، بين حالات ينمو سكانها بأسرع من قدرتها على الاستيعاب، وأخرى تتوازى فيها أعداد المواليد مع معدلات الوفيات، وفى بعض الحالات المثيرة يتجه عدد السكان إلى النقصان . وتتضح معالم هذا المؤشر أكثر بإضافة كثافة السكان إليه ، أى نسبة عدد السكان الى مساحة الدولة القابلة للحياه فيها، وتكمن أهمية ذلك فى أنه يوضح حجم الضغط على الموارد، وشكل (نمط) الحياة فى الدولة .
2- توزيع السكان ، وهو عنصر رئيسي تتحدد بناء عليه (بمفهومه الواسع) القيمة الحقيقية لعدد السكان كمورد قوة أساسي للدولة . ويتضمن عددا لا حصر له من المؤشرات منها التوزيع العمري للسكان ، الذي يبين قوة العمل والوعاء التجنيدى فى الدولة ، ومعدلات الإعالة الاقتصادية في المجتمع ، ويشير إلى بعض المشكلات السياسية المحتملة . ومؤشر التوزيع الجغرافي للسكان على أقاليم ، أو مدن وأرياف ، الدولة ، الذي يبين مستويات التحضر، وأوضاع المدن، وتحركات السكان. ومؤشر التنوع العرقي ـ الديني لسكان الدولة، فوجود مشكلات عرقية، أو حساسيات دينية يؤثر بشدة على التجانس الإجتماعى ، وقد يعرض الدول لمشكلات حادة ، كما هو قائم فى العراق ، أو الجزائر ، أو السودان ، أو رواندا وبوروندى ، أو منطقة البلقان، أو إندونيسيا ، أوبريطانيا وكندا ، يضاف إلى ذلك التوزيعات الأخرى المتصلة بمؤشرات التنمية البشرية المختلفة ، من تعليم وصحة وخدمات ، فهى التى توضح حالة السكان فى الدولة .
إن الربط بين عدد السكان وقوة الدولة ، ربط مجرد، كما هو واضح لا يفيد الكثير ، والتأثير المحتمل للعامل السكانى كمورد قوة فعال ، يرتبط باعتبارات معقدة (أهمها مستوى التنمية البشرية) إلى درجة يصعب معها إصدار أحكام محددة ، بعيدا عن ظروف كل دولة ، أو مجموعة من الدول المتشابهة ، على حدة .
ثالثا : الحكومة:
ويرتبط هذا العامل بالإطار السياسي المؤسسي الذي تتفاعل فيه أسس (موارد) القوة الأخرى للدولة ، على نحو يمكن أن يفرز أو لا يفرز قدرات (أدوات) قوة مؤثرة، إذ أنه هو الذي يخلق النظام الذي يمكن فى إطاره تحويل الموارد إلى قدرات، أو إهدار الموارد المادية والبشرية وتبديدها . فدولة مثل روسيا الاتحادية تمتلك أسس قوة هائلة (مساحة ، سكان ، موارد ، خبرات ، ثقافة) تمكنها من أن تكون قوة عظمى متكاملة ، إلا أن سلبيات النظام السياسي قد أدت إلى تحولها لدولة تعانى من مشكلات واختلالات مزمنة، إضافة إلى ما يمثله جهاز الدولة ذاته (بمؤسساته الدبلوماسية ، والثقافية ، والأمنية) من أدوات قوة تمارس تأثيراتها مباشرة على الساحات الإقليمية والدولية ، لتحقيق مصالح الدولة .
وقد قدمت دراسات تحليل القوة مؤشرات مختلفة بشأن العناصر المرتبطة بقدرة النظام السياسي، سواء أكان يتم النظر إليها ، كمتغيرات وسيطة تحكم عملية تحويل الموارد إلى أشكال وأنماط جديدة لعناصر قوة الدولة ، أو كعناصر قدرة مستقلة تضاف (كأدوات) إلى إمكانيات الدولة . لكن يمكن الاقتصار على رصد ما يلي :
أ - استقرار النظم السياسية ، فهناك نظم سياسية غير مستقرة، بمستويات أدت إلي انهيار هيكل السلطة المركزية ، وتفكك الدولة فى بعض الأحيان ( يوغوسلافيا ، الصومال(، أو تفجر العنف المسلح داخل الدولة لفترة طويلة (أفغانستان) ، ونظم سياسية تمتلك مؤسسات مستقرة تكفل إدارة العملية السياسية داخل الدولة دون مشكلات قائمة أو محتملة ، وتتيح إتخاذ القرارات القومية على أسس تتسم بالعقلانية وفق قواعد محددة ، كمعظم النظم السياسية فى أوروبا الغربية .
ب - أداء النظم السياسية . ويرتبط هذا العنصر بكفاءة النظام السياسي فى إدارة شئون الدولة ، وامتلاكه الكوادر التنظيمية والمهارة الفنية اللازمة لتعبئة واستخدام الموارد الأساسية لصالح المجتمع ، بدءا بجمع الضرائب ، مرورا بتطوير الاقتصاد وتحديث القوات المسلحة ، وصولا إلى إدارة السياسة الخارجية ، فهناك دول تفتقر إلى الموارد كاليابان تمكنت من تعويض النقص عبر تطوير المهارات التنظيمية والفنية ، والحالات العكسية تشمل معظم دول جنوب العالم .
وتركز تحليلات عديدة على عنصر تعتبره شديد الأهمية ، هو التأييد الشعبي للنظام الذي يمثل سبب ونتيجة (مع اختلاف النسب) في علاقته بالاستقرار والأداء السياسيين، ويمثل كذلك مورد قوة في الوقت نفسه ، فالنظم السياسية بدون غطاء شعبي تصبح في مهب الريح .
وهكذا، فإن موارد القوة تمثل عنصرا رئيسيا للقوة القومية ، لكن مشكلتها هى أن تأثيراتها لا تسير فى اتجاه واحد ، كما أن تحولها إلى أدوات قوة يتوقف على عوامل مختلفة ، وبالتالى فإنها تمثل فى الغالب قاعدة لقوة الدولة ، حيث يتم النظر إليها كأساس يمكن استنادا عليه تحويل القوة الكامنة ـ بدرجة أكبر أو أقل ـ إلي قوة فعلية ، إضافة إلى ما تقدمه أحيانا من تفسيرات جزئية لعملية التأثير فى حالات عديدة .
اذا كان ما سبق هو مصادر القوة فما هي اذا أدوات القوة التي تستعمل لاحداث هذا التأثير؟
بداية قد أكون أثقلت عليكم بالإكثار من أمور يعتقد البعض أنها فرعية، و لكني وضعت الموضوع ليس من باب العرض فقط و لكن من باب تنبيه ألامه لما يخطط لها و أطماع الغير فيها و وضع الخطوط العريضة للوسائل التي من شأنها تكفل لها العودة إلى مكانتها اللائقة بها.
بعد أن عرضنا عليكم ما قرره أ/ محمد عبد السلام في كتابه (القوة) بتصرف بسيط من طرفنا و خاصة في إطار مصادر القوة و بينا كيف تمتلك الدولة مقومات القوة نشير الى أن ليس كل من يمتلك بعض مصادر القوة يملك فعلها و تأثيرها ذلك أن القوة تحتاج إلى أدوات Tools تتمكن من خلالها ترجمة هذه المصادر إلى قوة تأثير فعلية.
و تحاول الدول التي تريد رفعة شانها بحق بكل ما أوتيت من قوة ترجمة هذا القدر من المصادر إلى قوة و تكمل ما قد يكون فيه خلل في أحد مصادر القوة التي تملكها كإصلاح الوضع الداخلي المتعلق بالسياسات الداخلية أو الخارجية و كذلك تتخذ من الإجراءات ما يكفل لها قوة تأثيرها و ليس هناك عجب في ذلك فلكل دولة هذا الحق و لكن العجيب أن تعلم أن عدو قريب أو بعيد يسعى إلى امتلاك هذه الوسائل و يطمع فيها و تقف موقف المتفرج! فهذا من شأنه يؤثر كثيراً على العمق الاستراتيجي للدولة و يجعل مستقبلها في مهب الريح حتى لو امتلكت مصادر القوة و أهم وسائل ترجمة المصادر إلى قوة فعلية و التي ذكرها أ/ محمد عبد السلام :
1- القوة العسكرية :
وتعتبرها معظم التحليلات العنصر الأكثر أهمية ضمن مكونات القوة القومية ، فلو قارنا الفشل في هذا الخصوص بالفشل الاقتصادي نجد أن الفشل في القوة الإقتصادية لدولة ما قد يؤدى إلى الفقر ، بينما قد يعنى فشل القوة العسكرية لها الموت . وتشمل القوة العسكرية لأى دولة بصفة رئيسية قواتها المسلحة Armed Forces بأفرعها ( البرية ، الجوية ، البحرية ) وتسليحها ( التقليدى، فوق التقليدى، النووى) وكفاءتها القتالية ومواقع انتشارها ، إضافة إلى العلاقات الدفاعية التى تربط الدولة بالدول الأخرى ، بما تشمله من تعاون عسكرى أو تحالفات عسكرية ، ثم عنصر عسكرى فرعى مهم هو الصناعات الحربية التى توفر للجيوش الأسلحة والذخائر والقدرة على الحصول عليها وقت الحاجة ، وتطويرها فى المستقبل ، كما تشكل فى الوقت ذاته مورد قوة يمكن أن يدعم أسس اقتصادها ودفاعها على مستويات أخرى .
لهذا و من واجب وضع الحلول لمشاكلنا على دولنا العربية أن تهتم بهذا الجانب و ألا تكون صفقاتها المسلحة مرتبطة بعوامل أخر غير عامل الأمن القومي لدولنا.
2-القدرة الإقتصادية:
وهى أداة متشعبة الجوانب تمثل أحد أهم الوسائل متصاعدة الأهمية للقوة القومية للدول ، إضافة الى كونها ـ كما سبقت الإشارة ـ مورد قوة . وترتبط هذه القدرة بعدد هائل من الوسائل والأنشطة الخاصة بتصدير واستيراد (تجارة) السلع والخدمات ، وتبادل الثروة والمعاملات المالية ، ومنح المساعدات الإقتصادية، وأدوات الحماية التجارية ، والعقوبات والمقاطعات الاقتصادية ، ومنح أفضليات تجارية (كوضع الدولة الأولَى بالرعاية) ، وأدوات تحديد سعر صرف العملة الوطنية، والاستثمارات المباشرة وغير المباشرة فى الخارج ، وكافة أشكال المفاوضات الخاصة بتنظيم التعاملات الإقتصادية، والتعاون الإقليمى. فقد أصبح الاقتصاد محور عمليات تفاعل واسعة النطاق بين الدول، لا تؤثر فقط على رفاهية الشعوب ، وإنما ـ أحيانا ـ أمن الدول .
3- الأدوات الدبلوماسية:
وهى أدوات تقليدية قديمة استخدمت بأشكال شديدة التعقيد فى إدارة علاقات الدول ، وتطورت مع الوقت لتتضمن أنماطا عديدة من أشكال التأثير ، استنادا على شبكة من السفارات والقنصليات والمفوضيات التي لا تضم دبلوماسيين فقط ، وإنما ملحقين تجاريين وثقافيين وإعلاميين وعسكريين وعناصر استخبارات ، يعملون فى إطار أدوات القوى الأخرى . فلم تعد الدبلوماسية ترتبط فقط بالمراسم أو الترتيبات أو توصيل الرسائل ، وإجراء الاتصالات ، وتنظيم أوضاع المواطنين فى الخارج ، وإنما شرح السياسات وتوضيح المواقف ، والتنسيق السياسى ، وإجراء المفاوضات ، وعقد المعاهدات ، والتوصل إلى تفاهمات ، فقد أصبحت الدبلوماسية إطاراً لأنشطة واسعة النطاق تتم بين الحكومات والمؤسسات والممثلين فى المؤتمرات والمنظمات ، على نحو يصعب حصر حدوده .و يمكن للدولة أن تفعل الكثير من خلال هذه الادوات الدبلوماسية سواء لأفرادها المقيمين في الدول الاخرى أو رعايا الدول الاخرى على أراضيها.
4- الأدوات الاستخباراتية :
وترتبط في الأساس بعمليات جمع وتقييم المعلومات الخاصة بقدرات ونوايا وخطط وتحركات الأطراف الأخرى ذات العلاقة بمصالح الدولة ، على غرار ما تقوم به عادة أجهزة الاستخبارات مستخدمة وسائل الاستطلاع والتصنت والجواسيس، بالتوازى مع مهام مكافحة المحاولات التى تقوم بها الأطراف الأخرى لنفس الأغراض ضد الدولة المعنية.
إلا أن مهام أجهزة الإستخبارات كانت دائما أوسع من مجرد جمع وتقييم المعلومات، أو الدفاع ضد محاولات التجسس المضاد، إذ أنها عادة ما تقوم بالأعمال التى اصطلح على تسميتها فى العلاقات الدولية تقليديا بالنشاطات السرية ، التى تصل بالنسبة لبعض الدول الى تنفيذ أعمال الاغتيال والحماية والاختطاف والتوريط أو تهريب الأسلحة أو الأموال عبر الحدود، ودعم نشاطات أو جماعات أو أشخاص فى دول أخرى ، وعقد صفقات أمنية وسياسية، وكافة المهام الأخرى ذات الحساسيات الخاصة ، وقد اتسع نطاق اهتمامات تلك الأجهزة فى السنوات الأخيرة ليتطرق الى مجالات عمل جديدة كالإقتصاد والتكنولوجيا ، وأصبحت أوضاعها أكثر شفافية .
5- الأدوات الرمزية :
وترتبط هذه النوعية من القدرات بمجموعة من الأدوات التى تهدف إلى التأثير فى أفكار الأطراف الأخرى (قوة الفكر) ، وتشمل وسائل الإعلام / الدعاية التى تصاعدت تأثيراتها بشدة فى عصر الأقمار الصناعية ، على غرار ماهو قائم فى المنطقة العربية بشأن القنوات الفضائية ، وتقوم هذه الوسائل بمجموعة من الأنشطة الموجهة الى التأثير فى أفكار النخب غير الرسمية والأفراد العاديين فى الدول الأخرى ، بهدف تسويق توجهات معنية ، أو الدفع فى اتجاه تأييد أو رفض وضع معين ، فقد أصبح الإعلام قوة ، خاصة مع تصاعد أهمية تأثيرات الرأى العام فى التوجهات السياسية للدول .
أما الأدوات الأيديولوجية الرمزية ، فإنها تهدف الى نشر تصور مثالى شامل لما ينبغى أن يكون عليه المجتمع فى المستقبل ، بما يحمله ذلك من قيم تخدم مصالح الدولة الفاعلة فى المدى الطويل ، كمحاولات الترويج للشيوعية فى فترة الحرب الباردة ، أو لما يسمى النمط الأمريكى للحياة، أو القيم الغربية، وتختلف الأدوات الثقافية عن الوسائل الدعائية والأيديولوجية فى أنها ترتبط بتوظيف الإنتاج الثقافى والتراث القومى فى التأثير على الشعوب الأخرى ، عبر الأقلام السينمائية أو المعارض الثقافية أو المهرجانات الدولية ، وإن كان ثمة نقاش واسع حول هذه القضايا كلها ، فى ظل توجه لإعادة النظر فى المقولات التقليدية ( على غرار ما قيل طويلا حول الغزو الثقافى ) المتصلة بها ، فى إطار العولمة .
بعد أن عرضنا عليكم ما قرره أ/ محمد عبد السلام في كتابه (القوة) بتصرف بسيط من طرفنا و خاصة في إطار مصادر القوة و بينا كيف تمتلك الدولة مقومات القوة نشير الى أن ليس كل من يمتلك بعض مصادر القوة يملك فعلها و تأثيرها ذلك أن القوة تحتاج إلى أدوات Tools تتمكن من خلالها ترجمة هذه المصادر إلى قوة تأثير فعلية.
و تحاول الدول التي تريد رفعة شانها بحق بكل ما أوتيت من قوة ترجمة هذا القدر من المصادر إلى قوة و تكمل ما قد يكون فيه خلل في أحد مصادر القوة التي تملكها كإصلاح الوضع الداخلي المتعلق بالسياسات الداخلية أو الخارجية و كذلك تتخذ من الإجراءات ما يكفل لها قوة تأثيرها و ليس هناك عجب في ذلك فلكل دولة هذا الحق و لكن العجيب أن تعلم أن عدو قريب أو بعيد يسعى إلى امتلاك هذه الوسائل و يطمع فيها و تقف موقف المتفرج! فهذا من شأنه يؤثر كثيراً على العمق الاستراتيجي للدولة و يجعل مستقبلها في مهب الريح حتى لو امتلكت مصادر القوة و أهم وسائل ترجمة المصادر إلى قوة فعلية و التي ذكرها أ/ محمد عبد السلام :
1- القوة العسكرية :
وتعتبرها معظم التحليلات العنصر الأكثر أهمية ضمن مكونات القوة القومية ، فلو قارنا الفشل في هذا الخصوص بالفشل الاقتصادي نجد أن الفشل في القوة الإقتصادية لدولة ما قد يؤدى إلى الفقر ، بينما قد يعنى فشل القوة العسكرية لها الموت . وتشمل القوة العسكرية لأى دولة بصفة رئيسية قواتها المسلحة Armed Forces بأفرعها ( البرية ، الجوية ، البحرية ) وتسليحها ( التقليدى، فوق التقليدى، النووى) وكفاءتها القتالية ومواقع انتشارها ، إضافة إلى العلاقات الدفاعية التى تربط الدولة بالدول الأخرى ، بما تشمله من تعاون عسكرى أو تحالفات عسكرية ، ثم عنصر عسكرى فرعى مهم هو الصناعات الحربية التى توفر للجيوش الأسلحة والذخائر والقدرة على الحصول عليها وقت الحاجة ، وتطويرها فى المستقبل ، كما تشكل فى الوقت ذاته مورد قوة يمكن أن يدعم أسس اقتصادها ودفاعها على مستويات أخرى .
لهذا و من واجب وضع الحلول لمشاكلنا على دولنا العربية أن تهتم بهذا الجانب و ألا تكون صفقاتها المسلحة مرتبطة بعوامل أخر غير عامل الأمن القومي لدولنا.
2-القدرة الإقتصادية:
وهى أداة متشعبة الجوانب تمثل أحد أهم الوسائل متصاعدة الأهمية للقوة القومية للدول ، إضافة الى كونها ـ كما سبقت الإشارة ـ مورد قوة . وترتبط هذه القدرة بعدد هائل من الوسائل والأنشطة الخاصة بتصدير واستيراد (تجارة) السلع والخدمات ، وتبادل الثروة والمعاملات المالية ، ومنح المساعدات الإقتصادية، وأدوات الحماية التجارية ، والعقوبات والمقاطعات الاقتصادية ، ومنح أفضليات تجارية (كوضع الدولة الأولَى بالرعاية) ، وأدوات تحديد سعر صرف العملة الوطنية، والاستثمارات المباشرة وغير المباشرة فى الخارج ، وكافة أشكال المفاوضات الخاصة بتنظيم التعاملات الإقتصادية، والتعاون الإقليمى. فقد أصبح الاقتصاد محور عمليات تفاعل واسعة النطاق بين الدول، لا تؤثر فقط على رفاهية الشعوب ، وإنما ـ أحيانا ـ أمن الدول .
3- الأدوات الدبلوماسية:
وهى أدوات تقليدية قديمة استخدمت بأشكال شديدة التعقيد فى إدارة علاقات الدول ، وتطورت مع الوقت لتتضمن أنماطا عديدة من أشكال التأثير ، استنادا على شبكة من السفارات والقنصليات والمفوضيات التي لا تضم دبلوماسيين فقط ، وإنما ملحقين تجاريين وثقافيين وإعلاميين وعسكريين وعناصر استخبارات ، يعملون فى إطار أدوات القوى الأخرى . فلم تعد الدبلوماسية ترتبط فقط بالمراسم أو الترتيبات أو توصيل الرسائل ، وإجراء الاتصالات ، وتنظيم أوضاع المواطنين فى الخارج ، وإنما شرح السياسات وتوضيح المواقف ، والتنسيق السياسى ، وإجراء المفاوضات ، وعقد المعاهدات ، والتوصل إلى تفاهمات ، فقد أصبحت الدبلوماسية إطاراً لأنشطة واسعة النطاق تتم بين الحكومات والمؤسسات والممثلين فى المؤتمرات والمنظمات ، على نحو يصعب حصر حدوده .و يمكن للدولة أن تفعل الكثير من خلال هذه الادوات الدبلوماسية سواء لأفرادها المقيمين في الدول الاخرى أو رعايا الدول الاخرى على أراضيها.
4- الأدوات الاستخباراتية :
وترتبط في الأساس بعمليات جمع وتقييم المعلومات الخاصة بقدرات ونوايا وخطط وتحركات الأطراف الأخرى ذات العلاقة بمصالح الدولة ، على غرار ما تقوم به عادة أجهزة الاستخبارات مستخدمة وسائل الاستطلاع والتصنت والجواسيس، بالتوازى مع مهام مكافحة المحاولات التى تقوم بها الأطراف الأخرى لنفس الأغراض ضد الدولة المعنية.
إلا أن مهام أجهزة الإستخبارات كانت دائما أوسع من مجرد جمع وتقييم المعلومات، أو الدفاع ضد محاولات التجسس المضاد، إذ أنها عادة ما تقوم بالأعمال التى اصطلح على تسميتها فى العلاقات الدولية تقليديا بالنشاطات السرية ، التى تصل بالنسبة لبعض الدول الى تنفيذ أعمال الاغتيال والحماية والاختطاف والتوريط أو تهريب الأسلحة أو الأموال عبر الحدود، ودعم نشاطات أو جماعات أو أشخاص فى دول أخرى ، وعقد صفقات أمنية وسياسية، وكافة المهام الأخرى ذات الحساسيات الخاصة ، وقد اتسع نطاق اهتمامات تلك الأجهزة فى السنوات الأخيرة ليتطرق الى مجالات عمل جديدة كالإقتصاد والتكنولوجيا ، وأصبحت أوضاعها أكثر شفافية .
5- الأدوات الرمزية :
وترتبط هذه النوعية من القدرات بمجموعة من الأدوات التى تهدف إلى التأثير فى أفكار الأطراف الأخرى (قوة الفكر) ، وتشمل وسائل الإعلام / الدعاية التى تصاعدت تأثيراتها بشدة فى عصر الأقمار الصناعية ، على غرار ماهو قائم فى المنطقة العربية بشأن القنوات الفضائية ، وتقوم هذه الوسائل بمجموعة من الأنشطة الموجهة الى التأثير فى أفكار النخب غير الرسمية والأفراد العاديين فى الدول الأخرى ، بهدف تسويق توجهات معنية ، أو الدفع فى اتجاه تأييد أو رفض وضع معين ، فقد أصبح الإعلام قوة ، خاصة مع تصاعد أهمية تأثيرات الرأى العام فى التوجهات السياسية للدول .
أما الأدوات الأيديولوجية الرمزية ، فإنها تهدف الى نشر تصور مثالى شامل لما ينبغى أن يكون عليه المجتمع فى المستقبل ، بما يحمله ذلك من قيم تخدم مصالح الدولة الفاعلة فى المدى الطويل ، كمحاولات الترويج للشيوعية فى فترة الحرب الباردة ، أو لما يسمى النمط الأمريكى للحياة، أو القيم الغربية، وتختلف الأدوات الثقافية عن الوسائل الدعائية والأيديولوجية فى أنها ترتبط بتوظيف الإنتاج الثقافى والتراث القومى فى التأثير على الشعوب الأخرى ، عبر الأقلام السينمائية أو المعارض الثقافية أو المهرجانات الدولية ، وإن كان ثمة نقاش واسع حول هذه القضايا كلها ، فى ظل توجه لإعادة النظر فى المقولات التقليدية ( على غرار ما قيل طويلا حول الغزو الثقافى ) المتصلة بها ، فى إطار العولمة .
__________________
لا يتوقف الأمر على هذه الأدوات الرئيسية التي أشرنا اليها في الحلقات السابقة، فهناك وسائل أخرى متعددة ، تدير من خلالها الدول ، فى إطار سياسة منظمة أو أعمال تلقائية ، عملية التأثير ، منها : أدوات السياسة الداخلية ، فالتأييد الداخلى لأى نظام سياسى يمثل أحد أهم عناصر تأثيراته الخارجيةو كذلك الأدوات العلمية ـ التكنولوجية ، وترتبط باستخدام المعارف العلمية النظرية ، والتطبيقات العلمية المعملية كأدوات أساسية للتأثير ، كبرامج التبادل العلمى ، والمساعدة الفنية ، وبراءات الاختراعات ، وبرامج استكشاف الفضاء ، بأساليب مختلفة .
وحتى نختتم هذه الجزئية نعرض على حضراتكم نتائج بحث تفصيلي قام به أحد المتخصصين (أ.د./ فتحي مصيلحي) في بداية التسعينات لدراسة قوة الدول في منطقة الشرق الأوسط عن طريق تحويل الموارد و الأدوات التي تحدد قوة الدولة و إعطاء قيم لها و الانتهاء إلى النتائج المتحصل عليها، فقد أوضحت الدراسة أنه تم تقسيم دول المنطقة إلى عدة مستويات وفق قوتها:
1- مجموعة دول المستوى الأول: و تشمل على أربع دول فقط، سجلت نقاطاً من القوة تتراوح بين 294 الى 229 و هي ايران أكثر دول المنطقة وزناً سياسياً، يليها تركيا (94% من الولة الاولى) و مصر في المركز الثالث (79% من الأولى) و أخيراً السعودية (78% من الأولى).
2- مجموعة دول المستوى الثاني: في الوزن السياسي للدول بالمنطقة، و تتضمن ثمان وحدات سياسية، سجلت نقطاً تتراوح بين 171 الى 198 نقطة و تراوحت نسبتها من القوة الأولى بين 58.1% الى 67.3% و تضم على الترتيب العراق، و قبرص، السودان، اسرائيل، المغرب، ليبيا و سوريا و الجزائر.
3-مجموعة المستوى الثالث: في قائمة القوة السياسية تراوحت نسبتها بين (56.4 الى 53.3%) و تضم فقط خمس دول هي تونس، الامارات، لبنان، الكويت، البحرين. و سجلت نقط قوة تتراوح بين (166-157 نقطة)
4- مجموعة المستوى الرابع: تضم كلا من موريتانيا و قطر و الصومال. و قد سجلت نقطاً تتراوح بين (152-149 نقطة) و تنحرف أو تتضائل
عن أقوى دول المنطقة بنسب تتراوح بين (48.2% الى 49.5%)
5- مجموعة المستوى الخامس و الأخير: و تضم كلاً من عمان و جيبوتي و اليمن و الاردن و فلسطين و قد سجلت دول هذه المجموعة نقط قوة تتراوح بين (138 الى 110 نقطة) و تنحرف قوتها سلباً عن القوة السياسية الأولى بالمنطقة بما يتراوح بين 43.1 الى 62.5% على التوالي.
فيما يلي رسم تخطيطي يوضح مستويات القوة في دول المنطقة
بالطبع نتائج هذه الدراسة تعود الى مقاييس القائم بها و الفترة التي اجريت بها و ان كانت لا تختلف كثيراً عن الواقع لاسيما في الفترة التي أجريت بها و قد يكون هناك تغيير كبير في هذه الفترة المعاصرة و هذا يتطلب المزيد من الدراسات لتحديد مدى قوة دولنا العربية واتخاذ اللازم لاعادة قوتها من جديد.
و بالنظر الى هذه الاقسام نجد أن دولنا العربية مقسمة بين المستويات كلها و أكثر هذه الدول العربية قوة هي مصر ثم السعودية و أقلها قوة الأردن و فلسطين، و يعزي صاحب الدراسة حصول دول المستوى الاول على أقصى درجات للقوة الى عدة عوامل:
1- عامل التاريخ: حيث أن هذه الدول تمثل أعرق الحضارات التي عرفتها البشرية، فقد قامت في مصر الامبراطوريات القديمة و التي امتدت لتشمل مناطق واسعة و تأكدت الدولة المصرية في ععهد الأخشيد و الطولونيين والأيوبيين و المماليك، كذلك فان الدولة الاسلامية و التي قامت من أرض السعودية (الحجاز) و امتدت أيضاً لتمتد الى المشارف الصينية الغربية شرقاً و المحيط الأطلنطي غرباً. و كذلك الامبراطوريات الفارسية الضخمة و التي ذكرنا عنها ما يسر الله لنا به، و كذلك قامت للأتراك امبراطوريات قديمة و حديثة وصلت الى أوجها في عهد الدولة العثمانية.
2- عامل الجغرافيا: دعم هذا العامل كلياً قوة مصر و تركيا و جزئياً السعودية و ايران، فموقع كلا من مصر و ايران كان مؤهلاً لهما أن يؤدي الى تدعيم قوتهما.
3- اكتشاف البترول: و أثره الكبير على كل من السعودية و ايران فزاد كثيراً من ميزان قوتهما بجوار عامل التاريخ
4- البناء السياسي على المستوى الداخلي و الخارجي: و دوره في تنمية دور كلاً من السعودية و المتمثل في قيام الدولة السعودية و كانت بمثابة احياء للقلب الميت في شبه الجزيرة العربية و توحيد أقاليم المملكة التي كانت تابعة لدول أخرى في عهود سابقة و كذلك انشاء الدولة التركية الحديثة و توطيد علاقتها بحلف الاطلنطي و في نفس الوقت ارتباطها بمنظمة المؤتمر الاسلامي و كل هذه عوامل اثراء لقوتها
و بهذه الجزئية نكون قد ختمنا نقطة الاستراتيجيات، و كل هدفنا أن نضع أمام أمتنا مفاتيح لها لأستعادة قوتها و جعلها في الموضع اللائق و المشرف لها كما كانت في عهود سابقة
-*/*-*/*-*/*-*/*-*/*-*/*
مراجع:
مضيق هرمز في بؤرة الصراع الإيراني- الأمريكي - لواء متقاعد/ حسام سويلم - مختارات إيرانية - العدد 82_مايو 2007
Iran's Motives and Strategies: The Role of the Economy :Patrick Clawson: The Washington Institute for Near East Policy :May 17, 2006 (ترجمة سمير زكى البسيونى، قراءات استراتيجية – العدد الرابع ابريل 2007)
مختارات إيرانية العدد التاسع و العشرون: ديسمبر 2002 - حصار الدور الإيرانى فى آسيا الوسطى- عبير ياسين
موسوعة الشباب السياسية – العدد الخامس عشر – القوة - أ. محمد عبد السلام – مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية
خريطة القوى السياسية و تخطيط الأمن القومي بالشرق الأوسط و المنطقة العربية – أ.د./ فتحي محمد مصيلحي – ط1-1992-رقم ايداع 2653/92
الحرب العراقية الايرانية – المشير عبد الحليم أبو غزالة – 1994 – رقم ايداع 10594/93
ايران و الخليج: ديالكتيك الدمج و النبذ – د./ عبد الله النفيسي – دار قرطاس للنشر
الأصول العقدية للأمامية – الدكتور صابر طعيمة – الطبعة الأولى 2004 – رقم ايداع 15749/2003
وحتى نختتم هذه الجزئية نعرض على حضراتكم نتائج بحث تفصيلي قام به أحد المتخصصين (أ.د./ فتحي مصيلحي) في بداية التسعينات لدراسة قوة الدول في منطقة الشرق الأوسط عن طريق تحويل الموارد و الأدوات التي تحدد قوة الدولة و إعطاء قيم لها و الانتهاء إلى النتائج المتحصل عليها، فقد أوضحت الدراسة أنه تم تقسيم دول المنطقة إلى عدة مستويات وفق قوتها:
1- مجموعة دول المستوى الأول: و تشمل على أربع دول فقط، سجلت نقاطاً من القوة تتراوح بين 294 الى 229 و هي ايران أكثر دول المنطقة وزناً سياسياً، يليها تركيا (94% من الولة الاولى) و مصر في المركز الثالث (79% من الأولى) و أخيراً السعودية (78% من الأولى).
2- مجموعة دول المستوى الثاني: في الوزن السياسي للدول بالمنطقة، و تتضمن ثمان وحدات سياسية، سجلت نقطاً تتراوح بين 171 الى 198 نقطة و تراوحت نسبتها من القوة الأولى بين 58.1% الى 67.3% و تضم على الترتيب العراق، و قبرص، السودان، اسرائيل، المغرب، ليبيا و سوريا و الجزائر.
3-مجموعة المستوى الثالث: في قائمة القوة السياسية تراوحت نسبتها بين (56.4 الى 53.3%) و تضم فقط خمس دول هي تونس، الامارات، لبنان، الكويت، البحرين. و سجلت نقط قوة تتراوح بين (166-157 نقطة)
4- مجموعة المستوى الرابع: تضم كلا من موريتانيا و قطر و الصومال. و قد سجلت نقطاً تتراوح بين (152-149 نقطة) و تنحرف أو تتضائل
عن أقوى دول المنطقة بنسب تتراوح بين (48.2% الى 49.5%)
5- مجموعة المستوى الخامس و الأخير: و تضم كلاً من عمان و جيبوتي و اليمن و الاردن و فلسطين و قد سجلت دول هذه المجموعة نقط قوة تتراوح بين (138 الى 110 نقطة) و تنحرف قوتها سلباً عن القوة السياسية الأولى بالمنطقة بما يتراوح بين 43.1 الى 62.5% على التوالي.
فيما يلي رسم تخطيطي يوضح مستويات القوة في دول المنطقة
بالطبع نتائج هذه الدراسة تعود الى مقاييس القائم بها و الفترة التي اجريت بها و ان كانت لا تختلف كثيراً عن الواقع لاسيما في الفترة التي أجريت بها و قد يكون هناك تغيير كبير في هذه الفترة المعاصرة و هذا يتطلب المزيد من الدراسات لتحديد مدى قوة دولنا العربية واتخاذ اللازم لاعادة قوتها من جديد.
و بالنظر الى هذه الاقسام نجد أن دولنا العربية مقسمة بين المستويات كلها و أكثر هذه الدول العربية قوة هي مصر ثم السعودية و أقلها قوة الأردن و فلسطين، و يعزي صاحب الدراسة حصول دول المستوى الاول على أقصى درجات للقوة الى عدة عوامل:
1- عامل التاريخ: حيث أن هذه الدول تمثل أعرق الحضارات التي عرفتها البشرية، فقد قامت في مصر الامبراطوريات القديمة و التي امتدت لتشمل مناطق واسعة و تأكدت الدولة المصرية في ععهد الأخشيد و الطولونيين والأيوبيين و المماليك، كذلك فان الدولة الاسلامية و التي قامت من أرض السعودية (الحجاز) و امتدت أيضاً لتمتد الى المشارف الصينية الغربية شرقاً و المحيط الأطلنطي غرباً. و كذلك الامبراطوريات الفارسية الضخمة و التي ذكرنا عنها ما يسر الله لنا به، و كذلك قامت للأتراك امبراطوريات قديمة و حديثة وصلت الى أوجها في عهد الدولة العثمانية.
2- عامل الجغرافيا: دعم هذا العامل كلياً قوة مصر و تركيا و جزئياً السعودية و ايران، فموقع كلا من مصر و ايران كان مؤهلاً لهما أن يؤدي الى تدعيم قوتهما.
3- اكتشاف البترول: و أثره الكبير على كل من السعودية و ايران فزاد كثيراً من ميزان قوتهما بجوار عامل التاريخ
4- البناء السياسي على المستوى الداخلي و الخارجي: و دوره في تنمية دور كلاً من السعودية و المتمثل في قيام الدولة السعودية و كانت بمثابة احياء للقلب الميت في شبه الجزيرة العربية و توحيد أقاليم المملكة التي كانت تابعة لدول أخرى في عهود سابقة و كذلك انشاء الدولة التركية الحديثة و توطيد علاقتها بحلف الاطلنطي و في نفس الوقت ارتباطها بمنظمة المؤتمر الاسلامي و كل هذه عوامل اثراء لقوتها
و بهذه الجزئية نكون قد ختمنا نقطة الاستراتيجيات، و كل هدفنا أن نضع أمام أمتنا مفاتيح لها لأستعادة قوتها و جعلها في الموضع اللائق و المشرف لها كما كانت في عهود سابقة
-*/*-*/*-*/*-*/*-*/*-*/*
مراجع:
مضيق هرمز في بؤرة الصراع الإيراني- الأمريكي - لواء متقاعد/ حسام سويلم - مختارات إيرانية - العدد 82_مايو 2007
Iran's Motives and Strategies: The Role of the Economy :Patrick Clawson: The Washington Institute for Near East Policy :May 17, 2006 (ترجمة سمير زكى البسيونى، قراءات استراتيجية – العدد الرابع ابريل 2007)
مختارات إيرانية العدد التاسع و العشرون: ديسمبر 2002 - حصار الدور الإيرانى فى آسيا الوسطى- عبير ياسين
موسوعة الشباب السياسية – العدد الخامس عشر – القوة - أ. محمد عبد السلام – مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية
خريطة القوى السياسية و تخطيط الأمن القومي بالشرق الأوسط و المنطقة العربية – أ.د./ فتحي محمد مصيلحي – ط1-1992-رقم ايداع 2653/92
الحرب العراقية الايرانية – المشير عبد الحليم أبو غزالة – 1994 – رقم ايداع 10594/93
ايران و الخليج: ديالكتيك الدمج و النبذ – د./ عبد الله النفيسي – دار قرطاس للنشر
الأصول العقدية للأمامية – الدكتور صابر طعيمة – الطبعة الأولى 2004 – رقم ايداع 15749/2003
الابعاد الدينية للحرب الفاصلة:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما زلنا و إياكم نحلق في ميادين شتى، علنا أن نصل إلى إجابة للسؤال الذي يحيرنا، هل ستقوم حرب فاصلة منطقتنا ميدانها؟ متى ستندلع هذه الحرب؟ من هم أطرافها؟ من المنتصر فيها؟ من..... ماذا ...... كيف .....متى....... اسئلة عديدة تحتاج منا الى اجابة، و بعد أن عرضنا جانباً مختصراً من أبعادها الواقعية و التاريخية و العسكرية و الاستراتيجية بقى لنا دراسة البعد الديني باعتبار أن الدين - الباطل - أفيون الشعوب بخلاف الدين الحق، لأن الدين الحق لا يبشر بهلاك الأمم أو افناء الجنس البشري أو ارتداده الى حقب موغلة في التخلف و البدائية.
و حتى لا ينفرط منا نظم الكلام و نخوض في متاهات و أوهام نشرع و إياكم في المقصود و نقسمه بحول الله و قوته الى قسمين:
الأول: الفكر الديني الأمريكي (و حلفاؤه من الغرب و اسرائيل)
الثاني: الفكر الديني الايراني (و خلفياته الامامية الاثنا عشرية)
و نشير هنا الى أن قصدنا من هذا العرض أن الحرب الفاصلة النهائية حتمية الحدوث على الأقل في ذهن طبقات من المروجين لها، و أن الأجواء المعاصرة بيئة خصبة لقيامها..........
أولاً: الفكر الديني الأمريكي (و حلفاؤه من الغرب و اسرائيل)
يشير العديد من الباحثين أنه هناك تيار أصولي بروتوستانتي في أمريكا عنده حالة من الهوس فيما يخص عودة المسيح ثانية الى الأرض و حكمه لهذه الأرض بعد القصاص من الوثنيين – المسلمون أغلبهم – و بعد حدوث العديد من الحوادث الخارقة و الغريبة و نشوب الحروب المدمرة و بالطبع سيكون محور هذه الحروب منطقة الشرق الأوسط و بالأخص منطقتنا العربية و الاسلامية.
قد يظن البعض أن هذا التيار تيار صغير معزول ليس له أي تأثير في ميادين الحياه و هذا بالطبع خطأ بل ان أصحاب هذا التيار و مروجي هذا الفكر هم خيرة و صفوة المجتمع الامريكي و هم أصحاب نفوذ اجتماعي بارز و يمتلكون ثروات مادية هائلة و يمتلكون ترسانة اعلامية مؤثرة و مناصب عليا في الحكومة وصلت حتى رئاسة الحكومة و أبرز مثال على ذلك ريجان و بوش الأب و الخليفة الابن فكل هؤلاء يتبنون هذا المنهج بل و على استعداد لفعل أي شئ يثبت صحة معتقداتهم و هذا يدفعهم دفعاً لعمل شئ ما غير متوقع.
بداية نعرج و إياكم بإيجاز على هذا المنهج لندرسه سويا و نرى علاقته بواقعنا المعايش:
1- يروج أصحاب هذا التيار أن أحداث نهاية الحياه على الأرض المهيئة لنزول المسيح ثانية و دخول العالم في مرحلة الألفية اليهودية السعيدة يسبقها مجموعة أحداث و هي:
أولاً: عودة اليهود إلى الأرض المقدسة.
ثانياً: إِقامة دولة لهم فيها تكون عاصمتها القدس، وقد حدث هذا لأول مرة بعد ألفي عام!
ثالثاً: وصول رسالة الإنجيل إلى جميع الأمم بما في ذلك الشعب الإِسرائيلي.
رابعاً: عودة الكنيسة إِلى أداء دورها في العالم.
خامساً: وقوع الفتن والكوارث والمعاناة في أنحاء الأرض.
سادساً: اندلاع حرب عالمية نووية.
وهذه العلامة السادسة هي ثالثة أخطر ما في الموضوع، فالمسيح -في زعمهم- سيعود إليهم بعد حرب، وتلك الحرب يرونها عالمية، ويريدونها نووية ويفضلونها (شرق) أوسطية و(شمال) أطلسية و(جنوب) متوسطية فماذا يريد هؤلاء (المجانين) أن يفعلوا بأرضنا الإِسلامية؛ بل بِكُرَتِنا الأرضية مع حلول الألفية؟
2- التصورات النصرانية بخصوص الألفية السعيدة و عودة المسيح:
هناك العديد من التصورات أو النظريات و التي تقوم بالأساس على نبوءات الكتاب المقدس مر بها رجال الكنيسة المسيحية، حيث تم تأسيس ثلاث وجهات نظر و الخلاص بالفكرة المعاصرة في القرن العشرين، و تعتمد كل هذه النظريات أو وجهات النظر على تفسيرات سفر الرؤيا الاصحاح الـ 20 و ما يترتب على ذلك من العودة الثانية للمسيح:
1- ما قبل الألفية Premillennial
2- اللا ألفية Amillennial
3- ما بعد الألفية Postmillennial
4- النظرية الحديثة Modern Postmillennial
و فيما يلي مخطط لهذه النظريات المختلفة
* ما قبل الألفية Premillennial
قرر هذه النظرية شيوخ الكنيسة القدامى، و تفترض هذه النظرية أن عودة المسيح الثانية سوف تسبق الألفية السعيدة و الحكم الكنسي الألفي و سوف يتم تقييد الشيطان في حفرة ذات قعر لا نهاية له خلال هذه السنوات الألف ثم بعد ذلك يتحرر الشيطان و تنقلب الأرض رأساً على عقب ثم تزول الأرض و تبدأ الحياه الابدية و من ثم دورة جديدة للارض و يمكن تلخيص ذلك في النقاط التالية:
1. بعد رفع المسيح يبدأ عصر الكنيسة The Church Age.
2. في نهايته يكون سبع سنوات من الفتنة Tribulation. حيث سيحكم أعداء المسيح و سيحدث أمور غريبة و عجيبة و سيفنى الكثير من اليهود و غير ذلك من الاحداث.
3. بعد السبع السنوات ينزل المسيح ويرتفع القديسون لاستقباله في السماء ثم ينـزلون إلى الأرض.
4. بعد ذلك تبدأ الألفية السعيدة تحت حكم المسيح.
5. ينتهي العالم وتأتي الأرض الجديدة Eternal state (الأرض عندهم تتبدل مرات فالأرض في عصر آدم هي غير الأرض في هذا العصر …وهكذا).
* اللا ألفية Amillennial
تفترض هذه النظرية و التي افترضها البعض مثل القديس أوغسطين و عليها الكاثوليك و الكنائس الكبرى البروتوستانتية أنه لا يوجد ألفيه خاصة و انه هناك فترة 1000 سنة تكون بين المجئ الأول و الثاني للمسيح و لا يؤمن أصحابها بأن المملكة الألفية تكون بالفعل 1000 سنة و لن يتم تقييد الشيطان فيها و أن مملكة المسيح روحية عقلية ليست مادية سياسية واقعية فمن كان المسيح في قلبه فهو في الألفية ومن لم يؤمن فهو في الفتنة والنبوءات كلها رموز ((حتى الألف لا معنى لها هنا)).
* ما بعد الألفية Postmillennial
ترى أن العودة الثانية للمسيح سوف تحدث بعد مملكة الألفية و يقول بها بعض البروتوستانت منذ القرن السابع عشر و حتى أوائل العشرين و لكن هذه الفكرة انهارت بقيام الحرب العالمية الأولى و تتلخص في
1- عصر الكنيسة = انتشار الكنيسة.
2- العصر الذهبي = تمتلك الكنيسة جميع الشعوب.
3- نزول المسيح ورفع القديسين إلى السماء.
النظريتان الاخيرتان تشتركان في القول بأن سيطرة الكنيسة تبدأ مع المجئ الأول السابق للمسيح و تستمر حتى الصعود الى الروح القدس.
* النظرية الحديثة Modern Postmillennial
وهو تعديل للمذهب الأول وفيه نزولان للمسيح ، ابتدعه بعض الإنجليز في (ق:19)
1- عصر الكنيسة.
2- ثم نزول المسيح في السماء وارتفاع القديسين إليه وبقاؤهم في السماء مدة الفتنة.
3- تقع الفتنة على المسلمين واليهود في الأرض وأولئك في السماء.
4- ينـزل المسيح والقديسون وتكون الألفية السعيدة لهم.
5- ينتهي الأمر بتبدل الأرض إلى أرض جديدة !!.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما زلنا و إياكم نحلق في ميادين شتى، علنا أن نصل إلى إجابة للسؤال الذي يحيرنا، هل ستقوم حرب فاصلة منطقتنا ميدانها؟ متى ستندلع هذه الحرب؟ من هم أطرافها؟ من المنتصر فيها؟ من..... ماذا ...... كيف .....متى....... اسئلة عديدة تحتاج منا الى اجابة، و بعد أن عرضنا جانباً مختصراً من أبعادها الواقعية و التاريخية و العسكرية و الاستراتيجية بقى لنا دراسة البعد الديني باعتبار أن الدين - الباطل - أفيون الشعوب بخلاف الدين الحق، لأن الدين الحق لا يبشر بهلاك الأمم أو افناء الجنس البشري أو ارتداده الى حقب موغلة في التخلف و البدائية.
و حتى لا ينفرط منا نظم الكلام و نخوض في متاهات و أوهام نشرع و إياكم في المقصود و نقسمه بحول الله و قوته الى قسمين:
الأول: الفكر الديني الأمريكي (و حلفاؤه من الغرب و اسرائيل)
الثاني: الفكر الديني الايراني (و خلفياته الامامية الاثنا عشرية)
و نشير هنا الى أن قصدنا من هذا العرض أن الحرب الفاصلة النهائية حتمية الحدوث على الأقل في ذهن طبقات من المروجين لها، و أن الأجواء المعاصرة بيئة خصبة لقيامها..........
أولاً: الفكر الديني الأمريكي (و حلفاؤه من الغرب و اسرائيل)
يشير العديد من الباحثين أنه هناك تيار أصولي بروتوستانتي في أمريكا عنده حالة من الهوس فيما يخص عودة المسيح ثانية الى الأرض و حكمه لهذه الأرض بعد القصاص من الوثنيين – المسلمون أغلبهم – و بعد حدوث العديد من الحوادث الخارقة و الغريبة و نشوب الحروب المدمرة و بالطبع سيكون محور هذه الحروب منطقة الشرق الأوسط و بالأخص منطقتنا العربية و الاسلامية.
قد يظن البعض أن هذا التيار تيار صغير معزول ليس له أي تأثير في ميادين الحياه و هذا بالطبع خطأ بل ان أصحاب هذا التيار و مروجي هذا الفكر هم خيرة و صفوة المجتمع الامريكي و هم أصحاب نفوذ اجتماعي بارز و يمتلكون ثروات مادية هائلة و يمتلكون ترسانة اعلامية مؤثرة و مناصب عليا في الحكومة وصلت حتى رئاسة الحكومة و أبرز مثال على ذلك ريجان و بوش الأب و الخليفة الابن فكل هؤلاء يتبنون هذا المنهج بل و على استعداد لفعل أي شئ يثبت صحة معتقداتهم و هذا يدفعهم دفعاً لعمل شئ ما غير متوقع.
بداية نعرج و إياكم بإيجاز على هذا المنهج لندرسه سويا و نرى علاقته بواقعنا المعايش:
1- يروج أصحاب هذا التيار أن أحداث نهاية الحياه على الأرض المهيئة لنزول المسيح ثانية و دخول العالم في مرحلة الألفية اليهودية السعيدة يسبقها مجموعة أحداث و هي:
أولاً: عودة اليهود إلى الأرض المقدسة.
ثانياً: إِقامة دولة لهم فيها تكون عاصمتها القدس، وقد حدث هذا لأول مرة بعد ألفي عام!
ثالثاً: وصول رسالة الإنجيل إلى جميع الأمم بما في ذلك الشعب الإِسرائيلي.
رابعاً: عودة الكنيسة إِلى أداء دورها في العالم.
خامساً: وقوع الفتن والكوارث والمعاناة في أنحاء الأرض.
سادساً: اندلاع حرب عالمية نووية.
وهذه العلامة السادسة هي ثالثة أخطر ما في الموضوع، فالمسيح -في زعمهم- سيعود إليهم بعد حرب، وتلك الحرب يرونها عالمية، ويريدونها نووية ويفضلونها (شرق) أوسطية و(شمال) أطلسية و(جنوب) متوسطية فماذا يريد هؤلاء (المجانين) أن يفعلوا بأرضنا الإِسلامية؛ بل بِكُرَتِنا الأرضية مع حلول الألفية؟
2- التصورات النصرانية بخصوص الألفية السعيدة و عودة المسيح:
هناك العديد من التصورات أو النظريات و التي تقوم بالأساس على نبوءات الكتاب المقدس مر بها رجال الكنيسة المسيحية، حيث تم تأسيس ثلاث وجهات نظر و الخلاص بالفكرة المعاصرة في القرن العشرين، و تعتمد كل هذه النظريات أو وجهات النظر على تفسيرات سفر الرؤيا الاصحاح الـ 20 و ما يترتب على ذلك من العودة الثانية للمسيح:
1- ما قبل الألفية Premillennial
2- اللا ألفية Amillennial
3- ما بعد الألفية Postmillennial
4- النظرية الحديثة Modern Postmillennial
و فيما يلي مخطط لهذه النظريات المختلفة
* ما قبل الألفية Premillennial
قرر هذه النظرية شيوخ الكنيسة القدامى، و تفترض هذه النظرية أن عودة المسيح الثانية سوف تسبق الألفية السعيدة و الحكم الكنسي الألفي و سوف يتم تقييد الشيطان في حفرة ذات قعر لا نهاية له خلال هذه السنوات الألف ثم بعد ذلك يتحرر الشيطان و تنقلب الأرض رأساً على عقب ثم تزول الأرض و تبدأ الحياه الابدية و من ثم دورة جديدة للارض و يمكن تلخيص ذلك في النقاط التالية:
1. بعد رفع المسيح يبدأ عصر الكنيسة The Church Age.
2. في نهايته يكون سبع سنوات من الفتنة Tribulation. حيث سيحكم أعداء المسيح و سيحدث أمور غريبة و عجيبة و سيفنى الكثير من اليهود و غير ذلك من الاحداث.
3. بعد السبع السنوات ينزل المسيح ويرتفع القديسون لاستقباله في السماء ثم ينـزلون إلى الأرض.
4. بعد ذلك تبدأ الألفية السعيدة تحت حكم المسيح.
5. ينتهي العالم وتأتي الأرض الجديدة Eternal state (الأرض عندهم تتبدل مرات فالأرض في عصر آدم هي غير الأرض في هذا العصر …وهكذا).
* اللا ألفية Amillennial
تفترض هذه النظرية و التي افترضها البعض مثل القديس أوغسطين و عليها الكاثوليك و الكنائس الكبرى البروتوستانتية أنه لا يوجد ألفيه خاصة و انه هناك فترة 1000 سنة تكون بين المجئ الأول و الثاني للمسيح و لا يؤمن أصحابها بأن المملكة الألفية تكون بالفعل 1000 سنة و لن يتم تقييد الشيطان فيها و أن مملكة المسيح روحية عقلية ليست مادية سياسية واقعية فمن كان المسيح في قلبه فهو في الألفية ومن لم يؤمن فهو في الفتنة والنبوءات كلها رموز ((حتى الألف لا معنى لها هنا)).
* ما بعد الألفية Postmillennial
ترى أن العودة الثانية للمسيح سوف تحدث بعد مملكة الألفية و يقول بها بعض البروتوستانت منذ القرن السابع عشر و حتى أوائل العشرين و لكن هذه الفكرة انهارت بقيام الحرب العالمية الأولى و تتلخص في
1- عصر الكنيسة = انتشار الكنيسة.
2- العصر الذهبي = تمتلك الكنيسة جميع الشعوب.
3- نزول المسيح ورفع القديسين إلى السماء.
النظريتان الاخيرتان تشتركان في القول بأن سيطرة الكنيسة تبدأ مع المجئ الأول السابق للمسيح و تستمر حتى الصعود الى الروح القدس.
* النظرية الحديثة Modern Postmillennial
وهو تعديل للمذهب الأول وفيه نزولان للمسيح ، ابتدعه بعض الإنجليز في (ق:19)
1- عصر الكنيسة.
2- ثم نزول المسيح في السماء وارتفاع القديسين إليه وبقاؤهم في السماء مدة الفتنة.
3- تقع الفتنة على المسلمين واليهود في الأرض وأولئك في السماء.
4- ينـزل المسيح والقديسون وتكون الألفية السعيدة لهم.
5- ينتهي الأمر بتبدل الأرض إلى أرض جديدة !!.
__________________
3- وقفة مع هذه المخططات و علاقتها بالواقع:
بعد أن تناولنا المخططات الزمنية لنهاية التاريخ أو الزمن من وجهة نظر مسيحية على اختلاف مذاهبها يمكن الانتهاء الى مخطط زمني يروج له هؤلاء أنه لابد أن يحدث قبل النهاية و قبل نزول المسيح و الحكم بالألفية السعيدة و يتمثل ذلك من وجهة نظر هال ليندسي الى ما يلي
1- قيام إسرائيل.
2- عودة اليهود من الشتات إلى "أرض الميعاد".
3- إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى.
4- تعرض إسرائيل إلى هجوم كبير من "الكفار" (من المسلمين وأنصارهم).
5- قيام ديكتاتور يكون أسوأ من هتلر أو ستالين أو ماوتسي تونغ يتزعم القوات المهاجمة.
6- خضوع مناطق واسعة من العالم لسيطرة هذا الديكتاتور الذي يعادي اليهود.
7- وقوع معركة هرمجدون النووية التي تتسبب في كارثة بيئية ضخمة.
8- ارتفاع المؤمنين بالولادة الثانية للمسيح وحدهم وبالجسد وبمعجزة إلهية فوق أرض المعركة، ونجاتهم من الكارثة، بينما تذوب أجسام بقية البشر في الحديد المنصهر.
9- حدوث كل ذلك في غفلة عين.
10- نزول المسيح بعد سبعة أيام إلى الأرض وحوله جميع المؤمنين به.
11- تحول 144 ألف يهودي إلى المسيحية الإنجيلية بحيث يصبح كل واحد منهم مثل بيلي غراهام (القس الإنجيلي الأميركي المعروف) ينتشرون في العالم لتحويل بقية الشعوب إلى الديانة الإنجيلية.
12- يحكم المسيح العالم لمدة ألف عام بعدل وسلام حتى تقوم الساعة (الألفية).
و يمكن بمعنى أخر اختصار هذه العقيدة من التوراة (العهد القديم) أو الانجيل (العهد الجديد):
بالنسبة للعهد القديم يرى أن دولاً معادية لاسرائيل و حلفائها يعرفهم الكتاب بجوج و ماجوج يأتون الى الارض المقدسة في أحد أيام الايام الأخيرة من جهة المشرق-أو الشمال- و أن هذه الحرب ستكون أممية يهلك خلالها ثلثا العالم و يبقى اليهود المنتصريين لمدة سبع سنوات يحرقون الاسلحة التي اكتسبوها بعد النصر.
بالنسبة للعهد الجديد كان أكثر تحديداً في رسم فصول هذه المعركة بل يتفرد عن المصادر اليهودية بتحديد مكانها التي ستقع فيه و انه سهل مجدو أو هرمجدون بفلسطين حيث ستنشب أكبر معركة في التاريخ في وقت العودة الثانية للمسيح و هذا وارد في سفر الرؤيا اصحاح 16 اية 15
نحن لا نثق البته في مصادرهم و لا في أقوالهم و لا نعتقد صحتها و انما نورد هذا الذي نورده من باب تبيان الخلفيات التي ينطلق منها هؤلاء و ما تنطوي علي ذلك من أفكار هدامة و إمكانية قيامهم بأي عمل أحمق استعجالاً لحدوث مثل هذه الأشياء، و لو نظرنا للنقاط عاليه نجد أن كل هذه الأحداث يمكن فعلها بتدخل بشري و لا يوجد أي معجزة فيها باستثناء ارتفاع المسيح و القديسيين معه في الهواء حتى هذا لا يمكن أن يراه أحد حينذاك، و النقاط الأولى و الثانية قد حدثتا أما الثالثة إلى الخامسة لم يتم حدوثها بعد فلم يتم إعادة بناء الهيكل و لا حدوث هجوم على إسرائيل و لا قيام ديكتاتور و لا إخضاعه للعالم تحت يديه و لكن النقطة التاسعة بينت أن كل هذا يحدث في غمضة عين و ما يهمنا هنا هو وقوع معركة هرمجدون النووية (كما يزعمون) و التي ستحدث أثناء الفتنة و التي ستكون في 7 أيام (أو سنوات لأن اليوم بسنة من منظور انجيلي) حيث يرفع القديسيين للقاء المسيح الذي يهبط الى السماء و يشاهدوا جميعاً هذه الأحداث المدمرة كأنهم يشاهدون فيلماً.
هناك خيوط تربط هذا الفكر بالواقع المعايش فعلى سبيل المثال يفترض هؤلاء وقوع معركة هرمجدون النووية و أكرر النووية، ماذا يعني هذا؟؟؟ و ماذا يعني تسابق الدول على امتلاك الأسلحة النووية؟؟؟؟ و ماذا يعني تغاضي أمريكا عن النووي الكوري و الإيراني و الباكستاني و الهندي؟؟؟ اللهم إلا من بعض الكلمات الإعلامية التي لا يكون لها أي صدى على أرض الواقع، لقد كان هناك تخوف حقيقي من النووي العراقي، فسارعت أمريكا و إسرائيل بقصفة، كما سارع الطرفان بالقضاء على علماء مصر المختصين بالطاقة النووية و أجهضوا أي محاولة لمصر في هذا الاتجاه بالرغم من تركهم إيران كما سبق و بينت، و اكرر الكلمات الرنانة لبوش و زباينته من الأشخاص و المؤسسات لا نرى جديتها.
على هذا الأساس قام هذا التيار الإنجيلي المتطرف بتأويل أو اعتصار- الكتاب المقدس لديهم و المحرف في اعتقادنا- اعتصارا و استخلاص عصارة النهاية التي يتوعدوا بها البشرية و تحقيق أحلام السباع التي ترتدي لباس الحملان و كيف أنهم أظهروا أنفسهم مظلوميين على مدى التاريخ و أن المكافأة ستكون لهم في النهاية عند قيام مملكتهم المزعومة. و هذا التيار سابق الإشارة إليه يبث أفكاره بطريقة منهجية و مدروسة و يمتلك قنوات إعلامية و مالية و سياسية تستطيع التأثير في دوائر صنع القرار في الدول العظمى و أظنه متحالف حتى مع القوى التي يزعم أنه سيحاربها كل ذلك من أجل اقتسام العالم بينهم و السيطرة الشاملة عليه.
خريطة توضح لموقع هرمجدون
و لكن السؤال الذي يطرح نفسه و بقوة، ما هي هذه القوى التي ستهاجم أو تحارب اسرائيل في نهاية الزمان و من هم حلفاؤها؟ سنحاول الاجابة على هذا السؤال في الاسبوع القادم بمشيئة الله و إن كنا قمنا بوضع مفاتيح لحل هذا اللغز
1- قيام إسرائيل.
2- عودة اليهود من الشتات إلى "أرض الميعاد".
3- إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى.
4- تعرض إسرائيل إلى هجوم كبير من "الكفار" (من المسلمين وأنصارهم).
5- قيام ديكتاتور يكون أسوأ من هتلر أو ستالين أو ماوتسي تونغ يتزعم القوات المهاجمة.
6- خضوع مناطق واسعة من العالم لسيطرة هذا الديكتاتور الذي يعادي اليهود.
7- وقوع معركة هرمجدون النووية التي تتسبب في كارثة بيئية ضخمة.
8- ارتفاع المؤمنين بالولادة الثانية للمسيح وحدهم وبالجسد وبمعجزة إلهية فوق أرض المعركة، ونجاتهم من الكارثة، بينما تذوب أجسام بقية البشر في الحديد المنصهر.
9- حدوث كل ذلك في غفلة عين.
10- نزول المسيح بعد سبعة أيام إلى الأرض وحوله جميع المؤمنين به.
11- تحول 144 ألف يهودي إلى المسيحية الإنجيلية بحيث يصبح كل واحد منهم مثل بيلي غراهام (القس الإنجيلي الأميركي المعروف) ينتشرون في العالم لتحويل بقية الشعوب إلى الديانة الإنجيلية.
12- يحكم المسيح العالم لمدة ألف عام بعدل وسلام حتى تقوم الساعة (الألفية).
و يمكن بمعنى أخر اختصار هذه العقيدة من التوراة (العهد القديم) أو الانجيل (العهد الجديد):
بالنسبة للعهد القديم يرى أن دولاً معادية لاسرائيل و حلفائها يعرفهم الكتاب بجوج و ماجوج يأتون الى الارض المقدسة في أحد أيام الايام الأخيرة من جهة المشرق-أو الشمال- و أن هذه الحرب ستكون أممية يهلك خلالها ثلثا العالم و يبقى اليهود المنتصريين لمدة سبع سنوات يحرقون الاسلحة التي اكتسبوها بعد النصر.
بالنسبة للعهد الجديد كان أكثر تحديداً في رسم فصول هذه المعركة بل يتفرد عن المصادر اليهودية بتحديد مكانها التي ستقع فيه و انه سهل مجدو أو هرمجدون بفلسطين حيث ستنشب أكبر معركة في التاريخ في وقت العودة الثانية للمسيح و هذا وارد في سفر الرؤيا اصحاح 16 اية 15
نحن لا نثق البته في مصادرهم و لا في أقوالهم و لا نعتقد صحتها و انما نورد هذا الذي نورده من باب تبيان الخلفيات التي ينطلق منها هؤلاء و ما تنطوي علي ذلك من أفكار هدامة و إمكانية قيامهم بأي عمل أحمق استعجالاً لحدوث مثل هذه الأشياء، و لو نظرنا للنقاط عاليه نجد أن كل هذه الأحداث يمكن فعلها بتدخل بشري و لا يوجد أي معجزة فيها باستثناء ارتفاع المسيح و القديسيين معه في الهواء حتى هذا لا يمكن أن يراه أحد حينذاك، و النقاط الأولى و الثانية قد حدثتا أما الثالثة إلى الخامسة لم يتم حدوثها بعد فلم يتم إعادة بناء الهيكل و لا حدوث هجوم على إسرائيل و لا قيام ديكتاتور و لا إخضاعه للعالم تحت يديه و لكن النقطة التاسعة بينت أن كل هذا يحدث في غمضة عين و ما يهمنا هنا هو وقوع معركة هرمجدون النووية (كما يزعمون) و التي ستحدث أثناء الفتنة و التي ستكون في 7 أيام (أو سنوات لأن اليوم بسنة من منظور انجيلي) حيث يرفع القديسيين للقاء المسيح الذي يهبط الى السماء و يشاهدوا جميعاً هذه الأحداث المدمرة كأنهم يشاهدون فيلماً.
هناك خيوط تربط هذا الفكر بالواقع المعايش فعلى سبيل المثال يفترض هؤلاء وقوع معركة هرمجدون النووية و أكرر النووية، ماذا يعني هذا؟؟؟ و ماذا يعني تسابق الدول على امتلاك الأسلحة النووية؟؟؟؟ و ماذا يعني تغاضي أمريكا عن النووي الكوري و الإيراني و الباكستاني و الهندي؟؟؟ اللهم إلا من بعض الكلمات الإعلامية التي لا يكون لها أي صدى على أرض الواقع، لقد كان هناك تخوف حقيقي من النووي العراقي، فسارعت أمريكا و إسرائيل بقصفة، كما سارع الطرفان بالقضاء على علماء مصر المختصين بالطاقة النووية و أجهضوا أي محاولة لمصر في هذا الاتجاه بالرغم من تركهم إيران كما سبق و بينت، و اكرر الكلمات الرنانة لبوش و زباينته من الأشخاص و المؤسسات لا نرى جديتها.
على هذا الأساس قام هذا التيار الإنجيلي المتطرف بتأويل أو اعتصار- الكتاب المقدس لديهم و المحرف في اعتقادنا- اعتصارا و استخلاص عصارة النهاية التي يتوعدوا بها البشرية و تحقيق أحلام السباع التي ترتدي لباس الحملان و كيف أنهم أظهروا أنفسهم مظلوميين على مدى التاريخ و أن المكافأة ستكون لهم في النهاية عند قيام مملكتهم المزعومة. و هذا التيار سابق الإشارة إليه يبث أفكاره بطريقة منهجية و مدروسة و يمتلك قنوات إعلامية و مالية و سياسية تستطيع التأثير في دوائر صنع القرار في الدول العظمى و أظنه متحالف حتى مع القوى التي يزعم أنه سيحاربها كل ذلك من أجل اقتسام العالم بينهم و السيطرة الشاملة عليه.
خريطة توضح لموقع هرمجدون
و لكن السؤال الذي يطرح نفسه و بقوة، ما هي هذه القوى التي ستهاجم أو تحارب اسرائيل في نهاية الزمان و من هم حلفاؤها؟ سنحاول الاجابة على هذا السؤال في الاسبوع القادم بمشيئة الله و إن كنا قمنا بوضع مفاتيح لحل هذا اللغز
4- المتنافسون في حرب النهاية و بعض تفاصيلها:
بعد أن ناقشنا و أياكم في العرض السابق نبذة بسيطة عن فكر التيار الصهيوني المسيحي المتعلق بالحرب المدمرة و التي ستندلع في نهاية الزمان خلصنا الى نقاط محورية و هي:
1- قيام دولة اسرائيل من أهم الدلائل التي تشير الى قرب هذه الحرب و حتميتها.
2- هناك حرب طاحنة ستندلع في المنطقة – يسبقها حروب أخرى - و يكون مقرها هرمجدون و ما حولها و هذه الحرب نووية مدمرة.
3- الإسرائيليون و هم شعب الله المختار – بزعمهم – هم الطرف الأول في هذه الحرب الفاصلة النهائية و أنه منوط بهم تطير العالم من الأشرار و المسلمون منهم بالطبع.
4- الطرف الثاني الذي يهجم على إسرائيل أطلق عليهم اسم ياجوج و ماجوج في الكتاب المقدس و هناك نصوص أكثر تحديداً أو أكثر قابلية للتأويل و ذلك لالصاق هذا الأسم على من يشاؤون.
من هنا يتبقى لنا تعريف لهذه القوات المهاجمة، و التي من المفترض أنها ستهاجم اسرائيل بسلاح نووي و يكون هذا قبيل نزول المسيح الثاني إلى الأرض و بعد رفع القديسيين إلى السماء حيث هبط لهم المسيح ليشاهدوا هذه الأحداث من أعلى و في نهايتها يهبطون!!!!!
قبل أن نجزم بتعريف دول المواجهة مع اسرائيل – و حلفائها – ننقل لكم بعض أفكار و تأويلات هذا التيار الصهيوني المسيحي و بعدها يمكن معرفة دول المواجهة هذه.
وعظ بيلي جراهام – و هو الواعظ الشهير صديق جورج بوش الأب و معلمه – حول المعنى الكتابي لبابل الواردة في الأسفار و كان بوش الأب حاضراً هذا المجلس و ذلك في ولاية مين و قال جراهام أن الأحداث التي تجري الآن في الخليج (يعني حرب الخليج 1990) قد تكون لها دلالة روحية فان الموقع الجغرافي لبابل هو الآن في العراق و قال أيضاً أن هذا المكان هو الذي ابتدأ فيه التاريخ و الكتاب المقدس يعلمنا أن التاريخ سينتهي من حيث ابتدأ. أ.هـ
يتبين لنا من الاقتباس عاليه أن هذا التيار كان يدبر و يخطط لكل ما حدث و يحدث في العراق و أن الباعث لما يقومون به ديني، و يستخرج أيضاً من هذا الكلام أهمية العراق بالنسبة لهم، و لكن السؤال المحير إذا كان مقر الحرب النهائية في هرمجدون و أنها ستنتهي هناك ما المقصود بأن التاريخ ابتدأ في العراق و سينتهي فيها؟؟؟ هل يعني امتداد هذه الحرب إلى العراق و توقفها هناك؟؟ و إذا كان ذلك فما الذي يقحم العراق في الموضوع أصلا؟؟ إلا إذا كان المقصود أن العراق طرفاً من الأطراف التي ستواجه إسرائيل!!! و سؤال أخر كيف للعراق على وضعه الحالي أن يهاجم إسرائيل و هو منصاع تماماً للأمريكان و جند الأمريكان يعسكرون في العراق و العراق لا حول له و لا قوة اليوم – طبعاً لم يكن الوضع كذلك في الفترة المعاصرة لكلام جراهام – و لكن لعلمهم أن شئ من هذا سيحدث لأنهم المخططون له يقولون هذا الكلام.
نواصل مع جراهام و لكن في فترة سابقة حيث حذر في عام 1970 – ياللعجب منذ أكثر من ثلاثين عاماً؟!- من "أن العالم يتحرك بسرعة كبيرة الأن نحو هرمجدون و أن الجيل الحالي من الشباب قد يكون آخر جيل في التاريخ، و قال في مناسبة أخرى أن أناساً كثيرين يتسألون أين تقع هرمجدون؟ و ما هو مدى قربنا منها؟ و في الواقع تقع إلى الغرب من الأردن بين الجليل و السامرة في سهل جزريل و عندما شاهد نابليون هذا المكان العظيم ذات مرة قال إن هذا المكان سيكون مسرحاً لأعظم معركة في العالم، ذلك أن الكتاب المقدس يعلمنا أن أخر أكبر حرب في التاريخ سوف تخاض في هذا المكان من العالم : الشرق الأوسط" أ.هـ، طبعاً كلام فيه غاية التحدي و غاية التأكيد و غاية التحذير كذلك.
الرئيس السابق للقساوسة الإنجيليين (س.س. كريب) كتب في عام 1977 يقول "في هذه المعركة النهائية فان المسيح الملك سوف يسحق كلياً ملايين العسكريين المتألقين الذين يقودهم الديكتاتور المعادي للمسيح" أ.هـ و كأنني أستمع إلى بوش الابن حين كان يتهدد و يتوعد الديكتاتور صدام حسين – رحمه الله - ، فكل من يعادي هؤلاء يكون ديكتاتور.
المؤلف هال ليندسي في مؤلفه أخر أعظم كرة أرضيه يقول " ان دولة اسرائيل هي الخط التاريخي لمعظم أحداث الحاضر و المستقبل" و يقول في موضع أخر "قبل أن يصبح اليهود أمة لم يكشف عن شئ أما الأن و قد حدث ذلك فقد بدأ العد العكسي لحدوث المؤشرات التي تتعلق بجميع أنواع النبوءات. و لأنه يجب أن تظهر هناك دوائر لقوى سياسية معينة و استناداً إلى النبوءات فان العالم كله يتمركز على الشرق الأوسط، و خاصة على اسرائيل في الأيام الأخيرة، إن كل الأمم سوف تضطرب و سوف تصبح متورطة بما يجري هناك. إن باستطاعتنا الأن أن نرى أن ذلك يتطور في هذا الوقت و يأخذ مكانه الصحيح في مجرى النبوءات تماماً كما تأخذ الأحداث اليومية مواقعها في الصحف اليومية" و جزم ليندسي في موضع أخر قائلاً "أن الجيل الذي ولد منذ عام 1948 سوف يشهد العودة الثانية للمسيح و لكن قبل هذا الحديث علينا أن نخوض حربين الأولى ضد يأجوج و مأجوج و الثانية في هرمجدون، و المأساة تبدأ هكذا: كل العرب بالتحالف مع السوفيات سوف يهاجمون اسرائيل". أ.هـ، استوقفتني كثيراً جملة أن دوائر قوى سياسية معينة ستظهر و أن هذه الدوائر ستكون في منطقة الشرق الأوسط فمن يقصد يا ترى؟! لأعتقد أن القوى التي يشير اليها هي ايران حيث تعتبر من أقوى دول المنطقة في الوقت الراهن مع تركيا و كلاهما مرشحين للخوض بالهجوم على اسرائيل، و هناك تحير أخر، اذا كانوا يعلمون هذا الطرف و يعلمون خطورته و هم يملكون من وسائل الردع ما يمتلكون لماذا اذاً لا يتدخلون لانقاذ العالم من هذا الدمار؟؟؟ ثم ما المقصد من أن كل الامم ستضطرب و تشارك في هذه الحرب؟؟ انه يشير الى حرب عالمية بلا أدنى شك.
و يستطرد في احدى مؤلفاته قائلاً "فكروا في ما لا يقل عن 200 مليون جندي من الشرق مع ملايين أخرى من قوات الغرب يقودها أعداء المسيح من الأمبراطورية الرومانية المستحدثة (أوروبا الغربية)" و يقول أيضاً "إن عيسى المسيح سوف يضرب أولاً أولئك الذين دنسوا مدينته القدس ثم يضرب الجيوش المحتشدة في ماجيدو أو هرمجدون فلا غرابة أن يرتفع الدم الى مستوى الجمة الخيل مسافة 200 ميل من القدس و هذا الوادي سوف يملأ بالأدوات الحربية و الحيوانات و جثث الرجال و الدماء"
بدا ليندسي أكثر تحديداً بالرغم من الألغاز التي يتحدث بها و فصل لنا في الأمر، فحرب ياجوج و ماجوج بخلاف حرب هرمجدون فهل نفس الاعداء في ياجوج و ماجوج هم نفسهم في هرمجدون التي تليها؟؟؟؟ و هل وجهة نظرهم تغيرت بخصوص روسيا و التي يقولون أنها ستكون المحرك للهجوم على اسرائيل و كيف يحدث هذا و روسيا من أكثر الداعمين للكيان الصهيوني؟؟؟ يا ترى أي متغيرات يخطط لها هؤلاء حتى تقلب الأوضاع الراهنة رأساً على عقب؟!، بالرغم من ذلك فقد بدا أنه أكثر تفصيلاً لاسيما فيما يتعلق بأعداء المسيح و هم من أوروبا الشرقية أو دول الاتحاد السوفيتي المستقلة عنه أي دول القوقاز.
و الآن مع أكبر مروج لهذا الفكر في العصر الحديث ألا و وهو جيري فالويل و هو أحد قادة المسيحيين المتشددين، ومن قادة الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري، و الذي لعب دورا كبيرا في تصويت المسيحيين المتطرفين للرئيس جورج بوش، وفي التأثير على سياساته الداخلية والخارجية تحالف بقوةً مع نيوت غنغرتش - و هو رئيس سابق لمجلس النواب ومن قادة الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري- لإدخال الدين في السياسة بصورة لم تحدث من قبل في تاريخ أميركا. مات فالويل - عليه لعنة الله - منذ عدة أشهر و مات في مكتبه الذي اعتاد أن يذهب إليه كل صباح، قال فالويل بعد أحداث سبتمبر في نيويروك و واشنطن " يدل الهجوم على أن الله يسمح، من وقت لآخر، لأعداء أميركا بأن يعطوها درسا تستحقه. غضب الله على أميركا، هذه المرة، بسبب الشاذين جنسيا، ومؤيدي الإجهاض، وداعيات المساواة بين النساء والرجال".
يقول فالويل " إن الكلمة تثير الهلع في نفوس الناس، سيكون هناك احتكاك أخير، و بعد ذلك فان الله سوف يزيل الكوكب، إن النص يخبرنا –و ذكر أرقام الآيات من الإصحاح- أن الله سوف يدمر هذه الأرض، السموات و الأرض" و يعرض لأن الحرب ستكون نووية فيقول "ان التدمير سيترافق مع حرارة عالية و انفجار ضخم" ثم يقول أعاجيب مثل "خلال مأساة هرمجدون سيتحرك عدو المسيح نحو الشرق الأوسط و يضع لنفسه تمثالاً في المعبد اليهودي، قدس الأقداس، و يطلب من العالم كله أن يعبده كأله...". طبعاً المقصود من هذا الكلام هل هو رموز أم سيحدث ذلك حقيقة؟؟ ربما سيخرجون بتأويلات جديدة ليؤكدوا على ما يقولون.
و تستمر أعاجيبه التي يقول أنها في الكتاب المقدس – المحرف "و سيذبح الملايين من اليهود المخلصين في هذا الوقت و لكن قلة منهم سوف تنجو و سيتولى الرب بطريقة خارقة إخفائهم من أجل نفسه طوال ثلاث سنوات و نصف من المحنة، بعضهم سيكون في مدينة البتراء-الحمراء الوردية في الأردن، أنا لا أعرف كيف و لكن الله سيحفظهم لأن اليهود هم شعب الله المختار"
و كذلك ينقل فالويل عن اصحاحي زكريا و اسحاق "أن ساحة معركة هرمجدون سوف تمتد من مجيدو في الشمال الى إيدوم في الجنوب، مسافة حوالي 200 ميل و تصل الى البحر الابيض المتوسط في الغرب و الى تلال موهاب في الشرق مسافة 100 ميل تقريباً" و تقع إيدوم جنوب شرق البحر الميت داخل الاراضي الاردنية و يوجد في جنوبها البتراء و في شمالها تلال موهاب و هي عبارة عن شريط من التلال على ساحل البحر الميت و هذه مواقع لممالك قديمة مواكبة لفترة نبي الله داود و ربما سليمان كذلك. و فيما يلي صور و خرائط توضح هذه المناطق:
خريطة توضح ساحة المعركة
إيدوم
تلال موهاب
صورة جوية لماجيدو من جوجل ايرث
يوضح فالويل قائلاً" ستجتمع في هذه المنطقة – السابق الاشارة اليها – الملايين المتعددة من الرجال بحيث يصل عددهم الى 400 مليون بدون أدنى شك من أجل المأساة النهائية للانسانية و أن الملوك في جيوشهم سيأتون من الشمال و الجنوب و من الشرق و الغرب و بشكل درامي مثير سيكون هذا الوادي وادي القرار حول مصير الانسانية. لماذا ستدور المعارك هنا و لماذا يقود أعداء المسيح جيوشهم في العالم ضد المسيح الأله؟. يريد فالويل و يؤكد أن الحرب أممية عالمية يشترك فيها كل الامم و كلهم ضد اسرائيل. و لكن كيف سيجتمع هذا العدد الضخم في هذه المنطقة التي بالكاد تستوعبهم لو وقفوا دون حركة فكيف ستقوم المعركة و الالتحام اذا؟؟ أظن أنهم يروجون أن الحرب تنطلق من هذه المنطقة ثم ستمتد في جميع الاتجاهات و دليل ذلك أن روسيا ستهلك في هذه الحرب كما سيأتي.
و يستطرد في أسباب قيام هذه الحرب قائلاً "أولاً لأنهم يكرهون سيادة الله، فالمعركة دائماً الشيطان ضد المسيح تلك هي مسألة، ثانياً لأن هذه الأمم سوف تأتي بسبب تضليل الشيطان. ثالثاً: بسبب كراهية الأمم للإله عيسى المسيح، شئ ما سيحدث خلال هذه المعركة حيث سيجف نهر الفرات في هذه الأثناء". و كأنك تستمع الى بوش من ليس معي فهو ضدي........
و حتى يوضح فالويل البلاد التي سيأتي منها المهاجمون عمد الى تأويل الكتاب الذي يقدسوه فيقول أن اسم الأرض التي سيأتون منها هو روش و بالطبع يؤل روش بأنها روسيا و يذكر كذلك أن اسم المدينتين الواردتين في الإصحاح هما ماشك أي موسكو و توبال و التي تشير الى أحدى مدن روسيا، و ذكر حلفاء روش و هي فارس و يعني إيران بالقطع و كوش و هي أثيوبيا و فوط و يقصدون بها ليبيا أو شمال أفريقيا و جومر و المقصود بها أوروبا الشرقية أو تركيا و بيت توجرامة و المقصود بها القوقازيون. و طبعاً أشرنا في بداية عرضنا للحرب الفاصلة كيف أن واينبرجر وضح أن العلماء الروس هم الذين يساعدون إيران في مشروع سلاحها النووي و الواقع كذلك يشهد بذلك و كذلك كما أشرنا عن قيام اتحاد بين إيران و الدول المطلة على بحر قزوين و منها روسيا و كذلك اتفاقات أخرى مع تركيا و باكستان.
و يؤكد فالويل في أحد اللقاءات مع صحيفة لوس أنجليوس على أن روسيا هي من ستكون المهاجمة "روسيا ستكون المهاجم و سوف تدمر تدميراً كاملاً" و يستكمل في موضع أخر قائلاً" أنا لا أعني كل إنسان- ففي روسيا مسيحيون رائعون أيضاً- ان الكنيسة التي تعمل تحت الأرض تحقق نتائج سرية مهمة في روسيا و الصين الحمراء هؤلاء سيتم خلاصهم، ان الحرب ستبدأ من الشمال أي من الانحاد السوفيتي نحو منتصف الأرض – اسرائيل و الشرق الأوسط- و هكذا فاننا نعتقد أن الاتحاد السوفيتي سيكون البادئ بالأعمال العدائية". طبعاً لاحظتم قوله بالكنيسة التي تعمل تحت الأرض في روسيا و الصين و لكنه أغفل ذكر باقي دول العالم، انهم يخططون لمثل هذا الاجرام الذي يريدون تحقيقه.
و يجيب فالويل على تساؤل هام و بالطبع عند قوله هذا الكلام لم تكن دول الاتحاد السوفيتي استقلت و تفكك الاتحاد و لكنه يقول في كتابه الحرب القادمة مع روسيا عام 1983 أن أول احتفال للرب سيبدأ بعد الانتصار على الاتحاد السوفيتي و يجري احتفال أخر بعد معركة هرمجدون و سوف يتوقف التهديد الشيوعي الى الأبد" يستخلص من ذلك أن تفكك الاتحاد السوفيتي لم يكن كفيلاً بالقضاء على الخطر الشيوعي لان الشيوعية لا يزال لها وجود و لهذا يجب قيام حرب تقضي تماماً على هذا الخطر و لا مانع معها أن تقضي علي أغلب البشر.
و أختم كلام فالويل الذي أكد فيه قائلاً: و أنا أصدق نفسي بأننا جزء من جيل النهاية الجيل الأخير الذي لن يغادر قبل أن يأتي المسيح" و لكن خسر هذا الخائب فقد هلك و تحللت جثته و لم تقم حروب النهاية و لم يعود المسيح و هذا يؤكد شدة كذب هؤلاء و تأثيرهم المصطنع على المغفلين من البشر.
==== ==== ==== ======
(Millennial Views by James P. Dawson 1997, 1998, Aaron C Ministries) http://www.jpdawson.com/REVELATI/milview.html
Dr. John Gill (1690-1771): John Gill's Exposition of the Entire Bible
القس فولويل مؤسس الأغلبية الأخلاقية: محمد علي صالح، الشرق الأوسط، 25 مايو 2007 العدد 10405
حمى سنة 2000 نظرات في مسيرة الصراع الديني ضد المسلمين – عبد العزيز مصطفى كامل- الطبعة الثالثة 2000- رقم الايداع 17566/99.
يد الله- لماذا تضحي الولايات المتحدة بمصالحها من أجل اسرائيل – جريس هاليسل – ترجمة محمد السماك – دار الشروق
النبوءة و السياسة– جريس هاليسل – ترجمة محمد السماك – دار الشروق – الطبعة الثانية 1998.
حرب الخليج و نهاية العالم د/فايز فارس- دار الثقافة- رقم الايداع بدار الكتب المصرية 5082/1991 .
يوم الغضب هل بدأت بانتفاضة رجب – د. سفر بن عبد الرحمن الحوالي – الطبعة الثانية – طبعة خاصة بمصر
الإنجيل - العهد الجديد – طبعة دار الكتاب المقدس - مصر
1- قيام دولة اسرائيل من أهم الدلائل التي تشير الى قرب هذه الحرب و حتميتها.
2- هناك حرب طاحنة ستندلع في المنطقة – يسبقها حروب أخرى - و يكون مقرها هرمجدون و ما حولها و هذه الحرب نووية مدمرة.
3- الإسرائيليون و هم شعب الله المختار – بزعمهم – هم الطرف الأول في هذه الحرب الفاصلة النهائية و أنه منوط بهم تطير العالم من الأشرار و المسلمون منهم بالطبع.
4- الطرف الثاني الذي يهجم على إسرائيل أطلق عليهم اسم ياجوج و ماجوج في الكتاب المقدس و هناك نصوص أكثر تحديداً أو أكثر قابلية للتأويل و ذلك لالصاق هذا الأسم على من يشاؤون.
من هنا يتبقى لنا تعريف لهذه القوات المهاجمة، و التي من المفترض أنها ستهاجم اسرائيل بسلاح نووي و يكون هذا قبيل نزول المسيح الثاني إلى الأرض و بعد رفع القديسيين إلى السماء حيث هبط لهم المسيح ليشاهدوا هذه الأحداث من أعلى و في نهايتها يهبطون!!!!!
قبل أن نجزم بتعريف دول المواجهة مع اسرائيل – و حلفائها – ننقل لكم بعض أفكار و تأويلات هذا التيار الصهيوني المسيحي و بعدها يمكن معرفة دول المواجهة هذه.
وعظ بيلي جراهام – و هو الواعظ الشهير صديق جورج بوش الأب و معلمه – حول المعنى الكتابي لبابل الواردة في الأسفار و كان بوش الأب حاضراً هذا المجلس و ذلك في ولاية مين و قال جراهام أن الأحداث التي تجري الآن في الخليج (يعني حرب الخليج 1990) قد تكون لها دلالة روحية فان الموقع الجغرافي لبابل هو الآن في العراق و قال أيضاً أن هذا المكان هو الذي ابتدأ فيه التاريخ و الكتاب المقدس يعلمنا أن التاريخ سينتهي من حيث ابتدأ. أ.هـ
يتبين لنا من الاقتباس عاليه أن هذا التيار كان يدبر و يخطط لكل ما حدث و يحدث في العراق و أن الباعث لما يقومون به ديني، و يستخرج أيضاً من هذا الكلام أهمية العراق بالنسبة لهم، و لكن السؤال المحير إذا كان مقر الحرب النهائية في هرمجدون و أنها ستنتهي هناك ما المقصود بأن التاريخ ابتدأ في العراق و سينتهي فيها؟؟؟ هل يعني امتداد هذه الحرب إلى العراق و توقفها هناك؟؟ و إذا كان ذلك فما الذي يقحم العراق في الموضوع أصلا؟؟ إلا إذا كان المقصود أن العراق طرفاً من الأطراف التي ستواجه إسرائيل!!! و سؤال أخر كيف للعراق على وضعه الحالي أن يهاجم إسرائيل و هو منصاع تماماً للأمريكان و جند الأمريكان يعسكرون في العراق و العراق لا حول له و لا قوة اليوم – طبعاً لم يكن الوضع كذلك في الفترة المعاصرة لكلام جراهام – و لكن لعلمهم أن شئ من هذا سيحدث لأنهم المخططون له يقولون هذا الكلام.
نواصل مع جراهام و لكن في فترة سابقة حيث حذر في عام 1970 – ياللعجب منذ أكثر من ثلاثين عاماً؟!- من "أن العالم يتحرك بسرعة كبيرة الأن نحو هرمجدون و أن الجيل الحالي من الشباب قد يكون آخر جيل في التاريخ، و قال في مناسبة أخرى أن أناساً كثيرين يتسألون أين تقع هرمجدون؟ و ما هو مدى قربنا منها؟ و في الواقع تقع إلى الغرب من الأردن بين الجليل و السامرة في سهل جزريل و عندما شاهد نابليون هذا المكان العظيم ذات مرة قال إن هذا المكان سيكون مسرحاً لأعظم معركة في العالم، ذلك أن الكتاب المقدس يعلمنا أن أخر أكبر حرب في التاريخ سوف تخاض في هذا المكان من العالم : الشرق الأوسط" أ.هـ، طبعاً كلام فيه غاية التحدي و غاية التأكيد و غاية التحذير كذلك.
الرئيس السابق للقساوسة الإنجيليين (س.س. كريب) كتب في عام 1977 يقول "في هذه المعركة النهائية فان المسيح الملك سوف يسحق كلياً ملايين العسكريين المتألقين الذين يقودهم الديكتاتور المعادي للمسيح" أ.هـ و كأنني أستمع إلى بوش الابن حين كان يتهدد و يتوعد الديكتاتور صدام حسين – رحمه الله - ، فكل من يعادي هؤلاء يكون ديكتاتور.
المؤلف هال ليندسي في مؤلفه أخر أعظم كرة أرضيه يقول " ان دولة اسرائيل هي الخط التاريخي لمعظم أحداث الحاضر و المستقبل" و يقول في موضع أخر "قبل أن يصبح اليهود أمة لم يكشف عن شئ أما الأن و قد حدث ذلك فقد بدأ العد العكسي لحدوث المؤشرات التي تتعلق بجميع أنواع النبوءات. و لأنه يجب أن تظهر هناك دوائر لقوى سياسية معينة و استناداً إلى النبوءات فان العالم كله يتمركز على الشرق الأوسط، و خاصة على اسرائيل في الأيام الأخيرة، إن كل الأمم سوف تضطرب و سوف تصبح متورطة بما يجري هناك. إن باستطاعتنا الأن أن نرى أن ذلك يتطور في هذا الوقت و يأخذ مكانه الصحيح في مجرى النبوءات تماماً كما تأخذ الأحداث اليومية مواقعها في الصحف اليومية" و جزم ليندسي في موضع أخر قائلاً "أن الجيل الذي ولد منذ عام 1948 سوف يشهد العودة الثانية للمسيح و لكن قبل هذا الحديث علينا أن نخوض حربين الأولى ضد يأجوج و مأجوج و الثانية في هرمجدون، و المأساة تبدأ هكذا: كل العرب بالتحالف مع السوفيات سوف يهاجمون اسرائيل". أ.هـ، استوقفتني كثيراً جملة أن دوائر قوى سياسية معينة ستظهر و أن هذه الدوائر ستكون في منطقة الشرق الأوسط فمن يقصد يا ترى؟! لأعتقد أن القوى التي يشير اليها هي ايران حيث تعتبر من أقوى دول المنطقة في الوقت الراهن مع تركيا و كلاهما مرشحين للخوض بالهجوم على اسرائيل، و هناك تحير أخر، اذا كانوا يعلمون هذا الطرف و يعلمون خطورته و هم يملكون من وسائل الردع ما يمتلكون لماذا اذاً لا يتدخلون لانقاذ العالم من هذا الدمار؟؟؟ ثم ما المقصد من أن كل الامم ستضطرب و تشارك في هذه الحرب؟؟ انه يشير الى حرب عالمية بلا أدنى شك.
و يستطرد في احدى مؤلفاته قائلاً "فكروا في ما لا يقل عن 200 مليون جندي من الشرق مع ملايين أخرى من قوات الغرب يقودها أعداء المسيح من الأمبراطورية الرومانية المستحدثة (أوروبا الغربية)" و يقول أيضاً "إن عيسى المسيح سوف يضرب أولاً أولئك الذين دنسوا مدينته القدس ثم يضرب الجيوش المحتشدة في ماجيدو أو هرمجدون فلا غرابة أن يرتفع الدم الى مستوى الجمة الخيل مسافة 200 ميل من القدس و هذا الوادي سوف يملأ بالأدوات الحربية و الحيوانات و جثث الرجال و الدماء"
بدا ليندسي أكثر تحديداً بالرغم من الألغاز التي يتحدث بها و فصل لنا في الأمر، فحرب ياجوج و ماجوج بخلاف حرب هرمجدون فهل نفس الاعداء في ياجوج و ماجوج هم نفسهم في هرمجدون التي تليها؟؟؟؟ و هل وجهة نظرهم تغيرت بخصوص روسيا و التي يقولون أنها ستكون المحرك للهجوم على اسرائيل و كيف يحدث هذا و روسيا من أكثر الداعمين للكيان الصهيوني؟؟؟ يا ترى أي متغيرات يخطط لها هؤلاء حتى تقلب الأوضاع الراهنة رأساً على عقب؟!، بالرغم من ذلك فقد بدا أنه أكثر تفصيلاً لاسيما فيما يتعلق بأعداء المسيح و هم من أوروبا الشرقية أو دول الاتحاد السوفيتي المستقلة عنه أي دول القوقاز.
و الآن مع أكبر مروج لهذا الفكر في العصر الحديث ألا و وهو جيري فالويل و هو أحد قادة المسيحيين المتشددين، ومن قادة الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري، و الذي لعب دورا كبيرا في تصويت المسيحيين المتطرفين للرئيس جورج بوش، وفي التأثير على سياساته الداخلية والخارجية تحالف بقوةً مع نيوت غنغرتش - و هو رئيس سابق لمجلس النواب ومن قادة الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري- لإدخال الدين في السياسة بصورة لم تحدث من قبل في تاريخ أميركا. مات فالويل - عليه لعنة الله - منذ عدة أشهر و مات في مكتبه الذي اعتاد أن يذهب إليه كل صباح، قال فالويل بعد أحداث سبتمبر في نيويروك و واشنطن " يدل الهجوم على أن الله يسمح، من وقت لآخر، لأعداء أميركا بأن يعطوها درسا تستحقه. غضب الله على أميركا، هذه المرة، بسبب الشاذين جنسيا، ومؤيدي الإجهاض، وداعيات المساواة بين النساء والرجال".
يقول فالويل " إن الكلمة تثير الهلع في نفوس الناس، سيكون هناك احتكاك أخير، و بعد ذلك فان الله سوف يزيل الكوكب، إن النص يخبرنا –و ذكر أرقام الآيات من الإصحاح- أن الله سوف يدمر هذه الأرض، السموات و الأرض" و يعرض لأن الحرب ستكون نووية فيقول "ان التدمير سيترافق مع حرارة عالية و انفجار ضخم" ثم يقول أعاجيب مثل "خلال مأساة هرمجدون سيتحرك عدو المسيح نحو الشرق الأوسط و يضع لنفسه تمثالاً في المعبد اليهودي، قدس الأقداس، و يطلب من العالم كله أن يعبده كأله...". طبعاً المقصود من هذا الكلام هل هو رموز أم سيحدث ذلك حقيقة؟؟ ربما سيخرجون بتأويلات جديدة ليؤكدوا على ما يقولون.
و تستمر أعاجيبه التي يقول أنها في الكتاب المقدس – المحرف "و سيذبح الملايين من اليهود المخلصين في هذا الوقت و لكن قلة منهم سوف تنجو و سيتولى الرب بطريقة خارقة إخفائهم من أجل نفسه طوال ثلاث سنوات و نصف من المحنة، بعضهم سيكون في مدينة البتراء-الحمراء الوردية في الأردن، أنا لا أعرف كيف و لكن الله سيحفظهم لأن اليهود هم شعب الله المختار"
و كذلك ينقل فالويل عن اصحاحي زكريا و اسحاق "أن ساحة معركة هرمجدون سوف تمتد من مجيدو في الشمال الى إيدوم في الجنوب، مسافة حوالي 200 ميل و تصل الى البحر الابيض المتوسط في الغرب و الى تلال موهاب في الشرق مسافة 100 ميل تقريباً" و تقع إيدوم جنوب شرق البحر الميت داخل الاراضي الاردنية و يوجد في جنوبها البتراء و في شمالها تلال موهاب و هي عبارة عن شريط من التلال على ساحل البحر الميت و هذه مواقع لممالك قديمة مواكبة لفترة نبي الله داود و ربما سليمان كذلك. و فيما يلي صور و خرائط توضح هذه المناطق:
خريطة توضح ساحة المعركة
إيدوم
تلال موهاب
صورة جوية لماجيدو من جوجل ايرث
يوضح فالويل قائلاً" ستجتمع في هذه المنطقة – السابق الاشارة اليها – الملايين المتعددة من الرجال بحيث يصل عددهم الى 400 مليون بدون أدنى شك من أجل المأساة النهائية للانسانية و أن الملوك في جيوشهم سيأتون من الشمال و الجنوب و من الشرق و الغرب و بشكل درامي مثير سيكون هذا الوادي وادي القرار حول مصير الانسانية. لماذا ستدور المعارك هنا و لماذا يقود أعداء المسيح جيوشهم في العالم ضد المسيح الأله؟. يريد فالويل و يؤكد أن الحرب أممية عالمية يشترك فيها كل الامم و كلهم ضد اسرائيل. و لكن كيف سيجتمع هذا العدد الضخم في هذه المنطقة التي بالكاد تستوعبهم لو وقفوا دون حركة فكيف ستقوم المعركة و الالتحام اذا؟؟ أظن أنهم يروجون أن الحرب تنطلق من هذه المنطقة ثم ستمتد في جميع الاتجاهات و دليل ذلك أن روسيا ستهلك في هذه الحرب كما سيأتي.
و يستطرد في أسباب قيام هذه الحرب قائلاً "أولاً لأنهم يكرهون سيادة الله، فالمعركة دائماً الشيطان ضد المسيح تلك هي مسألة، ثانياً لأن هذه الأمم سوف تأتي بسبب تضليل الشيطان. ثالثاً: بسبب كراهية الأمم للإله عيسى المسيح، شئ ما سيحدث خلال هذه المعركة حيث سيجف نهر الفرات في هذه الأثناء". و كأنك تستمع الى بوش من ليس معي فهو ضدي........
و حتى يوضح فالويل البلاد التي سيأتي منها المهاجمون عمد الى تأويل الكتاب الذي يقدسوه فيقول أن اسم الأرض التي سيأتون منها هو روش و بالطبع يؤل روش بأنها روسيا و يذكر كذلك أن اسم المدينتين الواردتين في الإصحاح هما ماشك أي موسكو و توبال و التي تشير الى أحدى مدن روسيا، و ذكر حلفاء روش و هي فارس و يعني إيران بالقطع و كوش و هي أثيوبيا و فوط و يقصدون بها ليبيا أو شمال أفريقيا و جومر و المقصود بها أوروبا الشرقية أو تركيا و بيت توجرامة و المقصود بها القوقازيون. و طبعاً أشرنا في بداية عرضنا للحرب الفاصلة كيف أن واينبرجر وضح أن العلماء الروس هم الذين يساعدون إيران في مشروع سلاحها النووي و الواقع كذلك يشهد بذلك و كذلك كما أشرنا عن قيام اتحاد بين إيران و الدول المطلة على بحر قزوين و منها روسيا و كذلك اتفاقات أخرى مع تركيا و باكستان.
و يؤكد فالويل في أحد اللقاءات مع صحيفة لوس أنجليوس على أن روسيا هي من ستكون المهاجمة "روسيا ستكون المهاجم و سوف تدمر تدميراً كاملاً" و يستكمل في موضع أخر قائلاً" أنا لا أعني كل إنسان- ففي روسيا مسيحيون رائعون أيضاً- ان الكنيسة التي تعمل تحت الأرض تحقق نتائج سرية مهمة في روسيا و الصين الحمراء هؤلاء سيتم خلاصهم، ان الحرب ستبدأ من الشمال أي من الانحاد السوفيتي نحو منتصف الأرض – اسرائيل و الشرق الأوسط- و هكذا فاننا نعتقد أن الاتحاد السوفيتي سيكون البادئ بالأعمال العدائية". طبعاً لاحظتم قوله بالكنيسة التي تعمل تحت الأرض في روسيا و الصين و لكنه أغفل ذكر باقي دول العالم، انهم يخططون لمثل هذا الاجرام الذي يريدون تحقيقه.
و يجيب فالويل على تساؤل هام و بالطبع عند قوله هذا الكلام لم تكن دول الاتحاد السوفيتي استقلت و تفكك الاتحاد و لكنه يقول في كتابه الحرب القادمة مع روسيا عام 1983 أن أول احتفال للرب سيبدأ بعد الانتصار على الاتحاد السوفيتي و يجري احتفال أخر بعد معركة هرمجدون و سوف يتوقف التهديد الشيوعي الى الأبد" يستخلص من ذلك أن تفكك الاتحاد السوفيتي لم يكن كفيلاً بالقضاء على الخطر الشيوعي لان الشيوعية لا يزال لها وجود و لهذا يجب قيام حرب تقضي تماماً على هذا الخطر و لا مانع معها أن تقضي علي أغلب البشر.
و أختم كلام فالويل الذي أكد فيه قائلاً: و أنا أصدق نفسي بأننا جزء من جيل النهاية الجيل الأخير الذي لن يغادر قبل أن يأتي المسيح" و لكن خسر هذا الخائب فقد هلك و تحللت جثته و لم تقم حروب النهاية و لم يعود المسيح و هذا يؤكد شدة كذب هؤلاء و تأثيرهم المصطنع على المغفلين من البشر.
==== ==== ==== ======
(Millennial Views by James P. Dawson 1997, 1998, Aaron C Ministries) http://www.jpdawson.com/REVELATI/milview.html
Dr. John Gill (1690-1771): John Gill's Exposition of the Entire Bible
القس فولويل مؤسس الأغلبية الأخلاقية: محمد علي صالح، الشرق الأوسط، 25 مايو 2007 العدد 10405
حمى سنة 2000 نظرات في مسيرة الصراع الديني ضد المسلمين – عبد العزيز مصطفى كامل- الطبعة الثالثة 2000- رقم الايداع 17566/99.
يد الله- لماذا تضحي الولايات المتحدة بمصالحها من أجل اسرائيل – جريس هاليسل – ترجمة محمد السماك – دار الشروق
النبوءة و السياسة– جريس هاليسل – ترجمة محمد السماك – دار الشروق – الطبعة الثانية 1998.
حرب الخليج و نهاية العالم د/فايز فارس- دار الثقافة- رقم الايداع بدار الكتب المصرية 5082/1991 .
يوم الغضب هل بدأت بانتفاضة رجب – د. سفر بن عبد الرحمن الحوالي – الطبعة الثانية – طبعة خاصة بمصر
الإنجيل - العهد الجديد – طبعة دار الكتاب المقدس - مصر
__________________
الثاني: الفكر الديني الإيراني (و خلفياته الامامية الاثنا عشرية)
ترددت كثيراً عند طرح هذا الموضوع، حتى إنني فكرت في إلغاء هذا الفصل الذي يتناول الأبعاد الدينية بالكلية، و ذلك حتى لا يُحمل ما أكتبه غير محمله و مخافة الدخول في حوارات بعيدة عن المقصود، إلا أنني نويت العرض مع ذكر مبررات ذلك فأقول:
إنني أقصد أن أثبت أن القوتين محل النزاع و اللذان يتم النقاش حول حرب مفترضة بينهما يحرك سلوكهما اعتقادات و هذه الاعتقادات من الأمور الراسخة في أذهانهم بحيث لا يمكن التنازل عنها و قد ذكرنا المعتقدات التي تحرك الطرف الأول و كانت هذه المعتقدات صهيونية مسيحية و لهذا نعرض لمعتقدات الطرف الثاني و هي إيران بالطبع ذات الخلفية الأمامية الاثنى عشرية.
سوف نعرض بعض ما ورد من نصوص في مؤلفات وضعها المنظرين لهذه العقيدة و التي تتناول أحداث نهاية الزمان، و سوف نرى كيف أنه كما أن إسرائيل و قيام دولتها من أكثر الأدلة على قرب النهاية و معركة هرمجدون و الألفية السعيدة تحت حكم المسيح المخلص، فان قيام الجمهورية الإسلامية في إيران هي من أكبر الادلة على قرب النهاية و ظهور المهدي و المعارك الفاصلة و حكمه الذي يمتد لسنوات و كما أن العالم سيدين حينها بالمسيحية فان العالم سيدين ساعتها بالامامية الاثنا عشرية.
من أهم المراجع التي تناولت هذا الأمر مؤلف الشيخ على الكوراني العاملي الموسوم باسم "عصر الظهور" (1) و يعتبر الكوراني من أهم المختصين في علامات الظهور و له مؤلفات عديدة في هذا الشأن، و إذا كان الكوراني حريص في عدم إسقاط الأحداث المعاصرة على النبوءات التي يعرضنها فان غيره مثل فارس فقيه في سلسلة "أنت الآن في عصر الظهور" قد أسقط كثيرا من الوقائع و الشخصيات على هذه المصادر التي يستشهدون بها في عرض فكرهم، و كذلك فهناك الكثير و الكثير غيرهم أخذنا هنا بعض مما يقولون.
فيما يخص على الكوراني فالمؤلف الذي سبق الإشارة إليه مطبوع و يباع بسهولة و كذلك يوجد منه نسخة للقرأة و التحميل على موقعه الشخصي و قد كانت هي مصدر هذه الدراسة الموجزة....... و كذلك لن نعرض للأحاديث التي أوردها أو النقاش حولها و لكن نعرض تعليقه هو عليها و قد قام باختصار كل ما وصل إليه في بداية الكتاب تحت عنوان " صورة عامة لعصر الظهور ".
أولاً حدد الكوراني ميدان المعركة و التي تتسع كثيراً عن ما افترضته الصهيونية المسيحية فيقول "..... والصورة التي ترسمها هذه الأحاديث لوضع العالم في عصر الظهور وخاصة لوضع منطقة الظهور ، التي تشمل اليمن والحجاز وإيران والعراق وبلاد الشام وفلسطين ومصر والمغرب ، صورة شاملة ، فيها الكثير من الأحداث الكبرى ، والعديد من التفاصيل ، وأسماء الأمكنة ، والأشخاص.....".
بين أن قيام إيران و دولة أشار إليها في اليمن من علامات الظهور أما إيران فالفترة الزمنية بينها و بين عصر الظهور طويلة أما دولة اليماني فتكون قصيرة و حدد أسماء أشخاص فقال "تذكر الأحاديث الشريفة أن حركة ظهور الإمام المهدي أرواحنا فداه تبدأ في مكة المكرمة بعد تمهيدات عالمية وإقليمية. فعلى صعيد المنطقة تقوم دولتان مواليتان للمهدي عليه السلام في إيران واليمن. أما أنصاره الإيرانيون فتقوم دولتهم قبله بمدة ، ويخوضون حرباً طويلة وينتصرون فيها ، ثم يظهر فيهم قبيل ظهوره عليه السلام شخصيتان هما السيد الخراساني القائد السياسي ، وشعيب بن صالح القائد العسكري ، ويكون للإيرانيين بقيادتهما دور هام في حركة ظهوره عليه السلام. وأما أنصاره اليمانيون فتكون ثورتهم قبل ظهوره عليه السلام ببضعة أشهر. ويبدو أنهم يساعدون في ملء الفراغ السياسي الذي يحدث في الحجاز، كما يمهدون لحركة ظهوره عليه السلام" ثم شرح باختصار سبب الفراغ الذي يحدث في الحجاز بسبب قتل أحد الملوك ملك من آل فلان اسمه (عبدالله) و هو أخر ملوك الحجاز و بعده تحدث فوضى في الحجاز.
هذا ما قاله الكوراني في هذا الشأن و بالرغم من أنه لم يسمي الخراساني و شعيب ابن صالح إلا أنه وضع أوصافهما في نفس الكتاب و بدون دليل من الأحاديث و ترك الباب مفتوحاً لغيره ليحدد هاتين الشخصيتين، فيقول فارس فقيه (2) في كتابه أنت الآن في عصر الظهور ص19 العلامة الخامسة عشر الكبرى القادة، "الخرساني تنطبق مواصفاته على السيد الخامنئي" و ذكر احدي الروايات و التي ليس فيها أي من صفاته ليؤكد أنه هو و أعقبها بصفاته فقال فيها " سيد هاشمي حسني، من خرسان، صبيح الوجه، في خده الأيمن خال، في يده اليمنى خال أو خلل، أعلى منصب في ايران أي يكون القائد الأعلى للجيش أو الجمهورية.
من هو اذا شعيب ابن صالح يقول فارس فقيه ص 20 في العلامة الخامسة عشر الكبرى القادة، شعيب بن صالح هو أحمدي نجاد الملقب بالشعبي الصالح مردوميار و كذلك بعد ذكر رواية لا تعرض لصفاته قال "شاب أسمر، خفيف اللحية، نحيل، قائد القوات، صاحب بصيرة و يقين و تصميم لا يلين، رجل حرب من الطراز الأول لا ترد له راية، أنه من أهل الري (طهران)" ثم قال "جميع هذه المواصفات تنطبق على الرئيس الايراني الحالي و هو أحمدي نجاد و هو الملقب بمردميار و ملقب أيضاً بمرد صالح أي الرجل الصالح، النتيجة الشعبي الصالح أي شعيب بن صالح و هو ....... ثم ذكر مواصفاته الخلقية"
المزيد في الحلقة القادمة بمشيئة الله عز و جل
-- - - - - - -
(1) هذا موقع الشيخ علي الكوراني و فيه نسخة من كتابه
http://www.alameli.net/
(2) أنت الآن في عصر الظهور، فارس فقيه، دار العلم للملايين و يوجد منه نسخ على الشبكة العنكبوتية
-*-*-*-*----*-*-*-*-*-*-*-*--*--
ترددت كثيراً عند طرح هذا الموضوع، حتى إنني فكرت في إلغاء هذا الفصل الذي يتناول الأبعاد الدينية بالكلية، و ذلك حتى لا يُحمل ما أكتبه غير محمله و مخافة الدخول في حوارات بعيدة عن المقصود، إلا أنني نويت العرض مع ذكر مبررات ذلك فأقول:
إنني أقصد أن أثبت أن القوتين محل النزاع و اللذان يتم النقاش حول حرب مفترضة بينهما يحرك سلوكهما اعتقادات و هذه الاعتقادات من الأمور الراسخة في أذهانهم بحيث لا يمكن التنازل عنها و قد ذكرنا المعتقدات التي تحرك الطرف الأول و كانت هذه المعتقدات صهيونية مسيحية و لهذا نعرض لمعتقدات الطرف الثاني و هي إيران بالطبع ذات الخلفية الأمامية الاثنى عشرية.
سوف نعرض بعض ما ورد من نصوص في مؤلفات وضعها المنظرين لهذه العقيدة و التي تتناول أحداث نهاية الزمان، و سوف نرى كيف أنه كما أن إسرائيل و قيام دولتها من أكثر الأدلة على قرب النهاية و معركة هرمجدون و الألفية السعيدة تحت حكم المسيح المخلص، فان قيام الجمهورية الإسلامية في إيران هي من أكبر الادلة على قرب النهاية و ظهور المهدي و المعارك الفاصلة و حكمه الذي يمتد لسنوات و كما أن العالم سيدين حينها بالمسيحية فان العالم سيدين ساعتها بالامامية الاثنا عشرية.
من أهم المراجع التي تناولت هذا الأمر مؤلف الشيخ على الكوراني العاملي الموسوم باسم "عصر الظهور" (1) و يعتبر الكوراني من أهم المختصين في علامات الظهور و له مؤلفات عديدة في هذا الشأن، و إذا كان الكوراني حريص في عدم إسقاط الأحداث المعاصرة على النبوءات التي يعرضنها فان غيره مثل فارس فقيه في سلسلة "أنت الآن في عصر الظهور" قد أسقط كثيرا من الوقائع و الشخصيات على هذه المصادر التي يستشهدون بها في عرض فكرهم، و كذلك فهناك الكثير و الكثير غيرهم أخذنا هنا بعض مما يقولون.
فيما يخص على الكوراني فالمؤلف الذي سبق الإشارة إليه مطبوع و يباع بسهولة و كذلك يوجد منه نسخة للقرأة و التحميل على موقعه الشخصي و قد كانت هي مصدر هذه الدراسة الموجزة....... و كذلك لن نعرض للأحاديث التي أوردها أو النقاش حولها و لكن نعرض تعليقه هو عليها و قد قام باختصار كل ما وصل إليه في بداية الكتاب تحت عنوان " صورة عامة لعصر الظهور ".
أولاً حدد الكوراني ميدان المعركة و التي تتسع كثيراً عن ما افترضته الصهيونية المسيحية فيقول "..... والصورة التي ترسمها هذه الأحاديث لوضع العالم في عصر الظهور وخاصة لوضع منطقة الظهور ، التي تشمل اليمن والحجاز وإيران والعراق وبلاد الشام وفلسطين ومصر والمغرب ، صورة شاملة ، فيها الكثير من الأحداث الكبرى ، والعديد من التفاصيل ، وأسماء الأمكنة ، والأشخاص.....".
بين أن قيام إيران و دولة أشار إليها في اليمن من علامات الظهور أما إيران فالفترة الزمنية بينها و بين عصر الظهور طويلة أما دولة اليماني فتكون قصيرة و حدد أسماء أشخاص فقال "تذكر الأحاديث الشريفة أن حركة ظهور الإمام المهدي أرواحنا فداه تبدأ في مكة المكرمة بعد تمهيدات عالمية وإقليمية. فعلى صعيد المنطقة تقوم دولتان مواليتان للمهدي عليه السلام في إيران واليمن. أما أنصاره الإيرانيون فتقوم دولتهم قبله بمدة ، ويخوضون حرباً طويلة وينتصرون فيها ، ثم يظهر فيهم قبيل ظهوره عليه السلام شخصيتان هما السيد الخراساني القائد السياسي ، وشعيب بن صالح القائد العسكري ، ويكون للإيرانيين بقيادتهما دور هام في حركة ظهوره عليه السلام. وأما أنصاره اليمانيون فتكون ثورتهم قبل ظهوره عليه السلام ببضعة أشهر. ويبدو أنهم يساعدون في ملء الفراغ السياسي الذي يحدث في الحجاز، كما يمهدون لحركة ظهوره عليه السلام" ثم شرح باختصار سبب الفراغ الذي يحدث في الحجاز بسبب قتل أحد الملوك ملك من آل فلان اسمه (عبدالله) و هو أخر ملوك الحجاز و بعده تحدث فوضى في الحجاز.
هذا ما قاله الكوراني في هذا الشأن و بالرغم من أنه لم يسمي الخراساني و شعيب ابن صالح إلا أنه وضع أوصافهما في نفس الكتاب و بدون دليل من الأحاديث و ترك الباب مفتوحاً لغيره ليحدد هاتين الشخصيتين، فيقول فارس فقيه (2) في كتابه أنت الآن في عصر الظهور ص19 العلامة الخامسة عشر الكبرى القادة، "الخرساني تنطبق مواصفاته على السيد الخامنئي" و ذكر احدي الروايات و التي ليس فيها أي من صفاته ليؤكد أنه هو و أعقبها بصفاته فقال فيها " سيد هاشمي حسني، من خرسان، صبيح الوجه، في خده الأيمن خال، في يده اليمنى خال أو خلل، أعلى منصب في ايران أي يكون القائد الأعلى للجيش أو الجمهورية.
من هو اذا شعيب ابن صالح يقول فارس فقيه ص 20 في العلامة الخامسة عشر الكبرى القادة، شعيب بن صالح هو أحمدي نجاد الملقب بالشعبي الصالح مردوميار و كذلك بعد ذكر رواية لا تعرض لصفاته قال "شاب أسمر، خفيف اللحية، نحيل، قائد القوات، صاحب بصيرة و يقين و تصميم لا يلين، رجل حرب من الطراز الأول لا ترد له راية، أنه من أهل الري (طهران)" ثم قال "جميع هذه المواصفات تنطبق على الرئيس الايراني الحالي و هو أحمدي نجاد و هو الملقب بمردميار و ملقب أيضاً بمرد صالح أي الرجل الصالح، النتيجة الشعبي الصالح أي شعيب بن صالح و هو ....... ثم ذكر مواصفاته الخلقية"
المزيد في الحلقة القادمة بمشيئة الله عز و جل
-- - - - - - -
(1) هذا موقع الشيخ علي الكوراني و فيه نسخة من كتابه
http://www.alameli.net/
(2) أنت الآن في عصر الظهور، فارس فقيه، دار العلم للملايين و يوجد منه نسخ على الشبكة العنكبوتية
-*-*-*-*----*-*-*-*-*-*-*-*--*--
__________________
يستطرد الكوراني في كتابه الذي سبق الإشارة إليه في الحديث عن الخراساني و شعيب بن صالح و عن دورهما قائلاً "تذكر الأحاديث هاتين الشخصيتين من أصحاب المهدي عليه السلام وأنهما يظهران في إيران قرب ظهوره عليه السلام ويشاركان في حركة ظهوره المقدسة، ولا تذكر الروايات أن الإيرانيين يرسلون قواتهم لمساعدة الإمام المهدي عليه السلام في تحرير المدينة المنورة أو باقي مدن الحجاز ، ويبدو أنه لا تكون حاجة إلى ذلك ، ولهذا تكتفي قواتهم التي تدخل العراق بإعلان ولائها وبيعتها للمهدي عليه السلام"
ثم تابع قائلاً "ومن جهة أخرى ، تذكر بعض روايات المصادر السنية حركة الإيرانيين واحتشادهم في جنوب إيران، التي يحتمل أن تكون زحفاً جماهيريا باتجاه الحجاز نحو الإمام المهدي عليه السلام – ثم جاء برواية لابن حماد- وأن هذا الاحتشاد يكون بقيادة الخراساني في(بيضاء إصطخر) قرب الأهواز، وأن الإمام المهدي عليه السلام يتوجه بعد تحريره الحجاز إلى بيضاء إصطخر ويلتقي بأنصاره الخراساني وجيشه، ويخوضون بقيادته معركة هناك ضد السفياني ، ومن المحتمل أن تكون هذه المعركة المذكورة مع قوات بحرية من الروم إلى جانب قوات السفياني ، كما سنذكر في حركة الظهور، ويؤيده أنها تكون معركة فاصلة تفتح الباب أمام المد الشعبي المؤيد للمهدي عليه السلام – رواية أخرى لابن حماد- ومنذ ذلك الحين يصبح الخراساني وشعيب من أصحاب الإمام المهدي الخاصين ، ويصبح شعيب القائد العام لجيش الإمام المهدي عليه السلام ، وتكون قوات الخراسانيين هي الثقل أو ثقلاً كبيراً في جيش المهدي عليه السلام الذي يعتمد عليه في تصفية الوضع الداخلي في العراق من المعادين له والخوارج عليه، ثم في قتال الترك ، ثم في زحفه العظيم لفتح القدس وفلسطين".
و طبعاً الكلام واضح لا يحتاج لتعليق، فقطب رحى المعركة الفاصلة إيران، و قاداتها إيرانيون، و ميدان المعركة في الحجاز و الشام و العراق و اليمن، ثم ستمتد كما سيتضح بمشيئة الله تعالى، و لا أنسى أن أشير إلى أن المؤلف و غيره من أصحاب هذا الفكر كثيراً ما يلجئون للتلبيس على الناس بقولهم إن هذا في المصادر السنية، لا حرج عليهم أن يذكروا هذه الروايات و لكن المثير للدهشة أنهم لا يذكرون حكم أهل السنة عليها من حيث الصحة أو الضعف و علم الحديث كما هو معروف عند أهل السنة هو الفيصل في الحكم على الأحاديث و الأخذ بها من عدمه، كذلك لما يجهدهم الفكر و البحث في مصادرهم عن ما يخدم فكرتهم يلجئون إلى مصادر غيرهم مهما كانت إذا وجدوا فيها ضالتهم المنشودة...
و للحق فانه ليس هناك اتفاق تام بين جميع المنظرين لهذا الفكر و هذا يرجع إلى تأويلات كل منهم وفق ما يراه و وفق قدرته على إسقاطه على الواقع و في هذا الإطار فان الشيخ يوسف محمد عمرو في مؤلفه المسيح الموعود و المهدي المنتظر (*) يخالف بعض الشئ في حتمية ظهور الخرساني أو في أن علامة ظهوره حتمية فيقول " خروج السيد الخرساني ليس من العلائم المحتومة و المستفيضة أو من العلامات الخمس و إنما بلغت حد الاستفاضة حتى ادعاها العباسيون في ثورتهم ضد الأمويين .........) ص 161 و هناك المزيد من الاختلافات ستتبدى في السطور و الصفحات القادمة بحول الله عز و جل.
و حتى تكتمل الفكرة نشير سريعاً إلى اليماني الذي ذكره الكوراني في كتابه و ذلك أيضاً لارتباطه بالواقع المعاصر لنا.
يقول الكوراني "وردت في ثورة اليمن الإسلامية الممهدة للمهدي عليه السلام أحاديث متعددة عن أهل البيت عليهم السلام ، منها بضعة أحاديث صحيحة السند ، وهي تؤكد حتمية حدوث هذه الثورة وتصفها بأنها راية هدى تمهد لظهور المهدي عليه السلام وتنصره.
بل تصفها عدة روايات بأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق ، وتؤكد على وجوب نصرتها كراية المشرق الإيرانية وأكثر، وتحدد الأحاديث وقتها بأنه مقارن لخروج السفياني في رجب ، أي قبل ظهور المهدي عليه السلام ببضعة شهور، ويذكر بعضها أن عاصمتها صنعاء.
أما قائدها المعروف في الروايات باسم (اليماني) فتذكر رواية أن اسمه (حسن أو حسين) من ذرية زيد بن علي عليهما السلام".
و يؤكد يوسف محمد عمرو في مؤلفه السابق الإشارة إليه ما يذهب إليه الكوراني قائلاً بعد أن ذكر عدة أحاديث "و قد ذهب مفسرو هذه الروايات إلى حدوث ثورة إسلامية مباركة في اليمن قبل ظهور المهدي المنتظر بمكة المكرمة بسنوات قليلة، و ثورة اليماني الذي يمتلك صنعاء تكون الأفضل و الأقرب إلى تقوى الله و أطروحة أهل البيت" ص 160، ثم وضح سبب تفوق ثورة اليماني على ثورة الإيرانيين "و ما هذا إلا للنمط الإسلامي الإداري البسيط الذي يستعمله ذلك الثائر اليماني مع ولاته و قضاته و جيشه و شعبه بعيداً عن التعقيدات الإدارية و الروتين الإداري و الاجتهادات الفقهية الموجودة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية و التي لا يستطيع تجاوزها السيد الخراساني" ص 160.
و بخصوص وقت الثورة اليمانية فبخلاف ما ذهب إليه الكوراني أن وقتها مقارن لخروج السفياني في رجب، أي قبل ظهور المهدي عليه السلام ببضعة شهور لا يجزم بوقتها الشيخ يوسف في نفس المرجع السابق حيث قال "أما وقت خروج هذا اليماني الأول فقد حددت الرواية الشريفة أنه قبل السفياني فقط و قد يكون قبله بمدة قليلة أو سنين طويلة و الله العالم" ص161.
طبعاً الظاهر من العرض السابق أن اليماني شخص يمني من اليمن و أنه له ثورة ستقوم و ستكون فعالة أكثر من الثورة الايرانية و أن صاحب هذه الثورة أسمه حسن أو حسين، فهل ما يحدث في اليمن اليوم يدخل ضمن هذا الاطار؟ لا سيما أن الذي يقوم بالثورة من شيعة آل البيت، و أن صاحب هذه الثورة أسمه حسين الحوثي كما ذكروا؟!!! تبقى كل الاحتمالات واردة. و لكن يرى أصحاب هذا الفكر أنه قد يكون هناك يماني ممهد لليماني المذكور في الأحاديث و لسنا هنا بصدد التوسع في هذا الأمر في هذه العجالة المختصرة.
بالرغم من ذلك فقد رأي فارس فقيه أنه شخصية أخرى ليست في اليمن أصلاً فقال في كتابه المشار اليه ص 21 بعد أن ذكر بعض الروايات" سيد هاشمي، اسمه حسن، اسمه الثاني نصر –و جاء برواية-، يماني (إما أن يكون من اليُمن من قبائل يمنية كعاملة في جنوب لبنان أو من اليُمن و البركة)، عالم دين، صاحب راية جهادية، شعاره مرتبط بالحسين، جنوده موالون للإمام المهدي، رايته موالية لراية الخرساني.
و قد قرأت أيضاً أنه ملقب بالمنصور في روايات أخرى، أما اسمه مشتق من النصر، أو أن الله ينصره على أعدائه دائماً أو أنه يحقق نصراً كبيراً. أما رايته أهدى الرايات، هل لأنه يقاتل أعدى أعداء الله في الأرض، من؟ مثلاً؟ إسرائيل و ليس كراية الخرساني التي هي راية القيادة و الدعم و لا تقاتل مباشرة، و لأن الإمام الصادق كان يخاطب ناساً من العرب و يعني أن راية اليماني عربية، و على العرب الانضواء تحت رايته لأنه أقرب للعدو من الراية الأم التي تبايع المهدي؟ و هي راية الخرساني؟
و من المنقول أنه عالم دين يدعو الى صراط مستقيم، و يدعو الى الحق، و حزبه أو حركته لا تترك السلاح و إشارة الحديث أن المؤمن لا يبيع سلاحه، إذا وجدت هذه الراية لأنها تقاتل على الحق و تمهد للإمام المهدي (عج) و لابد أنه شخصية كريزماتية كبيرة يجذب الناس إليه لأنه مجاهد و مخلص للإمام و يلقى عناية من أهل البيت.
و اعلم أن وجود هذا الشخص لهو من علامات الحتمية لظهور الإمام المهدي (عج)، لقد أصبح من الواضح من هو فهل عرفته أنت.....؟ ) انتهى كلامه
و أنا بدوري أخواني أسألكم هل عرفتموه؟ هل تمكنتم من حل هذا اللغز العويص؟ لماذا في هذه المرة فقط لم يشر فقيه صراحة للأسم؟! هل لأنه خالف مخالفة واضحة لشيوخه و أساتذته و حدد مواصفات شخص ليس من اليمن أصلاً؟ إنها صورة أخرى من صور الخلاف الذي أراه غير مهم حقيقة في هذا الباب.......
و إلى اللقاء بمشيئة الله في الحلقة القادمة.
شكراً لكم أخواني على تقيدكم بطلبي، و أنا لا أناقش في هذا الأمر عقائد القوم أو الخوض في الطائفية و لكن فقط أدلل على فكرتي من مصادرهم و بالتوثيق الكافي، فمن يجد في ذلك خروجاً مني عن النهج المطلوب فليخبرني مشكور، و لكم مني التحية= = = = = = = = = = = = = =
* المسيح الموعود و المهدي المنتظر – الشيخ يوسف محمد عمرو – دار المؤرخ العربي – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى 2004
ثم تابع قائلاً "ومن جهة أخرى ، تذكر بعض روايات المصادر السنية حركة الإيرانيين واحتشادهم في جنوب إيران، التي يحتمل أن تكون زحفاً جماهيريا باتجاه الحجاز نحو الإمام المهدي عليه السلام – ثم جاء برواية لابن حماد- وأن هذا الاحتشاد يكون بقيادة الخراساني في(بيضاء إصطخر) قرب الأهواز، وأن الإمام المهدي عليه السلام يتوجه بعد تحريره الحجاز إلى بيضاء إصطخر ويلتقي بأنصاره الخراساني وجيشه، ويخوضون بقيادته معركة هناك ضد السفياني ، ومن المحتمل أن تكون هذه المعركة المذكورة مع قوات بحرية من الروم إلى جانب قوات السفياني ، كما سنذكر في حركة الظهور، ويؤيده أنها تكون معركة فاصلة تفتح الباب أمام المد الشعبي المؤيد للمهدي عليه السلام – رواية أخرى لابن حماد- ومنذ ذلك الحين يصبح الخراساني وشعيب من أصحاب الإمام المهدي الخاصين ، ويصبح شعيب القائد العام لجيش الإمام المهدي عليه السلام ، وتكون قوات الخراسانيين هي الثقل أو ثقلاً كبيراً في جيش المهدي عليه السلام الذي يعتمد عليه في تصفية الوضع الداخلي في العراق من المعادين له والخوارج عليه، ثم في قتال الترك ، ثم في زحفه العظيم لفتح القدس وفلسطين".
و طبعاً الكلام واضح لا يحتاج لتعليق، فقطب رحى المعركة الفاصلة إيران، و قاداتها إيرانيون، و ميدان المعركة في الحجاز و الشام و العراق و اليمن، ثم ستمتد كما سيتضح بمشيئة الله تعالى، و لا أنسى أن أشير إلى أن المؤلف و غيره من أصحاب هذا الفكر كثيراً ما يلجئون للتلبيس على الناس بقولهم إن هذا في المصادر السنية، لا حرج عليهم أن يذكروا هذه الروايات و لكن المثير للدهشة أنهم لا يذكرون حكم أهل السنة عليها من حيث الصحة أو الضعف و علم الحديث كما هو معروف عند أهل السنة هو الفيصل في الحكم على الأحاديث و الأخذ بها من عدمه، كذلك لما يجهدهم الفكر و البحث في مصادرهم عن ما يخدم فكرتهم يلجئون إلى مصادر غيرهم مهما كانت إذا وجدوا فيها ضالتهم المنشودة...
و للحق فانه ليس هناك اتفاق تام بين جميع المنظرين لهذا الفكر و هذا يرجع إلى تأويلات كل منهم وفق ما يراه و وفق قدرته على إسقاطه على الواقع و في هذا الإطار فان الشيخ يوسف محمد عمرو في مؤلفه المسيح الموعود و المهدي المنتظر (*) يخالف بعض الشئ في حتمية ظهور الخرساني أو في أن علامة ظهوره حتمية فيقول " خروج السيد الخرساني ليس من العلائم المحتومة و المستفيضة أو من العلامات الخمس و إنما بلغت حد الاستفاضة حتى ادعاها العباسيون في ثورتهم ضد الأمويين .........) ص 161 و هناك المزيد من الاختلافات ستتبدى في السطور و الصفحات القادمة بحول الله عز و جل.
و حتى تكتمل الفكرة نشير سريعاً إلى اليماني الذي ذكره الكوراني في كتابه و ذلك أيضاً لارتباطه بالواقع المعاصر لنا.
يقول الكوراني "وردت في ثورة اليمن الإسلامية الممهدة للمهدي عليه السلام أحاديث متعددة عن أهل البيت عليهم السلام ، منها بضعة أحاديث صحيحة السند ، وهي تؤكد حتمية حدوث هذه الثورة وتصفها بأنها راية هدى تمهد لظهور المهدي عليه السلام وتنصره.
بل تصفها عدة روايات بأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق ، وتؤكد على وجوب نصرتها كراية المشرق الإيرانية وأكثر، وتحدد الأحاديث وقتها بأنه مقارن لخروج السفياني في رجب ، أي قبل ظهور المهدي عليه السلام ببضعة شهور، ويذكر بعضها أن عاصمتها صنعاء.
أما قائدها المعروف في الروايات باسم (اليماني) فتذكر رواية أن اسمه (حسن أو حسين) من ذرية زيد بن علي عليهما السلام".
و يؤكد يوسف محمد عمرو في مؤلفه السابق الإشارة إليه ما يذهب إليه الكوراني قائلاً بعد أن ذكر عدة أحاديث "و قد ذهب مفسرو هذه الروايات إلى حدوث ثورة إسلامية مباركة في اليمن قبل ظهور المهدي المنتظر بمكة المكرمة بسنوات قليلة، و ثورة اليماني الذي يمتلك صنعاء تكون الأفضل و الأقرب إلى تقوى الله و أطروحة أهل البيت" ص 160، ثم وضح سبب تفوق ثورة اليماني على ثورة الإيرانيين "و ما هذا إلا للنمط الإسلامي الإداري البسيط الذي يستعمله ذلك الثائر اليماني مع ولاته و قضاته و جيشه و شعبه بعيداً عن التعقيدات الإدارية و الروتين الإداري و الاجتهادات الفقهية الموجودة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية و التي لا يستطيع تجاوزها السيد الخراساني" ص 160.
و بخصوص وقت الثورة اليمانية فبخلاف ما ذهب إليه الكوراني أن وقتها مقارن لخروج السفياني في رجب، أي قبل ظهور المهدي عليه السلام ببضعة شهور لا يجزم بوقتها الشيخ يوسف في نفس المرجع السابق حيث قال "أما وقت خروج هذا اليماني الأول فقد حددت الرواية الشريفة أنه قبل السفياني فقط و قد يكون قبله بمدة قليلة أو سنين طويلة و الله العالم" ص161.
طبعاً الظاهر من العرض السابق أن اليماني شخص يمني من اليمن و أنه له ثورة ستقوم و ستكون فعالة أكثر من الثورة الايرانية و أن صاحب هذه الثورة أسمه حسن أو حسين، فهل ما يحدث في اليمن اليوم يدخل ضمن هذا الاطار؟ لا سيما أن الذي يقوم بالثورة من شيعة آل البيت، و أن صاحب هذه الثورة أسمه حسين الحوثي كما ذكروا؟!!! تبقى كل الاحتمالات واردة. و لكن يرى أصحاب هذا الفكر أنه قد يكون هناك يماني ممهد لليماني المذكور في الأحاديث و لسنا هنا بصدد التوسع في هذا الأمر في هذه العجالة المختصرة.
بالرغم من ذلك فقد رأي فارس فقيه أنه شخصية أخرى ليست في اليمن أصلاً فقال في كتابه المشار اليه ص 21 بعد أن ذكر بعض الروايات" سيد هاشمي، اسمه حسن، اسمه الثاني نصر –و جاء برواية-، يماني (إما أن يكون من اليُمن من قبائل يمنية كعاملة في جنوب لبنان أو من اليُمن و البركة)، عالم دين، صاحب راية جهادية، شعاره مرتبط بالحسين، جنوده موالون للإمام المهدي، رايته موالية لراية الخرساني.
و قد قرأت أيضاً أنه ملقب بالمنصور في روايات أخرى، أما اسمه مشتق من النصر، أو أن الله ينصره على أعدائه دائماً أو أنه يحقق نصراً كبيراً. أما رايته أهدى الرايات، هل لأنه يقاتل أعدى أعداء الله في الأرض، من؟ مثلاً؟ إسرائيل و ليس كراية الخرساني التي هي راية القيادة و الدعم و لا تقاتل مباشرة، و لأن الإمام الصادق كان يخاطب ناساً من العرب و يعني أن راية اليماني عربية، و على العرب الانضواء تحت رايته لأنه أقرب للعدو من الراية الأم التي تبايع المهدي؟ و هي راية الخرساني؟
و من المنقول أنه عالم دين يدعو الى صراط مستقيم، و يدعو الى الحق، و حزبه أو حركته لا تترك السلاح و إشارة الحديث أن المؤمن لا يبيع سلاحه، إذا وجدت هذه الراية لأنها تقاتل على الحق و تمهد للإمام المهدي (عج) و لابد أنه شخصية كريزماتية كبيرة يجذب الناس إليه لأنه مجاهد و مخلص للإمام و يلقى عناية من أهل البيت.
و اعلم أن وجود هذا الشخص لهو من علامات الحتمية لظهور الإمام المهدي (عج)، لقد أصبح من الواضح من هو فهل عرفته أنت.....؟ ) انتهى كلامه
و أنا بدوري أخواني أسألكم هل عرفتموه؟ هل تمكنتم من حل هذا اللغز العويص؟ لماذا في هذه المرة فقط لم يشر فقيه صراحة للأسم؟! هل لأنه خالف مخالفة واضحة لشيوخه و أساتذته و حدد مواصفات شخص ليس من اليمن أصلاً؟ إنها صورة أخرى من صور الخلاف الذي أراه غير مهم حقيقة في هذا الباب.......
و إلى اللقاء بمشيئة الله في الحلقة القادمة.
شكراً لكم أخواني على تقيدكم بطلبي، و أنا لا أناقش في هذا الأمر عقائد القوم أو الخوض في الطائفية و لكن فقط أدلل على فكرتي من مصادرهم و بالتوثيق الكافي، فمن يجد في ذلك خروجاً مني عن النهج المطلوب فليخبرني مشكور، و لكم مني التحية= = = = = = = = = = = = = =
* المسيح الموعود و المهدي المنتظر – الشيخ يوسف محمد عمرو – دار المؤرخ العربي – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى 2004
__________________
ما زلنا و إياكم نعرض لشخصيات أخر الزمان الممهدين لحركة ظهور المهدي سواء المؤيدين أو المعارضين و بعد ذكر من ذكرنا نعرض لباقي الشخصيات و سوف لا نتطرق الى كل الشخصيات بالتفصيل و انما سنتوسع قليلاً في الحديث عن بعضها و نوجز في البعض الأخر بمشيئة الله سبحانه و تعالى، و أكرر أن التيار المروج لهذا الفكر يسقط تصريحاً أو تلميحاً هذه الشخوص على بعض المعاصرين استدلالاًً منهم أننا في عصر الظهور.
الكوراني في كتابه الذي نعزو هذا الجزء اليه – مع غيره من المصادر – يقول أنه قبل عصر الظهور ستظهر شخصية في بلاد الشام يطلقون عليها السفياني، هذه الشخصية موالية للغرب و اليهود و تكون مناهضة للمهدي حين عودته، و سوف تسقط كل بلاد الشام في يديه و منها سوريا و أترككم مع الكوراني "السفياني من الشخصيات البارزة في حركة ظهور المهدي عليه السلام . فهو العدو اللدود المباشر للإمام المهدي عليه السلام ، وإن كان بالحقيقة واجهة للقوى المعادية التي تقف وراءه كما ستعرف. وقد نصت الأحاديث الشريفة على أن خروجه من الوعد الإلهي المحتوم ......." و يفرد بعض الشئ في تعريفيه، و بعد ذكر كلام طائفي يخلص الى نسبه قائلاً ".... ولكن ورد في إحدى رسائل أمير المؤمنين عليه السلام الى معاوية النص على أنه من أبناء معاوية......" و رجح بين أن يكون اسمه عبد الله أو عثمان و أكد قائلاً "ولكن المشهور أن اسمه عثمان كما ذكرنا" و استطرد قائلاً "وتدل الأحاديث على أنه غربي الثقافة والتعليم ، وربما تكون نشأته هناك أيضاً أي مسيحياً بعد أن كان أصله مسلماً. وتعبير: (يقبل من بلاد الروم) يعني أنه يأتي من هناك إلى بلاد الشام ثم يقوم بحركته" و يكمل قائلاً" ويدل أيضاً على أن ولاءه السياسي للغربيين واليهود، أنه يقاتل المهدي عليه السلام الذي هو عدو الروم أي الغربيين، ويقاتل الترك أو إخوان الترك الذين يحتمل أن يكونوا الروس"
السفياني يبدو بمظهر المتدين كما يقول الكوراني "مما يعني أنه يظهر بمظهر المتدين ، ولكن ذلك يكون أول أمره فقط كما يذكر حديث آخر" و متى يكون خروجه "وهذا يعني أن خروجه يكون قبل ظهور المهدي عليه السلام بنحو ستة أشهر ، لأنه عليه السلام يظهر في مكة في ليلة العاشر أو يوم العاشر من محرم من تلك (السنة) . ويعني أيضاً أن سيطرة السفياني على منطقة بلاد الشام تتم قبل ظهور المهدي عليه السلام ، الأمر الذي يمكنه من إرسال جيشه إلى العراق ، ثم إلى الحجاز للقضاء بزعمه على أنصار المهدي وحركته" و قسم الكوراني مراحل ظهوره قائلاً "وعلى هذا ، تكون مراحل حركة السفياني ثلاثة:
مرحلة تثبيت سلطته في الستة أشهره الأولى .
ثم مرحلة غزوه ومعاركه في العراق والحجاز .
ثم مرحلة تراجعه عن التوسع في العراق والحجاز ، ودفاعه أمام زحف جيش المهدي عما يبقى في يده من بلاد الشام، وعن إسرائيل والقدس" و ماذا عن معاركه "ومما يلاحظ في أحاديث السفياني أنها تذكر معاركه بالإجمال في الستة أشهر الأولى ، وهي معارك داخلية مع الأصهب والأبقع أولاً ، ثم مع القوى الإسلامية وغير الإسلامية المعارضة له ، حتى تتم له السيطرة على بلاد الشام . ولكن الطبيعي بالنظر إلى نوع حركته أن تكون هذه الأشهر الستة مليئة بأعمال عسكرية مكثفة ، حتى يحكم سيطرته ويستطيع تجنيد قوات كبيرة لمهامه ومعاركه الواسعة في التسعة أشهر التالية". ثم يقول الكوراني كلام خطير جداً "وقد تكون أطراف معاركه في الستة أشهر الأولى مضافاً إلى الأبقع والأصهب حاكم الأردن ولبنان ، وغيرهما من القوى المعارضة"
و يصف أن المعارك مع الابقع و الاصهب اشد المعارك "وتشير رواية إلى عنف معاركه مع الأبقع والأصهب وأنها تسبب دمار الشام" و يستكمل قائلاً "أما في التسعة أشهر الأخيرة من حكم السفياني فيخوض حروباً كبيرة ، أهمها حربه مع الترك وأعوانهم في قرقيسيا ، ثم معاركه مع الإيرانيين في العراق ، ومعهم اليماني كما في بعض الأحاديث.
وقد تكون للسفياني أيضاً قوات في المدينة المنورة تحارب المهدي عليه السلام إلى جانب قوات سلطة الحجاز ، في المعركة التي يحتمل أن يخوضها الإمام المهدي عليه السلام لتحرير المدينة المنورة. وبعد هزيمة السفياني في العراق والحجاز ينكفئ إلى الشام حتى تكون له مع المهدي عليه السلام أكبر معاركه على الاطلاق: معركة فتح القدس الكبرى.
و يستكمل في عرض معارك السفياني قائلاً "وتنفرد بعض الروايات بذكر معركة باب إصطخر ، وتصفها بأنها ملحمة بين قوات السفياني وقوات المهدي عليه السلام.
وإصطخر مدينة قديمة في جنوب إيران في منطقة الأهواز ، كانت عامرة في صدر الإسلام ، وما زالت آثارها قرب مدينة(مسجد سليمان) النفطية.
بل يروى أن مدينة إصطخر بناها نبي الله سليمان عليه السلام ، وأنه كان يقضي فيها فصل الشتاء. ومسجد سليمان كانت مسجداً بناه هو عليه السلام.
وتحدد روايتان مكان(بيضاء إصطخر)محلاً لتجمع قوات الإيرانيين ، وهي تعني منطقة بيضاء في إصطخر ، ويبدو أنها منطقة الربوات القريبة من مسجد سليمان التي تسمى بالفارسية( كوه سفيد) أي الجبل الأبيض.
بل تذكر ثلاث روايات أن الإمام المهدي عليه السلام عندما يتوجه من المدينة المنورة إلى العراق ينزل أولاً في بيضاء إصطخر فيبايعه الإيرانيون ويخوضون بقيادته معركتهم مع جيش السفياني ويهزمونه .
وتذكر الرواية الأولى التأثير الكبير الذي يكون لهزيمة جيش السفياني في معركة الأهواز هذه ، في تفجير التيار الموالي للمهدي في شعوب المسلمين ، حيث يتحركون للالتحاق بالمهدي عليه السلام ومبايعته" وهل تظنون أن تتنازل ايران عن الاهواز ميدان معركة التمهيد للظهور؟؟؟؟
من هما الابقع و الأصهب؟ الكوراني يقول "ويبدو أن هذا الزعيم الأبقع أي المبقع الوجه يكون في العاصمة، لأن الرواية تذكر أن ثورة الأصهب تكون من خارج العاصمة أو المركز ، فيثور عليه الأصهب فلايستطيع أحدهما أن يحقق نصراً حاسماً على الآخر، فيستغل السفياني هذه الفرصة ويقوم بثورته من خارج العاصمة أيضاً فيكتسحهما معاً.
ومن المحتمل أن يكون الأصهب غير مسلم ، لأن بعض الأحاديث وصفته بالعلج ، وهو وصف للكفار عادة.
كما يبدو أن المرواني الذي ورد ذكره في مصادر الدرجة الأولى ، مثل غيبة النعماني ، هو الأبقع نفسه ، وليس زعيماً منافساً للسفياني.
أما الإتجاه السياسي للأبقع والأصهب فيظهر من أحاديث ذمها أنهما معاديان للإسلام ومواليان لأعدائه من القوى الكافرة.
وعلى هذا، يكون معنى اختلاف رمحين في بلاد الشام الوارد في الأحاديث هو اختلاف زعيمين يمثلان اتجاهين متنازعين."
نعود قليلا الى الوراء لنرى مقصود الكوراني من بلاد الشام "يطلق اسم الشام، وبلاد الشام ، والشامات في مصادر التاريخ والحديث الشريف على المنطقة التي تشمل سوريا الفعلية ولبنان ، ويسمى لبنان أيضاً بر الشام ، وجبل لبنان.
ويشمل اسم الشام أيضاً الأردن ، وربما يشمل فلسطين . وإن كان يعبر عن المنطقة كلها ببلاد الشام وفلسطين.
والشام في نفس الوقت اسم لدمشق عاصمة بلاد الشام."
نستكمل الحديث عن السفياني من مصادر أخرى مع بعض المفاجآت في الحلقة القادمة بمشيئة الله تعالى.
الكوراني في كتابه الذي نعزو هذا الجزء اليه – مع غيره من المصادر – يقول أنه قبل عصر الظهور ستظهر شخصية في بلاد الشام يطلقون عليها السفياني، هذه الشخصية موالية للغرب و اليهود و تكون مناهضة للمهدي حين عودته، و سوف تسقط كل بلاد الشام في يديه و منها سوريا و أترككم مع الكوراني "السفياني من الشخصيات البارزة في حركة ظهور المهدي عليه السلام . فهو العدو اللدود المباشر للإمام المهدي عليه السلام ، وإن كان بالحقيقة واجهة للقوى المعادية التي تقف وراءه كما ستعرف. وقد نصت الأحاديث الشريفة على أن خروجه من الوعد الإلهي المحتوم ......." و يفرد بعض الشئ في تعريفيه، و بعد ذكر كلام طائفي يخلص الى نسبه قائلاً ".... ولكن ورد في إحدى رسائل أمير المؤمنين عليه السلام الى معاوية النص على أنه من أبناء معاوية......" و رجح بين أن يكون اسمه عبد الله أو عثمان و أكد قائلاً "ولكن المشهور أن اسمه عثمان كما ذكرنا" و استطرد قائلاً "وتدل الأحاديث على أنه غربي الثقافة والتعليم ، وربما تكون نشأته هناك أيضاً أي مسيحياً بعد أن كان أصله مسلماً. وتعبير: (يقبل من بلاد الروم) يعني أنه يأتي من هناك إلى بلاد الشام ثم يقوم بحركته" و يكمل قائلاً" ويدل أيضاً على أن ولاءه السياسي للغربيين واليهود، أنه يقاتل المهدي عليه السلام الذي هو عدو الروم أي الغربيين، ويقاتل الترك أو إخوان الترك الذين يحتمل أن يكونوا الروس"
السفياني يبدو بمظهر المتدين كما يقول الكوراني "مما يعني أنه يظهر بمظهر المتدين ، ولكن ذلك يكون أول أمره فقط كما يذكر حديث آخر" و متى يكون خروجه "وهذا يعني أن خروجه يكون قبل ظهور المهدي عليه السلام بنحو ستة أشهر ، لأنه عليه السلام يظهر في مكة في ليلة العاشر أو يوم العاشر من محرم من تلك (السنة) . ويعني أيضاً أن سيطرة السفياني على منطقة بلاد الشام تتم قبل ظهور المهدي عليه السلام ، الأمر الذي يمكنه من إرسال جيشه إلى العراق ، ثم إلى الحجاز للقضاء بزعمه على أنصار المهدي وحركته" و قسم الكوراني مراحل ظهوره قائلاً "وعلى هذا ، تكون مراحل حركة السفياني ثلاثة:
مرحلة تثبيت سلطته في الستة أشهره الأولى .
ثم مرحلة غزوه ومعاركه في العراق والحجاز .
ثم مرحلة تراجعه عن التوسع في العراق والحجاز ، ودفاعه أمام زحف جيش المهدي عما يبقى في يده من بلاد الشام، وعن إسرائيل والقدس" و ماذا عن معاركه "ومما يلاحظ في أحاديث السفياني أنها تذكر معاركه بالإجمال في الستة أشهر الأولى ، وهي معارك داخلية مع الأصهب والأبقع أولاً ، ثم مع القوى الإسلامية وغير الإسلامية المعارضة له ، حتى تتم له السيطرة على بلاد الشام . ولكن الطبيعي بالنظر إلى نوع حركته أن تكون هذه الأشهر الستة مليئة بأعمال عسكرية مكثفة ، حتى يحكم سيطرته ويستطيع تجنيد قوات كبيرة لمهامه ومعاركه الواسعة في التسعة أشهر التالية". ثم يقول الكوراني كلام خطير جداً "وقد تكون أطراف معاركه في الستة أشهر الأولى مضافاً إلى الأبقع والأصهب حاكم الأردن ولبنان ، وغيرهما من القوى المعارضة"
و يصف أن المعارك مع الابقع و الاصهب اشد المعارك "وتشير رواية إلى عنف معاركه مع الأبقع والأصهب وأنها تسبب دمار الشام" و يستكمل قائلاً "أما في التسعة أشهر الأخيرة من حكم السفياني فيخوض حروباً كبيرة ، أهمها حربه مع الترك وأعوانهم في قرقيسيا ، ثم معاركه مع الإيرانيين في العراق ، ومعهم اليماني كما في بعض الأحاديث.
وقد تكون للسفياني أيضاً قوات في المدينة المنورة تحارب المهدي عليه السلام إلى جانب قوات سلطة الحجاز ، في المعركة التي يحتمل أن يخوضها الإمام المهدي عليه السلام لتحرير المدينة المنورة. وبعد هزيمة السفياني في العراق والحجاز ينكفئ إلى الشام حتى تكون له مع المهدي عليه السلام أكبر معاركه على الاطلاق: معركة فتح القدس الكبرى.
و يستكمل في عرض معارك السفياني قائلاً "وتنفرد بعض الروايات بذكر معركة باب إصطخر ، وتصفها بأنها ملحمة بين قوات السفياني وقوات المهدي عليه السلام.
وإصطخر مدينة قديمة في جنوب إيران في منطقة الأهواز ، كانت عامرة في صدر الإسلام ، وما زالت آثارها قرب مدينة(مسجد سليمان) النفطية.
بل يروى أن مدينة إصطخر بناها نبي الله سليمان عليه السلام ، وأنه كان يقضي فيها فصل الشتاء. ومسجد سليمان كانت مسجداً بناه هو عليه السلام.
وتحدد روايتان مكان(بيضاء إصطخر)محلاً لتجمع قوات الإيرانيين ، وهي تعني منطقة بيضاء في إصطخر ، ويبدو أنها منطقة الربوات القريبة من مسجد سليمان التي تسمى بالفارسية( كوه سفيد) أي الجبل الأبيض.
بل تذكر ثلاث روايات أن الإمام المهدي عليه السلام عندما يتوجه من المدينة المنورة إلى العراق ينزل أولاً في بيضاء إصطخر فيبايعه الإيرانيون ويخوضون بقيادته معركتهم مع جيش السفياني ويهزمونه .
وتذكر الرواية الأولى التأثير الكبير الذي يكون لهزيمة جيش السفياني في معركة الأهواز هذه ، في تفجير التيار الموالي للمهدي في شعوب المسلمين ، حيث يتحركون للالتحاق بالمهدي عليه السلام ومبايعته" وهل تظنون أن تتنازل ايران عن الاهواز ميدان معركة التمهيد للظهور؟؟؟؟
من هما الابقع و الأصهب؟ الكوراني يقول "ويبدو أن هذا الزعيم الأبقع أي المبقع الوجه يكون في العاصمة، لأن الرواية تذكر أن ثورة الأصهب تكون من خارج العاصمة أو المركز ، فيثور عليه الأصهب فلايستطيع أحدهما أن يحقق نصراً حاسماً على الآخر، فيستغل السفياني هذه الفرصة ويقوم بثورته من خارج العاصمة أيضاً فيكتسحهما معاً.
ومن المحتمل أن يكون الأصهب غير مسلم ، لأن بعض الأحاديث وصفته بالعلج ، وهو وصف للكفار عادة.
كما يبدو أن المرواني الذي ورد ذكره في مصادر الدرجة الأولى ، مثل غيبة النعماني ، هو الأبقع نفسه ، وليس زعيماً منافساً للسفياني.
أما الإتجاه السياسي للأبقع والأصهب فيظهر من أحاديث ذمها أنهما معاديان للإسلام ومواليان لأعدائه من القوى الكافرة.
وعلى هذا، يكون معنى اختلاف رمحين في بلاد الشام الوارد في الأحاديث هو اختلاف زعيمين يمثلان اتجاهين متنازعين."
نعود قليلا الى الوراء لنرى مقصود الكوراني من بلاد الشام "يطلق اسم الشام، وبلاد الشام ، والشامات في مصادر التاريخ والحديث الشريف على المنطقة التي تشمل سوريا الفعلية ولبنان ، ويسمى لبنان أيضاً بر الشام ، وجبل لبنان.
ويشمل اسم الشام أيضاً الأردن ، وربما يشمل فلسطين . وإن كان يعبر عن المنطقة كلها ببلاد الشام وفلسطين.
والشام في نفس الوقت اسم لدمشق عاصمة بلاد الشام."
نستكمل الحديث عن السفياني من مصادر أخرى مع بعض المفاجآت في الحلقة القادمة بمشيئة الله تعالى.
__________________
لم يذكر الكوراني وحده السفياني و انما ذكره غيره ممن عرضنا مصادرهم و ممن سنعرض مراجعهم لاحقاً، فهذا السيد مهدي العوادي يسير على نفس المنوال الذي سار عليه الكوراني فيقول (فترة السفياني فيها احداث مهمة في المنطقة و أهم هذه المناطق سخونة العراق، حيث أن للعراق فترة عصيبة جداً تسبق ظهور الامام المهدي (ع) فيشمل أهله خوف ذريع لا يقر لهم معه قرار و لا شك أن ذلك ناشئ من تسلط نظام ارهابي يفوق حد التصور، بالاضافة الى القحط الذي سيصاب به من قبل العجم أي الدول غير العربية بصيغة الدفاع عن الشعوب و الحصار الاقتصادي و احتلال عسكري و محاصرة عسكرية تؤدي الى حدوثه (1))
طبعاً نفس النبوءات تسير في نفس الاطار، احداث مستخرجة من الروايات الحديثية يتم اسقاطها على الواقع، و كما ترون فان هذا المبحث منصب على بيان ذلك، على أية حال نستكمل قول العوادي هذا.... حيث قال في موضع آخر (و في هذا الوقت تتسابق الأحداث مع الزمن و تحدث تطورات في منطقة الشرق الأوسط حيث كونها موقع القوة بعد الحرب من منطلقين، الأول: قلة ما يحدث بها من أضرار خلال الحرب المدمرة و هذا يجعل له دور سياسي مهم في المنطقة، الثاني: ما يحظى به السفياني من دعم من بقايا الأنظمة الغربية لانشغال العرب بعضهم في بعض و بالأحرى المسلمون و ذلك بعد اتفاق السفياني مع النصارى و اليهود و أخذ على عاتقه قمع أي تحرك للشعوب في منطقة الشرق الأوسط لصالح الغرب و لصالحه الشخصي (2))
يبرر العوادي لأسباب اكتساح السفياني للمنطقة و مبرراته ربما تكون واقعة في الوقت الراهن، فالنزاعات بين العرب و خصوصاً المسلمين حادثة بالفعل و ان كانت لم تصل بعد للدرجة التي يذكرها المؤلف و لكن ربما يكون هناك تخطيط ما لدق الأسافين بين العرب و احداث الشقة بينهم و هذا أمر وارد و ربما يتم الاعداد له في الوقت الراهن.
من جهة أخرى وفر علينا يوسف محمد عمرو كثيراً في اثبات العلاقة بين أحداث النهاية في الصهيونية المسيحية و بينها في الفكرة المهدوية مع الاختلاف الطفيف في دور الاشخاص أو الدول المذكورة.
يقول يوسف محمد عمرو متحدثاً عن السفياني (ثم يتوجه بجيشه الى قرقيسيا لمحاربة الترك و آخوان الترك و هم الأتراك و الروس و حلفائهم من الشعوب الأخرى على شاطئ الفرات من الجهة السورية و هي معركة – هرمجدون – و التي تكلمنا عنها في الفصل الأول فينتصر عليهم بعد أن يحصدهم حصد الزرع و يستولى على منابع النفط و الغاز و الكنوز العظيمة التي ينحسر الفرات في تلك المنطقة غير أن تحرك حاكم بغداد نحو هذه الكنوز و تحرك جيوش الهدي بقيادة السيد الخرساني من شرق ايران الى جنوبها متوجهاً نحو العراق و تحرك جيوش الهدي من اليمين بقيادة السيد اليماني نحو الحجاز يثير ثائرة السفياني و حلفائه من الغربيين و اليهود فيترك كنوز قرقيسيا و يتوجه بجيوشه نحو بغداد و يفتك بحكامها و قادتها و مواطنيها و هم من بني العباس أو من الممهدين لدولتهم و مواطنيها و يذبحهم و يلقي بجثتهم في ماء دجلة حتى تصتبغ المياه بالدماء و تنتن مياه دجلة من تلك الجثث المتعفنة لمدة اسابيع (3))
طبعاً لقد كانت مفاجأة بالنسبة لي أن يثبت المؤلف معركة هرمجدون مع اختلافات بسيطة و أورد كذلك الروس و الترك و الذين ترى الصهيونية المسيحية أنهم سيقاتلون اليهود و ذكر الكوراني و غيره أن السفياني رجل اليهود في المنطقة و أنه سيحارب الروس و الترك، فأي توافق هذا بين الفكرين؟؟؟؟ أعتقد لا يحتاج الأمر الى كثير من التفكير.
ثم ما لفت انتباهي كذلك الاكثار من الامور التي يتم تداولها في الاعلام المعاصر مثل منابع النفط و الغاز و و التحالفات و الحكام و غير ذلك و هذا الأمر يبين الى أي مدى يربط هؤلاء بين هذه الامور و بين مدى ملائمتها للواقع الذي نعيشه.
و استكمالاً لعرض أشخاص أحداث الظهور التي يسقطها مروجوها على الواقع المعايش فقد ذكر الكوراني ورود ذكر الحسني في عدة أحاديث تشير إلى أنه يقوم بحركة ثم يقتل ، ولكنها لاتنص على أنه في العراق ، فبعضها يذكر حسني المدينة ، وحسني مكة ، وحسني العراق ، والحسيني الخراساني الذي تسميه روايات مصادر السنة (الحسني) والذي يدخل العراق بجيشه في سنة الظهور ، فيحتمل أن يكون تحركه هو المقصود في روايات تحرك الحسني في العراق ويحتمل أن يكون حسني قبله
بخصوص الشيصباني قال (منها، وصفه بالشيصباني نسبة إلى الشيصبان وهو وصف يعبر به الأئمة عليهم السلام عن الطواغيت والأشرار ، لأنه بالأصل اسم للشيطان ، كما في شرح القاموس" و قال أيضاً فيه " ومنها، أنه يخرج قبل السفياني ، ويظهر أنه لايكون بينه وبينه مدة طويلة ، أو يكون السفياني بعده مباشرة ، بدليل قوله عليه السلام : (فتوقعوا بعد ذلك السفياني" و قال أيضا "ومنها ، أنه يخرج في العراق الذي هو أرض كوفان ، ويحتمل أن يكون في مدينة الكوفة . ويكون خروجه أي ثورته أو حكمه فجأة بنحو غير متوقع (ينبع كما ينبع الماء) وأنه يكون طاغية سفاكاً يقتل المؤمنين) و من المرات القلائل التي يصرح فيها الكوراني بأسماء يقول (ويحتمل أن ينطبق على صدام كما يرى بعضهم لأنه مستجمع للصفات المذكورة . فإن ظهر بعده السفياني في الشام يكون هو شيصباني العراق الموعود). فهل قتل الرئيس العراقي صدام حسين ينبئ بقرب خروج السفياني و بداية الملاحم؟؟؟
و هناك عوف السلمي (ويبدو أن عوفاً السلمي هذا يخرج على الحكومة السورية وليس العراقية ، وأنه إن صحت روايته يكون قبل السفياني بمدة غير طويلة) و قال أيضاً (وتشير الرواية إلى أنه بعد ذلك يقتل في مسجد دمشق أي يغتال فيه ، أو يقبض عليه ويقتل عنده . وعلى هذا يكون خروجه من أحداث بلاد الشام ، وله صلة بأحداث العراق)
طبعاً نفس النبوءات تسير في نفس الاطار، احداث مستخرجة من الروايات الحديثية يتم اسقاطها على الواقع، و كما ترون فان هذا المبحث منصب على بيان ذلك، على أية حال نستكمل قول العوادي هذا.... حيث قال في موضع آخر (و في هذا الوقت تتسابق الأحداث مع الزمن و تحدث تطورات في منطقة الشرق الأوسط حيث كونها موقع القوة بعد الحرب من منطلقين، الأول: قلة ما يحدث بها من أضرار خلال الحرب المدمرة و هذا يجعل له دور سياسي مهم في المنطقة، الثاني: ما يحظى به السفياني من دعم من بقايا الأنظمة الغربية لانشغال العرب بعضهم في بعض و بالأحرى المسلمون و ذلك بعد اتفاق السفياني مع النصارى و اليهود و أخذ على عاتقه قمع أي تحرك للشعوب في منطقة الشرق الأوسط لصالح الغرب و لصالحه الشخصي (2))
يبرر العوادي لأسباب اكتساح السفياني للمنطقة و مبرراته ربما تكون واقعة في الوقت الراهن، فالنزاعات بين العرب و خصوصاً المسلمين حادثة بالفعل و ان كانت لم تصل بعد للدرجة التي يذكرها المؤلف و لكن ربما يكون هناك تخطيط ما لدق الأسافين بين العرب و احداث الشقة بينهم و هذا أمر وارد و ربما يتم الاعداد له في الوقت الراهن.
من جهة أخرى وفر علينا يوسف محمد عمرو كثيراً في اثبات العلاقة بين أحداث النهاية في الصهيونية المسيحية و بينها في الفكرة المهدوية مع الاختلاف الطفيف في دور الاشخاص أو الدول المذكورة.
يقول يوسف محمد عمرو متحدثاً عن السفياني (ثم يتوجه بجيشه الى قرقيسيا لمحاربة الترك و آخوان الترك و هم الأتراك و الروس و حلفائهم من الشعوب الأخرى على شاطئ الفرات من الجهة السورية و هي معركة – هرمجدون – و التي تكلمنا عنها في الفصل الأول فينتصر عليهم بعد أن يحصدهم حصد الزرع و يستولى على منابع النفط و الغاز و الكنوز العظيمة التي ينحسر الفرات في تلك المنطقة غير أن تحرك حاكم بغداد نحو هذه الكنوز و تحرك جيوش الهدي بقيادة السيد الخرساني من شرق ايران الى جنوبها متوجهاً نحو العراق و تحرك جيوش الهدي من اليمين بقيادة السيد اليماني نحو الحجاز يثير ثائرة السفياني و حلفائه من الغربيين و اليهود فيترك كنوز قرقيسيا و يتوجه بجيوشه نحو بغداد و يفتك بحكامها و قادتها و مواطنيها و هم من بني العباس أو من الممهدين لدولتهم و مواطنيها و يذبحهم و يلقي بجثتهم في ماء دجلة حتى تصتبغ المياه بالدماء و تنتن مياه دجلة من تلك الجثث المتعفنة لمدة اسابيع (3))
طبعاً لقد كانت مفاجأة بالنسبة لي أن يثبت المؤلف معركة هرمجدون مع اختلافات بسيطة و أورد كذلك الروس و الترك و الذين ترى الصهيونية المسيحية أنهم سيقاتلون اليهود و ذكر الكوراني و غيره أن السفياني رجل اليهود في المنطقة و أنه سيحارب الروس و الترك، فأي توافق هذا بين الفكرين؟؟؟؟ أعتقد لا يحتاج الأمر الى كثير من التفكير.
ثم ما لفت انتباهي كذلك الاكثار من الامور التي يتم تداولها في الاعلام المعاصر مثل منابع النفط و الغاز و و التحالفات و الحكام و غير ذلك و هذا الأمر يبين الى أي مدى يربط هؤلاء بين هذه الامور و بين مدى ملائمتها للواقع الذي نعيشه.
و استكمالاً لعرض أشخاص أحداث الظهور التي يسقطها مروجوها على الواقع المعايش فقد ذكر الكوراني ورود ذكر الحسني في عدة أحاديث تشير إلى أنه يقوم بحركة ثم يقتل ، ولكنها لاتنص على أنه في العراق ، فبعضها يذكر حسني المدينة ، وحسني مكة ، وحسني العراق ، والحسيني الخراساني الذي تسميه روايات مصادر السنة (الحسني) والذي يدخل العراق بجيشه في سنة الظهور ، فيحتمل أن يكون تحركه هو المقصود في روايات تحرك الحسني في العراق ويحتمل أن يكون حسني قبله
بخصوص الشيصباني قال (منها، وصفه بالشيصباني نسبة إلى الشيصبان وهو وصف يعبر به الأئمة عليهم السلام عن الطواغيت والأشرار ، لأنه بالأصل اسم للشيطان ، كما في شرح القاموس" و قال أيضاً فيه " ومنها، أنه يخرج قبل السفياني ، ويظهر أنه لايكون بينه وبينه مدة طويلة ، أو يكون السفياني بعده مباشرة ، بدليل قوله عليه السلام : (فتوقعوا بعد ذلك السفياني" و قال أيضا "ومنها ، أنه يخرج في العراق الذي هو أرض كوفان ، ويحتمل أن يكون في مدينة الكوفة . ويكون خروجه أي ثورته أو حكمه فجأة بنحو غير متوقع (ينبع كما ينبع الماء) وأنه يكون طاغية سفاكاً يقتل المؤمنين) و من المرات القلائل التي يصرح فيها الكوراني بأسماء يقول (ويحتمل أن ينطبق على صدام كما يرى بعضهم لأنه مستجمع للصفات المذكورة . فإن ظهر بعده السفياني في الشام يكون هو شيصباني العراق الموعود). فهل قتل الرئيس العراقي صدام حسين ينبئ بقرب خروج السفياني و بداية الملاحم؟؟؟
و هناك عوف السلمي (ويبدو أن عوفاً السلمي هذا يخرج على الحكومة السورية وليس العراقية ، وأنه إن صحت روايته يكون قبل السفياني بمدة غير طويلة) و قال أيضاً (وتشير الرواية إلى أنه بعد ذلك يقتل في مسجد دمشق أي يغتال فيه ، أو يقبض عليه ويقتل عنده . وعلى هذا يكون خروجه من أحداث بلاد الشام ، وله صلة بأحداث العراق)
تعتبر ايران مصدر الهام المروجين لفكرة المهدي المنتظر عودته، بل و تتفق الرؤية في أن قيام مثل هذه الدولة هو نذير بقرب ظهوره، و انني لأتساءل، لماذا لم نقرأ للعلماء السابقين لقيام ايران بوجهها المعاصر منذ الثورة الاسلامية في 1979 لماذا لم نقرأ لهم تنبوء بظهورها؟؟؟ لماذا لم يأتي الحديث عن هذا الأمر الا بعد قيام الجمهورية الاسلامية في ايران كواحدة من أكثر الادلة على الظهور المنتظر؟؟؟
أمر أخر يلفت انتباهي و هو هذا التقارب الشديد في الطرح بين الفكرة المهدوية و الفكرة الصهيونية المسيحية و المتعلقة بأحداث أخر الزمان، و لماذا في هذا الوقت بالذات تزداد الاقوال و التكهنات بقرب هذه المعركة الفاصلة التي يرون أنها مدمرة؟؟
و الأمر الثالث الذي يثير التساؤلات حوله هو هذا الكم من – الحبكة – التي يروج لها في الاعلام عن صراع قوي بين ايران من جهة و أمريكا و اسرائيل من جهة و المحاولة المستميتة لترسيخ هذا المفهوم و تركيز الاعلام عليه؟؟؟
نعود لموضوع الحرب الفاصلة في بعدها الديني و شقه المتعلق بايران........
حاول الكوراني كثيراً أن يمهد للدور الايراني و أراه وقع في خطأ كبير حيث ربط بين الفرس و العجم و ايران و كان كل ماعرضه من المصادر التي يرى انها استدلالا على مناقب ايران يتعلق بالفرس أو العجم، و لا أناقش هنا بعصبية أو قبلية أو قومية و انما أسمي الاشياء بمسمياتها التي وردت على لسان قائليها..........
في الكتاب الخاص بالكوراني و الذي سبق الاشارة اليه يفرد فصلاً كبيراً في مدح ايران افتتحه بالمصادر – السنية – على حد قوله و التي مدحت الفرس و أتي ببعض المرويات و التي لن أناقش صحتها و هي كما قلت آنفاً في مدح الفرس كما يرى....... و للعلم فغالبية الاحاديث تخص العجم أسقطها الكوراني كلها على الفرس ليثبت فضل ايران فالمعلوم أن العجم ليسوا كلهم فرساً و ليس الفرس كلهم ايرانيون.
يقول الكوراني "من الأمور الملفتة كثرة الأحاديث النبوية في مدح الفرس في مصادر السنيين ، وقلتها في مصادر الشيعة ! حتى أن الباحث يستطيع أن يؤلف من صحاح السنة ومسانيدهم كتاباً في مناقب الإيرانيين وتفضيلهم على العرب!" أنصحكم بقراءة الكتاب كاملا لتعدوا عدد الاحاديث التي تناولت مناقب الايرانيين و لولا خشية الاطالة لعرضتها عليكم و لكن أختصر القول، الحديث الاول لم يرد فيه ذكر الفرس و لا الايرانيين و انما فيه – كما يرى الكوراني – مدحاً للعجم، الثاني و فيه "فارس عصبتنا أهل البيت"، الثالث يدور حول الموالي و الاعاجم و هذه الثلاث الاولى من مصدر واحد، ثم حديث عن سلمان الفارسي رضي الله عنه في صحيح مسلم و لا أعلم ما العلاقة بينه و بين ايران؟؟؟ ثم حديث في مسند الامام أحمد عن العجم، ثم حديث من مصدر أخر عن العجم........ ثم أردف قائلاً "والذي يتصل بموضوعنا هو دورهم في عصر الظهور وحركة الإمام المهدي عليه السلام . وقد وردت الأحاديث حولهم بتسعة عناوين: قوم سلمان . أهل المشرق . أهل خراسان . أصحاب الرايات السود . الفرس . أهل قم وأهل الطالقان والمقصود فيها غالباً واحد" و لم يأتي بأي حديث منها!
يقول الكوراني "أما دولة الممهدين الإيرانيين فتقسم إلى مرحلتين متميزتين :
المرحلة الأولى ، بداية حركتهم على يد رجل من قم ، ولعل حركته بداية أمر المهدي عليه السلام حيث ورد أنه ( يكون مبدؤه من قبل المشرق)
والمرحلة الثانية ، ظهور الشخصيتين الموعودتين فيهم: الخراساني وقائد قواته الذي تسميه الأحاديث شعيب بن صالح"
طبعاً يقصد الخميني في المرحلة الاولى، و ما أثبته البعض من أن الخرساني هو الخامنئي و شعيب بن صالح هو نجاد في المرحلة الثانية، و اتبع ذلك قائلاً ان بعض المصادر ترى أن ظهور هذين الشخصين تكون ثبل ظهور المهدي بست سنوات؟
ثم تابع أن بداية أمر المهدي يكون من ايران ثم يكون ظهوره في مكة، ثم ذكر بعد ذلك أحاديث قم و الرجل الذي يخرج من قم "يعني الخميني" و فضائل قم و غير ذلك من الاحاديث التي تدلل على أن خروج رجل من قم و قيام الجمهورية الاسلامية في ايران من أدلة الظهور و من ثم سيبدأ عصر جديد و هو العصر الايراني.........................
أمر أخر يلفت انتباهي و هو هذا التقارب الشديد في الطرح بين الفكرة المهدوية و الفكرة الصهيونية المسيحية و المتعلقة بأحداث أخر الزمان، و لماذا في هذا الوقت بالذات تزداد الاقوال و التكهنات بقرب هذه المعركة الفاصلة التي يرون أنها مدمرة؟؟
و الأمر الثالث الذي يثير التساؤلات حوله هو هذا الكم من – الحبكة – التي يروج لها في الاعلام عن صراع قوي بين ايران من جهة و أمريكا و اسرائيل من جهة و المحاولة المستميتة لترسيخ هذا المفهوم و تركيز الاعلام عليه؟؟؟
نعود لموضوع الحرب الفاصلة في بعدها الديني و شقه المتعلق بايران........
حاول الكوراني كثيراً أن يمهد للدور الايراني و أراه وقع في خطأ كبير حيث ربط بين الفرس و العجم و ايران و كان كل ماعرضه من المصادر التي يرى انها استدلالا على مناقب ايران يتعلق بالفرس أو العجم، و لا أناقش هنا بعصبية أو قبلية أو قومية و انما أسمي الاشياء بمسمياتها التي وردت على لسان قائليها..........
في الكتاب الخاص بالكوراني و الذي سبق الاشارة اليه يفرد فصلاً كبيراً في مدح ايران افتتحه بالمصادر – السنية – على حد قوله و التي مدحت الفرس و أتي ببعض المرويات و التي لن أناقش صحتها و هي كما قلت آنفاً في مدح الفرس كما يرى....... و للعلم فغالبية الاحاديث تخص العجم أسقطها الكوراني كلها على الفرس ليثبت فضل ايران فالمعلوم أن العجم ليسوا كلهم فرساً و ليس الفرس كلهم ايرانيون.
يقول الكوراني "من الأمور الملفتة كثرة الأحاديث النبوية في مدح الفرس في مصادر السنيين ، وقلتها في مصادر الشيعة ! حتى أن الباحث يستطيع أن يؤلف من صحاح السنة ومسانيدهم كتاباً في مناقب الإيرانيين وتفضيلهم على العرب!" أنصحكم بقراءة الكتاب كاملا لتعدوا عدد الاحاديث التي تناولت مناقب الايرانيين و لولا خشية الاطالة لعرضتها عليكم و لكن أختصر القول، الحديث الاول لم يرد فيه ذكر الفرس و لا الايرانيين و انما فيه – كما يرى الكوراني – مدحاً للعجم، الثاني و فيه "فارس عصبتنا أهل البيت"، الثالث يدور حول الموالي و الاعاجم و هذه الثلاث الاولى من مصدر واحد، ثم حديث عن سلمان الفارسي رضي الله عنه في صحيح مسلم و لا أعلم ما العلاقة بينه و بين ايران؟؟؟ ثم حديث في مسند الامام أحمد عن العجم، ثم حديث من مصدر أخر عن العجم........ ثم أردف قائلاً "والذي يتصل بموضوعنا هو دورهم في عصر الظهور وحركة الإمام المهدي عليه السلام . وقد وردت الأحاديث حولهم بتسعة عناوين: قوم سلمان . أهل المشرق . أهل خراسان . أصحاب الرايات السود . الفرس . أهل قم وأهل الطالقان والمقصود فيها غالباً واحد" و لم يأتي بأي حديث منها!
يقول الكوراني "أما دولة الممهدين الإيرانيين فتقسم إلى مرحلتين متميزتين :
المرحلة الأولى ، بداية حركتهم على يد رجل من قم ، ولعل حركته بداية أمر المهدي عليه السلام حيث ورد أنه ( يكون مبدؤه من قبل المشرق)
والمرحلة الثانية ، ظهور الشخصيتين الموعودتين فيهم: الخراساني وقائد قواته الذي تسميه الأحاديث شعيب بن صالح"
طبعاً يقصد الخميني في المرحلة الاولى، و ما أثبته البعض من أن الخرساني هو الخامنئي و شعيب بن صالح هو نجاد في المرحلة الثانية، و اتبع ذلك قائلاً ان بعض المصادر ترى أن ظهور هذين الشخصين تكون ثبل ظهور المهدي بست سنوات؟
ثم تابع أن بداية أمر المهدي يكون من ايران ثم يكون ظهوره في مكة، ثم ذكر بعد ذلك أحاديث قم و الرجل الذي يخرج من قم "يعني الخميني" و فضائل قم و غير ذلك من الاحاديث التي تدلل على أن خروج رجل من قم و قيام الجمهورية الاسلامية في ايران من أدلة الظهور و من ثم سيبدأ عصر جديد و هو العصر الايراني.........................
__________________
-- - - - - - - -
1- المهدي و آخر الزمان – الطبعة الأولى – تأليف العلامة السيد مهدي العوادي – دار الجنوب للطباعة – صيدا – حي السيدة نفيسة – جمادى الثانية 1419 هـ ص 111
2- المرجع السابق ص 117
3- المسيح الموعود و المهدي المنتظر ص 164-165
__________________
ما زلنا و اياكم نربط بين التيارين الذين يبشران البشرية بحرب مدمرة تكون في أخر الزمان، حيث ستكون لصاحب الغلبة فيها الحكم و السيطرة على العالم حتى نهايته الابدية و لكل منهما الشخصيات التي تلمع في هذه الايام و لكل منهما الدول التي تعتبر بشارة بقرب النهاية و لكل منهما الشخص المخلص الموعود الذي ينتظر العالم و الويل لمن يخالف أمره.
نثبت في هذه الاسطر القليلة القادمة طبيعة هذه الايام بعد ان عرجنا على أشخاصها و دولها، فننقل لكم بعضاً مما ورد في مرجعيات الطرف الموالي لايران، يقول السيد مهدي العوادي في كتابه المهدي و آخر الزمان* "أرى أني أعيش في الحقبة الزمنية المواكبة للظهور في وقتنا هذا (1) حسب الاطلاع الواسع و مجريات الاحداث و تواتر أقوال آل البيت و تحديد أمور كثيرة ليصل اليها المسلمون و لله الحمد" (2) يذكرني هذا الكلام كثيراً بالكلام الي قاله فالويل و عرضناه عليكم في نهاية الجزء المتعلق بالفكر الصهيوني المسيحي حيث قال " و أنا أصدق نفسي بأننا جزء من جيل النهاية الجيل الأخير الذي لن يغادر قبل أن يأتي المسيح " (3) اذا يجمع الطرفان أن النهاية قريبة و لعل أهم الادلة على قربها عندهم هو قيام دولة اسرائيل و قيام الجمهورية الاسلامية في ايران.
و من ضمن المبررات الأخرى التي يسوقها السيد العوادي بقرب هذه الحرب (أو الحروب النهائية الفاصلة) ما ذكره في ذات المرجع السابق الاشارة اليه (4) و جاء ذلك في معرض حديثه عن السفياني حيث قال "و تبدأ قصة السفياني على أثر حرب عالمية ثالثة مدمرة وردت الاشارة اليها في الاحاديث الشريفة حيث تقول أن نارا تخرج من المشرق فتصيب المغرب و نار تخرج من المغرب فتصيب المشرق و ما أقرب أن تكون هذه العبارات التكنولوجيا الحديثة و الصواريخ النووية العابرة للقارات و أيضاً اختلاف صنفين من العجم و سفك دماء فيما بينهم" و قد أشرنا الى مثل هذه الاقوال الواردة من اباطرة الصهيونية المسيحية لهذا فلن نعيد ما سبق و قلناه.
و عن كيفية و نتائج هذه الحرب نبقى مع الاقتباسات التالية، يقول العوادي في نفس المصدر المنسوب اليه "عن الامام الصادق لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس فقلنا اذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟! فقال أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي ....." (5) طبعاً يدلل أن الحرب تكون مدمرة هذا من جهة و من جهة أخرى يجزم بالطرف المنتصر المكتسح و طبعاً تعرفون هذا الطرف، ثم قال مؤكداً "انه دمار شامل يبيد أكثر الناس و لا يكون ذلك الا بقدرة الله الخارقة أو الحرب العالمية الثالثة التي تكون من أهم و أحدث الحروب التكنولوجية حيث ممكن أن يباد القسم الأكبر من العالم خلال ساعات" (6).
و يواصل السيد العوادي بتأكيد النتيجة الحتمية لهذه الحرب فيقول "انها بداية تاريخ جديد حافل بالنتائج النيرة كاسح لتاريخ طويل من المعاناة و الصراع بين الحق و الباطل و نهاية غيبة طويلة دامت من أكثر من ألف سنة طال فيها انتظار المؤمنين و دمعت عيونهم شوقاً اليه و الى ما يحمل من خير و عدل و صلاح و ليخلصهم من التيه و الضياع الذي أثقل عليهم دون أن يتمتعوا بمزايا وجود الامام بشكل مباشر" (7)
و يؤكد نفس الفكرة السيد علي محمد دخيل في كتابه (الامام المهدي عليه السلام) و الذي سبق و عرضنا بعض ما ورد فيه فيقول في هذا الخصوص "كما أن المتواتر عن أئمة أهل البيت – أن دولته تشمل العالم بأسره و أن عدله يملاء الأرض كما جاء عنهم في تفسير بعض الايات الشريفة ...... و ذكر بعض هذه الايات و الاحاديث و قام بتأويلها" ثم تابع "و كأن هذه الأحاديث تشير الى حكومات هذا العصر فنرى كل جماعة من الناس تأتي و تستلم الحكم و يسأم الناس من ظلمها و جورها ثم تعقبها الأخرى و هكذا و ان شاء الله تقرب دولتهم و يعجل الله فرجهم" (8).
لقد هالني هذا الاقتباس الأخير و أكد لي شوق هؤلاء القوم لدولتهم الموعودة و اعتقادهم بفساد كل هذه الحكومات و سألت نفسي أي حكومات يقصد هل هي حكومات الغرب أم الشرق؟ هل هي حكومات العرب أو غير العرب؟ هل هي حكومات المسلمين و من مذهب هؤلاء المسلمين؟ و خلصت بالقول الى أن الحكومات المعنية هي حكومات المسلمين من المذهب المخالف للمذهب الذي تتبناه ايران و هذا واضحاً جلياً في دساتيرهم و في أقوالهم و أفعالهم و لا نقول هذا اعتباطاً و انما ندلل عليه كدأبنا الدائم بعدم اطلاق الكلام بلا دليل و أقتبس هنا كلام الخميني في كتاب الحكومة الاسلامية ليشرح لنا الأمر شرحا و يفصله تفصيلا "و قد ندبنا الله في كتابه الكريم الى الوقوف صفاً كالبنيان المرصوص في وجه سلاطين الجور و أمر موسى بمعارضة فرعون و مقاومته و وردت في ذلك أحاديث كثيرة. و أئمتنا و شيعتهم كانوا على مدى الاحقاب يقاومون سلطات الجور في كل مكان و لا يهادنونها و بسبب من ذلك فقد نالهم من الخسف و الأذى الشئ الكثير، يظهر لنا ذلك من خلال حياتهم التي يحدثنا عنها التاريخ. و بالرغم من أن الأئمة كانوا مراقبون و لا يتركون لسبيلهم و كانوا من أجل ذلك يتخذون الحيطة و التقية لحفظ الدين لا لحفظ أنفسهم – بالرغم من ذلك كله فلم تخل كلماتهم من الحث على المقاومة و المنع من المهادنة و كان حكام الجور يخشون أئمة الهدى لما علموا منهم من أنهم اذا دانتهم الفرصة فانهم ينهضون لأخذ زمام الأمور و يجعلون العيش المترف على الحاكمين حرام" (9)
فهل دانت هذه الفرصة الأن أو أقتربت من الدنو؟؟؟ و هل سيتحول العيش المترف على حكام الجور حرام؟؟؟ و هل سيتحقق هذا الموعود الذي رحل عنه الخميني ليراه من خَلفه؟؟؟ كلام في غاية الخطورة يحتاج الى وقفة أو وقفات ربما لو اتسع لنا المجال نناقشه و لكن ليس في هذا العرض.
بهذا و بعد أن قلنا بعضاً مما كنا نريد قوله و أثبتنا قليلاً مما نريد اثباته بقي لنا أن نقول أن مثل هذه الأحداث حقيقة مسلم بها في أذهان طبقات من المروجين لها و لا أقول كل المنتمين لهذا المذهب أو ذاك و ان كان الدين الحق يبشر بمآل الأمور الى العدل و الخير للبشرية يأتي هؤلاء ليرسموا لها مشهداً بشعاً لا حكمة من ورائه غير الترويج لفكرتهم المحدودة المنبوذة من قطاع كبير من أهل الارض و أنها الفكرة الحق و الصواب و التي قامت السماوات و الأرض من أجلها و أنا أسأل سؤال ألا تستحق هذه الأمال الوردية عند أصحابها أن تقوم من أجلها الحروب و تسفك في سبيلها الدماء؟؟؟ لاسيما اذا رأت الفئة المروجة لها في نفسها القوة التي تخولها القيام بها؟؟!!!
و هل التضحية بالدماء البريئة لا يعدله قيام دولة فيما بعد تحكم العالم بأسره؟؟ أسئلة كثيرة محيرة لو ربطناها بأحداث الأرض في قرونها الأخيرة لتبين لنا امكانية اندلاع مثل هذه الحرب و كل شئ أراه مهيئ في انتظار التنفيذ.
نلقاكم بمشيئة الله في حلقة جديدة لننتقل الى مرحلة جديدة من رحلتنا مع الحرب الفاصلة.....
-/-/-/-//-/-/-/-/-/-/-
* سبق ذكر هذا المصدر
1- منذ عشر سنوات
2- ص 103
3- سبق ذكره
4- ص 108
5- ص 108
6- ص 109
7- ص 151
8- ص 231 – 234
9- الحكومة الاسلامية – اية الله الخميني – الباني كاليفورنيا: جمعية الطلبة المسلمين الفرس ص 146
نثبت في هذه الاسطر القليلة القادمة طبيعة هذه الايام بعد ان عرجنا على أشخاصها و دولها، فننقل لكم بعضاً مما ورد في مرجعيات الطرف الموالي لايران، يقول السيد مهدي العوادي في كتابه المهدي و آخر الزمان* "أرى أني أعيش في الحقبة الزمنية المواكبة للظهور في وقتنا هذا (1) حسب الاطلاع الواسع و مجريات الاحداث و تواتر أقوال آل البيت و تحديد أمور كثيرة ليصل اليها المسلمون و لله الحمد" (2) يذكرني هذا الكلام كثيراً بالكلام الي قاله فالويل و عرضناه عليكم في نهاية الجزء المتعلق بالفكر الصهيوني المسيحي حيث قال " و أنا أصدق نفسي بأننا جزء من جيل النهاية الجيل الأخير الذي لن يغادر قبل أن يأتي المسيح " (3) اذا يجمع الطرفان أن النهاية قريبة و لعل أهم الادلة على قربها عندهم هو قيام دولة اسرائيل و قيام الجمهورية الاسلامية في ايران.
و من ضمن المبررات الأخرى التي يسوقها السيد العوادي بقرب هذه الحرب (أو الحروب النهائية الفاصلة) ما ذكره في ذات المرجع السابق الاشارة اليه (4) و جاء ذلك في معرض حديثه عن السفياني حيث قال "و تبدأ قصة السفياني على أثر حرب عالمية ثالثة مدمرة وردت الاشارة اليها في الاحاديث الشريفة حيث تقول أن نارا تخرج من المشرق فتصيب المغرب و نار تخرج من المغرب فتصيب المشرق و ما أقرب أن تكون هذه العبارات التكنولوجيا الحديثة و الصواريخ النووية العابرة للقارات و أيضاً اختلاف صنفين من العجم و سفك دماء فيما بينهم" و قد أشرنا الى مثل هذه الاقوال الواردة من اباطرة الصهيونية المسيحية لهذا فلن نعيد ما سبق و قلناه.
و عن كيفية و نتائج هذه الحرب نبقى مع الاقتباسات التالية، يقول العوادي في نفس المصدر المنسوب اليه "عن الامام الصادق لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس فقلنا اذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟! فقال أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي ....." (5) طبعاً يدلل أن الحرب تكون مدمرة هذا من جهة و من جهة أخرى يجزم بالطرف المنتصر المكتسح و طبعاً تعرفون هذا الطرف، ثم قال مؤكداً "انه دمار شامل يبيد أكثر الناس و لا يكون ذلك الا بقدرة الله الخارقة أو الحرب العالمية الثالثة التي تكون من أهم و أحدث الحروب التكنولوجية حيث ممكن أن يباد القسم الأكبر من العالم خلال ساعات" (6).
و يواصل السيد العوادي بتأكيد النتيجة الحتمية لهذه الحرب فيقول "انها بداية تاريخ جديد حافل بالنتائج النيرة كاسح لتاريخ طويل من المعاناة و الصراع بين الحق و الباطل و نهاية غيبة طويلة دامت من أكثر من ألف سنة طال فيها انتظار المؤمنين و دمعت عيونهم شوقاً اليه و الى ما يحمل من خير و عدل و صلاح و ليخلصهم من التيه و الضياع الذي أثقل عليهم دون أن يتمتعوا بمزايا وجود الامام بشكل مباشر" (7)
و يؤكد نفس الفكرة السيد علي محمد دخيل في كتابه (الامام المهدي عليه السلام) و الذي سبق و عرضنا بعض ما ورد فيه فيقول في هذا الخصوص "كما أن المتواتر عن أئمة أهل البيت – أن دولته تشمل العالم بأسره و أن عدله يملاء الأرض كما جاء عنهم في تفسير بعض الايات الشريفة ...... و ذكر بعض هذه الايات و الاحاديث و قام بتأويلها" ثم تابع "و كأن هذه الأحاديث تشير الى حكومات هذا العصر فنرى كل جماعة من الناس تأتي و تستلم الحكم و يسأم الناس من ظلمها و جورها ثم تعقبها الأخرى و هكذا و ان شاء الله تقرب دولتهم و يعجل الله فرجهم" (8).
لقد هالني هذا الاقتباس الأخير و أكد لي شوق هؤلاء القوم لدولتهم الموعودة و اعتقادهم بفساد كل هذه الحكومات و سألت نفسي أي حكومات يقصد هل هي حكومات الغرب أم الشرق؟ هل هي حكومات العرب أو غير العرب؟ هل هي حكومات المسلمين و من مذهب هؤلاء المسلمين؟ و خلصت بالقول الى أن الحكومات المعنية هي حكومات المسلمين من المذهب المخالف للمذهب الذي تتبناه ايران و هذا واضحاً جلياً في دساتيرهم و في أقوالهم و أفعالهم و لا نقول هذا اعتباطاً و انما ندلل عليه كدأبنا الدائم بعدم اطلاق الكلام بلا دليل و أقتبس هنا كلام الخميني في كتاب الحكومة الاسلامية ليشرح لنا الأمر شرحا و يفصله تفصيلا "و قد ندبنا الله في كتابه الكريم الى الوقوف صفاً كالبنيان المرصوص في وجه سلاطين الجور و أمر موسى بمعارضة فرعون و مقاومته و وردت في ذلك أحاديث كثيرة. و أئمتنا و شيعتهم كانوا على مدى الاحقاب يقاومون سلطات الجور في كل مكان و لا يهادنونها و بسبب من ذلك فقد نالهم من الخسف و الأذى الشئ الكثير، يظهر لنا ذلك من خلال حياتهم التي يحدثنا عنها التاريخ. و بالرغم من أن الأئمة كانوا مراقبون و لا يتركون لسبيلهم و كانوا من أجل ذلك يتخذون الحيطة و التقية لحفظ الدين لا لحفظ أنفسهم – بالرغم من ذلك كله فلم تخل كلماتهم من الحث على المقاومة و المنع من المهادنة و كان حكام الجور يخشون أئمة الهدى لما علموا منهم من أنهم اذا دانتهم الفرصة فانهم ينهضون لأخذ زمام الأمور و يجعلون العيش المترف على الحاكمين حرام" (9)
فهل دانت هذه الفرصة الأن أو أقتربت من الدنو؟؟؟ و هل سيتحول العيش المترف على حكام الجور حرام؟؟؟ و هل سيتحقق هذا الموعود الذي رحل عنه الخميني ليراه من خَلفه؟؟؟ كلام في غاية الخطورة يحتاج الى وقفة أو وقفات ربما لو اتسع لنا المجال نناقشه و لكن ليس في هذا العرض.
بهذا و بعد أن قلنا بعضاً مما كنا نريد قوله و أثبتنا قليلاً مما نريد اثباته بقي لنا أن نقول أن مثل هذه الأحداث حقيقة مسلم بها في أذهان طبقات من المروجين لها و لا أقول كل المنتمين لهذا المذهب أو ذاك و ان كان الدين الحق يبشر بمآل الأمور الى العدل و الخير للبشرية يأتي هؤلاء ليرسموا لها مشهداً بشعاً لا حكمة من ورائه غير الترويج لفكرتهم المحدودة المنبوذة من قطاع كبير من أهل الارض و أنها الفكرة الحق و الصواب و التي قامت السماوات و الأرض من أجلها و أنا أسأل سؤال ألا تستحق هذه الأمال الوردية عند أصحابها أن تقوم من أجلها الحروب و تسفك في سبيلها الدماء؟؟؟ لاسيما اذا رأت الفئة المروجة لها في نفسها القوة التي تخولها القيام بها؟؟!!!
و هل التضحية بالدماء البريئة لا يعدله قيام دولة فيما بعد تحكم العالم بأسره؟؟ أسئلة كثيرة محيرة لو ربطناها بأحداث الأرض في قرونها الأخيرة لتبين لنا امكانية اندلاع مثل هذه الحرب و كل شئ أراه مهيئ في انتظار التنفيذ.
نلقاكم بمشيئة الله في حلقة جديدة لننتقل الى مرحلة جديدة من رحلتنا مع الحرب الفاصلة.....
-/-/-/-//-/-/-/-/-/-/-
* سبق ذكر هذا المصدر
1- منذ عشر سنوات
2- ص 103
3- سبق ذكره
4- ص 108
5- ص 108
6- ص 109
7- ص 151
8- ص 231 – 234
9- الحكومة الاسلامية – اية الله الخميني – الباني كاليفورنيا: جمعية الطلبة المسلمين الفرس ص 146
__________________
المتنافسون في الحرب الفاصلة:
بعد هذا العرض الموجز للأبعاد الدينية الموحية لقيام مثل هذه الحرب ندخل بعض الشيء في تفاصيل حربنا المفترضة التي بشرنا بها واينبرجر، و في هذا الإطار حري بنا أن نضع افتراضات و نثبت مدى واقعيتها و مدى إمكانية تحقيقها.
فهل هذه الحرب القادمة ستكون فعلاً بين أمريكا و إيران بالأساس و سيدخل العرب فيها عرضاً؟! أو أن هذه الحرب ستدور بالأساس بين العرب و إيران و ستدخل أمريكا فيها عرضاً؟! الله أعلم بهذا و لكن دورنا قراءة أوراق الماضي و تداعيات الحاضر لنصل إلى افتراض – لن نجزم بصحته – بل نعرضه عليكم للنقاش حوله، و حقيقة قد وجهنا واينبرجر في مؤلفه إلى أن السيناريو الثاني هو الذي سيحدث حيث ستبدأ المعركة بمواجهات عربية إيرانية تنتهي بتدخل أمريكي، آخذا في الاعتبار أن هذا التدخل سيكون عن بعد باستخدام الطائرات و بدون مواجهة مباشرة و بدون محاولة لاحتلالها بخلاف ما تم فعله في العراق أو أفغانستان.
و إنني اعتقد أن أمريكا لن تقدم على مواجهة إيران و أن أمريكا قد تمهد المنطقة لحدوث مواجهة عربية إيرانية تشاهدها أمريكا عن بعد و تنتظر الوقت المباشر للتدخل، عزز هذا الافتراض عندي تاريخ العلاقات الإيرانية الغربية بصفة عامة و الأمريكية بصفة خاصة و المتمثل بعلاقات الإمبراطوريات و الذي يحفه الكثير من الغموض الظاهر و المنعكس عن علاقات باطنية لا تخفى على ذي بصيرة، بل انه هناك تشابه كبير مذهل بين هذه العلاقات القديمة و نظريتها في الوقت الراهن و التي تحتاج فقط الى اعمال قليل للتفكر فيها للوصول الى ما وصلت اليه.
و نحن بمشيئة المولى عز و جل نبدأ و إياكم في عرض تاريخي في غاية الاختصار لعلاقة إيران و الغرب و أمريكا، متناولاً في البداية علاقة إيران منذ العهد الصفوي (1500 م) مع المستعمرين الذين تمثل أمريكا اليوم امتداداً لهم و طبعاً أبدأ بالعصر الصفوي و ليس قبله على اعتبار أنه منذ هذا العصر أخذت إيران في التشكل المذهبي الذي لازمها حتى يومنا هذا و الذي يعلمه الجميع.
1- إيران و البرتغال:
لا يخفى على عاقل الأهداف التي دعت البرتغال لاستكشاف منطقة الخليج العربي و وضع قدمها فيه، فهذه الأهداف الاقتصادية التي دفعتهم لمثل هذه الاستكشافات، و نشير الى أن جميع مراكز إنتاج التوابل و طرقها قد وقعت في أيدي المسلمين خلال النصف الثاني من القرن الخامس عشر، حيث ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمناطق الدول الإسلامية.... لهذا حاولت أوروبا تحقيق وسيلة ما تخرج بها من هذه الهيمنة الإسلامية على مواقع الطرق التجارية الهامة و لا سيما بعد اكتساح العثمانيين المسلمين للأناضول و احتلال عاصمة أوروبا الشرقية (القسطنطينية) عام 1453.
من أجل كل هذا قام البابوية في روما بإطلاق النداء في اثر النداء لملوك أوروبا للقيام بحرب صليبية ثانية ضد المسلمين بل إن بعض المؤرخين قالوا أن الهدف الأول لمثل هذه الاكتشافات في بداية العصور الحديثة هو قطع طرق التجارة من قبل العثمانيين و لكن البعض الأخر دحض هذا الرأي بأن العثمانيين أنفسهم لم يكن لهم موقفاً عدائياً للتجارة مع الغرب بيد أن السبب الرئيسي هو النجاح الباهر للمسلمين ممثلاً في فتح القسطنطينية مقر الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية و تسميتها باسم اسلامبول أو دار السلام فقد كانت هذه ضربة قوية جداً لأوروبا و زرعت في قلوبهم الرعب و استغلت روما الكاثوليكية هذا الذعر في فرض الزعامة الروحية على العالم النصراني الشرقي و الغربي.
لهذا عملت الكنيسة الرومانية على دحر الإسلام و دولته لتظفر الكنيسة بالزعامة الروحية و القضاء على الإسلام و دولته و خطره الداهم عليهم لهذا بدأت في الالتفاف حول العالم الإسلامي لمحاصرته و شل حركته. و لهذا يمكن القول أن البعد الاقتصادي و التجاري و الأزمات الخانقة في أوروبا و نشر العقيدة النصرانية كلها مجتمعة تمثل أهداف تلك الحملات (1).
و لهذا يمكن القول أن "توجه البرتغال الى المحيط الأطلسي ومحاولتهم الإلتفاف حول العالم الاسلامي فقد كان العمل مدفوعاً بالدرجة الاولى بدوافع صليبية شرسة ضد المسلمين ، حيث اعتبرت البرتغال انها نصيرة المسيحية وراعيتها ضد المسلمين ، حيث اعتبرت قتال المسلمين ضرورة ماسة وصارمة ورأت الاسلام هو العدو اللدود الذي لابد من قتاله في كل مكان.
وكان الأمير هنري الملاح (2) شديد التعصب للنصرانية عظيم الحقد على المسلمين وقد تحصل هذا الأمير من البابا نيقولا الخامس حقاً في جميع كشوفه حتى بلاد الهند، حيث قال : (إن سرورنا العظيم إذ نعلم أن ولدنا هنري أمير البرتغال، إذ يترسم خُطى والده العظيم الملك يوحنا، وإذ تلهمه الغيرة التي تملك الأنفس كجندي باسل من جنود المسيح، قد دفع باسم الله الى آقاصي البلاد وأبعادها عن مجال علمنا كما أدخل بين أحضان الكاثوليكية الغادرين من أعداء الله وأعداء المسيح مثل العرب والكفرة"" (3)
وقال البوكيرك (4) في خطابه الذي ألقاه على جنده بعد وصوله الى "ملقا" مانصه: (إن ابعاد العرب عن تجارة الأفاوية هي الوسيلة التي يرجو بها البرتغاليون إضعاف قوة الاسلام).
وفي نفس الخطبة قال الخدمة الجليلة التي سنقدمها لله بطردنا العرب من هذه البلاد وبإطفاءنا شعلة شيعة محمد بحيث لا يندفع لها هنا بعد ذلك لهيب وذلك لأني على يقين أننا لو انتزعنا تجارة "ملقا" هذه من أيديهم (يقصد المسلمين) لاصبحت كل من القاهرة ومكة أثراً بعد عين ولامتنعت عن البندقية كل تجارة التوابل مالم يذهب تجارها الى البرتغال لشرائها من هناك).
وقال في يومياته: (كان هدفنا الوصول الى الأماكن المقدسة للمسلمين واقتحام المسجد النبوي وأخذ رفاة النبي محمد صلى الله عليه و سلم رهينة لنساوم عليها العرب من اجل استرداد القدس.
وقال ملك البرتغال عمانويل الأول معلناً أهداف الحملات البرتغالية: إن الغرض من اكتشاف الطريق البحري الى الهند هو نشر النصرانية والحصول على ثروات الشرق.
وهكذا يظهر للباحث المنصف أن الدافع الديني للكشوف البرتغالية كان من أهم العوامل التي دفعت البرتغال لارتياد البحار والإلتفاف حول العالم الاسلامي، فصدرت المراسيم والأوامر، ورسم الصليب والمدفع كشعار للحملات، وكان القصد من ذلك أن على المسلمين اعتناق المسيحية وإلا عليهم مواجهة المدفع (5).
تمخض عن هذه الدعوات مجموعة من الرحلات الاستكشافية بدأت بشخص يعرف بـ ارثلمي ديان و الذي تمكن من الالتفاف حول طريق رأس الرجاء الصالح سنة 1487 و دخل المحيط الهندي و لكنه لم يتمكن من دخول الهند ثم عاد الى البرتغال ثانية، و في 1499 استطاع القائد البرتغالي فاسكو دي جاما الوصول الى الهند عبر نفس الطريق و العودة في العام التالي الى البرتغال و تبع هذه الرحلة انشاء مستعمرات في الهند و كرر عودته للهند في 1502 م و وسع منطقة استعمار البرتغال على السواحل الغربية للهند و تبع دي جاما في الهند شخصا يدعى فرانشيسكو دي الميدا كنائب للملك البرتغالي و قام بتثبيت أقدام دولته و في عام 1506م ارسلت البرتغال أحد بحارتها و هو تريستان داكونيا بالسفن و المقاتلين و معه البحار الشهير الفونسو دي بوكيرك ليعاونه و لكن حدثت خلافات بينهما فتركه داكونيا ليكون هو القائد لهذه الرحلة و كان هدف الرحلة الاستيلاء على ميناء عدن و كان معه أمراً سريا باقالة فرانشيسكو دي ألميدا و أن يحل محله و لكن لقلة العسكر معه لم يتمكن من احتلال عدن و توجه بدلاً منها الى هرمز (6).
كيف سارت العمليات البرتغالية و ما رد فعل الدولة الصفوية و ما علاقة هذا بالحرب الفاصلة؟؟؟؟
هذا نتناوله في الحلقات القادمة بمشيئة الله عز و جل
------- -------- ---------- ---------- ----
الهوامش:
-----
1- للمزيد راجع "الغزو البرتغالي للجنوب العربي و الخليج" ص 20-22
2- يعتبر هنري الملاح (1394-1460م) ابن الملك جون الاول البرتغالي أشهر اسم في بداية الكشوف الجغرافية البحرية. و قد ارتبط اسم الملاح به بسبب تشجيعه و دفعه للمحاولات البرتغالية الأولى لاستكشاف سواحل افريقيا الشمالية و الغربية و جزر المحيط الأطلنطي القريبة من شبه جزيرة أيبريا (المرجع السابق ص 33)
3- الدولة العثمانية عوامل النهوض و اسباب السقوط ص 186
4- سيأتي ذكره بشئ من التفصيل بمشيئة الله
5- المرجع السابق ص 186-187
6- ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي ص 6-7
بعد هذا العرض الموجز للأبعاد الدينية الموحية لقيام مثل هذه الحرب ندخل بعض الشيء في تفاصيل حربنا المفترضة التي بشرنا بها واينبرجر، و في هذا الإطار حري بنا أن نضع افتراضات و نثبت مدى واقعيتها و مدى إمكانية تحقيقها.
فهل هذه الحرب القادمة ستكون فعلاً بين أمريكا و إيران بالأساس و سيدخل العرب فيها عرضاً؟! أو أن هذه الحرب ستدور بالأساس بين العرب و إيران و ستدخل أمريكا فيها عرضاً؟! الله أعلم بهذا و لكن دورنا قراءة أوراق الماضي و تداعيات الحاضر لنصل إلى افتراض – لن نجزم بصحته – بل نعرضه عليكم للنقاش حوله، و حقيقة قد وجهنا واينبرجر في مؤلفه إلى أن السيناريو الثاني هو الذي سيحدث حيث ستبدأ المعركة بمواجهات عربية إيرانية تنتهي بتدخل أمريكي، آخذا في الاعتبار أن هذا التدخل سيكون عن بعد باستخدام الطائرات و بدون مواجهة مباشرة و بدون محاولة لاحتلالها بخلاف ما تم فعله في العراق أو أفغانستان.
و إنني اعتقد أن أمريكا لن تقدم على مواجهة إيران و أن أمريكا قد تمهد المنطقة لحدوث مواجهة عربية إيرانية تشاهدها أمريكا عن بعد و تنتظر الوقت المباشر للتدخل، عزز هذا الافتراض عندي تاريخ العلاقات الإيرانية الغربية بصفة عامة و الأمريكية بصفة خاصة و المتمثل بعلاقات الإمبراطوريات و الذي يحفه الكثير من الغموض الظاهر و المنعكس عن علاقات باطنية لا تخفى على ذي بصيرة، بل انه هناك تشابه كبير مذهل بين هذه العلاقات القديمة و نظريتها في الوقت الراهن و التي تحتاج فقط الى اعمال قليل للتفكر فيها للوصول الى ما وصلت اليه.
و نحن بمشيئة المولى عز و جل نبدأ و إياكم في عرض تاريخي في غاية الاختصار لعلاقة إيران و الغرب و أمريكا، متناولاً في البداية علاقة إيران منذ العهد الصفوي (1500 م) مع المستعمرين الذين تمثل أمريكا اليوم امتداداً لهم و طبعاً أبدأ بالعصر الصفوي و ليس قبله على اعتبار أنه منذ هذا العصر أخذت إيران في التشكل المذهبي الذي لازمها حتى يومنا هذا و الذي يعلمه الجميع.
1- إيران و البرتغال:
لا يخفى على عاقل الأهداف التي دعت البرتغال لاستكشاف منطقة الخليج العربي و وضع قدمها فيه، فهذه الأهداف الاقتصادية التي دفعتهم لمثل هذه الاستكشافات، و نشير الى أن جميع مراكز إنتاج التوابل و طرقها قد وقعت في أيدي المسلمين خلال النصف الثاني من القرن الخامس عشر، حيث ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمناطق الدول الإسلامية.... لهذا حاولت أوروبا تحقيق وسيلة ما تخرج بها من هذه الهيمنة الإسلامية على مواقع الطرق التجارية الهامة و لا سيما بعد اكتساح العثمانيين المسلمين للأناضول و احتلال عاصمة أوروبا الشرقية (القسطنطينية) عام 1453.
من أجل كل هذا قام البابوية في روما بإطلاق النداء في اثر النداء لملوك أوروبا للقيام بحرب صليبية ثانية ضد المسلمين بل إن بعض المؤرخين قالوا أن الهدف الأول لمثل هذه الاكتشافات في بداية العصور الحديثة هو قطع طرق التجارة من قبل العثمانيين و لكن البعض الأخر دحض هذا الرأي بأن العثمانيين أنفسهم لم يكن لهم موقفاً عدائياً للتجارة مع الغرب بيد أن السبب الرئيسي هو النجاح الباهر للمسلمين ممثلاً في فتح القسطنطينية مقر الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية و تسميتها باسم اسلامبول أو دار السلام فقد كانت هذه ضربة قوية جداً لأوروبا و زرعت في قلوبهم الرعب و استغلت روما الكاثوليكية هذا الذعر في فرض الزعامة الروحية على العالم النصراني الشرقي و الغربي.
لهذا عملت الكنيسة الرومانية على دحر الإسلام و دولته لتظفر الكنيسة بالزعامة الروحية و القضاء على الإسلام و دولته و خطره الداهم عليهم لهذا بدأت في الالتفاف حول العالم الإسلامي لمحاصرته و شل حركته. و لهذا يمكن القول أن البعد الاقتصادي و التجاري و الأزمات الخانقة في أوروبا و نشر العقيدة النصرانية كلها مجتمعة تمثل أهداف تلك الحملات (1).
و لهذا يمكن القول أن "توجه البرتغال الى المحيط الأطلسي ومحاولتهم الإلتفاف حول العالم الاسلامي فقد كان العمل مدفوعاً بالدرجة الاولى بدوافع صليبية شرسة ضد المسلمين ، حيث اعتبرت البرتغال انها نصيرة المسيحية وراعيتها ضد المسلمين ، حيث اعتبرت قتال المسلمين ضرورة ماسة وصارمة ورأت الاسلام هو العدو اللدود الذي لابد من قتاله في كل مكان.
وكان الأمير هنري الملاح (2) شديد التعصب للنصرانية عظيم الحقد على المسلمين وقد تحصل هذا الأمير من البابا نيقولا الخامس حقاً في جميع كشوفه حتى بلاد الهند، حيث قال : (إن سرورنا العظيم إذ نعلم أن ولدنا هنري أمير البرتغال، إذ يترسم خُطى والده العظيم الملك يوحنا، وإذ تلهمه الغيرة التي تملك الأنفس كجندي باسل من جنود المسيح، قد دفع باسم الله الى آقاصي البلاد وأبعادها عن مجال علمنا كما أدخل بين أحضان الكاثوليكية الغادرين من أعداء الله وأعداء المسيح مثل العرب والكفرة"" (3)
وقال البوكيرك (4) في خطابه الذي ألقاه على جنده بعد وصوله الى "ملقا" مانصه: (إن ابعاد العرب عن تجارة الأفاوية هي الوسيلة التي يرجو بها البرتغاليون إضعاف قوة الاسلام).
وفي نفس الخطبة قال الخدمة الجليلة التي سنقدمها لله بطردنا العرب من هذه البلاد وبإطفاءنا شعلة شيعة محمد بحيث لا يندفع لها هنا بعد ذلك لهيب وذلك لأني على يقين أننا لو انتزعنا تجارة "ملقا" هذه من أيديهم (يقصد المسلمين) لاصبحت كل من القاهرة ومكة أثراً بعد عين ولامتنعت عن البندقية كل تجارة التوابل مالم يذهب تجارها الى البرتغال لشرائها من هناك).
وقال في يومياته: (كان هدفنا الوصول الى الأماكن المقدسة للمسلمين واقتحام المسجد النبوي وأخذ رفاة النبي محمد صلى الله عليه و سلم رهينة لنساوم عليها العرب من اجل استرداد القدس.
وقال ملك البرتغال عمانويل الأول معلناً أهداف الحملات البرتغالية: إن الغرض من اكتشاف الطريق البحري الى الهند هو نشر النصرانية والحصول على ثروات الشرق.
وهكذا يظهر للباحث المنصف أن الدافع الديني للكشوف البرتغالية كان من أهم العوامل التي دفعت البرتغال لارتياد البحار والإلتفاف حول العالم الاسلامي، فصدرت المراسيم والأوامر، ورسم الصليب والمدفع كشعار للحملات، وكان القصد من ذلك أن على المسلمين اعتناق المسيحية وإلا عليهم مواجهة المدفع (5).
تمخض عن هذه الدعوات مجموعة من الرحلات الاستكشافية بدأت بشخص يعرف بـ ارثلمي ديان و الذي تمكن من الالتفاف حول طريق رأس الرجاء الصالح سنة 1487 و دخل المحيط الهندي و لكنه لم يتمكن من دخول الهند ثم عاد الى البرتغال ثانية، و في 1499 استطاع القائد البرتغالي فاسكو دي جاما الوصول الى الهند عبر نفس الطريق و العودة في العام التالي الى البرتغال و تبع هذه الرحلة انشاء مستعمرات في الهند و كرر عودته للهند في 1502 م و وسع منطقة استعمار البرتغال على السواحل الغربية للهند و تبع دي جاما في الهند شخصا يدعى فرانشيسكو دي الميدا كنائب للملك البرتغالي و قام بتثبيت أقدام دولته و في عام 1506م ارسلت البرتغال أحد بحارتها و هو تريستان داكونيا بالسفن و المقاتلين و معه البحار الشهير الفونسو دي بوكيرك ليعاونه و لكن حدثت خلافات بينهما فتركه داكونيا ليكون هو القائد لهذه الرحلة و كان هدف الرحلة الاستيلاء على ميناء عدن و كان معه أمراً سريا باقالة فرانشيسكو دي ألميدا و أن يحل محله و لكن لقلة العسكر معه لم يتمكن من احتلال عدن و توجه بدلاً منها الى هرمز (6).
كيف سارت العمليات البرتغالية و ما رد فعل الدولة الصفوية و ما علاقة هذا بالحرب الفاصلة؟؟؟؟
هذا نتناوله في الحلقات القادمة بمشيئة الله عز و جل
------- -------- ---------- ---------- ----
الهوامش:
-----
1- للمزيد راجع "الغزو البرتغالي للجنوب العربي و الخليج" ص 20-22
2- يعتبر هنري الملاح (1394-1460م) ابن الملك جون الاول البرتغالي أشهر اسم في بداية الكشوف الجغرافية البحرية. و قد ارتبط اسم الملاح به بسبب تشجيعه و دفعه للمحاولات البرتغالية الأولى لاستكشاف سواحل افريقيا الشمالية و الغربية و جزر المحيط الأطلنطي القريبة من شبه جزيرة أيبريا (المرجع السابق ص 33)
3- الدولة العثمانية عوامل النهوض و اسباب السقوط ص 186
4- سيأتي ذكره بشئ من التفصيل بمشيئة الله
5- المرجع السابق ص 186-187
6- ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي ص 6-7
__________________
توجه الفونسو دي بوكيرك الى الخليج عام 1507 م مع ست سفن للاستيلاء على هرمز فاستولى في طريقه على مدينة مسقط على الساحل العماني و التي كانت مدينة كبيرة كثيرة السكان و تدفع الخراج لأمير هرمز، كما استولى على بعض موانئ عمان و أشعل فيها النار ثم القى مراسيه في مواجهة مدينة هرمز الجديدة، و عندما رأى مرافقوا البوكيرك عظمة مدينة هرمز و سفنها الحربية و جيشها المجهز الذي استعد على الساحل شعروا بالخوف و ترددوا فيما هم مقدمون عليه (1).
المهم بدأت المعركة و انتهت بانتصار البرتغاليين على الجيش المتأهب لمواجهتها على الساحل و أصبح أمير هرمز الذي واجه قوات البرتغاليين - و كان غلام صغير - تابعاً للبوكيرك و دفع له غرامة حربية و ذلك بخلاف الخراج السنوي الذي يدفعه لحكومة البرتغال، و الجدير بالذكر ايضاً أن ذات الأمير كان يدفع خراجاً سنوياً لشاه ايران فطالبه الشاه بالخراج المعتاد فأرسل البوكيرك الى الشاه اسماعيل الاول يوضح له أن هرمز تابعة لملك البرتغال و لا يجوز أن يأخذ منها الخراج ملكاً غيره، ثم أعطى لمبعوث أمير هرمز بعض طلقات المدافع و البنادق و البارود و قال له (قل لأميرك أن يرسلها الى الشاه اسماعيل بدل الخراج لأن ملك البرتغال أمرنا الا نجيب الأعداء الا بمثل هذه الاشياء و بعد أن أنتهى من قلعة هرمز فسوف أهجم على سواحل الخليج الفارسية و نستولي على كل موانيها و بلدانها الساحلية التي تخضع الأن للشاه اسماعيل و نضمها لاسم ملك البرتغال (2).
المهم كان هناك خلافات في الجيش البرتغالي حالت دون توسعه بالرغم من ذلك حاول البرتغاليون السيطرة على مكة و عدن و لكنهم فشلوا و كان ذلك في عام 918 هـ، و باءت محاولة ضخمة أخرى بالفشل للقيام بنفس الشئ في العام التالي و عاد الى الهند مركز التواجد البرتغالي في المنطقة.
حدثت مجموعة من الاحداث في هرمز تتمثل في رفضها في دفع الخراج و وجود بعض الانقلابات في مسقط و غير ذلك انتهت بالنهاية للسيطرة التامة للبرتغاليين علي هرمز و رفع العلم البرتغالي على قصرها.
في هذه الفترة كان قد اندلع قتال مرير بين الايرانيين و بين العثمانيين و أنتهى النزال بانتصار ساحق للعثمانيين و دخولهم عاصمة الدولة الصفوية ذاتها تبريز في سبتمبر 1514 م و كاد الشاه اسماعيل أن يقتل، فيما تعرف هذه المعركة بمعركة جالديران.
و قد ترتب على هزيمة الصفويين في جالديران، أن هبطت الدولة الصفوية من دولة من الدرجة الأولى في المشرق الاسلامي الى دولة من الدرجة الثانية، فأخذت تسعى جاهدة بكل الطرق الثأر من العثمانيين و الكيد لهم و ذلك بالتحالف مع القوى الاوروبية المناهضة للمسلمين في مطلع القرن السادس عشر (3)
لقد أظهر البرتغاليون تودداً للشاه اسماعيل قبل معركة جالديران وكانوا يهدفون من وراء توددهم للصفويين أن تتاح لهم فرصة تحقيق أهدافهم في إيجاد مراكز لهم في الخليج العربي، وكانوا يدركون أنهم إذا لم يكسبوا ود الصفويين فإن تعاون قوتهم مع القوى المحلية في الخليج قد يؤدي الى فشل البرتغاليين في تحقيق أهدافهم ولاسيما أن مشروعاتهم في إيجاد مراكز نفوذ في البحر الأحمر منيت بالفشل الى حد كبير. وتبدو سياسة البرتغال الرامية الى التحالف مع الفرس في رسالة ارسلها "البوكيرك" الى الشاه "اسماعيل الصفوي" جاء فيها:
(إني أقدر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة، وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي وسأنفذ له كل مايريد)(4).
و لنا وقفة عند هذا الموضوع، و السؤال الذي يفرض نفسه الأن، ماذا كان موقف الدولة الصفوية الشيعية الاثنا عشرية مما سبق بيانه من الأهداف الخبيثة للبرتغاليين و الجرائم التي ارتكبوها بل و تهديدهم باقتحام المسجد النبوي و أخذ رفات رسول الله صلى الله عليه و سلم رهينة، و ماذا فعلوا هؤلاء و قد كان البرتغاليون ينتهكون الحرمات و يقيمون المذابح في ديار المسلميين التي كانوا يدخلوها، ماذا كان رد فعل هؤلاء أمام كل هذا و هم يدعون أنهم موالون للاسلام ، بل ماذا فعلوا جراء التهديدات البرتغالية ذاتها لهم بغزوهم،،،
لقد قرأتم التهديد الشديد من البوكيرك الى الشاه حين طالب بالخراج من الامير الهرمزي، يذكرني هذا بالتهديد الفارغ الذي يتبادل بين الطرفين في الوقت الراهن، ثم يتمخض هذا التهديد عن اتفاقيات تصب كلها في التآمر على الاسلام و انتهاك حرمات المسلميين و خلخلة كيانهم.
لقد كان رد الفعل الصفوي أن بادر الشاه بارسال سفير الى البوكيرك و كان ذلك بعد هزيمتهم أمام العثمانيين و سقوط هرمز في يد البرتغاليين و كان هذا المجئ لاقامة اتفاقية بين الدولتين و هذه شروطها.....
1- تقوم القوى البحرية البرتغالية بمساعدة الحكومة الايرانية في اخماد الانقلابات التي تحدث على سواحل بلوشستان و مكران (المناهضة للتواجد البرتغالي الغاشم)
2- تقوم القوات البحرية البرتغالية بمساعدة الحكومة الايرانية في غزوها للبحرين و القطيف
3- تتحد الحكومتان الايرانية و البرتغالية في حربها ضد الاتراك العثمانيين بالاضافة الى هذا فقد تغاضى الشاه اسماعيل الصفوي تماماً عن جزيرة هرمز و وافق على أن يكون أمير هرمز بعد ذلك تابعاً لملك البرتغال و يدفع له الخراج و لا تتدخل ايران في تلك الجزيرة. (5)
فما أشبه اليوم بالبارحة و ما أكثر التقارب في الاحداث، ان هذه الاحداث تتكرر في كل حقبة زمنية و لكن بصور مختلفة و الرابط و القاسم المشترك بينها هو أن القوى المناهضة للاسلام سليلة الامبراطوريات لن ترضى أبداً بدولة الاسلام التي ازالت هيبتهم منذ القديم حتى و لو لبس هؤلاء المغرضين ثوب الاسلام ليفسدوا فيه من داخله....
=====-
المهم بدأت المعركة و انتهت بانتصار البرتغاليين على الجيش المتأهب لمواجهتها على الساحل و أصبح أمير هرمز الذي واجه قوات البرتغاليين - و كان غلام صغير - تابعاً للبوكيرك و دفع له غرامة حربية و ذلك بخلاف الخراج السنوي الذي يدفعه لحكومة البرتغال، و الجدير بالذكر ايضاً أن ذات الأمير كان يدفع خراجاً سنوياً لشاه ايران فطالبه الشاه بالخراج المعتاد فأرسل البوكيرك الى الشاه اسماعيل الاول يوضح له أن هرمز تابعة لملك البرتغال و لا يجوز أن يأخذ منها الخراج ملكاً غيره، ثم أعطى لمبعوث أمير هرمز بعض طلقات المدافع و البنادق و البارود و قال له (قل لأميرك أن يرسلها الى الشاه اسماعيل بدل الخراج لأن ملك البرتغال أمرنا الا نجيب الأعداء الا بمثل هذه الاشياء و بعد أن أنتهى من قلعة هرمز فسوف أهجم على سواحل الخليج الفارسية و نستولي على كل موانيها و بلدانها الساحلية التي تخضع الأن للشاه اسماعيل و نضمها لاسم ملك البرتغال (2).
المهم كان هناك خلافات في الجيش البرتغالي حالت دون توسعه بالرغم من ذلك حاول البرتغاليون السيطرة على مكة و عدن و لكنهم فشلوا و كان ذلك في عام 918 هـ، و باءت محاولة ضخمة أخرى بالفشل للقيام بنفس الشئ في العام التالي و عاد الى الهند مركز التواجد البرتغالي في المنطقة.
حدثت مجموعة من الاحداث في هرمز تتمثل في رفضها في دفع الخراج و وجود بعض الانقلابات في مسقط و غير ذلك انتهت بالنهاية للسيطرة التامة للبرتغاليين علي هرمز و رفع العلم البرتغالي على قصرها.
في هذه الفترة كان قد اندلع قتال مرير بين الايرانيين و بين العثمانيين و أنتهى النزال بانتصار ساحق للعثمانيين و دخولهم عاصمة الدولة الصفوية ذاتها تبريز في سبتمبر 1514 م و كاد الشاه اسماعيل أن يقتل، فيما تعرف هذه المعركة بمعركة جالديران.
و قد ترتب على هزيمة الصفويين في جالديران، أن هبطت الدولة الصفوية من دولة من الدرجة الأولى في المشرق الاسلامي الى دولة من الدرجة الثانية، فأخذت تسعى جاهدة بكل الطرق الثأر من العثمانيين و الكيد لهم و ذلك بالتحالف مع القوى الاوروبية المناهضة للمسلمين في مطلع القرن السادس عشر (3)
لقد أظهر البرتغاليون تودداً للشاه اسماعيل قبل معركة جالديران وكانوا يهدفون من وراء توددهم للصفويين أن تتاح لهم فرصة تحقيق أهدافهم في إيجاد مراكز لهم في الخليج العربي، وكانوا يدركون أنهم إذا لم يكسبوا ود الصفويين فإن تعاون قوتهم مع القوى المحلية في الخليج قد يؤدي الى فشل البرتغاليين في تحقيق أهدافهم ولاسيما أن مشروعاتهم في إيجاد مراكز نفوذ في البحر الأحمر منيت بالفشل الى حد كبير. وتبدو سياسة البرتغال الرامية الى التحالف مع الفرس في رسالة ارسلها "البوكيرك" الى الشاه "اسماعيل الصفوي" جاء فيها:
(إني أقدر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة، وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي وسأنفذ له كل مايريد)(4).
و لنا وقفة عند هذا الموضوع، و السؤال الذي يفرض نفسه الأن، ماذا كان موقف الدولة الصفوية الشيعية الاثنا عشرية مما سبق بيانه من الأهداف الخبيثة للبرتغاليين و الجرائم التي ارتكبوها بل و تهديدهم باقتحام المسجد النبوي و أخذ رفات رسول الله صلى الله عليه و سلم رهينة، و ماذا فعلوا هؤلاء و قد كان البرتغاليون ينتهكون الحرمات و يقيمون المذابح في ديار المسلميين التي كانوا يدخلوها، ماذا كان رد فعل هؤلاء أمام كل هذا و هم يدعون أنهم موالون للاسلام ، بل ماذا فعلوا جراء التهديدات البرتغالية ذاتها لهم بغزوهم،،،
لقد قرأتم التهديد الشديد من البوكيرك الى الشاه حين طالب بالخراج من الامير الهرمزي، يذكرني هذا بالتهديد الفارغ الذي يتبادل بين الطرفين في الوقت الراهن، ثم يتمخض هذا التهديد عن اتفاقيات تصب كلها في التآمر على الاسلام و انتهاك حرمات المسلميين و خلخلة كيانهم.
لقد كان رد الفعل الصفوي أن بادر الشاه بارسال سفير الى البوكيرك و كان ذلك بعد هزيمتهم أمام العثمانيين و سقوط هرمز في يد البرتغاليين و كان هذا المجئ لاقامة اتفاقية بين الدولتين و هذه شروطها.....
1- تقوم القوى البحرية البرتغالية بمساعدة الحكومة الايرانية في اخماد الانقلابات التي تحدث على سواحل بلوشستان و مكران (المناهضة للتواجد البرتغالي الغاشم)
2- تقوم القوات البحرية البرتغالية بمساعدة الحكومة الايرانية في غزوها للبحرين و القطيف
3- تتحد الحكومتان الايرانية و البرتغالية في حربها ضد الاتراك العثمانيين بالاضافة الى هذا فقد تغاضى الشاه اسماعيل الصفوي تماماً عن جزيرة هرمز و وافق على أن يكون أمير هرمز بعد ذلك تابعاً لملك البرتغال و يدفع له الخراج و لا تتدخل ايران في تلك الجزيرة. (5)
فما أشبه اليوم بالبارحة و ما أكثر التقارب في الاحداث، ان هذه الاحداث تتكرر في كل حقبة زمنية و لكن بصور مختلفة و الرابط و القاسم المشترك بينها هو أن القوى المناهضة للاسلام سليلة الامبراطوريات لن ترضى أبداً بدولة الاسلام التي ازالت هيبتهم منذ القديم حتى و لو لبس هؤلاء المغرضين ثوب الاسلام ليفسدوا فيه من داخله....
=====-
الهوامش
---------
1- ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي ص 11
2- المرجع السابق ص 12-13
3- الغزو البرتغالي للجنوب العربي ص 86
4- الدولة العثمانية عوامل النهوض و اسباب السقوط ص 177
5- ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي ص 15
---------
1- ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي ص 11
2- المرجع السابق ص 12-13
3- الغزو البرتغالي للجنوب العربي ص 86
4- الدولة العثمانية عوامل النهوض و اسباب السقوط ص 177
5- ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي ص 15
__________________
لقد أيقنت أوروبا الصليبية المستعمرة منذ عهود مبكرة أن الدولة الصفوية الامامية الاثنا عشرية خير من يمكن الاعتماد عليه في تنفيذ مخططاتها في تطويق العالم الاسلامي و لم ترى فيها لا في القديم و لا الحديث أنها خطر عليها، بالعكس فوجدت أن الخطر هو أن تنفك عن التحالف معها، لهذا سعت هذه الدول الاوروبية بالتحالف مع ايران الصفوية لضرب الدولة العثمانية الأخذة في النمو و الازدهار، و لا يزال التحالف قائما حتى اليوم و لكن بصورة الممانعة!!!!.
خضعت البرتغال الى اسبانيا في عام 1580 ميلادي و قد واكب ذلك حكم الشاه محمد خدابندة لايران حيث استولى فيليب الثاني ملك أسبانيا – و هو كاثوليكي متعصب – على البرتغال و رأى أن يرسل سفيراً الى ايران لتحقيق اغراض ثلاثة:
1- ان يمنح شاه ايران لأتباع المذهب الكاثوليكي حرية دينية في إيران
2- ألا يكف يده عن عداوة و قتال العثمانيين
3- منح الرعايا الاسبان امتيازات تجارية.
المهم و لظروف معينة قرروا ان يرسلوا قسيسا اسبانيا اسمه الاب سيمون مورالس كان يتكلم الفارسية و يعرفها جيداً، استقبل الشاه محمد هذا القسيس بترحاب كبير و أمره أن يدرس علوم الرياضة و الفلك لأبنه الأكبر حمزة ميرزا، و تغاضى الشاه محمد عن المفاوضات الودية و الصلح مع الاتراك بناء على طلب هذا القسيس.
بل عمل الشاه محمد على توطيد أواصر الصداقة بين ايران و أسبانيا فأرسل الشاه سفيرا من ايران مع القسيس الاسباني اثناء عودته الى اوروبا على احدى السفن ولكن قدر المولى عز و جل أن تهب عاصفة فتغرق السفينة بكل من عليها من ركاب (1).
شيئاً فشيئاً اتسعت العلاقات بين أوروبا و ايران في عهد الشاه عباس الأول و جاء كثير من السفراء من قبل ملوك أوروبا لعقد معاهدات سياسية (لضرب العثمانيين) أو تجارية بينهم و بين ايران.
في عام 1599 م قدم من البرتغال قسيسان الى الشاه عباس و عرف احدهما نفسه للشاه على أنه مبعوث البابا، المهم أن الشاه عباس استقبلهم في أصفهان بكل حب و عطف و منح هذا مندوب البابا صليباً مرصعاً بالفيروز و الياقوت و استفسر منه عن الدين المسيحي و المركز الديني للبابا، و جراء ذلك فقد حصلوا على إذن من الشاه بالتجول في مملكته بملابسهم الدينية دون أن يتعرض لهم أحد (2).
في هذه الاثناء كان السير الانجليزي شيرلي و أخوه و مساعدوهم يعملون على تنظيم الجيش و صنع المدفعية و البنادق و الاسلحة الاوروبية الحديثة للايرانيين لقتال الدولة العثمانية و استرداد ما فقدته الدولة الصفوية، و رأى الشاه عباس أن يتحد مع الملوك الأسبان المسيحيين في اوروبا للقضاء على العثمانيين و ارسل الشاه عباس وفدا الى اوروبا مع شيرلي هذا لنفس الهدفين الذين يردهما الاوروبيون أنفسهم و هما القضاء على العثمانيين و توطيد العلاقات التجارية بين الطرفين و لا سيما تجارة الحرير (3).
و قد كان هذا الوفد يحمل رسائل أخرى الى ملوك و حكام أوروبا و تشتمل تقريبا على النقط و الشروط و الموضوعات التالية:
1- يفتح شاه ايران باب الصداقة و الاتحاد بسبب اهتمامه بالدول المسيحية و رعاياها و كذلك لكراهيته للعدو المشترك و هو الاتراك العثمانيين.
2- رغبته في الاطمئنان الى أنه لو دخل في حرب مع هذا العدو المشترك لهما فان عبء الحرب كله لن يترك على عاتقه.
3- طلب من امبراطور المانيا و بابا روما و سائر حكام أوروبا اذا كانوا قد عقدوا أية معاهدات صداقة و مودة مع الأتراك العثمانيين أن يلغوها و اذا لم يستطيعوا مساعدة شاه ايران ضد السلطان العثماني بكل قواتهم رعاية لمصالحهم فلا أقل من أن يساعدوه في الخفاء طالما كان في حرب السلطان العثماني، و عليهم ألا يتعاونوا أو يساعدوا العدو بشكل من الأشكال.
4- لمح لحكام أوروبا أنه لما كانت جماعة من التجار الفرنج (الأوروبيين) قد عقدت اتفاقيات خاصة مع الحكومة العثمانية و أنهم يرسلون لها مختلف المهمات العسكرية من مدافع و بنادق و سفن و غيرها سواء عن الطريق البري او عن الطريق البحري لهذا فان عليهم أن يلغوا هذه الاتفاقيات بأقرب وقت ممكن.
5- نصح حكام أوروبا بأن الحرب و العداوة بينهم لن تثمر الا الى تقوية الامبراطورية العثمانية و من الأفضل ان يقبلوا نصيحتة الأخوية الخالصة و أن يسارعوا لعقد معاهدات صداقة و مودة و أن يتحدوا حتى لا يفنوا قواتهم التي يجب أن تستخدم في هزيمة العدو المشترك و لا يدمروها بلا سبب.
6- يتعهد الشاه عباس بأن يعد فوراً 60 الف مقاتل مجهزين بالبنادق و أي عدد من الفرسان و المشاه التي يراها الحلفاء لازمة للحرب في حالة ما اذا اتحدت الدول المسيحية معه ضد السلطان العثماني.
7- يعتقد شاه ايران ان الحرب الدفاعية ليس وراءها الا ضياع الوقت و المال و قتل الرجال الابرياء و تعريض الكرامة و الحيثية للخطر و أن الدول التي تأخ بهذا المبدأ تعترف بعجزها.
8- بناءا على ما سبق فانهم ان رأوا القضاء على الامبراطورية العثمانية واجبا فعليهم ان يهجموا فورا على ممتلكات تلك الدولة من الشرق و الغرب و خاصة من ناحية بلغاريا.
9- تعهد شاه ايران في حالة ما اذا قام امبراطور المانيا و ملك اسبانيا و بقية حكام اوروبا بمحاربة السلطان العثماني بالهجوم على الاراضي العثمانية فورا من ناحية الشرق و في هذه الحالة فانه يتوقع ان يرسل الامبراطور و بقية حكام اوروبا سفراء مفوضين تفويضا تاما الى ايران تتخذ اية اجراءات عسكرية برأيهم و مشورتهم.
10- اقترح الشاه عباس عقد معاهدات بين ايران و الدول الاوروبية شريطة ألا تقدم أية دولة من الحلفاء على أي عمل يكون مخالفا للسياسة العامة دون مشورة و موافقة الأخرين.
11- يعتقد شاه ايران انه اذا اتحدت ايران مع الحكام المسيحيين لأوروبا ضد الدولة العثمانية و هبوا لحربها فلا يحق لأية دولة من الحلفاء أن تنسحب من الحرب أو تدخل في صلح مع العدو دون استشارة و موافقة بقية حلفائها.
12- تعهد الشاه بأن يفتح كل ايران أمام أتباع الدين المسيحي من كل مذهب و فرقة و يسمح لهم بالذهاب حيث يشاءون و يقيموا في أي مكان و يشيدوا الكنائس و المنازل و يزاولوا طقوسهم الدينية بحرية تامة و دون أية موانع اذا اتحدت معه أوروبا ضد العثمانيين. (4)
هذه كانت المطالب و الشروط الايرانية التي ارادت توصيلها لاوروبا و لن أتعمق كثيرا في تحليلها تاركاً لكل ذي عقل هذه المهمة و لكني اشير الى أنه من جراء هذه الزيارات لهذا الوفد الى أوروبا، أن تنصر ثلاثة من هذا الوفد و انتقلوا من الاسلام الامامي الاثنا عشري الى المسيحية الكاثولوكية و كذلك حصلت أوروبا من الشاه على طمأنه من أنه سيسهل لهم تنصير كل أهل جورجيا وفق المذهب الكاثوليكي..........
.
============= ====
1- بتصرف من (ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي) ص 20
2- المرجع السابق ص 22
3- المرجع السابق ص 23
4- المرجع السابق ص (26-28)
خضعت البرتغال الى اسبانيا في عام 1580 ميلادي و قد واكب ذلك حكم الشاه محمد خدابندة لايران حيث استولى فيليب الثاني ملك أسبانيا – و هو كاثوليكي متعصب – على البرتغال و رأى أن يرسل سفيراً الى ايران لتحقيق اغراض ثلاثة:
1- ان يمنح شاه ايران لأتباع المذهب الكاثوليكي حرية دينية في إيران
2- ألا يكف يده عن عداوة و قتال العثمانيين
3- منح الرعايا الاسبان امتيازات تجارية.
المهم و لظروف معينة قرروا ان يرسلوا قسيسا اسبانيا اسمه الاب سيمون مورالس كان يتكلم الفارسية و يعرفها جيداً، استقبل الشاه محمد هذا القسيس بترحاب كبير و أمره أن يدرس علوم الرياضة و الفلك لأبنه الأكبر حمزة ميرزا، و تغاضى الشاه محمد عن المفاوضات الودية و الصلح مع الاتراك بناء على طلب هذا القسيس.
بل عمل الشاه محمد على توطيد أواصر الصداقة بين ايران و أسبانيا فأرسل الشاه سفيرا من ايران مع القسيس الاسباني اثناء عودته الى اوروبا على احدى السفن ولكن قدر المولى عز و جل أن تهب عاصفة فتغرق السفينة بكل من عليها من ركاب (1).
شيئاً فشيئاً اتسعت العلاقات بين أوروبا و ايران في عهد الشاه عباس الأول و جاء كثير من السفراء من قبل ملوك أوروبا لعقد معاهدات سياسية (لضرب العثمانيين) أو تجارية بينهم و بين ايران.
في عام 1599 م قدم من البرتغال قسيسان الى الشاه عباس و عرف احدهما نفسه للشاه على أنه مبعوث البابا، المهم أن الشاه عباس استقبلهم في أصفهان بكل حب و عطف و منح هذا مندوب البابا صليباً مرصعاً بالفيروز و الياقوت و استفسر منه عن الدين المسيحي و المركز الديني للبابا، و جراء ذلك فقد حصلوا على إذن من الشاه بالتجول في مملكته بملابسهم الدينية دون أن يتعرض لهم أحد (2).
في هذه الاثناء كان السير الانجليزي شيرلي و أخوه و مساعدوهم يعملون على تنظيم الجيش و صنع المدفعية و البنادق و الاسلحة الاوروبية الحديثة للايرانيين لقتال الدولة العثمانية و استرداد ما فقدته الدولة الصفوية، و رأى الشاه عباس أن يتحد مع الملوك الأسبان المسيحيين في اوروبا للقضاء على العثمانيين و ارسل الشاه عباس وفدا الى اوروبا مع شيرلي هذا لنفس الهدفين الذين يردهما الاوروبيون أنفسهم و هما القضاء على العثمانيين و توطيد العلاقات التجارية بين الطرفين و لا سيما تجارة الحرير (3).
و قد كان هذا الوفد يحمل رسائل أخرى الى ملوك و حكام أوروبا و تشتمل تقريبا على النقط و الشروط و الموضوعات التالية:
1- يفتح شاه ايران باب الصداقة و الاتحاد بسبب اهتمامه بالدول المسيحية و رعاياها و كذلك لكراهيته للعدو المشترك و هو الاتراك العثمانيين.
2- رغبته في الاطمئنان الى أنه لو دخل في حرب مع هذا العدو المشترك لهما فان عبء الحرب كله لن يترك على عاتقه.
3- طلب من امبراطور المانيا و بابا روما و سائر حكام أوروبا اذا كانوا قد عقدوا أية معاهدات صداقة و مودة مع الأتراك العثمانيين أن يلغوها و اذا لم يستطيعوا مساعدة شاه ايران ضد السلطان العثماني بكل قواتهم رعاية لمصالحهم فلا أقل من أن يساعدوه في الخفاء طالما كان في حرب السلطان العثماني، و عليهم ألا يتعاونوا أو يساعدوا العدو بشكل من الأشكال.
4- لمح لحكام أوروبا أنه لما كانت جماعة من التجار الفرنج (الأوروبيين) قد عقدت اتفاقيات خاصة مع الحكومة العثمانية و أنهم يرسلون لها مختلف المهمات العسكرية من مدافع و بنادق و سفن و غيرها سواء عن الطريق البري او عن الطريق البحري لهذا فان عليهم أن يلغوا هذه الاتفاقيات بأقرب وقت ممكن.
5- نصح حكام أوروبا بأن الحرب و العداوة بينهم لن تثمر الا الى تقوية الامبراطورية العثمانية و من الأفضل ان يقبلوا نصيحتة الأخوية الخالصة و أن يسارعوا لعقد معاهدات صداقة و مودة و أن يتحدوا حتى لا يفنوا قواتهم التي يجب أن تستخدم في هزيمة العدو المشترك و لا يدمروها بلا سبب.
6- يتعهد الشاه عباس بأن يعد فوراً 60 الف مقاتل مجهزين بالبنادق و أي عدد من الفرسان و المشاه التي يراها الحلفاء لازمة للحرب في حالة ما اذا اتحدت الدول المسيحية معه ضد السلطان العثماني.
7- يعتقد شاه ايران ان الحرب الدفاعية ليس وراءها الا ضياع الوقت و المال و قتل الرجال الابرياء و تعريض الكرامة و الحيثية للخطر و أن الدول التي تأخ بهذا المبدأ تعترف بعجزها.
8- بناءا على ما سبق فانهم ان رأوا القضاء على الامبراطورية العثمانية واجبا فعليهم ان يهجموا فورا على ممتلكات تلك الدولة من الشرق و الغرب و خاصة من ناحية بلغاريا.
9- تعهد شاه ايران في حالة ما اذا قام امبراطور المانيا و ملك اسبانيا و بقية حكام اوروبا بمحاربة السلطان العثماني بالهجوم على الاراضي العثمانية فورا من ناحية الشرق و في هذه الحالة فانه يتوقع ان يرسل الامبراطور و بقية حكام اوروبا سفراء مفوضين تفويضا تاما الى ايران تتخذ اية اجراءات عسكرية برأيهم و مشورتهم.
10- اقترح الشاه عباس عقد معاهدات بين ايران و الدول الاوروبية شريطة ألا تقدم أية دولة من الحلفاء على أي عمل يكون مخالفا للسياسة العامة دون مشورة و موافقة الأخرين.
11- يعتقد شاه ايران انه اذا اتحدت ايران مع الحكام المسيحيين لأوروبا ضد الدولة العثمانية و هبوا لحربها فلا يحق لأية دولة من الحلفاء أن تنسحب من الحرب أو تدخل في صلح مع العدو دون استشارة و موافقة بقية حلفائها.
12- تعهد الشاه بأن يفتح كل ايران أمام أتباع الدين المسيحي من كل مذهب و فرقة و يسمح لهم بالذهاب حيث يشاءون و يقيموا في أي مكان و يشيدوا الكنائس و المنازل و يزاولوا طقوسهم الدينية بحرية تامة و دون أية موانع اذا اتحدت معه أوروبا ضد العثمانيين. (4)
هذه كانت المطالب و الشروط الايرانية التي ارادت توصيلها لاوروبا و لن أتعمق كثيرا في تحليلها تاركاً لكل ذي عقل هذه المهمة و لكني اشير الى أنه من جراء هذه الزيارات لهذا الوفد الى أوروبا، أن تنصر ثلاثة من هذا الوفد و انتقلوا من الاسلام الامامي الاثنا عشري الى المسيحية الكاثولوكية و كذلك حصلت أوروبا من الشاه على طمأنه من أنه سيسهل لهم تنصير كل أهل جورجيا وفق المذهب الكاثوليكي..........
.
============= ====
1- بتصرف من (ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي) ص 20
2- المرجع السابق ص 22
3- المرجع السابق ص 23
4- المرجع السابق ص (26-28)
__________________
لن تظل إيران على طول الخط متحالفة مع قوة واحدة، بل من الدهاء اللعب مع الأقوياء و لما بدأت العلاقات تتأثر بين إيران من جهة و البرتغاليين و الأسبان من جهة أخرى و لما تبدى لإيران أنها لم تعد في حاجة لاسبانيا و البرتغال اللتين تلقتا ضربات من الانجليز و لما وجدت إيران أن الأسبان و البرتغاليون يضايقون التجار الإيرانيون الذين كانوا مجبرين على الدفع بالإكراه لهم، و بعقد الصفويين الهدنة مع العثمانيين كل هذه الأمور دعت إيران على التحالف مع قوى أخرى، المهم أن لا تكون إسلامية سنية و كانت هذه المرة انجلترا التي بدأ أمرها يرتفع و تمكنت من التواجد بقوة في الهند. (1)
و حتى لا نخوض في تفاصيل هذا التحالف بين الانجليز و الإيرانيين نقول أنه من ثمرة هذا التعاون بين الطرفين الاشتراك في قتال القوات البرتغالية و الاسبانية و بالفعل نجح هذا التعاون و تمكنت إيران و انجلترا من احتلال جزيرة قشم و هرمز التي رفع عليها العلم الانجليزي بعدما رفرف العلم البرتغالي عليها أكثر من قرن من الزمان.
يمكن أن نشير إلى أن الانجليز لم يحصلوا على فائدة ذات قيمة من حرب هرمز و كان اشتراكهم في الحرب الإيرانية البرتغالية بسبب المنافسة التجارية فقط و حفظ مصالحهم في تجارة حرير إيران و لم يكن لها أي سبب سياسي لأنه عندما اتحد المسئولين في شركة الهند الشرقية الانجليزية مع إيران ضد البرتغاليين في هرمز كانت الحكومتان الانجليزية و الاسبانية في حالة صداقة و سلام. (2)
و على كل فقد اعتبرت الحكومة البريطانية اشتراك السفن الانجليزية التابعة لشركة الهند الشرقية الانجليزية تصرفا أهوجاً بل و قاضتها و افتدت الشركة نفسها بعشرات الآلاف من الجنيهات قدمتها للحكومة البريطانية للعفو عنها.
و لو أردنا العودة لبداية هذا التعاون و هذه العلاقات الانجليزية الايرانية نقول انها بدأت في عهد الشاه طهماسب كعلاقات تجارية حيث وصول بعض السفراء الانجليز الى ايران و استقبل طهماسب لهم و قد حصلوا على امتيازات تتمثل في التالي:
1- للتجار الانجليز الحرية في السفر حسب رغبتهم سواء الى جيلان أو أي مكان آخر من أملاك شاه ايران.
2- اذا حدث و تعرضت سفنهم للغرق في بحر الخرز فان رعايا ايران سوف يهبون لمساعدة الغرقى و ينقذون أموالهم و أرواحهم اذا طلبوا المساعدة.
3- اذا توفى أحد التجار في مدينة ايرانية فان حكام ايران مكلفون بالمحافظة على أمواله. و عليهم تسليمها للتاجر الآخر الذي يطالب بها.
4- يحق للتجار الانجليز شراء أو بناء المنازل اللازمة لعملهم و لا يحق لأي شخص منعهم أو الاضرار بهم
و غير ذلك من الامتيازات (3)
توطدت العلاقات أكثر و أكثر بين الإيرانيين و الانجليز في عهد شاه عباس الأول و لاسيما بقدوم روبرت شيرلي الانجليزي و أخيه و استقرارهما في إيران و قد اشرنا اليهما فيما سبق و أنهما من علما الجند الإيرانيين استخدام الأسلحة الحديثة كالمدافع و البنادق و علموهم كذلك فنون القتال، بل و قد اشترك شيرلي في قتال العثمانيين بأمر الشاه عباس و أبدى شجاعة كبيرة في القتال و الأغرب من ذلك أن الشاه زوجه إحدى فاتنات قصره الملكي – سامبسونيا بنت اسماعيل خان أحد الشركس المسلمين المقربين من الشاه -لأنه – أي روبرت شارلي – أولع حباً بها!، و بالفعل تزوجها روبرت شارلي و قامت بتغيير ديانتها الى المسيحية و تم تعميدها كذلك و تغيير اسمها الى تريزا. (4)
لقد بلغ العطف بالصفويين أنهم يرفعون من شأن الغربيين المسيحين المهم أنهم يساعدوهم في قتال العثمانيين و لا يهم عندهم الدين لهذا تراهم يتحالفون مع أصحاب أي ملة في الأرض بل و يسمحون لرعاياهم أن يغيروا دينهم بكل سهولة المهم ألا يكون هذا التغير الى الدين الحق دين أهل السنة..........
نلقاكم مع خفايا و خبايا و فضائح إيران الصفوية في الحلقات القادمة بحول الله
-- ---------- --------
1- ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي ص 106
2- المرجع السابق ص 123
3- المرجع السابق ص 136-137
4- المرجع السابق ص 153 و ما قبلها
و حتى لا نخوض في تفاصيل هذا التحالف بين الانجليز و الإيرانيين نقول أنه من ثمرة هذا التعاون بين الطرفين الاشتراك في قتال القوات البرتغالية و الاسبانية و بالفعل نجح هذا التعاون و تمكنت إيران و انجلترا من احتلال جزيرة قشم و هرمز التي رفع عليها العلم الانجليزي بعدما رفرف العلم البرتغالي عليها أكثر من قرن من الزمان.
يمكن أن نشير إلى أن الانجليز لم يحصلوا على فائدة ذات قيمة من حرب هرمز و كان اشتراكهم في الحرب الإيرانية البرتغالية بسبب المنافسة التجارية فقط و حفظ مصالحهم في تجارة حرير إيران و لم يكن لها أي سبب سياسي لأنه عندما اتحد المسئولين في شركة الهند الشرقية الانجليزية مع إيران ضد البرتغاليين في هرمز كانت الحكومتان الانجليزية و الاسبانية في حالة صداقة و سلام. (2)
و على كل فقد اعتبرت الحكومة البريطانية اشتراك السفن الانجليزية التابعة لشركة الهند الشرقية الانجليزية تصرفا أهوجاً بل و قاضتها و افتدت الشركة نفسها بعشرات الآلاف من الجنيهات قدمتها للحكومة البريطانية للعفو عنها.
و لو أردنا العودة لبداية هذا التعاون و هذه العلاقات الانجليزية الايرانية نقول انها بدأت في عهد الشاه طهماسب كعلاقات تجارية حيث وصول بعض السفراء الانجليز الى ايران و استقبل طهماسب لهم و قد حصلوا على امتيازات تتمثل في التالي:
1- للتجار الانجليز الحرية في السفر حسب رغبتهم سواء الى جيلان أو أي مكان آخر من أملاك شاه ايران.
2- اذا حدث و تعرضت سفنهم للغرق في بحر الخرز فان رعايا ايران سوف يهبون لمساعدة الغرقى و ينقذون أموالهم و أرواحهم اذا طلبوا المساعدة.
3- اذا توفى أحد التجار في مدينة ايرانية فان حكام ايران مكلفون بالمحافظة على أمواله. و عليهم تسليمها للتاجر الآخر الذي يطالب بها.
4- يحق للتجار الانجليز شراء أو بناء المنازل اللازمة لعملهم و لا يحق لأي شخص منعهم أو الاضرار بهم
و غير ذلك من الامتيازات (3)
توطدت العلاقات أكثر و أكثر بين الإيرانيين و الانجليز في عهد شاه عباس الأول و لاسيما بقدوم روبرت شيرلي الانجليزي و أخيه و استقرارهما في إيران و قد اشرنا اليهما فيما سبق و أنهما من علما الجند الإيرانيين استخدام الأسلحة الحديثة كالمدافع و البنادق و علموهم كذلك فنون القتال، بل و قد اشترك شيرلي في قتال العثمانيين بأمر الشاه عباس و أبدى شجاعة كبيرة في القتال و الأغرب من ذلك أن الشاه زوجه إحدى فاتنات قصره الملكي – سامبسونيا بنت اسماعيل خان أحد الشركس المسلمين المقربين من الشاه -لأنه – أي روبرت شارلي – أولع حباً بها!، و بالفعل تزوجها روبرت شارلي و قامت بتغيير ديانتها الى المسيحية و تم تعميدها كذلك و تغيير اسمها الى تريزا. (4)
لقد بلغ العطف بالصفويين أنهم يرفعون من شأن الغربيين المسيحين المهم أنهم يساعدوهم في قتال العثمانيين و لا يهم عندهم الدين لهذا تراهم يتحالفون مع أصحاب أي ملة في الأرض بل و يسمحون لرعاياهم أن يغيروا دينهم بكل سهولة المهم ألا يكون هذا التغير الى الدين الحق دين أهل السنة..........
نلقاكم مع خفايا و خبايا و فضائح إيران الصفوية في الحلقات القادمة بحول الله
-- ---------- --------
1- ايران و علاقتها الخارجية في العصر الصفوي ص 106
2- المرجع السابق ص 123
3- المرجع السابق ص 136-137
4- المرجع السابق ص 153 و ما قبلها
__________________
يمكن القول أن العلاقات الايرانية - الانجليزية التي ازدهرت في عهد الشاه عباس تمت بصورة تجارية محضة إلا أنها كانت في الأساس عسكرية كذلك، حيث أن التحالف بين إيران و شركة الهند الشرقية التي اتخذت من بندر عباس مقراً لها كان في الأساس يهدف إلى مقارعة البرتغاليين و الأسبان بعد تدهور العلاقات بينهما و بين إيران و تمكنت إيران بفعل هذا التحالف من الاستيلاء على جزر قشم و هرمز هذا بالإضافة كذلك لمحاولة إيران الاستعانة بالانجليز لمحاربة العثمانيين.
بعد وفاة الشاه عباس و مجئ الشاه صفي استمرت العلاقات التجارية بين الانجليز و الإيرانيين إلا أنها لم تكن في أوجها كما كانت عليه قبل وفاة شاه عباس و السبب في ذلك أن الهولنيين دخلوا على خط التجارة مع إيران و نافسوا الانجليز و بالرغم من ذلك كان للانجليز كامل الحرية للتجارة في إيران و كان مركزهم في أصفهان و كان لهم امتيازات كبيرة من ضمنها أنهم كانوا يحملون الأسلحة للدفاع عن أنفسهم!!!
هذا و نشير الى أن العلاقات الانجليزية الهولندية كانت متوترة آنذاك، حيث أنه قد اندلعت حرب بين هولندا و انجلترا في أوروبا في عام 1654 م و انعكس ذلك بالطبع على الوضع في الهند أو إيران و قللت إيران في عهد الشاة سليمان كثيرا من الامتيازات للانجليز و الهولنديين نتيجة هذه الحروب بينهما، كانت هولندا أكبر قوة عسكرية آنذاك و لكن بسبب حربها التي اندلعت مع فرنسا 1672 ضعفت قوتها كثيراً حيث ألحق دوكن قائد البحرية الفرنسية هزيمة منكرة بالهولنديين. تصالحت انجلترا مع هولندا بناءاً على رغبة الشعب الانجليزي الذين يكرهون فرنسا بل أنه منذ عام 1688 أصبحت هولندا تابعة بالكلية تحت السيطرة الانجليزية. و بهذا اختفى الدور الهولندي في هذه المنطقة و عادت من جديد السيطرة الانجليزية.
بعد وفاة الشاه سليمان خلفه الشاه السلطان حسين و كان يميل إلى الانجليز أكثر من الهولنديين حتى أنه ذهب ذات يوم مع مجموعة من نساء حرمه في أصفهان إلى المركز الانجليزي هناك و أعطى الهدايا الثمينة لمستر بروس مدير المركز و أمر بدفع نصيب الشركة عن عام من رسوم جمرك بندر عباس.
في عام 1117 هـ أصبح الخليج مسرحاً لنشاط القراصنة و لما لم يستطع الانجليز القضاء عليهم قلت هيبتهم و نفوذهم في الخليج.
هجم عرب مسقط عام 1131 هـ على البحرين و استولوا عليها و استولوا كذلك على بعض الجزر الساحلية الإيرانية و ترافق ذلك مع تدهور الأوضاع الداخلية في إيران حيث هجم الأفغان على إيران حيث هاجم محمود الأفغاني كرمان قادماً من قندهار فاضطر السلطان حسين إلى ترك العرب و الفراغ للأفغان.
بدأت العلاقات تتدهور بين الانجليز و الايرانيين في نهاية حكم الدولة الصفوية لاسيما عندما رفض الانجليز مساعدة نادر شاه أفشار للتصدي لثورة قامت في عمان و كان هذا سبب بغضه لهم في بداية حكمه الا أنه بعد ذك صار صديقاً لهم و ذلك كطبيعة العلاقات الايرانية الغربية المتغيرة دائماً.
بمقتل نادر شاه و ازدياد سوء العلاقات بين الانجليز و الإيرانيين بدأت العلاقات بينهما تفتر إلى أن جاء كريم خان زند و الذي حدث في عصره أن قصفت فرنسا مقر الشركة الشرقية في بندر عباس و تفشى الطاعون في أملاك الدولة الصفوية التي أخذت شيئاً فشيئاً بالتدهور الى أن اختفت من الوجود. (*)
و للحديث بقية في الحلقات القادمة بمشيئة الله.
- - - - - - -
* ايران و علاقاتها الخارجية في العهد الصفوي ص 179-199
بعد وفاة الشاه عباس و مجئ الشاه صفي استمرت العلاقات التجارية بين الانجليز و الإيرانيين إلا أنها لم تكن في أوجها كما كانت عليه قبل وفاة شاه عباس و السبب في ذلك أن الهولنيين دخلوا على خط التجارة مع إيران و نافسوا الانجليز و بالرغم من ذلك كان للانجليز كامل الحرية للتجارة في إيران و كان مركزهم في أصفهان و كان لهم امتيازات كبيرة من ضمنها أنهم كانوا يحملون الأسلحة للدفاع عن أنفسهم!!!
هذا و نشير الى أن العلاقات الانجليزية الهولندية كانت متوترة آنذاك، حيث أنه قد اندلعت حرب بين هولندا و انجلترا في أوروبا في عام 1654 م و انعكس ذلك بالطبع على الوضع في الهند أو إيران و قللت إيران في عهد الشاة سليمان كثيرا من الامتيازات للانجليز و الهولنديين نتيجة هذه الحروب بينهما، كانت هولندا أكبر قوة عسكرية آنذاك و لكن بسبب حربها التي اندلعت مع فرنسا 1672 ضعفت قوتها كثيراً حيث ألحق دوكن قائد البحرية الفرنسية هزيمة منكرة بالهولنديين. تصالحت انجلترا مع هولندا بناءاً على رغبة الشعب الانجليزي الذين يكرهون فرنسا بل أنه منذ عام 1688 أصبحت هولندا تابعة بالكلية تحت السيطرة الانجليزية. و بهذا اختفى الدور الهولندي في هذه المنطقة و عادت من جديد السيطرة الانجليزية.
بعد وفاة الشاه سليمان خلفه الشاه السلطان حسين و كان يميل إلى الانجليز أكثر من الهولنديين حتى أنه ذهب ذات يوم مع مجموعة من نساء حرمه في أصفهان إلى المركز الانجليزي هناك و أعطى الهدايا الثمينة لمستر بروس مدير المركز و أمر بدفع نصيب الشركة عن عام من رسوم جمرك بندر عباس.
في عام 1117 هـ أصبح الخليج مسرحاً لنشاط القراصنة و لما لم يستطع الانجليز القضاء عليهم قلت هيبتهم و نفوذهم في الخليج.
هجم عرب مسقط عام 1131 هـ على البحرين و استولوا عليها و استولوا كذلك على بعض الجزر الساحلية الإيرانية و ترافق ذلك مع تدهور الأوضاع الداخلية في إيران حيث هجم الأفغان على إيران حيث هاجم محمود الأفغاني كرمان قادماً من قندهار فاضطر السلطان حسين إلى ترك العرب و الفراغ للأفغان.
بدأت العلاقات تتدهور بين الانجليز و الايرانيين في نهاية حكم الدولة الصفوية لاسيما عندما رفض الانجليز مساعدة نادر شاه أفشار للتصدي لثورة قامت في عمان و كان هذا سبب بغضه لهم في بداية حكمه الا أنه بعد ذك صار صديقاً لهم و ذلك كطبيعة العلاقات الايرانية الغربية المتغيرة دائماً.
بمقتل نادر شاه و ازدياد سوء العلاقات بين الانجليز و الإيرانيين بدأت العلاقات بينهما تفتر إلى أن جاء كريم خان زند و الذي حدث في عصره أن قصفت فرنسا مقر الشركة الشرقية في بندر عباس و تفشى الطاعون في أملاك الدولة الصفوية التي أخذت شيئاً فشيئاً بالتدهور الى أن اختفت من الوجود. (*)
و للحديث بقية في الحلقات القادمة بمشيئة الله.
- - - - - - -
* ايران و علاقاتها الخارجية في العهد الصفوي ص 179-199
__________________
سارت الدولة الصفوية – قبل سقوطها- على نفس النهج في التحالف و إقامة العلاقات مع المستعمرين في هذه الفترة الزمنية و شملت هذه العلاقات كل صور التعاون الممكنة بل و لهثت هذه الدول للتحالف مع إيران لما كان هناك حس مبكر لهذه الدول بإمكانية الاستفادة من إيران – الصفوية – و هذا بلا شك يعكس الصورة الحالية في الوقت الراهن و إن كانت هذه العلاقات قديما تتم علانية فإنها تتم سراً و يُغطى عليها بصراخ متبادل من الطرفين لأنه ليس من المصلحة إفشائها الآن.
نعود سريعاً و في عجالة لنغلق ملف علاقات الدولة الصفوية الخارجية و من نفس المرجع الجامع الذي نقتبس منه هذه الأحداث نختصر لكم علاقات إيران مع هولندا..... حيث يعود تاريخ العلاقات الهولندية الإيرانية إلى عصر الشاه عباس تحديداً بعد استيلاء إيران على جزيرة هرمز من البرتغاليين دخل التجار الهولنديون ايران و أسسوا مركزاً لتجارتهم في بندر تاز و كان ذلك عام 1623 م و ذريعة الهولنديين للقدوم الى ايران انهم ساعدوا الانجليز في حربهم مع البرتغاليين.
في نفس هذا العام تم عقد اتفاق تجاري بين شركة الهند الشرقية الهولندية و ايران اثناء حكم شاه عباس و فيما يلي بعض البنود:
1- يسمح الشاه الايراني لكل رعايا هولندا بالسفر في كل أنحاء ايران بحرية تامة و لهم حرية شراء و بيع أي بضاعة.
2- يعفى التجار الهولنديون من دفع أية رسوم نقداً فيما عدا رسوم الطرق و لكن ليس لهم الحق في استيراد أو تصدير بضاعة تزيد عن الحد.
3- أموال الهولنديين سواء البضائع أو النقد تخضع لحريتهم في الدخول و الخروج الا البضائع الممنوعة و يستطيعون السفر مع بضائعهم في ايران.
4- يسمح للهولنديين باستخدام الاوراق و الاوزان المستعملة في بلادهم في معاملاتهم التجارية.
5- اذا توفى أحد الرعايا الهولنديين في أي مكان بايران فان الحكومة الايرانية تتعهد بتسليم أمواله الى أحد مواطنيه في ذلك المكان أو الى مندوب شركة الهند الشرقية الهولندية.
6- على المسئولين الايرانيين مساعدة التجار الهولنديين في تهيئة المسكن و المأكل و وسائل الحمل و النقل و ما شابه ذلك و توصيلهم من مدينة الى أخرى اذا اقتضت الضرورة.
7- يعد مركز تجارة شركة الهند الشرقية الهولندية آمنا من الهجوم أو التعرض له و لا يحق لأي مسئول قضائي الدخول فيه دون اذن و للهولنديين الحق في الدفاع و مقاومة أي هجوم.
8- يسمح للهولنديين باقامة كنيسة لهم في ايران.
9- اذا دخل أحد الرعايا الهولنديين في الاسلام فان مندوب الشركة يستطيع أن يلقي القبض عليه في أول فرصة و يستولي على أمواله.
10- يستطيع التجار الهولنديون تصدير أي سلعة من ايران سوى الخيل و البضائع التي تمنع الدولة تصديرها.
و بالطبع ارسلت الحكومة الهولندية خطاب شكر للشاه عباس على هذا العطف و الود الذي ابداه تجاههم و بخل به هو و من سبقه على شعبه من أهل السنة و لا زالت هذه السياسة الحقيرة سارية و لا حول و لا قوة الا بالله.
بعد ذلك بثلاث سنوات ارسل الشاه عباس الى الحكومة الهولندية ببعض المطالب منها على سبيل المثال ان تقطع هولندا كل علاقتها مع الدولة العثمانية نظراً للتضييق عليهم هناك، وضع امتيازات اضافية للتجار الهولنديين، مساعدة هولندا باغلاق الطريق التجاري البحري في الخليج بوجه السفن الاسبانية و البرتغالية لصالح هولندا و كذلك الاشتراك مع الهولنديين عسكريا لمساعدتهم في اسقاط بعض القلاع التي ما تزال في أيدي البرتغاليين مثل مسقط و لارك.
استمرت العلاقات بين الطرفين في حكم الشاه صفي خليفة الشاه عباس و تدعمت التجارة في أيدي الهولنديين على حساب الانجليز، و بالرغم من نشوب خلاف على سعر الحرير بين شاه ايران عباس الثاني و بين التجار الهولنديين الا أنه سرعان ما تم التصالح بين الطرفين و ازدهرت كثيراً التجارة أثناء حكم الشاه عباس الثاني و بالرغم من الصراع الذي نشب بين الهولنديين و الانجليز حيث نشبت حربين متتاليتين بين الطرفين انتصر الانجليز في الأولى و هزموا في الثانية ثم بدأت العلاقات التجارية بين ايران و هولندا تقل شيئاً فشيئاً في عهد الشاه سليمان.
هذا و قد سارت العلاقات بين إيران و المانيا على نحو متقارب من هذا الذي سارت عليه مع البرتغاليين و الأسبان و الانجليز و الهولنديين و التي تقوم كلها على محور الصراع مع الدولة العثمانية و العمل على ازدهار التجارة في إيران.
----------
* ايران و علاقاتها الخارجية في العهد الصفوي ص 201 - 226 (بتصرف)
نعود سريعاً و في عجالة لنغلق ملف علاقات الدولة الصفوية الخارجية و من نفس المرجع الجامع الذي نقتبس منه هذه الأحداث نختصر لكم علاقات إيران مع هولندا..... حيث يعود تاريخ العلاقات الهولندية الإيرانية إلى عصر الشاه عباس تحديداً بعد استيلاء إيران على جزيرة هرمز من البرتغاليين دخل التجار الهولنديون ايران و أسسوا مركزاً لتجارتهم في بندر تاز و كان ذلك عام 1623 م و ذريعة الهولنديين للقدوم الى ايران انهم ساعدوا الانجليز في حربهم مع البرتغاليين.
في نفس هذا العام تم عقد اتفاق تجاري بين شركة الهند الشرقية الهولندية و ايران اثناء حكم شاه عباس و فيما يلي بعض البنود:
1- يسمح الشاه الايراني لكل رعايا هولندا بالسفر في كل أنحاء ايران بحرية تامة و لهم حرية شراء و بيع أي بضاعة.
2- يعفى التجار الهولنديون من دفع أية رسوم نقداً فيما عدا رسوم الطرق و لكن ليس لهم الحق في استيراد أو تصدير بضاعة تزيد عن الحد.
3- أموال الهولنديين سواء البضائع أو النقد تخضع لحريتهم في الدخول و الخروج الا البضائع الممنوعة و يستطيعون السفر مع بضائعهم في ايران.
4- يسمح للهولنديين باستخدام الاوراق و الاوزان المستعملة في بلادهم في معاملاتهم التجارية.
5- اذا توفى أحد الرعايا الهولنديين في أي مكان بايران فان الحكومة الايرانية تتعهد بتسليم أمواله الى أحد مواطنيه في ذلك المكان أو الى مندوب شركة الهند الشرقية الهولندية.
6- على المسئولين الايرانيين مساعدة التجار الهولنديين في تهيئة المسكن و المأكل و وسائل الحمل و النقل و ما شابه ذلك و توصيلهم من مدينة الى أخرى اذا اقتضت الضرورة.
7- يعد مركز تجارة شركة الهند الشرقية الهولندية آمنا من الهجوم أو التعرض له و لا يحق لأي مسئول قضائي الدخول فيه دون اذن و للهولنديين الحق في الدفاع و مقاومة أي هجوم.
8- يسمح للهولنديين باقامة كنيسة لهم في ايران.
9- اذا دخل أحد الرعايا الهولنديين في الاسلام فان مندوب الشركة يستطيع أن يلقي القبض عليه في أول فرصة و يستولي على أمواله.
10- يستطيع التجار الهولنديون تصدير أي سلعة من ايران سوى الخيل و البضائع التي تمنع الدولة تصديرها.
و بالطبع ارسلت الحكومة الهولندية خطاب شكر للشاه عباس على هذا العطف و الود الذي ابداه تجاههم و بخل به هو و من سبقه على شعبه من أهل السنة و لا زالت هذه السياسة الحقيرة سارية و لا حول و لا قوة الا بالله.
بعد ذلك بثلاث سنوات ارسل الشاه عباس الى الحكومة الهولندية ببعض المطالب منها على سبيل المثال ان تقطع هولندا كل علاقتها مع الدولة العثمانية نظراً للتضييق عليهم هناك، وضع امتيازات اضافية للتجار الهولنديين، مساعدة هولندا باغلاق الطريق التجاري البحري في الخليج بوجه السفن الاسبانية و البرتغالية لصالح هولندا و كذلك الاشتراك مع الهولنديين عسكريا لمساعدتهم في اسقاط بعض القلاع التي ما تزال في أيدي البرتغاليين مثل مسقط و لارك.
استمرت العلاقات بين الطرفين في حكم الشاه صفي خليفة الشاه عباس و تدعمت التجارة في أيدي الهولنديين على حساب الانجليز، و بالرغم من نشوب خلاف على سعر الحرير بين شاه ايران عباس الثاني و بين التجار الهولنديين الا أنه سرعان ما تم التصالح بين الطرفين و ازدهرت كثيراً التجارة أثناء حكم الشاه عباس الثاني و بالرغم من الصراع الذي نشب بين الهولنديين و الانجليز حيث نشبت حربين متتاليتين بين الطرفين انتصر الانجليز في الأولى و هزموا في الثانية ثم بدأت العلاقات التجارية بين ايران و هولندا تقل شيئاً فشيئاً في عهد الشاه سليمان.
هذا و قد سارت العلاقات بين إيران و المانيا على نحو متقارب من هذا الذي سارت عليه مع البرتغاليين و الأسبان و الانجليز و الهولنديين و التي تقوم كلها على محور الصراع مع الدولة العثمانية و العمل على ازدهار التجارة في إيران.
----------
* ايران و علاقاتها الخارجية في العهد الصفوي ص 201 - 226 (بتصرف)
و لعل لسائل أن يسأل، لماذا أرخنا للعلاقات الخارجية لإيران بدءاً من الدولة الصفوية؟ نقول أن إيران الصفوية كأول إمبراطورية فارسية تقوم بعد الفتح العربي والتي اتخذت من الامامية الاثنا عشرية منهجاً لها بل و جعلته دستور إيران و أذاقت السنة في إيران سوء العذاب من أجل نشره بالإكراه زاعمة حماية الإسلام و المسلمين و المقدسات الإسلامية لا تختلف كثيراً عن إيران الثورة "الإسلامية" التي زعمت نفس المزاعم و استخدمت نفس الوسائل و إن اختلفت الصورة، فإذا كانت العلاقات الصفوية – الخارجية في أحسن حال و كانت علنية فهي الآن تستتر خلف الشعارات الجوفاء التي ينخدع بها جموع الناس فهي الآن سرية و لكن رائحتها تفوح بين الحين و الحين.
كذلك أيقنت الدول الاستعمارية آنذاك خطورة الدور الإيراني في تطويق العالم الإسلامي و أقرت أنه لا مناصر تأكد ولائه لها إلا الإيراني الصفوي أو البهلوي أو الخميني و أيقنوا أن عداوتها تضر و صداقتها تنفع و هي نفس النظرة الموجودة اليوم رغم كيل الاتهامات التي لا تتمخض عن شئ.
و بالعودة لسياق السرد التاريخي للعلاقات الخارجية الإيرانية يمكن القول أنه بزوال الدولة الصفوية قفز على الحكم الإيراني الكثير من أصحاب الأعراق و أهل القبائل المختلفة فخلفت الدولة الصفوية الدولة الافشارية حيث أن نادر قلي الافشاري قام بعزل طهماسب الصفوي في عام 1144 هـ (1731م) و حكم بصيغة نائب للشاه عباس الثالث ابنه و عندما توفى عباس هذا و الذي يعتبر أخر ملوك الصفويين في عام 1149ه و اعتلى نادر عرش ايران تلقب بنادر شاه الافشاري و صار بذلك المؤسس للدولة الأفشارية (1)
بانتقال الحكم إلى الأفشاريين انتقل نظام الحكم من الشيعي إلى السني حيث أن نادر هذا ينتسب إلى السنة و ربما تعتبر حقبة حكمه هي الحقبة الوحيدة السنية منذ قيام الدولة الصفوية حتى أيامنا هذه، بالرغم من ذلك فاعتبر المذهب الجعفري المذهب الخامس مع مذاهب أهل السنة الأربعة بل و دخل في صراع مع الدولة العثمانية التي كانت ترفض الاعتراف بالمذهب الجعفري كمذهب خامس و من هنا يستوقفني التناقض الكبير في المراجع التاريخية التي تدعي أنه اضطهد الشيعة و ضيق عليهم و فرض التسنن بالقوة غير أنها أثبتت كيف أنه تودد إليهم و عادى العثمانيين بسببهم بل و قام بالتجديد و التطوير للأماكن المقدسة عندهم بل أنه اعتنى بالمشهد وقدم للروضة "المطهرة عندهم" قنديلاً من الذهب المرصع مع القفل الذهبي المرصع (2)
و يمكن القول أن الحقبة الأفشارية لم تشهد تعاوناً ملحوظاً مع الخارج يمكن تسجيله و التعويل عليه اللهم إلا بعض المعاهدات التجارية التي تنظم العلاقات بين الدول و يتشابه مثل هذا الأمر مع حكم الزنديين حيث ظهر في نهايات حكم الافشاريين، كريم خان رئيس الزنديين و هي قبيلة بدوية متنقلة في إقليم فارس و الذي أصبح سيداً على أصفهان و شيراز و أغلب الجزء الجنوبي من إيران و نجاحه في صد القاجاريين و تلقب بلقب وكيل أو نائب ملك متخفياً بذلك وراء اسم أحد الصفويين الضعاف، قام كريم خان هذا بتزيين عاصمته شيراز بالقصور و الجواسق المقامة في الحدائق و المساجد و السوق الطويلة المسقوفة و كان رجلاً ذا خلق شخصي رائع و نال حب و تقدير أفراد شعبه (3)
قامت فيما بعد الدولة القاجارية و يعتبر عهد فتح على شاه هو العهد الذهبي لها و بدأ في عهده الاتصال المباشر بالدول الأوربية حيث عقد معاهدة تحالف بين فرنسا و إيران عام 1807م و توقع نابليون أن تفتح هذه المعاهدة الطرق أمامه لغزو فرنسا للهند عن طريق البر في مقابل أن تمد فرنسا إيران بالأسلحة و تستقبل بعثة عسكرية لتدريبها للتمكن من مقاومة روسيا القيصرية التي ضمت جورجيا عام 1801 م و مع هذا فقد اتفق بونابرت سريعاً مع روسيا و انتهت العداوات بين روسيا و إيران بإبرام معاهدة كلستان التي اعترفت لروسيا بامتلاك جورجيا
في عام 1814م عقدت إيران مع بريطانيا معاهدة تحالف دفاعي لم تكن ذات قيمة قط لإيران رغم أنها بقيت سارية المفعول إلى 1857 م
في عام 1826م تحاربت إيران و روسيا ثانية و اتبعت الانتصارات الإيرانية في أول الأمر بسلسلة من الهزائم استولى الروس في محصلتها على تبريز و نصت معاهدة تركمان-جاي الموقعة في عام 1828م على إعطاء روسيا إقليمي إريوان و نخجوان اللذين كانا ضمن الأراضي الإيرانية مع فرض تعويض كبير و نصت على حق السفن الروسية في الرقابة الحربية على بحر قزوين و منح روسيا كثيراً من الامتيازات و أعطى ملحق للمعاهدة – عقد بعد ذلك – لروسيا حقوقاً اقتصادية و جمركية خاصة. (4)
على هذا يمكن تمييز دورين للحرب بين روسيا و ايران، الدور الأول من عام 1804-1813م و شهد مجموعة من الحروب أبرزها حرب أتشميارين عام 1804م و انتصرت ايران فيها على الروس، حرب خانشين في 1807 و انتصرت ايران على الروس أيضاً ثم حرب أصلاندوز في 1813 حيث هزمت ايران في هذه الحرب و اضطرت الى ارسال مبعوث لها الى سان بطرس برج و وقعت المعاهدة السابق الاشارة اليها (كلستان)، و يرى الباحثين أن هذه المعاهدة من أسوأ المعاهدات التي أبرمتها إيران مع دول أوربا حيث أنها تنازلت عن الأراضي التي استولى عليها الروس منها و أقرت بملكية الروس لها و حتى حق الملاحة في بحر قزوين سحب من ايران أيضاً.
أما الدور الثاني للحرب مع الروس في عام 1826-1828م، حيث هزمت إيران في العديد من المعارك منها حرب شمكون في 1827 و في حرب كنجة في نفس العام و هذا استتبع من إيران إلى السعي إلى التفاوض مع الروس و تم إبرام معاهدة تركمان-جاي و تناولناها منذ قليل. (5)
منذ ذلك الوقت إلى القرن العشرين أصبحت إيران موزعة بين المصالح المتعارضة لروسيا و بريطانيا العظمى فهدف روسيا التوسع في أسيا و وضع موضع قدم لها في مياه الخليج الفارسي و بريطانيا تهدف إلى اتساع مستعمراتها في الخليج و في الهند.
و تحولت العداءات إلى صداقات، حيث أن روسيا تساعد محمد شاه حفيد فتح علي شاه في محاولة استرداد هراه إلا أن العملية فشلت بسبب تدخل بريطانيا، و باعتلاء ناصر الدين شاه ابن محمد شاه العرش في عام 1847م و هو في السادسة عشر من العمر امتاز عهده الطويل بالعلاقات الودية مع روسيا التي تركز نفوذها بإحكام في إيران.
في عام 1872م حصل البارون رويتر و هو صاحب مصرف بريطاني على امتياز عجيب من ناصر الدين تقع تفصيلاته في أكثر من عشرين مادة، أعطت بريطانيا العظمى الحق في إنشاء السكك الحديدة و طرق المواصلات بالسيارات و استغلال الثورة المعدنية و البترول لمدة سبعين سنة، كما أعطتها الحق في أن تشرف على الأعمال الجمركية لمدة أربع و عشرين سنة.
لما قام ناصر الدين شاه برحلته الأولى إلى أوروبا في السنة التالية استقبل بفتور شديد في روسيا فألغى الامتياز عقب رجوعه إلا أنه استرضى رويتر بعد ذلك بمنحه حق إنشاء المصرف الإمبراطوري لإيران، في 1890م أعطيت شركة انجليزية حق احتكار الطباق و الدخان و لكن الزعماء الدينين قادوا ثورة من الغضب عليها فأعلنوا تحريم استخدام الطباق في إيران حتى الغي حق الاحتكار ثم أنشأت انجلترا شبكة خطوط البرق في إيران.
و استمرت بالرغم من ذلك العلاقات مع روسيا حيث تم إنشاء لواء من القوازق الفرس على النمط الروسي على أن يدربه و يقوده ضباط روس و أعدت هذه القوات في طهران و بعض القرى الشمالية. ثم تم فتح مصرف روسي في طهران عام 1891م.
عام 1882 فتحت السفارة الأمريكية في طهران و ظفرت خمس عشرة دولة أجنبية على الأقل بحقوق و امتيازات أجنبية لرعاياها المقيمين في طهران في المدة التي تقع بين 1855 و 1900 م.
عام 1891م ابرمت روسيا و إيران اتفاقية جمركية نصت على فرض رسوم جمركية منخفضة على البضائع الواردة من روسيا و على فرض رسوم جمركية باهظة على البضائع الواردة من الدول الأخرى. (6)
كذلك أيقنت الدول الاستعمارية آنذاك خطورة الدور الإيراني في تطويق العالم الإسلامي و أقرت أنه لا مناصر تأكد ولائه لها إلا الإيراني الصفوي أو البهلوي أو الخميني و أيقنوا أن عداوتها تضر و صداقتها تنفع و هي نفس النظرة الموجودة اليوم رغم كيل الاتهامات التي لا تتمخض عن شئ.
و بالعودة لسياق السرد التاريخي للعلاقات الخارجية الإيرانية يمكن القول أنه بزوال الدولة الصفوية قفز على الحكم الإيراني الكثير من أصحاب الأعراق و أهل القبائل المختلفة فخلفت الدولة الصفوية الدولة الافشارية حيث أن نادر قلي الافشاري قام بعزل طهماسب الصفوي في عام 1144 هـ (1731م) و حكم بصيغة نائب للشاه عباس الثالث ابنه و عندما توفى عباس هذا و الذي يعتبر أخر ملوك الصفويين في عام 1149ه و اعتلى نادر عرش ايران تلقب بنادر شاه الافشاري و صار بذلك المؤسس للدولة الأفشارية (1)
بانتقال الحكم إلى الأفشاريين انتقل نظام الحكم من الشيعي إلى السني حيث أن نادر هذا ينتسب إلى السنة و ربما تعتبر حقبة حكمه هي الحقبة الوحيدة السنية منذ قيام الدولة الصفوية حتى أيامنا هذه، بالرغم من ذلك فاعتبر المذهب الجعفري المذهب الخامس مع مذاهب أهل السنة الأربعة بل و دخل في صراع مع الدولة العثمانية التي كانت ترفض الاعتراف بالمذهب الجعفري كمذهب خامس و من هنا يستوقفني التناقض الكبير في المراجع التاريخية التي تدعي أنه اضطهد الشيعة و ضيق عليهم و فرض التسنن بالقوة غير أنها أثبتت كيف أنه تودد إليهم و عادى العثمانيين بسببهم بل و قام بالتجديد و التطوير للأماكن المقدسة عندهم بل أنه اعتنى بالمشهد وقدم للروضة "المطهرة عندهم" قنديلاً من الذهب المرصع مع القفل الذهبي المرصع (2)
و يمكن القول أن الحقبة الأفشارية لم تشهد تعاوناً ملحوظاً مع الخارج يمكن تسجيله و التعويل عليه اللهم إلا بعض المعاهدات التجارية التي تنظم العلاقات بين الدول و يتشابه مثل هذا الأمر مع حكم الزنديين حيث ظهر في نهايات حكم الافشاريين، كريم خان رئيس الزنديين و هي قبيلة بدوية متنقلة في إقليم فارس و الذي أصبح سيداً على أصفهان و شيراز و أغلب الجزء الجنوبي من إيران و نجاحه في صد القاجاريين و تلقب بلقب وكيل أو نائب ملك متخفياً بذلك وراء اسم أحد الصفويين الضعاف، قام كريم خان هذا بتزيين عاصمته شيراز بالقصور و الجواسق المقامة في الحدائق و المساجد و السوق الطويلة المسقوفة و كان رجلاً ذا خلق شخصي رائع و نال حب و تقدير أفراد شعبه (3)
قامت فيما بعد الدولة القاجارية و يعتبر عهد فتح على شاه هو العهد الذهبي لها و بدأ في عهده الاتصال المباشر بالدول الأوربية حيث عقد معاهدة تحالف بين فرنسا و إيران عام 1807م و توقع نابليون أن تفتح هذه المعاهدة الطرق أمامه لغزو فرنسا للهند عن طريق البر في مقابل أن تمد فرنسا إيران بالأسلحة و تستقبل بعثة عسكرية لتدريبها للتمكن من مقاومة روسيا القيصرية التي ضمت جورجيا عام 1801 م و مع هذا فقد اتفق بونابرت سريعاً مع روسيا و انتهت العداوات بين روسيا و إيران بإبرام معاهدة كلستان التي اعترفت لروسيا بامتلاك جورجيا
في عام 1814م عقدت إيران مع بريطانيا معاهدة تحالف دفاعي لم تكن ذات قيمة قط لإيران رغم أنها بقيت سارية المفعول إلى 1857 م
في عام 1826م تحاربت إيران و روسيا ثانية و اتبعت الانتصارات الإيرانية في أول الأمر بسلسلة من الهزائم استولى الروس في محصلتها على تبريز و نصت معاهدة تركمان-جاي الموقعة في عام 1828م على إعطاء روسيا إقليمي إريوان و نخجوان اللذين كانا ضمن الأراضي الإيرانية مع فرض تعويض كبير و نصت على حق السفن الروسية في الرقابة الحربية على بحر قزوين و منح روسيا كثيراً من الامتيازات و أعطى ملحق للمعاهدة – عقد بعد ذلك – لروسيا حقوقاً اقتصادية و جمركية خاصة. (4)
على هذا يمكن تمييز دورين للحرب بين روسيا و ايران، الدور الأول من عام 1804-1813م و شهد مجموعة من الحروب أبرزها حرب أتشميارين عام 1804م و انتصرت ايران فيها على الروس، حرب خانشين في 1807 و انتصرت ايران على الروس أيضاً ثم حرب أصلاندوز في 1813 حيث هزمت ايران في هذه الحرب و اضطرت الى ارسال مبعوث لها الى سان بطرس برج و وقعت المعاهدة السابق الاشارة اليها (كلستان)، و يرى الباحثين أن هذه المعاهدة من أسوأ المعاهدات التي أبرمتها إيران مع دول أوربا حيث أنها تنازلت عن الأراضي التي استولى عليها الروس منها و أقرت بملكية الروس لها و حتى حق الملاحة في بحر قزوين سحب من ايران أيضاً.
أما الدور الثاني للحرب مع الروس في عام 1826-1828م، حيث هزمت إيران في العديد من المعارك منها حرب شمكون في 1827 و في حرب كنجة في نفس العام و هذا استتبع من إيران إلى السعي إلى التفاوض مع الروس و تم إبرام معاهدة تركمان-جاي و تناولناها منذ قليل. (5)
منذ ذلك الوقت إلى القرن العشرين أصبحت إيران موزعة بين المصالح المتعارضة لروسيا و بريطانيا العظمى فهدف روسيا التوسع في أسيا و وضع موضع قدم لها في مياه الخليج الفارسي و بريطانيا تهدف إلى اتساع مستعمراتها في الخليج و في الهند.
و تحولت العداءات إلى صداقات، حيث أن روسيا تساعد محمد شاه حفيد فتح علي شاه في محاولة استرداد هراه إلا أن العملية فشلت بسبب تدخل بريطانيا، و باعتلاء ناصر الدين شاه ابن محمد شاه العرش في عام 1847م و هو في السادسة عشر من العمر امتاز عهده الطويل بالعلاقات الودية مع روسيا التي تركز نفوذها بإحكام في إيران.
في عام 1872م حصل البارون رويتر و هو صاحب مصرف بريطاني على امتياز عجيب من ناصر الدين تقع تفصيلاته في أكثر من عشرين مادة، أعطت بريطانيا العظمى الحق في إنشاء السكك الحديدة و طرق المواصلات بالسيارات و استغلال الثورة المعدنية و البترول لمدة سبعين سنة، كما أعطتها الحق في أن تشرف على الأعمال الجمركية لمدة أربع و عشرين سنة.
لما قام ناصر الدين شاه برحلته الأولى إلى أوروبا في السنة التالية استقبل بفتور شديد في روسيا فألغى الامتياز عقب رجوعه إلا أنه استرضى رويتر بعد ذلك بمنحه حق إنشاء المصرف الإمبراطوري لإيران، في 1890م أعطيت شركة انجليزية حق احتكار الطباق و الدخان و لكن الزعماء الدينين قادوا ثورة من الغضب عليها فأعلنوا تحريم استخدام الطباق في إيران حتى الغي حق الاحتكار ثم أنشأت انجلترا شبكة خطوط البرق في إيران.
و استمرت بالرغم من ذلك العلاقات مع روسيا حيث تم إنشاء لواء من القوازق الفرس على النمط الروسي على أن يدربه و يقوده ضباط روس و أعدت هذه القوات في طهران و بعض القرى الشمالية. ثم تم فتح مصرف روسي في طهران عام 1891م.
عام 1882 فتحت السفارة الأمريكية في طهران و ظفرت خمس عشرة دولة أجنبية على الأقل بحقوق و امتيازات أجنبية لرعاياها المقيمين في طهران في المدة التي تقع بين 1855 و 1900 م.
عام 1891م ابرمت روسيا و إيران اتفاقية جمركية نصت على فرض رسوم جمركية منخفضة على البضائع الواردة من روسيا و على فرض رسوم جمركية باهظة على البضائع الواردة من الدول الأخرى. (6)
---------------
1- إيران ماضيها و حاضرها ص 95
2- راجع في ذلك تاريخ إيران بعد الإسلام – ص 717 و ما بعدها
3- إيران ماضيها و حاضرها ص 97 (بتصرف بسيط)
4- إيران ماضيها و حاضرها ص 97-98
5- راجع في ذلك تاريخ إيران بعد الإسلام ص 767-789
6- إيران ماضيها و حاضرها ص 98-103
__________________
نؤكد على ازدياد النفوذ الأجنبي في إيران و كما سبق القول أن السفارة الأمريكية فتحت في طهران في عام 1882 م (1300هـ)، وظفرت خمس عشرة دولة أجنبية على الأقل بحقوق و امتيازات أجنبية لرعاياها المقيمين في طهران في المدة التي تقع بين 1855 و 1900 م (1272-1318 هـ) وقد بذل ناصر الدين جهده بقدر المستطاع لخدمة بلاده، ولكن الظروف كانت أقوى فعلاً من أن تقاوم مقاومة فعالة.
قامت الدولة البهلوية على أنقاض الدولة القاجارية و تم تنصيب رضا خان ملكاً على إيران في عام 1925-1926 م كأول ملك للدولة البهلوية و سرعان ما سيطر بجيشه على كل أرجاء إيران و قضى على كل الحركات ذات النزعة الاستقلالية و كان يرى رضا خان أن عليه أن يزيل كل مظاهر النفوذ و السيطرة الأجنبية على بلاده و بالفعل سعى لذلك و كان يريد أيضاً أن يحول بلاده إلى بلد حضاري متمدن لا ديني يضاهي البلاد الأوربية فقلل من دور رجال الدين كثيراً و قضى على كثير من المظاهر الاسلامية المعروفة في ايران و أعطى حقوق أكثر للمرأة و عمل جاهداً على تنمية بلاده اقتصاديا و نجح بعض الشئ في هذا الأمر الا أن حبه في السيطرة و جمع الثروات جعلت منه ديكتاتوراً. (1)
مع انتهاء الحرب العالمية الأولى على النطاق العالمي فقد انتهت القيصرية و حل محلها خطر جديد يهدد مصالح الغرب في الصميم و سقطت الدولة العثمانية التي ظلت ترنو إلى الأراضي الممتدة إلى الشرق منها على مدى قرون و زال الخطر الالماني و قتياً لتظهر الولايات المتحدة كقوة أكثر فاعلية و تأثيراً في الشرق الأوسط و قد خلقت هذه العوامل مع غيرها صراعاً دولياً جديداً في شكله لا في مضمونه حول ايران و على سبيل المثال فقط نشير إلى أنه في الوقت الذي لم تشر سلسلة المعاهدات و الامتيازات البريطانية الايرانية قبل الحرب الى رد فعل ملموس في الولايات المتحدة الأمريكية نرى أن عقد معاهدة عام 1919 بن الدولتين نفسيهما يدفع بوزير الخارجية الأمريكي إلى أن يصدر تعليمات صريحة لوزير بلاده المفوض في طهران تقضي بالعمل جدياً للحيلولة دون تصديق المجلس الإيراني على المعاهدة لأنها تزيد من صعوبة الشركات الامريكية للحصول على الامتيازات (2)
تفطنت أمريكا مبكراً لأهمية إيران و أهمية كسب صداقتها و احتوائها و هذا ما دفع اللورد ملنر للقول ما نصه (إننا لا نرغب قطعياً في أن نجعل أنفسنا مسؤولين عن الحكومة الإيرانية لكننا نود مساعدتها حتى تستطيع الوقوف على قدميها ذلك لأنها إن وقعت في أيدي الروس أو تحالفت مع روسيا فان كل مركزنا في الشرق سيختل بحيث تصبح كلفة المحافظة عليه باهظة جداً) (3)
و لكننا سوف نترك أمريكا الآن لنلقي الضوء على جانباً مهماً من طبيعة العلاقات الإيرانية الغربية و التي لا تختلف قديماً أو حديثاً فكانت إيران لا تقطع علاقتها كلياً مع الدول الاستعمارية إذا تنقلت من إقامة علاقات من دولة لأخرى معارضة لها فزاد النفوذ الالماني على حساب الروسي أو البريطاني إلا أنها لم تقطع العلاقة بهما كلياً، و قد التزمت إيران الحياد في الحرب العالمية الأولى غير أنها دخلت مكرهة في آتون الثانية رغم حياديتها فيها حيث أنه في 26 أغسطس من عام 1941 هاجمت القوات الروسية ايران من الشمال الغربي و دخلت القوات البريطانية ايران من ناحية الحدود العراقية و أنزلت قوات على رأس الخليج الفارسي و قامتا السفن البريطانية بهجوم مباشر على القوات البحرية الايرانية في خرمشهر فأغرقت جميع السفن الايرانية و أحدثت خسائر فادحة في الأرواح و أبدى الجيش الايراني مقاومة واهية انتهت بعد ثلاث أيام و فكر رضا شاه في خير وسيلة لانقاذ بلاده و الاسرة البهلوية فتنازل عن العرش و أخذ تحت الحراسة البريطانية الى جزيرة موريشوس ثم الى جنوبي أفريقيا حيث توفي هناك عام 1944، و خلفه ابنه محمد رضا على عرش إيران و أقام معاهدة مع بريطانيا و روسيا تؤيد الحرب ضد المانيا نظير احترام روسيا و بريطانيا سيادة ايران و استقلالها السياسي و المحافظة على حدودها و دعمها اقتصاديا (4)
--------- -
قامت الدولة البهلوية على أنقاض الدولة القاجارية و تم تنصيب رضا خان ملكاً على إيران في عام 1925-1926 م كأول ملك للدولة البهلوية و سرعان ما سيطر بجيشه على كل أرجاء إيران و قضى على كل الحركات ذات النزعة الاستقلالية و كان يرى رضا خان أن عليه أن يزيل كل مظاهر النفوذ و السيطرة الأجنبية على بلاده و بالفعل سعى لذلك و كان يريد أيضاً أن يحول بلاده إلى بلد حضاري متمدن لا ديني يضاهي البلاد الأوربية فقلل من دور رجال الدين كثيراً و قضى على كثير من المظاهر الاسلامية المعروفة في ايران و أعطى حقوق أكثر للمرأة و عمل جاهداً على تنمية بلاده اقتصاديا و نجح بعض الشئ في هذا الأمر الا أن حبه في السيطرة و جمع الثروات جعلت منه ديكتاتوراً. (1)
مع انتهاء الحرب العالمية الأولى على النطاق العالمي فقد انتهت القيصرية و حل محلها خطر جديد يهدد مصالح الغرب في الصميم و سقطت الدولة العثمانية التي ظلت ترنو إلى الأراضي الممتدة إلى الشرق منها على مدى قرون و زال الخطر الالماني و قتياً لتظهر الولايات المتحدة كقوة أكثر فاعلية و تأثيراً في الشرق الأوسط و قد خلقت هذه العوامل مع غيرها صراعاً دولياً جديداً في شكله لا في مضمونه حول ايران و على سبيل المثال فقط نشير إلى أنه في الوقت الذي لم تشر سلسلة المعاهدات و الامتيازات البريطانية الايرانية قبل الحرب الى رد فعل ملموس في الولايات المتحدة الأمريكية نرى أن عقد معاهدة عام 1919 بن الدولتين نفسيهما يدفع بوزير الخارجية الأمريكي إلى أن يصدر تعليمات صريحة لوزير بلاده المفوض في طهران تقضي بالعمل جدياً للحيلولة دون تصديق المجلس الإيراني على المعاهدة لأنها تزيد من صعوبة الشركات الامريكية للحصول على الامتيازات (2)
تفطنت أمريكا مبكراً لأهمية إيران و أهمية كسب صداقتها و احتوائها و هذا ما دفع اللورد ملنر للقول ما نصه (إننا لا نرغب قطعياً في أن نجعل أنفسنا مسؤولين عن الحكومة الإيرانية لكننا نود مساعدتها حتى تستطيع الوقوف على قدميها ذلك لأنها إن وقعت في أيدي الروس أو تحالفت مع روسيا فان كل مركزنا في الشرق سيختل بحيث تصبح كلفة المحافظة عليه باهظة جداً) (3)
و لكننا سوف نترك أمريكا الآن لنلقي الضوء على جانباً مهماً من طبيعة العلاقات الإيرانية الغربية و التي لا تختلف قديماً أو حديثاً فكانت إيران لا تقطع علاقتها كلياً مع الدول الاستعمارية إذا تنقلت من إقامة علاقات من دولة لأخرى معارضة لها فزاد النفوذ الالماني على حساب الروسي أو البريطاني إلا أنها لم تقطع العلاقة بهما كلياً، و قد التزمت إيران الحياد في الحرب العالمية الأولى غير أنها دخلت مكرهة في آتون الثانية رغم حياديتها فيها حيث أنه في 26 أغسطس من عام 1941 هاجمت القوات الروسية ايران من الشمال الغربي و دخلت القوات البريطانية ايران من ناحية الحدود العراقية و أنزلت قوات على رأس الخليج الفارسي و قامتا السفن البريطانية بهجوم مباشر على القوات البحرية الايرانية في خرمشهر فأغرقت جميع السفن الايرانية و أحدثت خسائر فادحة في الأرواح و أبدى الجيش الايراني مقاومة واهية انتهت بعد ثلاث أيام و فكر رضا شاه في خير وسيلة لانقاذ بلاده و الاسرة البهلوية فتنازل عن العرش و أخذ تحت الحراسة البريطانية الى جزيرة موريشوس ثم الى جنوبي أفريقيا حيث توفي هناك عام 1944، و خلفه ابنه محمد رضا على عرش إيران و أقام معاهدة مع بريطانيا و روسيا تؤيد الحرب ضد المانيا نظير احترام روسيا و بريطانيا سيادة ايران و استقلالها السياسي و المحافظة على حدودها و دعمها اقتصاديا (4)
--------- -
1- ايران ماضيها و حاضرها ص 119-121
2- ايران في سنوات الحرب العالمية الثانية ص 25
3- ايران في سنوات الحرب العالمية الثانية ص 26
4- ايران ماضيها و حاضرها 121-122
2- ايران في سنوات الحرب العالمية الثانية ص 25
3- ايران في سنوات الحرب العالمية الثانية ص 26
4- ايران ماضيها و حاضرها 121-122
__________________
نشأة العلاقات الإيرانية الأمريكية
:كانت الولايات المتحدة من أوائل الدول التي اعترفت بالشاه رضا بهلوي حاكما على إيران في مايو ١٩٢٥ كما تم تعين السفير هورني بروك سفيرا لواشنطن في طهران بدرجة وزير وعيّن ميريام قائما بالأعمال في قنصليتها في طهران وظلت العلاقات الدبلوماسية قائمة بفاعلية عدة سنوات بين الدولتين دعمت الولايات المتحدة خلالها قدميها في جميع اﻟﻤﺠالات الإيرانية تقريبا حيث انتشر رجالها في قطاعات التجارة والتنقيب عن الآثار وحقول البترول والتبشير والتعليم وفي بعض المواقع الإدارية ا لمهمة في الحكومة الإيرانية كخبراء متخصص. (1)
و مما يجدر الإشارة إليه أن النظام الإيراني في عهد رضا شاه كان نظام ديكتاتوري و ليس دولة مؤسسات ديمقراطية – كما النظام في أمريكا التي كانت تتبنى هذه المبادئ الليبرالية الديمقراطية، الا أن المصالح تغلب العلاقات بين الدول كما هو معلوم و هذا أيضاً يتفق كثيراً مع العلاقات الإيرانية الغربية بصفة عامة، و يصف صاحب كتاب إيران في سنوات الحرب العالمية الثانية مثل هذه العلاقة بالقول "من خلال هذه العوامل المؤثرة و أخرى مرتبطة بها يمكن تفسير التناقض أو بالأحرى التذبذب الذي تميزت به سياسة العاهل البهلوي الأول تجاه بريطانيا، مع العلم أن التذبذب نفسه غالباً ما كان ظاهرياً أكثر منه واقعياً" (2) و هناك العديد من هذه الأمثلة التي تصف بدقة هذا الإطار من العلاقات المتذبذبة و مع بريطانيا أيضاً ، "سرعان ما توترت علاقات البلدين من جديد، و لكن دونما أن يتعدى الأمر ثانية الإطار الذي أشرنا إليه قبل قليل. و قد نجم الخلاف هذه المرة عن البحرين أولاً و عن امتياز النفط بعده. فعندما وقعت بريطانيا اتفاقية عام 1927 مع ابن سعود تعهد الأخير لها بعدم التدخل في شئون الكويت و عمان و البحرين مما كان يعني اعترافاً ضمنياً بالنفوذ البريطاني على المشيخات المذكورة بينما كانت ايران تدعي بالسيادة على البحرين معتبرة اياها أقليمها الرابع عشر، و بالرغم من الزوبعة التي أثارها رضا شاه حول الموضوع الا أن مفعول تهديداته لم يتعد صفحات الجرائد الايرانية ذلك لأن أقصى ما لجأ اليه في هذا الصدد اقتصر على تقديم شكوى الى عصبة الأمم" (3) و هذا الإطار من العلاقات بين ايران و بريطانيا هو ذاته الذي دارت في فلكه العلاقات الامريكية الايرانية.
و نؤكد ذلك فنقول أنه نتيجة لتباين النظامين فإن العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين تعرضت لهزات عنيفة لأتفه الأسباب. من بينها الصحافة الأمريكية التي أصبحت عقبة كؤودا أمام الشاه، نظرا لأنها تعبر عن الرأي العام الأمريكي بصراحة وتحلل جميع الأحداث العالمية والداخلية بكل وضوح بما تملكه من وسائل تقنية متقدمة، و لما كانت الحكومة في إيران تحجب عن الشعب الكثير من الحقائق معتمدة على أسلوب التعتيم الموجه للسيطرة على عقل ووجدان الشعب تدعيما للنظام الحاكم ، فقد ظلت تعليقات ومقالات الصحافة الأمريكية على ما يجري في إيران تقض مضاجع الحكومة ، وأثرت دوما في علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية سلبا وإيجابا. ولعل قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإغلاق سفارة إيران في واشنطن ١٩٣٦ إثر نشر
بعض المقالات في الصحف الأمريكية عن الشاه وإيران ، إثر حادث توقيف السفير الإيراني، دليل على تلك السياسة (4). و ظلت العلاقات مقطوعة لمدة ثلاث سنوات و لما عادت اتسمت يالشك و الحذر لفترة طويلة، و مختصر موضوع السفير أنه كان يقود سيارته في احدى الولايات الامريكية بسرعة جنونية و تم توقيفه و شنت الصحافة الايرانية هجوماً عنيفاً على السلطات الأمريكية بالرغم من اعتذار السلطات الامريكية عن هذا التوقيف مدعية أنه سفير له حصانة دبلوماسية و لا ينبغي توقيفه و التشهير به في الأعلام هكذا و من ناحيتها ردت وسائل الاعلام الامريكية على وسائل الاعلام الايرانية مما عمل الى صراع انتهى بقطع العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين (5)
بالرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين الا أنه قد تم تعيين السيد انجرت قائماً للأعمال الأمريكية في ايران و قد لاقى ترحيباً كبيراً لدى الشاه لعلاقات سابقة بينهما و قد أحلت أمريكا أنجرت بقائم أخر للأعمال و هو موس ، و ليس هذا فقط بل ان القنصلية الامريكية في ايران أقامت الاحتفال السنوي باستقلال الولايات المتحدة في 4 يوليو 1937 و دعي إليه جميع الدبلوماسيين الأجانب في طهران وكذا كبار رجال الدولة الإيرانية و حضر بالفعل خمسة عشر من كبار الوزراء الإيرانين ومن بينهم رئيس البرلمان وقدموا اعتذارهم عن تغيب بقية الوزراء لانشغالهم بأمر توقيع اتفاقية ترسيم الحدود العراقية – الإيرانية.
القائم الجديد بالأعمال الأمريكية "موس" لوح للشاه بأن الحكومة الأمريكية يسعدها موافقة الشاه رضا بهلوي على استقبال السيد موري (رئيس الدائرة الثالثة السياسية لشؤون الشرق الأدنى في الخارجية الأمريكية) في ديوانه أثناء وجوده في إيران خاصة أنه سيحمل رسالة من الرئيس روزفلت للشاه وأن أي إيضاحات قد يبديها الشاه سوف تكون موضع تقدير الإدارة الأمريكية وفي الموعد المحدد وصل
موري إلى طهران وكان يحمل معه رسالة الرئيس روزفلت التي تناولت قضايا تهم الطرفين الأمريكي والإيراني وأبرزها مسألة العلاقات الودية وميثاق سعد أباد وأمور أخرى منها الإشادة بإصلاحات الشاه في بلاده وتشجيعه على السير على نهج تركيا في تحديث بلاده كما أكدت على مشاعر الصداقة القوية بين البلدين (6)
و نستكمل نشأة و تطور العلاقات بين أمريكا و ايران في الحلقات القادمة بمشيئة الله
- ---- -
1- تاريخ إيران السياسي بين ثورتين – ص 91
2- ايران في سنوات الحرب العالمية الثانية – ص 27
3- السابق ص 27-28.
4- تاريخ إيران السياسي بين ثورتين – ص 92
5- راجع بالتفصيل و مزيد من المعلومات حول ما ورد في الصحافة الامريكية و كان سبباً لاشتعال الخلاف بين الطرفين في تاريخ إيران السياسي بين ثورتين ص 92- 97
6- باختصار من تاريخ إيران السياسي بين ثورتين ص 97-99
__________________
ما زلنا و اياكم نناقش نشأة و تطور العلاقات بين أمريكا و ايران ففي عام 1941 تنازل رضا شاه عن العرش مرغماً لابنه محمد رضا شاه والحقيقة أن الاتفاق على خلع رضا بهلوى لم يؤيده السوفييت والبريطانيون وحدهم وإنما دعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية قبل ذلك بكثير ، إذ طلب سفير الولايات المتحدة في طهران دريفوس من حكومته في ١٥ أغسطس ١٩٤١ وفي تقريرين منفصلين القيام بعمل فعال من أجل تغيير رأس الدولة الإيرانية إما بعمل انقلاب أو نقل رضا بهلوي بطائرة أمريكية لمكان بعيد عن البلاد تؤمن فيه سلامته. وكانت إشارته واضحة بأن الأمر منوط باﻟﻤﺨابرات الأمريكية القادرة على فعل ذلك. (1)
و كانت الحرب العالمية الثانية مشتعلة آنذاك و قرر ابرام معاهدة ودية مع الحلفاء تؤيد متابعة الحرب ضد ألمانيا، و بالفعل قد أمضيت معاهدة للتحالف الثلاثي بين ايران و بريطانيا و روسيا في 29 يناير 1942 و تعهدت بريطانيا و روسيا في أول مادة من هذه المعاهدة باحترام سيادة إيران و استقلالها السياسي و المحافظة على حدودها كما وافقت الحليفتان على بذل المحاولات اللازمة لتأمين الكيان الاقتصادي للشعب الايراني لحفظه من الفاقة و الصعوبات التي تكون نتيجة الحرب. و عينت المواد الأخرى التسهيلات التي يجب منحها للحليفتين في أثناء حربهما ضد ألمانيا و أكدت المعاهدة أن وجود القوات المتحالفة في الاراضي الايرانية لا يعني احتلالا عسكريا و أن هذه القوات يجب ان تنسحب من الأراضي الايرانية في خلال مدة لا تزيد على ستة أشهر بعد انتهاء الحرب بين قوات الحلفاء و بين ألمانيا و حليفاتها.
في أوائل عام 1942 بدأت الامدادات المقررة لروسيا تصل الى رأس الخليج الفارسي و تدخل بواسطة الخطوط الحديدية الايرانية و طرق السيارات المؤدية الى الشمال كما وصلت أولى القوات الأمريكية الى ايران في ديسمبر 1942 و هي قوات عرفت باسم "قيادة الخليج الفارسي" و التي بلغ عددها في النهاية 30000 رجل، و قد استغل الامريكيون الخط الحديدي الممتد من الخليج الفارسي الى طهران، و كذلك قوافل السيارات التي تنقل من الخليج الى شمال ايران حيث كانت الامدادات تسلم للروس، فحمل خط النقل بالسايرات 400000 طن من مواد الحرب، بينما نقل الخط الحديدي أربعة مليون طن من الامدادات سلمت جميعها لروسيا السوفيتية و ايران، و تمكن الحلفاء بفضل تعاونهم و كفايتهم أن ينقلوا خمسة ملايين طن من مواد الحرب عبر ايران و يسلموها للجيش الروسي.(2)
و بهذا يمكن القول أن إيران في جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بإعلانها الحرب على ألمانيا و قطع علاقتها معها و مع ايطاليا و اليابان ، بل أصبحت إيران في محور هذه الحرب حيث أنه في أخر نوفمبر 1943 جاء روزفلت و تشرشل و ستالين إلى إيران لحضور مؤتمر طهران و كان ميثاق طهران ذا أهمية حيوية بالنسبة للإيرانيين فقد اعترف الزعماء المتحالفون فيه بالمساعدة التي قدمتها إيران في الحرب و وافقوا على مواصلة تقديم المساعدة الاقتصادية لإيران، و قرروا أن المشاكل الاقتصادية التي سوف تواجه إيران بعد الحرب ينبغي أن تعطي عناية بواسطة المؤتمرات الدولية أو ممثلي الدول و عبروا كذلك عن رغبتهم في رعاية استقلال إيران و سيادتها و سلامة حدودها.(3)
يتضح جليا من تسلسل الحوار الحميم بين الحلفاء ومحركهم الكبير الولايات المتحدة كيف دخلت الولايات المتحدة عمليا في الحرب لمؤازرة الحلفاء، وعندما أصبحت مساندتها ضرورة ملحة. ولكن لم تنس الولايات المتحدة مطلقا مصالحها الحالية والمستقبلية في إيران، التي ألزمتها مرحليا مد يد العون الكامل لنصرة الديموقراطية ضد الفاشية والنازية. أما إيران التي سقطت في قبضة الحلفاء، حيث القوات البريطانية جنوبا والشيوعية شمالا، فما كان أمامها سوى الخضوع والإذعان لأوامر الحلفاء. (4)
المهم أن ضغط الحرب كان شديداً على ايران فقل الطعام و البضائع الأخرى و زاد التضخم المالي بسبب ارتفاع الاسعار ، و تتابعت الحكومات و التي كان شاغلها الشاغل هو توفير الاحتياجات الاساسية و فشلها في ذلك.
يمكن القول أنه في خضم انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بتأمين مصالحها بعد الحرب في ا لمنطقة ، كان الشاه الإيراني الجديد محمد رضا بهلوي قد استوعب تماما درس إكراه والده على التنازل عن عرش الطاووس بقرار صادر من لندن وبتأييد من موسكو لهذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية الوجه الوحيد الذي ارتبطت به أحلامه المستقبلية. وقد كرر الإعلان عن تقدير حكومته لمبادئ حلف الأطلنطي ورغبته في الاستفادة منه ومساواته بدول العالم الأخرى التي وقعت على تحالف مع بريطانيا والاتحاد السوفييتي وأكد على دورها في حماية استقلال وأمن بلاده. وقد بادر روزفلت بالكتابة إلى الشاه محمد رضا بهلوي وأخبره بأنه بعد اطلاعه بالفعل على الاتفاقية الثلاثية تأكد أن نصوصها قائمة على احترام استقلال ووحدة إيران. كما أعرب عن يقينه بأن توقيع الشاه على المعاهدة سيدفع عجلة الأمن والأمان لبلاده و هذا ينعكس على شعبه بالازدهار والتقدم (5)
زادت العلاقات الامريكية الايرانية توطيداً في فبراير 1948 عندما وافق البرلمان الإيراني على قانون يوصي بشراء ما قيمته 10 ملايين دولار من المهمات الحربية الأمريكية الفائضة و هو اقتراح كان يهدف الى تحسين مهمات قوات الأمن الايرانية. (6)
في 16 نوفمبر 1949 يصل الشاه الى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية و يشترك حتى وقت رحيله في آخر العام في عدة حفلات عامة، و أدلى بأحاديث عن أهداف دولته و احتياجاتها بلغة انجليزية سلسة. (7)
و كانت الحرب العالمية الثانية مشتعلة آنذاك و قرر ابرام معاهدة ودية مع الحلفاء تؤيد متابعة الحرب ضد ألمانيا، و بالفعل قد أمضيت معاهدة للتحالف الثلاثي بين ايران و بريطانيا و روسيا في 29 يناير 1942 و تعهدت بريطانيا و روسيا في أول مادة من هذه المعاهدة باحترام سيادة إيران و استقلالها السياسي و المحافظة على حدودها كما وافقت الحليفتان على بذل المحاولات اللازمة لتأمين الكيان الاقتصادي للشعب الايراني لحفظه من الفاقة و الصعوبات التي تكون نتيجة الحرب. و عينت المواد الأخرى التسهيلات التي يجب منحها للحليفتين في أثناء حربهما ضد ألمانيا و أكدت المعاهدة أن وجود القوات المتحالفة في الاراضي الايرانية لا يعني احتلالا عسكريا و أن هذه القوات يجب ان تنسحب من الأراضي الايرانية في خلال مدة لا تزيد على ستة أشهر بعد انتهاء الحرب بين قوات الحلفاء و بين ألمانيا و حليفاتها.
في أوائل عام 1942 بدأت الامدادات المقررة لروسيا تصل الى رأس الخليج الفارسي و تدخل بواسطة الخطوط الحديدية الايرانية و طرق السيارات المؤدية الى الشمال كما وصلت أولى القوات الأمريكية الى ايران في ديسمبر 1942 و هي قوات عرفت باسم "قيادة الخليج الفارسي" و التي بلغ عددها في النهاية 30000 رجل، و قد استغل الامريكيون الخط الحديدي الممتد من الخليج الفارسي الى طهران، و كذلك قوافل السيارات التي تنقل من الخليج الى شمال ايران حيث كانت الامدادات تسلم للروس، فحمل خط النقل بالسايرات 400000 طن من مواد الحرب، بينما نقل الخط الحديدي أربعة مليون طن من الامدادات سلمت جميعها لروسيا السوفيتية و ايران، و تمكن الحلفاء بفضل تعاونهم و كفايتهم أن ينقلوا خمسة ملايين طن من مواد الحرب عبر ايران و يسلموها للجيش الروسي.(2)
و بهذا يمكن القول أن إيران في جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بإعلانها الحرب على ألمانيا و قطع علاقتها معها و مع ايطاليا و اليابان ، بل أصبحت إيران في محور هذه الحرب حيث أنه في أخر نوفمبر 1943 جاء روزفلت و تشرشل و ستالين إلى إيران لحضور مؤتمر طهران و كان ميثاق طهران ذا أهمية حيوية بالنسبة للإيرانيين فقد اعترف الزعماء المتحالفون فيه بالمساعدة التي قدمتها إيران في الحرب و وافقوا على مواصلة تقديم المساعدة الاقتصادية لإيران، و قرروا أن المشاكل الاقتصادية التي سوف تواجه إيران بعد الحرب ينبغي أن تعطي عناية بواسطة المؤتمرات الدولية أو ممثلي الدول و عبروا كذلك عن رغبتهم في رعاية استقلال إيران و سيادتها و سلامة حدودها.(3)
يتضح جليا من تسلسل الحوار الحميم بين الحلفاء ومحركهم الكبير الولايات المتحدة كيف دخلت الولايات المتحدة عمليا في الحرب لمؤازرة الحلفاء، وعندما أصبحت مساندتها ضرورة ملحة. ولكن لم تنس الولايات المتحدة مطلقا مصالحها الحالية والمستقبلية في إيران، التي ألزمتها مرحليا مد يد العون الكامل لنصرة الديموقراطية ضد الفاشية والنازية. أما إيران التي سقطت في قبضة الحلفاء، حيث القوات البريطانية جنوبا والشيوعية شمالا، فما كان أمامها سوى الخضوع والإذعان لأوامر الحلفاء. (4)
المهم أن ضغط الحرب كان شديداً على ايران فقل الطعام و البضائع الأخرى و زاد التضخم المالي بسبب ارتفاع الاسعار ، و تتابعت الحكومات و التي كان شاغلها الشاغل هو توفير الاحتياجات الاساسية و فشلها في ذلك.
يمكن القول أنه في خضم انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بتأمين مصالحها بعد الحرب في ا لمنطقة ، كان الشاه الإيراني الجديد محمد رضا بهلوي قد استوعب تماما درس إكراه والده على التنازل عن عرش الطاووس بقرار صادر من لندن وبتأييد من موسكو لهذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية الوجه الوحيد الذي ارتبطت به أحلامه المستقبلية. وقد كرر الإعلان عن تقدير حكومته لمبادئ حلف الأطلنطي ورغبته في الاستفادة منه ومساواته بدول العالم الأخرى التي وقعت على تحالف مع بريطانيا والاتحاد السوفييتي وأكد على دورها في حماية استقلال وأمن بلاده. وقد بادر روزفلت بالكتابة إلى الشاه محمد رضا بهلوي وأخبره بأنه بعد اطلاعه بالفعل على الاتفاقية الثلاثية تأكد أن نصوصها قائمة على احترام استقلال ووحدة إيران. كما أعرب عن يقينه بأن توقيع الشاه على المعاهدة سيدفع عجلة الأمن والأمان لبلاده و هذا ينعكس على شعبه بالازدهار والتقدم (5)
زادت العلاقات الامريكية الايرانية توطيداً في فبراير 1948 عندما وافق البرلمان الإيراني على قانون يوصي بشراء ما قيمته 10 ملايين دولار من المهمات الحربية الأمريكية الفائضة و هو اقتراح كان يهدف الى تحسين مهمات قوات الأمن الايرانية. (6)
في 16 نوفمبر 1949 يصل الشاه الى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية و يشترك حتى وقت رحيله في آخر العام في عدة حفلات عامة، و أدلى بأحاديث عن أهداف دولته و احتياجاتها بلغة انجليزية سلسة. (7)
-------------------------------------------------
1- تاريخ ايران السياسي 143
2- ايران ماضيها و حاضرها 122-123
3- السابق 124
4- تاريخ ايران السياسي 139
5- السابق 150
6- ايران ماضيها و حاضرها 129
7- السابق 130
2- ايران ماضيها و حاضرها 122-123
3- السابق 124
4- تاريخ ايران السياسي 139
5- السابق 150
6- ايران ماضيها و حاضرها 129
7- السابق 130
__________________
مرة ثانية نؤكد على أن الشاه محمد رضا لم يكن لديه أي خيار سوى الارتماء في أحضان أمريكا، و نقول "إذا كان تولي رضا شاه العرش فترة الاحتلال الانجلوسوفيتي لإيران أثناء الحرب العالمية الثانية، فان الصيغة التي اعتلى بها العرش بعد خلع والده رسخت في وجدانه كراهية عميقة لدولتي الاحتلال، و جعلته يبحث عن سند دولي جديد يساعده في تحقيق طموحه لوضع بصمات لعهده تتخطى انجازات أبيه، بعد اقتناعه لأن الحنكة السياسية و الخبرة الادارية يتوجهما الاعتماد على قوة عسكرية تؤمن للحاكم السيطرة الكاملة على شؤون دولته داخليا و خارجياً ، كما أدرك أهمية وجود جيش قوي يحمي عرش الطاووس من الانتفاضات العرقية التي ما فتأت تخرج عليه من آن لآخر كما كان الحال في عهد أبيه، نظراً لأن ايران تتكون من أعراق عدة فالفرس، و هم السكان الأصليون الذين ينحدرون من أصول هندوأوروبية و يشكلون نصف سكانها، و يعتبرون أنفسهم الحماة الحقيقيين لإيران الحضارة و التاريخ، بالاضافة الى إثني عشر مليون كردي يقطنون أذربيجان، و مذهبهم السنة و يداخلهم دائما احساس بأن الحكومة تهدد بقائهم كعرق و لغة مختلفة، مما جعلهم يتمردون باستمرار على السلطة المركزية في طهران .... و كذلك هناك البدو الرحل و البلوش و غيرهم ....." (1)
و من ضمن الأمور التي دعمت العلاقات او المصالح المشتركة بين ايران و أمريكا هو الحركات الانفصالية و التي كانت غالباً ما تدعمها انجلترا أو الاتحاد السوفيتي و تشكل خطراً على ايران و من جهة أخرى الرغبة الأمريكية في وقف المد الشيوعي السوفيتي و وضع ايران كحاجز لمثل هذا المد "وأثناء محاولة الحكومة استعادة آذربايجان الخصبة الغنية طلب الشاه من الولايات المتحدة وحدها مساعدته في إخراج القوات السوفييتية التي كانت مرابطة بالإقليم لحماية الحركة الشيوعية الانفصالية بآذربايجان ورغبة من ستالين في الاحتفاظ بحصة سخية من بترول إيران ، فكانت استجابة الولايات المتحدة فورية وتعهدت بحماية عرش الطاووس مقابل تسخير إيران في صراعها الأيديولوجي ضد الاتحاد السوفييتي. ولمدة أربعة عقود وحتى قيام الثورة الدينية ظل التعاون العضوي وتبادل المصالح قائما بين الأسد الإيراني والكونكورد الأمريكي". (2)
تعرض الشاه لمحاولة اغتيال في فبراير 1949 و تم قتل الذي قام بها و كان هذا الحادث سببا في زيادة ديكتاتورية و استبداد الشاه محمد رضا حيث تمخض عنه اعتقال العديد من أنصار الحركات الوطنية و الدينية المعارضة للشاه و كان من بين المعتقلين الدكتور محمد مصدق لكن القرارات الملكية الجديدة قوبلت بمعارضة شديدة من قبل الإيرانيين وخصوصا مجموعة مصدق ومن انضم إليه من التجار والأعيان وعلماء الدين برئاسة آية الله كاشاني ، وكذا جماعات من الوطنييين الليبراليين ومن الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية، الذين كونوا الجبهة الوطنية التي بدأت أعمالها بالمطالبة بإجراء انتخابات حرة وبحرية الصحافة وإنهاء الأحكام العرفية وبتنفيذ القانون طبقا للدستور وكانت أهم مطالبهم تأميم شركة البترول الإنجليزية الإيرانية.
مع مطلع عام ١٩٥٠ لقيت الجبهة الوطنية تأييدا كبيرا من مختلف طبقات الشعب الإيراني سواء من الطلبة أو المدرسين أو رجال الفكر أو المهنيين ومن طلائع الطبقة المتوسطة التقليدية وصغار التجار وأصحاب الورش والعمال ورجال العلم. وبذلك تكون قد ضمت إلى صفوفها شرائح عديدة من المجتمع الإيراني وأصبحت المنبر الأساسي المعبر عن أهدافهم كما نظمت الجبهة الوطنية مظاهرات شعبية ضخمة جابت شوارع طهران وأقلقت الشاه كثيرا خصوصا بعد إضرابات عمال الزيت بتحريض رجال حزب توده. واضطر الشاه لتعيين مصدق رئيسا للوزراء في مايو ١٩٥١ وكان هدف الشاه من وراء تعيينه استغلاله في تحقيق أغراضه واستخدامه ليكون صمام أمان لامتصاص غضب الجماهير الملتفة حوله بعد أن عمت الفوضى جميع أرجاء القطر وأصبحت تهدد المجتمع ككل على حد تعبير رجال البلاط الملكي في تصريحاتهم لجريدة شفق الإيرانية الصادرة في ٢ مايو ١٩٥٠ .(3)
و قام مصدق بعد توليه رئاسة الوزراء بالعديد من الأجراءات التي عارضها الشاه و كلاً من بريطانيا و أمريكا لأن غرض هذه الحركة الوطنية التصدي للحقوق النفطية التي تحظى بها بريطانيا في ايران.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل أن مصدق ضمن ولاء الجيش له حيث أنه نجح في وضع القوات المسلحة الايرانية تحت سيطرة الوزارة الايرانية التي يترأسها في يوليو 1952 و هذه كانت هزيمة فعلية لسلطة الشاه.
وعليه بدأ مصدق في توجيه الدولة الوجهة التي رضيها بعد أن ضمن ولاء الجيش فأعاد جميع الأراضي المصادرة لأملاك الدولة واستقطع نسبة كبيرة من ميزانية البلاط الشاهنشاهي وضمها إلى ميزانية وزارة الصحة ومنع اتصال الشاه برجال السلك الدبلوماسي في طهران وزاد من عدد حرس الشاه ليكونوا رقباء على تصرفاته كما استقطع ١٥ % من ميزانية الجيش لمصلحة خزانة الدولة وزاد عدد فرق المشاة وقام بتطهير القوات المسلحة من العناصر الموالية للشاه فأبعد ١٣٠ من كبار قواده وأسس لجانا للتحقيق في الفساد المنتشربين رجال المؤسسة العسكرية التي اختيرت عناصرها من أبناء رجال البرلمان وانتهى به المطاف إلى إجبار الشاه والأسر الحاكمة على مغادرة إيران إلى إيطاليا أوائل 1953 .(4)
ثم بعد كل هذا سقطت حكومة مصدق أو بمعنى أدق تم اسقاطها باحداث انقلاب ضدها و هذا السقوط كان له سببان رئيسيان:
الأول: هو تشكيل رجال الجيش الذين تم فصلهم من الخدمة بأوامر مصدق للجنة سرية لحماية الأمة من تيار المنادين للجمهورية بل و اتصالهم بالزعماء الدينيين و المخابرات البريطانية و الأمريكية للإعداد لانقلاب ضد مصدق و رجاله لاسيما أن بريطانيا و أمريكا كانتا من أكثر المتضررين من سياسات مصدق
الثاني: و هو الشرخ الذي حدث في الجبهة الوطنية ذاتها و التي تمثلت في صراعات أيدلوجية داخل الجبهة حيث رأى رجال الدين أن مصدق هذا معاد للإسلام و الشريعة و بأنه يسعى لإقامة ديكتاتورية اشتراكية و على هذا انسحب من هذه الجبهة في هذا الوقت الحرج أهم شخصية دينية فاعلة فيها و هو آية الله كاشاني و مؤيدوه الدينيون و الذي تأثر به الخميني كثيراً.
تمخض عن هذين السببين بداية الاعداد لاسقاط هذه الحكومة، حيث تم اغتيال أفشار طوس القائد العسكري في حكومة د.مصدق الوطنية و كان صديقا وفيا للدكتور مصدق حيث أنه في عام 1953 تم اختطافه و حمله الى تلال خارج طهران و عذبوه عذاباً وحشيا و قتلوه و قد تم القبض على قاتليه و الذين نفذوا هذه المؤامرة الخسيسة الا أنه بعد نجاح انقلاب نفس العام ضد مصدق تم اطلاق سراحهم. (5)
ونتيجة لانقسام الجبهة الوطنية وفقدانها أهم عناصرها من رجال الدين النشطين بالإضافة إلى تمويل المخابرات المركزية الأمريكية للمحرضين استطاع ضباط الجيش الساخطون توجيه ضربتهم في أوائل أغسطس سنة ١٩٥٣ حيث نجحوا في احتلال مقار الوزارات وألقوا القبض على الوزراء. واستعانت عناصر الانقلاب بقوة مكونة من ٣٧ دبابة يقودها أحد رجال المخابرات المركزية الأمريكية ونسفت مسكن رئيس الوزراء كما قام المأجورون من العامة بالدخول إلى قلب العاصمة طهران ، ثم قامت الصحف العالمية والغربية بالتقاط الصور المعبرة عن المظاهرات لكي تظهر للشاه أنها أنقذته من مصدق عن طريق ثورة شعبية جماهيرية.
وبالطبع عاد الشاه منتصرا إلى العاصمة ولديه رغبة أكثر من ذي قبل في إقامة ديكتاتورية معتمدة على جهاز مخابرات إيراني جيد ومدعمة بقوة بوليسية متفوقة ونجح في تشييد جهاز الساواك (أي المخابرات الإيرانية) بالاستعانة بخبرة ضباط المخابرات المركزية الأمريكية وكذا خبرة الموساد الإسرائيلي بالإضافة إلى قدرته العظيمة على بناء مؤسسة عسكرية جيدة في الفترة الواقعة من ١٩٥٣ إلى ١٩٧٢ . وزادت ميزانية القوات المسلحة من ٦٠ مليون دولار إلى اثنين بليون دولار تقريبا كما زادت مرة أخرى من عام ١٩٧٢ حتى ١٩٧٦ ووصلت إلى سبعة عشر بليون دولار تقريبا بعد حرب اكتوبر وزيادة أسعار النفط عالميا نظرا لأن ميزانية القوات المسلحة لم تكن
تدرج ضمن ميزانية الدولة أو يتم الإفصاح عنها مطلقا وعليه أصبحت الركيزة الأولى لمساندة عرش الطاووس، كما أصبح محمد رضا أهم مشتر للأسلحة الأمريكية والأوروبية على حد سواء (6)
أما مصدق فقد تم سجنه لمدة ثلاث سنوات ثم تم الأفراج عنه في عام 1956 و وضع تحت المراقبة حتى وفاته في عام 1966.
كل هذه الأحداث مهدت لصعود التيار الديني و أوجدت المبررات الفعالة لظهوره و تطوره الى أن حقق حلمه بالقفز الى الحكم و نحن في هذا الصدد سنبدأ بمشيئة الله تعالى في الحلقات القادمة بالبحث على مهل في كيفية قيام الثورة الاسلامية في ايران واضعين بعض الفرضيات لمناقشتها آخذين الأحداث التي تم طرحها هنا و ربطها بغيرها من الاحداث لنصل و اياكم الى حقيقة هذه الثورة سائلاً المولى عز و جل التوفيق و السداد
------*1- تاريخ ايران السياسي 165
2- السابق 167
3- السابق 169-170
4- السابق 171
5- الاغتيالات السياسية في ايران 60
6- راجع في ذلك تاريخ ايران السياسي 172 و ما بعدها
و من ضمن الأمور التي دعمت العلاقات او المصالح المشتركة بين ايران و أمريكا هو الحركات الانفصالية و التي كانت غالباً ما تدعمها انجلترا أو الاتحاد السوفيتي و تشكل خطراً على ايران و من جهة أخرى الرغبة الأمريكية في وقف المد الشيوعي السوفيتي و وضع ايران كحاجز لمثل هذا المد "وأثناء محاولة الحكومة استعادة آذربايجان الخصبة الغنية طلب الشاه من الولايات المتحدة وحدها مساعدته في إخراج القوات السوفييتية التي كانت مرابطة بالإقليم لحماية الحركة الشيوعية الانفصالية بآذربايجان ورغبة من ستالين في الاحتفاظ بحصة سخية من بترول إيران ، فكانت استجابة الولايات المتحدة فورية وتعهدت بحماية عرش الطاووس مقابل تسخير إيران في صراعها الأيديولوجي ضد الاتحاد السوفييتي. ولمدة أربعة عقود وحتى قيام الثورة الدينية ظل التعاون العضوي وتبادل المصالح قائما بين الأسد الإيراني والكونكورد الأمريكي". (2)
تعرض الشاه لمحاولة اغتيال في فبراير 1949 و تم قتل الذي قام بها و كان هذا الحادث سببا في زيادة ديكتاتورية و استبداد الشاه محمد رضا حيث تمخض عنه اعتقال العديد من أنصار الحركات الوطنية و الدينية المعارضة للشاه و كان من بين المعتقلين الدكتور محمد مصدق لكن القرارات الملكية الجديدة قوبلت بمعارضة شديدة من قبل الإيرانيين وخصوصا مجموعة مصدق ومن انضم إليه من التجار والأعيان وعلماء الدين برئاسة آية الله كاشاني ، وكذا جماعات من الوطنييين الليبراليين ومن الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية، الذين كونوا الجبهة الوطنية التي بدأت أعمالها بالمطالبة بإجراء انتخابات حرة وبحرية الصحافة وإنهاء الأحكام العرفية وبتنفيذ القانون طبقا للدستور وكانت أهم مطالبهم تأميم شركة البترول الإنجليزية الإيرانية.
مع مطلع عام ١٩٥٠ لقيت الجبهة الوطنية تأييدا كبيرا من مختلف طبقات الشعب الإيراني سواء من الطلبة أو المدرسين أو رجال الفكر أو المهنيين ومن طلائع الطبقة المتوسطة التقليدية وصغار التجار وأصحاب الورش والعمال ورجال العلم. وبذلك تكون قد ضمت إلى صفوفها شرائح عديدة من المجتمع الإيراني وأصبحت المنبر الأساسي المعبر عن أهدافهم كما نظمت الجبهة الوطنية مظاهرات شعبية ضخمة جابت شوارع طهران وأقلقت الشاه كثيرا خصوصا بعد إضرابات عمال الزيت بتحريض رجال حزب توده. واضطر الشاه لتعيين مصدق رئيسا للوزراء في مايو ١٩٥١ وكان هدف الشاه من وراء تعيينه استغلاله في تحقيق أغراضه واستخدامه ليكون صمام أمان لامتصاص غضب الجماهير الملتفة حوله بعد أن عمت الفوضى جميع أرجاء القطر وأصبحت تهدد المجتمع ككل على حد تعبير رجال البلاط الملكي في تصريحاتهم لجريدة شفق الإيرانية الصادرة في ٢ مايو ١٩٥٠ .(3)
و قام مصدق بعد توليه رئاسة الوزراء بالعديد من الأجراءات التي عارضها الشاه و كلاً من بريطانيا و أمريكا لأن غرض هذه الحركة الوطنية التصدي للحقوق النفطية التي تحظى بها بريطانيا في ايران.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل أن مصدق ضمن ولاء الجيش له حيث أنه نجح في وضع القوات المسلحة الايرانية تحت سيطرة الوزارة الايرانية التي يترأسها في يوليو 1952 و هذه كانت هزيمة فعلية لسلطة الشاه.
وعليه بدأ مصدق في توجيه الدولة الوجهة التي رضيها بعد أن ضمن ولاء الجيش فأعاد جميع الأراضي المصادرة لأملاك الدولة واستقطع نسبة كبيرة من ميزانية البلاط الشاهنشاهي وضمها إلى ميزانية وزارة الصحة ومنع اتصال الشاه برجال السلك الدبلوماسي في طهران وزاد من عدد حرس الشاه ليكونوا رقباء على تصرفاته كما استقطع ١٥ % من ميزانية الجيش لمصلحة خزانة الدولة وزاد عدد فرق المشاة وقام بتطهير القوات المسلحة من العناصر الموالية للشاه فأبعد ١٣٠ من كبار قواده وأسس لجانا للتحقيق في الفساد المنتشربين رجال المؤسسة العسكرية التي اختيرت عناصرها من أبناء رجال البرلمان وانتهى به المطاف إلى إجبار الشاه والأسر الحاكمة على مغادرة إيران إلى إيطاليا أوائل 1953 .(4)
ثم بعد كل هذا سقطت حكومة مصدق أو بمعنى أدق تم اسقاطها باحداث انقلاب ضدها و هذا السقوط كان له سببان رئيسيان:
الأول: هو تشكيل رجال الجيش الذين تم فصلهم من الخدمة بأوامر مصدق للجنة سرية لحماية الأمة من تيار المنادين للجمهورية بل و اتصالهم بالزعماء الدينيين و المخابرات البريطانية و الأمريكية للإعداد لانقلاب ضد مصدق و رجاله لاسيما أن بريطانيا و أمريكا كانتا من أكثر المتضررين من سياسات مصدق
الثاني: و هو الشرخ الذي حدث في الجبهة الوطنية ذاتها و التي تمثلت في صراعات أيدلوجية داخل الجبهة حيث رأى رجال الدين أن مصدق هذا معاد للإسلام و الشريعة و بأنه يسعى لإقامة ديكتاتورية اشتراكية و على هذا انسحب من هذه الجبهة في هذا الوقت الحرج أهم شخصية دينية فاعلة فيها و هو آية الله كاشاني و مؤيدوه الدينيون و الذي تأثر به الخميني كثيراً.
تمخض عن هذين السببين بداية الاعداد لاسقاط هذه الحكومة، حيث تم اغتيال أفشار طوس القائد العسكري في حكومة د.مصدق الوطنية و كان صديقا وفيا للدكتور مصدق حيث أنه في عام 1953 تم اختطافه و حمله الى تلال خارج طهران و عذبوه عذاباً وحشيا و قتلوه و قد تم القبض على قاتليه و الذين نفذوا هذه المؤامرة الخسيسة الا أنه بعد نجاح انقلاب نفس العام ضد مصدق تم اطلاق سراحهم. (5)
ونتيجة لانقسام الجبهة الوطنية وفقدانها أهم عناصرها من رجال الدين النشطين بالإضافة إلى تمويل المخابرات المركزية الأمريكية للمحرضين استطاع ضباط الجيش الساخطون توجيه ضربتهم في أوائل أغسطس سنة ١٩٥٣ حيث نجحوا في احتلال مقار الوزارات وألقوا القبض على الوزراء. واستعانت عناصر الانقلاب بقوة مكونة من ٣٧ دبابة يقودها أحد رجال المخابرات المركزية الأمريكية ونسفت مسكن رئيس الوزراء كما قام المأجورون من العامة بالدخول إلى قلب العاصمة طهران ، ثم قامت الصحف العالمية والغربية بالتقاط الصور المعبرة عن المظاهرات لكي تظهر للشاه أنها أنقذته من مصدق عن طريق ثورة شعبية جماهيرية.
وبالطبع عاد الشاه منتصرا إلى العاصمة ولديه رغبة أكثر من ذي قبل في إقامة ديكتاتورية معتمدة على جهاز مخابرات إيراني جيد ومدعمة بقوة بوليسية متفوقة ونجح في تشييد جهاز الساواك (أي المخابرات الإيرانية) بالاستعانة بخبرة ضباط المخابرات المركزية الأمريكية وكذا خبرة الموساد الإسرائيلي بالإضافة إلى قدرته العظيمة على بناء مؤسسة عسكرية جيدة في الفترة الواقعة من ١٩٥٣ إلى ١٩٧٢ . وزادت ميزانية القوات المسلحة من ٦٠ مليون دولار إلى اثنين بليون دولار تقريبا كما زادت مرة أخرى من عام ١٩٧٢ حتى ١٩٧٦ ووصلت إلى سبعة عشر بليون دولار تقريبا بعد حرب اكتوبر وزيادة أسعار النفط عالميا نظرا لأن ميزانية القوات المسلحة لم تكن
تدرج ضمن ميزانية الدولة أو يتم الإفصاح عنها مطلقا وعليه أصبحت الركيزة الأولى لمساندة عرش الطاووس، كما أصبح محمد رضا أهم مشتر للأسلحة الأمريكية والأوروبية على حد سواء (6)
أما مصدق فقد تم سجنه لمدة ثلاث سنوات ثم تم الأفراج عنه في عام 1956 و وضع تحت المراقبة حتى وفاته في عام 1966.
كل هذه الأحداث مهدت لصعود التيار الديني و أوجدت المبررات الفعالة لظهوره و تطوره الى أن حقق حلمه بالقفز الى الحكم و نحن في هذا الصدد سنبدأ بمشيئة الله تعالى في الحلقات القادمة بالبحث على مهل في كيفية قيام الثورة الاسلامية في ايران واضعين بعض الفرضيات لمناقشتها آخذين الأحداث التي تم طرحها هنا و ربطها بغيرها من الاحداث لنصل و اياكم الى حقيقة هذه الثورة سائلاً المولى عز و جل التوفيق و السداد
------*1- تاريخ ايران السياسي 165
2- السابق 167
3- السابق 169-170
4- السابق 171
5- الاغتيالات السياسية في ايران 60
6- راجع في ذلك تاريخ ايران السياسي 172 و ما بعدها
__________________
خلفيات الصراع بين أمريكا و ايران
و نحن نتكلم عن حرب متوقعة بين أمريكا و ايران يمكن القول أن كل ما سبق ذكره هو مقدمة لما سيأتي فيما بعد بمشيئة الله و الذي أقصد من وراءه الاجابة على سؤال لطالما يحيرني و يحير الكثيرين، هل فعلاً هناك عداء حقيقي بين ايران (الجمهورية الاسلامية) و بين الولايات المتحدة الأمريكية؟ و هل هذا العداء كفيل لاندلاع قتال بين الطرفين بعد ثلاث عقود من اندلاع الثورة التي تمخضت عنها هذه الجمهورية؟ و غير ذلك من الأسئلة و التي نتناولها بمشيئة الله باختصار في النقاط الآتية فيما بعد على وعد بافرادها بموضوع مستقل تنتناول فيه الجوانب المتعلقة بهذه الثورة بشئ كبير من التفصيل بمشيئة الله عز و جل.
أ- حتمية قام الثورة الايرانية
ذكرنا سابقاً جانباً من العلاقات الأمريكية الايرانية و أوضحنا كذلك كيف أن الدول الكبرى كانت تولي منطقة الشرق الأوسط و الخليج تحديداً أهمية قصوى، و بات السيطرة على هذه المنطقة من الضرورة بمكان و اعتبرت كذلك أمراً حيوياً لا ينبغي التفريط فيه. و هناك مجموعة من الأمور التي تولد عنها وجوب التغيير في هذه المنطقة - أعني تغيير قواعد اللعبة - و ذلك للدخول في مرحلة جديدة تختلف فيها الألعاب و تختلف قواعدها و هنا نورد جانباً من النقاط التي يمكن أن تستوقفنا في هذا الخصوص فهل هذا التغيير الحتمي تفرضه ظروف الحرب الباردة بين روسيا و أمريكا؟؟ هل هذا التغيير حتمي لرسم خارطة جديدة لتوجهات المنطقة؟؟ هل ايجاد كيان شيعي اثنى عشري ضخم مجاور للكيان السني السلفي في السعودية سيكون له تبعات فيما بعد؟؟ ما علاقة هذه الثورة بحرب أكتوبر؟؟؟ ما علاقة هذه الثورة بالشعب الأمريكي ذاته؟؟؟ هل أفلس الشاه و صار ورقة محروقة من الغباء اللعب بها؟؟؟ هذه النقاط و غيرها الكثير لا يمكن فصلها عن هذه الثورة و لا يمكن فصلها كذلك عن المستقبل الذي يخطط له المخططون، و هذه النقاط أيضاً ليست بالضرورة مؤكدة الصحة و ليست كذلك متعلقة ببعضها البعض، و على أي حال فان الثورة التي الهبت حماس الطيبين من المسلمين تم احكام الاعداد لها و اختيار عناصرها، و لا يخفى علاقة الثورات في بلد من البلدان بالاحداث الجارية و الاتجاه العام في البيئة المحيطة به و القوى التي تسيطر و تتحكم فيه.
1- السلاح الايراني و عبئه على كاهل الادارة الأمريكية
كما هو معلوم لدى الجميع كان الشاه محمد رضا يعتبر شرطي أمريكا في المنطقة و سعى سعياً حثيثاً الى تطوير قدراته العسكرية و اشترى كميات كبيرة من الأسلحة الأمريكية و جهز جيشاً ضخماً إلا أن ذلك تعارض في فترة من الفترات مع التوجه الأمريكي ذاته و أصبحت هذه الأسلحة تمثل عبئاً كبيراً على القيادة الأمريكية و بات الدور الذي يمكن أن تلعبه ايران مختلفاً فكان الواجب حتماً التخلص من هذا السلاح أو توجيهه لوجهة ما للتخلص منه و اهلاكه و شعر الشاه نفسه في آخر أيامه أن هذا الحليف القوي بدا يخطط للاطاحة به و اقصائه كما حدث مع أبيه غير أن القضاء على النظام الشاهي في ايران ايام رضا خان تم بالانتقال من شاه الى شاه في ظل نفس طريقة الحكم العلمانية الموالية للغرب و لكن القضاء على النظام الشاهي في عهد محمد رضا تم للانتقال من نظام عالماني الى نظام ديني عقائدي و شتان بين النظامين.
المهم أن الشاه "كان يشعر أن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر يعتبره عبئا. فكان يسمع تلميحات من واشنطن بأن الحاجة لشراء أسلحة أمر مبالغ فيه فقد كانت ترسانة الأسلحة الضخمة للجيش في ايران تمثل مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة فمن المؤكد أن يحدث في النهاية أن يخرج حزب تودة فائزا من الحركة الثورية، و هو الحزب الذي سيتعاون مع موسكو بشكل وثيق، و بعد انتصاره يقوم بداهة بفتح ترسانة الأسلحة أمام الخبراء السوفيت" (1) و نؤكد فنقول نظراً لليقين الأمريكي بأن نظام الشاه لا محالة الى زوال و حتى لا يكون خلفه غير متحكم فيه فكان من الذكاء العمل بكل قوة على ايجاد البديل، أي كان هذا البديل بشرط أن يكون قابلاً للاتفاق معه و أن تكون كل تحركاته تحت السيطرة.
حتى قبل وصول جيمي كارتر للحكم كان هناك تخوف من قبل الشاه و أنصاره من سياسة كارتر التي تتناقض مع خطط نيكسون و كان "اختلاف وجهات النظر بين الشاه و الادارة الأمريكية بعد الرئيس ريتشارد نيكسون حول موضوعات البترول و التسليح و الدور الايراني في منطقة الخليج، قد خلق شرخاً في العلاقات الايرانية الامريكية ازداد عمقاً و اتساعاً مع الزمن حتى جاءت اانتخابات الرئاسة الأمريكية التي رشح فيها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر نفسه عن الحزب الديمقراطي و تأكدت احتمالات فوزه فقضت على البقية الباقية من الأمل في نفس الشاه و أجهزت الثقة التي كان يضعها في الولايات المتحدة" (2) لاسيما أن هذه الادارة كانت تضع قيوداً على حرية تصرف البيت الأبيض في بيع الأسلحة للدول الأخرى
غير أن الشاه كان لا يزال يعتقد أن الادارة الأمريكية لن تتخلى عنه أو أنه لم يستوعب جيداً أنه وقع في الفخ و أن كل ما كان يفعله بايعاز الادارة الامريكية و أخذه على محمل النصح منهم لبقائه في العرش كان كفيلاً بإسقاط عرشه بل و انهاء حكم الأسرة البهلوية الى الأبد و "كان الشاه يرى أنه لا يزال يستطيع احراز انتصارات الا أن تفاؤله ترسبت عليه حالات من اليأس فبدأ يشكو بمرارة من الأمريكان الذين كانوا دائما يقولون له بأنه يستطيع الاعتماد عليهم بالكلية، و لكنهم لم يفعلوا شيئاً آخر غير التشاور مع خصومه من وراء ظهره، و كان يشكو الحالة المهينة التي أوصله اليها الرئيس كارتر: (لقد عرض علي ملك المغرب ارسال قوات تردع الثورة أما جيمي كارتر فلم يعرض علي مثل هذا العرض قط) و من الواقع أن الشاه قد نسي أنه كان تحت أمرته هو نفسه جيش كبير و مدرب بما فيه الكفاية، و لم يستطع هذا الجيش أن يساعده" (3).
نعيد ترتيب الأوراق فنقول، ايران فيها مستودع ضخم من الأسلحة الأمريكية و أمريكا تخشى من تسرب هذه الأسلحة الى أطراف غير محسوبة تحركاتهم في بلد تعصف بها الاضطرابات من كل صوب و الشاه ضعيف و مريض أوشكت نهايته فلابد من احداث هزة عنيفة في البلاد توقف الاضطرابات سريعا مع الحفاظ على هذه الاسلحة مؤقتا أو ضمان استخدامها نحو وجهة لا تضر بأمريكا و لا تضرب مصالحها و جاءت الثورة و لم تستخدم الأسلحة في وجهة تضر مصالح أمريكا بل ان أمريكا استخدمت رجالات الثورة و نظامها المتولد عنها خير استخدام في حروب الخليج المعروفة بل و تخطت الخليج باستخدامها في افغانستان! فهل حتمية هذه الثورة تولدت من جانب هذه الاسلحة المتراكمة هناك؟! هناك احتمال كبير لصحة مثل هذه الفرضية نظراً لما واكبها (الثورة أقصد) و ما تم بعده.
و نستكمل بمشيئة الله في الحلقة القادمة
و نحن نتكلم عن حرب متوقعة بين أمريكا و ايران يمكن القول أن كل ما سبق ذكره هو مقدمة لما سيأتي فيما بعد بمشيئة الله و الذي أقصد من وراءه الاجابة على سؤال لطالما يحيرني و يحير الكثيرين، هل فعلاً هناك عداء حقيقي بين ايران (الجمهورية الاسلامية) و بين الولايات المتحدة الأمريكية؟ و هل هذا العداء كفيل لاندلاع قتال بين الطرفين بعد ثلاث عقود من اندلاع الثورة التي تمخضت عنها هذه الجمهورية؟ و غير ذلك من الأسئلة و التي نتناولها بمشيئة الله باختصار في النقاط الآتية فيما بعد على وعد بافرادها بموضوع مستقل تنتناول فيه الجوانب المتعلقة بهذه الثورة بشئ كبير من التفصيل بمشيئة الله عز و جل.
أ- حتمية قام الثورة الايرانية
ذكرنا سابقاً جانباً من العلاقات الأمريكية الايرانية و أوضحنا كذلك كيف أن الدول الكبرى كانت تولي منطقة الشرق الأوسط و الخليج تحديداً أهمية قصوى، و بات السيطرة على هذه المنطقة من الضرورة بمكان و اعتبرت كذلك أمراً حيوياً لا ينبغي التفريط فيه. و هناك مجموعة من الأمور التي تولد عنها وجوب التغيير في هذه المنطقة - أعني تغيير قواعد اللعبة - و ذلك للدخول في مرحلة جديدة تختلف فيها الألعاب و تختلف قواعدها و هنا نورد جانباً من النقاط التي يمكن أن تستوقفنا في هذا الخصوص فهل هذا التغيير الحتمي تفرضه ظروف الحرب الباردة بين روسيا و أمريكا؟؟ هل هذا التغيير حتمي لرسم خارطة جديدة لتوجهات المنطقة؟؟ هل ايجاد كيان شيعي اثنى عشري ضخم مجاور للكيان السني السلفي في السعودية سيكون له تبعات فيما بعد؟؟ ما علاقة هذه الثورة بحرب أكتوبر؟؟؟ ما علاقة هذه الثورة بالشعب الأمريكي ذاته؟؟؟ هل أفلس الشاه و صار ورقة محروقة من الغباء اللعب بها؟؟؟ هذه النقاط و غيرها الكثير لا يمكن فصلها عن هذه الثورة و لا يمكن فصلها كذلك عن المستقبل الذي يخطط له المخططون، و هذه النقاط أيضاً ليست بالضرورة مؤكدة الصحة و ليست كذلك متعلقة ببعضها البعض، و على أي حال فان الثورة التي الهبت حماس الطيبين من المسلمين تم احكام الاعداد لها و اختيار عناصرها، و لا يخفى علاقة الثورات في بلد من البلدان بالاحداث الجارية و الاتجاه العام في البيئة المحيطة به و القوى التي تسيطر و تتحكم فيه.
1- السلاح الايراني و عبئه على كاهل الادارة الأمريكية
كما هو معلوم لدى الجميع كان الشاه محمد رضا يعتبر شرطي أمريكا في المنطقة و سعى سعياً حثيثاً الى تطوير قدراته العسكرية و اشترى كميات كبيرة من الأسلحة الأمريكية و جهز جيشاً ضخماً إلا أن ذلك تعارض في فترة من الفترات مع التوجه الأمريكي ذاته و أصبحت هذه الأسلحة تمثل عبئاً كبيراً على القيادة الأمريكية و بات الدور الذي يمكن أن تلعبه ايران مختلفاً فكان الواجب حتماً التخلص من هذا السلاح أو توجيهه لوجهة ما للتخلص منه و اهلاكه و شعر الشاه نفسه في آخر أيامه أن هذا الحليف القوي بدا يخطط للاطاحة به و اقصائه كما حدث مع أبيه غير أن القضاء على النظام الشاهي في ايران ايام رضا خان تم بالانتقال من شاه الى شاه في ظل نفس طريقة الحكم العلمانية الموالية للغرب و لكن القضاء على النظام الشاهي في عهد محمد رضا تم للانتقال من نظام عالماني الى نظام ديني عقائدي و شتان بين النظامين.
المهم أن الشاه "كان يشعر أن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر يعتبره عبئا. فكان يسمع تلميحات من واشنطن بأن الحاجة لشراء أسلحة أمر مبالغ فيه فقد كانت ترسانة الأسلحة الضخمة للجيش في ايران تمثل مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة فمن المؤكد أن يحدث في النهاية أن يخرج حزب تودة فائزا من الحركة الثورية، و هو الحزب الذي سيتعاون مع موسكو بشكل وثيق، و بعد انتصاره يقوم بداهة بفتح ترسانة الأسلحة أمام الخبراء السوفيت" (1) و نؤكد فنقول نظراً لليقين الأمريكي بأن نظام الشاه لا محالة الى زوال و حتى لا يكون خلفه غير متحكم فيه فكان من الذكاء العمل بكل قوة على ايجاد البديل، أي كان هذا البديل بشرط أن يكون قابلاً للاتفاق معه و أن تكون كل تحركاته تحت السيطرة.
حتى قبل وصول جيمي كارتر للحكم كان هناك تخوف من قبل الشاه و أنصاره من سياسة كارتر التي تتناقض مع خطط نيكسون و كان "اختلاف وجهات النظر بين الشاه و الادارة الأمريكية بعد الرئيس ريتشارد نيكسون حول موضوعات البترول و التسليح و الدور الايراني في منطقة الخليج، قد خلق شرخاً في العلاقات الايرانية الامريكية ازداد عمقاً و اتساعاً مع الزمن حتى جاءت اانتخابات الرئاسة الأمريكية التي رشح فيها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر نفسه عن الحزب الديمقراطي و تأكدت احتمالات فوزه فقضت على البقية الباقية من الأمل في نفس الشاه و أجهزت الثقة التي كان يضعها في الولايات المتحدة" (2) لاسيما أن هذه الادارة كانت تضع قيوداً على حرية تصرف البيت الأبيض في بيع الأسلحة للدول الأخرى
غير أن الشاه كان لا يزال يعتقد أن الادارة الأمريكية لن تتخلى عنه أو أنه لم يستوعب جيداً أنه وقع في الفخ و أن كل ما كان يفعله بايعاز الادارة الامريكية و أخذه على محمل النصح منهم لبقائه في العرش كان كفيلاً بإسقاط عرشه بل و انهاء حكم الأسرة البهلوية الى الأبد و "كان الشاه يرى أنه لا يزال يستطيع احراز انتصارات الا أن تفاؤله ترسبت عليه حالات من اليأس فبدأ يشكو بمرارة من الأمريكان الذين كانوا دائما يقولون له بأنه يستطيع الاعتماد عليهم بالكلية، و لكنهم لم يفعلوا شيئاً آخر غير التشاور مع خصومه من وراء ظهره، و كان يشكو الحالة المهينة التي أوصله اليها الرئيس كارتر: (لقد عرض علي ملك المغرب ارسال قوات تردع الثورة أما جيمي كارتر فلم يعرض علي مثل هذا العرض قط) و من الواقع أن الشاه قد نسي أنه كان تحت أمرته هو نفسه جيش كبير و مدرب بما فيه الكفاية، و لم يستطع هذا الجيش أن يساعده" (3).
نعيد ترتيب الأوراق فنقول، ايران فيها مستودع ضخم من الأسلحة الأمريكية و أمريكا تخشى من تسرب هذه الأسلحة الى أطراف غير محسوبة تحركاتهم في بلد تعصف بها الاضطرابات من كل صوب و الشاه ضعيف و مريض أوشكت نهايته فلابد من احداث هزة عنيفة في البلاد توقف الاضطرابات سريعا مع الحفاظ على هذه الاسلحة مؤقتا أو ضمان استخدامها نحو وجهة لا تضر بأمريكا و لا تضرب مصالحها و جاءت الثورة و لم تستخدم الأسلحة في وجهة تضر مصالح أمريكا بل ان أمريكا استخدمت رجالات الثورة و نظامها المتولد عنها خير استخدام في حروب الخليج المعروفة بل و تخطت الخليج باستخدامها في افغانستان! فهل حتمية هذه الثورة تولدت من جانب هذه الاسلحة المتراكمة هناك؟! هناك احتمال كبير لصحة مثل هذه الفرضية نظراً لما واكبها (الثورة أقصد) و ما تم بعده.
و نستكمل بمشيئة الله في الحلقة القادمة
------------------
1- سطوع نجم الشيعة - جرهارد كونسلمان - ص 184
2- ايران بين التاج و العمامة - التهامي - ص179
2- سطوع نجم الشيعة - جرهارد كونسلمان - ص 191
1- سطوع نجم الشيعة - جرهارد كونسلمان - ص 184
2- ايران بين التاج و العمامة - التهامي - ص179
2- سطوع نجم الشيعة - جرهارد كونسلمان - ص 191
__________________
2- الرأي العام الأمريكي و وجوب التغيير:
كما أن السلاح الايراني مثل عبئاً على كاهل الادارة الأمريكية الجديدة، فقد مثل الشاه نفسه عبئاً و وضع الادارة الأمريكية في مواجهة شبيهة بهذه المواجهة التي حدثت و أشرنا اليها سابقا و المتمثلة في الأزمة الدبلوماسية بين البلدين بخصوص مثالب الشاه السابق رضا بهلوي و التي أفضت في النهاية الي نقل السلطة الى ابنه محمد رضا و لكن هذا الأخير حذا حذو أبيه الى حد كبير و استمرت وسائل الأعلام في أمريكا هذه الدولة المتطورة و التي تتبنى مبادئ انسانية كحقوق الأنسان و الديمقراطية و غيرها في انتقاد ادارتها و تساءلت كيف لهذه الدولة أن تستمر في دعم هذا الديكتاتور الذي كل همه تضخيم ترسانته العسكرية؟
في عام 1977 كتب هنري برشت مدير مكتب شئون ايران في وزارة الخارجية الأمريكية، تقريراً أعده للرئيس السابق جيمي كارتر عن أقدم حلفاء و اشنطن و أخلصهم في العالم الاسلامي، قال فيه : (لقد انتهى الشاه، و يجب اعتباره أثراً من الماضي، و يتعين علينا البدء في البحث عن خلفاء في أقرب فرصة ممكنة)1 ، و لاحكام اللعبة و حتى يبدو الأمر مبرراً كان لابد من البحث عن ذرائع.
لقد جاء كارتر (1977-1981) بأجندة جديدة تعكس المنهج الذي يتبناه الحزب الديمقراطي التي ينتمي اليه و هذا يتمثل في ارساء قواعد أخلاقية تستند اليها السياسة الأمريكية (و لقد تأكدت مخاوف الشاه نفسه عندما بدأ الرئيس كارتر يعلن في حملته الانتخابية عن مبادئه و سياساته الجديدة، التي يلتزم تطبيقها إذا منحه الشعب الأمريكي الثقة، و كانت هذه المبادئ تستهدف تغيير الواجهة الأخلاقية للسياسة الأمريكية و تحسين صورة الأمريكي القبيح التي خلفتها حرب فيتنام و فضيحة ووترجيت اللتين هزتا الضمير الأمريكي و أثقلتاه بالكثير من من الشعور بالذنب. و كان على رأس هذه المبادئ أن تعمل الولايات المتحدة على اقرار (حقوق الأنسان) و جعل احترامها شرطاً جوهرياً لحصول أية دولة على صداقة أو معونة الولايات المتحدة)2
مثل الشاه نموذجاً صارخ على انتهاك حقوق الانسان للشعب الايراني و بات من المؤكد عزم كارتر على تغيير الوضع في ايران و تبدى ذلك من خلال الملاحقة الاعلامية لكارتر حيث أنه أصبح السؤال الذي يوجه للرئيس الأمريكي في كل لقاء انتخابي أو مؤتمر صحفي أو حديث تلفزيوني ، هو عن موقفه من انتهاك حقوق الأنسان في ايران بصورة بدت و كأن اعلان الرئيس الأمريكي كارتر و من وراءه الحزب الديمقراطي لهذا المبدأ و ضرورة احترامه، لم يكن مقصوداً به الا الشاه فقط. و مما زاد الأمر وضوحاً و جلاءاً، و أكد أن ايران و الشاه هما المقصودان بهذه الحملة الأـخلاقية، أن جيمي كارتر لم يكتف بهذا، تاركاً الأمر ليستخلص منه كل طرف ما يتفق مع أوضاعه، بل راح ينتقد سياسة من سبقوه من الرؤساء الأمريكيين تجاه ايران لأنها جعلت منها (الدولة الأولى بالرعاية) إذ أنه يرى أن ذلك أضر بالمصالح الأمريكية، و بقيم و أخلاقيات الشعب الأمريكي. 3
و أنا لا أرى أن هؤلاء صادقين في دعواهم بشأن حقوق الأنسان و ما الى ذلك و انما لأن الخطط المستقبلية التي سوف يحدثونها فيما بعد و التي ستؤدي الى تغيير قواعد اللعب هي التي فرضت ذلك، فليس من المعقول أن الحكم على أخلاقية نظام ما تتم بعد أن تتركه في الحكم لأكثر من خمسة و ثلاثين عاما هي عمر محمد رضا بهلوي في السلطة ثم تكتشف فجأة أنه فيه كذا و كذا، و لكن يمكن القول أن التذرع بالاستجابة لمطالب الرأي العام الأمريكي بوجوب قطع الصلة مع هذا النظام اللاأخلاقي كانت بمثابة واجهة لتغيير حتمي سيحدث غير أن هذا التغيير لن يكون مفاجئ و سيتركون للطرف الآخر (ايران) أن تحدد بشكل كبير متى سيكون.
و لعل الملفت في هذه الأجواء أن الرد الايراني كانت يتسم بالغلظة الشديدة على كارتر بل كانوا يصفونه بالفلاح الذي سيحكم أمريكا و لم تهتم ايران كثيراً بمحاولة ازالة هذه الصورة السيئة عن نظامها. و في رسالة من كارتر بعد فوزه في الانتخابات الأمريكية و قبل استلامه للسلطة بعث بها الى شاه ايران من خلال الرئيس القديم (جيرالد فورد) و وزير خارجيته (هنري كيسنجر) الذين كانا مازالا في الحكم، يطلب الرئيس كارتر فيها من الشاه أن يخفف من حدة موقفه في الاجتماع القادم لمؤتمر منظمة الأوبك للدول المنتجة للبترول بحيث لا يتزعم تيار رفع الأسعار، و هو الموضوع الذي كان يحظى باهتمام خاص من تفكير الرئيس الأمريكي الجديد، الذي كان يعول كثيراً على اصلاح المسار الاقتصادي الأمريكي. الا أن رد الشاه كان غير ايجابي بصورة عمقت غضب الرئيس كارتر و زادت من اصراره على تنفيذ ما انتواه بالنسبة لشاه ايران.4
بغض النظر عن الذريعة التي تحتم تغيير النظام في ايران فان التغيير بات وشيكاً و أصبح فقط ينتظر اللحظة الملائمة الناتجة عن دراسة متأنية و لم يلبث كارتر أن فاز في الانتخابات في عام 1977 حتى سقط نظام الشاه في 1979 ليستلم السلطة نظام جديد و لنبدأ في الدخول في ألعاب جديدة من ألعاب السيرك السياسي التي لا تعارض أبداً أن تكون مغلفة بالدين
و الى الحلقة القادمة بمشيئة الله
--------
1- ايران بين التاج و العمامة - أحمد مهابة - ص97
1- السابق ص180
2- السابق ص 180-181
3- السابق ص 182-183
1- السابق ص180
2- السابق ص 180-181
3- السابق ص 182-183
__________________
3- العلاقات الأمريكية السوفيتية و حتمية التغيير في إيران:
لا يمكن أن نفصل أحداث الثورة الإيرانية – أو أي ثورة – عن محيطها العالمي و الإقليمي، بيد أنها بلا شك تكون على صلة بالتفاعلات على هاذين الصعيدين. و أبرز ما يمكن ملاحظته على الصعيد الدولي هو هذا الشد و الجذب بين القطبين الكبيرين آنذاك و محاولة كلا الطرفين أن يسقط قطعة من القطع الموضوعة على لوحة الشطرنج. لقد كان لكل من الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي رؤيته الخاصة تجاه الآخر و كان هناك نزوع قوي بين الطرفين إلى الوفاق – الحذر – إلا أنه جوبه بالمعارضة الشديدة من بعض السياسيين في كلا الطرفين.
بغض النظر عن أراء المؤيدين للوفاق مع الاتحاد السوفيتي كان هناك فريق آخر مناهض للوفاق منهم على سبيل المثال السناتور باري جولد ووتر المرشح السابق للرئاسة "في تقديرات عن ما ستكون عليه السياسة السوفيتية خلال السبعينات فيعتبر أن ميزان القوى يتحول بشكل جذري بعيداً عن الولايات المتحدة و في صالح الاتحاد السوفيتي و ينتقد هؤلاء الذين يتعلقون بأمل الوصول إلى وفاق مع الاتحاد السوفيتي و يبدون مغلقي العيون عن واقع العدوان السوفيتي و سعيه وراء سياسة شاملة و دائمة تهدف إلى جعل الاتحاد السوفيتي قوة عالمية مسيطرة" (1).
هذا التخوف الذي رسمه الكثيرون من السياسيين في أمريكا لابد أنه سيكون له تداعياته و سيتولد عنه أحداث قد لا تبدو للوهلة الأولى على علاقة به و لو نظرنا للرأي السابق الذي عرضه ووتر نراه من شق عسكري أو أمني و هناك من جعله خلاف أيديولوجي أيضاً و تخوف منه فعلى المستوى الأيديولوجي فان الماركسية اللينينية تنظر إلى العملية الثورية العالمية باعتبارها قوة ذاتية و أن دور الأحزاب الشيوعية و الدول هو دور مشجع فقط و مضاعف لهذه العملية التي ستحدث بدون تدخلهم و إن كانت ستتطلب مدى زمنياً واسعاً(2).
و ممن تناول الناحية الأيديولوجية مستشار الأمن القومي في إدارة كارتر "برجينيسكي" حيث أنه بمجرد تنصيبه لهذا المنصب سعى لتحقيق مجموعة من الأهداف التي بدت متضاربة و وضع صورة أيديولوجية للاتحاد السوفيتي فضلاً عن الصورة الدفاعية متناولاً حقوق الإنسان و رأى أنه بالنظر إليها بهذا المظهر سيعزز المزيد من الانفراج الشامل و المتبادل و للانتقال مما يعتبره انهماك مفرط في العلاقات الأمريكية السوفيتية (3).
و ليس الخلاف الذي وقع بين الفريقين (المؤيد و المعارض للوفاق) بمنأى عن أن يدب بين أصحاب الرؤية الواحدة في الإدارة الواحدة و هذا ما حدث بين برجينيسكي و وزير الخارجية سايروس فانس حيث أنه لم يمر وقت طويل حتى دب الخلاف و التوتر بين بعضهما البعض و الذي لا محالة انعكس على التصريحات العلنية للإدارة فيما يتعلق بملف العلاقات الأمريكية السوفيتية (4).
و هنا نتساءل أين الدور الإيراني في وسط هذا الخلاف و الاختلاف داخل القطب الواحد و العلاقات المتضاربة بين القطبين؟!. فكما سبق و أشرنا في نقاط سابقة إلى احتراق ورقة الشاه بالنسبة لأمريكا و كما نشير هنا إلى أن النظرة باتت أيدولوجية للاتحاد السوفيتي و نظراً لمجاورة إيران للحدود السوفيتية و نظراً للصراع الدولي على إيران لما تمثله من أهمية إستراتيجية كبرى شكل كل هذا معادلة صعبة جداً على صناع القرار الأمريكان و باتوا موضوعين أمام عدة خيارات أحلاها مر المذاق. و بات التحول الأيديولوجي في المنطقة كلها هو الورقة التي يمكن اللعب بها، فعن طريقها يمكن أن يتوقف الزحف السوفيتي لأنه سيصادم بلا شك أيديولوجية مخالفة ستوقف زحفه.
و يرى البعض أن إدارة كارتر لم تفعل المزيد للحفاظ على الشاه و هذا أسس لإقامة علاقات مع معسكر الخميني، علاوة على ذلك فان الاستخبارات الأمريكية كانت مدركة لأهمية الدين في سياسات إيران و الشرق الأوسط بأكمله و ساندت الإسلاميين في كثير من المنعطفات (5). هذا يبين أن الصورة الإيرانية الليبرالية التحررية ستتغير إلى الصورة الدينية.
لهذا انطلقت العديد من الدعوات من رسميي الإدارة الأمريكية على إقامة اتصال مع الخميني و أوجبت بعض الدراسات حدوث مثل هذا الحوار لاسيما لغلق الباب أمام الاتحاد السوفيتي لاستباق الحوار معه ففي تقرير من محلل وكالة المخابرات الأمريكية أرنست أولاي في عام 1976 حذر من أن الاتحاد السوفيتي يقيم اتصالات مع المؤسسة الدينية الإيرانية و التي تعتبر إحدى أخطر أعداء الشاه و ذلك لتحويل اتجاه المعارضة نحو الولايات المتحدة الأمريكية و هذا أثبت مصداقية طرح برجينيسكي و أكد أن الاتحاد السوفيتي دعم دول عدم الانحياز فيما يتعلق بالاتجاه الثوري الإيراني (6). يشير مثل هذا التقرير و غيره إلى الاتصال بالثوريين بل و دعمهم قبل وصول الأيدي السوفيتية إليهم و بهذا يكسب الاتحاد السوفيتي ورقة لعب جديدة.
رأى برجينيسكي أن هناك قوساً للأزمات يمتد من شمال شرق أفريقيا الى أواسط أسيا، و اعتقد برجينيسكي كذلك أن قوس الأزمات ذاته هو قوس الاسلام و الذي يجب أن يحمل محمل الجد لاحتواء الاتحاد السوفيتي (7) من جانب آخر شارك برجينيسكي رؤية هنري كيسينجر الجيوبوليتيكية العالمية و رأى أن إيران هي المفتاح لاحتواء الاتحاد السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط (8)
و في نفس إطار الخلافات بين أفراد الإدارة الواحدة نجد أن برجينيسكي سعى إلى توطيد وضع الولايات المتحدة حول المحيط الخارجي للاتحاد السوفيتي قبل أي عملية وفاق مع الاتحاد السوفيتي، و خالف فانس هذا الطرح حيث أنه أراد تخفيف الضغط الأمريكي الجيوبولوتيكي على حدود الاتحاد السوفيتي أثناء التفاوض بينهما، و لعبت إيران دور حيوي في مخطط برجينيسكي بينما مثلت بالنسبة لفانس مجرد أهمية لتقليص الضغط على الاتحاد السوفيتي، و طبقاً لريتشارد ثورتون كأحد المنظرين السياسيين الأمريكيين فان إدارة كارتر سعت إلى توسيع قاعدة نظام الشاه لتثبيته و هذه السياسة في هذه الحالة أدت إلى نتائج عكسية و توجت بانتصار الثورة الإيرانية، و على خلاف ثورتون فان فانس اعتقد أن أي نظام يقوده الخميني ليس بالضرورة أنه سيكون ضار على مصالح الولايات المتحدة على المدى البعيد و عارض استخدام القوة لردع الثورة.(9)
مما سبق يمكن استنتاج أن الإدارة الأمريكية إما أنها دعمت الثورة الإيرانية لمواجهة التمدد السوفيتي، أو أنها أيقنت أن عدم مساعدة الشاه في ردعها سيؤدي إلى نجاحها و بالتالي تحقق الغرض ذاته بإيقاف المد السوفيتي، أو أن الخلافات التي دبت في إدارة كارتر ساهمت في نجاحها و ما يمكن اثباته هنا أن الكثيرين من مسؤلي الادارة الأمريكية رأوا أن الثورة الايرانية لم تكن تمثل أي خطر على المصالح الأمريكية رغم أنها كانت ثورة دينية و رأوا أن ما يمكن أن تكسبه الولايات المتحدة منها يفوق ما يمكن أن تخسره جرائها.
و لنا بمشيئة الله لقاء لمناقشة المزيد حول هذه النقطة تحديداً في القريب العاجل بمشيئة الله
بغض النظر عن أراء المؤيدين للوفاق مع الاتحاد السوفيتي كان هناك فريق آخر مناهض للوفاق منهم على سبيل المثال السناتور باري جولد ووتر المرشح السابق للرئاسة "في تقديرات عن ما ستكون عليه السياسة السوفيتية خلال السبعينات فيعتبر أن ميزان القوى يتحول بشكل جذري بعيداً عن الولايات المتحدة و في صالح الاتحاد السوفيتي و ينتقد هؤلاء الذين يتعلقون بأمل الوصول إلى وفاق مع الاتحاد السوفيتي و يبدون مغلقي العيون عن واقع العدوان السوفيتي و سعيه وراء سياسة شاملة و دائمة تهدف إلى جعل الاتحاد السوفيتي قوة عالمية مسيطرة" (1).
هذا التخوف الذي رسمه الكثيرون من السياسيين في أمريكا لابد أنه سيكون له تداعياته و سيتولد عنه أحداث قد لا تبدو للوهلة الأولى على علاقة به و لو نظرنا للرأي السابق الذي عرضه ووتر نراه من شق عسكري أو أمني و هناك من جعله خلاف أيديولوجي أيضاً و تخوف منه فعلى المستوى الأيديولوجي فان الماركسية اللينينية تنظر إلى العملية الثورية العالمية باعتبارها قوة ذاتية و أن دور الأحزاب الشيوعية و الدول هو دور مشجع فقط و مضاعف لهذه العملية التي ستحدث بدون تدخلهم و إن كانت ستتطلب مدى زمنياً واسعاً(2).
و ممن تناول الناحية الأيديولوجية مستشار الأمن القومي في إدارة كارتر "برجينيسكي" حيث أنه بمجرد تنصيبه لهذا المنصب سعى لتحقيق مجموعة من الأهداف التي بدت متضاربة و وضع صورة أيديولوجية للاتحاد السوفيتي فضلاً عن الصورة الدفاعية متناولاً حقوق الإنسان و رأى أنه بالنظر إليها بهذا المظهر سيعزز المزيد من الانفراج الشامل و المتبادل و للانتقال مما يعتبره انهماك مفرط في العلاقات الأمريكية السوفيتية (3).
و ليس الخلاف الذي وقع بين الفريقين (المؤيد و المعارض للوفاق) بمنأى عن أن يدب بين أصحاب الرؤية الواحدة في الإدارة الواحدة و هذا ما حدث بين برجينيسكي و وزير الخارجية سايروس فانس حيث أنه لم يمر وقت طويل حتى دب الخلاف و التوتر بين بعضهما البعض و الذي لا محالة انعكس على التصريحات العلنية للإدارة فيما يتعلق بملف العلاقات الأمريكية السوفيتية (4).
و هنا نتساءل أين الدور الإيراني في وسط هذا الخلاف و الاختلاف داخل القطب الواحد و العلاقات المتضاربة بين القطبين؟!. فكما سبق و أشرنا في نقاط سابقة إلى احتراق ورقة الشاه بالنسبة لأمريكا و كما نشير هنا إلى أن النظرة باتت أيدولوجية للاتحاد السوفيتي و نظراً لمجاورة إيران للحدود السوفيتية و نظراً للصراع الدولي على إيران لما تمثله من أهمية إستراتيجية كبرى شكل كل هذا معادلة صعبة جداً على صناع القرار الأمريكان و باتوا موضوعين أمام عدة خيارات أحلاها مر المذاق. و بات التحول الأيديولوجي في المنطقة كلها هو الورقة التي يمكن اللعب بها، فعن طريقها يمكن أن يتوقف الزحف السوفيتي لأنه سيصادم بلا شك أيديولوجية مخالفة ستوقف زحفه.
و يرى البعض أن إدارة كارتر لم تفعل المزيد للحفاظ على الشاه و هذا أسس لإقامة علاقات مع معسكر الخميني، علاوة على ذلك فان الاستخبارات الأمريكية كانت مدركة لأهمية الدين في سياسات إيران و الشرق الأوسط بأكمله و ساندت الإسلاميين في كثير من المنعطفات (5). هذا يبين أن الصورة الإيرانية الليبرالية التحررية ستتغير إلى الصورة الدينية.
لهذا انطلقت العديد من الدعوات من رسميي الإدارة الأمريكية على إقامة اتصال مع الخميني و أوجبت بعض الدراسات حدوث مثل هذا الحوار لاسيما لغلق الباب أمام الاتحاد السوفيتي لاستباق الحوار معه ففي تقرير من محلل وكالة المخابرات الأمريكية أرنست أولاي في عام 1976 حذر من أن الاتحاد السوفيتي يقيم اتصالات مع المؤسسة الدينية الإيرانية و التي تعتبر إحدى أخطر أعداء الشاه و ذلك لتحويل اتجاه المعارضة نحو الولايات المتحدة الأمريكية و هذا أثبت مصداقية طرح برجينيسكي و أكد أن الاتحاد السوفيتي دعم دول عدم الانحياز فيما يتعلق بالاتجاه الثوري الإيراني (6). يشير مثل هذا التقرير و غيره إلى الاتصال بالثوريين بل و دعمهم قبل وصول الأيدي السوفيتية إليهم و بهذا يكسب الاتحاد السوفيتي ورقة لعب جديدة.
رأى برجينيسكي أن هناك قوساً للأزمات يمتد من شمال شرق أفريقيا الى أواسط أسيا، و اعتقد برجينيسكي كذلك أن قوس الأزمات ذاته هو قوس الاسلام و الذي يجب أن يحمل محمل الجد لاحتواء الاتحاد السوفيتي (7) من جانب آخر شارك برجينيسكي رؤية هنري كيسينجر الجيوبوليتيكية العالمية و رأى أن إيران هي المفتاح لاحتواء الاتحاد السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط (8)
و في نفس إطار الخلافات بين أفراد الإدارة الواحدة نجد أن برجينيسكي سعى إلى توطيد وضع الولايات المتحدة حول المحيط الخارجي للاتحاد السوفيتي قبل أي عملية وفاق مع الاتحاد السوفيتي، و خالف فانس هذا الطرح حيث أنه أراد تخفيف الضغط الأمريكي الجيوبولوتيكي على حدود الاتحاد السوفيتي أثناء التفاوض بينهما، و لعبت إيران دور حيوي في مخطط برجينيسكي بينما مثلت بالنسبة لفانس مجرد أهمية لتقليص الضغط على الاتحاد السوفيتي، و طبقاً لريتشارد ثورتون كأحد المنظرين السياسيين الأمريكيين فان إدارة كارتر سعت إلى توسيع قاعدة نظام الشاه لتثبيته و هذه السياسة في هذه الحالة أدت إلى نتائج عكسية و توجت بانتصار الثورة الإيرانية، و على خلاف ثورتون فان فانس اعتقد أن أي نظام يقوده الخميني ليس بالضرورة أنه سيكون ضار على مصالح الولايات المتحدة على المدى البعيد و عارض استخدام القوة لردع الثورة.(9)
مما سبق يمكن استنتاج أن الإدارة الأمريكية إما أنها دعمت الثورة الإيرانية لمواجهة التمدد السوفيتي، أو أنها أيقنت أن عدم مساعدة الشاه في ردعها سيؤدي إلى نجاحها و بالتالي تحقق الغرض ذاته بإيقاف المد السوفيتي، أو أن الخلافات التي دبت في إدارة كارتر ساهمت في نجاحها و ما يمكن اثباته هنا أن الكثيرين من مسؤلي الادارة الأمريكية رأوا أن الثورة الايرانية لم تكن تمثل أي خطر على المصالح الأمريكية رغم أنها كانت ثورة دينية و رأوا أن ما يمكن أن تكسبه الولايات المتحدة منها يفوق ما يمكن أن تخسره جرائها.
و لنا بمشيئة الله لقاء لمناقشة المزيد حول هذه النقطة تحديداً في القريب العاجل بمشيئة الله
*-------
1- الوفاق الأمريكي السوفيتي ص341
2- السابق ص 342
3- استراتيجيات الاحتواء ص 346
4- السابق ص 347
5- السياسة الأمريكية للولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران الثورية ص2
6- السابق ص2-3
7- السابق ص133
8- السابق ص7
9- السابق ص5
1- الوفاق الأمريكي السوفيتي ص341
2- السابق ص 342
3- استراتيجيات الاحتواء ص 346
4- السابق ص 347
5- السياسة الأمريكية للولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران الثورية ص2
6- السابق ص2-3
7- السابق ص133
8- السابق ص7
9- السابق ص5
__________________
4- تطور الوضع الإقليمي و وجوب التغيير:
لسبب أو لأخر انسحبت بريطانيا من الخليج العربي خلال الفترة من 1968 حيث تم الإعلان عن ذلك حتى إتمامه في 1971 و كان الوضع بين الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا في منطقة الخليج تجري بالتشارك و التشاور بين الطرفين و لكن بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت وجهات النظر تتباين بين الطرفين حيث بدأت أمريكا تبادر باتخاذ مواقف مستقلة عن المواقف البريطانية التي تتبع الأساليب القديمة في تطبيق الأفكار التقليدية في السياسة الخارجية متجاهلة ما يجري في العالم و بدأت أمريكا بفرض نفسها كقوة مسيطرة على العالم كله و أن تضع نفسها محل القوى الاستعمارية الغربية كبريطانيا و فرنسا و من أجل هذا طرحت المشاريع و وضعت الاستراتيجيات و أقامت الأحلاف المختلفة و كان جماع ذلك كله محاولة أمريكا الحفاظ على مصالحها و ضمان تدفق النفط الذي تقوم عليه الصناعات المدنية في الولايات المتحدة.
و الملاحظ أن الخلاف بين أمريكا و بريطانيا تجسد مع بداية الخمسينات في صراع شرس بين شركات النفط الاحتكارية الأمريكية و الانجليزية، إذ أن هذه الحقبة التاريخية شكلت قمة التوتر بين لندن و واشنطن. فكل بلد حاول إلحاق الضرر في المواقف الإستراتيجية و الاقتصادية للبلد الآخر و سعى إلى نسف مصالح و نفوذ عدوه. و مع سقوط تأميم شركة النفط الانجليزية – الإيرانية الذي سعى إلى تحقيقه الدكتور مصدق، انتزع الأمريكيون من الانجليز حصة 40% من أسهم شركة النفط الإيرانية. و العملية الأمريكية شكلت ضربة قاضية للنفوذ الانجليزي في المنطقة. و مع الستينات خفت وطأة الصراع الأمريكي – البريطاني عندما سيطر الأمريكيون على كل الخطوط. و كي لا يدخل الفرقاء المتنازعون في حرب الأسعار قرروا حفاظاً على مصالحهم وضع اتفاقات تحدد قوانين سوق النفط العالمي.(1)
لقد كان الوجود البريطاني مبررا في منطقة الخليج لحماية استقرار و أمن هذه المنطقة باعتبارها ممر حيوي لمواصلاتها و ازدادت أهمية هذه المنطقة بعد اكتشاف النفط و لهذا دخلت بريطانيا في معاهدات مع أمراء الخليج تمكن بريطانيا من السماح لأمراء الخليج بالتصرف سواء في اللؤلؤ ثم النفط نظير أن تحميهم بريطانيا من أي هجوم عليهم من قبل قوى أخرى، و بهذه الطريقة ترسخ الوجود البريطاني في منطقة الخليج و اتسع مداه "فالتوسع البريطاني تم بطريقة برجماتية لأنه نال موافقة الطرفين الموقعين. من جهة توصلت انجلترا الى السيطرة كلياً على الوضع في المنطقة، و من جهة أخرى توصل الأمراء و المشايخ الى الاحتفاظ بمراكزهم و هم يتمتعون في الداخل بحكم مطلق" (2) و بهذا كرست بريطانيا وجودها العسكري في هذه المنطقة.
و لكن يمكن اعتبار ان سياسة المعاهدات من هذا النوع غير مجدية و أن التواجد البريطاني في المنطقة مهدد و لا سيما مع تنامي ظهور التيارات القومية و الوطنية و حركات التحرر بل و ربما السخط الشعبي على أمراء و شيوخ الخليج و مثال على ذلك هو فشل بريطانيا في معاركها ضد الثوار في اليمن الجنوبية و الذي تولد عنه استقلال اليمن الجنوبية في 30/11/1967.
و لأن أمريكا تولي أهمية كبيرة لهذه المنطقة تنبهت مبكراً الى أن وجودها المستمر في هذه المنطقة حيوي و لهذا عمدت الحكومات الأمريكية الى تشجيع البحث العلمي حول مختلف مجالات الحياة في الخليج العربي و ذلك بالتعاون مع شركات النفط العاملة في المنطقة. و كع البعثات و الإرساليات الدينية المسيحية و ساهمت الجامعة الأمريكية في بيروت التي تعني بالبحث العلمي عن الخليج العربي و في مقدمتها معهد الشرق الأوسط في واشنطن و غير ذلك من مراكز البحث المختلفة المختصة بالشأن الخليجي (3).
من هذا المنظور تعتمد الولايات المتحدة في الخليج العربي و الشرق الأوسط عموماً استراتيجية الهيمنة الشاملة. انها حسب تحليل ميشال شاتلو، سيطرة بالمبادرة: بواسطة كل الوسائل التي تمتلكها لخلق أوضاع جديدة تنسجم مع مصالحها أو لتغيير، لصالحا، و سيطرة بالاسترداد: قادرة للرد فوراً عندما يتطور وضع بشكل بعاكس رغباتها.(4)
و في محاولات لتطبيق هذه السيطرة سابقة الذكر فان أمريكا التي رأت أن في إيران الشاه البديل لسد الفراغ الأمني بعد الانسحاب البريطاني من منطقة الخليج و جعلت منه شرطي الخليج رأت في وقت لاحق أن إيران آيات الله معهم المفتاح السحري لترسيخ وجودهم أكثر و أكثر بمعنى آخر إيجاد الفزاعة و المبرر الذي يرسخ وجود أمريكا في منطقة الخليج العربي دون إحراج أمراء و ملوك و شيوخ الخليج أمام شعوبهم بحيث يكون التواجد الأمريكي من أجلهم و من أجل مصلحتهم و بالرغم من أن هناك معاهدات و اتفاقيات بين أمريكا و كبرى الدول في منطقة الخليج الا أنها جعلت إيران شرطيها الخاص في حقبة الشاه و جعلت منها التهديد الأكبر الذي يجب مواجهته و الذي يهدد وجود الدول الخليجية في مرحلة الخميني و خلفائه.
ربما تنبهت أمريكا لأهمية اصطناع خطراً قادم من قبل إيران بسبب الادعاءات الإيرانية في البحرين و هذا قبل قيام الثورة الإسلامية فتوصلت إلى اتفاقية مع البحرين تمكن الأسطول الأمريكي من الاحتفاظ بقاعدة الجفير التي كانت أصلاً قاعدة بريطانية. و بررت الولايات المتحدة أهمية الاحتفاظ بهذه القاعدة أنها تساعد في سد فراغ تركه الوجود البريطاني العسكري فضلاً عن أنها تكون عاملاً للاستقرار.(5) كذلك هناك ملف الجزر الثلاث التي احتلتها ايران عام 1971 و الاختلاف العقائدي بين غالبية دول الخليج – السنة – و ايران – الشيعة – و كذلك الاختلاف القومي الفارسي و العربي، كل هذه الأمور تجعل الرهان الأمريكي يبدو هو الرابح و قد ربح بالفعل و حقق الكثير بفضل هذه الأيقونة السحرية المتمثلة في الثورة الايرانية.
يمكن القول أن الثورة الإسلامية في إيران سوف تكون في خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة كما وضحنا سابقاً لهذا نفترض أن أمريكا إما أنها ساعدت على قيام الثورة أو هي من ورائها فعلياً ، أو أنها أدركت بحتمية قيامها فوفرت لها ظروف النجاح (المقنن المتحكم فيه – بما لا يتعارض مع مصالحا الحيوية) و أي كان الأسلوب فهو بلا شك يصب في غير صالحنا و ربما لم تجني أمريكا منه بعد كل ثماره.
و سوف نخلص بمشيئة الله الى حقيقة هذا الأمر في الحلقات القادمة بمشيئة الله
و الملاحظ أن الخلاف بين أمريكا و بريطانيا تجسد مع بداية الخمسينات في صراع شرس بين شركات النفط الاحتكارية الأمريكية و الانجليزية، إذ أن هذه الحقبة التاريخية شكلت قمة التوتر بين لندن و واشنطن. فكل بلد حاول إلحاق الضرر في المواقف الإستراتيجية و الاقتصادية للبلد الآخر و سعى إلى نسف مصالح و نفوذ عدوه. و مع سقوط تأميم شركة النفط الانجليزية – الإيرانية الذي سعى إلى تحقيقه الدكتور مصدق، انتزع الأمريكيون من الانجليز حصة 40% من أسهم شركة النفط الإيرانية. و العملية الأمريكية شكلت ضربة قاضية للنفوذ الانجليزي في المنطقة. و مع الستينات خفت وطأة الصراع الأمريكي – البريطاني عندما سيطر الأمريكيون على كل الخطوط. و كي لا يدخل الفرقاء المتنازعون في حرب الأسعار قرروا حفاظاً على مصالحهم وضع اتفاقات تحدد قوانين سوق النفط العالمي.(1)
لقد كان الوجود البريطاني مبررا في منطقة الخليج لحماية استقرار و أمن هذه المنطقة باعتبارها ممر حيوي لمواصلاتها و ازدادت أهمية هذه المنطقة بعد اكتشاف النفط و لهذا دخلت بريطانيا في معاهدات مع أمراء الخليج تمكن بريطانيا من السماح لأمراء الخليج بالتصرف سواء في اللؤلؤ ثم النفط نظير أن تحميهم بريطانيا من أي هجوم عليهم من قبل قوى أخرى، و بهذه الطريقة ترسخ الوجود البريطاني في منطقة الخليج و اتسع مداه "فالتوسع البريطاني تم بطريقة برجماتية لأنه نال موافقة الطرفين الموقعين. من جهة توصلت انجلترا الى السيطرة كلياً على الوضع في المنطقة، و من جهة أخرى توصل الأمراء و المشايخ الى الاحتفاظ بمراكزهم و هم يتمتعون في الداخل بحكم مطلق" (2) و بهذا كرست بريطانيا وجودها العسكري في هذه المنطقة.
و لكن يمكن اعتبار ان سياسة المعاهدات من هذا النوع غير مجدية و أن التواجد البريطاني في المنطقة مهدد و لا سيما مع تنامي ظهور التيارات القومية و الوطنية و حركات التحرر بل و ربما السخط الشعبي على أمراء و شيوخ الخليج و مثال على ذلك هو فشل بريطانيا في معاركها ضد الثوار في اليمن الجنوبية و الذي تولد عنه استقلال اليمن الجنوبية في 30/11/1967.
و لأن أمريكا تولي أهمية كبيرة لهذه المنطقة تنبهت مبكراً الى أن وجودها المستمر في هذه المنطقة حيوي و لهذا عمدت الحكومات الأمريكية الى تشجيع البحث العلمي حول مختلف مجالات الحياة في الخليج العربي و ذلك بالتعاون مع شركات النفط العاملة في المنطقة. و كع البعثات و الإرساليات الدينية المسيحية و ساهمت الجامعة الأمريكية في بيروت التي تعني بالبحث العلمي عن الخليج العربي و في مقدمتها معهد الشرق الأوسط في واشنطن و غير ذلك من مراكز البحث المختلفة المختصة بالشأن الخليجي (3).
من هذا المنظور تعتمد الولايات المتحدة في الخليج العربي و الشرق الأوسط عموماً استراتيجية الهيمنة الشاملة. انها حسب تحليل ميشال شاتلو، سيطرة بالمبادرة: بواسطة كل الوسائل التي تمتلكها لخلق أوضاع جديدة تنسجم مع مصالحها أو لتغيير، لصالحا، و سيطرة بالاسترداد: قادرة للرد فوراً عندما يتطور وضع بشكل بعاكس رغباتها.(4)
و في محاولات لتطبيق هذه السيطرة سابقة الذكر فان أمريكا التي رأت أن في إيران الشاه البديل لسد الفراغ الأمني بعد الانسحاب البريطاني من منطقة الخليج و جعلت منه شرطي الخليج رأت في وقت لاحق أن إيران آيات الله معهم المفتاح السحري لترسيخ وجودهم أكثر و أكثر بمعنى آخر إيجاد الفزاعة و المبرر الذي يرسخ وجود أمريكا في منطقة الخليج العربي دون إحراج أمراء و ملوك و شيوخ الخليج أمام شعوبهم بحيث يكون التواجد الأمريكي من أجلهم و من أجل مصلحتهم و بالرغم من أن هناك معاهدات و اتفاقيات بين أمريكا و كبرى الدول في منطقة الخليج الا أنها جعلت إيران شرطيها الخاص في حقبة الشاه و جعلت منها التهديد الأكبر الذي يجب مواجهته و الذي يهدد وجود الدول الخليجية في مرحلة الخميني و خلفائه.
ربما تنبهت أمريكا لأهمية اصطناع خطراً قادم من قبل إيران بسبب الادعاءات الإيرانية في البحرين و هذا قبل قيام الثورة الإسلامية فتوصلت إلى اتفاقية مع البحرين تمكن الأسطول الأمريكي من الاحتفاظ بقاعدة الجفير التي كانت أصلاً قاعدة بريطانية. و بررت الولايات المتحدة أهمية الاحتفاظ بهذه القاعدة أنها تساعد في سد فراغ تركه الوجود البريطاني العسكري فضلاً عن أنها تكون عاملاً للاستقرار.(5) كذلك هناك ملف الجزر الثلاث التي احتلتها ايران عام 1971 و الاختلاف العقائدي بين غالبية دول الخليج – السنة – و ايران – الشيعة – و كذلك الاختلاف القومي الفارسي و العربي، كل هذه الأمور تجعل الرهان الأمريكي يبدو هو الرابح و قد ربح بالفعل و حقق الكثير بفضل هذه الأيقونة السحرية المتمثلة في الثورة الايرانية.
يمكن القول أن الثورة الإسلامية في إيران سوف تكون في خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة كما وضحنا سابقاً لهذا نفترض أن أمريكا إما أنها ساعدت على قيام الثورة أو هي من ورائها فعلياً ، أو أنها أدركت بحتمية قيامها فوفرت لها ظروف النجاح (المقنن المتحكم فيه – بما لا يتعارض مع مصالحا الحيوية) و أي كان الأسلوب فهو بلا شك يصب في غير صالحنا و ربما لم تجني أمريكا منه بعد كل ثماره.
و سوف نخلص بمشيئة الله الى حقيقة هذا الأمر في الحلقات القادمة بمشيئة الله
-*--------------------*-
1- الخليج العربي من الاحتلال الانجليزي حتى الثورة الايرانية – انطوان متى – ص65
2- السابق ص 70
3- راجع تاريخ الخليج العربي الحديث و المعاصر – محمد حسن العيدروس – ص265 و ما بعدها
4- الخليج العربي من الاحتلال الانجليزي حتى الثورة الايرانية – ص76
5- تاريخ الخليج العربي الحديث و المعاصر – محمد حسن العيدروس – ص280.
1- الخليج العربي من الاحتلال الانجليزي حتى الثورة الايرانية – انطوان متى – ص65
2- السابق ص 70
3- راجع تاريخ الخليج العربي الحديث و المعاصر – محمد حسن العيدروس – ص265 و ما بعدها
4- الخليج العربي من الاحتلال الانجليزي حتى الثورة الايرانية – ص76
5- تاريخ الخليج العربي الحديث و المعاصر – محمد حسن العيدروس – ص280.
__________________
5- تطور السياسة الأمريكية في المنطقة تحتم التغيير:
سبقت الإشارة إلى التطور الذي قاده برجينيسكي في السياسة الأمريكية و كيف أنه رأي استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية محددة تصب في مصلحة أمريكا. فقد ساعد برجينيسكي و الرئيس الأمريكي كارتر البابا يوحنا بولس الثاني ليكون رئيساً للفاتيكان في سابقة فريدة حيث أنه بولاندي الجنسية و كان بهذا أول بابا غير ايطالي منذ 1522 و السبب في ذلك اتضح فيما بعد حيث دعم البابا الكنيسة البولندية لأن تتخذ جانب الحركة العمالية على حساب الحكومة البولندية كخطوة لتفكيك و زعزعة وحدة الدول الاشتراكية و هذا ما آتى أكله فيما بعد.(1)
و من هذا المنطلق يمكن إيجاد ذرائع لوجود أمريكي دائم في المنطقة يسعى لتحقيق هدفين رئيسيين:
الأول: مواجهة العدو التقليدي آنذاك و هو الاتحاد السوفيتي.
الثاني: إبقاء أمريكا على تحالفها مع العرب لاسيما بعد حرب أكتوبر عام 1973 الذي مثل ناقوس خطر يهدد أمن إسرائيل علاوة على تهديد استمرار تدفق نفط الخليج العربي.
و لو تناولنا النقطة الأولى و وفق هذا الأساس كلف برجينيسكي لجنة التنسيق الخاصة بمجلس الأمن القومي للقيام بدراسات عن التأثيرات الممكنة لصحوة اسلامية، على الشعوب الاسلامية المتاخمة لحدود الاتحاد السوفيتي و يأتي الشعب الإيراني بطبيعة الحال في مقدمة هذه الشعوب، إذ أن هناك ما يزيد عن خمسين مليوناً من المسلمين السوفيت يشكلون ربع سكانه، خاصة و أن هذا الجزء من سكان الاتحاد السوفيتي يعتبر أسرع الأجزاء نمواً في التركيب السكاني غير المتجانس لهذا البلد (2)، رأى برجينيسكي بعد الدراسة أن رجال الدين في ايران هم الطبقة الوحيدة المهيأة للدخول في أنشطة المعارضة، لأنها تملك نظاماً متقدماً للاتصالات و التسهيلات المحلية في شكل مؤسسات دينية كالمساجد و كمؤسسات الإرشاد (الحسينيات) المرتبطة بها و كل ذلك يجعلهم يتمتعون بحصانة في مواجهة بطش الشاه. (3) و بعد الوصول الى هذه القناعة تدخلت أمريكا في المساعدة الخفية لنجاح هذا التيار في إحداث هذه الثورة و هذا ما سيأتي بمشيئة الله.
و بالفعل أحدثت الثورة ضغوطاً كبيرة و ضربة قاصمة على أمن و مصالح الاتحاد السوفيتي و التي يمكن اختصارها في التالي (4):
1- عدم استقرار الأوضاع السياسية في إيران قد يتحول إلى عبء كبير على المصالح السوفيتية نفسها
2- الخوف السوفيتي من أن تقوم حكومة الثورة في إيران بتوسيع إطار مساعداتها للجماعات الإسلامية و المجاهدين ضد النظام الشيوعي في أفغانستان، كما و أن وجود مثل هذه الدولة ذات الميول الإسلامية على الحدود السوفيتية سيمثل عامل جذب و تحريك للشعب المسلم في الاتحاد السوفيتي و هذا ما لا يمكن قبوله من قبل الاتحاد السوفيتي.
3- ستقدم الثورة الإسلامية في إيران النموذج العملي للدول المجاورة في التغيير تحت راية الإسلام و تطبيق الشرعية الإسلامية لقلب نظم الحكم التي لا ترغب فيها الشعوب و بهذا تفقد الايدولوجية الماركسية جاذبيتها و تأثيرها.
4- الثورة الإيرانية بممارساتها القائمة على التحرك النشط في الدول المجاورة لها قد تتسبب في حدوث صدام بين النظام الايراني و بين مصالح الاتحاد السوفيتي و مصالح حلفائه في الخليج العربي و بالأخص العراق.
5- الخلافات العرقية (الأكراد و العرب و التركمان) التي قد تطفو على السطح لاسيما مع ضعف الحكومة المركزية في إيران بعد قيام الثورة قد تؤدي إلى النزعة الانفصالية التحررية في الأقليات القومية داخل الاتحاد السوفيتي ذاته.
6- بالرغم من أن الثورة ظاهرياً أفقدت الولايات المتحدة حليفاً استراتيجياً كبيراً الا أن من نتائجها الجلية الوجود الأمريكي في المنطقة و المتمثل في قوات الانتشار و التدخل السريع التي أوجدها مبدأ كارتر الصادر عام 1980 بعد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان و هذا ما يمثل تهديداً للاتحاد السوفيتي.
يتبين من هذا كله أن المستفيد الأول من الثورة الإيرانية هو أمريكا إذ عملت بشكل كبير على تحييد التوسع السوفيتي أو على الأقل أثقلت كاهله بتساؤلات صعب الإجابة عليها، و ماذا خسرت أمريكا بجوار كل هذا؟! لقد خسرت أمريكا صداقة الشاه المريض الضعيف الذي أصبح يأخذ دون أن يعطي فمثل هذه الخسارة لا تساوي شيئاً بجوار المكاسب العظيمة التي تحققت.
و سنتابع في الحلقة القادمة بمشيئة الله استكمال هذه النقطة ................
-************
و من هذا المنطلق يمكن إيجاد ذرائع لوجود أمريكي دائم في المنطقة يسعى لتحقيق هدفين رئيسيين:
الأول: مواجهة العدو التقليدي آنذاك و هو الاتحاد السوفيتي.
الثاني: إبقاء أمريكا على تحالفها مع العرب لاسيما بعد حرب أكتوبر عام 1973 الذي مثل ناقوس خطر يهدد أمن إسرائيل علاوة على تهديد استمرار تدفق نفط الخليج العربي.
و لو تناولنا النقطة الأولى و وفق هذا الأساس كلف برجينيسكي لجنة التنسيق الخاصة بمجلس الأمن القومي للقيام بدراسات عن التأثيرات الممكنة لصحوة اسلامية، على الشعوب الاسلامية المتاخمة لحدود الاتحاد السوفيتي و يأتي الشعب الإيراني بطبيعة الحال في مقدمة هذه الشعوب، إذ أن هناك ما يزيد عن خمسين مليوناً من المسلمين السوفيت يشكلون ربع سكانه، خاصة و أن هذا الجزء من سكان الاتحاد السوفيتي يعتبر أسرع الأجزاء نمواً في التركيب السكاني غير المتجانس لهذا البلد (2)، رأى برجينيسكي بعد الدراسة أن رجال الدين في ايران هم الطبقة الوحيدة المهيأة للدخول في أنشطة المعارضة، لأنها تملك نظاماً متقدماً للاتصالات و التسهيلات المحلية في شكل مؤسسات دينية كالمساجد و كمؤسسات الإرشاد (الحسينيات) المرتبطة بها و كل ذلك يجعلهم يتمتعون بحصانة في مواجهة بطش الشاه. (3) و بعد الوصول الى هذه القناعة تدخلت أمريكا في المساعدة الخفية لنجاح هذا التيار في إحداث هذه الثورة و هذا ما سيأتي بمشيئة الله.
و بالفعل أحدثت الثورة ضغوطاً كبيرة و ضربة قاصمة على أمن و مصالح الاتحاد السوفيتي و التي يمكن اختصارها في التالي (4):
1- عدم استقرار الأوضاع السياسية في إيران قد يتحول إلى عبء كبير على المصالح السوفيتية نفسها
2- الخوف السوفيتي من أن تقوم حكومة الثورة في إيران بتوسيع إطار مساعداتها للجماعات الإسلامية و المجاهدين ضد النظام الشيوعي في أفغانستان، كما و أن وجود مثل هذه الدولة ذات الميول الإسلامية على الحدود السوفيتية سيمثل عامل جذب و تحريك للشعب المسلم في الاتحاد السوفيتي و هذا ما لا يمكن قبوله من قبل الاتحاد السوفيتي.
3- ستقدم الثورة الإسلامية في إيران النموذج العملي للدول المجاورة في التغيير تحت راية الإسلام و تطبيق الشرعية الإسلامية لقلب نظم الحكم التي لا ترغب فيها الشعوب و بهذا تفقد الايدولوجية الماركسية جاذبيتها و تأثيرها.
4- الثورة الإيرانية بممارساتها القائمة على التحرك النشط في الدول المجاورة لها قد تتسبب في حدوث صدام بين النظام الايراني و بين مصالح الاتحاد السوفيتي و مصالح حلفائه في الخليج العربي و بالأخص العراق.
5- الخلافات العرقية (الأكراد و العرب و التركمان) التي قد تطفو على السطح لاسيما مع ضعف الحكومة المركزية في إيران بعد قيام الثورة قد تؤدي إلى النزعة الانفصالية التحررية في الأقليات القومية داخل الاتحاد السوفيتي ذاته.
6- بالرغم من أن الثورة ظاهرياً أفقدت الولايات المتحدة حليفاً استراتيجياً كبيراً الا أن من نتائجها الجلية الوجود الأمريكي في المنطقة و المتمثل في قوات الانتشار و التدخل السريع التي أوجدها مبدأ كارتر الصادر عام 1980 بعد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان و هذا ما يمثل تهديداً للاتحاد السوفيتي.
يتبين من هذا كله أن المستفيد الأول من الثورة الإيرانية هو أمريكا إذ عملت بشكل كبير على تحييد التوسع السوفيتي أو على الأقل أثقلت كاهله بتساؤلات صعب الإجابة عليها، و ماذا خسرت أمريكا بجوار كل هذا؟! لقد خسرت أمريكا صداقة الشاه المريض الضعيف الذي أصبح يأخذ دون أن يعطي فمثل هذه الخسارة لا تساوي شيئاً بجوار المكاسب العظيمة التي تحققت.
و سنتابع في الحلقة القادمة بمشيئة الله استكمال هذه النقطة ................
-************
1- بين التاج و العمامة – أحمد مهابة ص 196
2- السابق 197
3- السابق 198
4- بتصرف من تاريخ الخليج العربي الحديث و المعاصر – محمد حسن العيدروس – ص 304 الى 306
2- السابق 197
3- السابق 198
4- بتصرف من تاريخ الخليج العربي الحديث و المعاصر – محمد حسن العيدروس – ص 304 الى 306
__________________
في نفس هذا الإطار الذي نتناقش بصدده حتميات التغيير في منطقتنا نرى أن حرب أكتوبر مثلت تهديداً كبيراً و دقت ناقوساً للخطر يعترض أمن إسرائيل و في ذات الوقت ضمان تدفق النفط الذي يقع في أيدي العرب حيث يمكن القول أنه "كانت هناك ثلاث مجموعات من المصالح اهتم بها صانعو السياسة الأمريكية، أولها الانشغال بالوجود و النفوذ السوفيتي في المنطقة و ثانيها الالتزام بأمن اسرائيل، و ثالثها الثروة البترولية للشرق الأوسط" (السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 8). فها هي حرب أكتوبر تضرب اثنين من هذه المجموعات الحيوية مما يسترعي تغيير جذري في المنطقة يحول دون حدوث مثل هذا الأمر مجدداً.
أما فيما يتعلق بالمحور السوفيتي فقد بدا في الأفق بوادر وفاق بين الغريمين لاسيما و قد علم كلاً منهما خطورة الدخول في صراع بينهما و تمثل هذا الوفاق في العديد من الزيارات و الاتفاقات المتبادلة ففي مايو سنة 1972 قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بأول زيارة لرئيس أمريكي إلى الاتحاد السوفيتي منذ الحرب العالمية الثانية و هي الزيارة التي عقد فيها مع الزعماء السوفيت المؤتمر الأول من سلسلة مؤتمرات القمة الأربعة و التي ستمتد حتى بعد تخلي نيكسون عن الرئاسة عام 1974 و تولى نائبه جيراليد فورد الرئاسة و خلال هذه المؤتمرات سترتبط القوتان بعدد من الاتفاقيات و المبادئ حول علاقتهما الدولية و الثنائية الأمر الذي خلق – و خاصة عقب مؤتمري القمة الأول و الثاني – حالة من النشوة حول مستقبل الوفاق بينهما. (الوفاق الأمريكي السوفيتي – السيد أمين شلبي ص 185).
شملت الاتفاقيات التي تمخضت عنها اللقاءات المتكررة بين نيكسون و بريجينيف جميع مجالات الحياة و تضمنت مجموعة كبيرة من الاتفاقيات سوف نذكرها فقط و لمن يريد الاطلاع عليها فليراجع المرجع المختص بهذا (الوفاق الأمريكي السوفيتي – السيد أمين شلبي ص 193 - 222)
لقد خلص المؤتمر الأول (عام 1972) التوافق على أمور حساسة كانت تمثل نقاط خلاف بين الطرفين مثل
1- الاتفاقيتان الخاصتان بالحد من الأسلحة الاستراتيجية و هذا يشمل الاتفاقية المؤقتة للحد من الأسلحة الهجومية
2- بيان المبادئ الأساسية للعلاقات السوفيتية الأمريكية
3- مجموعة اتفاقيات شملت عدداً من وجوه العلاقات الاقتصادية و التجارية و التعاون العلمي و الفني و الثقافي.
و فيما يتعلق بمؤتمر القمة الثاني (17-25 يونيو 1973)
1- اتفاقية منع الحرب النووية
2- اتفاقية حول المبادئ الأساسية للمفاوضات حول مزيد من تحديد الأسلحة الاستراتيجية
3- مجموعة اتفاقيات أخرى مثل (اتفاقية التعاون في الاستخدام السلمي للطاقة، التعاون الزراعي، النق، دراسة المحيطات، التبادل الثقافي و العلمي، مجموعة بروتوكلات متنوعة منها انشاء بعثة تجارية سوفيتية في موسكو و أخرى أمريكية في واشنطن، انشاء غرفة تجارية، اتفاقية للتعاون في مجال النقل الجوي، ..... و غير ذلك).
حتى قبل اندلاع حرب اكتوبر كان هناك ارتياح أمريكي بأن الاتحاد السوفيتي لن يتورط فيما من شأنه يؤثر سلباً على أمن اسرائيل و بشكل محدد فقد كانت ثمة افتراضات حول السلوك السوفيتي في الشرق الأوسط فيما قبل حرب أكتوبر تضمن الآتي:
1- انه بالنظر إلى المشكلات التي لم تحل بعد في علاقات بين البلدين مثل التجارة و الاستثمارات الأمريكية في الاتحاد السوفيتي و المفاوضات الجارية حول الحد من الأسلحة الإستراتيجية و الخفض المتوازن للقوات في أوروبا و مؤتمر الأمن و التعاون الأوروبي فان مع بقاء و استمرار هذه المسائل فان الاتحاد السوفيتي لا يستطيع السماح بقيام أزمة في الشرق الأوسط تعرض للخطر امكان التوصل الى نتائج ايجابية حول هذه القضايا و من ثم الوفاق في مجموعه.
2- ان الاتحاد السوفيتي كان على وعي كامل بالمصالح الأمريكية و حساسية أمريكا للتطورات في الشرق الأوسط، و لهذا تيقن السوفيت من الخطورة المتزايدة لمواجهة أمريكية سوفيتية.
3- لم يكن لدى الاتحاد السوفيتي ثقة كبيرة في قدرة العرب على شن حرب ناجحة ضد اسرائيل و كانت المساعدة العسكرية السوفيتية للعرب في المحل الأول هي لدعم قدرتهم الدفاعية (الوفاق الأمريكي السوفيتي – السيد أمين شلبي ص 225-226).
و بالفعل هذا ما حدث أثناء الحرب حيث أن إمداد الاتحاد السوفيتي بالأسلحة لمصر و سوريا لم يتم إلا في اليوم العاشر بل و لم يكن بالضخامة المتصورة أو يعادل ما تمد أمريكا به إسرائيل (السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 103-104) و إن كان هذا الأمر يمثل خرقاً للاتفاقات بين القطبين إلا أنه لم يؤدي إلى مزيد من النقاش بينهما بخصوصه.
فيما يتعلق باهتمام الأمريكيين بأمن إسرائيل "لوجدنا أن الأمريكيين يتعاطفون مع إسرائيل أكثر مما يتعاطفون مع العرب بصفة عامة. و يعتبر اليهود الأمريكيون مواليين تماماً لإسرائيل غير أن الأمريكيين غير اليهود يميلون أيضاً لمساندة إسرائيل و ان كان بقدر أقل من الحماس. و تعكس الصحافة الأمريكية هذا الاتجاه إذ يتم نشر الأنباء الخاصة بإسرائيل على نطاق واسع في حين لا تتم تغطية الأنباء الخاصة بالعالم العربي إلا في أضيق نطاق و ان كان هناك اتجاه منذ عام 1973 للأخذ في الاعتبار أيضاً آراء العرب" (السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 9)
و على المستوى الرسمي "لقد كان الكونجرس الأمريكي دائماً أكثر استجابة للجماعات الموالية لإسرائيل و مع أن هذه الاستجابة كانت تعكس في غالبية الأحوال حقيقة الرأي العام الأمريكي الا أن جهود تلك الجماعات كان لها شأن في القرارات و المواقف التي اتخذها الكونجرس لصالح اسرائيل" (السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 10)
و لقد مثلت حرب أكتوبر مفاجأة للادارة الأمريكية و الاسرائيلية و رغم أن وسائل التجسس الأمريكية أخذت تزود المسؤليين الأمريكيين بالشواهد على الاستعدادات العسكرية العربية على طول جبهتي قناة السويس و الجولان، الا أنهم أساءوا تفسيرها حيث افترضوا أن تخلف العرب في مجال التكنولوجيا و قوة اسرائيل التي لا تقهر سوف يمنعان العرب من المغامرة بشن هجوم على اسرائيل. (السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 89) و هذا في حد ذاته خطر داهم يعترض امن اسرائيل.
و عندما اندلعت الحرب سعت أمريكا بكل ما أوتيت من قوة ايقافها لاسيما بعدما رأت بسالة الجندي العربي المسلم و رأت كفائته القتالية بل ورأت مثال لم تعهده من تحالف العرب بعضهم مع بعض فبدأت منذ اليوم الأول بالاتصالات و محاولة ايجاد صيغة لتوقيف الحرب بل و سعت ألا يخرج أي طرف من طرفي النزاع منتصراً لحسابات لديها و ليس هنا موضع ذكر هذه المحاولات بل يكفي أن أشرنا اليها.
غير أننا نشير في عجالة الى صور من التحالف العربي (راجع السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 104-105):
1- في 17 أكتوبر 1973 اتخذت امارة أبو ظبي قراراً بوقف تصدير بترولها الى الولايات المتحدة الأمريكية و اتخذت قطر و الجزائر قرارهما برفع نسبة التخفيض من 5% الى 10%.
2- في اليوم التالي 18 أكتوبر قررت السعودية تخفيض الانتاج بنسبة 10% و رهنت ايقافه كليا اذا توالى الدعم الأمريكي لاسرائيل و هذا ما حدث حيث أوقفته السعودية كليا.
3- في 19 اكتوبر تفرض ليبيا حظراً على شحن البترول لأمريكا.
4- في 21 أكتوبر توقف الكويت و قطر و البحرين و دبي تصدير النفط لأمريكا كلياً.
بخصوص إيران و تأثرها بحرب أكتوبر عليها فان شاه إيران كانت علاقته جيدة بالسادات و توطدت أكثر بعد الحرب و أيد حرب اكتوبر بل و جعل ما حققته مصدر فخر و اعتزاز و جعل هذا مدخلاً للتقارب مع العرب و "من هنا بدأت اسرائيل تعتبر الشاه عدواً لها أكثر من كونه صديقاً، فعندما تلقى الشاه أنباء عبور القوات المصرية للقناة و تحطيمها خط بارليف تحدث الشاه أمام مستشاريه بصوت يرتجف بالانفعال قائلاً "ان السادات مصدر اعتزاز لنا جميعاً و أنه رجل فعلاً" (ايران بين التاج و العمامة – أحمد مهابة – ص 163).
لقد تعدى الشاه خطوط كثيرة حمراء أثناء الحرب و بعدها فقد فاخر كذلك في بعض أحاديثه الصحفية تدليلاً منه على حسن نواياه نحو العرب، و رغبته في التعاون معهم، بأن ايران قد أمنت العراق على حدودها خلال حرب 1973، و وفرت للسعودية غطاءاً جوياً، و منعت المتطوعين للقتال مع اسرائيل القادمين من أستراليا من المرور عبر أراضيها، و أمدت مصر بالبترول، و عالجت جرحى الحرب في مستشفياتها" (ايران بين التاج و العمامة – أحمد مهابة – ص 155).
ليس ذلك فحسب فقد تغيرت لهجة الشاه تجاه اسرائيل، فأخذ يدين مواقف و سياسة اسرائيل و يدافع عن وجهة نظر و مواقف العرب حيث صرح لاحدى الصحف العربية "ان المستقبل ليس في صالح اسرائيل، و أن هناك مائة مليون عربي يخطون الأن نحو الثراء، و يستطيعون بالأموال التي لديهم الحصول على الصناعة و التقدم و الأسلحة، كما أن العرب يستطيعون تحمل خسائر بشرية بمئات الألوف من الجنود في أي معركة قصيرة أو طويلة، و هو ما لا تستطيع اسرائيل تحمله، ان الوقت في نظري ليس في صالح اسرائيل" (ايران بين التاج و العمامة – أحمد مهابة – ص 155).
لقد مثل هذا مبعث آخر للقلق من إيران الشاه بأنها ستتجه إلى المعسكر العربي ليكتمل الحلف القوي ضد إسرائيل فيزداد أعداد و قوة أعدائها مما يهدد بقائها و لو أخذنا في الاعتبار ما أشرنا اليه سابقاً من علاقة الشاه بأمريكا في آخر أيامه و لو عزلنا الصراع السوفيتي الأمريكي من دائرة الصراع في هذا الخصوص لأيقنا أن التغيير في المنطقة لابد منه لأنه يمثل الحفاظ على كيان زرع زرعاً في المنطقة و يؤثر على أهم مصادر الصناعة في دولة صناعية كبرى تقود العالم فلجأت أمريكا لأسلوب جديد في ادارة المنطقة فاصطنعت بأيديها أعدائها و لا ريب ألبته ما دام هؤلاء الأعداء لن يتعدى خطرهم رذاذ صراخهم الخارج من أفواههم.
أما فيما يتعلق بالمحور السوفيتي فقد بدا في الأفق بوادر وفاق بين الغريمين لاسيما و قد علم كلاً منهما خطورة الدخول في صراع بينهما و تمثل هذا الوفاق في العديد من الزيارات و الاتفاقات المتبادلة ففي مايو سنة 1972 قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بأول زيارة لرئيس أمريكي إلى الاتحاد السوفيتي منذ الحرب العالمية الثانية و هي الزيارة التي عقد فيها مع الزعماء السوفيت المؤتمر الأول من سلسلة مؤتمرات القمة الأربعة و التي ستمتد حتى بعد تخلي نيكسون عن الرئاسة عام 1974 و تولى نائبه جيراليد فورد الرئاسة و خلال هذه المؤتمرات سترتبط القوتان بعدد من الاتفاقيات و المبادئ حول علاقتهما الدولية و الثنائية الأمر الذي خلق – و خاصة عقب مؤتمري القمة الأول و الثاني – حالة من النشوة حول مستقبل الوفاق بينهما. (الوفاق الأمريكي السوفيتي – السيد أمين شلبي ص 185).
شملت الاتفاقيات التي تمخضت عنها اللقاءات المتكررة بين نيكسون و بريجينيف جميع مجالات الحياة و تضمنت مجموعة كبيرة من الاتفاقيات سوف نذكرها فقط و لمن يريد الاطلاع عليها فليراجع المرجع المختص بهذا (الوفاق الأمريكي السوفيتي – السيد أمين شلبي ص 193 - 222)
لقد خلص المؤتمر الأول (عام 1972) التوافق على أمور حساسة كانت تمثل نقاط خلاف بين الطرفين مثل
1- الاتفاقيتان الخاصتان بالحد من الأسلحة الاستراتيجية و هذا يشمل الاتفاقية المؤقتة للحد من الأسلحة الهجومية
2- بيان المبادئ الأساسية للعلاقات السوفيتية الأمريكية
3- مجموعة اتفاقيات شملت عدداً من وجوه العلاقات الاقتصادية و التجارية و التعاون العلمي و الفني و الثقافي.
و فيما يتعلق بمؤتمر القمة الثاني (17-25 يونيو 1973)
1- اتفاقية منع الحرب النووية
2- اتفاقية حول المبادئ الأساسية للمفاوضات حول مزيد من تحديد الأسلحة الاستراتيجية
3- مجموعة اتفاقيات أخرى مثل (اتفاقية التعاون في الاستخدام السلمي للطاقة، التعاون الزراعي، النق، دراسة المحيطات، التبادل الثقافي و العلمي، مجموعة بروتوكلات متنوعة منها انشاء بعثة تجارية سوفيتية في موسكو و أخرى أمريكية في واشنطن، انشاء غرفة تجارية، اتفاقية للتعاون في مجال النقل الجوي، ..... و غير ذلك).
حتى قبل اندلاع حرب اكتوبر كان هناك ارتياح أمريكي بأن الاتحاد السوفيتي لن يتورط فيما من شأنه يؤثر سلباً على أمن اسرائيل و بشكل محدد فقد كانت ثمة افتراضات حول السلوك السوفيتي في الشرق الأوسط فيما قبل حرب أكتوبر تضمن الآتي:
1- انه بالنظر إلى المشكلات التي لم تحل بعد في علاقات بين البلدين مثل التجارة و الاستثمارات الأمريكية في الاتحاد السوفيتي و المفاوضات الجارية حول الحد من الأسلحة الإستراتيجية و الخفض المتوازن للقوات في أوروبا و مؤتمر الأمن و التعاون الأوروبي فان مع بقاء و استمرار هذه المسائل فان الاتحاد السوفيتي لا يستطيع السماح بقيام أزمة في الشرق الأوسط تعرض للخطر امكان التوصل الى نتائج ايجابية حول هذه القضايا و من ثم الوفاق في مجموعه.
2- ان الاتحاد السوفيتي كان على وعي كامل بالمصالح الأمريكية و حساسية أمريكا للتطورات في الشرق الأوسط، و لهذا تيقن السوفيت من الخطورة المتزايدة لمواجهة أمريكية سوفيتية.
3- لم يكن لدى الاتحاد السوفيتي ثقة كبيرة في قدرة العرب على شن حرب ناجحة ضد اسرائيل و كانت المساعدة العسكرية السوفيتية للعرب في المحل الأول هي لدعم قدرتهم الدفاعية (الوفاق الأمريكي السوفيتي – السيد أمين شلبي ص 225-226).
و بالفعل هذا ما حدث أثناء الحرب حيث أن إمداد الاتحاد السوفيتي بالأسلحة لمصر و سوريا لم يتم إلا في اليوم العاشر بل و لم يكن بالضخامة المتصورة أو يعادل ما تمد أمريكا به إسرائيل (السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 103-104) و إن كان هذا الأمر يمثل خرقاً للاتفاقات بين القطبين إلا أنه لم يؤدي إلى مزيد من النقاش بينهما بخصوصه.
فيما يتعلق باهتمام الأمريكيين بأمن إسرائيل "لوجدنا أن الأمريكيين يتعاطفون مع إسرائيل أكثر مما يتعاطفون مع العرب بصفة عامة. و يعتبر اليهود الأمريكيون مواليين تماماً لإسرائيل غير أن الأمريكيين غير اليهود يميلون أيضاً لمساندة إسرائيل و ان كان بقدر أقل من الحماس. و تعكس الصحافة الأمريكية هذا الاتجاه إذ يتم نشر الأنباء الخاصة بإسرائيل على نطاق واسع في حين لا تتم تغطية الأنباء الخاصة بالعالم العربي إلا في أضيق نطاق و ان كان هناك اتجاه منذ عام 1973 للأخذ في الاعتبار أيضاً آراء العرب" (السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 9)
و على المستوى الرسمي "لقد كان الكونجرس الأمريكي دائماً أكثر استجابة للجماعات الموالية لإسرائيل و مع أن هذه الاستجابة كانت تعكس في غالبية الأحوال حقيقة الرأي العام الأمريكي الا أن جهود تلك الجماعات كان لها شأن في القرارات و المواقف التي اتخذها الكونجرس لصالح اسرائيل" (السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 10)
و لقد مثلت حرب أكتوبر مفاجأة للادارة الأمريكية و الاسرائيلية و رغم أن وسائل التجسس الأمريكية أخذت تزود المسؤليين الأمريكيين بالشواهد على الاستعدادات العسكرية العربية على طول جبهتي قناة السويس و الجولان، الا أنهم أساءوا تفسيرها حيث افترضوا أن تخلف العرب في مجال التكنولوجيا و قوة اسرائيل التي لا تقهر سوف يمنعان العرب من المغامرة بشن هجوم على اسرائيل. (السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 89) و هذا في حد ذاته خطر داهم يعترض امن اسرائيل.
و عندما اندلعت الحرب سعت أمريكا بكل ما أوتيت من قوة ايقافها لاسيما بعدما رأت بسالة الجندي العربي المسلم و رأت كفائته القتالية بل ورأت مثال لم تعهده من تحالف العرب بعضهم مع بعض فبدأت منذ اليوم الأول بالاتصالات و محاولة ايجاد صيغة لتوقيف الحرب بل و سعت ألا يخرج أي طرف من طرفي النزاع منتصراً لحسابات لديها و ليس هنا موضع ذكر هذه المحاولات بل يكفي أن أشرنا اليها.
غير أننا نشير في عجالة الى صور من التحالف العربي (راجع السياسة الأمريكية – نبيل محمود عبد الغفار ص 104-105):
1- في 17 أكتوبر 1973 اتخذت امارة أبو ظبي قراراً بوقف تصدير بترولها الى الولايات المتحدة الأمريكية و اتخذت قطر و الجزائر قرارهما برفع نسبة التخفيض من 5% الى 10%.
2- في اليوم التالي 18 أكتوبر قررت السعودية تخفيض الانتاج بنسبة 10% و رهنت ايقافه كليا اذا توالى الدعم الأمريكي لاسرائيل و هذا ما حدث حيث أوقفته السعودية كليا.
3- في 19 اكتوبر تفرض ليبيا حظراً على شحن البترول لأمريكا.
4- في 21 أكتوبر توقف الكويت و قطر و البحرين و دبي تصدير النفط لأمريكا كلياً.
بخصوص إيران و تأثرها بحرب أكتوبر عليها فان شاه إيران كانت علاقته جيدة بالسادات و توطدت أكثر بعد الحرب و أيد حرب اكتوبر بل و جعل ما حققته مصدر فخر و اعتزاز و جعل هذا مدخلاً للتقارب مع العرب و "من هنا بدأت اسرائيل تعتبر الشاه عدواً لها أكثر من كونه صديقاً، فعندما تلقى الشاه أنباء عبور القوات المصرية للقناة و تحطيمها خط بارليف تحدث الشاه أمام مستشاريه بصوت يرتجف بالانفعال قائلاً "ان السادات مصدر اعتزاز لنا جميعاً و أنه رجل فعلاً" (ايران بين التاج و العمامة – أحمد مهابة – ص 163).
لقد تعدى الشاه خطوط كثيرة حمراء أثناء الحرب و بعدها فقد فاخر كذلك في بعض أحاديثه الصحفية تدليلاً منه على حسن نواياه نحو العرب، و رغبته في التعاون معهم، بأن ايران قد أمنت العراق على حدودها خلال حرب 1973، و وفرت للسعودية غطاءاً جوياً، و منعت المتطوعين للقتال مع اسرائيل القادمين من أستراليا من المرور عبر أراضيها، و أمدت مصر بالبترول، و عالجت جرحى الحرب في مستشفياتها" (ايران بين التاج و العمامة – أحمد مهابة – ص 155).
ليس ذلك فحسب فقد تغيرت لهجة الشاه تجاه اسرائيل، فأخذ يدين مواقف و سياسة اسرائيل و يدافع عن وجهة نظر و مواقف العرب حيث صرح لاحدى الصحف العربية "ان المستقبل ليس في صالح اسرائيل، و أن هناك مائة مليون عربي يخطون الأن نحو الثراء، و يستطيعون بالأموال التي لديهم الحصول على الصناعة و التقدم و الأسلحة، كما أن العرب يستطيعون تحمل خسائر بشرية بمئات الألوف من الجنود في أي معركة قصيرة أو طويلة، و هو ما لا تستطيع اسرائيل تحمله، ان الوقت في نظري ليس في صالح اسرائيل" (ايران بين التاج و العمامة – أحمد مهابة – ص 155).
لقد مثل هذا مبعث آخر للقلق من إيران الشاه بأنها ستتجه إلى المعسكر العربي ليكتمل الحلف القوي ضد إسرائيل فيزداد أعداد و قوة أعدائها مما يهدد بقائها و لو أخذنا في الاعتبار ما أشرنا اليه سابقاً من علاقة الشاه بأمريكا في آخر أيامه و لو عزلنا الصراع السوفيتي الأمريكي من دائرة الصراع في هذا الخصوص لأيقنا أن التغيير في المنطقة لابد منه لأنه يمثل الحفاظ على كيان زرع زرعاً في المنطقة و يؤثر على أهم مصادر الصناعة في دولة صناعية كبرى تقود العالم فلجأت أمريكا لأسلوب جديد في ادارة المنطقة فاصطنعت بأيديها أعدائها و لا ريب ألبته ما دام هؤلاء الأعداء لن يتعدى خطرهم رذاذ صراخهم الخارج من أفواههم.
__________________
ب- أمريكا تبحث عن بديل للشاه:
لا زال البحث متواصل معكم أخواني للوصول إلى الدور الأمريكي الذي أدي لظهور الثورة الإسلامية و من ثم نجاحها، حيث ارتأت أمريكا أنه لابد من إيجاد بديل لهذا الشاه الذي لم يعد الورقة الرابحة للإدارة الأمريكية و كانت إزاحته حتمية. و لكن وقعت أمريكا في حيرة شديدة فيما يتعلق باختيار هذا البديل، بحيث يكون هذا البديل له دور كبير في الإستراتيجية الأمريكية على المدى البعيد و بحيث لا يطغى دوره في قضية ما على قضية أخرى، لهذا سنناقش في الأسطر القادمة بمشيئة الله الإجابة على ثلاث أسئلة .... الأول: لماذا تريد أمريكا استبدال الشاه؟، الثاني: ما هي البدائل المطروحة؟، الثالث: لماذا اختارت أمريكا هذا التيار بالذات؟.
أولاً: لماذا أرادت أمريكا استبدال الشاه؟
ذكرنا جانباً كبيراً من المبررات الحتمية التي أوجبت التغيير في النظام الإيراني و لعلنا هنا نعرض بمزيد بيان ما يتعلق بالشاه ذاته و وجوب تغييره.
كعادة الفرس على مر العصور بدا واضحاً أن الشاه أراد أن يبني مجداً باسمه و يريد أن يؤسس إمبراطورية فريدة تنافس القوى العظمى لا تتلقى الأوامر منها، و لو ظل الشاه لسنوات "سمن على عسل" مع هذه القوى الا أنه شيئاً فشيئاً بدأت توجهاته تتغير و بدأ في الاصطدام مع القوى الكبرى و أكثر الأمور خطورة في هذا المجال أنه قام في ٣١ يوليو ١٩٧٣ بإلغاء اتفاق الكونسرتيم (و هو اتفاق تم إبرامه مع القوى العظمى بعد القضاء على حكومة مصدق بخصوص حصص ثماني شركات من هذه الدول و منها بريطانيا و أمريكا و فرنسا و هولندا في البترول الايراني) ومن ثم إنهاء سيطرة الشركات الثمانية المكونة للكارتل على استخراج وبيع وتسويق البترول والغاز الإيراني وأعاد لإيران سيطرتها على مصادر ثورتها القومية. وأتاح للدولة إيرادات أوفر مكنتها من تقوية وبناء مشروعاتها الاقتصادية (تاريخ ايران السياسي – ص 177).
و بهذا تم اعتبار جميع الخطط الإيرانية الطموحة ضربة موجهة للأمريكيين وإعلانا من قبل الشاه بنهاية شهر العسل الذي امتد منذ إعادته لعرش الطاووس عام ١٩٥٣ وحتى إلغاء الاتفاق الدولي وبدأت الحملات الصحفية والإذاعية العدائية تتبادل الاتهامات مع أمريكا (تاريخ إيران السياسي – ص 178).
و لم يكن السخط أمريكي فحسب من هذه الخطوة و لكن الحكومة البريطانية أيضاً و نتيجة لإلغاء اتفاقية الكونسرتيوم من قبل الشاه وما ترتب عليه من فقدان مكانتها السياسية في إيران، اندفعت في عدائها تشن حملة ضد الشاه، ومن ضمنها الكتاب الذي أعادت نشره مطابعها عن النخبة في إيران، وقد سبق أن نشره الكاتب مارفن زونيس الأستاذ بجامعة شيكاغو في الولايات المتحدة حيث ألقى فيه الضوء على حجم المؤسسة الدينية الإيرانية . وعلى الخميني على وجه الخصوص مما أعطى الضوء الأخضر للتنظيم الديني كي يسرع بالتدخل في إيران لإنقاذ اقتصادها من الدمار. (تاريخ ايران السياسي – ص 179). بخلاف هذا من المساعدات الجلية التي قدمتها بريطانيا للثورة و هذا سيأتي في حينه بمشيئة الله.
و قد يرى البعض أن الشاه و علاقته بأمريكا كبيرة جداً يكفي أنه كان الشرطي الأمريكي في المنطقة. نقول أن الشاه اعتقد أن بإمكانه الحصول على بعض الامتيازات والحقوق مقابل قيامه بدور شرطي الخليج، ومن أبرزها تنمية عائدات بلاده من البترول، وفتح مخازن السلاح الأمريكي المتطور للجيش الإيراني ، وإطلاق يده في شؤون المنطقة دون عوائق أو قيود من قبل من رشحوه للمهمة. ولكن الولايات المتحدة رأت عكس ذلك تماماً فمهمة الشرطي أن ينفذ فقط مطالب من كلفوه بالمراقبة من دون التمتع بحرية الحركة التي كان يطمع فيها الشاه، وبدأت الحملات الصحفية والإذاعية تتبادل الاتهامات بينهما والتبرير لمواقف كل منهما. (تاريخ ايران السياسي – ص 178).
و الضجر الدولي لم يقف عند أمريكا و بريطانيا و انما تخطاه الى الاتحاد السوفيتي كذلك حيث أن الشاه بادرها بالعداء و لم ينس أن السوفيت اقتطعوا آذربايجان من الدولة الإيرانية لمدة أربع سنوات من عام ١٩٤٢ -١٩٤٦ وأنهم دعموا حزب توده الشيوعي الإيراني الذي كان وراء أحداث انقلاب مصدق في ١٩٥١ كما أنهم كانوا وراء أحداث تبريز عام ١٩٧٨ حيث أعلن الشاه بعد عودته من زيارة إقليم خراسان أن إيران مطالبة بأن تقدم نفطها بخصم خمسين في المائة للاتحاد السوفييتي، وأن هذا لن يحدث مادام هو على رأس الدولة الإيرانية. وكان الشاه يهدف من وراء ذلك إلى تخويف الإيرانيين من استمرار الأطماع السوفييتية في ثروات إيران منذ الاحتلال، حتى لحظة إلقاء البيان المذكور. (تاريخ ايران السياسي – ص 180).
و قد أدت قرارات الشاه لإعطاء الذرائع لهذه القوة من النيل منه خيث أنه في الساحة الإيرانية الداخلية بدأت الخلافات تتزايد بين الشاه والعديد من قوى اﻟﻤﺠتمع الإيراني، إذ تسببت الضغوط الاقتصادية رغم زيادة عائدات البترول في رفع الأسعار، وتعرضت الطبقة الوسطى لانخفاض في مستوى معيشتها كما زادت نفقات الحكومة بصورة أدت إلى زيادة التضخم، وبدأت حملات التفتيش على الأسواق لمحاربة ارتفاع الأسعار، ومقاومة الأرباح غير المشروعة، كما خفضت الحكومة من أرباح العاملين في المشروعات الاقتصادية الكبرى، وأوقفت عملية تنفيذ المزيد من المشروعات الجديدة، وبالتالي بدأت الطبقة العمالية في التمرد، وانضمت للطبقة الوسطى المثقلة بالأسعار العالية وبتضييق فرص الربح. وبعد إعلان الشاه إقامة حزب سياسي وحيد في الدولة أطلق عليه حزب » رستاخيز عام ١٩٧٥ « تحت دعوى حشد كل طاقات الشعب، من التجار والعمال ورجال الدين للانضمام للحزب الوحيد حتى يعملوا جميعا على تطوير الدولة، ضاربا عرض الحائط بكل دعاويه السابقة التي قدمها للجماهير، والتي كانت قائمة على ترك الحرية لكل فئة دينية أو جماعة سياسية للعمل بحرية دون تدخل من قبل الدولة. وتصور الشعب الإيراني أن قرار الشاه الجديد بمنزلة إعلان الحرب ضد فئات اﻟﻤﺠتمع، وعم الغضب الشعبي أرجاء الدولة، حيث ذكر أحد المراسلين الأجانب أن أحد كبار التجار أشار إلى أن نظام الحزب الواحد سوف يهدم الدعائم التجارية وعلى رأسها البازارات أهم المؤسسات التجارية الإيرانية على الإطلاق، والتي تضم كبار رجال الاقتصاد والتجارة من الرأسمالية الإيرانية. (تاريخ ايران السياسي – ص 178 و 179).
جراء هذا الوضع الداخلي الملتهب بدأ العداء الأمريكي للشاه يظهر علناً و من كارتر نفسه الذي جعل هذا الوضع و محاولة إصلاحه إحدى أهدافه الانتخابية، حيث ذكر في حملته الانتخابية أن الولايات المتحدة تساعد الشعوب التي يكون فيها القانون منتهكا حتى تغير من ممارساتها اللاإنسانية، و كذا المؤسسات الدولية بدأت تشن حملة عليه حيث أعلنت مؤسسة حقوق الإنسان الدولية أن الشاه قد ملأ السجون بالمعارضة السياسية وأنه يعذبهم، وطالبته بتحسين أوضاع السجون وتقليل وسائل التعذيب، ونددت بالمحاكم العسكرية التي تحاكم المنشقين السياسيين وشجعت المؤسسة المذكورة، وكذا الإدارة الأمريكية، المعارضة الإيرانية السياسية كي تعبر عن آرائها وأن يعلو صوتها بعد سنوات من الصمت الاضطراري لرموزها في داخل إيران. (تاريخ ايران السياسي – ص 180).
و في ظل هذه الأجواء المشحونة في ايران و في ظل هذا العداء الدولي للشاه ظهر أمر خطير آخر يعجل بوجوب التغيير حيث أنه كان هناك أمر أهم من ذلك، اذ يكمن وراءه سر لم يعرفه سوى عدد قليل جداً من كبار الأطباء، و الأخصائيين في الولايات المتحدة، و هو أن شاه إيران قد عولج في عام 1974 في احدى مستشفيات الولايات المتحدة من المرض الخبيث الخطير و هو مرض السرطان. (ايران بين التاج و العمامة – ص 185). و بالفعل شيئاً فشيئاً تمكن المرض من جسده و أصبحت وفاته متوقعة في أي لحظة فكيف تتغاضى أمريكا على هذه الأمور حتى تفاجأ بوفاته و يقفز الى السلطة من يضرب مصالحها الحيوية في مقتل.
فالشاه مريض، و الشاه بدأ يتخذ اجراءات ضد القوى العظمى و بدأ – كما أشرنا فيما سبق – يقف مع العرب ضد اسرائيل و أبدى معارضة علنية للسياسات الاسرائيلية هذه الأسباب و غيرها مما سبق و ذكرنا خلال عرضنا لحتمية التغيير كانت كفيلة بايجاد بديل للشاه و من خارج النظام الملكي الذي لطخ الشاه سمعته و أصبح أي وريث ملكي له من المفترض أنه سيستكمل مسيرة الشاه بما سيتعارض حتماً مع المستجدات التي طرأت على المنطقة.
و نستكمل في الحلقات القادمة بمشيئة الله تعالى.
أولاً: لماذا أرادت أمريكا استبدال الشاه؟
ذكرنا جانباً كبيراً من المبررات الحتمية التي أوجبت التغيير في النظام الإيراني و لعلنا هنا نعرض بمزيد بيان ما يتعلق بالشاه ذاته و وجوب تغييره.
كعادة الفرس على مر العصور بدا واضحاً أن الشاه أراد أن يبني مجداً باسمه و يريد أن يؤسس إمبراطورية فريدة تنافس القوى العظمى لا تتلقى الأوامر منها، و لو ظل الشاه لسنوات "سمن على عسل" مع هذه القوى الا أنه شيئاً فشيئاً بدأت توجهاته تتغير و بدأ في الاصطدام مع القوى الكبرى و أكثر الأمور خطورة في هذا المجال أنه قام في ٣١ يوليو ١٩٧٣ بإلغاء اتفاق الكونسرتيم (و هو اتفاق تم إبرامه مع القوى العظمى بعد القضاء على حكومة مصدق بخصوص حصص ثماني شركات من هذه الدول و منها بريطانيا و أمريكا و فرنسا و هولندا في البترول الايراني) ومن ثم إنهاء سيطرة الشركات الثمانية المكونة للكارتل على استخراج وبيع وتسويق البترول والغاز الإيراني وأعاد لإيران سيطرتها على مصادر ثورتها القومية. وأتاح للدولة إيرادات أوفر مكنتها من تقوية وبناء مشروعاتها الاقتصادية (تاريخ ايران السياسي – ص 177).
و بهذا تم اعتبار جميع الخطط الإيرانية الطموحة ضربة موجهة للأمريكيين وإعلانا من قبل الشاه بنهاية شهر العسل الذي امتد منذ إعادته لعرش الطاووس عام ١٩٥٣ وحتى إلغاء الاتفاق الدولي وبدأت الحملات الصحفية والإذاعية العدائية تتبادل الاتهامات مع أمريكا (تاريخ إيران السياسي – ص 178).
و لم يكن السخط أمريكي فحسب من هذه الخطوة و لكن الحكومة البريطانية أيضاً و نتيجة لإلغاء اتفاقية الكونسرتيوم من قبل الشاه وما ترتب عليه من فقدان مكانتها السياسية في إيران، اندفعت في عدائها تشن حملة ضد الشاه، ومن ضمنها الكتاب الذي أعادت نشره مطابعها عن النخبة في إيران، وقد سبق أن نشره الكاتب مارفن زونيس الأستاذ بجامعة شيكاغو في الولايات المتحدة حيث ألقى فيه الضوء على حجم المؤسسة الدينية الإيرانية . وعلى الخميني على وجه الخصوص مما أعطى الضوء الأخضر للتنظيم الديني كي يسرع بالتدخل في إيران لإنقاذ اقتصادها من الدمار. (تاريخ ايران السياسي – ص 179). بخلاف هذا من المساعدات الجلية التي قدمتها بريطانيا للثورة و هذا سيأتي في حينه بمشيئة الله.
و قد يرى البعض أن الشاه و علاقته بأمريكا كبيرة جداً يكفي أنه كان الشرطي الأمريكي في المنطقة. نقول أن الشاه اعتقد أن بإمكانه الحصول على بعض الامتيازات والحقوق مقابل قيامه بدور شرطي الخليج، ومن أبرزها تنمية عائدات بلاده من البترول، وفتح مخازن السلاح الأمريكي المتطور للجيش الإيراني ، وإطلاق يده في شؤون المنطقة دون عوائق أو قيود من قبل من رشحوه للمهمة. ولكن الولايات المتحدة رأت عكس ذلك تماماً فمهمة الشرطي أن ينفذ فقط مطالب من كلفوه بالمراقبة من دون التمتع بحرية الحركة التي كان يطمع فيها الشاه، وبدأت الحملات الصحفية والإذاعية تتبادل الاتهامات بينهما والتبرير لمواقف كل منهما. (تاريخ ايران السياسي – ص 178).
و الضجر الدولي لم يقف عند أمريكا و بريطانيا و انما تخطاه الى الاتحاد السوفيتي كذلك حيث أن الشاه بادرها بالعداء و لم ينس أن السوفيت اقتطعوا آذربايجان من الدولة الإيرانية لمدة أربع سنوات من عام ١٩٤٢ -١٩٤٦ وأنهم دعموا حزب توده الشيوعي الإيراني الذي كان وراء أحداث انقلاب مصدق في ١٩٥١ كما أنهم كانوا وراء أحداث تبريز عام ١٩٧٨ حيث أعلن الشاه بعد عودته من زيارة إقليم خراسان أن إيران مطالبة بأن تقدم نفطها بخصم خمسين في المائة للاتحاد السوفييتي، وأن هذا لن يحدث مادام هو على رأس الدولة الإيرانية. وكان الشاه يهدف من وراء ذلك إلى تخويف الإيرانيين من استمرار الأطماع السوفييتية في ثروات إيران منذ الاحتلال، حتى لحظة إلقاء البيان المذكور. (تاريخ ايران السياسي – ص 180).
و قد أدت قرارات الشاه لإعطاء الذرائع لهذه القوة من النيل منه خيث أنه في الساحة الإيرانية الداخلية بدأت الخلافات تتزايد بين الشاه والعديد من قوى اﻟﻤﺠتمع الإيراني، إذ تسببت الضغوط الاقتصادية رغم زيادة عائدات البترول في رفع الأسعار، وتعرضت الطبقة الوسطى لانخفاض في مستوى معيشتها كما زادت نفقات الحكومة بصورة أدت إلى زيادة التضخم، وبدأت حملات التفتيش على الأسواق لمحاربة ارتفاع الأسعار، ومقاومة الأرباح غير المشروعة، كما خفضت الحكومة من أرباح العاملين في المشروعات الاقتصادية الكبرى، وأوقفت عملية تنفيذ المزيد من المشروعات الجديدة، وبالتالي بدأت الطبقة العمالية في التمرد، وانضمت للطبقة الوسطى المثقلة بالأسعار العالية وبتضييق فرص الربح. وبعد إعلان الشاه إقامة حزب سياسي وحيد في الدولة أطلق عليه حزب » رستاخيز عام ١٩٧٥ « تحت دعوى حشد كل طاقات الشعب، من التجار والعمال ورجال الدين للانضمام للحزب الوحيد حتى يعملوا جميعا على تطوير الدولة، ضاربا عرض الحائط بكل دعاويه السابقة التي قدمها للجماهير، والتي كانت قائمة على ترك الحرية لكل فئة دينية أو جماعة سياسية للعمل بحرية دون تدخل من قبل الدولة. وتصور الشعب الإيراني أن قرار الشاه الجديد بمنزلة إعلان الحرب ضد فئات اﻟﻤﺠتمع، وعم الغضب الشعبي أرجاء الدولة، حيث ذكر أحد المراسلين الأجانب أن أحد كبار التجار أشار إلى أن نظام الحزب الواحد سوف يهدم الدعائم التجارية وعلى رأسها البازارات أهم المؤسسات التجارية الإيرانية على الإطلاق، والتي تضم كبار رجال الاقتصاد والتجارة من الرأسمالية الإيرانية. (تاريخ ايران السياسي – ص 178 و 179).
جراء هذا الوضع الداخلي الملتهب بدأ العداء الأمريكي للشاه يظهر علناً و من كارتر نفسه الذي جعل هذا الوضع و محاولة إصلاحه إحدى أهدافه الانتخابية، حيث ذكر في حملته الانتخابية أن الولايات المتحدة تساعد الشعوب التي يكون فيها القانون منتهكا حتى تغير من ممارساتها اللاإنسانية، و كذا المؤسسات الدولية بدأت تشن حملة عليه حيث أعلنت مؤسسة حقوق الإنسان الدولية أن الشاه قد ملأ السجون بالمعارضة السياسية وأنه يعذبهم، وطالبته بتحسين أوضاع السجون وتقليل وسائل التعذيب، ونددت بالمحاكم العسكرية التي تحاكم المنشقين السياسيين وشجعت المؤسسة المذكورة، وكذا الإدارة الأمريكية، المعارضة الإيرانية السياسية كي تعبر عن آرائها وأن يعلو صوتها بعد سنوات من الصمت الاضطراري لرموزها في داخل إيران. (تاريخ ايران السياسي – ص 180).
و في ظل هذه الأجواء المشحونة في ايران و في ظل هذا العداء الدولي للشاه ظهر أمر خطير آخر يعجل بوجوب التغيير حيث أنه كان هناك أمر أهم من ذلك، اذ يكمن وراءه سر لم يعرفه سوى عدد قليل جداً من كبار الأطباء، و الأخصائيين في الولايات المتحدة، و هو أن شاه إيران قد عولج في عام 1974 في احدى مستشفيات الولايات المتحدة من المرض الخبيث الخطير و هو مرض السرطان. (ايران بين التاج و العمامة – ص 185). و بالفعل شيئاً فشيئاً تمكن المرض من جسده و أصبحت وفاته متوقعة في أي لحظة فكيف تتغاضى أمريكا على هذه الأمور حتى تفاجأ بوفاته و يقفز الى السلطة من يضرب مصالحها الحيوية في مقتل.
فالشاه مريض، و الشاه بدأ يتخذ اجراءات ضد القوى العظمى و بدأ – كما أشرنا فيما سبق – يقف مع العرب ضد اسرائيل و أبدى معارضة علنية للسياسات الاسرائيلية هذه الأسباب و غيرها مما سبق و ذكرنا خلال عرضنا لحتمية التغيير كانت كفيلة بايجاد بديل للشاه و من خارج النظام الملكي الذي لطخ الشاه سمعته و أصبح أي وريث ملكي له من المفترض أنه سيستكمل مسيرة الشاه بما سيتعارض حتماً مع المستجدات التي طرأت على المنطقة.
و نستكمل في الحلقات القادمة بمشيئة الله تعالى.
__________________
ثانياً: البدائل المطروحة!
1- التيارات المواكبة لاندلاع الثورة الإيرانية:
تناولنا فيما سبق المعارضة الشديدة التي لاقاها محمد رضا بهلوي نظير أفعاله و هذا أدى الى وجود العديد من التيارات المعارضة له (اليساريون ، الثوار الراديكاليون، المتدينون المعتدلون و الليبراليون، الوطنييون) و يمكن تناول بعضها بشكل مختصر على النحو التالي:
أ- التيار اليساري:
تعددت الأحزاب و الجماعات التي قامت على أسس شيوعية أو ماركيسية و لعل حزب تودة و جماعة فدائيي خلق و جماعة مجاهدي خلق هي ألأكثر بروزاً في هذا التيار و سنتناول باختصار هذا التيار فيما يلي:
فيما يتعلق بحزب تودة الأب الروحي للتوجه اليساري، فان نشأته ترجع الى عام 1900 على وجه التقريب، و يعتبر رتقي آراني أستاذ الكيمياء أول رئيس رسمي لهذا الحزب حيث أنه كان يدرس الكيمياء في المانيا و اتصل خلال هذه الفترة بالحزب الشيوعي الألماني الذي كان قوياً قبل أن يلي هتلر أمور ألمانيا، و عاد الدكتور آراني بشهادة الكيمياء ظاهرة في يده، و بعقيدة الشيوعية مستترة في ضميره. (الثورة الإيرانية بين الواقع و الأسطورة – زهير مارديني – ص 134).
في عام 1937 و بعدما توترت العلاقات بين موسكو و طهران أمر رضا شاه باعتقال قيادات التيار اليساري و منهم "آراني" و الذي عرف عنه أن دروسه في الكيمياء مجال تخصصه كانت أقل بكثير من دروسه التي كان يلقيها على طلاب جامعة طهران و زاد نشاطه بالدعوة للشيوعية و أسس جريدة سماها دنيا للترويج لمنهجه و هذا ما دعى البوليس الإيراني أيام الشاه من اعتقاله و أعلن فيما بعد في بيان رسمي (أن الدكتور آراني قد توفي في سجنه مريضاً بالتيفوس). (السابق ص 136). و طبعاً هذا جعل آراني اسطورة استشهاد في ايران في نظر طلابه و معجبيه و زاد نشاطهم مما دعى الشاه لاتخاذ اجراءات أكثر صرامة مع هؤلاء الطلبة و المؤيدين و أودعهم في السجون بدون هوادة.
باحتلال ايران بواسطة قوات الحلفاء عام 1941 خلال الحرب العالمية الثانية، و تواجد قوات الاتحاد السوفيتي في شمال البلاد و تنازل رضا شاه لأبنه عن السلطة، تم اطلاق سراح هؤلاء المسجونين المواليين لآرني و كان عددهم 52 شخصاً و كونت هذه المجموعة في ظل وجود الاتحاد السوفيتي بتكوين حزب أطلقت عليه اسم (حزب تودة) أي (جماهير الشعب). (راجع ايران بين التاج و العمامة – أحمد مهابة – ص 25. و جاء تشكيل الاحزاب في ايران نتيجة اشتراط الحلفاء على الشاه الجديد أن يكون حكمه ديمقراطياً، فارتفع عدد الاحزاب في الاربعينات و تأسس هذا الحزب في ظل هذه الأثناء و وصل عدد أفراد حزب تودة في 1943 الى نصف مليون و له 16 مقعد في البرلمان و له في الحكم أربع وزراء (الثورة الايرانية بين الواقع و الاسطورة – ص 137).
في عام 1944 يعلن الشيوعيون في اقليم آذربيجان الاستقلال و اقامة نظام شيوعي يؤيده الاتحاد السوفيتي و اعترف حزب تودة بهذا النظام و هذا ما دعى حكومة الشاه الى طرد الوزراء الشيوعيين و استعادة السيطرة على الاقليم بالعمكل العسكري و بهذا أخفق الحزب في دخول الانتخابات عام 1947. (راجع ايران بين التاج و العمامة ص 26).
في عام 1948 هاجم أحد أعضاء حزب (تودة) الشاه في جامعة طهران، و أطلق عليه ثلاث رصاصات فأصيب الشاه، و قتل الجاني على الفور، و شنت السلطات حملة اعتقالات واسعة في صفوف الشيوعيين. (الثورة الايرانية بين الواقع و الاسطورة ص 138). و بهذا خفت صوتهم و لجأوا للعمل السري مجدداً الى أن جاءت حكومة مصدق و الذي استعان بهم في بداية الأمر لتوسيع قاعدته الشعبية و الاستفادة بهم في ضرب خصومه.
ثم ينقلب حزب تودة بعد ذلك على مصدق و يكون له الدور الكبير في إسقاطه عام 1953 بالتعاون مع الأمريكيين و الشاه نفسه. ثم ينقلبون على الشاه مرة أخرى أي أنهم كانوا يتعاملون مع الشاه وفق ما يأتيهم من موسكو من أوامر اما بمهادنته أو بالهجوم عليه، و كان شأنهم كذلك مع الخميني و ثورته فعندما سقط الشاه و جاء الخميني و شاهد الناس نور الدين كيانوري (الأمين العام للحزب) و رفاقة و هم يأتون الى طهران و موسكو و على صدورهم صور الخميني و على ألسنتهم آيات القرأن الكريم ، بل ان الحزب وصل الى حد مساندة آيات الله علناً ، فأصدر أوامره الى الأعضاء بالتجسس على الشعب لصالح الحركة الثورية، و قام ائتلاف قوي بين حزب تودة و جماعة خط الخميني، كما لعب الحزب الشيوعي دوراً كبيراً في حادث الرهائن الأمريكيين و سارع بتقديم خبراته و تجاربه الى جماعة الخميني لمكافحة المعارضة، و غير ذلك من أوجه المساعدة (يمكن مراجعتها في الثورة الايرانية بين الواقع و الأسطورة ص 140-143).
مما سبق يمكن استخلاص أن حزب تودة الشيوعي يتميز بالعمل السري في أوقات الضغط عليه و أنه لم يكن يفصح عن هويته الشيوعية بل كان ينادي بين الناس بما يتفق مع الدستور الايراني و ذلك حتى لا ينفر الناس منه و أيضاً يعرف بأنه (منتهز الفرص) فهو ينتهز كل فرصة و كل أزمة و كل مؤامرة و تاريخه شاهد على هذا منذ انطلاقه في العمل السياسي السري و العلني.
و شأن مجموعة اليسارين بأجنحتهم اﻟﻤﺨتلفة ، وعلى رأسها حزب توده الشيوعي وجماعات الفدائين، »فدائي خلق « و »مجاهدي خلق « أنها رفعت راية العلمانية وفصل الدين عن السياسة تماماً لهذا كثر نشاطها بالأقليات الإيرانية ومنها الأكراد والتركمان و المسيحيون وبعض اليهود، وكانت تهدف للقيام بثورة اجتماعية شاملة ضد الملكية والرأسمالية الغربية، وتنادي بقطع صلات إيران بكل دول الغرب، ما عدا الاتحاد السوفييتي قبل انهياره عام ١٩٩١ .لهذا نادت بتأميم الصناعات الثقيلة في الدولة وعلى رأسها النفط، وطالبت بمصادرة أموال الأثرياء في البازارات الإيرانية، وكذا أموال الرأسمالية الإيرانية، وطالبت بتوزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين القائمين على زراعتها، وبتقليل تسليح الجيش باعتباره رمزاً من رموز الملكية البهلوية. (تاريخ ايران السياسي – ص 213).
و للحديث بقية بمشيئة الله عز و جل في حلقات قادمة..................................
1- التيارات المواكبة لاندلاع الثورة الإيرانية:
تناولنا فيما سبق المعارضة الشديدة التي لاقاها محمد رضا بهلوي نظير أفعاله و هذا أدى الى وجود العديد من التيارات المعارضة له (اليساريون ، الثوار الراديكاليون، المتدينون المعتدلون و الليبراليون، الوطنييون) و يمكن تناول بعضها بشكل مختصر على النحو التالي:
أ- التيار اليساري:
تعددت الأحزاب و الجماعات التي قامت على أسس شيوعية أو ماركيسية و لعل حزب تودة و جماعة فدائيي خلق و جماعة مجاهدي خلق هي ألأكثر بروزاً في هذا التيار و سنتناول باختصار هذا التيار فيما يلي:
فيما يتعلق بحزب تودة الأب الروحي للتوجه اليساري، فان نشأته ترجع الى عام 1900 على وجه التقريب، و يعتبر رتقي آراني أستاذ الكيمياء أول رئيس رسمي لهذا الحزب حيث أنه كان يدرس الكيمياء في المانيا و اتصل خلال هذه الفترة بالحزب الشيوعي الألماني الذي كان قوياً قبل أن يلي هتلر أمور ألمانيا، و عاد الدكتور آراني بشهادة الكيمياء ظاهرة في يده، و بعقيدة الشيوعية مستترة في ضميره. (الثورة الإيرانية بين الواقع و الأسطورة – زهير مارديني – ص 134).
في عام 1937 و بعدما توترت العلاقات بين موسكو و طهران أمر رضا شاه باعتقال قيادات التيار اليساري و منهم "آراني" و الذي عرف عنه أن دروسه في الكيمياء مجال تخصصه كانت أقل بكثير من دروسه التي كان يلقيها على طلاب جامعة طهران و زاد نشاطه بالدعوة للشيوعية و أسس جريدة سماها دنيا للترويج لمنهجه و هذا ما دعى البوليس الإيراني أيام الشاه من اعتقاله و أعلن فيما بعد في بيان رسمي (أن الدكتور آراني قد توفي في سجنه مريضاً بالتيفوس). (السابق ص 136). و طبعاً هذا جعل آراني اسطورة استشهاد في ايران في نظر طلابه و معجبيه و زاد نشاطهم مما دعى الشاه لاتخاذ اجراءات أكثر صرامة مع هؤلاء الطلبة و المؤيدين و أودعهم في السجون بدون هوادة.
باحتلال ايران بواسطة قوات الحلفاء عام 1941 خلال الحرب العالمية الثانية، و تواجد قوات الاتحاد السوفيتي في شمال البلاد و تنازل رضا شاه لأبنه عن السلطة، تم اطلاق سراح هؤلاء المسجونين المواليين لآرني و كان عددهم 52 شخصاً و كونت هذه المجموعة في ظل وجود الاتحاد السوفيتي بتكوين حزب أطلقت عليه اسم (حزب تودة) أي (جماهير الشعب). (راجع ايران بين التاج و العمامة – أحمد مهابة – ص 25. و جاء تشكيل الاحزاب في ايران نتيجة اشتراط الحلفاء على الشاه الجديد أن يكون حكمه ديمقراطياً، فارتفع عدد الاحزاب في الاربعينات و تأسس هذا الحزب في ظل هذه الأثناء و وصل عدد أفراد حزب تودة في 1943 الى نصف مليون و له 16 مقعد في البرلمان و له في الحكم أربع وزراء (الثورة الايرانية بين الواقع و الاسطورة – ص 137).
في عام 1944 يعلن الشيوعيون في اقليم آذربيجان الاستقلال و اقامة نظام شيوعي يؤيده الاتحاد السوفيتي و اعترف حزب تودة بهذا النظام و هذا ما دعى حكومة الشاه الى طرد الوزراء الشيوعيين و استعادة السيطرة على الاقليم بالعمكل العسكري و بهذا أخفق الحزب في دخول الانتخابات عام 1947. (راجع ايران بين التاج و العمامة ص 26).
في عام 1948 هاجم أحد أعضاء حزب (تودة) الشاه في جامعة طهران، و أطلق عليه ثلاث رصاصات فأصيب الشاه، و قتل الجاني على الفور، و شنت السلطات حملة اعتقالات واسعة في صفوف الشيوعيين. (الثورة الايرانية بين الواقع و الاسطورة ص 138). و بهذا خفت صوتهم و لجأوا للعمل السري مجدداً الى أن جاءت حكومة مصدق و الذي استعان بهم في بداية الأمر لتوسيع قاعدته الشعبية و الاستفادة بهم في ضرب خصومه.
ثم ينقلب حزب تودة بعد ذلك على مصدق و يكون له الدور الكبير في إسقاطه عام 1953 بالتعاون مع الأمريكيين و الشاه نفسه. ثم ينقلبون على الشاه مرة أخرى أي أنهم كانوا يتعاملون مع الشاه وفق ما يأتيهم من موسكو من أوامر اما بمهادنته أو بالهجوم عليه، و كان شأنهم كذلك مع الخميني و ثورته فعندما سقط الشاه و جاء الخميني و شاهد الناس نور الدين كيانوري (الأمين العام للحزب) و رفاقة و هم يأتون الى طهران و موسكو و على صدورهم صور الخميني و على ألسنتهم آيات القرأن الكريم ، بل ان الحزب وصل الى حد مساندة آيات الله علناً ، فأصدر أوامره الى الأعضاء بالتجسس على الشعب لصالح الحركة الثورية، و قام ائتلاف قوي بين حزب تودة و جماعة خط الخميني، كما لعب الحزب الشيوعي دوراً كبيراً في حادث الرهائن الأمريكيين و سارع بتقديم خبراته و تجاربه الى جماعة الخميني لمكافحة المعارضة، و غير ذلك من أوجه المساعدة (يمكن مراجعتها في الثورة الايرانية بين الواقع و الأسطورة ص 140-143).
مما سبق يمكن استخلاص أن حزب تودة الشيوعي يتميز بالعمل السري في أوقات الضغط عليه و أنه لم يكن يفصح عن هويته الشيوعية بل كان ينادي بين الناس بما يتفق مع الدستور الايراني و ذلك حتى لا ينفر الناس منه و أيضاً يعرف بأنه (منتهز الفرص) فهو ينتهز كل فرصة و كل أزمة و كل مؤامرة و تاريخه شاهد على هذا منذ انطلاقه في العمل السياسي السري و العلني.
و شأن مجموعة اليسارين بأجنحتهم اﻟﻤﺨتلفة ، وعلى رأسها حزب توده الشيوعي وجماعات الفدائين، »فدائي خلق « و »مجاهدي خلق « أنها رفعت راية العلمانية وفصل الدين عن السياسة تماماً لهذا كثر نشاطها بالأقليات الإيرانية ومنها الأكراد والتركمان و المسيحيون وبعض اليهود، وكانت تهدف للقيام بثورة اجتماعية شاملة ضد الملكية والرأسمالية الغربية، وتنادي بقطع صلات إيران بكل دول الغرب، ما عدا الاتحاد السوفييتي قبل انهياره عام ١٩٩١ .لهذا نادت بتأميم الصناعات الثقيلة في الدولة وعلى رأسها النفط، وطالبت بمصادرة أموال الأثرياء في البازارات الإيرانية، وكذا أموال الرأسمالية الإيرانية، وطالبت بتوزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين القائمين على زراعتها، وبتقليل تسليح الجيش باعتباره رمزاً من رموز الملكية البهلوية. (تاريخ ايران السياسي – ص 213).
و للحديث بقية بمشيئة الله عز و جل في حلقات قادمة..................................
__________________
ب. الثوار الراديكاليون:
كما أن حزب تودة الشيوعي يعتبر الأم الذي انبثقت منه باقي الجماعات الشيوعية، فإن منظمة (فدائيان اسلام) هي الحركة الأم لقيام الجماعات الراديكالية المناهضة للشاه. و يعتبر نواب صفوي هو المنظر و المؤسس لهذه المنظمة و هو الشخص الذي بجلته العديد من التنظيمات الاسلامية على مستوى العالم الاسلامي و منها الأخوان المسلمون في مصر.
"بدأت قصة فدائيان اسلام في عام 1948 اثر الهزيمة العربية الأولى في الحرب ضد اليهود في فلسطين، و انطلقت من النجف حيث كان نواب صفوي صاحب فكرة انشاء هذه المنظمة و رئيسها التنفيذي المباشر يجلس في أحد مساجد النجف و وقعت في يديه صحيفة ايرانية (برجم) و فيها مقالا للصحفي "أحمد كسروي"، رأى نواب صفوي ان المقال يحمل طعناً في الدين الاسلامي "الامامي الاثنا عشري" فاستشاط غضباً و ذهب الى أحد المجتهدين يعرض عليه المقال و يسأله رأيه فيمن يكتب مثل هذا الكلام؟ فقال له المجتهد على الفور أنه كافر و يحل قتله!.
كتم نواب صفوي هذه الفتوى في صدره و انتقل الى طهران و هو يضمر في نفسه العزم على قتل كسروي، و استقر به المقام في مسجد (سباه سالار) و هو أحد أكبر مساجد طهران، و هو لازال يبحث عن أفضل طريقة لقتل كسروي. هذا المسجد (سباه سالار) كان من المساجد التي تؤي الشباب المتدينيين شديدي الغلو، فبدأ صفوي ببث فكرته من التصدي لهذا الملحد في رأيه بين هؤلاء الشباب و لاقى تجاوباً كبيراً بينهم و بدأت بذرة هذه المنظمة في البروز، و بدأت هذه المنظمة في القيام بأولى عملياتها ألا و هي محاولة اغتيال كسروي – الكافر – في نظرهم" (الثورة الإيرانية بين الواقع و الأسطورة ص 123-124 بتصرف).
و لكن في عجالة من هذا الكسروي الذي كفره نواب صفوي و رفاقه و تعاهدوا على قتله؟ "هو أحمد مير قاسم بن مير المعروف بأحمد الكسروي، و لد في تبريز عاصمة أذربيجان، أحد أقاليم ايران ، و تلقى تعليمه في ايران و عمل استاذاً في جامعة طهران و تولى عدة مناصب قضائية و تولى مرات رئاسة بعض المحاكم في المدن الايرانية، حتى أصبح في طهران أحد كبار مفتشي وزارة العدل الأربعة، ثم تولى منصب المدعي العام في طهران، و كان يشتغل محرراً لجريدة (برجم) الايرانية ، و كان يجيد عدة لغات منها العربية" (التشيع و الشيعة، لأحمد كسروي بتحقيق ناصر بن عبد الله القفاري و سلمان بن فهد العودة و الترجمة من تقديم المحققان ص 5). أما الكلام الذي عده صفوي و رفاقه كفراً هو انتقاد كسروي لأصول الشيعة في ايران و ما نتج عن معتقدهم من أمور و انتقاده لهم لسبهم الصحابة و أمهات المؤمنين و تأليفه الكتب و المقالات في هذا، فهذا هو الكفر الذي يستدعي قتله عن صفوي و شركائه.
فشلت المحاولة الأولى لاغتيال كسروي على يد صفوي و رجاله و ذلك عندما هاجمه ثلاثة من أعضاء منظمة فدائيان اسلام كسروي و انهالو عليه ضرباً حتى سقط على الأرض و اعتقدوا أنه قد مات فانصرفوا عنه الا أنه نجا بعد ذلك حيث نقل لأحد المستشفيات و أجريت له عملية جراحية و بدأت الحياه تدب فيه من جديد فشفي و عاد مرة ثانية لممارسة عمله المعتاد. (الثورة الايرانية بين الواقع و الاسطورة – ص 125 بتصرف)
وقف كسروي ذات صباح يترافع في احدى القضايا و تسلل الى غرفة المحكمة أربعة أشخاص على رأسهم نواب صفوي نفسه و في هذه اللحظات بدأت الغرفة تدوي بطلقات الرصاص و هرب الذين كانوا في القاعة جميعاً شهوداً و حجاباً و محامين و أغمي على القاضي الجالس فوق المنصة. و لم يفلت كسروي هذه المرة فقط سقط قتيلاً و في جسده 12 رصاصة و خرج القتلة من المحكمة و المسدسات في آيديهم سالمين. (السابق نفس الصفحة)
بعد ذلك تم القبض على نواب صفوي بهذه التهمة و هي قتل أحمد كسروي و لكن صفوي كان واثقاً بأن المحكمة ستبرئه و بالفعل لما لم تجد المحكمة شاهد اثبات واحد، حتى القاضي الذي كان في المحكمة حيث قتل كسروي لم يشهد عليه و حتى أن آية الله كاشاني علق الزينات من المحكمة الى داره و دعا المتهمين الى داره بعد صدور حكم البراءة بحقهم، و بالفعل تم الحكم ببراءتهم و ذهبت دماء كسروي هدراً، و بهذا ذاع صيت هذه المنظمة. (السابق 125-126 باختصار أيضاً).
و من العمليات الأخرى التي تنسب الى منظمة نواب صفوي:
اغتيال عبد الحسين هزبر رئيس الوزراء و وزير البلاط في الثالث عشر من آبانماه سنة 1328 ش (1949م) و هي من أهم الاغتيالات السياسية في ايران في عهد محمد رضا شاه، فقد أطلق سيد حسين امامي من أعضاء منظمة فدائيان اسلام النار عليه أمام مسجد سباه سالار فأصابه اصابات قاتلة. (الاغتيالات السياسية في ايران – ص 58).
اغتيال رزم أرا – القائد العسكري القوي و رئيس الوزراء – حيث قام خليل طهماسبي من منظمة فدائيان اسلام باغتياله أمام مسجد شاه في مراسم تعزية آية الله فيضي و ذلك برصاصة أصابته في مقتل يوم 14 أسفند 1329 ش (1950م). (السابق نفس الصفحة)
محاولة اغتيال حسين علاء رئيس الوزراء فيما بين أسفند 1329 و ارديبهشت 1330 ش (1950 - 1951) كواحدة من المحاولات التي قام بها فدائيو الاسلام للتخلص من رموز النظام النظام السياسي في إيران، و لكن المحاولة فشلت، ..... و بالرغم من فشل هذه المحاولة الا أن الضارب و يدعي مظفر ذو القدر قد قتل، و أعدم عدد من أعضاء فدائي الاسلام و على رأسهم نواب صفوي مؤسس المنظمة. (السابق ص 61)
نكتفى بهذا القدر و نبين في الحلقة القادمة بمشيئة الله علاقة الخميني بهذه المنظمة المتطرفة .......
كما أن حزب تودة الشيوعي يعتبر الأم الذي انبثقت منه باقي الجماعات الشيوعية، فإن منظمة (فدائيان اسلام) هي الحركة الأم لقيام الجماعات الراديكالية المناهضة للشاه. و يعتبر نواب صفوي هو المنظر و المؤسس لهذه المنظمة و هو الشخص الذي بجلته العديد من التنظيمات الاسلامية على مستوى العالم الاسلامي و منها الأخوان المسلمون في مصر.
"بدأت قصة فدائيان اسلام في عام 1948 اثر الهزيمة العربية الأولى في الحرب ضد اليهود في فلسطين، و انطلقت من النجف حيث كان نواب صفوي صاحب فكرة انشاء هذه المنظمة و رئيسها التنفيذي المباشر يجلس في أحد مساجد النجف و وقعت في يديه صحيفة ايرانية (برجم) و فيها مقالا للصحفي "أحمد كسروي"، رأى نواب صفوي ان المقال يحمل طعناً في الدين الاسلامي "الامامي الاثنا عشري" فاستشاط غضباً و ذهب الى أحد المجتهدين يعرض عليه المقال و يسأله رأيه فيمن يكتب مثل هذا الكلام؟ فقال له المجتهد على الفور أنه كافر و يحل قتله!.
كتم نواب صفوي هذه الفتوى في صدره و انتقل الى طهران و هو يضمر في نفسه العزم على قتل كسروي، و استقر به المقام في مسجد (سباه سالار) و هو أحد أكبر مساجد طهران، و هو لازال يبحث عن أفضل طريقة لقتل كسروي. هذا المسجد (سباه سالار) كان من المساجد التي تؤي الشباب المتدينيين شديدي الغلو، فبدأ صفوي ببث فكرته من التصدي لهذا الملحد في رأيه بين هؤلاء الشباب و لاقى تجاوباً كبيراً بينهم و بدأت بذرة هذه المنظمة في البروز، و بدأت هذه المنظمة في القيام بأولى عملياتها ألا و هي محاولة اغتيال كسروي – الكافر – في نظرهم" (الثورة الإيرانية بين الواقع و الأسطورة ص 123-124 بتصرف).
و لكن في عجالة من هذا الكسروي الذي كفره نواب صفوي و رفاقه و تعاهدوا على قتله؟ "هو أحمد مير قاسم بن مير المعروف بأحمد الكسروي، و لد في تبريز عاصمة أذربيجان، أحد أقاليم ايران ، و تلقى تعليمه في ايران و عمل استاذاً في جامعة طهران و تولى عدة مناصب قضائية و تولى مرات رئاسة بعض المحاكم في المدن الايرانية، حتى أصبح في طهران أحد كبار مفتشي وزارة العدل الأربعة، ثم تولى منصب المدعي العام في طهران، و كان يشتغل محرراً لجريدة (برجم) الايرانية ، و كان يجيد عدة لغات منها العربية" (التشيع و الشيعة، لأحمد كسروي بتحقيق ناصر بن عبد الله القفاري و سلمان بن فهد العودة و الترجمة من تقديم المحققان ص 5). أما الكلام الذي عده صفوي و رفاقه كفراً هو انتقاد كسروي لأصول الشيعة في ايران و ما نتج عن معتقدهم من أمور و انتقاده لهم لسبهم الصحابة و أمهات المؤمنين و تأليفه الكتب و المقالات في هذا، فهذا هو الكفر الذي يستدعي قتله عن صفوي و شركائه.
فشلت المحاولة الأولى لاغتيال كسروي على يد صفوي و رجاله و ذلك عندما هاجمه ثلاثة من أعضاء منظمة فدائيان اسلام كسروي و انهالو عليه ضرباً حتى سقط على الأرض و اعتقدوا أنه قد مات فانصرفوا عنه الا أنه نجا بعد ذلك حيث نقل لأحد المستشفيات و أجريت له عملية جراحية و بدأت الحياه تدب فيه من جديد فشفي و عاد مرة ثانية لممارسة عمله المعتاد. (الثورة الايرانية بين الواقع و الاسطورة – ص 125 بتصرف)
وقف كسروي ذات صباح يترافع في احدى القضايا و تسلل الى غرفة المحكمة أربعة أشخاص على رأسهم نواب صفوي نفسه و في هذه اللحظات بدأت الغرفة تدوي بطلقات الرصاص و هرب الذين كانوا في القاعة جميعاً شهوداً و حجاباً و محامين و أغمي على القاضي الجالس فوق المنصة. و لم يفلت كسروي هذه المرة فقط سقط قتيلاً و في جسده 12 رصاصة و خرج القتلة من المحكمة و المسدسات في آيديهم سالمين. (السابق نفس الصفحة)
بعد ذلك تم القبض على نواب صفوي بهذه التهمة و هي قتل أحمد كسروي و لكن صفوي كان واثقاً بأن المحكمة ستبرئه و بالفعل لما لم تجد المحكمة شاهد اثبات واحد، حتى القاضي الذي كان في المحكمة حيث قتل كسروي لم يشهد عليه و حتى أن آية الله كاشاني علق الزينات من المحكمة الى داره و دعا المتهمين الى داره بعد صدور حكم البراءة بحقهم، و بالفعل تم الحكم ببراءتهم و ذهبت دماء كسروي هدراً، و بهذا ذاع صيت هذه المنظمة. (السابق 125-126 باختصار أيضاً).
و من العمليات الأخرى التي تنسب الى منظمة نواب صفوي:
اغتيال عبد الحسين هزبر رئيس الوزراء و وزير البلاط في الثالث عشر من آبانماه سنة 1328 ش (1949م) و هي من أهم الاغتيالات السياسية في ايران في عهد محمد رضا شاه، فقد أطلق سيد حسين امامي من أعضاء منظمة فدائيان اسلام النار عليه أمام مسجد سباه سالار فأصابه اصابات قاتلة. (الاغتيالات السياسية في ايران – ص 58).
اغتيال رزم أرا – القائد العسكري القوي و رئيس الوزراء – حيث قام خليل طهماسبي من منظمة فدائيان اسلام باغتياله أمام مسجد شاه في مراسم تعزية آية الله فيضي و ذلك برصاصة أصابته في مقتل يوم 14 أسفند 1329 ش (1950م). (السابق نفس الصفحة)
محاولة اغتيال حسين علاء رئيس الوزراء فيما بين أسفند 1329 و ارديبهشت 1330 ش (1950 - 1951) كواحدة من المحاولات التي قام بها فدائيو الاسلام للتخلص من رموز النظام النظام السياسي في إيران، و لكن المحاولة فشلت، ..... و بالرغم من فشل هذه المحاولة الا أن الضارب و يدعي مظفر ذو القدر قد قتل، و أعدم عدد من أعضاء فدائي الاسلام و على رأسهم نواب صفوي مؤسس المنظمة. (السابق ص 61)
نكتفى بهذا القدر و نبين في الحلقة القادمة بمشيئة الله علاقة الخميني بهذه المنظمة المتطرفة .......
__________________
بناءاً على ما سبق فإنه يمكن القول أنه كانت هناك قوتين رئيسيتين واجهتا الشاه في أولى سني حكمه ألا و هما قوة الشيوعيين التي مثلها حينذاك حزب سياسي غير معترف به من جانب الحكومة و هو حزب تودة و القوة الأخرى و هي قوة الجماعات الدينية. و لكن القوة الظاهرة أمام الناس هي قوة الجماعات الدينية، و يتزعمها حينذاك (آية الله كاشاني) الذي كان يعيش في المنفى في لبنان (بعلبك) مثلما عاش (آية الله الخميني) في النجف أولاً ثم في فرنسا. و قد عاد الكاشاني بعد سنوات طويلة ليتزعم الثورة التي قامت في إيران تطالب بتأميم البترول. (الثورة الايرانية بين الواقع و الأسطورة ص 59).
غير أن هذه الثورة التي قادها الكاشاني لم تكن ثورة دينية كما يتبادر الى الأذهان و لكنها كانت ثورة قومية تطالب في الأساس بتأميم البترول و تشارك محمد مصدق معه فيها و على هذا يمكن القول أن مصدق يمثل الجناح السياسي في الحركة القومية، أما الجناح الديني يتزعمه آية الله أبو القاسم الكاشاني، الذي كان الشاه رضا قد نفاه الى لبنان و سمح له بالعودة بعد الحرب. و كان كل من البريطانيين و الشيوعيين يشكون في أن الولايات المتحدة كانت وراء عودته، و لذلك فقد أتهم بأنه يلعب دوراً لصالح أمريكا. (مدافع أية الله – ص 79).
بالرغم من أن الخميني يتأسى بالكاشاني في نهجه الثوري الا أن الهدف القومي للكاشاني غلب على الديني الذي يعني اقامة نظام ديني و تسليم رجال الدين مقاليد الحكم في ايران على غرار ما سعى اليه الخميني و لهذا انتقد الخميني كاشاني في هذه النقطة حيث قال (لقد ارتكب كاشاني بعض الأخطاء، لأن هدفه كان يجب أن يكون الاسلام و ليس البترول. لأن ثمار الأرض بما فيها البترول، تدخل في نطاق الاسلام). (السابق ص 115).
المهم أن الكاشاني قاد الحملة على الشاه لتأميم البترول و بالفعل نجح في تنفيذ هدفه (مؤقتاً) و توج هذا بعدما تم اغتيال رئيس الوزراء رزام آراه على يد جماعة فادئيي الاسلام التابعة لنواب صفوي و مع استمرار التظاهرات التي قادها الكاشاني تم تأميم البترول و تعيين مصدق رئيساً للوزراء و الكاشاني رئيساً للبرلمان و كان يعد الرجل الثاني في الدولة.
و بلا شك فهناك ارتباط وثيق بين الكاشاني و نواب صفوي و يكفي أن مساعي الكاشاني توجت بتبرئة قتلة كسروي في عام 1949التابعين لجماعة فدائيي الاسلام بمن فيهم مؤسسها نواب صفوي حيث أرسل لهم يهنئهم و يبارك عملهم بعد اعتقالهم و اعترافهم بجريمتهم، و يروى انه يوم محاكمتهم مثلت مهرجاناً نادراً، فالمحكمة امتلأت بالاعلام و الزينات و عندما دخل القاضي و استفسر عن سبب ذلك قيل له أن آية الله كاشاني هو الذي أمر بهذه الزينات للاحتفال ببراءة المتهمين الأربعة و قال القاضي محتجاً: (انني لم أبدأ في نظر القضية بعد). فكانت الإجابة (نحن نعرف لكن آية الله كله ثقة في عدالتك) و بالفعل لم يخب القاضي ظن آية الله. (السابق ص 79).
اتفق الخميني مع جماعة فدائيان اسلام في اقامة نظام اسلامي و عدم السماح بإقامة دولة علمانية و أحدث هذا شرخاً بين علاقة الخميني و كاشاني من جهة و علاقة فدائيان اسلام بكاشاني من جهة أخرى رغم ما سبق بيانه من العلاقة الحميمة بينهما، و لعلنا في الأسطر القليلة القادمة نشير الى هذه العلاقة بين الخميني و بين أقطاب هذه المنظمة.
أشرنا فيما سبق الى المحاولة الفاشلة التي قامت بها منظمة فدائيان اسلام لاغتيال حسين علاء و كيف أن هذه المحاولة أودت بحياة من قام بهذه المحاولة بل و تم تنفيذ حكم الاعدام في نواب صفوي مؤسس هذه المنظمة ذاته، و بهلاك نواب صفوي اتحدت جماعة فدائيان اسلام مع جماعات أخرى و تم تشكيل منظمة جديدة بعنوان (هيأتهاي مؤتلفة) أو المنظمات الموحدة (الاغتيالات السياسية في ايران ص 61).
أطلق محمد بخارائي و هو من أتباع الخميني و أحد أعضاء منظمة – فدائيان اسلام سابقاً – المنظمات الموحدة لاحقاً– النار على حسن منصور فقتله. و يعد حسن علي منصور هو رابع رئيس وزراء بعد الأتابك أمين السلطنة و عبد الحسين هزبر و رزم أراه (السابق ص 62).
و تجدر الاشارة الى أن اغتيال حسن منصور جاء بعد أسبوعين فقط من صفع (حسن منصور) للخميني على وجهه، في مشادة كلامية عندما كان (حسن منصور) يؤنب الخميني خلالها على موقفه المناهض لسياسة الحكومة و عدم وقوفه للشاه عندما دخل على رجال الحوزة لهم في قم (ايران بين التاج و العمامة ص 228). و مما يؤكد تبعية بخارائي للخميني أه أعلن أن الشاب منفذ العملية عثر في جيبه على صورة للزعيم الديني آية الله الخميني (الثورة الايرانية بين الواقع و الأسطورة ص 119).
ظلت العلاقة قائمة بين الخميني و بقايا زعماء منظمة فدائيان اسلام أو المنظمات الموحدة فيما بعد الى أبعد الحدود، و من هؤلاء الزعماء الحاج (مهدي عراقي) الذي اغتالته جماعة الفرقان السرية في عام 1979 اذ كان يعمل بجانب الخميني منذ خرج من السجن في عام 1977 و التحق بالخميني بعد ذلك في باريس حيث كان يعمل مديراً لمتبه في نوفيل لو شاتو) للعلاقات العامة، ثم رافقه الى طهران في نفس عمله ثم أصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب الجمهوري الاسلامي ثم مسئولاً لمؤسسة المستضعفين التي صادرت أموال الاقطاعيين و العائلة المالكة ثم كان آخر منصب له أن عين مديراً مالياً لمؤسسة (كيهان) الصحفية التي وضعت تحت ادارة مؤسسة المستضعفين و قد عبر الخميني عن حزنه الشديد على رفيق نضاله، و حرص على مواساته الخاصة لأسرته التي استدعاها الى مدينة قم و قال لهم مواسياً (إنني أعرف الشهيد العراقي منذ عشرين عاماً لقد كان عشرين انساناً في انسان واحد و كان لي أخاً عزيزاً و ابناً صالحاً) (السابق 229).
و مهدي عراقي هذا اشترك في المحاولة الأولى الفاشلة التي قامت بها منظمة فدتئيان اسلام لأغتيال كسروي، و أشترك كذلك في عملية اغتيال حسن منصور تحت منظمة المنظمات الموحدة، و لم يكن العراقي وحده كواحد من جماعة فدائيان اسلام فقد كان من أقرب أعوان الخميني قبل و بعد سقوط الشاه هو آية الله خلخالي و كان عضواً بهذه الجماعة و آية الله طلقاني الذي أخفى في بيته لبعض الوقت (نواب صفوي) قبل أن يعدمز (السابق ص 230)
عرضت جريدة الشرق الأوسط مذكرات آية الله منتظري و الذي أشار فيها الى سنوات حكم رئيس الوزراء الوطني الدكتور محمد مصدق، الذي كان بعض المراجع معارضين له بسبب مواقفه السياسية وتسامحه حيال نشاط الاحزاب اليسارية والشيوعية، ويقول «في هذه السنوات، ولدت حركة ثورية اسلامية باسم (فدائيي الاسلام) تحت زعامة رجل شاب، كان قد درس في المعهد الفني قبل التحاقه بالمدارس الدينية، هو نواب صفوي. وكان نواب صفوي متحمسا لفكرة الوحدة الاسلامية وسافر الى مصر والتقى قادة حركة الاخوان المسلمين وشيوخ الازهر، وفي الحوزة الدينية بقم كان الطلبة يؤيدون مواقفه وتوجهات نواب صفوي ونائبه حجة الاسلام واحدي، بينما المراجع الكبار اعتبروا ممارسات نواب صفوي وآراءه الثورية الراديكالية مخالفة لمبادئ الشريعة والنظام المطبق في الحوزة.
وآية الله بروجردي الذي تعرض للاهانة من قبل بعض الطلبة المؤيدين لنواب صفوي في بداية انطلاق حركة (فدائيي الاسلام)، اتخذ موقفا سلبيا تجاه الحركة، وكل من ايدها ومنهم الامام الخميني الذي كان في ذلك الحين احد المدرسين البارزين في الحوزة».
ويتذكر آية الله منتظري في هذا الفصل من مذكراته: «نحن كنا متعاطفين في قلوبنا مع نواب صفوي ورفاقه بسبب حملاتهم ضد الشاه ورجال الحكم. لقد ذهب بعض المشايخ في الحوزة الى بروجردي وقالوا له ان الخميني ومطهري من حماة نواب صفوي، وهما يثيران مشاعر الطلبة ضدكم. هكذا كان الوضع في قم في بداية انطلاق حركة تأميم النفط وثورة مصدق. وقد ذهب نواب صفوي من قم الى طهران وانضم الى آية الله كاشاني الذي عمل في البداية مع مصدق وسانده ووصل لفترة الى رئاسة مجلس الشورى الوطني» (جريدة الشرق الأوسط، الجمعـة 19 رمضـان 1421 هـ 15 ديسمبر 2000 العدد 8053).
و يجب أن نشير هنا الى أن العلاقة بين بروجردي و الخميني كانت متوترة بل سيئة، و باستعراض كل هذه الدلائل يمكن القول أن هناك ثمة علاقة قوية بين منظمة فدائيان اسلام و بين الخميني و ثورته.
غير أن هذه الثورة التي قادها الكاشاني لم تكن ثورة دينية كما يتبادر الى الأذهان و لكنها كانت ثورة قومية تطالب في الأساس بتأميم البترول و تشارك محمد مصدق معه فيها و على هذا يمكن القول أن مصدق يمثل الجناح السياسي في الحركة القومية، أما الجناح الديني يتزعمه آية الله أبو القاسم الكاشاني، الذي كان الشاه رضا قد نفاه الى لبنان و سمح له بالعودة بعد الحرب. و كان كل من البريطانيين و الشيوعيين يشكون في أن الولايات المتحدة كانت وراء عودته، و لذلك فقد أتهم بأنه يلعب دوراً لصالح أمريكا. (مدافع أية الله – ص 79).
بالرغم من أن الخميني يتأسى بالكاشاني في نهجه الثوري الا أن الهدف القومي للكاشاني غلب على الديني الذي يعني اقامة نظام ديني و تسليم رجال الدين مقاليد الحكم في ايران على غرار ما سعى اليه الخميني و لهذا انتقد الخميني كاشاني في هذه النقطة حيث قال (لقد ارتكب كاشاني بعض الأخطاء، لأن هدفه كان يجب أن يكون الاسلام و ليس البترول. لأن ثمار الأرض بما فيها البترول، تدخل في نطاق الاسلام). (السابق ص 115).
المهم أن الكاشاني قاد الحملة على الشاه لتأميم البترول و بالفعل نجح في تنفيذ هدفه (مؤقتاً) و توج هذا بعدما تم اغتيال رئيس الوزراء رزام آراه على يد جماعة فادئيي الاسلام التابعة لنواب صفوي و مع استمرار التظاهرات التي قادها الكاشاني تم تأميم البترول و تعيين مصدق رئيساً للوزراء و الكاشاني رئيساً للبرلمان و كان يعد الرجل الثاني في الدولة.
و بلا شك فهناك ارتباط وثيق بين الكاشاني و نواب صفوي و يكفي أن مساعي الكاشاني توجت بتبرئة قتلة كسروي في عام 1949التابعين لجماعة فدائيي الاسلام بمن فيهم مؤسسها نواب صفوي حيث أرسل لهم يهنئهم و يبارك عملهم بعد اعتقالهم و اعترافهم بجريمتهم، و يروى انه يوم محاكمتهم مثلت مهرجاناً نادراً، فالمحكمة امتلأت بالاعلام و الزينات و عندما دخل القاضي و استفسر عن سبب ذلك قيل له أن آية الله كاشاني هو الذي أمر بهذه الزينات للاحتفال ببراءة المتهمين الأربعة و قال القاضي محتجاً: (انني لم أبدأ في نظر القضية بعد). فكانت الإجابة (نحن نعرف لكن آية الله كله ثقة في عدالتك) و بالفعل لم يخب القاضي ظن آية الله. (السابق ص 79).
اتفق الخميني مع جماعة فدائيان اسلام في اقامة نظام اسلامي و عدم السماح بإقامة دولة علمانية و أحدث هذا شرخاً بين علاقة الخميني و كاشاني من جهة و علاقة فدائيان اسلام بكاشاني من جهة أخرى رغم ما سبق بيانه من العلاقة الحميمة بينهما، و لعلنا في الأسطر القليلة القادمة نشير الى هذه العلاقة بين الخميني و بين أقطاب هذه المنظمة.
أشرنا فيما سبق الى المحاولة الفاشلة التي قامت بها منظمة فدائيان اسلام لاغتيال حسين علاء و كيف أن هذه المحاولة أودت بحياة من قام بهذه المحاولة بل و تم تنفيذ حكم الاعدام في نواب صفوي مؤسس هذه المنظمة ذاته، و بهلاك نواب صفوي اتحدت جماعة فدائيان اسلام مع جماعات أخرى و تم تشكيل منظمة جديدة بعنوان (هيأتهاي مؤتلفة) أو المنظمات الموحدة (الاغتيالات السياسية في ايران ص 61).
أطلق محمد بخارائي و هو من أتباع الخميني و أحد أعضاء منظمة – فدائيان اسلام سابقاً – المنظمات الموحدة لاحقاً– النار على حسن منصور فقتله. و يعد حسن علي منصور هو رابع رئيس وزراء بعد الأتابك أمين السلطنة و عبد الحسين هزبر و رزم أراه (السابق ص 62).
و تجدر الاشارة الى أن اغتيال حسن منصور جاء بعد أسبوعين فقط من صفع (حسن منصور) للخميني على وجهه، في مشادة كلامية عندما كان (حسن منصور) يؤنب الخميني خلالها على موقفه المناهض لسياسة الحكومة و عدم وقوفه للشاه عندما دخل على رجال الحوزة لهم في قم (ايران بين التاج و العمامة ص 228). و مما يؤكد تبعية بخارائي للخميني أه أعلن أن الشاب منفذ العملية عثر في جيبه على صورة للزعيم الديني آية الله الخميني (الثورة الايرانية بين الواقع و الأسطورة ص 119).
ظلت العلاقة قائمة بين الخميني و بقايا زعماء منظمة فدائيان اسلام أو المنظمات الموحدة فيما بعد الى أبعد الحدود، و من هؤلاء الزعماء الحاج (مهدي عراقي) الذي اغتالته جماعة الفرقان السرية في عام 1979 اذ كان يعمل بجانب الخميني منذ خرج من السجن في عام 1977 و التحق بالخميني بعد ذلك في باريس حيث كان يعمل مديراً لمتبه في نوفيل لو شاتو) للعلاقات العامة، ثم رافقه الى طهران في نفس عمله ثم أصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب الجمهوري الاسلامي ثم مسئولاً لمؤسسة المستضعفين التي صادرت أموال الاقطاعيين و العائلة المالكة ثم كان آخر منصب له أن عين مديراً مالياً لمؤسسة (كيهان) الصحفية التي وضعت تحت ادارة مؤسسة المستضعفين و قد عبر الخميني عن حزنه الشديد على رفيق نضاله، و حرص على مواساته الخاصة لأسرته التي استدعاها الى مدينة قم و قال لهم مواسياً (إنني أعرف الشهيد العراقي منذ عشرين عاماً لقد كان عشرين انساناً في انسان واحد و كان لي أخاً عزيزاً و ابناً صالحاً) (السابق 229).
و مهدي عراقي هذا اشترك في المحاولة الأولى الفاشلة التي قامت بها منظمة فدتئيان اسلام لأغتيال كسروي، و أشترك كذلك في عملية اغتيال حسن منصور تحت منظمة المنظمات الموحدة، و لم يكن العراقي وحده كواحد من جماعة فدائيان اسلام فقد كان من أقرب أعوان الخميني قبل و بعد سقوط الشاه هو آية الله خلخالي و كان عضواً بهذه الجماعة و آية الله طلقاني الذي أخفى في بيته لبعض الوقت (نواب صفوي) قبل أن يعدمز (السابق ص 230)
عرضت جريدة الشرق الأوسط مذكرات آية الله منتظري و الذي أشار فيها الى سنوات حكم رئيس الوزراء الوطني الدكتور محمد مصدق، الذي كان بعض المراجع معارضين له بسبب مواقفه السياسية وتسامحه حيال نشاط الاحزاب اليسارية والشيوعية، ويقول «في هذه السنوات، ولدت حركة ثورية اسلامية باسم (فدائيي الاسلام) تحت زعامة رجل شاب، كان قد درس في المعهد الفني قبل التحاقه بالمدارس الدينية، هو نواب صفوي. وكان نواب صفوي متحمسا لفكرة الوحدة الاسلامية وسافر الى مصر والتقى قادة حركة الاخوان المسلمين وشيوخ الازهر، وفي الحوزة الدينية بقم كان الطلبة يؤيدون مواقفه وتوجهات نواب صفوي ونائبه حجة الاسلام واحدي، بينما المراجع الكبار اعتبروا ممارسات نواب صفوي وآراءه الثورية الراديكالية مخالفة لمبادئ الشريعة والنظام المطبق في الحوزة.
وآية الله بروجردي الذي تعرض للاهانة من قبل بعض الطلبة المؤيدين لنواب صفوي في بداية انطلاق حركة (فدائيي الاسلام)، اتخذ موقفا سلبيا تجاه الحركة، وكل من ايدها ومنهم الامام الخميني الذي كان في ذلك الحين احد المدرسين البارزين في الحوزة».
ويتذكر آية الله منتظري في هذا الفصل من مذكراته: «نحن كنا متعاطفين في قلوبنا مع نواب صفوي ورفاقه بسبب حملاتهم ضد الشاه ورجال الحكم. لقد ذهب بعض المشايخ في الحوزة الى بروجردي وقالوا له ان الخميني ومطهري من حماة نواب صفوي، وهما يثيران مشاعر الطلبة ضدكم. هكذا كان الوضع في قم في بداية انطلاق حركة تأميم النفط وثورة مصدق. وقد ذهب نواب صفوي من قم الى طهران وانضم الى آية الله كاشاني الذي عمل في البداية مع مصدق وسانده ووصل لفترة الى رئاسة مجلس الشورى الوطني» (جريدة الشرق الأوسط، الجمعـة 19 رمضـان 1421 هـ 15 ديسمبر 2000 العدد 8053).
و يجب أن نشير هنا الى أن العلاقة بين بروجردي و الخميني كانت متوترة بل سيئة، و باستعراض كل هذه الدلائل يمكن القول أن هناك ثمة علاقة قوية بين منظمة فدائيان اسلام و بين الخميني و ثورته.
__________________
ج- المتدينون و الاصلاحيون و الوطنيون:
تناولنا فيما مضى تيارين كان لهما أكبر الأثر في الحركة السياسية في ايران، و بقى الاشارة الى بعض هذه التيارات حتى و لو كان دورها الظاهري محدود غير أنها من تبنت حركة التغيير في ايران الشاه و كان دورها محورياً. و ذلك حتى تكتمل صورة الحياة السياسية قبيل قيام الثورة الايرانية.
سبقت الاشارة الى أية الله شريعة مداري، و هو رجل دين قيادي في قم و ذلك قبل وصول الخميني و كان لجماعته أنصار كثيرون من التجار الأثرياء و علماء الدين في أذربيجان موطنه الأصلي، و كان مداري يرى أن هناك تناقض بين سلطة الفقيه المطلقة و بين رئيس الجمهورية الذي يفرض السيادة الوطنية للدولة، و من ثم كان يرى أن يحتفظ الفقهاء و العلماء الكبار بدورهم في ارشاد و هداية الناس و ألا يتدخلوا في إدارة الأمور المدنية إلا عند الضرورة كحالة عدم وجود حكومة.
كان يتفق معه في تقييد سلطة الفقهاء آية الله كلبايكاني أحد العلماء الستة الكبار في ايران و آية الله شهاب الدين مرعشي نجفي، و كانت تلك المجموعة تنادي لا بهدم الملكية البهلوية و انما تحويلها الى ملكية دستورية طبقاً لدستور عام 1906 و التعديلات التي أدخلت عليه حتى 1911 و كانت تؤيد الملكية قبل الثورة بصفة اجمالية (و لكن يرى البعض أنها كانت تؤيدها تقية).
و ظلت بعد الثورة تنادي بنظام سياسي متعدد الأحزاب، يستطيع كل حزب المشاركة في صنع القرار عن طريق الانتخابات الحرة و أن لنواب الشعب وحدهم دون العلماء حق ادارة الدولة، و على رجال الدين عدم التدخل إلا عندما تنتهك الشريعة الاسلامية فقط بالاضافة الى دورهم المعلوم فيما يتعلق بالعقيدة الشيعية الاسلامية.
و كان هناك الكثيرون من رجال الدين الشيعة يؤيدون مداري في الخفاء خوفاً من بطش أنصار الخميني الذي أعلن أن الواجب الأساسي و الأسمى للعلماء يتجلى في مراقبة الدولة، مستخدمين أجهزتها التنفيذية لتطبيق الشرع حتى تكون هناك دولة اسلامية حقيقية.
أعلن أنصار مداري تأسيس حزب الشعب الإسلامي الجمهوري لمقابلة الحزب الجمهوري الاسلامي الذي أسسه أنصار الخميني إلا أنهم لم يتخذوا مطلقاً موقفاً مناهضاً للثورة. (بتصرف من تاريخ ايران السياسي ص 209-210)
تشير بعض المصادر أيضاً الى أن آية الله شريعة مداري رجل الدين البارز في البلاد لم يكن يهدف للاطاحة بالشاه و كان يعارض بشدة مبدأ آية الله الخميني المتعلق بوصاية الولي الفقيه. و من ناحية أخرى اعتبر الخميني و بطانته أن شريعة مداري هذا مجرد دمية في يد النظام و ذلك لأن الشاه دعمه كأحد كبار المراجع في عام 1970. و بالفعل فان وجهة نظر شريعة مداري كانت متقاربة جداً من الوطنيون و الليبراليون عنها من الدينيون أنصار الخميني. (السياسة الأمريكية الخارجية تجاه ايران الثورية ص 34)
ويعتبر هذا التيار بقيادة شريعة مداري هو التيار الذي بدأ الحركة المناهضة للشاه و قاد الجماهير المناهضة للشاه بل ان شريعة مداري نفسه تم الهجوم عليه من قبل قوى الأمن في احدى المظاهرات المناهضة للشاه في يناير 1977 و قتل بعض الطلبة المؤيدين له (السابق 51)
تناولنا فيما مضى تيارين كان لهما أكبر الأثر في الحركة السياسية في ايران، و بقى الاشارة الى بعض هذه التيارات حتى و لو كان دورها الظاهري محدود غير أنها من تبنت حركة التغيير في ايران الشاه و كان دورها محورياً. و ذلك حتى تكتمل صورة الحياة السياسية قبيل قيام الثورة الايرانية.
سبقت الاشارة الى أية الله شريعة مداري، و هو رجل دين قيادي في قم و ذلك قبل وصول الخميني و كان لجماعته أنصار كثيرون من التجار الأثرياء و علماء الدين في أذربيجان موطنه الأصلي، و كان مداري يرى أن هناك تناقض بين سلطة الفقيه المطلقة و بين رئيس الجمهورية الذي يفرض السيادة الوطنية للدولة، و من ثم كان يرى أن يحتفظ الفقهاء و العلماء الكبار بدورهم في ارشاد و هداية الناس و ألا يتدخلوا في إدارة الأمور المدنية إلا عند الضرورة كحالة عدم وجود حكومة.
كان يتفق معه في تقييد سلطة الفقهاء آية الله كلبايكاني أحد العلماء الستة الكبار في ايران و آية الله شهاب الدين مرعشي نجفي، و كانت تلك المجموعة تنادي لا بهدم الملكية البهلوية و انما تحويلها الى ملكية دستورية طبقاً لدستور عام 1906 و التعديلات التي أدخلت عليه حتى 1911 و كانت تؤيد الملكية قبل الثورة بصفة اجمالية (و لكن يرى البعض أنها كانت تؤيدها تقية).
و ظلت بعد الثورة تنادي بنظام سياسي متعدد الأحزاب، يستطيع كل حزب المشاركة في صنع القرار عن طريق الانتخابات الحرة و أن لنواب الشعب وحدهم دون العلماء حق ادارة الدولة، و على رجال الدين عدم التدخل إلا عندما تنتهك الشريعة الاسلامية فقط بالاضافة الى دورهم المعلوم فيما يتعلق بالعقيدة الشيعية الاسلامية.
و كان هناك الكثيرون من رجال الدين الشيعة يؤيدون مداري في الخفاء خوفاً من بطش أنصار الخميني الذي أعلن أن الواجب الأساسي و الأسمى للعلماء يتجلى في مراقبة الدولة، مستخدمين أجهزتها التنفيذية لتطبيق الشرع حتى تكون هناك دولة اسلامية حقيقية.
أعلن أنصار مداري تأسيس حزب الشعب الإسلامي الجمهوري لمقابلة الحزب الجمهوري الاسلامي الذي أسسه أنصار الخميني إلا أنهم لم يتخذوا مطلقاً موقفاً مناهضاً للثورة. (بتصرف من تاريخ ايران السياسي ص 209-210)
تشير بعض المصادر أيضاً الى أن آية الله شريعة مداري رجل الدين البارز في البلاد لم يكن يهدف للاطاحة بالشاه و كان يعارض بشدة مبدأ آية الله الخميني المتعلق بوصاية الولي الفقيه. و من ناحية أخرى اعتبر الخميني و بطانته أن شريعة مداري هذا مجرد دمية في يد النظام و ذلك لأن الشاه دعمه كأحد كبار المراجع في عام 1970. و بالفعل فان وجهة نظر شريعة مداري كانت متقاربة جداً من الوطنيون و الليبراليون عنها من الدينيون أنصار الخميني. (السياسة الأمريكية الخارجية تجاه ايران الثورية ص 34)
ويعتبر هذا التيار بقيادة شريعة مداري هو التيار الذي بدأ الحركة المناهضة للشاه و قاد الجماهير المناهضة للشاه بل ان شريعة مداري نفسه تم الهجوم عليه من قبل قوى الأمن في احدى المظاهرات المناهضة للشاه في يناير 1977 و قتل بعض الطلبة المؤيدين له (السابق 51)
__________________
تابع المتدينون و الاصلاحيون و الوطنيون:---------------
ظهرت جماعة أخرى شبيهة بجماعة المتدينين غير أنها ذات اتجاه اصلاحي على زعمهم، و تكونت هذه الجماعة من المجاهدين المشتركين في حرب العصابات و كذا أتباع الدكتور على شريعتي الذي نشأ في أسرة من رجال الدين حيث كان والده السيد محمد تقي شريعتي داعية اسلامي أمضى أربعين عاماً في الدعوة و لكن بأسس علمية و تقدمية، و قد انضم لاحقاً الى حركة تحرير ايران ذات التوجه الاسلامي الاصلاحي و التنويري أسسها كل من المهندس مهدي بازرجان و آية الله طلقاني. (1)
في نهاية الاربعينات انضم علي و والده الى جماعة صغيرة من المثقفين سميت بجماعة "الاشتراكيين الذين يخشون الله" نهضت – خودا – باراستان سوسياليست" التي كانت احدى أبرز الجماعات المعارضة لحكم الشاه عقب انقلاب عام 1953 المعادي للدكتور مصدق و شكل هذا الدور دليلاً مبكراً على توجهات يسارية لدى الدكتور علي شريعتي و استعداده لتقبل مفاهيم ذات جذور غربية مثل "الاشتراكية" و قبل مغادرة ايران الى فرنسا في منحة علمية لدراسة التاريخ و علم الاجتماع الاسلامي عام 1958 م.(2)
درس شريعتي في باريس الفلسفات السياسية الراديكالية و انضم الى فرع حركة تحرير ايران في باريس، و كان اهتمام عمله فكري تنظيري و ليس تحريضي سياسي أو اطلاق شعارات او الدعوة الى المظاهرات، و بعد عودته من ايران قام بالتدريس في أحد معاهدها الاسلامية المعروف بحسينية الارشاد، و هو المعهد الذي هاجم فيه مراراً تعصب رجال الدين الشيعة ضد السنة، و اعتقل عدة مرات لتبنيه أفكار تقدمية تناهض التعصب بكل أشكاله و مات قبل الثورة حيث تم اعتقاله ثم أفرج عنه في مايو عام 1977 بعد ضغوط عالمية و لكن اشترط عليه مغادرة ايران فتوجه الى لندن ثم توفي هناك فجأة (3).
اصطدم شريعتي مع المؤسسة الدينية في ايران لأنه مال كما أشرنا الى استبعاد رجال الدين من الطليعة التي طرحها، و فضل عليهم مثقفين اسلاميين لا ينتمون لرجال الدين، فأحدث هذا سخطاً من هذه المؤسسة الدينية عليه و حملت أراء سلبية تجتهه و تجاه فكره، و تمخض ذلك عن توتر شديد بين شريعتي و بين آية الله مطهري أحد أبرز المنظرين لنظام الجمهورية الاسلامية لاسيما أن مطهري كان من أكثر المحاضرين في "حسينية ارشاد" و كان يحضر له جم غفير و لكن هذا الكم تضاءل لما بدأ شريعتي من التدريس هناك، و كذا فقد اتهم مطهري شريعتي أنه خارج عن الاسلام و أنه يستخدم الدين كأداة لتحقيق أهداف سياسية و اجتماعية.(4)
شيء آخر أدى الى عدم الوفاق بين رجال المؤسسة الدينية و شريعتي أن الأخير انتقد بشدة - الملا محمد باقر مجلسي - و هو أحد أكبر علماء الحقبة الصفوية في تاريخ ايران – باعتباره ممثلاً للتشيع الصفوي و جاءت هذه الانتقادات في وقت كان ينظر فيه مطهري و علماء كبار آخرون في ايران وقت شريعتي الى مجلسي بقدر كبير من الاحترام باعتباره من قام بجهد تجميع "بحار الأنوار" و التي جمعت التقاليد الشيعية. (5)
و يمكن القول أن الدولة الاسلامية البعيدة عن سيطرة رجال الدين كانت هي مبتغى شريعتي و من ناحية أخرى فتيار شريعتي كان تيار ثوري بالمعنى الكامل ترمى للقضاء على الملكية البهلوية و القيام بثورة اجتماعية شاملة ضد البناء الطبقي للمجتمع و طالبوا باعادة توزيع الثورة الزراعية و تحديث وسائل الانتاج و نقل السلطة للعمال و الفلاحين حتى يتحول المجتمع الايراني الى مجتمع بلا طبقات. (6)
و فيما يخص الوطنيون التقليديون فهم من أقدم الأحزاب السياسية في ايران و كان دورها بارزاً إبان ثورة مصدق في الخمسينات و كانت تنادي بالتخلص من الأسرة المالكة البهلوية كما نادت بالمبادئ الوطنية التي شهدتها مرحلة مصدق، و في مقدمتها تأميم صناعة النفط الايراني، و طالبوا بتطوير الدستور و الاحتفاظ بالمكاسب التراثية للشعب الايراني و أيدوا النظام الجمهوري الذي يشمل جميع الأحزاب الدينية، و نادوا باستمرار العلاقات التجارية و العسكرية مع الولايات المتحدة مع تقليل الروابط قدر الامكان و احلال بقية الغرب الأوروبي و على رأسه فرنسا محلها (7)
بهذا نكون قد عرضنا بايجاز لهذه التيارات التي كان لها دور كبير في تفاعل الأحداث و قيام الثورة و من ثم نجاحها، و لعل المتابع لهذا العرض يلحظ تداخل كبير بين كل مجموعة من هذه التيارات غير أن الخلافات بين أقطاب هذه التيارات أسهم في اعتبار كل منها تيار منفصل, و من ناحية أخرى فقد ساهم هذا التباين في افساح المجال للمخططين أن يختاروا أي التيارات التي ستنجح في الصمود هي التي من الممكن أن تتولى القيادة في ايران، و سوف نتناول في الحلقات التالية بمشيئة الله لماذا تم اختيار هذا التيار بعينه.
ظهرت جماعة أخرى شبيهة بجماعة المتدينين غير أنها ذات اتجاه اصلاحي على زعمهم، و تكونت هذه الجماعة من المجاهدين المشتركين في حرب العصابات و كذا أتباع الدكتور على شريعتي الذي نشأ في أسرة من رجال الدين حيث كان والده السيد محمد تقي شريعتي داعية اسلامي أمضى أربعين عاماً في الدعوة و لكن بأسس علمية و تقدمية، و قد انضم لاحقاً الى حركة تحرير ايران ذات التوجه الاسلامي الاصلاحي و التنويري أسسها كل من المهندس مهدي بازرجان و آية الله طلقاني. (1)
في نهاية الاربعينات انضم علي و والده الى جماعة صغيرة من المثقفين سميت بجماعة "الاشتراكيين الذين يخشون الله" نهضت – خودا – باراستان سوسياليست" التي كانت احدى أبرز الجماعات المعارضة لحكم الشاه عقب انقلاب عام 1953 المعادي للدكتور مصدق و شكل هذا الدور دليلاً مبكراً على توجهات يسارية لدى الدكتور علي شريعتي و استعداده لتقبل مفاهيم ذات جذور غربية مثل "الاشتراكية" و قبل مغادرة ايران الى فرنسا في منحة علمية لدراسة التاريخ و علم الاجتماع الاسلامي عام 1958 م.(2)
درس شريعتي في باريس الفلسفات السياسية الراديكالية و انضم الى فرع حركة تحرير ايران في باريس، و كان اهتمام عمله فكري تنظيري و ليس تحريضي سياسي أو اطلاق شعارات او الدعوة الى المظاهرات، و بعد عودته من ايران قام بالتدريس في أحد معاهدها الاسلامية المعروف بحسينية الارشاد، و هو المعهد الذي هاجم فيه مراراً تعصب رجال الدين الشيعة ضد السنة، و اعتقل عدة مرات لتبنيه أفكار تقدمية تناهض التعصب بكل أشكاله و مات قبل الثورة حيث تم اعتقاله ثم أفرج عنه في مايو عام 1977 بعد ضغوط عالمية و لكن اشترط عليه مغادرة ايران فتوجه الى لندن ثم توفي هناك فجأة (3).
اصطدم شريعتي مع المؤسسة الدينية في ايران لأنه مال كما أشرنا الى استبعاد رجال الدين من الطليعة التي طرحها، و فضل عليهم مثقفين اسلاميين لا ينتمون لرجال الدين، فأحدث هذا سخطاً من هذه المؤسسة الدينية عليه و حملت أراء سلبية تجتهه و تجاه فكره، و تمخض ذلك عن توتر شديد بين شريعتي و بين آية الله مطهري أحد أبرز المنظرين لنظام الجمهورية الاسلامية لاسيما أن مطهري كان من أكثر المحاضرين في "حسينية ارشاد" و كان يحضر له جم غفير و لكن هذا الكم تضاءل لما بدأ شريعتي من التدريس هناك، و كذا فقد اتهم مطهري شريعتي أنه خارج عن الاسلام و أنه يستخدم الدين كأداة لتحقيق أهداف سياسية و اجتماعية.(4)
شيء آخر أدى الى عدم الوفاق بين رجال المؤسسة الدينية و شريعتي أن الأخير انتقد بشدة - الملا محمد باقر مجلسي - و هو أحد أكبر علماء الحقبة الصفوية في تاريخ ايران – باعتباره ممثلاً للتشيع الصفوي و جاءت هذه الانتقادات في وقت كان ينظر فيه مطهري و علماء كبار آخرون في ايران وقت شريعتي الى مجلسي بقدر كبير من الاحترام باعتباره من قام بجهد تجميع "بحار الأنوار" و التي جمعت التقاليد الشيعية. (5)
و يمكن القول أن الدولة الاسلامية البعيدة عن سيطرة رجال الدين كانت هي مبتغى شريعتي و من ناحية أخرى فتيار شريعتي كان تيار ثوري بالمعنى الكامل ترمى للقضاء على الملكية البهلوية و القيام بثورة اجتماعية شاملة ضد البناء الطبقي للمجتمع و طالبوا باعادة توزيع الثورة الزراعية و تحديث وسائل الانتاج و نقل السلطة للعمال و الفلاحين حتى يتحول المجتمع الايراني الى مجتمع بلا طبقات. (6)
و فيما يخص الوطنيون التقليديون فهم من أقدم الأحزاب السياسية في ايران و كان دورها بارزاً إبان ثورة مصدق في الخمسينات و كانت تنادي بالتخلص من الأسرة المالكة البهلوية كما نادت بالمبادئ الوطنية التي شهدتها مرحلة مصدق، و في مقدمتها تأميم صناعة النفط الايراني، و طالبوا بتطوير الدستور و الاحتفاظ بالمكاسب التراثية للشعب الايراني و أيدوا النظام الجمهوري الذي يشمل جميع الأحزاب الدينية، و نادوا باستمرار العلاقات التجارية و العسكرية مع الولايات المتحدة مع تقليل الروابط قدر الامكان و احلال بقية الغرب الأوروبي و على رأسه فرنسا محلها (7)
بهذا نكون قد عرضنا بايجاز لهذه التيارات التي كان لها دور كبير في تفاعل الأحداث و قيام الثورة و من ثم نجاحها، و لعل المتابع لهذا العرض يلحظ تداخل كبير بين كل مجموعة من هذه التيارات غير أن الخلافات بين أقطاب هذه التيارات أسهم في اعتبار كل منها تيار منفصل, و من ناحية أخرى فقد ساهم هذا التباين في افساح المجال للمخططين أن يختاروا أي التيارات التي ستنجح في الصمود هي التي من الممكن أن تتولى القيادة في ايران، و سوف نتناول في الحلقات التالية بمشيئة الله لماذا تم اختيار هذا التيار بعينه.
*---------------------
1- راجع تاريخ ايران السياسي ص 211 ، ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص12
2- ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص12
3- راجع تاريخ ايران السياسي ص 211 ، ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص12
4- ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص24
5- ايران دراسة عن الثورة و الدولة ص 25
6- تاريخ ايران السياسي ص212
7- السابق ص
__________________
ثالثاً: أي التيارات ستختار أمريكا؟؟؟
أشرنا في العرض السابق لمبررات التحرك الأمريكي بإنهاء دور الشاه، و عرضنا بعد ذلك للبدائل التي من الممكن أن تحل محله شريطة أن يتحقق لأمريكا ما تصبو إليه من إحكام تطويق المنطقة، و عرضنا كذلك لتوجه السياسة الأمريكية بشكل عام في هذه الحقبة و كيف أنه كان هناك ميل الى اقحام العقائد في هذا الشأن و ضربنا على ذلك مثلاً بزينجو بريجينسكي و قوس الأزمات الذي افترض وجوده، كما لم نعرض لبدائل أخرى كانت مطروحة في حينه منها على سبيل المثال القرار الدستوري الذي أصدره الشاه بتولية زوجته "الشهبانو فرح" الوصاية على ولي عهده تمهيداً لتوليتها الحكم بعد موته و ذلك لما تأكدت اصابته بالسرطان و أن نهايته باتت قريبة، و بالفعل أخذت الشهبانو فرح الأمر محمل الجد و بدأت تمارس الكثير من أمور الحكم، (1)، و كان بلا شك هذا الطرح بعيد التنفيذ لأسباب كثيرة أهمها أن أمريكا تريد تغيير نظام برمته و الولوج في مرحلة جديدة تختلف فيها الأوراق، كما أن تخوفها من قيام انقلاب غير محمود العواقب على مصالحها لا يزال ممكن الحدوث. لهذا رأينا أن التيارات الدينية هي الملجأ الذي من الممكن أن تعول عليه أمريكا و لكن السؤال المطروح، لماذا اختارت أمريكا هذا الطرف بالذات؟؟.
لا شك أن المؤسسة الدينية في ايران و التي كان يسيطر عليها رجال الدين المناوئين للشاه لها الكثير من القوة و الثقل، و الذي لا يغفله رجالها و لا يغفله سياسيو الولايات المتحدة الأمريكية و أن هذه القوة و هذا الثقل لا يقدح في التيارات الأخرى و في قاداتها و أتباعها و لكنها لا تصل بحال الى أهمية المؤسسة الدينية هذه، فالتخوف الرئيسي من التيارات اليسارية هو ميولها الى الاتحاد السوفيتي و هذه النقطة تحديداً كفيلة باستبعادها، أما الوطنيون فلهم يكن لهم الثقل المطلوب بين الشعب، لذلك سوف نلقي بعض الضوء على هذه المؤسسة (2) بقصد توضيح أنها الورقة الرابحة إذا أجيد استخدامها.
بلغ عدد المسلمين (3) في أواخر العهد البهلوي الى حوالي 34 مليون نسمة (98% من مجموع سكان)، تؤلف الشيعة حوالي 90% من مجموع مسلمي ايران، ..................................
قفز عدد رجال الدين المحترفين في ايران من 12 ألف شخص عام 1966 الى 15 ألف شخص في 1973، بلغ عدد المدارس الدينية في عام 1963 حوالي 229 مدرسة تضم حوالي 140 ألف طالب، يوجد منها في قم وحدها حوالي 6000 مدرسة.
المساجد التابعة للمؤسسة الدينية تبعية مادية و معنوية حوالي 5400 مسجد، 1000 منها في طهران ، 155 مسجد في قم، 97 مسجداً في كاشان، 1500 مسجد في المدن الواقعة وسط البلاد، هذا بالاضافة الى المساجد الكثيرة الأخرى في قرى و أرياف ايران.
زاد عدد الحجاج الايرانيين زيادات كبيرة فبعدما كان 11 ألف شخص في عام 1963 ثم بعد ذلك الى 52 ألف شخص ثم 70 ألف شخص حتى وصل في عام 1967 الى 332 ألف شخص ثم الى ثلاث ملايين شخص عام 1975-1976.
تمتعت كذلك هذه المؤسسة الدينية بامكانات اقتصادية هائلة حصلت عليها من الوقف الخاص و العام و الذي لا يقتصر على الأرض الزراعية وحدها بل امتد ليشمل قنوات الري و الخانات و الدور و الدكاكين و الحمامات و ما الى ذلك، فقد بلغ عدد قرى الوقف التابعة بصورة مباشرة الى كبار رجال الدين حوالي ستة ألاف قرية (قبل اصلاحات محمد رضا شاه) و كذلك بلغ المورد السنوي لكبار رجال الدين في مدينة مشهد وحدها حوالي 450 مليون ريال ايراني و هذا مبلغ ضخم للغاية. و بالطبع جعل هذا المؤسسة الدينية مستقلة تماماً عن الشاه و السلطة و لا يأخذون أي أموال من الشاه و ذلك قبل تعيين امام الجمعة الذي يأخذ راتبه من خزينة الدولة في أواخر أيام الشاه.
سيطرت المؤسسة الدينية على السلطة القضائية و كانت تفصل في جميع القضايا التي لا تتعلق بالسرقة أو القتل أو التمرد و كانت أحكامها نافذة لا يجوز لأحد التدخل فيها الا اذا كان مرجع أعلى، كذلك ظهرت ظاهرة غريبة تعرف بـ (به ست) و هي باختصار عبارة عن حق الحماية الكاملة لكل خارج على القانون و لكل مناهض للسلطة يلجأ الى بعض المساجد المعروفة أو أحد كبار رجال الدين قبل أن تقدر السلطة عليه، و هذه أعطت المؤسسة الدينية نفوذ كبير و سلطة قوية. و نفس الشئ بالنسبة للتعليم فقد كانت لهم سيطرة كبيرة عليه و بالرغم من اصلاحات الشاه فقد ظلت لهم اليد الطولى عليه.
نظراً لكل هذه المقومات التي تميزت بها المؤسسة الدينية في ايران أصبحت على مر العصور هي المفتاح السحري و المرتقى الذي يصعد عليه أصحاب المناهج و الدعوات، فالحركات التي انتشرت في ايران "كالبابية و البهائية" وجدت في هذه المؤسسة الوسيلة التي من خلالها يمكن أن تترعرع بيد أن زعماء هاتين الحركتين في ايران بدءاً من علي محمد الشيرازي مروراً بالشاعرة المعروفة الخارقة الجمال قرة العين و وصولاً الى العديد من زعماء البابية و البهائية المتحمسين كانوا ينتمون في آن واحد الى أسر دينية و تجارية مختلفة، و كذلك لو وقف بعض كبار رجال الدين البارزين في ايران ضد الاقطاع فان ذلك ناتج بلا شك من حرص هؤلاء على مصالحهم ، و باشتراك المؤسسة الدينية في الثورة الدستورية و بعد انتصارها تم تأسيس قانون عام 1907 و الذي أنشئ بمقتضاه المجلس الخاص الذي يضم خمسة من كبار المجتهدين يقومون بالنظر في جميع قرارات البرلمان و اقرار موافقتها لروح الاسلام قبل عرضها على الشاه، و الذي لا يحق له بحال اقرار أي قانون دون موافقة هذا المجلس الخماسي، و بهذا تبين حجم المكاسب الذي حققتها المؤسسة الدينية باشتراكها في الثورة الدستورية. هذا الأمر مثل خطراً كبيراً استشعره رضا شاه و سعى باستمالة المؤسسة الدينية أو اقصائها و اتخذ من أجل ذلك بعض الاجراءات الا أنه فشل في نهاية المطاف للأسباب التالية (4):
1- تحلل نظام الشاه و ضعفه رغم جميع مظاهر القوة البادية عليه.
2- وجود فراغ سياسي كبير بسبب ضعف كلاً من التيار اليساري و الوطني.
3- تحييد الجيش.
4- الأساليب الفعالة للمؤسسة الدينية، منها على سبيل المثال اللعب على العواطف و الهابها فقد قاموا بتشبيه الشاه بيزيد و هذا كان كفيلاً بتحريك عواطف الناس.
لم تكن أمريكا لتفوت على نفسها مثل هذا الثقل لمثل هذه المؤسسة الدينية، التي امتلكت شتى وسائل القوة و بات لها سمعة و تأثير، لهذا كانت هي البديل المقترح الفعال الذي يمكن التعويل عليه، و مرت ثلاث عقود على أحداث هذه الثورة و ثبت أن هذه الثورة حققت الكثير و هذا ما حدا بأمريكا و أعوانها على الاستماتة في نجاح هذه الثورة و المحافظة عليها و سنورد بعضاً من هذا في الحلقات القليلة المتبقية بمشيئة الله.
أشرنا في العرض السابق لمبررات التحرك الأمريكي بإنهاء دور الشاه، و عرضنا بعد ذلك للبدائل التي من الممكن أن تحل محله شريطة أن يتحقق لأمريكا ما تصبو إليه من إحكام تطويق المنطقة، و عرضنا كذلك لتوجه السياسة الأمريكية بشكل عام في هذه الحقبة و كيف أنه كان هناك ميل الى اقحام العقائد في هذا الشأن و ضربنا على ذلك مثلاً بزينجو بريجينسكي و قوس الأزمات الذي افترض وجوده، كما لم نعرض لبدائل أخرى كانت مطروحة في حينه منها على سبيل المثال القرار الدستوري الذي أصدره الشاه بتولية زوجته "الشهبانو فرح" الوصاية على ولي عهده تمهيداً لتوليتها الحكم بعد موته و ذلك لما تأكدت اصابته بالسرطان و أن نهايته باتت قريبة، و بالفعل أخذت الشهبانو فرح الأمر محمل الجد و بدأت تمارس الكثير من أمور الحكم، (1)، و كان بلا شك هذا الطرح بعيد التنفيذ لأسباب كثيرة أهمها أن أمريكا تريد تغيير نظام برمته و الولوج في مرحلة جديدة تختلف فيها الأوراق، كما أن تخوفها من قيام انقلاب غير محمود العواقب على مصالحها لا يزال ممكن الحدوث. لهذا رأينا أن التيارات الدينية هي الملجأ الذي من الممكن أن تعول عليه أمريكا و لكن السؤال المطروح، لماذا اختارت أمريكا هذا الطرف بالذات؟؟.
لا شك أن المؤسسة الدينية في ايران و التي كان يسيطر عليها رجال الدين المناوئين للشاه لها الكثير من القوة و الثقل، و الذي لا يغفله رجالها و لا يغفله سياسيو الولايات المتحدة الأمريكية و أن هذه القوة و هذا الثقل لا يقدح في التيارات الأخرى و في قاداتها و أتباعها و لكنها لا تصل بحال الى أهمية المؤسسة الدينية هذه، فالتخوف الرئيسي من التيارات اليسارية هو ميولها الى الاتحاد السوفيتي و هذه النقطة تحديداً كفيلة باستبعادها، أما الوطنيون فلهم يكن لهم الثقل المطلوب بين الشعب، لذلك سوف نلقي بعض الضوء على هذه المؤسسة (2) بقصد توضيح أنها الورقة الرابحة إذا أجيد استخدامها.
بلغ عدد المسلمين (3) في أواخر العهد البهلوي الى حوالي 34 مليون نسمة (98% من مجموع سكان)، تؤلف الشيعة حوالي 90% من مجموع مسلمي ايران، ..................................
قفز عدد رجال الدين المحترفين في ايران من 12 ألف شخص عام 1966 الى 15 ألف شخص في 1973، بلغ عدد المدارس الدينية في عام 1963 حوالي 229 مدرسة تضم حوالي 140 ألف طالب، يوجد منها في قم وحدها حوالي 6000 مدرسة.
المساجد التابعة للمؤسسة الدينية تبعية مادية و معنوية حوالي 5400 مسجد، 1000 منها في طهران ، 155 مسجد في قم، 97 مسجداً في كاشان، 1500 مسجد في المدن الواقعة وسط البلاد، هذا بالاضافة الى المساجد الكثيرة الأخرى في قرى و أرياف ايران.
زاد عدد الحجاج الايرانيين زيادات كبيرة فبعدما كان 11 ألف شخص في عام 1963 ثم بعد ذلك الى 52 ألف شخص ثم 70 ألف شخص حتى وصل في عام 1967 الى 332 ألف شخص ثم الى ثلاث ملايين شخص عام 1975-1976.
تمتعت كذلك هذه المؤسسة الدينية بامكانات اقتصادية هائلة حصلت عليها من الوقف الخاص و العام و الذي لا يقتصر على الأرض الزراعية وحدها بل امتد ليشمل قنوات الري و الخانات و الدور و الدكاكين و الحمامات و ما الى ذلك، فقد بلغ عدد قرى الوقف التابعة بصورة مباشرة الى كبار رجال الدين حوالي ستة ألاف قرية (قبل اصلاحات محمد رضا شاه) و كذلك بلغ المورد السنوي لكبار رجال الدين في مدينة مشهد وحدها حوالي 450 مليون ريال ايراني و هذا مبلغ ضخم للغاية. و بالطبع جعل هذا المؤسسة الدينية مستقلة تماماً عن الشاه و السلطة و لا يأخذون أي أموال من الشاه و ذلك قبل تعيين امام الجمعة الذي يأخذ راتبه من خزينة الدولة في أواخر أيام الشاه.
سيطرت المؤسسة الدينية على السلطة القضائية و كانت تفصل في جميع القضايا التي لا تتعلق بالسرقة أو القتل أو التمرد و كانت أحكامها نافذة لا يجوز لأحد التدخل فيها الا اذا كان مرجع أعلى، كذلك ظهرت ظاهرة غريبة تعرف بـ (به ست) و هي باختصار عبارة عن حق الحماية الكاملة لكل خارج على القانون و لكل مناهض للسلطة يلجأ الى بعض المساجد المعروفة أو أحد كبار رجال الدين قبل أن تقدر السلطة عليه، و هذه أعطت المؤسسة الدينية نفوذ كبير و سلطة قوية. و نفس الشئ بالنسبة للتعليم فقد كانت لهم سيطرة كبيرة عليه و بالرغم من اصلاحات الشاه فقد ظلت لهم اليد الطولى عليه.
نظراً لكل هذه المقومات التي تميزت بها المؤسسة الدينية في ايران أصبحت على مر العصور هي المفتاح السحري و المرتقى الذي يصعد عليه أصحاب المناهج و الدعوات، فالحركات التي انتشرت في ايران "كالبابية و البهائية" وجدت في هذه المؤسسة الوسيلة التي من خلالها يمكن أن تترعرع بيد أن زعماء هاتين الحركتين في ايران بدءاً من علي محمد الشيرازي مروراً بالشاعرة المعروفة الخارقة الجمال قرة العين و وصولاً الى العديد من زعماء البابية و البهائية المتحمسين كانوا ينتمون في آن واحد الى أسر دينية و تجارية مختلفة، و كذلك لو وقف بعض كبار رجال الدين البارزين في ايران ضد الاقطاع فان ذلك ناتج بلا شك من حرص هؤلاء على مصالحهم ، و باشتراك المؤسسة الدينية في الثورة الدستورية و بعد انتصارها تم تأسيس قانون عام 1907 و الذي أنشئ بمقتضاه المجلس الخاص الذي يضم خمسة من كبار المجتهدين يقومون بالنظر في جميع قرارات البرلمان و اقرار موافقتها لروح الاسلام قبل عرضها على الشاه، و الذي لا يحق له بحال اقرار أي قانون دون موافقة هذا المجلس الخماسي، و بهذا تبين حجم المكاسب الذي حققتها المؤسسة الدينية باشتراكها في الثورة الدستورية. هذا الأمر مثل خطراً كبيراً استشعره رضا شاه و سعى باستمالة المؤسسة الدينية أو اقصائها و اتخذ من أجل ذلك بعض الاجراءات الا أنه فشل في نهاية المطاف للأسباب التالية (4):
1- تحلل نظام الشاه و ضعفه رغم جميع مظاهر القوة البادية عليه.
2- وجود فراغ سياسي كبير بسبب ضعف كلاً من التيار اليساري و الوطني.
3- تحييد الجيش.
4- الأساليب الفعالة للمؤسسة الدينية، منها على سبيل المثال اللعب على العواطف و الهابها فقد قاموا بتشبيه الشاه بيزيد و هذا كان كفيلاً بتحريك عواطف الناس.
لم تكن أمريكا لتفوت على نفسها مثل هذا الثقل لمثل هذه المؤسسة الدينية، التي امتلكت شتى وسائل القوة و بات لها سمعة و تأثير، لهذا كانت هي البديل المقترح الفعال الذي يمكن التعويل عليه، و مرت ثلاث عقود على أحداث هذه الثورة و ثبت أن هذه الثورة حققت الكثير و هذا ما حدا بأمريكا و أعوانها على الاستماتة في نجاح هذه الثورة و المحافظة عليها و سنورد بعضاً من هذا في الحلقات القليلة المتبقية بمشيئة الله.
------------------------.
1- بين التاج و العمامة، ص185-186
2- هذا الجزء تم اعداده بتصرف كبير من بحث ألقي في ندوة بعنوان "إيران بين الحاضر و المستقبل" بالجامعة المستنصرية عام 1981 و نشره صاحبه في كتابه "دراسات في تاريخ ايران الحديث" ص 181-190.
3- كل هذه الإحصائيات في الفترة محل الدراسة، و الاحصائيات الحديثة تشير الى أن عدد سكان ايران تجاوزوا الـ 66 مليون نسمة و نسبة المسلمين بصفة عامة 98% من مجموع السكان و نسبة الشيعة 89% من مجموع السكان و نسبة السنة 9% من مجموع السكان و الباقي أديان و طوائف أخرى. وفق موقع المخابرات الأمريكي:
4- راجع بالتفصيل المرجع قبل السابق ص 188 و ما بعدها
1- بين التاج و العمامة، ص185-186
2- هذا الجزء تم اعداده بتصرف كبير من بحث ألقي في ندوة بعنوان "إيران بين الحاضر و المستقبل" بالجامعة المستنصرية عام 1981 و نشره صاحبه في كتابه "دراسات في تاريخ ايران الحديث" ص 181-190.
3- كل هذه الإحصائيات في الفترة محل الدراسة، و الاحصائيات الحديثة تشير الى أن عدد سكان ايران تجاوزوا الـ 66 مليون نسمة و نسبة المسلمين بصفة عامة 98% من مجموع السكان و نسبة الشيعة 89% من مجموع السكان و نسبة السنة 9% من مجموع السكان و الباقي أديان و طوائف أخرى. وفق موقع المخابرات الأمريكي:
4- راجع بالتفصيل المرجع قبل السابق ص 188 و ما بعدها
__________________
كيف دعمت أمريكا الثورة؟
بعدما وضحنا الثقل الذي من أجله اختارت أمريكا البديل الديني الثوري كان من المناسب بعد ذكره التدليل على الاجراءات التي اتخذتها أمريكا لنجاح هذا التوجه و هذا ما سنبينه بمشيئة الله في الكلمات القليلة القادمة.
بدأت المخابرات الأمريكية تجري اتصالات منذ عام 1977 بالعديد من الشخصيات و الزعامات الإيرانية في كافة القطاعات السياسية و الاقتصادية و الدينية و غيرها، في الداخل و في الخارج لكي تجس نبضهم بالنسبة لإمكان إحداث التغيير، و مدى استعدادهم لمساندة الجهود الأمريكية بهذا الصدد، و لقد وجدت استجابة بوجه عام عند الكثيرين من هؤلاء الذين كانوا يمثلون أحد صنفين، الأول رجال من صفوف المعارضة و الذين كانوا طوال عهد الشاه مبعدين عن المشاركة في السلطة و أبدوا موافقتهم على هذا الأمر، الثاني من بين رجال الدين المؤيدين للشاه و الذين لطالما استفادوا من حكمه و لكنهم توجسوا خيفة لما قد تؤول اليه الأمور لاسيما في أيام حكمه الأخيرة و الفساد السياسي و الأخلاقي الذي تفشى في ايران. و قد أثمرت هذه الاتصالات بنجاحات كبيرة على ما يبدو فيكفي الذكر أن حسين فاردوست الذي كان رئيس جهاز المخابرات الأمبراطوري من أبرز هؤلاء الموافقين و لهذا احتفظ بنفس منصبه بعد الثورة لما قام به من الاعداد و التجنيد لهذه الثورة. كما و أن هذا الأمر يوضح بجلاء أن القرار النهائي الذي اتخذته الادارة الأمريكية هو التعويل على الثورة الدينية. (1)
و بدأت الثورة باضراب المحامين و القضاة و الكتاب و طلاب الجامعات في نهاية عام 1977 احتجاجا على حبس الحريات مطالبين بتنفيذ القوانين الدستورية الصادرة في عام 1906 حتى 1911، و تصاعدت الثورة بشكل ملحوظ اوائل عام 1978 حين قامت تظاهرات عارمة في شوارع طهران بقيادة رجال الدين و التجار و التي تطالب بعودة الخميني و بالغاء رقابة الدولة على الاسعار و تطالب المسؤولين برفع يد الدولة عن النقابات و أن تسمح بعقد المؤتمرات السياسية. ثم تصاعدت حركة الاضراب لتشمل موظفي الدولة و العاملين في البنوك و المدرسين و رجال الجمارك و رجال الصناعة و الفنيين في المصانع و عمال مصانع البترول و النسيج و عمال البناء. و شل الاضراب الاوضاع العامة في الدولة، لكن الغريب في الأمر أن تلك التظاهرات الأخيرة لم تطالب باعادة المنح السنوية للعمال و الموظفين، أو تطالب بحل مشكلة البطالة أو تعترض على زيادة الأسعار و التضخم، بل كانت تطالب بعودة الخميني و الغاء الأحكام العرفية، كما كانت تطالب بمعاقبة المسؤولين عن قتل متظاهرين في التظاهرات السابقة التي شملت معظم شهور عام 1978. و تجرأ المتظاهرون و طالبوا بخلع الشاه، و قال أحد عمال تكرير البترول لمراسل أمريكي " اننا لن نصدر البترول الا بعد أن نصدر الشاه شخصياً" و قد ضمت التظاهرات عشرة ألاف متظاهر من مختلف فئات الشعب الايراني، ثم عمت الاضطرابات العديد من المدن الايرانية، و نادى المتظاهرون الذين بلغ عددهم مليوني مواطن بإقامة جمهورية اسلامية. (2)
من هنا بدأ يبدأ اسم الخميني بقوة كقائد و محرك لمثل هذه الثورة و كخليفة مفترض للشاه بعد رحيله و كانت المخابرات الامريكية تتابع بدقة تحركات الخميني و تنشر الصحف الأمريكية تصريحاته و صوره في أعمدتها الرئيسية بجوار بيانات المعارضة الايرانية في الولايات المتحدة. بالاضافة الى نشاط رجال المخابرات المركزية المنتشرة في ربوع ايران الذين كانوا يجمعون البيانات و يستطلعون رأي الشعب الايراني حول تصريحات الخميني، و في محاضراته الصوتية التي كان يروج لها رجال الدين في ارجاء الدولة الايرانية. (3)
و لماذا اختارت الادارة الأمريكية الخميني بالذات دون غيره من رجال الدين؟ الاجابة على ذلك السؤال لا تحتاج لكثير مجهود فقد كان الخميني يسعى منذ صغره الى الظهور و كان له تأثير كبير على جموع الناس لكلماته المعبرة التي ينتقيها و لتمسكه المتشدد بمذهبه و لكن كان فيه صفات أخرى تؤهله لهذا الدور أنه كان متلوناً يريد فعل أي شيء من أجل الوصول و هنا نروي حادثة تؤكد ذلك. فقد كان الخوميني مكلفاً من رجال الدين الآخرين بطلب تخفيض الحكم على أحد المسلمين المنتمي لمنظمة "فدائيو اسلام"، و قد أعلن الشاه عن استعداده حقاً للقاء مبعوث "قم" الا أنه اتخذ نحوه مسلك ينتظر كطالب للعون، فقد قال أحد رجال البلاط لرجل الدين بأن عليه انتظار الشاه واقفاً، الا أن الخميني جلس و لم يقف حتى بعد دخول الشاه و كان بلا ريب يتبع بهذا تقليد إنه منذ أجيال عديدة و الموالي كانوا يبقون في حضرة الشاه مظهرين بذلك أن حاكمهم الفعلي هو الامام الثاني عشر الغائب و منذ زمن بعيد و الحكام أيضاً يحترمون هذا التقليد الا أن محمد رضا بهلوي لم يشأ أن يرى مسلك الخميني بمنظور الماضي فاعتقد أنه رجل دين يريد اظهار احتقاره له. (4) في اللقاء التالي كان على الخميني طلب مساعدة مالية من الشاه لترميم ضريح فاطمة في قم و في هذه المرة تصرف رجل الدين كما يشاء الشاه و وفق العرف. (5)
كذلك نقول أن الخميني بعدما نجح في عام 1958 من الحصول على لقب آية الله و قد منحه اياه زعماء رجال الدين في قم. و كان يحتم أن يقتصر حملة هذا الشرف على اثني عشر، و مع ذلك لم يكونوا قمة السلم، ففوق الاثني عشر آية الله كان يوجد "ثلاث آيات الله" كبار و الوصول الى هذه الدرجة كان يقتضي موافقة الحاكم و التي لم يكن الخميني يتوقعها قط، و كان يأملها فظل يوماً فيوماً يتخلص من أقواله السيئة عن البيت الحاكم و صار لا يذكر حتى رضا خان البغيض بأي كلمة يمكن أخذها على محمل سيء و كان المبدأ الذي يحكم مسلكه هو "الغاية تبرر الوسيلة" و هو مبدأ لا يحتقره أهل الشيعة في عمومهم، و يقال أن الخميني أرسل خطابات الى الشاه تتضمن كلمات مداهنة بغية ضمان الشاه في صفه." و عندما لم ينال الخميني ما يريد من الشاه بدأ الخميني حملة الكفاح المقدس ضده فهل يا ترى هذا العداء كان سيتوقف لو اختاره الشاه لهذا المنصب؟! (6) و طبعاً الادارة الأمريكية تعرف أن أصحاب هذا الخلق يمكن أن ينفعوها كثيراً في مخططها الجديد.
بالرغم من التعهدات الأمريكية و البريطانية الدبلوماسية فقد صدر تصريح رسمي من وزارة الخارجية الأمريكية في 7 ديسمبر 1978 تعلن فيه "أن الولايات المتحدة لا تنوي التدخل في شؤون ايران بأي شكل من الأشكال" (7)
فوجيء الشاه بوجود الجنرال هاوزر في ايران في الخامس من يناير 1979 و قد بقى بها حتى 8 فبراير أي بعد رحيل الشاه من طهران نهائياً. و قد انحصرت مهمة هاوزر نائب القائد العام لحلف الأطلنطي في أوروبا في منع الجيش من القيام بانقلاب لإنقاذ العرش، لكي يظل الجيش الإيراني جاهزا أمام الأمريكيين عند الحاجة إليه. و قد أوضح هاوزر للعسكريين الايرانيين بجلاء أن الولايات المتحدة لن تساند انقلابهم، بالرغم من تيقن السفارة الأمريكية من عدم ولاء الجيش للشاه أو لحكومة بختيار الأخيرة قبل الثورة، و كان هدف الادارة الأمريكية منصباًً على ابعاد القوات المسلحة عن التحرك نهائياً. (8)
و لم تكن أسباب زيارة هاوزر منحصرة في هذا الأمر فحسب بل يمكن وضع أسباب هذه الزيارة السرية الهامة في التالي:
1- منع الجيش من إبداء أي مساعدة من شأنها توقف الثورة و تعيد العرش للشاه
2- تدعيم موقف شهبور بختيار كرئيس الوزراء الذي يتولى قيادة دفة البلاد في آخر أيام الشاه (9) و أمريكا تعلم أن بختيار مناويء للشاه و لكنه طبعاً ليس في صف المعارضة الدينية. و هنا لنا وقفة ترتبط بموضوعنا، فقد يقول قائل اذاً فالولايات المتحدة الأمريكية اختارت رجلاً ليس من المؤسسة الدينية بل هو رجل سياسي و مشروعه ليس ديني ألبته فكيف يتفق هذا و فرضنا أن أمريكا اختارت أن يكون البديل من المؤسسة الدينية؟ الاجابة بكل بساطة أن أمريكا ليست بهذه السذاجة أن تظهر نفسها أنها اختارت مباشرة رجال الدين للحكم و لكن كان لابد من وجود فترة انتقالية و لو لعدة أيام، حتى يبدو الأمر أمام العالم و أمام الشعب الأمريكي أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تختار بارادتها هذا النظام الديني و انما أرادت شيء آخر و حالت الوقائع دون ذلك. كذلك فقد كانت الولايات المتحدة تلعب في اتجاه أخر مع رجال الدين هؤلاء الذين سيكونون رجال الحكم الجدد في العصر الايراني الجديد، و هذا ما سنبينه في النقطة الثالثة من جملة أهداف زيارة هاوزر
3- الاتصال بالسياسي الذي يريده الخميني ألا و هو مهدي بازرجان (10) رغم تاريخه المعروف للأمريكان من معاداته للشاه و اتفاقه التام مع الخميني في اقتصار الحكم للإمام الثاني عشر أو نائب الولي الفقيه، فلماذا أراد هاوزر مثل هذا اللقاء؟ و هل تم أم لا؟ فلم تصلنا معلومات موثقة عن هذا الأمر، بل يكفي تسريب خبر محاولة الاتصال به.
المهم كان خبر الزيارة السرية هذه بمثابة الصاعقة التي صعقت رأس محمد رضا بهلوي فقد تذكر بهلوي في منفاه هذه الواقعة معقباً عليها "ان الجنرال هاوزر لم يكن شخصية غير هامة فنائب قائد القوات المسلحة الأمريكية في أوروبا كان يطلب لقائي في كل مرة كان يزور فيها طهران و لم يحدث قط أنها كانت زيارات ودية بسيطة بل كانت دائماً تتعلق بمشاورات هامة و في النهاية فقد كنت أنا القائد الأعلى للجيش الايراني و بلادي عضوة بحلف الدفاع المشترك (سنتو) و كانت زيارات الجنرال هاوزر يعلن عنها مسبقاً دائماً و لكن هذه المرة لم يبلغ عنها اشارة واحدة اذن كانت الزيارة سرية للغاية" ثم تابع قائلاً "فرجل بمثل مسؤوليته لا يلعب الاستغماية بدون سبب وجيه!" و وضح أن الصحف الروسية كتبت عن هذه الواقعة "الجنرال هاوزر يتواجد في العاصمة الايرانية للتجهيز لانقلاب عسكري" (11)
و كأن زيارة هاوزر هذه جاءت تنفيذاً لتعليمات و توجيهات الخميني ففي احدى جلساته اليومية مع أتباعه في فرنسا تدخل في نقاش بين مؤيديه الذين كانوا يقدمون أوراق عمل غالبها يحث على مواجهة الجيش فقال لهم "لا يمكنكم مواجهة الجيش و لا يمكن محاربة سلاحه بأي سلاح تحصلون عليه. الطريقة الوحيدة لمحاربة الجيش هو نزرع سلاحه" ثم قال أن السلاسل التي تربط أعضاء القوات المسلحة بالشاه و هي يمين الولاء و اطاعة الأوامر لابد ان تتحطم بشكل أو بآخر . (12)
مع بداية عام 1977 وجه الخميني عدداً متزايداً من اعلامياته الى القوات المسلحة. كانت الرسالة بسيطة: ينبغي عليهم ألا يخدموا الشاه، فالشاه هو الشيطان، الطاغوتي المتجسد و هم جنود الله "المستضعفين". (13)
بل انه يمكن القول أن ما قامت به الادارة الأمريكية من منع الجيش من الانقلاب على بختيار لتمكين الشاه مرة ثانية من الحكم كان بتنسيق متبادل بين الخميني و الرئيس الأمريكي كارتر ذاته و هذا ما جاء في رسالة من ضمن العديد من الرسائل المتبادلة بين كارتر و الخميني و هنا بعضاً مما جاء فيها "انهم اتصلوا بي من طهران و أخبروني أن انقلاباً عسكرياً على وشك أن يقع و أنهم يريدون قتل المواطنيين و قد طلبوا مني الاعلان عن مقاطعة البضائع الأمريكية و اعلان الجهاد المقدس، و انني لا أرى الانقلاب العسكري في صالح أمريكا و لذلك فإنني كرجل دين أوصيكم بأن تحولوا دون اراقة الدماء، و اذا فعلتم ذلك فإن ايران لن تتجه نحو الشيوعية، و لن ننحاز الى الشرق و لا الى الغرب و لا سبيل الا بعزل (الشاه) و السماح للشعب بأن يقيم مجلساً للثورة، و سأعين أشخاصاً نظيفين في هذا المجلس لنقل السلطة حتى يتم اجراء انتخابات حرة لاقامة حكومة منبثقة من الشعب، ان النظام الآن أضعف من ذي قبل، و قد وقع انشقاق داخل الجيش و أن كثيرين قد انضموا الينا و سيقومون بالقضاء على الانقلاب العسكري، و لكنني لا أريد وقوع مجزرة و اذا وقعت فان الشعب الايراني سيحملكم المسئولية و سيكون في ذلك أبلغ الضرر لكم، هذه هي رسالتي للرئيس كارتر" (14) ان هذه الرسالة لو ثبتت صحتها لتبين بجلاء حقيقة هذه الثورة و حقيقة العداء بين أمريكا و رجال الدين الثوريين و تبين كذلك أن زيارة هاوزر الغمضة المشار اليها كانت تخدم في البداية و النهاية ضمان بنجاح لا يحتمل أدنى درجات الإخفاق لهذه الثورة.
نعود سريعاً لإجراءات الثورة، فقد رحل الخميني الى الكويت بعدما طالبته الحكومة العراقية بالكف عن مهاجمة الشاه و الادلاء بتصريحات و خيرته بين ذلك و بين مغادرة أراضيها، و لكن الكويت ترفض استقباله فاضطر للتوجه الى فرنسا التي أرادت أن تستثمر ضيافتها له بعد خروج الشاه. و قد نجح تخطيطها، كما اتضح بعد الثورة خصوصاً أن سفير فرنسا في طهران كان قد أرسل لحكومته في مايو 1978 تقريراً يؤكد فيه أن أيام الشاه في السلطة باتت معدودة. كما أجرى مراسل اللوموند بعدها بأيام أول حديث سياسي أدلى به الخميني للصحافة العالمية و الغربية بصفة خاصة و كانت الجريدة تبرز الخميني للعالم بوصفه زعيماً جديداً لايران و ضمن الخميني قبل الثورة تأييد فرنسا لها. (15)
بل ان البوليس الفرنسي منح بعض أتباع الخميني تصريح بحمل عدد محدود من الأسلحة من بينهما مدفعين رشاشين (16)
في أول يناير 1979 أقال الشاه حكومة أزهاري و كلف شهبور بختيار تشكيل الوزارة الجديدة، و بعد أسبوع من توليها مسؤولية الحكم أعلن وزير الخارجية الأمريكية أن الشاه سيغادر طهران في أجازة قصيرة و لم يحدد موعد عودته، و بالفعل خرج الشاه من ايران الى أسوان بمصر في 16 يناير 1979، و هرب بختيار من طهران الى باريس، و كان هروبه بتدبير و موافقة الادارة الأمريكية و الرئيس الأمريكي كارتر أيضاً. (17)
و ليس غريباً بعد ما قدمناه أن نبين أن من شارك في تهريب بختيار و من آواه خلال فترة بقائه في طهران قبل رحيله الى فرنسا هو مهدي بارزجان ذاته الذي يعد موضع ثقة الخميني و الذي أعلن الخميني اسمه كرئيس للوزراء (18)
ثم بعد ذلك تشكل مجلس وصاية على العرش برئاسة أحد السياسيين القدامى و محافظ خراسان السابق جلال الدين طهراني (و للعلم فهو على صلة وثيقة بكبار مؤيدي الخميني بل بالخميني ذاته)، لكن الخميني أعلن، و هو في باريس أن مجلس الوصاية و مجلس الوزراء الجديدين غير شرعيين، و أنه قادم لبلده لاستخلاص حقوق الشعب من أيدي الظالمين، و كان اعلان الخميني قد ورد بعد أن تأكد من أن هاوزر قد أسكت الجيش و منعه من القيام بانقلاب يعيد السلطة الكاملة لمحمد رضا، و أنه سيغادر طهران في 8 فبراير، و بعد تأكده من أن رجال الدين قد جمعوا الشعب لاستقباله أيضاً. (19)
في التاسع من فبراير 1979 سلمت رئاسة الأركان العامة و قيادة القوات المسلحة طهران و بقية المدن الايرانية الى الجماهير الثائرة و الى الخميني و نظامه (20)
و على الفور اعترف الاتحاد السوفيتي بالخميني زعيم الثورة الايرانية و أعترفت بالنظام الجديد كما أعلن كارتر تأييده لحكومة بازرجان. (21)
هذه هي حقيقة الثورة كما نقلها الكثيرون ممن شاهدوا أحداثها، و هذا هو حقيقة العداء بين أمريكا و ايران، انني لم أذكر هنا العلاقات المتبادلة بين الطرفين بعد نجاح الثورة و لم أذكر كذلك ايران جيت و لا خدعة احتلال السفارة الأمريكية و لم أذكر العلاقات السرية الصهيوايرانية فقط كل ما أريده أن نبدأ سوياً في تقييم هذه الثورة و الوقوف على حقيقتها حتى يفيق هؤلاء الهائمين المفتونين بثورة المكر التي قادها هذا الخميني و أذنابه.
-----------------------------------.
بعدما وضحنا الثقل الذي من أجله اختارت أمريكا البديل الديني الثوري كان من المناسب بعد ذكره التدليل على الاجراءات التي اتخذتها أمريكا لنجاح هذا التوجه و هذا ما سنبينه بمشيئة الله في الكلمات القليلة القادمة.
بدأت المخابرات الأمريكية تجري اتصالات منذ عام 1977 بالعديد من الشخصيات و الزعامات الإيرانية في كافة القطاعات السياسية و الاقتصادية و الدينية و غيرها، في الداخل و في الخارج لكي تجس نبضهم بالنسبة لإمكان إحداث التغيير، و مدى استعدادهم لمساندة الجهود الأمريكية بهذا الصدد، و لقد وجدت استجابة بوجه عام عند الكثيرين من هؤلاء الذين كانوا يمثلون أحد صنفين، الأول رجال من صفوف المعارضة و الذين كانوا طوال عهد الشاه مبعدين عن المشاركة في السلطة و أبدوا موافقتهم على هذا الأمر، الثاني من بين رجال الدين المؤيدين للشاه و الذين لطالما استفادوا من حكمه و لكنهم توجسوا خيفة لما قد تؤول اليه الأمور لاسيما في أيام حكمه الأخيرة و الفساد السياسي و الأخلاقي الذي تفشى في ايران. و قد أثمرت هذه الاتصالات بنجاحات كبيرة على ما يبدو فيكفي الذكر أن حسين فاردوست الذي كان رئيس جهاز المخابرات الأمبراطوري من أبرز هؤلاء الموافقين و لهذا احتفظ بنفس منصبه بعد الثورة لما قام به من الاعداد و التجنيد لهذه الثورة. كما و أن هذا الأمر يوضح بجلاء أن القرار النهائي الذي اتخذته الادارة الأمريكية هو التعويل على الثورة الدينية. (1)
و بدأت الثورة باضراب المحامين و القضاة و الكتاب و طلاب الجامعات في نهاية عام 1977 احتجاجا على حبس الحريات مطالبين بتنفيذ القوانين الدستورية الصادرة في عام 1906 حتى 1911، و تصاعدت الثورة بشكل ملحوظ اوائل عام 1978 حين قامت تظاهرات عارمة في شوارع طهران بقيادة رجال الدين و التجار و التي تطالب بعودة الخميني و بالغاء رقابة الدولة على الاسعار و تطالب المسؤولين برفع يد الدولة عن النقابات و أن تسمح بعقد المؤتمرات السياسية. ثم تصاعدت حركة الاضراب لتشمل موظفي الدولة و العاملين في البنوك و المدرسين و رجال الجمارك و رجال الصناعة و الفنيين في المصانع و عمال مصانع البترول و النسيج و عمال البناء. و شل الاضراب الاوضاع العامة في الدولة، لكن الغريب في الأمر أن تلك التظاهرات الأخيرة لم تطالب باعادة المنح السنوية للعمال و الموظفين، أو تطالب بحل مشكلة البطالة أو تعترض على زيادة الأسعار و التضخم، بل كانت تطالب بعودة الخميني و الغاء الأحكام العرفية، كما كانت تطالب بمعاقبة المسؤولين عن قتل متظاهرين في التظاهرات السابقة التي شملت معظم شهور عام 1978. و تجرأ المتظاهرون و طالبوا بخلع الشاه، و قال أحد عمال تكرير البترول لمراسل أمريكي " اننا لن نصدر البترول الا بعد أن نصدر الشاه شخصياً" و قد ضمت التظاهرات عشرة ألاف متظاهر من مختلف فئات الشعب الايراني، ثم عمت الاضطرابات العديد من المدن الايرانية، و نادى المتظاهرون الذين بلغ عددهم مليوني مواطن بإقامة جمهورية اسلامية. (2)
من هنا بدأ يبدأ اسم الخميني بقوة كقائد و محرك لمثل هذه الثورة و كخليفة مفترض للشاه بعد رحيله و كانت المخابرات الامريكية تتابع بدقة تحركات الخميني و تنشر الصحف الأمريكية تصريحاته و صوره في أعمدتها الرئيسية بجوار بيانات المعارضة الايرانية في الولايات المتحدة. بالاضافة الى نشاط رجال المخابرات المركزية المنتشرة في ربوع ايران الذين كانوا يجمعون البيانات و يستطلعون رأي الشعب الايراني حول تصريحات الخميني، و في محاضراته الصوتية التي كان يروج لها رجال الدين في ارجاء الدولة الايرانية. (3)
و لماذا اختارت الادارة الأمريكية الخميني بالذات دون غيره من رجال الدين؟ الاجابة على ذلك السؤال لا تحتاج لكثير مجهود فقد كان الخميني يسعى منذ صغره الى الظهور و كان له تأثير كبير على جموع الناس لكلماته المعبرة التي ينتقيها و لتمسكه المتشدد بمذهبه و لكن كان فيه صفات أخرى تؤهله لهذا الدور أنه كان متلوناً يريد فعل أي شيء من أجل الوصول و هنا نروي حادثة تؤكد ذلك. فقد كان الخوميني مكلفاً من رجال الدين الآخرين بطلب تخفيض الحكم على أحد المسلمين المنتمي لمنظمة "فدائيو اسلام"، و قد أعلن الشاه عن استعداده حقاً للقاء مبعوث "قم" الا أنه اتخذ نحوه مسلك ينتظر كطالب للعون، فقد قال أحد رجال البلاط لرجل الدين بأن عليه انتظار الشاه واقفاً، الا أن الخميني جلس و لم يقف حتى بعد دخول الشاه و كان بلا ريب يتبع بهذا تقليد إنه منذ أجيال عديدة و الموالي كانوا يبقون في حضرة الشاه مظهرين بذلك أن حاكمهم الفعلي هو الامام الثاني عشر الغائب و منذ زمن بعيد و الحكام أيضاً يحترمون هذا التقليد الا أن محمد رضا بهلوي لم يشأ أن يرى مسلك الخميني بمنظور الماضي فاعتقد أنه رجل دين يريد اظهار احتقاره له. (4) في اللقاء التالي كان على الخميني طلب مساعدة مالية من الشاه لترميم ضريح فاطمة في قم و في هذه المرة تصرف رجل الدين كما يشاء الشاه و وفق العرف. (5)
كذلك نقول أن الخميني بعدما نجح في عام 1958 من الحصول على لقب آية الله و قد منحه اياه زعماء رجال الدين في قم. و كان يحتم أن يقتصر حملة هذا الشرف على اثني عشر، و مع ذلك لم يكونوا قمة السلم، ففوق الاثني عشر آية الله كان يوجد "ثلاث آيات الله" كبار و الوصول الى هذه الدرجة كان يقتضي موافقة الحاكم و التي لم يكن الخميني يتوقعها قط، و كان يأملها فظل يوماً فيوماً يتخلص من أقواله السيئة عن البيت الحاكم و صار لا يذكر حتى رضا خان البغيض بأي كلمة يمكن أخذها على محمل سيء و كان المبدأ الذي يحكم مسلكه هو "الغاية تبرر الوسيلة" و هو مبدأ لا يحتقره أهل الشيعة في عمومهم، و يقال أن الخميني أرسل خطابات الى الشاه تتضمن كلمات مداهنة بغية ضمان الشاه في صفه." و عندما لم ينال الخميني ما يريد من الشاه بدأ الخميني حملة الكفاح المقدس ضده فهل يا ترى هذا العداء كان سيتوقف لو اختاره الشاه لهذا المنصب؟! (6) و طبعاً الادارة الأمريكية تعرف أن أصحاب هذا الخلق يمكن أن ينفعوها كثيراً في مخططها الجديد.
بالرغم من التعهدات الأمريكية و البريطانية الدبلوماسية فقد صدر تصريح رسمي من وزارة الخارجية الأمريكية في 7 ديسمبر 1978 تعلن فيه "أن الولايات المتحدة لا تنوي التدخل في شؤون ايران بأي شكل من الأشكال" (7)
فوجيء الشاه بوجود الجنرال هاوزر في ايران في الخامس من يناير 1979 و قد بقى بها حتى 8 فبراير أي بعد رحيل الشاه من طهران نهائياً. و قد انحصرت مهمة هاوزر نائب القائد العام لحلف الأطلنطي في أوروبا في منع الجيش من القيام بانقلاب لإنقاذ العرش، لكي يظل الجيش الإيراني جاهزا أمام الأمريكيين عند الحاجة إليه. و قد أوضح هاوزر للعسكريين الايرانيين بجلاء أن الولايات المتحدة لن تساند انقلابهم، بالرغم من تيقن السفارة الأمريكية من عدم ولاء الجيش للشاه أو لحكومة بختيار الأخيرة قبل الثورة، و كان هدف الادارة الأمريكية منصباًً على ابعاد القوات المسلحة عن التحرك نهائياً. (8)
و لم تكن أسباب زيارة هاوزر منحصرة في هذا الأمر فحسب بل يمكن وضع أسباب هذه الزيارة السرية الهامة في التالي:
1- منع الجيش من إبداء أي مساعدة من شأنها توقف الثورة و تعيد العرش للشاه
2- تدعيم موقف شهبور بختيار كرئيس الوزراء الذي يتولى قيادة دفة البلاد في آخر أيام الشاه (9) و أمريكا تعلم أن بختيار مناويء للشاه و لكنه طبعاً ليس في صف المعارضة الدينية. و هنا لنا وقفة ترتبط بموضوعنا، فقد يقول قائل اذاً فالولايات المتحدة الأمريكية اختارت رجلاً ليس من المؤسسة الدينية بل هو رجل سياسي و مشروعه ليس ديني ألبته فكيف يتفق هذا و فرضنا أن أمريكا اختارت أن يكون البديل من المؤسسة الدينية؟ الاجابة بكل بساطة أن أمريكا ليست بهذه السذاجة أن تظهر نفسها أنها اختارت مباشرة رجال الدين للحكم و لكن كان لابد من وجود فترة انتقالية و لو لعدة أيام، حتى يبدو الأمر أمام العالم و أمام الشعب الأمريكي أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تختار بارادتها هذا النظام الديني و انما أرادت شيء آخر و حالت الوقائع دون ذلك. كذلك فقد كانت الولايات المتحدة تلعب في اتجاه أخر مع رجال الدين هؤلاء الذين سيكونون رجال الحكم الجدد في العصر الايراني الجديد، و هذا ما سنبينه في النقطة الثالثة من جملة أهداف زيارة هاوزر
3- الاتصال بالسياسي الذي يريده الخميني ألا و هو مهدي بازرجان (10) رغم تاريخه المعروف للأمريكان من معاداته للشاه و اتفاقه التام مع الخميني في اقتصار الحكم للإمام الثاني عشر أو نائب الولي الفقيه، فلماذا أراد هاوزر مثل هذا اللقاء؟ و هل تم أم لا؟ فلم تصلنا معلومات موثقة عن هذا الأمر، بل يكفي تسريب خبر محاولة الاتصال به.
المهم كان خبر الزيارة السرية هذه بمثابة الصاعقة التي صعقت رأس محمد رضا بهلوي فقد تذكر بهلوي في منفاه هذه الواقعة معقباً عليها "ان الجنرال هاوزر لم يكن شخصية غير هامة فنائب قائد القوات المسلحة الأمريكية في أوروبا كان يطلب لقائي في كل مرة كان يزور فيها طهران و لم يحدث قط أنها كانت زيارات ودية بسيطة بل كانت دائماً تتعلق بمشاورات هامة و في النهاية فقد كنت أنا القائد الأعلى للجيش الايراني و بلادي عضوة بحلف الدفاع المشترك (سنتو) و كانت زيارات الجنرال هاوزر يعلن عنها مسبقاً دائماً و لكن هذه المرة لم يبلغ عنها اشارة واحدة اذن كانت الزيارة سرية للغاية" ثم تابع قائلاً "فرجل بمثل مسؤوليته لا يلعب الاستغماية بدون سبب وجيه!" و وضح أن الصحف الروسية كتبت عن هذه الواقعة "الجنرال هاوزر يتواجد في العاصمة الايرانية للتجهيز لانقلاب عسكري" (11)
و كأن زيارة هاوزر هذه جاءت تنفيذاً لتعليمات و توجيهات الخميني ففي احدى جلساته اليومية مع أتباعه في فرنسا تدخل في نقاش بين مؤيديه الذين كانوا يقدمون أوراق عمل غالبها يحث على مواجهة الجيش فقال لهم "لا يمكنكم مواجهة الجيش و لا يمكن محاربة سلاحه بأي سلاح تحصلون عليه. الطريقة الوحيدة لمحاربة الجيش هو نزرع سلاحه" ثم قال أن السلاسل التي تربط أعضاء القوات المسلحة بالشاه و هي يمين الولاء و اطاعة الأوامر لابد ان تتحطم بشكل أو بآخر . (12)
مع بداية عام 1977 وجه الخميني عدداً متزايداً من اعلامياته الى القوات المسلحة. كانت الرسالة بسيطة: ينبغي عليهم ألا يخدموا الشاه، فالشاه هو الشيطان، الطاغوتي المتجسد و هم جنود الله "المستضعفين". (13)
بل انه يمكن القول أن ما قامت به الادارة الأمريكية من منع الجيش من الانقلاب على بختيار لتمكين الشاه مرة ثانية من الحكم كان بتنسيق متبادل بين الخميني و الرئيس الأمريكي كارتر ذاته و هذا ما جاء في رسالة من ضمن العديد من الرسائل المتبادلة بين كارتر و الخميني و هنا بعضاً مما جاء فيها "انهم اتصلوا بي من طهران و أخبروني أن انقلاباً عسكرياً على وشك أن يقع و أنهم يريدون قتل المواطنيين و قد طلبوا مني الاعلان عن مقاطعة البضائع الأمريكية و اعلان الجهاد المقدس، و انني لا أرى الانقلاب العسكري في صالح أمريكا و لذلك فإنني كرجل دين أوصيكم بأن تحولوا دون اراقة الدماء، و اذا فعلتم ذلك فإن ايران لن تتجه نحو الشيوعية، و لن ننحاز الى الشرق و لا الى الغرب و لا سبيل الا بعزل (الشاه) و السماح للشعب بأن يقيم مجلساً للثورة، و سأعين أشخاصاً نظيفين في هذا المجلس لنقل السلطة حتى يتم اجراء انتخابات حرة لاقامة حكومة منبثقة من الشعب، ان النظام الآن أضعف من ذي قبل، و قد وقع انشقاق داخل الجيش و أن كثيرين قد انضموا الينا و سيقومون بالقضاء على الانقلاب العسكري، و لكنني لا أريد وقوع مجزرة و اذا وقعت فان الشعب الايراني سيحملكم المسئولية و سيكون في ذلك أبلغ الضرر لكم، هذه هي رسالتي للرئيس كارتر" (14) ان هذه الرسالة لو ثبتت صحتها لتبين بجلاء حقيقة هذه الثورة و حقيقة العداء بين أمريكا و رجال الدين الثوريين و تبين كذلك أن زيارة هاوزر الغمضة المشار اليها كانت تخدم في البداية و النهاية ضمان بنجاح لا يحتمل أدنى درجات الإخفاق لهذه الثورة.
نعود سريعاً لإجراءات الثورة، فقد رحل الخميني الى الكويت بعدما طالبته الحكومة العراقية بالكف عن مهاجمة الشاه و الادلاء بتصريحات و خيرته بين ذلك و بين مغادرة أراضيها، و لكن الكويت ترفض استقباله فاضطر للتوجه الى فرنسا التي أرادت أن تستثمر ضيافتها له بعد خروج الشاه. و قد نجح تخطيطها، كما اتضح بعد الثورة خصوصاً أن سفير فرنسا في طهران كان قد أرسل لحكومته في مايو 1978 تقريراً يؤكد فيه أن أيام الشاه في السلطة باتت معدودة. كما أجرى مراسل اللوموند بعدها بأيام أول حديث سياسي أدلى به الخميني للصحافة العالمية و الغربية بصفة خاصة و كانت الجريدة تبرز الخميني للعالم بوصفه زعيماً جديداً لايران و ضمن الخميني قبل الثورة تأييد فرنسا لها. (15)
بل ان البوليس الفرنسي منح بعض أتباع الخميني تصريح بحمل عدد محدود من الأسلحة من بينهما مدفعين رشاشين (16)
في أول يناير 1979 أقال الشاه حكومة أزهاري و كلف شهبور بختيار تشكيل الوزارة الجديدة، و بعد أسبوع من توليها مسؤولية الحكم أعلن وزير الخارجية الأمريكية أن الشاه سيغادر طهران في أجازة قصيرة و لم يحدد موعد عودته، و بالفعل خرج الشاه من ايران الى أسوان بمصر في 16 يناير 1979، و هرب بختيار من طهران الى باريس، و كان هروبه بتدبير و موافقة الادارة الأمريكية و الرئيس الأمريكي كارتر أيضاً. (17)
و ليس غريباً بعد ما قدمناه أن نبين أن من شارك في تهريب بختيار و من آواه خلال فترة بقائه في طهران قبل رحيله الى فرنسا هو مهدي بارزجان ذاته الذي يعد موضع ثقة الخميني و الذي أعلن الخميني اسمه كرئيس للوزراء (18)
ثم بعد ذلك تشكل مجلس وصاية على العرش برئاسة أحد السياسيين القدامى و محافظ خراسان السابق جلال الدين طهراني (و للعلم فهو على صلة وثيقة بكبار مؤيدي الخميني بل بالخميني ذاته)، لكن الخميني أعلن، و هو في باريس أن مجلس الوصاية و مجلس الوزراء الجديدين غير شرعيين، و أنه قادم لبلده لاستخلاص حقوق الشعب من أيدي الظالمين، و كان اعلان الخميني قد ورد بعد أن تأكد من أن هاوزر قد أسكت الجيش و منعه من القيام بانقلاب يعيد السلطة الكاملة لمحمد رضا، و أنه سيغادر طهران في 8 فبراير، و بعد تأكده من أن رجال الدين قد جمعوا الشعب لاستقباله أيضاً. (19)
في التاسع من فبراير 1979 سلمت رئاسة الأركان العامة و قيادة القوات المسلحة طهران و بقية المدن الايرانية الى الجماهير الثائرة و الى الخميني و نظامه (20)
و على الفور اعترف الاتحاد السوفيتي بالخميني زعيم الثورة الايرانية و أعترفت بالنظام الجديد كما أعلن كارتر تأييده لحكومة بازرجان. (21)
هذه هي حقيقة الثورة كما نقلها الكثيرون ممن شاهدوا أحداثها، و هذا هو حقيقة العداء بين أمريكا و ايران، انني لم أذكر هنا العلاقات المتبادلة بين الطرفين بعد نجاح الثورة و لم أذكر كذلك ايران جيت و لا خدعة احتلال السفارة الأمريكية و لم أذكر العلاقات السرية الصهيوايرانية فقط كل ما أريده أن نبدأ سوياً في تقييم هذه الثورة و الوقوف على حقيقتها حتى يفيق هؤلاء الهائمين المفتونين بثورة المكر التي قادها هذا الخميني و أذنابه.
-----------------------------------.
1- راجع بتوسع ايران بين التاج و العامة 257- 259
2- تاريخ ايران السياسي ص 196-197
3- السابق ص 198
4- سطوع نجم الشيعة ص 151
5- السابق ص 152
6- السابق ص 153
7- تاريخ ايران السياسي ص 198
8- السابق ص199
9- سطوع نجم الشيعة ص 185
10- السابق ص 187
11- السابق ص 184
12- مدافع آية الله ص 190
13- السابق ص 191
14- ايران بين التاج و العمامة ص362
15- تاريخ ايران السياسي ص201
16- مدافع آية الله ص 188
17- تاريخ ايران السياسي ص202
18- سطوع نجم الشيعة ص 192
19- تاريخ ايران السياسي ص202
20- السابق ص203
21- السابق ص204
2- تاريخ ايران السياسي ص 196-197
3- السابق ص 198
4- سطوع نجم الشيعة ص 151
5- السابق ص 152
6- السابق ص 153
7- تاريخ ايران السياسي ص 198
8- السابق ص199
9- سطوع نجم الشيعة ص 185
10- السابق ص 187
11- السابق ص 184
12- مدافع آية الله ص 190
13- السابق ص 191
14- ايران بين التاج و العمامة ص362
15- تاريخ ايران السياسي ص201
16- مدافع آية الله ص 188
17- تاريخ ايران السياسي ص202
18- سطوع نجم الشيعة ص 192
19- تاريخ ايران السياسي ص202
20- السابق ص203
21- السابق ص204
__________________
كلمة ختامية
كان العزم معقود بأن نغوص أكثر في أبعاد العلاقات الخفية بين جمهورية الثورة الايرانية و بين الشيطان الأكبر و الأصغر لندلل أن أي صراع حقيقي بين هذين الطرفين لا يمكن تخيله في ظل هذه العلاقات، و لكني وجدت أن ما عرضته فيه كفاية لأنه يرتبط بنشأتها و قيامها فلا غرابة أن يكون هناك تعامل بعد ذلك، كذا فقد اعترف الطرف الايراني أكثر من مرة أنه ساعد هذا الشيطان في حروبه الأخيرة ضد المسلمين و أن هناك امكانية للتواصل بين الطرفين اذا اتفقا على اقتسام المنطقة و ما حول المنطقة.
و لكن بالرغم من هذا لا أنفي أن حرباً قد تندلع في المنطقة و لكنها ستندلع في نفس هذا الاطار من العلاقات الخفية التي يكون ورائها مصلحة راجحة لكل الأطراف المناهضة للمسلمين، بل لا تتصور أن أمريكا أو حتى اسرائيل لو ضربت بعض الأراضي الايرانية لا تتصور أن هذا هدم كل ما نقول أو أنه أثبت العداء الحقيقي بين الطرفين فأدعوك ألا تتعجل و لا تنظر الى الحدث فقط و لكن انظر الى تبعاته و نتائجه لتعرف من المستفيد الحقيقي منه، ان الحرب المفترضة القادمة ستقع لا محالة و لكنها ستنفجر مثل القنبلة التي تدلى منها شريط رفيع ستشعله أمريكا و اسرائيل لتكون سبباً لاندلاع الحرب و توريط دول المنطقة، و وفق ظروف معينة سيضع المخططون لها مسبباتها سيكون لهذه الحرب تبعات في غاية السوء و ستكون من المفترقات الخطيرة التي سيبدأ بها الولوج في مرحلة جديدة لصالح أشرار هذا الكون. و متى ستندلع الحرب؟؟؟؟ بالطبع ستندلع عند اكتمال التخطيط لها و عند تهيئة الأجواء لضمان تحقيق أهدافها المطلوبة.
و المطلوب من قادة الدول العربية - الخليجية تحديداً - أن يتنبهوا لهذا الأمر و أن يعدوا العدة لصده بكل ما أوتوا من قوة لأن هذا مرتبط بالأساس ببقائهم أو استمرارهم و استمرار دولهم، أما كلمات المجاملة السخيفة و النوم في ظلال ايران ظناً أن هذا سيكون فيه نجاتهم كما الظن بأن النوم في الظلال الأمريكية فيه النجاة فهذا في غاية الخطورة و سيكون هؤلاء أول من سيدفع ثمن النتائج السيئة لمثل هذه الحرب.
أسأل المولى سبحانه و تعالى أن أكون وفقت في بيان وجهة نظري و لا أجزم أن كل ما قلته هو الصواب فقد يعتريه الخطأ و الأمر مفتوح لمن يصوب ما أخطأت فيه و له الثواب من الله سبحانه و تعالى، و لولا ضيق الوقت و المشاغل الكثيرة التي وقعت على عاتقي لكنت أكملت معكم بمزيد من التفصيل و التوضيح و لكن ان شاء الله و قدر ستنتناول أمور أخرى في مواضيع أخرى وفق ما ييسر به الله عز و جل.
سبحانك اللهم و بحمدك، أشهد أن لا اله الا أنت استغفرك و أتوب اليك
أبو الطوارق - منتديات الصايرة - القسم السياسي-
كان العزم معقود بأن نغوص أكثر في أبعاد العلاقات الخفية بين جمهورية الثورة الايرانية و بين الشيطان الأكبر و الأصغر لندلل أن أي صراع حقيقي بين هذين الطرفين لا يمكن تخيله في ظل هذه العلاقات، و لكني وجدت أن ما عرضته فيه كفاية لأنه يرتبط بنشأتها و قيامها فلا غرابة أن يكون هناك تعامل بعد ذلك، كذا فقد اعترف الطرف الايراني أكثر من مرة أنه ساعد هذا الشيطان في حروبه الأخيرة ضد المسلمين و أن هناك امكانية للتواصل بين الطرفين اذا اتفقا على اقتسام المنطقة و ما حول المنطقة.
و لكن بالرغم من هذا لا أنفي أن حرباً قد تندلع في المنطقة و لكنها ستندلع في نفس هذا الاطار من العلاقات الخفية التي يكون ورائها مصلحة راجحة لكل الأطراف المناهضة للمسلمين، بل لا تتصور أن أمريكا أو حتى اسرائيل لو ضربت بعض الأراضي الايرانية لا تتصور أن هذا هدم كل ما نقول أو أنه أثبت العداء الحقيقي بين الطرفين فأدعوك ألا تتعجل و لا تنظر الى الحدث فقط و لكن انظر الى تبعاته و نتائجه لتعرف من المستفيد الحقيقي منه، ان الحرب المفترضة القادمة ستقع لا محالة و لكنها ستنفجر مثل القنبلة التي تدلى منها شريط رفيع ستشعله أمريكا و اسرائيل لتكون سبباً لاندلاع الحرب و توريط دول المنطقة، و وفق ظروف معينة سيضع المخططون لها مسبباتها سيكون لهذه الحرب تبعات في غاية السوء و ستكون من المفترقات الخطيرة التي سيبدأ بها الولوج في مرحلة جديدة لصالح أشرار هذا الكون. و متى ستندلع الحرب؟؟؟؟ بالطبع ستندلع عند اكتمال التخطيط لها و عند تهيئة الأجواء لضمان تحقيق أهدافها المطلوبة.
و المطلوب من قادة الدول العربية - الخليجية تحديداً - أن يتنبهوا لهذا الأمر و أن يعدوا العدة لصده بكل ما أوتوا من قوة لأن هذا مرتبط بالأساس ببقائهم أو استمرارهم و استمرار دولهم، أما كلمات المجاملة السخيفة و النوم في ظلال ايران ظناً أن هذا سيكون فيه نجاتهم كما الظن بأن النوم في الظلال الأمريكية فيه النجاة فهذا في غاية الخطورة و سيكون هؤلاء أول من سيدفع ثمن النتائج السيئة لمثل هذه الحرب.
أسأل المولى سبحانه و تعالى أن أكون وفقت في بيان وجهة نظري و لا أجزم أن كل ما قلته هو الصواب فقد يعتريه الخطأ و الأمر مفتوح لمن يصوب ما أخطأت فيه و له الثواب من الله سبحانه و تعالى، و لولا ضيق الوقت و المشاغل الكثيرة التي وقعت على عاتقي لكنت أكملت معكم بمزيد من التفصيل و التوضيح و لكن ان شاء الله و قدر ستنتناول أمور أخرى في مواضيع أخرى وفق ما ييسر به الله عز و جل.
سبحانك اللهم و بحمدك، أشهد أن لا اله الا أنت استغفرك و أتوب اليك
أبو الطوارق - منتديات الصايرة - القسم السياسي-
إرسال تعليق